118 الفوائد المنتقاه من شرح مختصر صحيح مسلم
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
(ألقاه الأخ: سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة.
مشاركة مجموعة
1 – ابراهيم علي البلوشي
2 – احمد عبدالعزيز البلوشي
ومجموعة أبي تيسير طارق
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
——————-
باب فضائل إبراهيم عليه الصلاة والسلام
الحديث الأول:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا خير البرية قال ذلك إبراهيم عليه السلام
الشرح:
قوله: (يا خير البرية) بتشديد الياء ويجوز تسكينها وهمز بعدها ومعناها الخليقة. قال في النهاية: البرية الخلق تقول براه الله يبروه بروا أي خلقه ويجمع على البرايا والبريات من البرى التراب هذا إذا لم يهمز ومن ذهب إلى أن أصله الهمز أخذه من برأ الله الخلق يبرؤهم أي خلقهم ثم ترك فيها الهمز تخفيفا ولم تستعمل مهموزة انتهى
قال ابن كثير في البداية والنهاية بعد أن أورد النصوص التي فيها إثبات الخلة لإبراهيم عليه الصلاة والسلام:
وقد ذكره الله تعالى في القرآن كثيرا في غير ما موضع بالثناء عليه والمدح له فقيل إنه مذكور في خمسة وثلاثين موضعا منها خمسة عشر في البقرة وحدها وهو أحد أولي العزم الخمسة المنصوص على أسمائهم تخصيصا من بين سائر الأنبياء في آيتي الأحزاب والشورى وهما قوله تعالى (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) [الاحزاب: 7] وقوله (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه) [الشورى: 13] الآية.
ثم هو أشرف أولي العزم بعد محمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسندا ظهره بالبيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.
وما وقع في حديث شريك ابن أبي نمير عن أنس في حديث الاسراء من أن ابراهيم في السادسة وموسى في السابعة فمما انتقد على شريك في هذا الحديث والصحيح الاول.
وقال أحمد: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا أبو سملة، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم خليل الرحمن “.
تفرد به أحمد.
ثم مما يدل على أن إبراهيم أفضل من موسى الحديث الذي قال فيه: ” وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم ” رواه مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.
وهذا هو المقام المحمود الذي أخبر عنه صلوات الله وسلامه عليه
قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء إنما قال صلى الله عليه وسلم هذا تواضعا واحتراما لإبراهيم عليه السلام لخلته وأبوته وإلا فنبينا صلى الله عليه وسلم أفضل كما قال صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم ولم يقصد به الافتخار ولا التطاول على من تقدمه بل قاله بيانا لما أمر ببيانه وتبليغه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ” ولا فخر “. لينفي ما قد يتطرق إلى بعض الأفهام السخيفة، وقيل يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قال: ” إبراهيم خير البرية ” قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم انتهى.
قال ابن تيمية:
إِبْرَاهِيمُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَوْلُهُ: ” ذَاكَ إبْرَاهِيمُ ” تَوَاضُعٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ … ) مجموع فتاوى ابن تيمية – (ج 4 / ص 23)
قال السيوطى عند شرحه للحديث:
قيل إِنَّه قَالَه على سَبِيل التَّوَاضُع
وقيل قبل أَن يعلم أَنه سيد ولد آدم
والْحَدِيث دَلِيل على أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أفضل الْأَنْبِيَاء بعد نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قال العباد: وقد اجتمع في نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ما تفرق في غيره، فهو خليل الرحمن، وكليم الرحمن، وإبراهيم خليل الرحمن، وموسى كليم الرحمن. قوله: (ذاك إبراهيم).
تنبيه: جمع أصحاب نضرة النعيم فصل في التواضع وذكروا هذا الحديث وذكروا ثلاثة وأربعين حديثا منها سبعة أحاديث باللفظ والباقي بالمعنى.
تنبيه: ورد في شعر لحسان أن أبا بكر خير البرية بعد النبي صلى الله عليه وسلم وانكره أبوحاتم في العلل 2657
– هناك قصيدة لشيخ الإسلام ابن تيمية رد فيها على رجل ذمي يعترض على قدر الله ويدعي الحيرة في كون رب العزة خلقه كافرا ثم يعذبه فرد عليه ابن تيمية بنفس الوزن إرتجالا وقرر فيها أن محمداً صلى الله عليه خير البرية
فمما ذكر فيها:
بملة إبراهيم ذاك إمامنا **ودين رسول الله خير البرية
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في عدة مواضع من كتبه
-قال ابن كثير في البداية والنهاية (1/ 278):
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تخيروني من بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزى بصعقة الطور”؟.
