1173 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند (ج2/ رقم 1173):
قال أبو داود رحمه الله : حدثنا موسى بن إسمعيل، حدثنا حماد عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر، فأومأ بيده أن مكانكم، ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة بإسناده ومعناه، وقال في أوله: فكبر.
وقال في آخره: فلما قضى الصلاة، قال: ((إنما أنا بشر وإني كنت جنبا)).
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، وحماد هو ابن سلمة.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
ذكر الإمام أبو داود رحمه الله في السنن، كتاب: الطهارة، ” 91 – باب: في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسٍ”، برقم (233).
والوادعي رحمه الله جعله في الجامع في:
“3-كتاب الطهارة”، “٥٧ – ماذا يعمل من دخل في الصلاة ثم علم أنه جنب؟”، برقم (٧٨٦).
و”4-كتاب: الصلاة”، “١٤٤ – إذا دخل الإمام في الصلاة ثم علم أنه جنبٌ”، برقم (١٠٣١).
و”14كتاب: الشمائل المحمدية”، “١١ – تطرأ عليه – ﷺ – الأعراض البشرية”، برقم (٢١٤٦).
وقال الشيخ الألباني في (صحيح سنن أبي داود، ط: غراس):
“(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والبيهقي. وقال النووي والعراقي: «إسناده صحيح»).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح». ولذلك قال النووي في «المجموع» (٤/ ٢٦١)، والعراقي في «تخريج الإحياء» (١/ ١٥٧):
«إسناده صحيح».
لكن أعله ابن التركماني بالانقطاع؛ فقال: (٢/ ٣٩٧):
«وفي كتاب»المتصل والمرسل والمقطوع«للبرديجي:
الذي صح للحسن سماعًا من الصحابة: أنس، وعبد الله بن مُغَفَّلٍ، وعبد الرحمن بن سَمُرة، وأحمر بن جَزْءٍ. فدل هذا على أن حديث الحسن عن أبي بكرة مرسل»!
قلت: وهذا خطأ؛ فإن الحسن -وهو البصري- قد سمع من غير هؤلاء المذكورين، وقد سرد أسماءهم الزيلعيُّ في «نصب الراية» (١/ ٩٠) نقلًا عن البزار في «مسنده»؛ وفيهم أبو بكرة هذا، وله في «مسند أحمد» أحاديث برواية الحسن عنه، صرح في بعضها بسماعه منه، فانظر (٥/ ٣٧ و٤١ – ٤٢ و٤٤ و٤٨ – ٥١)، وأحدها في «صحيح البخاري» (٢٧٠٤)؛ وقال عقيبه:
«قال لي علي بن عبد الله -يعني: ابن المديني-: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث».
قلت: وسيأتي هذا في «السنة» (١٣ – باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة)، ويأتي له آخر في «الأدب» (رقم …) وانظر «الصلاة» (رقم ٦٨٥).
فقد صح سماع الحسن من أبي بكرة؛ لكن هذا لا ينفي أن يكون روى عنه بالواسطة أيضًا؛ فإن بينهما في بعض الأحاديث: الأحنفَ بن قيس؛ كما في الحديث الآتي في «الفتن» (رقم …) [باب في النهي عن القتال في الفتنة].
وقد سبق أن ذكرنا عند الحديث رقم (١٣) أن الحسن البصري موصوف بالتدليس؛ فإذا عنعن في حديث؛ تُوُقِّفَ عن الاحتجاج به، حتى يتبين سماعه فيه، أو الواسطة الثقة.
ولما كان حديثه هنا قد رواه بالعنعنة؛ لم نستطع أن نحكم بصحة إسناده لذلك؛ وإن كان الحديث في نفسه صحيحًا؛ لطرقه وشواهده التي سنذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٣٩٧) مع الرواية الآتية بعده من طريق المؤلف؛ وحكم عليه بالصحة في كتاب «المعرفة»، كما قال ابن التركماني وغيره، وصححه ابن حبان (٢٧٢) بلفظ:
وكبَّر في صلاة الفجر …
وأخرجه أحمد (٥/ ٤١ و٤٥) من طريق أبي كامل وعفان قالا: ثنا حماد -زاد عفان- بن سلمة … به. ثم أخرجه عن شيخه يزيد -وهو ابن هارون-: نا حماد ابن سلمة … به.
وأخرجه المصنف عنه؛ وهو:
٢٢٨ – وفي رواية عنه … بإسناده ومعناه؛ وقال في أوله: فكبَّر … وهو رواية ابن حبان بلفظ: كبَّر في صلاة الفجر … وقال في آخره: فلما قضى الصلاة قال:
«إنما أنا بشر، وإني كنت جنبًا».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة … بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»، كالذي قبله، وقد سبق فيه الكلام بإيضاح. وقد قال الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٣٢٤):
«وصححه ابن حبان والبيهقي، واختلف في إرساله ووصله»!
قلت: إنما جاء مرسلًا من طرق أخرى غير هذه الطريق؛ فليس فيه اختلاف؛ بل إن تلك الطرق المرسلة تقويه وتشهد له؛ كما أشار إلى ذلك البيهقي فيما يأتي.
والحديث أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (١/ ١٧١ / ١) من طريق أخرى عن يزيد بن هارون … به.
وقد جاءت له شواهد:
الأول: عن أنس قال:
دخل رسول الله ﷺ في صلاته، فكبَّر وكبَّرنا معه، ثم أشار إلى القوم: كما أنتم؛ فلم نزل قيامًا حتى أتانا رسول الله ﷺ قد اغتسل ورأسه يقطر.
أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٤١٠٤ – بترقيمي)، والدارقطني (ص ١٣٨)، والبيهقي من طريق عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة عن أنس.
الشاهد الثاني: عن علي بن أبي طالب قال:
بينما نحن مع رسول الله ﷺ نصلي؛ إذ انصرف ونحن قيام، ثم أقبل ورأسه يقطر، فصلى لنا الصلاة ثم قال:
«إني ذكرت أني كنت جنبًا -حين قمت إلى الصلاة- لم أغتسل؛ فمن وجد منكم في بطنه رِزًّا، أو كان على مثل ما كنت عليه؛ فلينصرف حتى يفرغ من حاجته أو غسله، ثم يعود إلى صلاته».
أخرجه الإمام أحمد (١/ ٨٨ / رقم ٦٦٨ و٦٦٩)
الثالث: عن أبي هريرة:
أن النبي ﷺ خرج إلى الصلاة، فلما كبّر انصرف وأومأ إليهم؛ أي: كما أنتم، ثم خرج فاغتسل، ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم، فلما صلى قال:
«إني كنت جنبًا، فنسيت أن أغتسل».
