1180 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير ومحمد البلوشي.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند (ج2/ رقم 1180):
قال الإمام أحمد (ج (4) ص (182)): حدثنا الوليد بن مسلم قال سمعت يعني ابن جابر يقول حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع رب العالمين، إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه))، وكان يقول: ((يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، والميزان بيد الرحمن يخفضه ويرفعه)).
قال الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيحٌ.
وقال في الحاشية عند (حدثني بسر بن عبيد الله): “في الأصل: ابن عبد الله. والصواب ما أثبتناه، كما في «تحفة الأشراف» “.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
ذكر الحديث الوادعي رحمه الله في الجامع:
34 – كتاب التوحيد، 86 – الله يخفض ويرفع” برقم ((4588))، و” 97 – صفة الأصابع”، برقم ((4630)).
و33 – كتاب التفسير، ” (72) – {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنا} “، برقم ((3939)).
و2 – كتاب الإيمان، (32) – الإيمان بالقدر، رقم ((424)).
الأول: شرح الحديث:
قال الأتيوبي: “المرادَ بتقليبَ القلوب تقليب أعراضها، وأحوالها، لا تقليب ذات القلب.
فالمعنى أنه تعالى متصرّف في قلوب عباده بما شاء، لا يمتنع عليه شيء منها، ولا تفوته إرادة”.
وقال الكرمانيّ: ما معناه: كان يحتمل أن يكون المعنيُّ بقوله: «مقلّب القلوب» أن يجعل القلب قلبًا، لكن مظانّ استعماله تنشأ عنه، ويستفاد منه أن أعراض القلب، كالإرادة وغيرها بخلق اللَّه تعالى، وهي من الصفات الفعليّة، ومرجعها إلى القدرة. انتهى [«فتح» (15) / (330) «كتاب التوحيد». رقم الحديث (7391)].
وقال الراغب الأصفهانيّ: قَلبُ الشيء: تصريفه، وصرفه عن وجه إلى وجه، كقلب الثوب، وقلب الإنسان، أي صرفه عن طريقته.
قال: وتقليب القلوب والبصائر: صرفها من رأي إلى رأي، والتقلُّبُ: التصرُّفُ. قال تعالى: {أوْ يَاخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ} الآية [النحل (46)].
وقلب الإنسان سُمي به؛ لكثرة تقلّبه.
وُيعبّر بالقلب عن المعاني التي يختصّ بها، من الروح، والعلم، والشجاعة، وقوله تعالى: {وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ} الآية [الأحزاب (10)] أي: الأرواح، وقوله تعالى: {لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ} الآية [ق (37)] أي: علمٌ، وفهمٌ، وقوله تعالى: {ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} الآية [الأنفال (10)]، أي: تثبت به شجاعتكم، ويزول خوفكم. انتهى الراغب. [«مفرات ألفاظ القرآن» ص (681) – (682)].
وقال القاضي أبو بكر بن العربيّ: القلب جزء من البدن، خلقه، وجعله للإنسان محلّ العلم، والكلام، وغير ذلك، من الصفات الباطنة، وجعل ظاهر البدن محلّ التصرّفات الفعليّة والقوليّة، ووكل بها ملكًا يأمر بالخير، وشيطانًا يأمر بالشرّ … والقضاء والقدر مسيطرٌ على الكلّ، والقلب يتقلّب بين الخواطر الحسنة والسيّئة، واللِّمَّة من الملك تارة، ومن الشيطان أخرى، والمحفوظ من حفظه اللَّه تعالى. انتهى [راجع «الفتح» (13) / (374)].
وقد جاء في صحيح مسلم رحمه الله في كتاب القدر، ” ((3)) – (بابُ تَصْرِيفِ اللهِ تَعالى القُلُوبَ كَيْفَ شاءَ) “: عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاصِ يَقُولُ: إنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: «إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّها بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِن أصابِعِ الرَّحْمَنِ، كقَلْبٍ واحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشاءُ»، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنا عَلى طاعَتِكَ».
قال الحافظ النوويّ: هذا من أحاديث الصفات، وفيها القولان السابقان قريبًا:
أحدهما: الإيمان بها، من غير تعرّض لتأويل، ولا لمعرفة المعنى، بل يؤمن بأنها حقّ، وأن ظاهرها غير مراد، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى (11)].
والثاني: يتأول بحسب ما يليق بها، فعلى هذا: المراد المَجاز، كما يقال: فلان في قبضتي، وفي كفي، لا يراد به أنه حالّ في كفه، بل المراد تحت قدرتي …..
قال الأثيوبي رحمه الله معلقا:
هذا التأويل الذي ذكره النوويّ قد سبق لنا تفنيده غير مرّة، وأن الواجب في أحاديث الصفات أن يؤمَن بها، كما جاءت، وتُثبَت كما أثبتَها النصّ الصحيح الصريح، فنُثبت الأصابع ونحوها لله تعالى كما أثبتها هذا الحديث الصريح الصحيح على ما يليق بجلاله -عزوجل-.
