118 مختلف الحديث
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وهشام السوري، وعبدالله المشجري.، وسامي آل سالمين وعلي آل رحمه. وكرم
ومجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين. وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
جمع سيف بن دورة الكعبي
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا)
——–‘——-‘——-
في صحيح البخاري:
1356 – حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد وهو ابن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليهوسلمأ فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار
يعارضه حديث
رفع القلم عن ثلاث …. وذكر منهم الصبي حتى يبلغ
ففي الأول أنه كاد يكون في النار لولا الشهادتين. وفي الثاني أنه مرفوع عنه القلم
——‘—–‘—-
– ذكر ابن حجر: أن في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار) فائدة أن الصبي الذي يعقل أنه في النار.
واعترض عليه ابن باز بأنه معارض لحديث رفع القلم عن ثلاثة والصبي حتى يبلغ فالصبي اليهودي لا دليل أنه لم يكن بالغ.
يقصد ابن باز أن الراجح أنه ممن يختبر يوم القيامة.
ومسألة أولاد المشركين هل يختبرون أم في الجنة سبق ذكر الخلاف فيها في بعض شروحنا وستأتي ذكرها اذا شرحها ابن حجر لكن أردنا أن نذكر الخلاف هل الصبي كان بالغا أم لا.
قال صاحبنا ابوصالح حازم لم أجد في الشراح من قال انه كان بالغا وتبويب البخاري هنا يدل أنه غير بالغ. انتهى
ومن حيث اللغة هل يطلق الصبي على من بلغ:
غُلَام (اسم):
غُلَام: جمع أُغَيْلِمَةُ
غُلاَم (اسم):
الجمع: أغْلِمَة و غِلمان و غِلْمة
الغُلامُ: الطارّ الشاربِ
الغُلامُ: صبيُّ حين يولد إلى أن يَشبّ أو حين يقارب سنَّ البلوغ، ويطلق على الرَّجُل مجازًا
غُلامٌ مُرَاهق: مُقَارِب للحُلُم
مسألة الخلاف في إسلام الصبي:
مسألة
قال: [والصبى إذا كان له عشر سنين وعقل الإسلام فأسلم فهو مسلم]
وجملته أن الصبى يصح إسلامه في الجملة وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه , وإسحاق وابن أبي شيبة وأبو أيوب وقال الشافعي وزفر: لا يصح إسلامه حتى يبلغ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ) حديث حسن ولأنه قول تثبت به الأحكام , فلم يصح من الصبى كالهبة ولأنه أحد من رفع القلم عنه فلم يصح إسلامه كالمجنون , والنائم ولأنه ليس بمكلف أشبه الطفل ولنا , عموم قوله عليه السلام: (من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة) ولأن الإسلام عبادة محضة فصحت من الصبى العاقل , كالصلاة والحج ولأن الله تعالى دعا عباده إلى دار السلام وجعل طريقها الإسلام , وجعل من لم يجب دعوته في الجحيم والعذاب الأليم فلا يجوز منع الصبى من إجابة دعوة الله ولأن ما ذكرناه إجماع فإن عليا رضي الله عنه أسلم صبيا , وقال:
سبقتكم إلى الإسلام طرًا ** صبيًا ما بلغت أوان حلم
فأما قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (رفع القلم عن ثلاث) فلا حجة لهم فيه , فإن هذا يقتضي أن لا يكتب عليه ذلك والإسلام يكتب له لا عليه ……
مسألة
قال: [فإن رجع وقال: لم أدر ما قلت لم يلتفت إلى قوله وأجبر على الإسلام] ……
راجع كتاب المغني لبسط المسائل
قال الإمام النووي رحمه الله:
((ولا يصح إسلام صبي مميز استقلالا على الصحيح.))
قال الخطيب الشربيني رحمه الله:
((المنصوص في القديم والجديد كما قاله الإمام؛ لأنه غير مكلف فأشبه غير المميز والمجنون وهما لا يصح إسلامهما اتفاقا كما سيأتي؛ ولأن نطقه بالشهادتين إما خبر وإما إنشاء، فإن كان خبرا فخبره غير مقبول، وإن كان إنشاء فهو كعقوده وهي باطلة.
