1169 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1169):
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يحيى بن سعيد عن عيينة حدثني أبي عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدجال أعور بعين الشمال، بين عينيه مكتوب كافر يقرؤه الأمي والكاتب)).
قال الوادعي رحمه الله تعالى: هذا حديث صحيح.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الشيخ الوادعي رحمه الله جعله في الجامع، (39) – الإيمان بعلامات الساعة، برقم ((529)).
قال نور الدين الهيثمي رحمه الله في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: “رَواهُ أحْمَدُ، ورِجالُهُ ثِقاتٌ”، رقم الحديث ((12508)).
قال الشيخ الألباني رحمه الله في قصة المسيح الدجال، ص (70): “أخرجه أحمد ((5) / (38))
قلت: وإسناده صحيح وقال الهيثمي ((7) / (337)):
(ورجاله ثقات) “. اهـ
مسائل متعلقة في المسيح الدجال
المسألة (الأولى): الأحاديث المتعلقة بالدجال:
ذكر الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله أحاديث متعلقة بالدجال في (الجمع الصحيح)، في (39) – الإيمان بعلامات الساعة، فقال:
(529) – قال الإمام أحمد (ج (5) ص (38)): حدثنا يحيى بن سعيد عن عيينة حدثني أبي عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «الدجال أعور بعين الشمال بين عينيه مكتوب كافر يقرؤه الأمي والكاتب». هذا حديث صحيحٌ.
(530) – قال الإمام أحمد (ج (3) ص (327)): حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني أبو الزبير حدثنا جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «إنه مكتوب بين عيني الدجال كافر يقرؤه كل مؤمن».
هذا حديث حسنٌ على شرط مسلم.
(531) – قال الحاكم (ج (4) ص (543)): حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السري بن خزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن محجن بن الأدرع: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب الناس فقال: «يوم الخلاص وما يوم الخلاص» ثلاث مرات، فقيل: يا رسول الله، ما يوم الخلاص؟ قال: «يجيء الدجال فيصعد أحدًا فيطلع فينظر إلى المدينة، فيقول لأصحابه: ألا ترون إلى هذا القصر الأبيض؟ هذا مسجد أحمد. ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب من نقابها ملكًا مصلتًا، فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه، فتخلص المدينة، وذلك يوم الخلاص».
هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم.
(532) – قال الإمام أبو داود -رحمه الله- (ج (11) ص (442)): حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا جرير أخبرنا حميد بن هلال عن أبي الدهماء قال سمعت عمران بن حصين يحدث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات -أو لما يبعث به من الشبهات-» هكذا قال.
هذا حديث صحيحٌ. وأبو الدهماء اسمه قِرْفَةُ بن بُهَيْسٍ، وثَّقه ابن سعد كما في «تهذيب التهذيب».
* والحديث أخرجه ابن أبي شيبة فقال: وكيع، عن جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، عن أبي الدهماء، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من سمع منكم بخروج الدجال فلينأ عنه ما استطاع؛ فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فما يزال به حتى يتبعه، مما يرى من الشبهات».
(533) – قال الإمام أحمد (ج (5) ص (221)): حَدَّثَنا أبُو النَّضْرِ حَدَّثَنا حَشْرَجٌ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُمْهانَ عَنْ سَفِينَةَ مَوْلى رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ قالَ: خَطَبَنا رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ فَقالَ «ألا إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إلّا قَدْ حَذَّرَ الدَّجّالَ أُمَّتَهُ هُوَ أعْوَرُ عَيْنِهِ اليُسْرى بِعَيْنِهِ اليُمْنى ظُفْرَةٌ غَلِيظَةٌ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ يَخْرُجُ مَعَهُ وادِيانِ أحَدُهُما جَنَّةٌ والآخَرُ نارٌ فَنارُهُ جَنَّةٌ وجَنَّتُهُ نارٌ مَعَهُ مَلَكانِ مِن المَلائِكَةِ يُشْبِهانِ نَبِيَّيْنِ مِن الأنْبِياءِ لَوْ شِئْتُ سَمَّيْتُهُما بِأسْمائِهِما وأسْماءِ آبائِهِما واحِدٌ مِنهُما عَنْ يَمِينِهِ والآخَرُ عَنْ شِمالِهِ وذَلِكَ فِتْنَةٌ فَيَقُولُ الدَّجّالُ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ ألَسْتُ أُحْيِي وأُمِيتُ فَيَقُولُ لَهُ أحَدُ المَلَكَيْنِ كَذَبْتَ ما يَسْمَعُهُ أحَدٌ مِن النّاسِ إلّا صاحِبُهُ فَيَقُولُ لَهُ صَدَقْتَ فَيَسْمَعُهُ النّاسُ فَيَظُنُّونَ أنَّما يُصَدِّقُ الدَّجّالَ وذَلِكَ فِتْنَةٌ ثُمَّ يَسِيرُ حَتّى يَاتِيَ المَدِينَةَ فَلا يُؤْذَنُ لَهُ فِيها فَيَقُولُ هَذِهِ قَرْيَةُ ذَلِكَ الرَّجُلِ ثُمَّ يَسِيرُ حَتّى يَاتِيَ الشّامَ فَيُهْلِكُهُ اللهُ عِنْدَ عَقَبَةِ أفِيقَ» [في «معجم البلدان»: (أفِيق) بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة وقاف: قرية من حوران، في طريق الغور، في أول العقبة المعروفة بعقبة أفيق. اهـ المراد منه].
هذا حديث حسنٌ.
