120 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–
مسند أحمد
2365 – حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” الْأَيِّمُ أَوْلَى بِأَمْرِهَا، وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَامَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا ”
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
وأخرجه النسائي 6/ 84 – 85، والدارقطني 3/ 238 – 239 من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 136 عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن الفضل، به.
وأخرجه الدارقطني 3/ 239 من طريق سعيد بن سلمة، عن صالح بن كيسان، به.
وانظر (1888) و (2481).
رواه مسلم (2545) بلفظ: ” والبكر تستأمر ” وهنا: ” واليتيمة تستأمر “.
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل
وهو في مسلم 1421 لكن بلفظ (البكر)
وتابعه معمر عن صالح بن كيسان بلفظ (اليتيمة) لكن فيه لفظة شاذة وهي (ليس للولي مع الثيب أمر) والصواب (الأيم أولى بأمرها) وأشار إلى إعلالها ابوعوانه بقوله (كذا قال معمر) ط. الجامعه الإسلامية والطبعات الباقية اقتصرت على لفظ (كذا)
وكذلك نقل خطأه البيهقي 7/ 118
وأشار إلى احتمال خطأ معمر في قوله (اليتيمة) فقال: قال علي: سمعت النيسابوري، يقول: الذي عندي أن معمرا أخطأ فيه، وكذا قال: علي.
واستدل على ذلك برواية ابن إسحاق وسعيد بن سلمة الحديث، عن صالح بن كيسان عن عبدالله بن المفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما بنحو من المتن الأول في أوله إلا أنهما قالا أيضا عنه: (واليتيمة تستأمر)
ويحتمل أن يكون المراد بقوله في هذه الأخبار، والبكر تستأمر: البكر اليتيمة والله أعلم. انتهى
ويقصد (بعلي) الدارقطني
ففي سنن الدارقطني ذكر حديث ( … ليس للولي مع الثيب أمر. واليتيمة تستأمر وصمتها رضاها) كذا رواه معمر عن صالح والذي قبله أصح في الإسناد والمتن لأن صالحا لم يسمعه من نافع بن جبير وإنما سمعه من عبدالله بن الفضل عنه اتفق على ذلك ابن إسحاق وسعيد بن سلمة عن صالح سمعت النيسابوري يقول الذي عندي أن معمرا أخطأ فيه. … ثم ساق الاختلاف في الألفاظ وقال: ويشبه أن قوله (البكر تستامر) إنما أراد به البكر اليتيمة.
وقال مرة بعد أن رواه من طريق ابن إسحاق: تابعه سعيد بن سلمة عن صالح بن كيسان، وخالفهما معمر في إسناده فأسقط رجلا وخالفهما أيضا في متنه، فأتى بلفظ آخر وهم فيه ….
(سنن الدارقطني 3/ 241، 3/ 239)
لفظ ابن إسحاق في سنن الدارقطني: الأيم أولى بأمرها واليتيمة تستامرها في نفسها وإذنها صماتها. وهي التي ذكرناه هنا في مسند أحمد
وفي الدراية بما زيد من أحاديث معلة. نقل كلام الدارقطني السابق وقال: تنبيه: بوب ابن حبان على الحديث فقال: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبدالله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم
قال ابن عبدالهادي: مستدركا عليه: لم يصنع شيئا فإن صالحا إنما سمعه من عبدالله بن الفضل. والله أعلم. التنقيح 4/ 314 انتهى
وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث رواه معمر عن صالح بن كيسان عن نافع بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها
فقلت له: سمع صالح هذا الحديث من نافع بن جبير؟
فقال: هكذا رواه معمر.
ورواه سعيد بن سلمة عن صالح عن عبدالله بن الفضل عن نافع بن جبير؛ وهو أشبه.
والأيم هي التي لا زوج لها بكرا أو ثيبا مطلقة أو متوفى عنها. ويريد بالأيم في هذا الحديث: الثيب خاصة (النهاية)
والحديث مخرج في الصحيحة 1216،
ورواه أبوداود عن شعبة عن مالك بلفظ (اليتيمة) وكذلك رواه زيد بن الحباب (اليتيمة تستأمر) والمشهور عن مالك (البكر)
وذكر ابوداود شذوذ لفظ الأب في (البكر يستامرها ابوها) فكلمة ابوها شاذة
قال ابوداود (أبوها) ليس بمحفوظ 2099
وراجع صحيح سنن أبي داود للألباني 1829
————
عدم جواز البكر بغير رضاها سواء كان أبوها او غيره.