والثاني (أي القول الضعيف): يصح إسلامه حتى يرث من قريبه المسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم دعا عليا رضي الله تعالى عنه إلى الإسلام قبل بلوغه فأجابه؛ ولأنه لا يلزم من كونه غير مكلف به أنه لا يصح منه كالصلاة والصوم وسائر العبادات. قال المرعشي وهو الذي أعرفه في مذهب الشافعي.
وأجاب الأول عن قصة علي رضي الله تعالى عنه بأنه كان بالغا عند إسلامه كما نقله القاضي أبو الطيب عن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه فعلى تقدير ثبوته فلا كلام، وعلى عدم تقديره فقد ذكر البيهقي في المعرفة أن الأحكام إنما صارت معلقة بالبلوغ بعد الهجرة. قال السبكي وهو صحيح؛ لأن الأحكام إنما أنيطت بخمسة عشر عام الخندق، فقد تكون منوطة قبل ذلك بسن التمييز والقياس على الصلاة ونحوها لا يصح؛ لأن الإسلام لا يتنفل به …… أهـ
قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج:
((ويحكم باسلام الصبي بجهتين …. : إحداهما الولادة، فإذا كان أحد أبويه مسلما وقت العلوق فهو مسلم، فإن بلغ ووصف كفراً فمرتد، ولو علق بين كافرين ثم أسلم أحدهما حكم بإسلامه …. الخ))
يقول النووي رحمه الله في باب قتل المرتد:
إذا ثبت هذا فإن الردة إنما تصح من كل بالغ عاقل مختار، فأما الصبى والمجنون فلا تصح ردتهما. وقال أبو حنيفة تصح ردة الصبى ولكن لا يقتل حتى يبلغ. ومرد هذا الخلاف إلى صحة إسلام الصبى ….
وكنت نقلت نقولات مطولة لابن قدامة والنووي لكن ارسل لي صاحبي طارق أبي تيسير النقولات بشكل أفضل وستأتي إن شاء الله آخر البحث
——
*قال أحد الباحثين عن حديث عرض الإسلام على الغلام اليهودي:*
فهذا الحديث لا يدل على أن غير البالغ مكلف بالأحكام الشرعية حتى يكون هذا الحديث مشكلاً، ويحكم بتعارضه مع حديث رفع القلم المذكور قريباً، وعلى فرض أن هذا الحديث مشكل؛ فإن العلماء قد تكلموا عنه وبينوا المخرج من هذا الإشكال، ومن ذلك:
(1) أن الصبي إذا كان يعقل ويفهم فهماً مستقيماً فإنه يكون مكلفاً، قال ابن حجر وفي قوله “أنقذه من النار” دلالة على أنه صح إسلامه، وعلى أن الصبي إذا عقل الكفر ومات عليه أنه يعذب (فتح الباري 3/ 284). وهذا التوجيه موافق لمن قال: إن الصبي المميز يكون مكلفاً ولو لم يبلغ؛ لأنه يفهم الخطاب ويرد الجواب، وهذا القول هو أحد الأقوال في مسألة تكليف الصبي المميز، وهي من المسائل الخلافية المشهورة في الأصول.
(2) أن أولاد المشركين يتبعون آباءهم في الآخرة فيكونون من أهل النار، وبناءً على هذا القول فإن هذا الغلام لو لم يسلم لكان من أهل النار، لا لأنه مكلف؛ بل لأنه يهودي تبعاً لأبيه اليهودي، ومن مات وهو يهودي بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو من أهل النار، ومسألة مصير أولاد المشركين من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم على أقوال عديدة ذكرها ابن حجر في فتح الباري (3/ 314 – 316).
(3) أن الغلام المذكور في الحديث قد بلغ فيكون مكلفاً؛ لأنه ليس في الحديث ما يدل على عدم بلوغه، قال شيخنا عبد العزيز بن باز تعقيباً على ما ذهب إليه ابن حجر في توجيه حديث الغلام المذكور قريباً ما نصه: في هذه الفائدة نظر؛ لأنه ليس في الحديث المذكور دلالة صريحة على أن الغلام المذكور لم يبلغ، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “رفع القلم عن ثلاثة … وذكر منهم: الصغير حتى يبلغ” (سبق تخريجه) والله أعلم.