أخرجه أحمد (٢/ ٤٤٨)، انتهى.
وتكلم الألباني على هذه الشواهد بالتفصيل فليراجع
وجاء في حاشية تخريج السنن ت: الأرنؤوط رحمه الله: .
وقد وقع في حديث أبي بكرة هذا أن الانصراف كان بعد التكبير، وكذا جاء فى حديث علي عند أحمد (٦٦٨)، وحديث أنس عند الطحاوي فى «شرح المشكل» (٦٢٤)، والدارقطني (١٣٦٢)، والبيهقي ٢/ ٣٩٩، وإسناد حديث علي ضعيف، وحديث أنس روي مرسلًا عند الدارقطني (١٣٦٣). وكذا سيأتي عند المصنف بإثر الحديث (٢٣٤) من مرسل سليمان بن يسار ومرسل الربيع بن محمَّد.
وجاء في حديث أبي هريرة الآتي برقم (٢٣٦) أن انصرافه – ﷺ – كان قبل التكبير، وهو في «الصحيحين».
وجمع الإمام الطحاوي بينهما، فحمل حديث أبي بكرة وشواهده على قرب الدخول في الصلاة لا على الدخول حقيقة، كما سُمِّى إسماعيل ذبيحًا ولم يذبح، وجعلهما ابن حبان والنووي حادثتين، ورجح الحافظ ابن حجر حديث أبي هريرة، وهو الصواب. وانظر «التمهيد» ١/ ١٧٣ – ١٩٠، و«الاستذكار» ٣/ ١٠١ – ١١٠.
وقال ابن قدامة فى «المغني» ٢/ ٥٠٤: إن الإمام إذا صلى بالجماعة محدثًا أو جنبًا غير عالم بحدثه، فلم يعلم هو ولا المأمومون حتّى فرغوا من الصلاة، فصلاتهم صحيحة وصلاة الإمام باطلة روي ذلك عن عمر وعثمان وعلى وابن عمر ﵃، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي وسليمان بن حرب وأبو ثور.=
=وعن علي أنه يُعيد ويعيدون، وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة وأصحابه، لأنه صلى بهم محدثًا، أشبه ما لو علم”.
وجاء في السند الثاني:
“رجاله ثقات، وفيه عنعنة الحسن البصري”.
الأول: شرح الحديث:
منهم من قال: يحتمل أن تكون قصتين وأن تكون واقعتين، وأن الذي في الصحيحين قصة، وأن الذي في هذا الحديث قصة أخرى، ومعنى هذا أن ذلك سائغ وهذا سائغ، ولكن الذي في الصحيحين لا شك أنه هو الواضح ولا إشكال فيه، وأما هذا ففيه إشكال، وإن صح أنه كبر بالفعل فهي قصة أخرى، أو أنه لم يكبر ولكنه كاد أن يكبر فتكون مطابقة للحديث الذي جاء في الصحيحين.
والذي يبدو أنه إذا أكمل الصلاة وهو جنب فإن صلاة المؤتمين صحيحة، وعليه أن يغتسل ويعيدها، وإذا ذكر في أثنائها فيقطعها ويعيد الصلاة من جديد، ويستأنف بهم الصلاة.
والأحاديث التي وردت في هذا فيها إشكال من ناحية الإسناد، وأما الحديث الذي في الصحيحين وأنه لم يدخل في الصلاة وإنما كاد أن يدخل، فتذكر واغتسل ورجع وصلى بهم، فيحتمل أن تكون القصة واحدة، وتكون رواية راجحة وأخرى مرجوحة، أو أن يكون المقصود أنه قارب أن يكبر ولكنه لم يكبر، فالاحتياط في ذلك أن الإنسان يقطع الصلاة ويستأنف الصلاة بهم.
(أنَّ رَسُولَ الله – ﷺ – دَخَلَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ) أي: أحرم بها وبيَّنَ البخاري في كتاب الصَلاة [من رواية صالح بن كيسان عن الزهري أن ذلك كان قبل أن يُكبِّر للصلاة فيحمل قوله هنا: دخل في الصلاة] أي: أرادَ أن يَدخل فيها.
(فَأوْمَأ) بِهَمز آخِره، أي: أشارَ (بِيَدِهِ) كذا رواية الإسماعيلي ورواية البخاري: فقال لنا. فتحْمل رواية البخاري على إطلاق الفعل على القَول ويحتمل أن يَكون جَمع بين الكلام والإشارَة.
(أنْ مَكانَكُمْ) مَنصُوب بفعل أمر محَذوف، هوَ وفاعله والتقدير الزمُوا مكانكم. زادَ البخاري وغَيره: ثم رَجَعَ فاغتسَل.
قال القرطبي: أمرهُ بذَلك يشعر بُسرعة رُجُوعهِ حتى لا يتفرقوا ولئلا يزايلوا ما كانوا شرعُوا فيه مِنَ القربَة، حَتى يفرغوا منها.
قال النوويّ -: وظاهر هذه الأحاديث أنه لَمّا اغتسل وخرج لم يجددوا إقامة الصلاة، وهذا محمول على قرب الزمان، فإن طال فلا بدّ من إعادة الإقامة، ويدلّ على قرب الزمان في هذا الحديث قوله -ﷺ -: «مكانكم»، وقوله: «خرج إلينا، ورأسه ينطف ماء». انتهى [«شرح النوويّ» ٥/ ٢٠٣].
قال الأتيوبي عفا اللَّه تعالى عنه: في قوله: «فإن طال، فلا بد من إعادة الإقامة» نظر؛ إذ لا دليل على ذلك، بل يردّه أنهم انتظروه طويلًا حين كان يناجي رجلًا بعد الإقامة للصلاة، ثم صلى، ولم تُعَدِ الإقامة. [البحر المحيط].
وهو ما أخرجه الشيخان عن أنس بن مالك قال: أقيمت الصلاة، والنبيّ -ﷺ- يناجي رجلًا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم.
وفيه: أن اغتسال الرجُل في بيته أفضَل.
[فإن قيل]:
إن حديث الباب يدلّ على أنهم انتظروه قيامًا، وحديث أبي قتادة – المذكور قبل هذا: «إذا أُقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت»، يدلّ على النهي عن انتظاره قيامًا، فكيف يوفق بينهما؟
فالجواب ما ذكره في الفتح، حيث قال: يجمع بينهما بأن حديث أبي هريرة وقع لبيان الجواز، وبأن صنيعهم هذا كان سبب النهي عنه في حديث أبي قتادة، وأنهم كانوا يقومون ساعة تقام الصلاة، ولو لم يخرج النبي -ﷺ-، فنهاهم عن ذلك لاحتمال أن يقع له شغل يبطىء فيه عن الخروج، فيشق عليهم انتظاره. انتهى خلاصة ما في الفتح بتصرف [جـ ٢ ص ٣٣٢] [ ذخيرة العقبى -الأتيوبي]
ئُمَّ خَرَج إلينا ([ثُمَّ جاء] ورَأْسُهُ يَقْطُرُ) أيْ: مِنَ ماء الغسْل، زادَ البخاري: فكبر.