* وقال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة -رحمه الله- (ج (15) ص (137)): الفضل بن دكين، قال: حدثنا حشرج، قال: حدثنا سعيد بن جمهان، عن سفينة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: «إنه لم يكن نبي إلا حذر الدجال أمته، هو أعور العين اليسرى، بعينه اليمنى ظفرة غليظة، بين عينيه (كافر)، معه واديان: أحدهما جنة والآخر نار، فجنته نار وناره جنة، ومعه ملكان من الملائكة يشبهان نبيين من الأنبياء أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، فيقول لأناس: ألست بربكم؟ ألست أحيي وأميت؟ فيقول له أحد الملكين: كذبت. فما يسمعه أحد من الناس إلا صاحبه، فيقول صاحبه: صدقت. فيسمعه الناس، فيحسبون أنما صدق الدجال، وذلك فتنة، ثم يسير حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيها، فيقول: هذه قرية ذاك الرجل، ثم يسير حتى يأتي الشام، فيقتله الله عند عقبة أفيق».
هذا حديث حسنٌ.
قلت سيف بن دورة:
حشرج أنكر عليه العقيلي حديثين وكذلك ابن حبان. المهم هذا الحديث لم يذكروه فيما أنكر عليه فالله أعلم فرب العزة قادر أن يجعل ملكين يشكلان في صورة نبيين فتنة.
(534) – قال البزار كما في «كشف الأستار» (ج (4) ص (142)): حدثنا علي بن المنذر، ثنا محمد بن فضيل، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق يقول: «يخرج الأعور الدجال مسيح الضلالة قبل المشرق في زمن اختلاف من الناس وفرقة، فيبلغ ما شاء الله أن يبلغ من الأرض في أربعين يومًا، الله أعلم ما مقدارها، فيلقى المؤمن شدة شديدة، ثم ينزل عيسى بن مريم -عليه السلام- من السماء، فيؤم الناس، فإذا رفع رأسه من ركعته قال: سمع الله لمن حمده، قتل الله المسيح الدجال وظهر المؤمنون». فأحلف أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا القاسم الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إنه لحق، وأما إنه قريب، فكل ما هو آت قريب».
هذا حديث حسنٌ.
(535) – قال الإمام أحمد (ج (5) ص (364)): حدثنا يزيد أخبرنا ابن عون عن مجاهد قال كنا ست سنين علينا جنادة بن أبي أمية فقام فخطبنا فقال: أتينا رجلًا من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدخلنا عليه فقلنا حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تحدثنا ما سمعت من الناس فشددنا عليه فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فينا فقال «أنذرتكم المسيح وهو ممسوح العين -قال أحسبه قال: اليسرى- يسير معه جبال الخبز وأنهار الماء علامته يمكث في الأرض أربعين صباحًا يبلغ سلطانه كل منهل لا يأتي أربعة مساجد الكعبة ومسجد الرسول والمسجد الأقصى والطور ومهما كان من ذلك فاعلموا أن الله ليس بأعور».
وقال ابن عون: وأحسبه قد قال «يسلط على رجل فيقتله ثم يحييه ولا يسلط على غيره».
هذا حديث صحيحٌ.
وأخرجه أحمد (ج (5) ص (434) و (435)).
وأخرجه ابن أبي شيبة (ج (15) ص (147)) فقال: ((1)) حسين بن علي، عن زائدة، عن منصور، عن مجاهد به.
(538) – قال الإمام أحمد (ج (5) ص (389)): حَدَّثَنا وهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنا أبِي قالَ سَمِعْتُ الأعْمَشَ عَنْ أبِي وائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: ذُكِرَ الدَّجّالُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ فَقالَ «لَأنا لَفِتْنَةُ بَعْضِكُمْ أخْوَفُ عِنْدِي مِن فِتْنَةِ الدَّجّالِ ولَنْ يَنْجُوَ أحَدٌ مِمّا قَبْلَها إلّا نَجا مِنها وما صُنِعَتْ فِتْنَةٌ مُنْذُ كانَتْ الدُّنْيا صَغِيرَةٌ ولا كَبِيرَةٌ إلّا لِفِتْنَةِ الدَّجّالِ».
هذا حديث صحيحٌ.
ولحذيفة في «الصحيح» في الدجال حديث غير هذا.
* والحديث أخرجه البزار فقال كما في «كشف الأستار» (ج (4) ص (140)): حَدَّثَنا أبُو كُرَيْبٍ، ثَنا يَحْيى بْنُ آدَمَ، ثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ عَيّاشٍ، عن الأعْمَشُ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طارِقِ بْنِ شِهابٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قالَ: كُنّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فَذُكِرَ الدَّجّالُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَفِتْنَةُ بَعْضِكُمْ أخْوَفُ عِنْدِي مِن فِتْنَةِ الدَّجّالِ، لَيْسَ مِن فِتْنَةٍ صَغِيرَةٍ ولا كَبِيرَةٍ إلّا تُصْنَعُ لِفِتْنَةِ الدَّجّالِ، فَمَن نَجا مِن فِتْنَةِ ما قَبْلَها نَجا مِنها، واللهُ لا يَضُرُّ مُسْلِمًا، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كافِرٌ».
قال الهيثمي: له حديث غير هذا.
الحديث رجاله رجال الصحيح، إلا سليمان بن ميسرة، وقد وثَّقه ابن معين والنسائي، كما في «تعجيل المنفعة».
(539) – قال الإمام البزار كما في «كشف الأستار» (ج (4) ص (136)): حدثنا علي بن المنذر، قال: نا محمد بن فضيل، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن خاله الفلتان بن عاصم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأريت مسيح الضلالة، فإذا رجلان في أنْدَرِ فلانٍ يتلاحيان، فحجزت بينهما فأنسيتها، فاطلبوها في العشر الأواخر وترًا، فأما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة، ممسوح العين اليسرى، عريض النحر، كأنه عبد العزى بن قطن».