وهذا التوجيه للحديث هو الأقرب لموافقته الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على أن الصغير الذي لم يبلغ غير مكلف، وليس في حديث الغلام ما يخالف ذلك؛ لأن لفظ الغلام ليس محصوراً في الدلالة على الصغير الذي لم يبلغ، بل له معانٍ متعددة، ومنها: الخادم، فإن الغلام يطلق على الخادم، والغلام المذكور في الحديث كان يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في رواية البخاري المتقدمة، وكما في رواية أحمد (12381) لهذا الحديث، ومحل الشاهد منها قوله: “كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم-، يضع له وضوءه، ويناوله نعليه”، وبناءً على هذا يكون معنى الغلام في الحديث: الخادم وبهذا يزول الإشكال، والحمد لله رب العالمين.
—————————–
*قال الصنعاني -رحمه الله- في سبل السلام (باختصار):*
وعن عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – «رفع القلم» أي ليس يجري أصالةً لا أنه رفع بعد وضع والمراد برفع القلم عدم المؤاخذة لا قلم الثواب، فلا ينافيه صحة إسلام الصبي المميز كما ثبت في «غلام اليهودي الذي كان يخدم النبي – صلى الله عليه وسلم – فعرض عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – الإسلام فأسلم، فقال الحمد لله الذي أنقذه من النار» وكذلك ثبت أن «امرأةً رفعت إليه – صلى الله عليه وسلم – صبيًا، فقالت ألهذا حج؟ فقال: نعم ولك أجر» ونحو هذا كثير في الأحاديث.
(عن «ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل، أو يفيق». رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان).
الحديث فيه كلام كثير لأئمة الحديث. وفيه دليل على أن الثلاثة لا يتعلق بهم تكليف، وهو في النائم المستغرق إجماع والصغير الذي لا تمييز له.
وفيه خلاف إذا عقل وميز والحديث جعل غاية رفع القلم عنه إلى أن يكبر فقيل: إلى أن يطيق الصيام ويحصي الصلاة، وهذا لأحمد وقيل: إذا بلغ اثنتي عشرة سنةً وقيل: إذا ناهز الاحتلام وقيل: إذا بلغ والبلوغ يكون بالاحتلام في حق الذكر مع إنزال المني إجماعًا …. وفي الكل خلاف معروف.
*وللفائدة أنقل مسألة تتعلق بالبحث من كتاب “المهذب في علم أصول الفقه المقارن”:*
المسألة الرابعة: الصبي المميز هل هو مكلَّف؟
الصبي المميز هو: من تجاوز سن السابعة من عمره – وقيل: هو من تجاوز سن السادسة – وهو يدرك حقائق الأمور ويميز بين الأفعال
والأقوال، والجيد والرديء، والحق والباطل. فهو في هذه الحالة قد توفر فيه العقل، وفهم خطاب الشارع فهل هو مكلَّف؟
اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أنه غير مكلف مطلقا. وهو قول جمهور العلماء، وهو الحق عندي؛ لأن كون الصبي
المميز عاقلاً يفهم الخطاب ويميز بين حقائق الأمور جعل تكليفه ممكن، لكن الشارع وضع وحط عنه التكليف؛ رفعا للحرج؟
حيث إن العقل والفهم يتزايدان تزايداً غير واضح، فلا يعلم هو بنفسه ولا غيره ذلك التزايد، فلا يمكن الوقوف على أول وقت فهم فيه خطاب الشارع، وأول وقت عرف حقيقة المرسل – بكسر السين – والمرسَل – بفتح السين -، والغرض من إرسال الرسل، فنظراً لعدم معرفة ذلك بالتحديد، جعل الشارع وقتاً محدداً للتكليف، ألا وهو: البلوغ، فهو علامة واضحة جلية لظهور العقل وفهم الخطاب
على الغالب، لقوله – صلى الله عليه وسلم -: “رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ … “.
والبلوغ يكون إما باستكمال خمس عشرة سنة، أو بالاحتلام، أو بإنبات شعر من قبل، وتزيد الأنثى بخروج الحيض.