والحاصل: أن هذا الحديث من أحاديث الصفات التي نؤمِن بها، ونعتقد أنها حقّ من غير تعرّض للتأويل، ولا لمعرفة الكيفيّة؛ لأن الإيمان بها فرضٌ، والامتناع عن الخوض في معرفة حقائقها واجب، فالمهتدي من سلك فيها سبيل التسليم، والخائض في إدراك كيفيّتها زائغ، والمنكِر لها معطّلٌ، والمكيّف مشبّه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى (11)].
وقد نقل الطيبيّ –رحمه الله- في «شرحه» عن شيخه أبي حفص السُّهْرورديّ –رحمه الله – أنه قال في «كتاب العقائد» له: أخبر الله -عزوجل- أنه استوى على العرش، فقال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى ((5))} [طه (5)]، وأخبر رسوله – صلى الله عليه وسلم – بالنزول، وغير ذلك مما جاء من اليد، والقدم، والتعجّب، والتردد، وكلّ ما ورد من هذا القبيل، فلا يُتصرّف فيها بتشبيه، ولا تعطيل، فلولا إخبار الله تعالى، وإخبار رسوله – صلى الله عليه وسلم – ما تجاسر عقلٌ أن يحوم حول ذلك الحمى، وتلاشى دون ذلك عقل العقلاء، ولُبّ الألبّاء. انتهى [راجع: «الكاشف عن حقائق السنن» (2) / (544)].
قال الأتيوبي عفا الله عنه:
هذا الذي نقله الطيبيّ عن شيخه هو التحقيق الحقيق بالقبول، فيا ليت الطيبيّ مشى على طريقة شيخه، ولكنه حاد، ومال عن الصراط المستقيم، فترى في شرحه يختار مذهب المؤوّلين، ويقوّيه، ويطوّل نفسه في تقريره، فلا حول ولا قوّة إلا بالله، اللَّهُمَّ اهدِنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن توليت، اللهُمَّ فاطرَ السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لِما اختُلف فيه من الحقّ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
وقوله: «إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه»، وهذا معنى قوله تعالى: {فَألْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها ((8))} [الشمس (8)]، فيقلّبها تارة من فجورها إلى تقواها، بأن يجعلها تقيّةً بعد أن كانت فاجرة، ويعْدِلها أخرى عن تقواها إلى فجورها، بأن يجعلها فاجرة بعد أن كانت تقيّةً.
قال بعضهم: إنما نَسَب تقليب القلب إلى الله تعالى إشعارًا بأن الله تعالى إنما تولّى بنفسه أمر قلوبهم، ولم يَكِله إلى أحد من ملائكته، وخصّ الرحمن بالذكر إيذانًا بأن ذلك التولّي لم يكن إلا بمحض رحمته، وفَضْل نعمته؛ كيلا يطّلع أحد غيره على سرائرهم، ولا يكتب عليهم ما في ضمائرهم. انتهى [» الكاشف” (2) / (544)].
وقوله: «وكانَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ:» يا مُثَبِّتَ القُلُوبِ، ثَبِّتْ قُلُوبَنا عَلى دِينِكَ «؛ أي: اجعله ثابتًا على دينك القويم، غير مائل عن صراطك المستقيم، والله تعالى أعلم.
قال السندي رحمه الله: “قَوْلُهُ (أقامَهُ) أيْ عَلى الحَقِّ قَوْلُهُ (أزاغَهُ) أيْ عَنْهُ وفِي الزَّوائِدِ إسْنادُهُ صَحِيحٌ”.
الثاني: الفوائد:
(1) – (منها): بيان أن الله – تعالى- هو المتصرّف في قلوب عباده كيف يشاء، إن شاء هداها، وإن شاء أزاغها.
(2) – (ومنها): إثبات صفة الأصابع لله -تعالى-، وهو مذهب أهل السُّنَّة والجماعة، فيثبتونها كما أثبتتها النصوص الصحيحة، على مراد الله تعالى. ومن أنكر ذلك كالجهميّة، ضالّ مضلّ، ومن أوَّلَ، فهو مخطئ زائغ عن الحقّ.
(3) – (ومنها): ما قاله البغويّ –رحمه الله-: فيه بيان أن العبد ليس إليه شيء من أمْر سعادته أو شقاوته، بل إن اهتدى فبهداية الله إياه، وإن ثبت على الإيمان فبتثبيته، وإن ضلّ فبصرفه عن الهدى، قال الله -تعالى-: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أنْ هَداكُمْ لِلْإيمانِ} [الحجرات (17)]، وقال -تعالى- إخبارًا عن حمد أهل الجنة: {الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهَذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أنْ هَدانا اللَّهُ} [الأعراف (43)]، وقال -تعالى-: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم (27)].
(4) – (ومنها): شدّة خوف النبيّ – صلى الله عليه وسلم – من ربّه -تعالى-، حيث يدعو أن يصرّف الله قلبه على طاعته، وشدّة حرصه على تنبيه أمته أن لا يصيبها ذُهول ولا غفلة عن مراقبة الخواتم، فإن الأمر بالخواتم، وفي حديث أنس – رضي الله عنه – عند الترمذيّ في «جامعه»: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يُكْثر أن يقول: “يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك»، قالوا: يا رسول الله آمنّا بك، وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: «نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلّبها كيف يشاء»، اللَّهُمَّ ثبّت قلوبنا على دينك، {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنا وهَبْ لَنا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً إنَّكَ أنْتَ الوَهّابُ ((8))} [آل عمران (8)]، آمين. [البحر المحيط الثجاج، بتصرف].