قال البزار: لا نعلم أحدًا يرويه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا الفلتان، ولا له إلا هذا الطريق.
هذا حديث حسنٌ.
* وقال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة أيضًا (ج (15) ص (129)): عبد الله بن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن خاله يعني الفلتان بن عاصم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أما المسيح الدجال فرجل أجلى الجبهة، ممسوح العين اليسرى، عريض النحر، فيه دمامة، كأنه فلان بن عبد العزى -أو عبد العزى بن فلان-».
هذا حديث حسنٌ.
(541) – قال البزار (ج (7) ص (267)): حدثنا القاسم بن بشر بن معروف، قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة، قال: أخبرنا عبيد بن الطفيل، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة: عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «يأتي على أمتي زمان يتمنون الدجال»، قيل: ومم ذاك يا رسول الله؟ قال: فأخذ أذنيه -أو قال: فأخذ أذنه- فهزهما، ثم قال: «مما يلقون من الفتن» أو كلمة نحوها.
قال البزار: وهذا الكلام لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن حذيفة بهذا الإسناد، وعبيد بن الطفيل هذا رجل من أهل الكوفة مشهور، حدث عنه جماعة. اهـ
قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث حسنٌ”. انتهى المقصود.
المسألة (الثانية): المسائل المتعلقة بفتن الدجال
سبق وأن مر تقسيم الفتن، فالله جعل هذه الأمة آخر الأمم، وفيها تظهر أشراط الساعة، وعليها تقوم القيامة، وأخبر – سبحانه – عن قُرب ذلك، فقال: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [القمر: 1].
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا ذكرَ الساعة احمرَّت عيناه، وعلا صوتُه، واشتدَّ غضبُه، حتى كأنَّه مُنذِرُ جيشٍ يقول: صبَّحَكم ومسَّاكم؛ رواه مسلم.
وسأل المُشركون النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – عن زمن قيامِها مِرارًا، (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ) [الأعراف: 187].
ومن رحمته – سبحانه – بعباده: أن جعل للساعة أماراتٍ قبل قيامها؛ ليعود الناسُ إلى ربِّهم، وأخبرَ تعالى عن أماراتِ اقترابها، فقال: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) [محمد: 18].
وعلاماتُ الساعة الكُبرى إن خرجَت فالأُخرى على إثرِها قريبٌ منه، وأمرٌ كبيرٌ جعلَه الله من علامات الساعة، ما من نبيٍّ إلا حذَّر أمَّتَه منه، قال – عليه الصلاة والسلام -: «ما بعثَ الله من نبيٍّ إلا أنذرَ أمَّتَه، أنذَرَه نوحٌ والنبيُّون من بعدِه»؛ رواه البخاري.
وأنذَر منه النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – أمَّتَه، فقال: «إني لأُنذِركمُوه»؛ رواه البخاري.
وكان – عليه الصلاة والسلام – يتعوَّذ في صلاتِه من فتنته، ويُعلِّم أصحابَه التعوُّذ منه كما يُعلِّمهم السورةَ من القرآن، ويعِظُ صحابتَه ويُخبِرُهم عن قُرب ظهور ذلك الأمر.
قال النوَّاس بن سمعان – رضي الله عنه -: حتى ظننَّاه في طائفة النخل – أي: عند النخل الذي بجانبهم -؛ رواه مسلم.
وكان السلفُ يأمرون بالتذكير به حينًا بعد حين، قال السفَّارينيُّ – رحمه الله -: “مما ينبغي لكل عالمٍ أن يبُثَّ أحاديث الدجَّال بين الأولاد والنساء والرجال، ولاسيَّما في زماننا هذا الذي اشرأبَّت فيه الفتنُ، وكثُرت فيه المِحَن، واندرَسَت فيه معالمُ السنن”.
والدجَّال حيٌّ الآن في ديرٍ جزيرةٍ من جُزر البحر، مُقيَّدٌ بوَثَاقٍ شديد، يداه مجموعةٌ إلى عُنقِه ما بين رُكبتَيْه إلى كعبَيْه بالحديد، وخروجُه قد دنا، قال عن نفسه: «وإني أُوشِك أن يُؤذَن لي في الخروج»؛ رواه مسلم.
وعلامات خروجِه: ألا يُثمِر نخلُ بَيْسان – وهي مدينةٌ بين حَوران وفلسطين – بعد أن كان يُثمِر. قال ياقوتُ الحمويُّ – رحمه الله -: “وقد رأيتُها مِرارًا فلم أرَ فيها غيرَ نخلتين حائلتين” أي: غير مُثمِرتين.
ومن أمارات خروجه: ذَهابُ ماء بُحيرة طبريَّة، والآن قلَّ ماؤُها، وهو في نُقصان.
ومن علاماته: ذَهابُ ماء عين زُغَر – بلدةٌ في الشام -، وعدم زراعة أهلها بماء تلك العين.
وأولُ مخرَجه من حيٍّ يُقال له “اليهودية” في مدينة أصبهان من أرض خُراسان، يخرُج ومعه سبعُون ألفًا من يهودِها، وله حرسٌ وأعوانٌ.
وهو شابٌّ أحمرُ جسيمٌ كبيرُ الخِلقة، واسعُ الجبهة، فيه انحِناء، له شعرٌ كثيرٌ مُجعَّد، عينُه كأنَّها عنبةٌ طافية – أي: ظاهرةٌ عوراء -.
قال عنه تميمٌ الداريُّ – رضي الله عنه – وقد رآه -: أعظمُ إنسانٍ رأيناه قطُّ خلقًا.
وهو أكبرُ خلقٍ في هذه الدنيا، قال – عليه الصلاة والسلام -: «ما بين خلقِ آدم إلى قيام الساعة خلقٌ أكبرُ من الدجَّال»؛ رواه مسلم.