فوضع الشارع ضابطاً يضبط الحد الذي تتكامل فيه بنيته وعقله وهو ” البلوغ “، ولهذا فإن أكثر الأحكام تتعلق به.
قال بعض العلماء: كأن الشارع لم يلزم الصبي قضايا التكليف؟ لأمرين:
أولهما: أن الصبي مظنة الغباوة، وضعف العقل، فلا يستقل بأعباء التكليف.
ثانيهما: أنه عري عن البلية العظمى، وهي الشهوة.
المذهب الثاني: أن الصبي المميز مكلف مطلقاً. وهو رواية عن الإمام أحمد.
دليل هذا المذهب:
أن الصبي المميز عاقل، يفهم خطاب الشرع، مميز بين الأقوال والأفعال، ويميز بين الخير والشر، والجيد والرديء، والحق
والباطل، وما دام الأمر كذلك فما المانع من تكليفه، وقد توفر فيه الشروط التي تشترط في البالغ وهو العقل والفهم؛
جوابه:
يجاب عنه بأنا لا نعلم متى فهم وأدرك وعقل حتى يكلف بالتكاليف الشرعية ويطالب بها، وذلك لأن نمو العقل وتزايد الفهم
وتطوره خفي عنا، ويصعب علينا – إن لم يستحيل – الوقوف على الحدِّ الذي به يمكن أن نحكم عليه بأنه عاقل وفاهم للخطاب.
ثم إن الصبيان يختلفون باختلاف تنشئتهم، وبيئتهم، ومعاملتهم، ونحو ذلك، وقد يكون عقل وفهم هذا الصبي يختلف عن عقل
وفهم صبي آخر، مما يلزم منه اختلاف الحكم باختلاف الصبيان. فسداً لذلك ورفعا للحرج: بيَّن الشارع علامة لا نختلف عند
وجودها وهي: ” البلوغ “، فإذا بلغ الشخص كان مكلَّفا، أما قبل البلوغ فلا يمكن تكليفه.
المذهب الثالث: الفرق بين الصبي المميز البالغ عشر سنين وبين الصبي المميز غير البالغ عشر سنين.
فالبالغ عشر سنين يكلف بالصلاة، أما من هو أقل من ذلك فلا يكلف، ذهب إلى ذلك الإمام أحمد في رواية عنه، وابن سريج من
الشافعية.
دليل هذا المذهب:
قوله – صلى الله عليه وسلم -: “مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر”.
وجه الاستدلال: أن الصبي المميز مأمور بالصلاة ومعاقب على تركها، وهذا يدل على تكليفه، ولو لم يكن مكلَّفا لما ضُرِب على
تركها.
جوابه:
يجاب عنه: بأن الأمر بصلاة الصبي المميز والأمر بضربه ليس من جهة الشارع، وإنما هو من جهة الولي، والعبارة تدل على ذلك
حيث قال: ” مروا … وأضربوهم ” يعني: أيها الأولياء مروا أولادكم، واضربوهم … ، وقلنا ذلك لأن الصبي يفهم خطاب
الولي، ويخاف ضربه، فصار أهلاً لذلك، ولكنه لا يفهم خطاب الشارع أصلاً، ولا يفهم عقابه، فالصبي مأمور ومعاقب من قبل
الولي. ثم الأمر والضرب هنا: للتأديب والتهذيب.
—–
ذكر المذاهب وإن كان الأخوة جمعوا ووفوا:
بخصوص تحول المسلم الذي يولد لأبوين مسلميْن عن دين الإسلام عندما يبلغ: فهي مسألة مهمة، وينتظم البحث فيها من خلال النقاط الآتية:
1. أطفال المسلمين تبع لوالديهم المسلمين، ولذا فمن كان له أبوان مسلمان فله حكم الإسلام، فهو يرث ويورث، وإذا مات غسِّل ودفن وصليَ عليه ودُفن في مقابر المسلمين، وهو في الآخرة من أهل الجنة بإجماع أهل العلم.
قال النووي الشافعي – رحمه الله -: ” فمَن كان أبواه أو أحدهما مسلماً: استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا “. انتهى من ” شرح مسلم ” (16/ 208).
وقال ابن قدامة الحنبلي – رحمه الله -: ” الولد يتبع أبويه في الدّارين، فان اختلفا: وجب أن يتبع المسلم منهما كولد المسلم من الكتابية “. انتهى من ” المغني ” (10/ 91).