(فَصَلّى بِهِمْ) فَصَلينا مَعَهُ كذا للبخاري، قيل يُؤخذ منهُ جَواز التَّخلُّل الكثير بَين الإقامة والدُخول في الصَّلاة.
قال السندي رحمه الله: وقوله: «فصلى بهم» كأنه أخذ منه أنه بنى على التحريمة الأولى إذ لو أتى بالتحريمة الجديدة لكان الظاهر أنه ذكر الراوي، إذ مقصود الرواة بيان الأحكام لا بيان القصص فعلم منه أن الجنب إذا صلى بالقوم ناسيًا يصح ما يصلى ولا يخفي ما في وجه الدلالة من الخفاء، إذ يمكن أن يعارض بمثله فيقال: لو بنى على تلك التحريمة لصرح الراوي بالبناء، وأيضًا يمكن أن يقال معنى صلى بهم: إنه صلى بهم تمام الصلاة ومن جملتها التحريمة، فقد تضمَّن لفظ الراوي تجديد التحريمة، والله تعالى أعلم.
وبالجملة الدلالة خفية ولا تصريح في شيء من الروايات التي ذكرها «المصنف» في الباب للبناء، إلا أنهم فهموا البناء فلذلك قال القرطبي: استشكل وقوع هذا العمل الكثير وانتظارهم له هذا الزمان الطويل بعد أن كبروا، قال: ولما رأى مالك هذا الحديث مخالفًا لأصل الصلاة، قال: إنه خاص بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ما روي عنه اهـ.
وقد يقال: لعلهم فهموا ذلك من الأمر بقيامهم مكانهم ولو لم يكونوا في الصلاة لما أمرهم بذلك، إذ لا فائدة فيه سوى التعب، وقد يعارض برواية أبي هريرة في الصحيحين وفيها «قبل أن يكبر»، وذكرها «المصنف» أيضًا بالمعنى”. انتهى.
وقال رحمه الله: [٢٣٤] (ثَنا عُثْمانُ بْنُ أبِي شَيبَةَ، قال ثَنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ) قال: (أنا حَمّادُ بْنُ سلَمَةَ بِإسْنادِهِ) أي: بإسْناد الحَديث المتَقدم (ومَعْناهُ: وقالَ فِي أوَّلِهِ فَكَبَّرَ) كما تقدم عن رواية البَخاري.
قال ابن عَبد البَر: مَن ذكرَ أنهُ كبَّر زاد زيادة حافظ يَجب قبُولها، قالَ ومن رَوى واعتقد أنهُ لم يكبِّر، فقد أراح نفسه مِنَ الكلاَم في هذا.
[تنبيه]: ادَّعى ابن بطال أن الشافعيّ احتَجّ بحديث عطاء على جواز تكبير المأموم قبل تكبير الإمام، قال: فناقض أصله، فاحتَجَّ بالمرسل.
وتُعُقِّب بأن الشافعيّ- لا يرد المراسيل مطلقًا، بل يحتجّ منها بما يَعْتَضِد، والأمر هنا كذلك؛ لحديث أبي بكرة – المذكور، قاله في «الفتح» [«الفتح» ٢/ ١٤٣ – ١٤٤].
(وقالَ فِي آخِرِهِ: فَلَمّا قَضى الصَّلاة) أي: صَلاة الفجر.
(قالَ: إنَّما أنا بَشَر) هذا حَصر مقيد له بالبَشرية باعتبار من يَعتقد أنه لا يجنب، ولا يَطرأ عليه النسيان والسَّهْو لشرف النُّبوَّة فأخبَر أنّه بَشَر يَأكل الطعام، ويشرب الشراب، ويَعتَريه النِّسيانُ كما يَعتري البَشر، ومن جهَة اعتبار غَير البَشرية فهو بَشير نَذير، سراجٌ مُنير، هاديًا إلى غَير ذَلك مما اختَصَّهُ اللهُ تعالى به، والحَصْر على قسمين: مُطلق باعتبار جَميع الجهات، ومقيد باعتبار بَعض الجهات.
وفيه دَليل عَلى جَواز النِّسيان عليه – ﷺ – في أحكام الشرع، وهوَ مَذهبُ جُمهور العُلماء واتفقوا على أنهُ كان – ﷺ – لا يُقَرُّ عليه بل يُعلمه اللهُ تعالى به.
(وإنِّي كنْتُ جُنُبًا) أي: ونَسيتُ الجنابة،
وفيه دَليل على صُدور الجنابة منه والنِّسيان كما في البَشَر.
[انظر: شرح سنن أبي داود للعباد، المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود للسبكي، شرح سنن أبي داود لابن رسلان، فتح الودود في شرح سنن أبي داود للسندي رحمهم الله.
وانظر أيضًا: التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة لأبي يعلى ابن الفراء: ٤٨ – مَسْألَة: إذا صلى بقوم وهو جُنب أو محدِث، فإن كان عالمًا بحدث نفسه، أعاد وأعادوا، علموا أو لم يعلموا، وإن كان ناسيًا، فإن علموا بذلك في أثناء الصلاة، أعاد وأعادوا أيضًا، وإن علموا بعد الفراغ منها، أعاد، ولم يعيدوا].
فوائد الباب:
١ – (منها): بيان أن الإمام إذا تذكر بعد القيام للصلاة أنه على غير طهارة يُنتَظَر حتى يتطهر، ويرجع.
٢ – (ومنها): بيان جواز النسيان على الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في أمر العبادة؛ لأجل التشريع.
٣ – (ومنها): بيان طهارة الماء المستعمل.
٤ – (ومنها): جواز الفصل بين الإقامة والصلاة؛ إذ قوله: «فصلى» ظاهر في أن الإقامة لم تعد.
٥ – (ومنها): أنه لا حياء في أمر الدين.
٦ – (ومنها): جواز انتظار المأمومين مجيء الإمام قيامًا عند الضرورة، وهو غير القيام المنهي عنه في حديث أبي قتادة –رضي الله عنه-، كما أسلفنا وجه التوفيق بينهما.
٧ – (ومنها): بيان أنه لا يجب على من احتلم في المسجد، فأراد الخروج منه أن يتيمم، خلافًا لمن قال ذلك.