وبيَّن النبي – صلى الله عليه وسلم – صفاتِه ليعرِفه الناسُ إذا خرج، وأنه الدجَّال لا ربُّ العالمين كما يزعُم.
ولأن الدجَّال سيخرُج في هذه الأمة أخبرَنا النبي – صلى الله عليه وسلم – بصفةٍ فيه لم يذكُرها أحدٌ من الأنبياء، قال – عليه الصلاة والسلام -: «سأقولُ لكم فيه قولاً لم يقُلْه نبيٌّ لقومِه، تعلَمون أنه أعوَر، وأن الله ليس بأعوَر»؛ رواه البخاري.
وخروجُه في حالِ خفَقَةٍ من الدين وإدبارٍ من العلم؛ ليتميَّز المؤمنُ من الكافر، ويتبيَّن المُسلمُ من المُرتاب، فيدَّعِي أنه ربُّ العالمين، ويُفتنُ به العبادُ بما يخلُقُه الله معه من الخوارِق.
وإذا خرجَ فرَّ الناسُ في الجِبال فزعًا منه، وحينَها يُغلَقُ بابُ التوبة، قال – عليه الصلاة والسلام -: «ثلاثٌ إذا خرجنَ لا ينفعُ نفسًا إيمانُها لم تكُن آمنَت من قبلُ أو كسبَت في إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من مغربِها، والدجَّال، ودابَّةُ الأرض»؛ رواه مسلم.
[من أشراط الساعة الكبرى: المسيح الدجال]
المطلب الأول: معنى المسيح:
ذكر أبو عبد الله القرطبي ثلاثة وعشرين قولاً في اشتقاق هذا اللفظ [التذكرة (2/ 358)]، وأوصلها صاحب (القاموس) إلى خمسين قولاً.
وهذه اللفظة تطلق على الصديق، و على الضليل الكذاب.
فالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام الصديق. والمسيح الدجال الضليل الكذاب، فخلق الله المسيحين أحدهما ضد الآخر.
فعيسى عليه السلام مسيح الهدى, يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله.
والدجال – لعنه الله – مسيح الضلالة يفتن الناس بما يعطاه من الآيات كإنزال المطر, وإحياء الأرض بالنبات وغيرهما من الخوارق.
وسمي الدجال مسيحاً: لأن إحدى عينيه ممسوحة، أو لأنه يمسح الأرض في أربعين يوماً.
والقول الأول هو الراجح لما جاء في الحديث: ((إن الدجال ممسوح العين)) رواه مسلم (2934). [أشراط الساعة للوابل ص (213)].
المطلب الثاني: معنى الدجال:
أما لفظ الدجال فهو مأخوذ من قولهم: دجل البعير إذا طلاه بالقطران وغطاه به.
وأصل الدجل: معناه الخلط، يقال: دجل إذا لبس وموه، والدجال: المموه الكذاب الممخرق وهو من أبنية المبالغة على وزن فعال، أي يكثر منه الكذب والتلبيس.
وجمعه: دجالون، وجمعه الإمام مالك على دجاجلة وهو جمع تكسير، وذكر القرطبي أن الدجال في اللغة يطلق على عشرة وجوه.
ولفظة الدجال: أصبحت علماً على المسيح الأعور الكذاب، فإذا قيل: (الدجال) فلا يتبادر إلى الذهن غيره.
وسمي الدجال دجالاً: لأنه يغطي الحق بالباطل، أو لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم.
وقيل: لأنه يغطي الأرض بكثرة جموعه. والله أعلم. [التذكرة (2/ 330)، وأشراط الساعة ص (214)].
المطلب الثالث: فتنة الدجال من أعظم الفتن، وما جاء فيه، وصفته:
وفتنته من أعظم الفتن التي تمر على البشرية عبر تاريخها، ففي (صحيح مسلم) عن أبي الدهماء وأبي قتادة قالوا: كنا نمر على هشام بن عامر نأتي عمران بن حصين، فقال ذات يوم إنكم لتجاوزوني إلى رجال ما كانوا بأحضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولا أعلم بحديثه مني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال)) [م]. وفي رواية: ((أمر أكبر من الدجال)) [م]. من أجل ذلك فإن جميع الأنبياء حذروا أقوامهم من فتنته ولكن رسولنا صلى الله عليه وسلم كان أكثر تحذيرا لأمته منه. ففي (صحيح البخاري) عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: ((إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذره قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكني أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور)). وفي (الصحيحين) عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما بعث نبي إلا وأنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وإن بين عينيه مكتوب كافر)).
ويقول ابن الأثير: سمي الدجال مسيحاً؛ لأن عينه الواحدة ممسوحة، والمسيح: الذي أحد شقي وجهه ممسوح لا عين له ولا حاجب فهو فعيل بمعنى مفعول بخلاف المسيح عيسى بن مريم فإنه فعيل بمعنى فاعل سمي به؛ لأنه كان يمسح المريض فيبرأ بإذن الله والدجال الكذاب. وسمي دجالا كما يقول ابن حجر: لأنه يغطي الحق بباطله ويقال: دجل البعير بالقطران والإناء بالذهب إذا طلاه .. وقال ابن دريد: سمي الدجال؛ لأنه يغطي الحق بالكذب، وقيل: لضربه نواحي الأرض وقيل بل قيل ذلك؛ لأنه يغطي الأرض.
ومن صفاته كما أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بينا أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة، فإذا رجل آدم سبط الشعر ينطف – أو يهراق – رأسه ماء قلت من هذا قالوا ابن مريم. ثم ذهبت ألتفت، فإذا رجل جسيم أحمر جعد الرأس أعور العين، كأن عينه عنبة طافية قالوا هذا الدجال. أقرب الناس به شبها ابن قطن)) [خ، م].