2. لا يُشترط لصحة إسلام الصبي البلوغ، بل يصح الإسلام من المميِّز، وهو قول الجمهور، خلافاً للشافعي وزُفَر – من الحنفية -.
قال ابن قدامة الحنبلي – رحمه الله -: ” الصبي يصح إسلامه في الجملة، وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق وابن أبي شيبة وأبو أيوب.
وقال الشافعي وزفر: لا يصح إسلامه حتى يبلغ “. انتهى من ” المغني ” (10/ 85) وفيه رد علمي موفَّق على المخالفين. وينظر أيضا: ” بدائع الصنائع “، للكاساني (7/ 104).
والصحيح قول الجمهور:
أ. لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ). رواه البخاري (1292) ومسلم (2658).
ب. إسلام سيدنا علي رضي الله عنه وغيره من الصحابة وهم صغار دون البلوغ.
ج. عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَاسِهِ فَقَالَ لَهُ (أَسْلِمْ) فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ). رواه البخاري (1290).
3. ردة الصبي المميز معتبرة عند الجمهور، سواء كان تابعاً لأبويه أو أنه أسلم بنفسه، خلافاً للشافعي وأبي يوسف لأنهما لا يريان انعقاد إسلامه أصلاً.
قال ابن قدامة – رحمه الله -: ” كلُّ مَن تلفظ بالإسلام أو أخبر عن نفسه به ثم أنكر معرفته بما قال: لم يُقبل إنكاره، وكان مرتدّاً، نص عليه أحمد في مواضع.
إذا ثبت هذا: فإنه – أي: الصبي – إذا ارتد: صحَّت ردته، وبهذا قال أبو حنيفة، وهو الظاهر من مذهب مالك.
وعند الشافعي: لا يصح إسلامه ولا ردته، وقد روي عن أحمد أنه يصح إسلامه ولا تصح ردته “. انتهى من ” المغني ” (10/ 88).
وقال ابن عابدين الحنفي – رحمه الله -: ” قوله (وإذا ارتد صبي عاقل صح) سواء كان إسلامه بنفسه أو تبعاً لأبويه ثم ارتد قبل البلوغ، فتحرم عليه امرأته ولا يبقى وارثاً، ولكن لا يُقتل؛ لأن القتل عقوبة، وهو ليس من أهلها في الدنيا “. انتهى من ” حاشية ابن عابدين ” (4/ 257).
والراجح – والله أعلم – أن الصبي المميز يصح إسلامه ولا تصح ردته.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: ” والبالغ ضد الصغير، فإنه إذا ارتد وهو صغير: فإن ظاهر كلام المؤلف – أي: الحجاوي – أنه لا يكفر؛ لأنه غير مكلف، وقد رفع عنه القلم، فلو أنه أشرك بأن سجد لصنم، أو ما أشبه ذلك: فإننا لا نكفره، كما أنه لو ترك الصلاة لا يكفر، وعلى هذا: فلا تصح ردة غير البالغ، وهذا ظاهر كلام المؤلف، وهو الصحيح.
ولكن المذهب: أن ردة الصغير المميز معتبرة، ولكنه لا يُدعَى إلى الإسلام إلا بعد بلوغه، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وهناك قول ثالث في مسألة الصغير: أن ردته معتبرة، ويُدْعَى إلى الإسلام، فإن تاب وإلا قتل.
فالأقوال إذاً ثلاثة، ولكن القول الصحيح: أن ردته غير معتبرة؛ لعموم الأدلة الدالة على رفع الجناح عن الصغير “. انتهى من ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” (14/ 445، 446).
4. والقائلون بوقوع الردة هذه لا يقولون بقتله وهو صبي إلا في قول شاذ أنه يُستتاب فإن تاب وإلا قُتل.
قال ابن قدامة – رحمه الله -: ” الصبي لا يُقتل، سواء قلنا بصحة ردته أو لم نقل؛ لأن الغلام لا يجب عليه عقوبة، بدليل أنه لا يتعلق به حكم الزنا والسرقة في سائر الحدود، ولا يقتل قصاصاً “. انتهى من ” المغني ” (10/ 62).