٨ – (ومنها): جواز الكلام بين الإقامة والصلاة.
٩ – (ومنها): جواز تأخير الجنب الغسل عن وقت الحدث.
١٠ – (ومنها): العناية بإقامة الصفوف.
١١ – (ومنها): شدة عناية الصحابة – رضي الله عنهم – بامتثال أمره -ﷺ-، حيث انتظروه قيامًا.[البحر المحيط].
12- (ومنها): وعلى أنه إذا ظهر أن الإمام محدث وذهب ليتطهر وأتى لا تعاد الإقامة. [المنهل العذب]
الثاني: تتمات وراجع للتوسع ذخيرة العقبى والتمهيد لابن عبدالبر :
ذكرنا في مختلـف الحديث رقــــم :{٨٧}
كيف التوفيـــــق بيـــن حديث: أبي هريرةَ :«أن رسولَ اللهِﷺَخرجَ وقد أُقيمَتِ الصلاةُ وعُدِّلَتِ الصفوف، حتّى إِذا قامَ في مُصلاّهُ انتظرْنا أن يُكبِّرَ، انصرفَ قال: «على مَكانِكم». فمكَثْنا عَلَى هَيْئتِنا، حتّى خرجَ إِلينا يَنطِفُ رأْسُه ماءً وقدِ اغتسَلَ.
[رواه البخـــــاري .]
وبين ما جاء عنه ﷺَ-أنه كبر، ثم أشار إليهم أن مكانكم؟
وقد جمع بعض أهل العلم بين هذه الأحاديث وحديث أبي هريرة المتفق عليه والذي سلف برقم (7238) وفيه: أن الانصراف كان قبل التكبير، بأن حملوا الروايات التي فيها ذكر دخول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة على قرب دخوله فيها، لا على حقيقة دخوله فيها، وبعضهم جعلهما واقعتين كابن حبان والنووي، ورجَّح الحافظ ابن حجر في “الفتح” 2/122 حديث أبي هريرة الذي
في “الصحيح”. وطوَّل البحث في هذه المسألة أبو عمر ابن عبد البر في كتابيه “التمهيد” 1/173- 190 و”الاستذكار” 3/101- 110. انتهى النقل.
وقال البيهقي 2/392 بعد أن ذكر حديث أبي هريرة…. وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- مُرْسَلاً ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَهِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- مُرْسَلاً وَهُوَ الْمَحْفُوظُ ، وَكُلُّ ذَلِكَ شَاهِدٌ لِحَدِيثِ أَبِى بَكْرَةَ.
وقال عن حديث أبي بكرة في معرفة السنن : هذا إسناد صحيح
ونقل ابن الملقن : قول البيهقي هذا وكذلك نقل عنه في الخلافيات أنه قال : رواته ثقات.
وتعقب البيهقي كما سيأتي في نقولات
ونقل عن ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بتكبير محدث لا انه رجع فبنى على صلاته.
وابن حبان ممن يرجح أنهما واقعتان
ونقل الزيلعي في نصب الراية آثار بعد أن ذكر الأقوال في المسألة
تنبيه : حديث أنس، أخرجه الدارقطني 1/362 وذكر أنه رواه عبدالوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن بكر بن عبدالله المزني مرسلا. وقال عقبه : قال عبدالوهاب : وبه نأخذ
——–
قال النووي في شرح مسلم:
المراد بقوله(دخل في الصلاة) أنه قام في مقامه للصلاة وتهيأ للإحرام بها ويحتمل أنهما قضيتان وهو الأظهر .
قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود:
جاء الحديث في الصحيحين وفيه أنه لم يكبر، وهو أرجح مما تقدم من أنه كان قد دخل في الصلاة، لكن يمكن كما ذكر أهل العلم أن يحمل قوله: (دخل) على أنه كاد أن يدخل أو أراد أن يدخل أو أنه على وشك أن يدخل، فيكون الصحيح والثابت الذي لا إشكال فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل في الصلاة، وأنه لما أراد أن يكبر تذكر أنه على جنابة فذهب واغتسل ورجع وصلى بهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.اهـ
قال ابن رجب في فتح الباري3/597:
” باب إذا قال الإمام مكانكم حتى أرجع انتظروه”.
حدثنا إسحاق ثنا محمد بن يوسف ثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال: أقيمت الصلاة، فسوى الناس صفوفهم، فخرج رسول الله فتقدم وهو جنب، فقال: على مكانكم، فرجع فاغتسل، ثم خرج ورأسه يقطر ماء، فصلى بهم.
قد تقدم الكلام في القيام قبل خروج الإمام، وانتظار المأمومين له قياما قبل خروجه، فأما إذا ذكر حاجة فانصرف من المسجد وقال لهم: ( مكانكم حتى أرجع )، فإنهم ينتظرونه قياما حتى يرجع إليهم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
وفي الرواية المذكورة في الباب الماضي،قال:( فمكثنا على هيئتنا حتى خرج إلينا )، وهذا يدل على أنهم انتظروه قياماً .
ورواه بعضهم: على ” هينتنا “من الهينة ، وهي الرفق، وكأنها تصحيف. والله اعلم .
وفي رواية لمسلم في هذا الحديث:(( فلم نزل قياما ننتظره حتى خرج إلينا، وقد اغتسل )).
وفي رواية لمسلم – أيضا – في هذا الحديث : (( فأومأ إليهم بيده أن مكانكم )) .
وفيه: دليل على أن إيماء القادر على النطق يكتفي به في العلم، والأمر، والنهي.
وفي رواية لمسلم- أيضا- في هذا الحديث:(( فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا”قام في مصلاه قبل أن يكبر، ذكر فانصرف وقال لنا: (مكانكم )).
وهذه الرواية صريحة في أنه انصرف قبل التكبير، وهو- أيضا – ظاهر رواية البخاري.
قال الحسن بن ثواب: قيل لأبي عبد الله- يعني : أحمد بن حنبل- وأنا أسمع: النبي صلى الله عليه وسلم ( حين أومأ إليهم أن امكثوا، فدخل فتوضأ ثم خرج، أكان كبر ؟ فقال: يروى أنه كبر، وحديث أبي سلمة لما أخذ القوم أماكنهم من الصف، قال لهم: ( امكثوا )، ثم خرج فكبر .
فبين أحمد أن حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة يدل على انه لم يكن كبر، وأما قوله: ( يروى أنه كبر )، فيدل على أن ذلك قد روي، وأنه مخالف لحديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، وأن حديث أبي سلمة أصح، وعليه العمل. وقد خرج أبو داود من حديث زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، أن رسول الله ( دخل في صلاة الفجر ، فأومأ بيده أن مكانكم ، ثم جاء ورأسه يقطر ، فصلى. وفي رواية له – أيضا-:( فكبر ) وقال فيه: فلما قضى الصلاة قال: ( إنما أنا بشر، وإني كنت جنباً ) وخرجه الإمام أحمد بمعناه – أيضا .