وعن عبادة بن الصامت أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا حجراء فإن ألبس عليكم – قال يزيد – ربكم فاعلموا أن ربكم تبارك وتعالى ليس بأعور وإنكم لن ترون ربكم تبارك وتعالى حتى تموتوا)) قال يزيد ((تروا ربكم حتى تموتوا)) [حم، د، قال الألباني في السنن: صحيح].
سنده من اطراف المسند: قال أحمد حدثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه، قالا: ثنا بقية، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود، عنه به.
ووصف الدجال بالقصر يشكل مع وصفه بأنه أعظم خلقا:
قال النووي في شرح مسلم (18/ 86): ” قوله صلى الله عليه وسلم (ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال) المراد أكبر فتنة وأعظم شوكة”. انتهى
لكن يبقى حديث تميم أنهم راوه أعظم خلقا مقيد
قال العباد:
هذا يدل على أنه رجل من بني آدم، وهو قصير ليس بالطويل، وهو مع قصره عظيم الخلقة كما في بعض الأحاديث
وفي بذل المجهود قال:
لا ينافيه ما سيأتي أنه أعظم ما رأيناه من رجل، وذلك لأنه مع ما لَهُ من الطول يبدو للناظر قصيرًا لغلبة سمنه، فلا يطلع على طول قامته إلّا بالتأمل
قال البزار
– وهَذا الحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوى عَنْ عُبادَةَ إلّا مِن حَدِيثِ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، وقَدْ رَواهُ غَيْرُ واحِدٍ، عَنْ جُنادَةَ بْنِ أبِي أُمَيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أصْحابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
مسند البزار = البحر الزخار 7/ 129 2681
وصححه التويجري في إتحاف الجماعة لأن بقية صرح بالتحديث.
لكن بقية يدلس تدليس تسوية وإنما صرح بالتحديث عن شيخة، ولم يصرح بالتحديث عن شيخ شيخه وراجع تحقيقنا لكشف الأستار 3389
وتخريج سنن أبي داود (سيف بن دورة)
و الأرنؤوط ضعف الحديث في تخريج سنن ابي داود قال:
إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي-.
وقال محققو المسند 22764:
إسناده ضعيف لضعف بقية: وهو ابن الوليد
وانظر في صفة الدجال حديث سعد بن أبي وقاص، سلف برقم ((1526)).
وحديث ابن عباس، سلف برقم ((2148)).
وحديث ابن عمر، سلف برقم ((4804)).
وحديث أنس بن مالك، سلف برقم ((12004)).
وحديث جابر بن عبد الله، سلف برقم ((14112)).
وحديث النواس بن سمعان، سلف برقم ((17629)).
وحديث أبي بكرة، سلف برقم ((20401)).
وحديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سيأتي برقم ((23683)).
وحديث عائشة، سيأتي برقم ((24467)).
تنبيه:
في أحاديث معلة ظاهرها الصحة:
(407) – قال الإمام أحمد (ج (4) ص (20)): قالَ حَدَّثَنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قالَ حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ المُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ هِلالٍ عَنْ هِشامِ بْنِ عامِرٍ الأنْصارِيِّ قالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلىَ آلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ ما بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى أنْ تَقُومَ السّاعَةُ فِتْنَةٌ أكْبَرُ مِن فِتْنَةِ الدَّجّالِ).
واخرجه أبو عونه كما في «اتحاف المهرة» (ج (13) ص (631))، واخرجه الحاكم (ج (4) ص (528)) من طريقين عن ايوب، عن حميد بن هلال، عن هشام به. مع زيادة فيه وهي: انهم كانوا يمرون على هشام وياتون عمران بن الحصين، فقال هشام بن عامر: هؤلاء يجتازون الى رجل قد كنا اكثر مشاهدة الرسول الله واحفظ عنه، ولقد سمعت رسول الله فذكره.
وجاءعند احمد، والطبراني (ج (22) ص (174) (من طريق حماد بن زيد، عن ايوب عن أبي الدرهماء عن هشام بمثل حديث الحاكم، وقد تقدم لك قول أبي حاتم في «المرسيل»: ان حميد بن هلال لم يلق هشام بن عامر، وان الحفاظ لايدخلون بينهم احدا. ان يعني ان الصحيح فيها هو الا نقطاع. والحمدالله رب العالمين. إنتهى
قال ابن ابي حاتم:
(171) – سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ لَمْ يَلْقَ هِشامَ بْنَ عامِرٍ يَدْخُلُ بَيْنَهُ وبَيْنَ هِشامٍ أبُو قُتادَةَ العَدَوِيُّ ويَقُولُ بَعْضُهُمْ عَنْ أبِي الدَّهْماءِ والحُفّاظُ لا يُدْخِلُونَ بَيْنَهُمْ أحَدًا حُمِيدُ عَنْ هِشامٍ قِيلَ لَهُ فَأيُّ ذَلِكَ أصَحِّ قالَ ما رَواهُ حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أيُّوبٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ هِشامٍ
الحديث في صحيح مسلم
(126) – ((2946)) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ إسْحاقَ الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ المُخْتارِ، حَدَّثَنا أيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ رَهْطٍ، مِنهُمْ أبُو الدَّهْماءِ وأبُو قَتادَةَ قالُوا: كُنّا نَمُرُّ عَلى هِشامِ بْنِ عامِرٍ، نَاتِي عِمْرانَ بْنَ حُصَيْنٍ، فَقالَ ذاتَ يَوْمٍ: إنَّكُمْ لَتُجاوِزُونِي إلى رِجالٍ، ما كانُوا بِأحْضَرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي، ولا أعْلَمَ بِحَدِيثِهِ مِنِّي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «ما بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيامِ السّاعَةِ خَلْقٌ أكْبَرُ مِنَ الدَّجّالِ»،