وفي ” الموسوعة الفقهية ” (22/ 181): ” ذهب القائلون بوقوع ردة الصبي إلى أنه لا يُقتل قبل بلوغه “. انتهى.
وأما بخصوص القول الشاذ بقتل الصبي المميز المرتد فقد قال المرداوي الحنبلي رحمه الله: ” وقال في ” الروضة “: تصح ردة مميز، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل، وتجري عليه أحكام البُلَّغ، وغير المميز ينتظر بلوغه، فإن بلغ مرتداً: قُتل بعد الاستتابة.
وقيل: لا يقتل حتى يبلغ مكلفاً. انتهى من ” الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ” (10/ 249).
5. وعند الحنفية: يُنتظر بلوغه ليجبر على الإسلام بالضرب والتهديد.
وعند الحنابلة: ينتظر بلوغه ليستتاب، فإن تاب وإلا قُتل.
قال ابن عابدين الحنفي – رحمه الله -: ” قوله (ويجبر عليه بالضرب) أي: والحبس.
قلت: والظاهر: أن هذا بعد بلوغه؛ لما مرَّ أنَّ الصبي ليس من أهل العقوبة، ولما في ” كافي الحاكم “: وإن ارتد الغلام المراهق عن الإسلام: لم يُقتل، فإن أدرك كافراً: حُبس ولم يقتل “. انتهى من ” حاشية ابن عابدين ” (4/ 257).
وقال أبو عبد الله الزركشي الحنبلي – رحمه الله -: ” إذا أقام – أي: الصبي – على رجوعه – أي: عن الإسلام -: فإنه يصير مرتداً، لكن لا يُقتل حتى يبلغ؛ لأن القتل عقوبة متأكدة فلا تجب على الصبي كالحد، وحذاراً من قتله بأمرٍ محتمل “. انتهى من ” شرح الزركشي على مختصر الخِرَقي ” (3/ 93).
وقال أبو الحسن المرداوي الحنبلي – رحمه الله -: ” قوله ” ولا يُقتل حتى يبلغ ويجاوز ثلاثة أيام من وقت بلوغه “: وهذا المذهب، وعليه عامة الأصحاب، وقطع به أكثرهم ” انتهى من ” الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ” (10/ 249).
وفي ” الموسوعة الفقهية ” (13/ 229): ” ذهب الحنفية والحنابلة إلى صحة تكفير الصبي المميز إذا صدر منه ما هو مكفِّر.
ويُفهم من كلام المالكية تقييده بالصبي المميز المراهق فقط … .
مع اتفاقهم على أنه لا يُقتل بل يُجبر على الإسلام بالضرب والتهديد والحبس.
وعند الحنابلة: يُنتظر إلى ما بعد البلوغ والاستتابة، فإن أصر قتل؛ لحديث (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر) “. انتهى.
6. إذا بلغ الصبي فأقر بالإسلام أو استمر مسلماً حكماً، ثم ارتد: فهو مرتد بالإجماع.
قال الكاساني – رحمه الله -: ” لو أقر بالإسلام ثم ارتد يقتل لوجود الردة منه بوجود دليلها وهو الإقرار.”. انتهى من ” بدائع الصنائع ” (7/ 135).
7. إذا بلغ الصبي مرتداً ولم يُسمع منه الإقرار بالإسلام: يكون مرتداً عند الحنابلة، فيستتاب وإلا قتل.
قال ابن قدامة – رحمه الله -: ” فإذا بلغ فثبت على ردَّته: ثبت حكم الردة حينئذ، فيستتاب ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتل، سواء قلنا إنه كان مرتداً قبل بلوغه أو لم نقل، وسواء كان مسلماً أصليّاً فارتد أو كان كافراً فأسلم صبيّاً ثم ارتد “. انتهى من ” المغني ” (10/ 62).
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: ” ولكن ما هو الأصل في الإنسان أهو الكفر أو الإسلام؟.
الجواب: إذا كان أبواه مسلميْن أو أحدهما: فهو مسلم، فإن اختار غير الإسلام: فهو مرتد “. انتهى من ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” (14/ 452).