لفظ البخاري. وفي أوله قصة اليهودي الذي لطم وجه الأنصاري حين قال: لا والذي اصطفى موسى على البشر. فقال رسول الله: “لا تخيروني من بين الأنبياء”.
وفي الصحيحين من طريق الزهري عن أبي سلمة وعبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. وفيه: “لا تخيروني على موسى” وذكر تمامه.
وهذا من باب الهضم والتواضع، أو نهيٌ عن التفضيل بين الأنبياء على وجه الغضب والعصبية، أو ليس هذا إليكم بل الله هو الذي رفع بعضهم فوق بعض درجات، وليس ينال هذا بمجرد الرأي، بل بالتوقيف.
ومن قال إن هذا قاله قبل أن يعلم أنه أفضل، ثم نسخ بإطلاعه على أفضليته عليهم كلهم، ففي قوله نظر؛ لأن هذا من رواية أبي سعيد وأبي هريرة، وما هاجر أبو هريرة إلا عام حُنين متأخراً، فيبعد أنه لم يعلم بهذا إلا بعد هذا. والله أعلم.
ولا شك أنه صلوات الله وسلامه عليه، أفضل البشر بل الخليقة، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}. وما كملوا إلا بشرف نبيهم. اهـ
* قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (15/ 413):
قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ” أنا سيد ولد آدم يوم القيامة. وأول من ينشق عنه القبر. وأول شافع وأول مشفع”.
وهذا الحديث دليل لتفضيله، صلى الله عليه وآله وسلم، على الخلق كلهم، لأن مذهب أهل السنة أن الآدميين أفضل من الملائكة، وهو أفضل الآدميين وغيرهم. اهـ
يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (والذي نعتقده: أن رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق). الدرر السنية 1/ 230
وهذه الجملة تنفع طالب العلم في الرد على المفترين على الدعوة للتوحيد بأن أهلها يضعون من قدر النبي عليه الصلاة والسلام.
– لا يعارض تواضعه صلى الله عليه وسلم مع قوله صلى الله عليه وسلم (أنا النبي لا كذب … انا ابن عبدالمطلب) وحديث (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر)
الجمع بين هذه النصوص بأحد الأوجه التالية:
الوجه الأول: أن الذي ورد ذمه في النصوص هوما كان على سبيل التفاخر، والتنقص للآخرين، وهذا ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلم، وعليه فإذا خلا الإخبار من هذا السبب فلا حرج فيه، قال شيخ الإسلام – في المنهاج 7/ 256 – : “إن التفضيل إذا كان على وجه الغض من المفضول في النقص له نهي عن ذلك، كما نهى عن تفضيله على موسى، وكما قال لمن قال: يا خير البرية، قال: “ذاك إبراهيم”، وصح قوله: “أنا سيد ولد آدم، ولا فخر آدم” انتهى، وسيأتي مزيد إيضاح لذلك في كلام ابن القيم بعد قليل.
الوجه الثاني: أن قوله صلى الله عليه وسلم: “أنا النبي لا كذب” كان في غزوة حنين، وفي مقام حرب، وهو مقام يحتاج إلى إظهار القوة البدنية والقلبية، ومن ذلك الفخر على العدو – وهو جائز حينها – وعلى هذا توجه كلمة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام، وينظر في هذا منهاج السنة 8/ 77 – 78 للإمام ابن تيمية ففيه بحث لطيف.
قال الإمام الألباني رحمه الله:
وظاهر الحديث يدل على أمرين:
أحدهما: أن إبراهيم عليه السلام خير الخلق مطلقاً بما فيهم الملائكة.