5 – (ومنها): استحباب الحلف بقوله: «لا، ومقلّب القلوب».
6 – (ومنها): أن فيه أن أعمال القلوب من الإرادات، والدواعي، وسائر الأعراض بيد اللَّه تعالى.
7 – (ومنها): ما قال البيضاويّ: في نسبة تقليب القلوب إلى اللَّه تعالى إشعارٌ بأنه يتولى قلوب عباده، ولا يكلها إلى أحد من خلقه. وفي دعائه – صلى الله عليه وسلم – «يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك» إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء، ورفع توهّم من يتوهّم أنهم يُستثنَون من ذلك، وخصّ نفسه بالذكر إعلامًا بأن نفسه الزكيّة إذا كانت مفتقرةً إلى أن تلجأ إلى اللَّه تعالى، فافتقار غيرها ممن هو دونه أحقّ بذلك [راجع «الفتح» (15) / (5330) «كتاب التوحيد»]. [ذخيرة العقبى]
8 – (ومنها): دليل على انه ينبغي للإنسان إن يخاف، ويوجل، ويخشى من زيغ القلب، ويسأل الله دائما الثبات، فإنه ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبه كيف يشاء، إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه والعياذ بالله. قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رياض الصالحين.
الثالث: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
سبق في الصحيح المسند ذكر أسباب الثبات والزيغ، وبيان الفتن.
(المسألة الأولى): أحاديث في تَصْرِيفُ اللَّهِ تَعالى لِلْقُلُوب.
(1) – حديث النَّوّاسُ بْنُ سَمْعانَ الكِلابِيُّ وراجع «الصحيحة» ((2091))، «الظلال» ((219) و (230) و (552)).
(2) – عَنْ أنَسٍ قالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ: «يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ»، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنّا بِكَ وبِما جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخافُ عَلَيْنا؟ قالَ: «نَعَمْ، إنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِن أصابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُها كَيْفَ يَشاءُ»: وفِي البابِ عَنْ النَّوّاسِ بْنِ سَمْعانَ، وأُمِّ سَلَمَةَ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وعائِشَةَ، وأبِي ذَرٍّ
– عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاصِ، يَقُولُ: أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّها بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِن أصابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ واحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشاءُ» ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنا عَلى طاعَتِكَ»، (م) (17) – ((2654)).وراجع «الصحيحة» ((1689)):
(3) – عن شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، قالَ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ ما كانَ أكْثَرُ دُعاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا كانَ عِنْدَكِ؟ قالَتْ: كانَ أكْثَرُ دُعائِهِ: يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ» قالَتْ: فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما لِأكْثَرِ دُعائِكَ يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ؟ قالَ: «يا أُمَّ سَلَمَةَ إنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إلّا وقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِن أصابِعِ اللَّهِ، فَمَن شاءَ أقامَ، ومَن شاءَ أزاغَ». فَتَلا مُعاذٌ {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنا} [آل عمران].
(4) – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: كَثِيرًا مِمّا كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْلِفُ: «لاَ ومُقَلِّبِ القُلُوبِ»، (خ) (6617)
(5) – حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أسْباطُ بْنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثَنا الأعْمَشُ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقاشِيِّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ القَلْبِ مَثَلُ الرِّيشَةِ تُقَلِّبُها الرِّياحُ بِفَلاةٍ»، (جة) (88) [قال الألباني]: صحيح.
[المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة، تَصْرِيفُ اللَّهِ تَعالى لِلْقُلُوب، بتصرف يسير]
(المسألة الثانية): ما جاء في بعض كتب الأئمة
– قال الطبري، أبو جعفر (ت (310)) رحمه الله: “وأن له أصابع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن» “. [التبصير في معالم الدين للطبري]
– قال الآجري (ت (360)) رحمه الله: “بابُ الإيمانِ بِأنَّ قُلُوبَ الخَلائِقِ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِن أصابِعِ الرَّبِّ عزوجل بِلا كَيْفٍ” ثم أوردة جملة من الأحاديث في الباب. [الشريعة للآجري]