قال أبو داود: ورواه أيوب وهشام وابن عون، عن محمد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، قال: فكبر، ثم أومأ إلى القوم أن اجلسوا، فذهب واغتسل، وكذلك رواه مالك، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عطاء بن يسار: أن وسول الله (كبر في صلاة).
قال أبو داود: وكذلك حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان، عن يحيى يعني: ابن أبي كثير ، عن الربيع بن محمد، عن النبي ﷺ (أنه كبر) وهذه كلها مرسلات . وحديث الحسن ، عن أبي بكرة في معنى المرسل؛ لأن الحسن لم يسمع من أبي بكرة عند الإمام أحمد والأكثرين من المتقدمين وقد روي حديث ابن سيرين مسنداً، رواه الحسن بن عبد الرحمن الحارثي، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مسنداً . قال البيهقي: والمرسل أصح. وقد روي موصولاً من وجه آخر :خرجه الإمام أحمد، وابن ماجه من رواية أسامة بن زيد، عن عبد الله ابن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، وكبر ، ثم أشار إليهم فمكثوا، ثم انطلق فاغتسل، وكان رأسه يقطر ماءً، فصلى بهم، فلما انصرف قال: ( إني خرجت إليكم جنباً، وإني أنسيت حتى قمت في الصلاة ) .
وأسامة بن زيد ، هو الليثي ، وليس بذلك الحافظ .
وروى معاذ بن معاذ : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : دخل النبي ( في صلاته ، فكبر فكبرنا معه ، ثم أشار إلى الناس أن كما أنتم ، فلم نزل قياما حتى أتانا رسول الله (قد اغتسل ورأسه يقطر .
قال البيهقي : خالفه عبد الوهاب بن عطاء ، فرواه عن سعيد، عن قتادة عن بكر المزني.وقد بنى الشافعي على رواية من روى: أنه ( كان كبر ثم ذكر ، ووافقه الإمام أحمد في رواية الأثرم وغيره .
وهؤلاء استدلوا بهذا الحديث على أن من صلى خلف محدث ناسٍ لحدثه أن صلاته مجزئه عنه ، ويعيد الإمام وحده إذا ذكر بعد تمام صلاته ، كما روي عن عمر وعثمان .وقيل: إنه لا مخالف لهما من الصحابة ، بل قد روي مثله عن علي ، وابن عمر – أيضا – ، وهو قول جمهور العلماء، منهم: النخعي وسفيان ومالك والشافعي وأحمد.
قال ابن مهدي : قلت لسفيان الثوري : تعلم أن أحداً قال : يعيد ويعيدون عن حماد ؟ قال : لا .
وهذا إذا استمر نسيان الإمام حتى فرغ من صلاته ، فأما إن ذكر في أثناء صلاته فخرج ، فتطهر ثم عاد ، فإن الإمام لا يبني على ما مضى من صلاته بغير طهارة بغير خلاف، فإن من صلى بغير طهارة ناسياً فإن عليه الإعادة بالإجماع؛ لقول النبي ﷺ:” لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ “، وقوله : ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور ).
وحكى ابن عبد البر عن قوم أنهم جوزوا البناء على ما مضى من صلاته محدثا ناسياً، وأشار إلى أنه قول مخالف للإجماع، فلا يعتد به .
وليس في الحديث أن النبي ﷺ
بنى على ما مضى من تكبيرة الإحرام وهو ناس لجنابته ، فإن قدر أن ذلك وقع فهو منسوخ؛ لإجماع الأمة على خلافه،كما ذكره ابن عبد البر وغيره.
قال أحد الباحثين : الدليل في سنن أبي داود وابن ماجه وغيرهما يبين أنه صلى الله عليه وسلم قد بنى على تكبيره الأول؛ وليس كما قال ابن رجب: ” وليس في الحديث أن النبي ﷺ بنى على ما مضى من تكبيرة الإحرام وهو ناس لجنابته” وللإمام أن يبني على ما مضى من صلاته للدليل وهذا الأمر مختص بالناسي وهو معذور وقد نقل ابن عبد البر أن بعضهم قال بالبناء وأما إجماع العلماء على أن من صلى بغير طهارة ناسياً فإن عليه الإعادة فهذا بعد إتمام الصلاة كما فعل عمر .
قال ابن رجب فلم يبق إلا أحد وجهين :
أحدهما: أن يكون لما رجع كبر للإحرام ، وكبر الناس معه . وعلى هذا التقدير ، فلا يبقى في الحديث دلالة على صحة الصلاة خلف إمام صلى بالناس محدثاً ناسياً لحدثه .
قال أحد الباحثين : لو كان كذلك لنقله الصحابة وبينوه فإن من مثله ما تتوافر الهمم على نقله .
والثاني: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم استأنف تكبيرة الإحرام ، وبنى الناس خلفه على تكبيرهم الماضي. وهذا هو الذي أشار إليه الشافعي ، وجعله عمدة على صحة صلاة المتطهر خلف إمام صلى محدثاً ناسياً لحدثه .
قال أحد الباحثين : هذه احتمالات لم تثبت بدليل ولو حصل لنقله الصحابة إذ يتعذر والحالة هذه أنه لو كان واقعا لتوفرت الهمم والدواعي على نقله”.
قال ابن عبد البر:
وقد وافق الشافعي على ذلك بعض أصحاب مالك قال : ولا يصح عندي ذلك على أصول مالك ؛ لأن مالكاً لا يجيز للمأموم أن يكبر قبل إمامه ، وإنما يجيزه الشافعي. يشير إلى أنه على هذا التقدير يصير المأموم قد كبر منفرداً ، ثم انتقل إلى ائتمامه بالإمام ، وهذا يجيزه الشافعي دون مالك.
وفيما قاله ابن عبد البر نظر ؛ فإن المأموم إنما كبر مقتدياً بإمام يصح الاقتداء به، ثم بطلت صلاته بذكره، فاستأنف صلاته، فلم يخرج المأموم عن كونه مقتدياً بإمام يصح الاقتداء به، فهو كمن صلى خلف إمام، ثم سبقه الحدث في أثناء صلاته في المعنى. وعن الإمام أحمد في ابتداء المأمومين وإتمامهم الصلاة إذا اقتدوا بمن نسي حدثه، ثم علم به في أثناء صلاته – روايتان . وروي عن الحسن، أنهم يتمون صلاتهم .