الأيم هي الثيب التي فارقت زوجها بموت أو طلاق لمقابلتها بالبكر وهذا هو الأصل في الأيم ومنه قولهم الغزو مأيمة أي يقتل الرجال فتصير النساء أيامي. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح (9/ 192)
وقوله: “واليتيمة تُستأمر” قال السنديّ: يدلّ على جواز نكاح اليتيمة بالاستئذان قبل البلوغ، ومن لا يُجوّز ذلك يَحمل اليتيمة على البالغة، وتسميتها يتيمةً باعتبار ما كان. انتهى
قال الجامع (الأثيوبي) – عفا اللَّه تعالى عنه -: الصواب حمل اليتيمة على البكر بدليل الرواية الماضية، فالمراد باليتيمة هي البكر.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/ 192): في هذا الحديث الثيب تشاور قوله حتى تستأمر أصل الاستئمار طلب الأمر فالمعنى لا يعقد عليها حتى يطلب الأمر منها ويؤخذ من قوله تستأمر أنه لا يعقد الا بعد أن تأمر بذلك وليس فيه دلالة على عدم اشتراط الولي في حقها بل فيه اشعار باشتراطه
قوله (ولا تنكح البكر حتى تستأذن) كذا وقع في هذه الرواية التفرقة بين الثيب والبكر فعبر للثيب بالاستئمار وللبكر بالاستئذان فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة وجعل الأمر إلى المستأمرة ولهذا يحتاج الولي إلى صريح أذنها في العقد فإذا صرحت بمنعه أمتنع اتفاقا والبكر بخلاف ذلك والأذن دائر بين القول والسكوت بخلاف الأمر فإنه صريح في القول وإنما جعل السكوت أذنا في حق البكر لأنها قد تستحي أن تفصح.
و قال الحافظ أيضا: وفي هذا الحديث إشارة إلى أن البكر التي أمر باستئذانها هي البالغ إذ لا معنى لاستئذان من لا تدري ما الإذن ومن يستوي سكوتها وسخطها ونقل ابن عبد البر عن مالك أن سكوت البكر اليتيمة قبل أذنها وتفويضها لا يكون رضا منها بخلاف ما إذا كان بعد تفويضها إلى وليها وخص بعض الشافعية الاكتفاء بسكوت البكر البالغ بالنسبة إلى الأب والجد دون غيرهما لأنها تستحي منهما أكثر من غيرهما
والصحيح الذي عليه الجمهور استعمال الحديث في جميع الابكار بالنسبة لجميع الأولياء
[هل للأب أن يزوج البكر البالغ بغير اذنها؟]
واختلفوا في الأب يزوج البكر البالغ بغير أذنها فقال الأوزاعي والثوري والحنفية ووافقهم أبو ثور يشترط استئذانها فلو عقد عليها بغير استئذان لم يصح وقال الآخرون يجوز للأب أن يزوجها ولو كانت بالغا بغير استئذان وهو قول بن أبي ليلى ومالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق ومن حجتهم مفهوم حديث الباب لأنه جعل الثيب أحق بنفسها من وليها فدل على أن ولي البكر أحق بها منها واحتج بعضهم بحديث يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعا تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو أذنها قال فقيد ذلك باليتيمة فيحمل المطلق عليه وفيه نظر لحديث بن عباس الذي ذكرته بلفظ يستأذنها أبوها فنص على ذكر الأب وأجاب الشافعي بان المؤامرة قد تكون عن استطابة النفس ويؤيده حديث ابن عمر رفعه وآمروا النساء في بناتهن أخرجه أبو داود قال الشافعي لا خلاف أنه ليس للام أمر لكنه على معنى استطابة النفس وقال البيهقي زيادة ذكر الأب في حديث بن عباس غير محفوظة قال الشافعي زادها بن عيينة في حديثه وكان بن عمر والقاسم وسالم يزوجون الابكار لا يستأمرونهن قال البيهقي والمحفوظ في حديث بن عباس البكر تستأمر ورواه صالح بن كيسان بلفظ واليتيمة تستأمر وكذلك رواه أبو بردة عن أبي موسى ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة فدل على أن المراد بالبكر اليتيمة قلت وهذا لا يدفع زيادة الثقة الحافظ بلفظ الأب ولو قال قائل بل المراد باليتيمة البكر لم يدفع وتستأمر بضم أوله يدخل فيه الأب وغيره فلا تعارض بين الروايات. انتهى من كلام الحافظ
والحاصل أن ما ذهب إليه الأولون -وهو عدم جواز تزويج البكر البالغة بغير إذنها- هو الأرجح، لظهور أدلّته. واللَّه تعالى أعلم. شرح المجتبى للاثيوبي.