– قال إسماعيل الأصبهاني (ت (535)) رحمه الله: ” فصل، والدَّلِيل عَلى أن الله تَعالى مُقَلِّب القُلُوب عَلى ما يَشاء: قَوْله تَعالى: {ونُقَلِّبُ أفئدتهم وأبصارهم}. وقَوله {يحول بَين المَرْء وقَلبه} وقَوله {فَلَمّا زاغوا أزاغ الله قُلُوبهم}، وقَوله {رَبنا لا تزع قُلُوبنا بعد إذْ هديتنا}.” ثم أورد حديث النواس بْن سمْعان رضي الله عنه، ثم قال: “ومن مَذْهَب أهل السّنة: الإيمان بِجَمِيعِ ما ثَبت عَن النَّبِي – صلى الله عليه وسلم – فِي صفة الله تَعالى”، ثم أورد جملة من الأحاديث ومنها: “ما من قلب إلا وهُوَ بَين أصبعين من أصابِع الله عزوجل» “. [الحجة في بيان المحجة]
– قال ابن منده محمد بن إسحاق (ت (395)) رحمه الله: “ذِكْرُ خَبَرٍ يَدُلُّ عَلى ما تَقَدَّمَ مِن ذِكْرِ الأصابِعِ” ثم ذكر حديث النواس وغيره. [الرد على الجهمية لابن منده]
– وقال ابن منده محمد بن إسحاق (ت (395)) رحمه الله: “ذِكْرُ آياتٍ تَدُلُّ عَلى وحْدانِيَّةِ الخالِقِ وأنَّهُ مُقَلِّبُ القُلُوبِ عَلى ما يَشاءُ قالَ اللَّهُ عزوجل، مُخْبِرًا عَلى قُدْرَتِهِ وعِلْمِهِ بِما فِي قُلُوبِ العِبادِ {واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ} [الأنفال (24)] وقالَ: {ونُقَلِّبُ أفْئِدَتَهُمْ وأبْصارَهُمْ} [الأنعام (110)] الآيَةُ. وقالَ مُنَبِّهًا عَلى دُعائِهِ: {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنا} [آل عمران (8)] وقالَ: {فَلَمّا زاغُوا أزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف (5)] بَيانُ ذَلِكَ مِنَ الأثَرِ”، ثم سرد الأحاديث. [التوحيد لابن منده]
– أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي (المتوفى: (303) هـ) رحمه الله: أورد حديث النواس برقم ((80))، وأورد الروايات الأخرى، وطريقته في الكتاب سرد الأحاديث. [النعوت الأسماء والصفات]
– وفي السنن الكبرى، أورد عدة أحديث، حديث النواس وغيره رضي الله عنهم تحت قوله: “قَوْلُهُ: {ولِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي} [طه (39)] “.
– قال الطبراني (ت (360)) رحمه الله: “بابُ الدُّعاءِ بِتَثْبِيتِ القَلْبِ عَلى طاعَةِ اللَّهِ “. [الدعاء للطبراني]
– قال ابن ماجه (ت (273)) رحمه الله: “بابٌ فِيما أنْكَرَتِ الجَهْمِيَّةُ”، وأورد حديث النواس رضي الله عنه، برقم ((199)). [سنن ابن ماجه]
– قال العكبري، ابن بطة (ت (387)) رحمه الله: “بابُ الإيمانِ بِأنَّ قُلُوبَ العِبادِ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِن أصابِعِ الرَّبِّ تَعالى بِلا كَيْفٍ”، ثم أورد حديث النواس برقم ((202))، وغيره. [الإبانة الكبرى لابن بطة]
– قال حمد بن ناصر آل معمر (ت (1225)) رحمه الله: “وأن له إصبعا بقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن»؛ فإن هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف الله به نفسه ورسوله مما لا يثبت حقيقة علمه بالفكر والروية – لا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهائها.”. [التحفة المدنية في العقيدة السلفية]
– قال أبو بكر البيهقي (ت (458)) رحمه الله: “بابٌ القَوْلُ فِي الهِدايَةِ والإضْلالِ قالَ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم {مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ المُهْتَدِ ومَن يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ ولِيًّا مُرْشِدًا} وقالَ: {مَن يَشَإ اللَّهُ يُضْلِلْهُ ومَن يَشَا يَجَعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام (39)] وقالَ: {إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ} [القصص (56)] وقالَ مَعْناهُ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِن كِتابِهِ كَتَبْناها فِي كِتابِ القَدَرِ”. [الاعتقاد للبيهقي]
– قال البغوي، أبو محمد (ت (516)) رحمه الله: “بابُ قَوْلِ اللَّهِ عزوجل
{ونُقَلِّبُ أفْئِدَتَهُمْ وأبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنْعام (110)]، وقالَ اللَّهُ عزوجل: {أنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ} [الأنْفال (24)].
قِيلَ: مَعْناهُ: يَمْلِكُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، فَيَصْرِفُهُ كَيْفَ يَشاءُ”، ثم أورد بعض الأحاديث، وقال: “قالَ الشَّيْخُ الإمامُ: فِيهِ بَيانُ أنَّ العَبْدَ لَيْسَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِن أمْرِ سَعادَتِهِ أوْ شَقاوَتِهِ، بَلْ إنِ اهْتَدى، فَبِهِدايَةِ اللَّهِ إيّاهُ، وإنْ ثَبَتَ عَلى الإيمانِ فَبِتَثْبِيتِهِ، وإنْ ضَلَّ فِبِصَرْفِهِ عَنِ الهُدى.