ومذهب الشافعي: لا فرق بين أن يكون الإمام ناسياً لحدثه أو ذاكراً له، إذا لم يعلم المأموم، أنه لا إعادة على المأموم.
وهو قول ابن نافع من المالكية، وحكاه ابن عبد البر عن جمهور فقهاء الأمصار وأهل الحديث.
وعن مالك وأحمد : على المأموم الإعادة .
وقال حماد وأبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري في اشهر الروايتين عنه: يعيد المأموم، وإن كان الإمام ناسياً ولم يذكر حتى فرغ من صلاته .وهو رواية ضعيفة عن أحمد. وحكي عنه رواية ثالثة: أن قرأ المأموم لنفسه فلا إعادة عليه ، وإلا فعليه الإعادة “.
قال الطحاوي في مشكل الآثار2/87:
” اغْتَسَلَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً هل كان ذلك منه بَعْدَ أَنْ كان كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ أو قبل تَكْبِيرِهِ كان لها حدثنا بَكَّارَ حدثنا حِبَّانُ بن هِلاَلٍ وأبو عُمَرَ الضَّرِيرُ قَالاَ ثنا حَمَّادُ بن سَلَمَةَ وَاللَّفْظُ لأَبِي عُمَرَ عن زِيَادٍ الأَعْلَمِ عن الْحَسَنِ عن أبي بَكْرَةَ أَنَّ النبي عليه السلام دخل في صَلاَةِ الصُّبْحِ فَأَوْمَأَ إلَيْهِمْ أَيْ مَكَانَكُمْ ثُمَّ جاء وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ.
وعن أَنَسٍ قال دخل النبي عليه السلام في صَلاَةٍ فَكَبَّرَ وَكَبَّرْنَا معه ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقَوْمِ أَنْ كما أَنْتُمْ فلم نَزَلْ قِيَامًا حتى أَتَانَا وقد اغْتَسَلَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فقال قَائِلٌ هذا حَدِيثٌ خَارِجٌ عن أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ جميعا لأَنَّهُ لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِيمَنْ كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ وهو جُنُبٌ غير ذَاكِرٍ لِذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ بِتَكْبِيرِهِ لها دَاخِلاً فيها فَكَانَ جَوَابُنَا له في ذلك أَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قد رُوِيَا كما ذَكَرْنَا عن الصَّحَابِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِيَا عنهما وقد رُوِيَ عن سِوَاهُمَا من الصَّحَابَةِ أَنَّ الذي كان من رسول اللهِ ﷺ حين أَذَّنَ هو قِيَامُهُ قِيَامَ الْمُصَلِّي لاَ دُخُولٌ منه في الصَّلاَةِ بِتَكْبِيرِه….ُ إنَّ مَعْنَى قَوْلِ أَنَسٍ وَأَبِي بَكْرَةَ في حَدِيثِهِمَا ثُمَّ دخل في الصَّلاَةِ على مَعْنَى قُرْبِ دُخُولِهِ فيها لاَ على حَقِيقَةِ دُخُولِهِ فيها فَهَذَا جَائِزٌ في اللُّغَةِ حتى قد جاء كِتَابُ اللهِ تَعَالَى بِمِثْلِ ذلك قال اللَّهُ تَعَالَى وإذا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ وَهُنَّ إذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ انْقَطَعَتْ الأَسْبَابُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ مُطَلِّقيِهِنَّ فَاسْتَحَالَ أَنْ يُمْسِكُوهُنَّ بَعْدَ ذلك وقد بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذلك في الآيَةِ الأخرى وَهِيَ قَوْلُهُ {وإذا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} فَدَلَّ ذلك أَنَّهُنَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ آجَالِهِنَّ حَلاَلٌ لِمَنْ يُرِيدُ تَزْوِيجَهُنَّ وكان ذلك دَلِيلاً أَنَّ مُرَادَهُ تَعَالَى في الآيَةِ الأخرى بِذِكْرِهِ بُلُوغَ الأَجَلِ أَنَّهُ قُرْبُ بُلُوغِ الأَجَلِ لاَ حَقِيقَةُ بُلُوغِهِ وَمِنْ ذلك أَيْضًا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قد سَمَّوْا ابْنَ إبْرَاهِيمَ الذي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَبْحِهِ إمَّا إسْمَاعِيلُ وَإِمَّا إِسْحَاقُ عليهم السلام ذَبِيحًا ولم يُذْبَحْ وَلَكِنَّهُ لِقُرْبِهِ كان من أَنْ يُذْبَحَ فَمِثْلُ ذلك ما في حَدِيثَيْ أَنَسٍ وَأَبِي بَكْرَةَ من الدُّخُولِ في الصَّلاَةِ هو على هذا الْمَعْنَى أَيْضًا وهو قُرْبُ الدُّخُولِ فيها لاَ حَقِيقَةُ الدُّخُولِ فيها”.
قال أحد الباحثين : ثبت بالدليل أنه صلى الله عليه وسلم كبر وعاد فدخل في الصلاة ولم يكبر ولا حاجة لمثل هذه التأويلات .
قال ابن عبد البر في التمهيد1/178:
” حديث يصلي بأصحابه يصحح رواية من روى أنه كان كبر ثم أشار إليهم أن امكثوا وفي رواية الزهري في هذا الحديث أن رسول الله ﷺ كبر حين انصرف بعد غسله فواجب أن تقبل هذه الزيادة أيضا لأنها شهادة منفردة أداها ثقة فوجب العمل بها هذا ما يوجبه الحكم في ترتيب الآثار وتهذيبها إلا أن ها هنا اعتراضات تعترض على مذهبنا في هذا الباب قد نزع غيرنا بها ونحن ذاكر ما يجب به العلم في هذا الحديث على مذهب مالك وغيره من العلماء بعون الله إن شاء الله.
أما مالك رحمه الله فانه أدخل هذا الحديث في موطئه في باب إعادة الجنب غسله إذا صلى ولم يذكر يعنى حاله أنه كان جنبا حين صلى والذي يجيء عندي على مذهب مالك من القول في هذا الحديث أنه لم يرد رحمه الله إلا الإعلام أن الجنب إذا صلى ناسيا قبل أن يغتسل ثم ذكر كان عليه أن يغتسل ويعيد ما صلى وهو جنب وأن نسيانه لجنابته لا يسقط عنه الإعادة وإن خرج الوقت لأنه غير متطهر والله لا يقبل صلاة بغير طهور لا من ناس ولا من متعمد وهذا أصل مجتمع عليه في الصلاة أن النسيان لا يسقط فرضها الواجب فيها ثم أردف مالك حديثه المذكور في هذا الباب بفعل عمر بن الخطاب أنه صلى بالناس وهو جنب ناسيا ثم ذكر بعد أن صلى فاغتسل وأعاد صلاته ولم يعد أحد ممن خلفه فمن فعل عمر رضي الله عنه أخذ مالك مذهبه في القوم يصلون خلف الإمام الجنب لا من الحديث المذكور والله أعلم.