والآخر: أنه أفضل من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأجاب العلماء عن هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك تواضعاً وهضماً لنفسه، أو أنه قال ذلك قبل أن يوحى إليه بأن الله تعالى اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وأنه سيد الناس يوم القيامة، آدم فمن دونه تحت لوائه، كما جاء في الأحاديث الصحيحة
وأما الأمر الأول؛ فأرى- والله أعلم- أن قوله: “خير البرية” من حيث إنه لا يشمل الملائكة، كقوله تعالى في سورة (البينة): {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية} بعد قوله: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية}، وأن المراد بـ (خير البرية) و (شر البرية)؛ إنما هم غير الملائكة- كما يشعر بذلك السياق-
فإن الملائكة {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}. وقد ذكر القرطبي أنه قد استدل بقوله تعالى: (خير البرية) مَنْ فَضَّل بني آدم على الملائكة، ….. ومنهم من قال بأن الملائكة أفضل، بالحديث عند البخاري: “يقول الله تعالى: من ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم ”
وقال بعض العلماء: “ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة، ولا القطع بأن الملائكة خير منهم, لأن طريق ذلك خبر الله تعالى، وخبر رسوله، أو إجماع الأمة، وليس ههنا شيء من ذلك “.
للتوسع شرح العقيدة الطحاوية” لابن أبي العز الحنفي و فتح الباري.
خلاصة كلام الالباني: كأنه والله اعلم يرجح القول بأن الملائكة أفضل لحديث البخاري (ذكرته في ملأ خير من ملئه … ) وحديث (نحن سكان سماواتك، وخيرتك من خلقك) الصحيحة 2559
((راجع جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة))
===========
الحديث الثاني:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ»
– – – – – – –
الختان) لغة ماخوذ من ختن الولد أي قطع غرلته (القاموس المحيط)
هو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة (مرعاة المفاتيح لمحمد عبدالسلام المباركفوري شرح مشكاة المصابيح)
تباينتْ مذاهبُ العلماء في ذلك، ولعلّ مردَّه راجعٌ إلى الاختلاف الوارد في رواية لفظة (القَدُوم) في حديث أبي هريرة خاصّة، فهو أسُّ الخلاف، إضافة إلى آراء علماء اللّغة في ضبط هذه الكلمة (القَدُوم)، وما تدلُّ عليه في أصل الوَضْع.
ولنذكرْ أوّلا الرِّوايات الواردة فيه، ثمّ لِنُتبعها بآراء علماء الشّريعة واللّغة؛ فذلك قَمِنٌ بأن يهدي طالب الحقّ إلى معرفة الصّواب.
الرّوايات:
1) … صحيح البخاريّ: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: ” اِختتنَ إبراهيمُ عليه السّلام وهو ابنُ ثمانين سنةً بالقَدُّوم ” بتشديد الدّال
2) … صحيح البخاريّ عن أبي هريرة [رضي الله عنه] أنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ” اختتنَ إبراهيمُ عليه السّلام بعد ثمانين سنة، واختتنَ بالقَدُوم ” مخفّفة
3) … صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللّه عليه وسلّم: ” اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ
4) … وعند أحمد عدة روايات صححها محققو المسند كلها بالتخفيف.
فمن هذه الرّوايات يُعلم أنّ رواية التّشديد لم ترد إلاّ في موضع واحد رواه البخاريّ في صحيحه.
ــ وحكى البكريّ عن محمّد بن جعفر اللّغويّ: أنّ المكان مُشدّد لا يدخله الألف واللاّم، ومَن رواه في حديث إبراهيم بالتّخفيف فإنّما عنى الآلَة، وقال القرطبيّ: الّذي عليه أكثر الروّاة بالتّخفيف يعني به الآلة، وهو قول أكثر أهل اللّغة. وقال الجوهريّ [10]: القَدُوم الّذي يُنْحَتُ به مُخَفَّف، ولا تقول قَدُّوم بالتَّشديد (عمدة القاريّ)
ـ العدنانيّ، قال في معجم الأغلاط اللّغويّة المعاصرة (ص540 – 541 رقم 1544): (وأنا أرى أنّ الحديث يعني بالقَدُوم آلَةَ النَّجْرِ، لأنّه قالَ (بالقَدُومِ) عانيًا الآلةَ، ولو أراد المكانَ لقالَ في القَدُومِ، وأنكر ابن شميل معرفته بقرية بالشّام اسمها قَدُوم. ولكنّ معجم البلدان قال إنّ هنالك قرية بالشّام اسمها قَدُوم (دون ألف ولام)، خَتَنَ بها إبراهيمُ الخليل عليه السّلام نفسَه، وربّما كانت القرية الفلسطينيّة كَفْر قَدُّوم هي المقصودة).