قالَ اللَّهُ عزوجل: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أنْ هَداكُمْ لِلإيمانِ} [الحجرات (17)]، وقالَ اللَّهُ عزوجل إخْبارًا عَنْ حَمْدِ أهْلٍ الجَنَّةِ: {الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهَذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أنْ هَدانا اللَّهُ} [الأعْراف (43)] وقالَ اللَّهُ عزوجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ} [إبْراهِيم (27)] “. [شرح السنة للبغوي]
– قال ابن أبي عاصم (ت (287)) رحمه الله: ” (39) – «بابُ: إنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِن أصابِعِ الرَّحْمَنِ ما شاءَ أقامه منها وما شاءَ أنْ يُزِيغَهُ أزاغَهُ» “، ثم أورد جملة من الأحاديث. [السنة لابن أبي عاصم ومعها ظلال الجنة للألباني]
(المسألة الثالثة): الأحوال تتغير، وهي أربعة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
{لتركبن طبقًا عن طبق} هذه الجملة جواب القسم وهي مؤكدة بثلاث مؤكدات: القسم، واللام، ونون التوكيد والخطاب هنا لجميع الناس، أي: لتتحولن حالًا عن حال، وهو يعني أن الأحوال تتغير فيشمل أحوال الزمان، وأحوال المكان، وأحوال الأبدان، وأحوال القلوب:
الأول: أحوال الزمان
تتنقل {وتلك الأيام نداولها بين الناس} [آل عمران (140)]. فيوم يكون فيه السرور والانشراح وانبساط النفس، ويوم آخر يكون بالعكس هكذا لابد أن الإنسان يركب طبقًا عن طبق. وتتغير حال الزمان من أمن إلى خوف، ومن حرب إلى سلم، ومن قحط إلى مطر، ومن جدب إلى خصب إلى غير ذلك من تقلبات الأحوال ..
الثاني: الأمكنة
ينزل الإنسان هذا اليوم منزلًا، وفي اليوم التالي منزلًا آخر، وثالثًا ورابعًا إلى أن تنتهي به المنازل في الآخرة، وما قبل الآخرة وهي القبور هي منازل مؤقتة. القبور ليست هي آخر المنازل بل هي مرحلة. وسمع أعرابي رجلًا يقرأ قول الله تعالى: {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} فقال الأعرابي: «والله ما الزائر بمقيم»، وبه نعرف أن ما نقرؤه في الجرائد «فلان توفي ثم نقلوه إلى مثواه الأخير» أن هذه الكلمة غلط كبير ومدلولها كفر بالله عزوجل كفر باليوم الآخر، فالمثوى الأخير إما جنة وإما نار.
الثالث: الأبدان
يركب الإنسان فيها طبقًا عن طبق، واستمع إلى قول الله تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} [الروم (54)]. وقد شبه بعض العلماء حال البدن بحال القمر يبدو هلالًا ضعيفًا، ثم يكبر شيئًا فشيئًا حتى يمتلاء نورًا، ثم يعود ينقص شيئًا فشيئًا حتى يضمحل، نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة.
الرابع: حال القلوب وما أدراك ما أحوال القلوب؟!
أحوال القلوب هي النعمة وهي النقمة، والقلوب كل قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء، فإن شاء أزاغه وإن شاء هداه، ولما حدّث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: «اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» [أخرجه الترمزي كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن ((2140)). وقال: حديث حسن صحيح]، فالقلوب لها أحوال عجيبة، فتارة يتعلق القلب بالدنيا، وتارة يتعلق بشيء من الدنيا، وتارة يتعلق بالمال ويكون المال أكبر همه، وتارة يتعلق بالنساء وتكون النساء أكبر همه، وتارة يتعلق بالقصور والمنازل ويكون ذلك أكبر همه، وتارة يتعلق بالمركوبات والسيارات ويكون ذلك أكبر همه، وتارة يكون مع الله عزوجل، دائمًا مع الله يتعلق بالله عزوجل، ويرى أن الدنيا كلها وسيلة إلى عبادة الله، وطاعتة، فيستخدم الدنيا من أجل تحقيق العبودية لله عزوجل؛ لأنها خلقت له ولا تستخدمه الدنيا، وهذه أعلى الأحوال، وأصحاب الدنيا هم الذين يخدمونها، هم الذين أتعبوا أنفسهم في تحصيلها.
لكن أصحاب الآخرة هم الذين استخدموا الدنيا وخدمتهم الدنيا، ولذلك لا يأخذونها إلا عن طريق رضى الله، ولا يصرفونها إلا في رضى الله عزوجل، فاستخدموها أخذًا وصرفًا،
و الصلاة التي يهيم فيها القلب في كل واد ويخرج منها ولم يدر ما قرأ فلا تنهى عن الفحشاء والمنكر من أجل ذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها نصفها، ربعها، ثلثها، عشرها، خمسها» [أخرجه الإمام أحمد في المسند ((4) / (319))] “. [تفسير جزء عم]
وقال ابن عثيمين رحمه الله في رياض الصالحين:
” فالقلوب بيد الله عزوجل فكيف تقول هذا ما ينفع له شيء هذا ما هو مهتد؟ حرام هذا ما يجوز، ادع ولا تيأس، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مناوئًا للدعوة الإسلامية، فهداه الله فصار هو الخليفة الثاني بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك خالد بن الوليد، عكرمة بن أبي جهل “.
(المسألة الرابعة): فَصْلٌ فِي مَرَضِ القُلُوبِ وعِلاجِهِ
قال ابن مفلح، شمس الدين (ت (763)) رحمه الله:
“القُلُوبُ تَمْرَضُ كَغَيْرِها مِن الأعْضاءِ وعِلاجُها فِي كُتُبِ الأطِبّاءِ وتَمْرَضُ بِالشُّبُهاتِ، والشُّكُوكِ لِقَوْلِهِ تَعالى {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [البقرة (10)] وقالَ تَعالى: {ولِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [المدثر (31)] تَمْرَضُ القُلُوبُ بِالشَّهَواتِ لِقَوْلِهِ تَعالى {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب (32)].