وقال – رحمه الله – أيضاً -: ” المذهب – أي: الحنبلي -: أن ردة الصغير المميز معتبرة، ولكنه لا يُدعَى إلى الإسلام إلا بعد بلوغه، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل “. انتهى من ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” (14/ 446).
ولا يكون مرتداً عند الحنفية والشافعية، وعليه: فلا يقتل، لكنه يُجبر على الإسلام بالحبس والضرب عند الحنفية، ويُجتهد عليه عند الشافعي.
قال الشافعي – رحمه الله -: ” فمن أقر بالإيمان قبل البلوغ، وإن كان عاقلاً، ثم ارتد قبل البلوغ أو بعده، ثم لم يتب بعد البلوغ: فلا يقتل؛ لأن إيمانه لم يكن وهو بالغ، ويؤمر بالإيمان، ويجهد عليه بلا قتل إن لم يفعله “. انتهى من ” الأم ” (6/ 649).
وقال الكاساني – رحمه الله -: ” صبي أبواه مسلمان حتى حُكم بإسلامه تبعاً لأبويه فبلغ كافراً ولم يُسمع منه إقرار باللسان بعد البلوغ: لا يقتل؛ لانعدام الردة منه؛ إذ هي اسم للتكذيب بعد سابقة التصديق، ولم يوجد منه التصديق بعد البلوغ أصلاً لانعدام دليله، وهو الإقرار … .
فلم يكن الموجود منه حقيقة، فلا يقتل، ولكنه يحبس؛ لأنه كان له حكم الإسلام قبل البلوغ “. انتهى من ” بدائع الصنائع ” (7/ 135).
وقال ابن قدامة المقدسي – رحمه الله -: ” وقال أصحاب الرأي: إذا أسلم أبواه أو أحدهما وأدرك فأبى الإسلام: أُجبر عليه ولم يقتل “. انتهى من ” المغني ” (10/ 91).
وينبغي تقييد كلام الحنفية والشافعي بأن الصبي عند بلوغه لم يستمر على الإسلام لا بإقرار ولا بقيام بشعائره؛ لأن مثل هذا لو وقعت منه الردة بعد ذلك كان مرتدّاً، وإنما يريدون بقولهم ذاك أن الصبي عند بلوغه كان على غير الإسلام لا إقراراً ولا عملاً.
رابعاً:
بما أن عين المسألة فيها خلاف بين العلماء فإن مرجع المسألة هو القضاء، وبحسب ما يرى القاضي الشرعي فإنه يحكم به على من بلغ مرتداً.
وبكل حال فلا ينبغي أن ننشغل بأمر مختلف فيه – وهو هل كونه يستتاب أم لا – ونغفل عما هو متفق عليه وهو أنه كافر مصيره نار جهنم خالداً فيها أبداً، فمن العجيب ما نراه من المدافعين عن كون مثل هذا الشخص غير مرتد، وأنه لا ينبغي إكراهه على الإسلام، وأنه لا يدخل في جملة المرتدين، وكأن هؤلاء القائلين يريدون رحمته والرأفة به، وما علموا أنهم يضرونه بذلك، وأنَّ من قال بعدم تطبيق حد الردة عليه لم يتركه هملاً، بل منهم من قال بوجوب بذل الجهد عليه حتى يُسلم، وآخرون قالوا يحبس ويهدد ويضرب حتى يُسلم، ومنهم قال إنه يستتاب فإن تاب وإلا قُتل ردة؛ وهذا العقاب، وإن كان ظاهره الشدة والغلظة عليه؛ فباطنه الرحمة والشفقة الحقيقية به؛ لأنه هو الذي ينقذه من الموت على الكفر والذي إن مات عليه استحق الخلود في نار جهنم.
والعجيب أن الوصول إلى الإسلام يستغرق من أناس جل حياتهم ويبذلون في ذلك الغالي والنفيس، ومثل هذا الإنسان يُنعم الله تعالى بنعمة جليلة وهي أنه يجعله مولوداً لأبوين مسلميْن ثم هو يكفر بهذه النعمة بل ويكفر بمنعمها! ويختار بشراً ليعبده، أو حجراً ليقدسه، أو حيواناً ليعظمه، وما بمثل هذا تقابل أدنى النعم فكيف بأعلاها وأجلِّها؟!