حديث موضوع (اختتنَ إبراهيمُ وهو ابنُ عشرين ومائة سنة، ثمّ عاش بعد ذلك ثمانين سنة) الضّعيفة 2112
مشكل:
نقل القرطبي الإجماع أن إبراهيم أول من اختتن بل تأخر اختتانه حتى بلغ الثمانين
مع ما ثبت أن الاختتان من سنن الفطرة
إن الفطرة وإن كانت موجودة في من كان قبلنا الا انا الله لم يأمر بها ولم يكلف بها من كان قبل إبراهيم فما كان الجواب عن من كان قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام فهو الجواب عن الثمانين سنه التي قضاها إبراهيم قبل ان يختتنا
والدليل ان هذه الخصلة كانت من الخصال التي ابتلي بها ابراهيم فهذا يدل على انها وان كانت من مقتضيات الفطرة لكن التكليف بها لم يشرع قبل بلوغ ابراهيم الثمانين. انتهى كلامه
قال المهلب: ليس اختتان إبراهيم عليه السلام بعد ثمانين مما يوجب علينا مثل فعله إذ عامة من يموت من الناس لا يبلغ الثمانين وانما اختتن وقت اوحى الله إليه بذلك وأمره به قال والنظر يقتضي انه لا ينبغي الاختتان الا قرب وقت الحاجة إليه لاستعمال العضو في الجماع كما وقع لابن عباس حيث قال كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك ثم قال والاختتان في الصغر لتسهيل الأمر على الصغير لضعف عضوه وقلة فهمه قلت يستدل بقصة إبراهيم عليه السلام لمشروعية الختان حتى لو أخر لمانع حتى بلغ السن المذكور لم يسقط طلبه والى ذلك أشار البخاري بالترجمة وليس المراد ان الختان يشرع تأخيره إلى الكبر حتى يحتاج إلى الاعتذار عنه واما التعليل الذي ذكره من طريق النظر ففيه نظر فإن حكمة الختان لم تنحصر في تكميل ما يتعلق بالجماع بل ولما يخشى من انحباس بقية البول في الغرلة ولا سيما للمستجمر فلا يؤمن ان يسيل فينجس الثوب أو البدن فكانت المبادرة لقطعها عند بلوغ السن الذي يؤمر به الصبي بالصلاة أليق الأوقات وقد بينت الاختلاف في الوقت الذي يشرع فيه فيما مضى.
وقال المهلب: القدوم بالتخفيف الآلة كقول الشاعر على خطوب مثل نحت القدوم وبالتشديد الموضع، قال: وقد يتفق لإبراهيم عليه السلام الأمران يعني أنه اختتن بالآلة وفي الموضع.
قلت: وقد قدمت الراجح من ذلك هناك، وفي المتفق للجوزقي بسند صحيح عن عبد الرزاق قال: القدوم القرية.
فتح الباري
جواب سيف: نقلت بحث مطول في مشكل الحديث رقم 23 وأن للفطرة عدة معاني وان الإجماع الذي نقل عن ابن عبدالبر في أن أول من اختتن إبراهيم يحتمل أنه يعني
والإجماع الذي نسب للقرطبي لم أقف عليه، لكن الإشكال قائم في تأخر اختتان إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع دعوى أن الختان من النظافة، وكذلك يشكل ما ورد عند عبد الرزاق قال: نا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , عن ابن عباس , في قوله تعالى: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات قال: ” ابتلاه الله بالطهارة: خمس في الرأس , وخمس في الجسد , في الرأس: السواك , والاستنشاق , والمضمضة , وقص الشارب , وفرق الرأس , وفي الجسد خمسة: تقليم الأظفار , وحلق العانة , والختان , والاستنجاء من الغائط , والبول , ونتف الإبط ” *
وهناك تفاسير أخرى للابتلاء عن بعض التابعين فقيل المناسك وقيل غير ذلك وراجع لها تفسير ابن أبي حاتم والطبري لكن لا تعارض هذا التفسير خاصة أن ابن عباس كان ينهى عن الأخذ عن أهل الكتاب، وقال باحث إنه روى أكثر من ثلاثمئة اثر عن أهل الكتاب وقال: لعله نهى الجهال من الرواية أو نهى عن رواية السقيم أو …. فذكر توجيهات أخرى
ولعلنا يمكن أن نقول أن سنن الفطرة قبل إبراهيم كانت على الاستحباب ثم اوجبها رب العزة على ابراهيم فالتزم الوجوب على القول بوجوبها. أو التزم المسارعة والدوام على القول باستحبابها.