أيْ فُجُورٌ وهُوَ شَهْوَةُ الزِّنا، وعِلاجُ ذَلِكَ اتِّباعُ كِتابِ اللَّهِ وسَنَةِ رَسُولِهِ – صلى الله عليه وسلم – والِاجْتِهادُ فِي الطّاعاتِ الظّاهِرَةِ، والباطِنَةِ وتَرْكِ المُحَرَّماتِ الظّاهِرَةِ، والباطِنَةِ فالقُلُوبُ كَثِيرَةُ التَّقَلُّبِ «وكانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَحْلِفُ لا ومُقَلِّبِ القُلُوبِ».
وقالَ «ما مِن قَلْبٍ إلّا وهُوَ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِن أصابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهُ كَيْفَ يَشاءُ إنْ شاءَ أنْ يُقِيمَهُ أقامَهُ وإنْ شاءَ أنْ يُزِيغَهُ أزاغَهُ، وصَلاحُ القُلُوبِ رَاسُ كُلِّ خَيْرٍ، وفَسادُها رَاسُ كُلِّ شَرٍّ».
وفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ – صَلَّى الله عليه وسلم- «ألا وإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إذا صَلُحَتْ صَلُحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألا وهِيَ القَلْبُ» فَنَسْألُ اللَّهَ أنْ يُصْلِحَ فَسادَ قُلُوبِنا وقُلُوبِ إخْوانِنا المُسْلِمِينَ.
واعْلَمْ أنَّهُ يَحْصُلُ بِأعْمالِ القُلُوبِ مِن التَّوَكُّلِ عَلى اللَّهِ، والِاعْتِمادِ عَلَيْهِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِن الشِّفاءِ ما لا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ؛ لِأنَّ النَّفْسَ تَقْوى بِذَلِكَ. ومَعْلُومٌ أنَّ النَّفْسَ مَتى قَوِيَتْ وقَوِيَتْ الطَّبِيعَةُ تَعاوَنا عَلى فِعْلِ الدّاءِ وأوْجَبَ ذَلِكَ زَوالَهُ بِالكُلِّيَّةِ ومِثْلُ هَذا مَعْلُومٌ مُجَرَّبٌ مَشْهُورٌ، ولا يُنْكِرهُ إلّا جاهِلٌ أوْ بَعِيدٌ عَنْ اللَّهِ”. [الآداب الشرعية والمنح المرعية].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رياض الصالحين:
“ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت؛ صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».
ولهذا ينبغي لك أيها المسلم أن تعتني بصلاح قلبك، فلاح الظواهر وأعمال الجوارح طيب، ولكن الشأن كل الشأن في صلاح القلب؛ يقول الله عن المنافقين: (وإذا رَأيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجْسامُهُمْ وإنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) (المنافقون: (4)) (وإذا رَأيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجْسامُهُمْ) من الهيئة الحسنة، وحسن عمل الجوارح، وإذا قالوا، قالوا قولًا تسمع له من حسنه وزخرفته، لكن قلوبهم خربة والعياذ بالله (كَأنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) (المنافقون: (4)) ليس فيها خير.
فأنت اعتنِ بصلاح القلب، انظر قلبك هل فيه شيء من الشرك؟ هل فيه شيء من كراهة ما أنزل الله؟ هل فيه شيء من كراهة عباد الله الصالحين؟ هل فيه شيء من الميل إلى الكفار؟ هل فيه شيء من موالاة الكفارة؟ هل فيه شيئًا من الحسد، هل فيه شيء من الغل؟ هل فيه شيء من الحقد؟ وما أشبه ذلك من الأمراض العظيمة الكثيرة في القلوب، فطهر قلبك من هذا وأصلحه، فإن المدار عليه”. انتهى.
وثبات القلب يكون بمعرفة الله والدعاء وقصص القرآن والتزام العمل الصالح وذكر الله والتزام السنة وعدم الابتداع. ومعرفة الباطل والحذر منه والتزام الخلق الطيب ولزوم الجماعة. وتوقي الفتن
وهناك بحث بعنوان أحوال القلوب
(المسألة الخامسة):
تفسير قول الله تعالى: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ وأنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [سورة الأنفال ((24))]
قال ابن كثير رحمه الله: “وقَوْلُهُ تَعالى: واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ يَحُولُ بَيْنَ المُؤْمِنِ وبَيْنَ الكُفْرِ وبَيْنَ الكافِرِ وبَيْنَ الإيمانِ، رَواهُ الحاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مَوْقُوفًا، وقالَ صَحِيحٌ ولَمْ يُخْرِجاهُ، ورَواهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن وجْهٍ آخَرَ مَرْفُوعًا، ولا يَصِحُّ لِضَعْفِ إسْنادِهِ والمَوْقُوفُ أصَحُّ، وكَذا قالَ مُجاهِدٌ وسَعِيدٌ وعِكْرِمَةُ والضَّحّاكُ وأبُو صالِحٍ وعَطِيَّةُ ومُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ والسُّدِّيُّ، وفِي رِوايَةٍ عَنْ مُجاهِدٍ فِي قَوْلِهِ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ أي حتى يتركه لا يَعْقِلُ، وقالَ السُّدِّيُّ يَحُولُ بَيْنَ الإنْسانِ وقَلْبِهِ فَلا يَسْتَطِيعُ أنْ يُؤْمِنَ ولا يَكْفُرَ إلّا بِإذْنِهِ.
