1168 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم .
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1168):
قال الإمام البزار رحمه الله تعالى كما في «كشف الأستار» (ج ٣ ص ١٤٢): حدثنا أحمد بن منصور، قال: ثنا أسود بن عامر، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن الحسين، عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن رجلا من أهل فارس أتى النبي ﷺ، فقال له النبي ﷺ: «إن ربي قتل ربك» يعني: كسرى.
حدثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا حبان، ثنا جعفر بن سليمان، عن كثير أبي سهل ثقة مأمون، عن الحسين، عن أبي بكرة، قال: فذكر نحوه.
هذا حديث صحيح، وحماد هو ابن سلمة، وحميد هو ابن أبي حميد الطويل، والحسن هو البصري.
والحمادان قد روي عنها الأسود بن عامر، ورويا عن حميد الطويل، لكن لأجل اختصاص حماد بن سلمة بحميد؛ لأن حماد بن سلمة هو ابن أخت حميد، كما في «تهذيب التهذيب»، لأجل ذلك قلنا: إن حماذا هو ابن سلمة، والله أعلم.
وحبان في السند الثاني هو ابن هلال كما في ترجمة جعفر بن سليمان من «تهذيب التهذيب».
وكثير أبو سهل هو ابن زياد كما في «تهذيب التهذيب».
===================
ينتظم الحديث في الباب كالتالي:
الحديث جعله الوادعي رحمه الله في كتاب دلائل النبوة، باب: “١١ – إخباره – ﷺ – عن أمور مُغيَّبة فوقعت كما أخبر”، رقم (2257).
بسم الله الرحمن الرحيم. قال: بَابُ: مَا جَاءَ فِي مَوْتِ كِسْرَى وَإِخْبَارِ النَّبِيِّ ﷺ بِذَلِكَ.
و(كسرى) قال المجد رحمه الله: وكِسْرى – أي: بكسر الكاف – ويُفتح: مَلِك الفُرس، مُعَرَّبُ خُسْرَوْ؛ أي: واسع الملك، جمعه أكاسرةٌ، وكَساسرةٌ، وأكاسرُ، وكُسُورٌ، والقياس: كِسْرَوْنَ، كعِيسَوْنَ، والنسبة: كِسريّ، وكِسْرَويّ. انتهى [«القاموس المحيط» ص ١١٣١].
وقال الفيّوميّ رحمه الله: وكِسْرى: مَلِك الفُرْس، قال أبو عمرو بن العلاء: بكسر الكاف لا غيرُ، وقال ابن السرّاج – كما رواه عنه الفارسيّ، واختاره ثعلبٌ، وجماعة – الكسر أفصح من الفتح، والنسبة إلى المكسور: كِسْريٌّ، وكِسْرَويّ، بحذف الألف، وبقلبها واوًا، والنسبة إلى المفتوح بالقلب لا غير، والجمع: أكاسرة. انتهى [«المصباح المنير» ٢/ ٥٣٣].
و(كسرى) بكسر الكاف، ويجوز الفتح، وهو لقبٌ لكل من وليَ مملكة الفرس، وقيصر لقب
لكل من وليَ مملكة الروم، قال ابن الأعرابيّ: الكسر أفصح في كسرى، وكان أبو
حاتم يختاره، وأنكر الزجاج الكسر على ثعلب، واحتج بأن النسبة إليه كَسرويّ
بالفتح، ورَدّ عليه ابن فارس بأن النسبة قد يُفتح فيها ما هو في الأصل مكسور، أو
مضموم، كما قالوا في بني تغلب، بكسر اللام: تَغْلَبيّ، بفتحها، وفي سَلِمة
كذلك، فليس فيه حجة على تخطئة الكسر، والله أعلم، ذكره في الفتح. [»الفتح«٨/ ٢٩٥،»كتاب المناقب” رقم (٣٦١٨)].