قال أحد الباحثين : أما أثر عمر فمسلم لأنه أنهى صلاته على غير طهارة وأما ما حصل للنبيﷺ
فلم تنقضي صلاته بعد وله أن يتطهر ويبني والنسيان عذر وليس لنا أن نتأول الدليل ليتناسب مع المذهب.
قال في مرقاة المصابيح:” واعلم أنه استدل بحديث أبي بكرة وما وافقه لمالك والشافعي وأحمد من وافقهم على أنه لا إعادة على من صلى خلف من نسي غسل الجنابة وصلى ثم تذكر ، إنما الإعادة على الإمام فقط خلافاً لأبي حنيفة ، فإنه قال : يجب الإعادة على المأمومين أيضاً”.
قال الألباني في صحيح أبي داود1/428:
” وأما حمل قوله في حديث أبي بكرة ومن معه: (كبّر) على: (أراد أن يكبر) ! فهو مع أنه خلاف الظاهر؛فإنه باطل بالنظر إلى مجموع الروايات؛ فقد اتفقت جميعاً- خلافا لحديث أبي سلمة- على أنه عليه الصلاة والسلام لم يتكلم حين انصرف من الصلاة، بل إنما أشار إليهم بيده، ولو أنه كان قبل الدخول فيها؛ لكلمهم عليه الصلاة والسلام، كما فعل في القصة الأخرى في رواية أبي سلمة، ولما أخر قوله ﷺ: ” إنما أنا بشر، وإني كنت جنباً “؛ لأنه ليس في التأخير فائدة؛ بل هي في الإسراع بالبيان؛ ولكن منعه من ذلك أنه في الصلاة، ولذلك عاد فأتمها دون أن يكلمهم.
وأيضا؛ فإن في حديث أنس: دخل في صلاته، فكبر وكبرنا معه… وأصرح منه حديث علي: بينما نحن مع رسول الله ﷺ نصلي؛ إذ انصرف…فهذا كله يدفع ذلك التأويل ويبطله”.
قال الباحث: ما ذهب إليه الشيخ الألباني رحمه الله هو الحق؛ وأثر علي الذي ذكره الألباني أخرجه أحمد(ح632).
قال في عون المعبود ج1/ص271:”
اعلم أن رواية أبي بكرة المتصلة وروايات محمد بن سيرين وعطاء بن يسار والربيع بن محمد المرسلة تدل على أنهﷺ انصرف بعد ما دخل في الصلاة وكبر وكذا رواية أبي هريرة التي أخرجها ابن ماجه من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة والتي أخرجها البيهقي من طريق وكيع عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد عن أبي ثوبان عن أبي هريرة تدل على أنهﷺ
انصرف بعد التكبير والدخول في الصلاة وحديث أبي بكرة أخرجه أيضا أحمد وبن حبان والبيهقي في المعرفة قال الحافظ وصححه بن حبان والبيهقي واختلف في إرساله ووصله انتهى.
وأما رواية أبي هريرة التي أخرجها المؤلف والشيخان تدل بدلالة صريحة على أنه ﷺانصرف بعد ما قام في مصلاه وقبل أن يكبر فرواية أبي هريرة هذه معارضة للروايات المتقدمة .
قال الحافظ في فتح الباري:
ويمكن الجمع بينهما بحمل قوله كبر ودخل في الصلاة أنه قام في مقامه للصلاة وتهيأ للإحرام بها وأراد أن يكبر أو بأنهما واقعتان أبداه العياض والقرطبي احتمالا وقال النووي إنه الأظهر وجزم بن حبان كعادته فإن ثبت وإلا فما في الصحيح أصح انتهى .
واحتج بحديث أبي بكرة وما في معناه مالك بن أنس وأصحابه وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي على أنه لا إعادة على من صلى خلف من نسي الجنابة وصلى ثم تذكر وإنما الإعادة على الإمام فقط وبه قال أحمد حكاه الأثرم وإسحاق وأبو ثور وداود والحسن وإبراهيم وسعيد بن جبير.
وقال أبو حنيفة والشعبي وحماد بن أبي سليمان إنه يجب عليهم الإعادة أيضا قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار شرح الموطأ .
وللطائفتين أحاديث وآثار فمن الأحاديث للطائفة الأولى حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللهﷺ يصلون بكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم أخرجه أحمد والبخاري .
ومنها حديث براء بن عازب عن النبيﷺأيما إمام سها فصلى بالقوم وهو جنب فقد مضت صلاتهم وليغتسل هو ثم ليعد صلاته وإن صلى بغير وضوء فمثل ذلك والحديث ضعيف لأن جويبرا أحد رواته متروك والضحاك الراوي عن البراء لم يلقه ومن الآثار لهم ما أخرجه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عمر ابن الخطاب صلى بالناس الصبح ثم غدا إلى أرضه بالجرف فوجد في ثوبه احتلاما فقال إنا لما أصبنا الودك لانت العروق فاغتسل وغسل الاحتلام من ثوبه وعاد لصلاته .
وأخرجه الدارقطني من طريق آخر بلفظ أن عمر صلى بالناس وهو جنب فأعاد ولم يأمرهم أن يعيدوا .
وللطائفة الأخرى من الأحاديث حديث أبي هريرة مرفوعا الإمام ضامن أخرجه أحمد وإسناده صحيح وأخرجه أيضا أحمد والطبراني في الكبير عن أبي أمامة الباهلي قال الهيثمي رجاله موثقون وأخرجه البزار أيضا ورجاله موثقون أيضا .
قالوا إن الإمام إذا فسدت صلاته فسدت صلاة المؤتم لأن الإمام إنما جعل ليؤتم به والإمام ضامن لصلاة المقتدي فصلاة المقتدي مشمولة في صلاة الإمام وصلاة الإمام متضمنة لصلاة المأموم فصحة صلاة المأموم بصحة صلاة الإمام وفسادها بفسادها فإذا صلى الإمام جنبا لم تصح صلاته لفوات الشرط وهي متضمنة لصلاة المأموم فتفسد صلاته أيضا فإذا علم ذلك يلزم عليه الإعادة ويتفرع عليه أنه يلزم للإمام إذا وقع ذلك أن يعلمهم به ليعيدوا صلاتهم ولو لم يعلمهم لا إثم عليهم وللطائفة الأخرى آثار كلها ضعاف .