وكون إبراهيم تأخر سن اختتانه لا يعني عدم الاهتمام بالنظافة فمن لم يختتن أو تأخر في اختتانه يحتاج فقط مزيد تطهر مما قد يتجمع تحت جلدة القلفة.
——
فائدة:
قال باحث في بحث عن الختان:
الختان عبر التاريخ:
تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان، وفي إنجيل برنابا إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها.
وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق. م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان، كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [2200ق. م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها، وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي.
وأهتم اليهود بالختان واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية:” أختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم “.
أما في النصرانية فالأصل فيها الختان، وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد أختتن وأنه أمر أبتاعه بالختان، لكن النصارى لا يختتنون.
أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم.
وذكر القرطبي إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من أختتن.
فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” كان إبراهيم أول من اختتن، وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد”.انتهى النقل
===========
الحديث الثالث:
– عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: (رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي).
– – – – – – – – – – – –
قال العثيمين في شرحه لقوله عليه الصلاة والسلام: (نحن أحق بالشك من إبراهيم) يعني: أنه إذا كنا نحن لا نشك، فإبراهيم من باب أولى، هذا معنى الحديث، وليس معنى الحديث: أننا شاكون، وإبراهيم شاك، ونحن أحق بالشك منه، بل المعنى: لو كان إبراهيم شاكاً، فنحن من باب أولى.
فتاوى اللجنة الدائمة
المقصود بهذا الحديث: نفي الشك عن خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما ذكر العلامة ابن كثير وغيره من شُرَّاح الحديث، وتقدير المراد من الحديث هكذا: لو شك خليل الله إبراهيم لكنا أحق بالشك منه، لكنا لم نشك فإبراهيم أولى بعدم الشك منا. ويؤيد ذلك ما جاء في نفس الآية من جواب الخليل.
وأيضا قد أقره الله تعالى وصدقه في خبره عن نفسه بأنه مؤمن، ولكنه طلب زيادة إيمان واطمئنانًا، ولذلك استدل علماء التوحيد بالآية على تفاوت الإيمان، وأنه يزيد وينقص بزيادة الطاعة والأدلة، فالإيمان المستند إلى الأدلة الحسية والمشاهدة أقوى من الإيمان المبني على الأدلة السمعية والعقلية، وبذلك يتبين من نص الآية سؤالاً وجوابًا ومن تقدير المراد من الحديث أن إبراهيم عليه السلام لم يشك.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة ابن باز
قال الشيخ عبدالمحسن العباد:
إذاً: فالبعث ليس إعادة أجسام جديدة لم تكن موجودة في الدنيا، بل يعيد نفس الأجسام التي كانت في الدنيا، وقد جاء في القرآن والسنة أدلة تدل على هذا المعنى، وذلك في قصة إبراهيم التي ذكرها الله في القرآن، وذلك حينما طلب أن يريه الله كيف يحيي الموتى، قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَاتِينَكَ سَعْيًا [البقرة:260]، ومثل ذلك الحديث الذي ذكر فيه أن رجلاً من بني إسرائيل أوصى بنيه فقال: (إذا أنا مت فأحرقوني، ثم ذروا رمادي في البر والبحر، فلئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحد من العالمين … ) وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى أمر البحر بأن يخرج ما فيه، والبر أن يخرج ما فيه، حتى عادت كل ذرة من الذرات إلى مكانها وعاد الجسم كما كان، فهذا هو الخلق الثاني، فالله عز وجل يعيد الخلق الثاني كالخلق الأول، قال الله تعالى: كَمَا بَدَانَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ [الأنبياء:104].
شرح الأربعين النووية [5]- للشيخ: (عبد المحسن العباد)