وقال في «الفتح»: وكَسرى بفتح الكاف، وكسرها: هو ابن برويز بن هُرمز بن أنو شروان، وهو كسرى الكبير المشهور، وقيل: إن الذي بعث إليه النبيّ – ﷺ – هو أنو شروان، وفيه نظر؛ لأن النبيّ – ﷺ – أخبر أن ابنه زربان يقتله، والذي قتله ابنه هو كسرى بن برويز بن هرمز. انتهى [ «الفتح» ١/ ٢٧٥، كتاب «العلم» رقم (٦٥) و٩/ ٥٨١، كتاب «المغازي» رقم (٤٤٢٤)].
والصحابيّ الذي أرسله النبيّ – ﷺ – إليه هو عبد الله بن حُذافة السهميّ – رضي الله عنه -.
وقال النوويّ: قال المطرِّز، وابن خالويه، وآخرون من الأئمة، كلامًا متداخلًا، حاصله أن كل من مَلَك المسلمين، يقال له: أمير المؤمنين، ومن مَلَك الروم: قيصر، ومن مَلَك الحبشة: النجاشيّ، ومن مَلَك اليمن: تُبَّع، ومن مَلَك حِمْيَر: القَيْل، بفتح القاف، وقيل: القَيل أقلّ درجة من المَلِك. انتهى.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَاذَانُ أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ ﷺ: إِنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّكَ يَعْنِي كِسْرَى. قَالَ: وَقِيلَ لَهُ – يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ – إِنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ.
وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ، أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ وَجَدَ عِنْدَهُ رُسُلَ عَامِلِ كِسْرَى عَلَى صَنْعَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، فَكَتَبَ كِسْرَى إِلَى صَاحِبِهِ بِصَنْعَاءَ يَتَوَعَّدُهُ وَيَقُولُ: أَلَا تَكْفِينِي رَجُلًا خَرَجَ بِأَرْضِكَ يَدْعُونِي إِلَى دِينِهِ، لَتَكْفِنِيهِ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ، فَبَعَثَ صَاحِبُ صَنْعَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ كِتَابَ صَاحِبِهِمْ تَرَكَهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: اذْهَبُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَقُولُوا: إِنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ، فَانْطَلَقُوا فَأَخْبَرُوهُ، قَالَ دِحْيَةُ: ثُمَّ جَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ كِسْرَى قُتِلَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
وَذَكَرَهُ أَيْضًا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ بِمَعْنَاهُ، وَسَمَّى الْعَامِلَ الَّذِي كَتَبَ إِلَيْهِ كِسْرَى، فَقَالَ: بَاذَانُ صَاحِبُ الْيَمَنِ، فَلَمَّا جَاءَ بَاذَانَ الْكِتَابُ اخْتَارَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِمَا كَتَبَ بِهِ كِسْرَى مِنْ رُجُوعِهِ إِلَى دِينِ قَوْمِهِ أَوْ تَوَاعُدِهِ يَوْمًا بِلِقَائِهِ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: وَأَبْلِغَاهُ أَنَّ رَبِّي قَتَلَ رَبَّهُ فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِاللهِ الْحَافِظُ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَقْبَلَ سَعْدٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ وَجْهَ سَعْدٍ خَيْرٌ، أَوْ قَالَ: الْخَيْرُ، قَالَ: قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَ، أَوْ قَالَ: قُتِلَ كِسْرَى، فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ كِسْرَى، أَوَّلُ النَّاسِ هَلَاكًا فَارِسُ ثُمَّ الْعَرَبُ.