ومسألة الانقطاع درسها صاحبنا ابوصالح حازم في رياح المسك في حديث دفن الرجلين والثلاثة في قبر فقال في تعليل أبي حاتم بالإنقطاع:
قلت تعقبه العلائي كما في جامع التحصيل فقال: ” أخرج له مسلم عن أبي قتادة وأبي الدهماء وغيرهما عن هشام بن عامر ” انتهى. قلت وأثبت البخاري أيضا كما في التاريخ الأوسط سماع حميد بن هلال من أبي الدهماء. وأما دعوى عدم اللقاء فأظنه لقاعدة شرط إثبات السماع وعدم الإكتفاء بالمعاصرة مع أمن التدليس وإمكان اللقاء
فأقول: سمع من عبد الله بن مغفل وقد مات عبد الله ما بين (57) إلى (61) هجرية وكان بصريا فسماع حميد وهو بصري من هشام ممكن، فهشام سكن البصرة ومات بها في حدود الستين للهجرة. وقال الذهبي في الميزان ” حميد بن هلال من جلة التابعين وثقاتهم بالبصرة، روى عن هشام بن عامر وعبد الله بن مغفل المزني وأنس …. وقال ابن المديني لم يلق عندي أبا رفاعة العدوي قلت روايته عنه عند مسلم”
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام:” وقال أيوب عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر …. فذكر الحديث ثم قال ومنهم من يقول حميد بن هلال عن سعد بن هشام بن عامر عن أبيه
وفِي ترجمة هشام قال الذهبي روى عنه سعد بن هشام …. وحميد بن هلال
ثم وقفت على قول أبي بكر الأثرم: ” سألت أبا عبد الله أحمد بن حَنْبَل عن حديث هشام بن عامر احفروا وأعمقوا وقلت يختلفون فيه؟ فقال نعم يضطربون فيه، قال أبو بكر فهذا قال فيه جرير بن حازم عن حميد بن هلال عن سعد بن هشام بن عامر عن أبيه،
وقال سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر وهكذا قال حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر إلا أن سليمان بن حرب حدثنا ببغداد عن حماد بن زيد عن أيوب عن حميد عن سعد بن هشام بن عامر عن أبيه ثم قال لي بالبصرة اترك فيه سعد بن هشام عن أبيه ورواه عبد الوارث فقال عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي الدهماء عن هشام بن عامر فلم يحكم أبو عبد الله لأحد منهم وأما غيره فقال الحديث حديث أبي الدهماء”
وقال الحافظ ابن حجر في إطراف المسند:” والظاهر أن حميدا سمعه من أبي الدهماء ومن سعد بن هشام، ثم سمعه من هشام نفسه، ففي طريق معمر، عن أيوب، عنه: أخبرنا هشام “.
قلت والظاهر أن الشيخ مقبلا رحمه الله استروح إفادة الأخ أبي الحسن الرازحي ثقة به حيث أشار لتلك الإفادة في نهاية البحث. والله أعلم
وورد في حديث فاطمة بنت قيس، وفيه قال تميم: ” قال: فانطلقنا سراعا، حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا ” رواه مسلم ((2942)).
ويكون خروجه من المشرق من بلاد فارسية يقال لها خراسان. عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الدجال يخرج من أرض بالشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة)) [د، جه، قال الألباني: صحيح].
ولكن ظهور أمره عندما يصل إلى مكان بين العراق والشام، عن النواس مرفوعا: ((إنه خارج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا)).
وسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن المدة التي يمكثها في الأرض، فقالوا: وما لبثه في الأرض؟ قال: ((أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم. قلنا يا رسول الله فذاك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا اقدروا له قدره)) [م]. وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن اليوم يطول حقيقةً لا مجازاً.
ولن يستطيع دخول مكة والمدينة، فعن أبي هريرة مرفوعاً: ((على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال)) [خ، م] .. [القيامة الصغرى، ص224].
المطلب الرابع: إمكانات الدجال التي تسبب الفتنة، وفيه خمس فروع:
الفرع الأول: سرعة انتقاله في الأرض
ففي حديث النواس بن سمعان في (صحيح مسلم): أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن إسراع الدجال في الأرض فقال: ((كالغيث استدبرته الريح))، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيجول في أقطار الأرض ولا يترك بلدا إلا دخله إلا مكة والمدينة؛ ففي حديث أنس في (الصحيحين): ((ليس من بلدٍ إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة)).
الفرع الثاني: جنته وناره
ومما يفتن الدجال به الخلق أن معه ما يشبه الجنة والنار أو معه ما يشبه نهرا من ماء ونهرا من نار، وواقع الأمر ليس كما يبدو للناس فإن الذي يرونه نارا إنما هو ماء بارد وحقيقة الذي يرونه ماء باردا نار. ففي (صحيح مسلم) عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((معه (أي: الدجال) جنة ونار، فناره جنة وجنته نار)).
الفرع الثالث: استجابة الجماد والحيوان لأمره
ففي حديث النواس بن سمعان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل)). [م].
الفرع الرابع: قتله ذلك الشاب ثم إحياؤه إياه
عن أبي سعيد الخدري قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما حدثنا قال: ((يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس – أو من خير الناس – فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر فيقولون لا. قال فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن – قال – فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه)). [خ، م].