وقالَ قَتادَةُ هُوَ كَقَوْلِهِ ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِن حَبْلِ الوَرِيدِ [ق (16)]،
وقَدْ ورَدَتِ الأحادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بما يُناسِبُ هَذِهِ الآيَةَ.
وقالَ الإمامُ أحْمَدُ: حَدَّثَنا أبُو مُعاوِيَةَ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ أبِي سُفْيانَ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ رضي الله عنه، قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أنْ يَقُولُ «يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ».
قالَ: فَقُلْنا يا رَسُولَ اللَّهِ آمَنّا بِكَ وبِما جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخافُ عَلَيْنا؟ قالَ: «نَعَمْ، إنَّ القُلُوبَ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِن أصابِعِ اللَّهِ تَعالى يُقَلِّبُها». ….. وذكر كثير من الأحاديث التي سبق ذكرناها انتهى [تفسير ابن كثير ط العلمية]
(المسألة السادسة): الفتاوي
[1] في مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله: “وسُئِلَ عَنْ البارِي – سُبْحانَهُ -: هَلْ يَضِلُّ ويَهْدِي؟
فَأجابَ:
إنّ كُلَّ ما فِي الوُجُودِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ لَهُ خَلَقَهُ بِمَشِيئَتِهِ وقُدْرَتِهِ وما شاءَ كانَ وما لَمْ يَشَا لَمْ يَكُنْ وهُوَ الَّذِي يُعْطِي ويَمْنَعُ ويَخْفِضُ ويَرْفَعُ ويُعِزُّ ويُذِلُّ ويُغْنِي ويُفْقِرُ ويُضِلُّ ويَهْدِي ويُسْعِدُ ويُشْقِي ويُوَلِّي المُلْكَ مَن يَشاءُ ويَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشاءُ ويَشْرَحُ صَدْرَ مَن يَشاءُ لِلْإسْلامِ ويَجْعَلُ صَدْرَ مَن يَشاءُ ضَيِّقًا كَأنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ وهُوَ يُقَلِّبُ القُلُوبَ؛ ما مِن قَلْبٍ مِن قُلُوبِ العِبادِ إلّا وهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِن أصابِعِ الرَّحْمَنِ إنْ شاءَ أنْ يُقِيمَهُ أقامَهُ وإنْ شاءَ أنْ يُزِيغَهُ أزاغَهُ وهُوَ الَّذِي حَبَّبَ إلى المُؤْمِنِينَ الإيمانَ وزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِهِمْ وكَرَّهَ إلَيْهِمْ الكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصْيانَ أُولَئِكَ هُمْ الرّاشِدُونَ. وهُوَ الَّذِي جَعَلَ المُسْلِمَ مُسْلِمًا والمُصَلِّيَ مُصَلِّيًا. قالَ الخَلِيلُ {رَبَّنا واجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ومِن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} وقالَ: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ ومِن ذُرِّيَّتِي} وقالَ تَعالى: {وجَعَلْنا مِنهُمْ أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنا لَمّا صَبَرُوا} وقالَ عَنْ آلِ فِرْعَوْنَ: {وجَعَلْناهُمْ أئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النّارِ} وقالَ تَعالى: {إنّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعًا} {إذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} {وإذا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا} وقالَ: {واصْنَعِ الفُلْكَ بِأعْيُنِنا ووَحْيِنا} وقالَ: {ويَصْنَعُ الفُلْكَ}.
والفُلْكُ مَصْنُوعَةٌ لِبَنِي آدَمَ وقَدْ أخْبَرَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى أنَّهُ خَلَقَها بِقَوْلِهِ: {وخَلَقْنا لَهُمْ مِن مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ} وقالَ: {واللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وجَعَلَ لَكُمْ مِن جُلُودِ الأنْعامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ويَوْمَ إقامَتِكُمْ ومِن أصْوافِها وأوْبارِها} الآياتِ. وهَذِهِ كُلُّها مَصْنُوعَةٌ لِبَنِي آدَمَ. وقالَ تَعالى: {أتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ} {واللَّهُ خَلَقَكُمْ وما تَعْمَلُونَ} فَما بِمَعْنى «الَّذِي» ومَن جَعَلَها مَصْدَرِيَّةً فَقَدْ غَلِطَ لَكِنْ إذا خَلَقَ المَنحُوتَ كَما خَلَقَ المَصْنُوعَ والمَلْبُوسَ والمَبْنِيَّ دَلَّ عَلى أنَّهُ خالِقُ كُلِّ صانِعٍ وصَنْعَتِهِ وقالَ تَعالى: {مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ المُهْتَدِي ومَن يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ ولِيًّا مُرْشِدًا} وقالَ {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإسْلامِ ومَن يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} وهُوَ سُبْحانَهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ورَبُّهُ ومَلِيكُهُ ولَهُ فِيما خَلَقَهُ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ ونِعْمَةٌ سابِغَةٌ ورَحْمَةٌ عامَّةٌ وخاصَّةٌ وهُوَ لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ وهُمْ يُسْألُونَ لا لِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ وقَهْرِهِ بَلْ لِكَمالِ عِلْمِهِ وقُدْرَتِهِ ورَحْمَتِهِ وحِكْمَتِهِ. فَإنَّهُ عز وجل أحْكَمُ الحاكِمِينَ وأرْحَمُ الرّاحِمِينَ وهُوَ أرْحَمُ بِعِبادِهِ مِن الوالِدَةِ بِوَلَدِها وقَدْ أحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ.