قال بدر الدين العيني: أن نكاح البكر لا يجوز إلا برضاها وبغير رضاها يكون حكمها حكم المكره. عمدة القاري
قال ابن باز: فلا بد من إذنهما جميعًا الثيب والبكر، ولو كان الولي هو الأب على الصحيح من قولي العلماء، وقال بعض أهل العلم إن لأبيها خاصة أن يزوجها بغير إذنها؛ لأنه أعلم بمصالحها، لما جاء في بعض الروايات قال صلى الله عليه وسلم «واليتيمة تستأمر» والمفهوم أن غير اليتيمة لا تستأمر، والصواب أن هذا لا مفهوم له، وأن طلب الاستئذان لليتيمة وغير اليتيمة، ولكن نص النبي عليه الصلاة والسلام على اليتيمة لشدة الحاجة إلى استئذانها، وإلا فالجميع يستأذن جميع النساء يستأذن، البكر والثيب واليتيمة وغير اليتيمة، كل النساء، هذا هو الصواب. فتاوى نور على الدرب
قال ابن عثيمين في تفسير القران: ومن فوائد الآية: اعتبار الرضا في عقد النكاح سواء كان من الزوج، أو من الزوجة؛ لقوله تعالى: {إذا تراضوا بينهم بالمعروف}؛ فالرضا شرط لصحة النكاح سواء أكانت المرأة بكراً، أم ثيباً؛ وسواء أكان الولي أباها، أم غيره – على القول الراجح -؛ وأنه ليس للأب، ولا لغيره أن يجبر المرأة على النكاح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر؛ ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: كيف إذنها يا رسول الله؟ قال: أن تسكت»؛ وورد في صحيح مسلم: «البكر يستأذنها أبوها»؛ وهذا صريح في أنه لا يحل لأحد أن يزوج ابنته وهي كارهة؛ بل لا بد من رضاها؛ والمعنى يقتضيه أيضاً؛ لأنه إذا كان الأب لا يملك أن يبيع شيئاً من مالها إلا برضاها، فكيف يملك أن يزوجها بدون رضاها؟! فلو أن رجلاً أكره ابنته أن تشتري هذا البيت فالعقد غير صحيح مع أنه بإمكانها إذا اشترت البيت وهي كارهة أن تبيعه بعد يوم، أو يومين؛ فكيف يملك أن يكرهها على أن تتزوج برجل لا تريده؟! فالشريعة جاءت من لدن حكيم خبير؛ فالصواب بلا شك أنه لا يحل للإنسان أن يجبر ابنته على نكاح من لا تريد مهما كان؛ لكن إذا أرادت إنساناً ليس مرضياً في دينه، وخلقه فللولي أن يأبى – ولو بقيت لا تتزوج طوال عمرها -؛ فليس عليه شيء؛ لأنه مأمور بذلك؛ وما يترتب على المأمور فغير محظور.
ويبقى النظر في أن الاستئمار هل هو شرط في صحة العقد أو مستحب على معنى استطابة النفس كما قال الشافعي كل من الامرين محتمل.
قال المباركفوري في التحفة (4/ 204): قلت الظاهر أن الاستئمار هو شرط في صحة العقد لا على طريق الاستطابة يدل عليه حديث بن عباس رضي الله عنه أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تقدم تخريجه وهو حديث صحيح. انتهى
ففيه نظر لا يخفى؛ إذ الاحتمال الثاني -وهو الاستحباب- ضعيف؛ لمخالفته لظواهر الأحاديث المذكورة؛ وأما حديث أبو داود المذكور، فلا يصلح للاحتجاج به؛ لأنه ضعيف، كما مرّ آنفًا، فالاحتمال الأول -وهو كون الاستئمار شرطًا في صحّة العقد- أقوى، لظواهر الأحاديث. قاله الأثيوبي في شرح المجتبى (27/ 208)
قال-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (سكاتها إذنها) للأب وغيره ما لم تكن قرينة ظاهرة في المنع كصياح وضرب خدّ. ارشاد للساري للقسطلاني (10/ 99).
وقد حقّق المسألة العلامة ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى-، فقال في “الهدي” – بعد ذكر حديث الاستئذان: ما نصّه: وموجب هذا الحكم أنه لا تُجبر البكر البالغ على النكاح، ولا تُزوّج إلا برضاها، وهذا قول جمهور السلف، ومذهب أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايات عنه، وهو القول الذي ندين اللَّه به، ولا نعتقد سواه، وهو الموافق لحكم رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم -، وأمره، ونهيه، وقواعد شريعته، ومصالح أمّته. ..
قال الجامع (محمد بن ادم الاثيوبي) – عفا اللَّه تعالى عنه -: لا يخفى أن الأرجح القول بأن الإجبار بهما معًا؛ فلا تجُبر البكر البالغة، ولا الثيّب الصغير؛ عملًا بمقتضى الحديث. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[هل يفهم من لفظة بأن تجعل أمرها الى رجل أنها تزوج نفسها بغير ولي]
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/ 194): واستدل به لمن قال أن للثيب أن تتزوج بغير ولي ولكنها لا تزوج نفسها بل تجعل أمرها إلى رجل فيزوجها حكاه بن حزم عن داود وتعقبه بحديث عائشة أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل وهو حديث صحيح كما تقدم وهو يبين أن معنى قوله أحق بنفسها من وليها أنه لا ينفذ عليها أمره بغير أذنها ولا يجبرها فإذا أرادت أن تتزوج لم يجز لها الا بإذن وليها واستدل به على أن البكر إذا أعلنت بالمنع لم يجز النكاح وإلى هذا أشار المصنف في الترجمة وأن أعلنت بالرضا فيجوز بطريق الأولى وشذ بعض أهل الظاهر فقال لا يجوز أيضا وقوفا عند ظاهر قوله وأذنها أن تسكت.