ومما يحتج به على الطائفة الأولى بأن الأظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف قبل أن يكبر كما صرح به مسلم في الحديث فرواية أبي هريرة المروية في الصحيحين راجحة وروايات غير الصحيحين الدالة على أنه ﷺ
انصرف بعد التكبير مرجوحة إذ لا شك في أن الترجيح لأحاديث الشيخين أو أحدهما عند التعارض .
قال الباحث: إنما يتم ترجيح ما في الصحيحين عند التعارض ولا تعارض هنا لكونهما قضيتين منفصلتين والله أعلم.
ثالثا:
الفتاوى:
[1]حكم صلاة من صلى وعليه جنابة:
السؤال:
نختم هذا اللقاء بسؤال للسائل سمير محمد من القصيم يقول: بعدما صليت الفجر في جماعة اكتشفت بأنني جنب، فقمت بالاغتسال ثم صليت الفجر بعد الاغتسال، فهل صلاتي قبل الاغتسال كانت صحيحة لأنني لم أعرف بأنني جنب؟
الجواب:
الصلاة غير صحيحة، مادام علمت أنك جنب أو على غير طهارة فالصلاة غير صحيحة، لكن صلاة اللي صلوا معك وهم لا يعلمون صلاتهم صحيحة، أما أنت صلاتك غير صحيحة تعيدها؛ لأنك علمت أنك على حدث فعليك أن تعيد الصلاة كما لو صليت وأنت محدث حدثًا أصغر، ثم علمت بعد الصلاة عليك أن تعيد الصلاة، فالجنب والمحدث حدثًا أصغر عليهما الإعادة إذا صليا على غير طهارة ثم علما عليهما الإعادة.
أما لو كانا إمامين ولم يعلما إلا بعد الصلاة فإن صلاة من خلفهم صحيحة، أما هما فعليهما الإعادة، ولو تنبه وهو في الصلاة انفصل منها واستخلف من يصلي بهم ويكمل بهم، أو قدم واحد، يعني: يقدم واحد يصلي بهم، والحمد لله. نعم.
المقدم: شكر الله لكم يا سماحة الشيخ وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين. [صلاة من صلى وعليه جنابة، نور على الدرب حكم، الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز]
[2] حكم من صلى الفجر والظهر وهو جنب ؟
السؤال: جزاكم الله خيراً. بقول: لقد أصبحت في أحد الأيام وأنا جنب ولم أغتسل، فصليت الفجر والظهر وأنا جنب، فهل تقبل صلاتي أم علي أن أتوب وأعيد الصلاتين؟
الجواب:
الشيخ: أما إن كنت تعلم بالجنابة وصليت متعمداً وأنت على جنابة فأنت على خطر عظيم؛ لأن من العلماء من قال: (من صلى على حدث عالما فهو كافر). نسأل الله العافية؛ لأنه كالمستهزئ بآيات الله، وأما إن كنت جاهلاً لم تعلم بالجنابة إلا بعد أن صليت الفجر والظهر فليس عليك شيء إلا أن تغتسل وتعيد الصلاتين، وكذلك لو كنت عالماً بالجنابة لكن نسيت فصليت الفجر والظهر فليس عليك إلا أن تغتسل وتعيد الصلاتين نعم.
السؤال: أحسن الله إليكم هذه…
الشيخ: وإنني بهذه المناسبة أود أن أوجه إخواني المسلمين إلى المبادرة في غسل النجاسة التي تصيبهم في ثيابهم أو أبدانهم أو مكان صلاتهم، وأن يبادروا كذلك إلى رفع الحدث عند إرادة الصلاة؛ لأن هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المبادرة بغسل النجاسة، فقد أُتي إليه بصبي لم يأكل الطعام، يعني صبي صغير فأقعده في حجره فبال عليه، فبادر النبي صلى الله عليه وسلم ودعا بماء فأتبعه إياه، ولما بال الأعرابي في المسجد أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الحال أن يراق على بوله سجل من ماء، فالإنسان ينبغي إليه أن يبادر بإزالة النجاسة ولا يقول: سوف أزيلها إذا قمت أصلي أو ما أشبه ذلك؛ لأنه ربما ينسى. نعم.
الشيخ: نعم، ولكنه لو أنه قال سأزيلها إذا قمت للصلاة ثم نسي وصلى فصلاته صحيحة، وهذا بخلاف من صلى ناسياً الحدث فإن صلاته لا بد من إعادتها، والفرق أن رفع الحدث من باب فعل المأمور، وإزالة النجاسة من باب ترك المحظور. [فتاوى نور على الدرب، الشريط رقم [336]، الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثمين]
[3] سئل علماء اللجنة الدائمة :
في الأيام القليلة السابقة عندما أردت الوضوء لصلاة المغرب ، لاحظت وجود مني في إزاري، فاغتسلت وصليت المغرب ولكني لا أعلم متى حصل الاحتلام : هل قبل صلاة الفجر أم في القيلولة ، والمهم أني أسأل في الأمر ، فأظن أني صليت الفروض الثلاث : الفجر والظهر والعصر ، وأنا على جنابة دون أن أعلم ، وبالصدفة فإني صليت هذه الصلوات الثلاث إماماً بمجموعة من المصلين يصل عددهم إلى ثلاثمائة نفر ، فكيف أفعل هل أقضي هذه الصلوات الثلاث ، وما حكم صلاة من صلى خلفي ، وهل تترتب على فعلي هذا جناية ؟ أفيدونا أفادكم الله .
فأجابوا : يجب عليك إعادة صلاتي الظهر والعصر بعد أن تغتسل غسل الجنابة ، ويجب أن تعجل بذلك ، أما من صلى وراءك هذه الصلوات فلا يجب عليهم إعادتها ، فإن عمر رضي الله عنه صلى بالناس صلاة الفجر وهو جنب وقد كان ناسيا فأعاد الفجر ولم يأمر من صلى وراءه تلك الصلاة أن يعيدها ، ولأنهم معذورون لكونهم لايعلمون حدثك ، أما الفجر فليس عليك إعادة ؛ لأن المني قد يكون من نوم الظهيرة ، والأصل براءة الذمة من وجوب الإعادة إلا بيقين الحدث .[” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 6 / 266 )].
[4] قال علماء اللجنة الدائمة :
لا تصح الصلاة بدون طهارة لمن كان عليه حدث أصغر أو أكبر إجماعا ً، لقول الله عز وجل: ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق … الآية ) المائدة/6 ولقوله صلى الله عليه وسلم ” لا تقبل صلاة بغير طهور ” . رواه مسلم (224) [فتاوى اللجنة الدائمة ( 6 / 259 )].