وقالَ تَعالى: {وتَرى الجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} وقَدْ خَلَقَ الأشْياءَ بِأسْبابِ كَما قالَ تَعالى: {وما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِن ماءٍ فَأحْيا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} وقالَ: {فَأنْزَلْنا بِهِ الماءَ فَأخْرَجْنا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَراتِ} وقالَ تَعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} “. انتهى.
[2] س: هنا التَّثبيت (في قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا .. ) يكون في السؤال عند القبر فقط أو مِن قَبْل؟
الجواب:
التثبيت عنده وعند خروج الروح، فالمؤمن إذا حضره الأجلُ بُشِّر بالجنة، فتأتيه الملائكةُ تُبشره برحمة الله، فيُحب لقاء الله، ويحب الله لقاءه، والكافر بضد ذلك: يكره لقاءَ الله، ويكره اللهُ لقاءَه.
س: قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك هنا؟
ج: كل هذا من الدعاء الطيب كان يستعمله صلى الله عليه وسلم اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك هذا من الدعاء العظيم من جوامع الكلم، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ذلك فغيره من باب أوْلى. [فتاوى الدروس لابن باز رحمه الله، معنى قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا .. }].
[3] معنى حديث «القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن … »
السؤال:
هذا السائل الذي أرسل بهذه الرسالة لم يكتب الاسم في هذه الرسالة يقول: كان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقال لعائشة: إن القلوب بين أصبعي الرحمن نريد تكملة لهذا الحديث، وما المناسبة لهذا الحديث؟
الجواب:
الحديث واضح، يقول صلى الله عليه وسلم: إن القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، فالمعنى أن الله جل وعلا هو الذي بيده تثبيت الأمور، فالمؤمن يسأل ربه الثبات على الإيمان والثبات على الحق، فالقلوب تتقلب وهي بين إصبعين من أصابع الله، هذا يجرى على ظاهره، يثبت لله الأصابع على الوجه اللائق بالله، وأن الله جل وعلا بيده تصريف الأمور وتقليب القلوب كيف يشاء، هذا يقلب فيرتد عن دينه، وهذا يقلب فيسلم، وهذا يقلب قلبه فيقع في المعاصي، فالقلوب بيد الله جل وعلا، هو الذي يصرفها كيف يشاء سبحانه، والمؤمن يسأل ربه يقول: اللهم ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك، يسأل ربه الثبات.
والله عز وجل يوصف بأن له أصابع وله يد جل وعلا على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، لا يشابه عباده لا في اليد ولا في الأصابع ولا في الكلام ولا في الرضا ولا في الغضب ولا في غير ذلك، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وقال تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180]. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ. [نور على الدرب لابن باز رحمه الله، معنى حديث «القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن … »].
[4] تشعر بنقص في إيمانها فماذا تفعل؟
السؤال:
فتاة ملتزمة تحمد الله على ذلك منذ ما يقارب من سنة. تقول: ولكن قلبي في تغيّر مستمر وتقلب، فأحياناً أشعر بقوة في إيماني، وإقبالي على الصلاة بخشوع، وحب للخير، وأحياناً تقل هذه القوة وأشعر بقسوة في قلبي، فلا أبقى على حال واحدة لدرجة أني بدأت أشعر بالخوف على ديني، وأخشى أن أعود كما كنت، وأشعر أن إيماني بدأ يقل تدريجياً، وجهوني يا فضيلة الشيخ بما يقوى إيماني ادع لي بالهداية والثبات على الحق جزاكم الله خيراً؟
الجواب:
الشيخ: نسأل الله لنا ولها الهداية والثبات على الحق، إن الإنسان بشر يتغير بحسب ما يرد على قلبه، وما ينظر إليه بعينه، ويسمع فيه بأذنه، ولكن على المؤمن أن يسأل الله تعالى الثبات دائماً، وأن يفعل الأسباب التي يثبت بها إيمانه؛ من كثرة مراقبة الله عز وجل، وذكره بالقلب، واللسان، والجوارح، وقراءة القرآن بتدبر وتفكر، فإن قراءة القرآن على هذا الوجه تلين القلب وتزيده إيماناً، وكذلك يكثر من مخالطة أهل الخير والصلاح الذين يعينونه إذا ضعف، ويذكّرونه إذا نسي، والمهم أن يسأل الله تعالى الثبات دائماً؛ مثل أن يقول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك. وما أشبه ذلك من الأدعية، وسيجد الخير إن شاء الله تعالى، ولكن لا يتقاعس ولا ييئس من رحمة الله، ولا ينظر إلى ما وراءه مما كان من معصية الله عز وجل، بل ينظر إلى ما أمامه من الطاعة والخير والثواب الجزيل لمن أطاع الله.
[فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين رحمه الله، الشريط رقم [246]].