الفرع الخامس: عقيدة أهل السنة والجماعة في المسيح الدجال
قال النووي في (شرحه لمسلم): قال القاضي: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى: من إحياء الميت الذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى: ومشيئته ثم يعجزه الله تعالى:
بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم ويثبت الله الذين آمنوا
هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وخلافا للبخاري المعتزلي وموافقيه من الجهمية وغيرهم في أنه صحيح الوجود ولكن الذي يدعي مخارف وخيالات لا حقائق لها وزعموا أنه لو كان حقا لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهذا غلط من جميعهم؛ لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له وإنما يدعي الإلهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه،
ولهذه الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة في سد الرمق أو تقية وخوفا من أذاه؛ لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأمر فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله ودلائل الحدوث فيه والنقص فيصدقه من صدقه في هذه الحالة. [القيامة الصغرى]. [موسوعة العقدية- الدرر السنية]
المسألة (الثالثة): مما يعصم العبد من فتنة المسيح الدجال:
كان كل نبي يُنذِر قومَه الأعورَ الدجال، إلا أن النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- اختُص بزيادة التحذير والإنذار؛ فإن الدجال خارج في هذه الأمة لا محالة؛ لأنها آخر الأمم، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- آخر الرسل، وخاتم النبيين.
ومن أسباب العِصمة منه: العلمُ الشرعيُّ بمعرفة أسماء الله وصفاتِه؛ فالدجَّال أعورُ، وربُّنا – سبحانه – ليس بأعوَر، والله لا يراه أحدٌ في الدنيا، والدجَّال يراه الناس، والدجَّال مكتوبٌ بين عينيه كافرٌ يقرؤه كل قارئٍ وغير قارئٍ.
قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: “المؤمنُ يتبيَّن له ما لا يتبيَّن لغيره، ولاسيَّما في الفتن”.
والفِرارُ من الفتن والابتِعادُ عنها عصمةٌ منها بإذن الله، قال – عليه الصلاة والسلام -: «من سمِع بالدجَّال فليَنْأَ عنه – أي: ليهرُب -؛ فوالله إن الرجلَ ليأتيه وهو يحسبُ أنه مؤمنٌ فيتَّبِعه مما يبعثُ به من الشُّبُهات، أو لما يبعثُ به من الشُّبُهات»؛ رواه أبو داود.
والتمسُّك بالدين فيه النجاة من الدجَّال؛ فإن أتباعَه غيرُ المؤمنين.
فمنها: سكنى المدينة ومكة المشرفتين تعصم من فتنة الدجال:
فقد روي في البخاري ومسلم من حديث الإِمام مالك عن نعيم المجمر عن نعيمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عَلَى انْقَابِ المدينة مَلاَئكةٌ لا يدخلها الطاعونُ ولا الدجال)).
وقال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن سعيد عن أبيه، حدثني أبو بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل المدينةَ رُعْبُ المسيح الدجالِ لها يومئذ سَبْعَةُ أبْوابٍ على كل بابٍ ملكان)).
وقد روي هذا من غير وجه عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة، وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع ومحجن بن الأدرع.
وقال الترمذي: حدثنا عبده بن عبد الله الخزاعي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتِي الدجالُ المدينةَ فيجدُ الملائكةَ يَحْرُسُونَها فلا يدخلها الطاعون ولا الدجال إِن شاءَ الله))
وأخرجه البخاري، عن يحيى بن موسى وإسحاق بن أبي عيسى عن يزيد بن هارون ومحجن وأسامة وسمرة بن جندب رضي الله عنهم أجمعين.
وقد ثبت في الصحيح: ((أنَّهُ لا يدخلُ مكةَ ولا المدينةَ تَمْنَعهُ الملائكةُ))
لشرف هاتين البقعتين فهما حرمان آمنان منه، وإنما إذا نزل نزل عند سبخة المدينة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات إما حساً أو معنى على القولين فيخرج منها كل منافق ومنافقة ويومئذ تنفي المدينة خبثها ويسطع. طيبها كما تقدم في الحديث، والله أعلم.
ومنها: ذكر ما يعصم من الدجال الاستعاذة المخلصة باللّه تعصم من فتنة الدجال
فمن ذلك الاستعاذة من فتنته، فقد ثبت في الأحاديث الصحاح من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من فتنة الدجال في الصلاة وأنه أمر أمته بذلك أيضاً فقال: “اللَّهم إنا نعوذُ بك من عَذاب جَهَنَّمَ ومن فتنةِ القبْر ومنْ فتنة الْمَحْيَا والممَاتِ ومِنْ فتنةِ المسِيح الدجال”.
وذلك من حديث أنس وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وسعد وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وغيرهم:
والاستعاذة بالله من الفتنة تكون في الصلاة عقب التشهد الأخير من كل صلاة، فقد روى الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو في صلاته، فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال)).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا تَشَهَّدَ أحدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ من أربع؛ يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم, ومن عذاب القبر, ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال)) رواه مسلم.
وكان طاوس – رحمه الله – يأمُر ابنَه بإعادة الصلاة إذا لم يقرأ بهذا الدعاء في صلاتِه.
ومنها: أنه ينبغي لكل مسلم -لاسيما من عنده علم- أن يبث أحاديث الدجال بين الناس، فقد ورد إن من علامات خروجه نسيان ذكره على المنابر، قال -صلى الله عليه وسلم-: “لا يخرج الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره، وحتى تترك الأئمة ذكره على المنابر” رواه البيهقي.
ومنها: حفظ آيات من سورة الكهف؛ قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي والاستعاذة من الدجال متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أبو داود.
والقرآنُ الكريمُ أصلُ العِصمة من كل فتنةٍ، ومن سمِع بخرُوجه وهو حافظٌ لعشر آياتٍ من أول سورة الكَهف عُصِم منه بإذن الله، ومن رآه فليقرَأ عليه فواتِح سُورة الكَهف.
قال – عليه الصلاة والسلام -: «فمن أدركَه منكم فليقرَأ عليه فواتِح سورة الكَهف»؛ رواه مسلم.
وهذا من خصوصيات سورة الكهف التي جاءت الأحاديث بالحث على قراءتها، وخاصة في يوم الجمعة؛ عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمُعتين” رواه الحاكم وهو صحيح.
وإذا كثُر أتباعُه وعمَّت فتنتُه ينزلُ عيسى – عليه السلام – عند المنارة الشرقية بدمشق، فيلتفُّ عباد الله حولَه، فيلحقُ عيسى – عليه السلام – بالدجَّال حين توجُّهه إلى بيت المقدِس، فيُدرِكُه عند بابِ لُدٍّ في فلسطين، فإذا رآه الدجَّالُ ذابَ ذوَبَان المِلح، فيلحَقُه عيسى – عليه السلام – فيقتُلُه بحربةٍ. [النهاية في الفتن والملاحم، فتنة المسيح الدجال، من أشراط الساعة الكبرى: المسيح الدجال] سبق في التعليق على الصحيح المسند (ج2/ رقم 1101) ذكر ما يتعلق بالمسيح الدجال.
المسألة (الرابعة): الفتاوى:
[ما عقيدة أهل السنة في المسيح الدجال؟]
س: ما عقيدة أهل السنة والجماعة في المسيح الدجال؟ وهل هو الذي قد سمع منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو أراد أن يسمع منه شيئًا أم هو رجلٌ غيره؟ أفيدونا أثابكم الله.
ج: “المسيح الدجال: عقيدة أهل السنة والجماعة فيه ما جاءت به الأحاديث الصَّحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه حقٌّ، وأنه يخرج في آخر الزمان، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما بعث الله من نبيٍّ إلا أنذره قومَه، حتى نوح أنذره قومه، وقد أنذره نبينا الأمة، وقال فيه ما لم يقل غيرُه، وأنه مسيح العين اليمنى، كأنها عنبةٌ طافيةٌ، وأنه يكون في آخر الزمان، يمكث في الأرض أربعين يومًا: يوم كشهر، ويوم كسنة، ويوم كأسبوع، وباقي الأيام كأيامنا، مكتوبٌ بين عينيه “كافر” كاف وفاء وراء، يقرأه كلُّ مؤمنٍ، كاتب وغير كاتب.
فهو حقٌّ، ووجوده حقٌّ لا بدّ منه، ولكنه أكذب الناس، وأكفر الناس -نعوذ بالله- ولهذا سُمّي: دجالًا؛ لكثرة كذبه، وهو كافرٌ، يدَّعي أنه نبيٌّ، ثم يدَّعي أنه ربُّ العالمين، قال عليه الصلاة والسلام: ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمرٌ أعظم من الدجال.
فالدجال حقيقة واقعة، يكون في آخر الزمان، وليس زمانه بالبعيد، والله أعلم، فينبغي الحذر من فتنته، وقد شرع الله لنا أن نتعوَّذ بالله من فتنته في آخر كل صلاةٍ: من فتنة المسيح الدجال، وهو يكون في آخر الزمان، وقد حرّم الله عليه المدينة ومكة، ولكنه يعيثُ في الأرض فسادًا، ويطأ الأرضَ، ويحمي الله منه مَن يشاء من عباده جلَّ وعلا، فمَن أدركه فليقرأ عليه العشر الأُول من أول الكهف، والعشر الأواخر من آخر الكهف -العشر الآيات؛ فإنها من أسباب السلامة من شرِّه، كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وليحذر قربه، وليبتعد عنه؛ لعله ينجو من شرِّه، نسأل الله السلامة.
س: وابن صيَّاد يا شيخ؟
الشيخ: أما مَن أدركه النبيُّ فهو ابن صايد، ويُقال له: ابن صيَّاد، هذا ليس هو الدجال، ولهذا لما أراد عمر قتله قال: لا خيرَ لك في قتله، إن يكُ هو فلا تُسلط عليه، وإن لم يكُ هو فلا خيرَ لك في قتله، والمعروف أنه في جزيرةٍ من الجزر ينتظر أن يُؤذَن له في الخروج، وهو من بني آدم، سوف يخرج في الوقت الذي حدَّده الله له.
س: هو المسيخ أو المسيح؟
الشيخ: المسيح بالحاء، مثل: ابن مريم؛ لأنه يمسح الدنيا، يمر بالأرض، وقال بعضُهم: المسيخ بالخاء، لكن الصحيح بالحاء، كالمسيح ابن مريم.”.
[انظر: فتاوى الدروس، ما عقيدة أهل السنة في المسيح الدجال؟ الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله].
إشكال وجوابه: كون الكتابة يقرؤها المؤمنون دون الكافرين:
وهذه الكتابة حقيقية على ظاهرها، ولا يشكل رؤية بعض الناس لهذه الكتابة دون بعض، وقراءة الأمي لها «وذلك أن الإدراك في البصر يخلقه الله للعبد كيف شاء ومتى شاء، فهذا يراه المؤمن بعين بصره، وإن كان لا يعرف الكتابة / ولا يراه الكافر ولو كان يعرف الكتابة، كما يرى المؤمن الأدلة بعين بصيرته ولا يراه الكافر فيخلق الله للمؤمن الإدراك دون تعلّم، لأن ذلك الزمن تنخرق فيه العادات» فتح الباري لابن حجر العسقلاني ((13) / (100)).
ومختصر الجواب عن الإشكال أنّ الله على كلّ شيء قدير فهو قادر على أن يري هذه الكتابة بعض الناس دون بعض وقادر على أن يجعل الأمّي يقرؤها.
قال النووي: «الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها، وأنها كتابة حقيقية جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله يظهرها الله لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته، ولا امتناع في ذلك» شرح النووي لصحيح مسلم ((18) / (60)).