ورجاله كالآتي:
أبو عبدالله الحافظ هو محمد بن عبدالله الحاكم الإمام صاحب المستدرك، وأبو سعيد ابن أبي عمرو هو محمد بن موسى وثقة الذهبي، وأبو العباس الأصم هو محمد بن يعقوب السناني وثقه ابن خزيمة وأبو نعيم والذهبي وغيرهم، وقال عنه الذهبي في السير: سمع من الآباء والأبناء والأحفاد، وكفاه شرفا أن يحدث طول تلك السنين ولا يجد أحد فيه مغمزا بحجة، وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبدالله بن يونس ينسب لجده ثقة حافظ من كبار العاشرة، روى له الجماعة، وأبو بكر بن عياش هو الأسدي المقرئ مشهور بكنيته والأصح أنها اسمه، رجح ذلك أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال، وابن حجر ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه الصحيح من السابعة روى مسلم في المقدمة وأهل السنن، وداود هو داود بن علي بن العباس بن عبدالمطلب الهاشمي أبو سليمان أمير مكة وغيرها مقبول من السادسة، روى له البخاري في الأدب المفرد والترمذي، وأبوه علي بن العباس ثقة عابد من الثالثة روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأهل السنن،
عند أحمد 10655 ان في وجه سعد لخبرى ….. الحديث قال محققو المسند: ضعيف من اجل داود
وقال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رجلا من أهل فارس أتى النبي ﷺ فقال: إن ربي تبارك وتعالى قد قتل ربك -يعني كسرى- قال فقيل له يعني النبي صلى الله عليه وسلم إنه قد استخلف ابنته، قال: فقال: لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة قلت: هذه العبارة الأخيرة رواها البخاري في صحيحه، والحديث بكامله رواه البيهقي في دلائل النبوة من طريق أسود بن عامر، قال الألباني بعده في الصحيحة: وإسناده على شرط مسلم ولا علة فيه سوى ما يخشى من عنعنة الحسن البصري من التدليس، ولكنه صرح بالتحديث في رواية أخرى عند أحمد؛ فصح الحديث والحمد لله.
وأخرج أبو نعيم عن دحية بن خليفة الكلبي أن النبي ﷺ قال: اذهبوا إلى صاحبكم فأخبروه أن ربي قد قتل ربه الليلة يعني كسرى، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ولم أقف على سنده عند أبي نعيم.
ورواه ابن جريج الطبري في التاريخ عن يزيد بن أبي حبيب مرسلًا.
الشيخ: بارك الله فيك، فيه الإخبار بموته، لا بأس به، السند الأول مقبول، لكن له شاهد، الثاني يكون به حَسَنًا”.
[الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، فتاوى الدروس ما صحة وروايات حديث التبشير بقتل كِسْرى؟، وانظر: دلائل النبوة للبيهقي، جماع أبواب السرايا التي تذكر بعد فتح خيبر وقبل عمرة القضية وان كان تاريخ بعضها ليس بالواضح عند أهل المغازي، باب: ما جاء في موت كسرى وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك].
(أولاً):
أحاديث في الباب:
١١ – حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه، قالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُها مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أيّامَ الجَمَلِ، بَعْدَ ما كِدْتُ أنْ ألْحَقَ بِأصْحابِ الجَمَلِ فَأُقاتِلَ مَعَهُمْ، قالَ: لَمّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أنَّ أهْلَ فارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرى، قالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةً»، (خ) ٤٤٢٥
– حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أبِي بَكْرَةَ، قالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أيّامَ الجَمَلِ، لَمّا بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ أنَّ فارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرى قالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةً»، (خ) ٧٠٩٩
– حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى قالَ: حَدَّثَنا خالِدُ بْنُ الحارِثِ قالَ: حَدَّثَنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ أبِي بَكْرَةَ قالَ: عَصَمَنِي اللَّهُ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمّا هَلَكَ كِسْرى، قالَ: «مَن اسْتَخْلَفُوا؟» قالُوا: ابْنَتَهُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمْ امْرَأةً»، قالَ: فَلَمّا قَدِمَتْ عائِشَةُ يَعْنِي: البَصْرَةَ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَعَصَمَنِي اللَّهُ بِهِ: هَذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، (ت) ٢٢٦٢ [قال الألباني]: صحيح.
– أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، قالَ: حَدَّثَنا خالِدُ بْنُ الحارِثِ، قالَ: حَدَّثَنا حُمَيْدٌ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ أبِي بَكْرَةَ قالَ: عَصَمَنِي اللَّهُ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمّا هَلَكَ كِسْرى قالَ: «مَنِ اسْتَخْلَفُوا؟» قالُوا: بِنْتَهُ، قالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةً»، (س) ٥٣٨٨ [قال الألباني]: صحيح.
– حَدَّثَنا يَحْيى، عَنْ عُيَيْنَةَ، أخْبَرَنِي أبِي، عَنْ أبِي بَكَرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ أسْنَدُوا أمْرَهُمْ إلى امْرَأةٍ» (حم) ٢٠٤٠٢
– حَدَّثَنا أسْوَدُ بْنُ عامِرٍ، حَدَّثَنا حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أبِي بَكَرَةَ، أنَّ رَجُلًا مِن أهْلِ فارِسَ أتى النَّبِيَّ ﷺ، فَقالَ: إنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّكَ، يَعْنِي كِسْرى، قالَ: وقِيلَ لَهُ، يَعْنِي لِلنَّبِيِّ ﷺ، «إنَّهُ قَدْ اسْتَخْلَفَ ابْنَتَهُ»، قالَ: فَقالَ: «لا يُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمْ امْرَأةٌ» (حم) ٢٠٤٣٨
– حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنا عُيَيْنَةُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَكَرَةَ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ أسْنَدُوا أمْرَهُمْ إلى امْرَأةٍ» (حم) ٢٠٤٧٤
– حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، أخْبَرَنا عُيَيْنَةُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَكَرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لا يُفْلِحُ قَوْمٌ أسْنَدُوا أمْرَهُمْ إلى امْرَأةٍ» (حم) ٢٠٤٧٧
– حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، حَدَّثَنا مُبارَكُ بْنُ فَضالَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أبِي بَكَرَةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا يُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمْ امْرَأةٌ» (حم) ٢٠٤٧٨
– حَدَّثَنا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنا حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكَرَةَ قالَ: قالَ أبُو بَكَرَةَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن يَلِي أمْرَ فارِسَ؟» قالُوا: امْرَأةٌ، قالَ: «ما أفْلَحَ قَوْمٌ يَلِي أمْرَهُمْ امْرَأةٌ» (حم) ٢٠٥٠٨
– حَدَّثَنا هاشِمٌ حَدَّثَنا مُبارَكٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أبِي بَكَرَةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمْ امْرَأةٌ» (حم) ٢٠٥١٧
– أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السّامِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قالَ: حَدَّثَنا مُبارَكُ بْنُ فَضالَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أبِي بَكْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأةٌ» (رقم طبعة با وزير: ٤٤٩٩)، (حب) ٤٥١٦ [قال الألباني]: صحيح – «الإرواء» (٢٤٥٦).
[ المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة، (ج4/ص489)]
(ثانيًا):
“كتب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء:
“كان من هدي نبينا – صلى الله عليه وسلم – أنه لا يبدأ أحدًا بقتال إلا إذا بلغه الدعوة، ودعاه إلى الله تعالى، وقد اتبع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذا المنهج التزامًا بأوامر الله تعالى له، اتبع هذا المنهج مع جميع من حاربهم من القبائل العربية، واتبع هذا المنهج مع ملوك الأرض وأباطرتها في عصره، فدعاهم إلى الله تعالى، فأرسل إليهم رسله، وبعث إليهم كتبه يدعوهم إلى الله تعالى، ولم يستثن أحدًا منهم”.
[تنبيه]: عدد من كتب إليهم النبيّ – ﷺ – من الملوك – فيما قاله الداوديّ – سبعة، وهم: هِرَقل، وكِسرى، والنجاشيّ، والمقوقس، وملك غسّان، وهَوْذة بن عليّ، والمنذر بن ساوى، وقد زاد ابن هشام عليهم، ودونك نصّه:
قال ابن هشام: وقد كان رسول الله – ﷺ – بعث إلى الملوك رسلًا من أصحابه، وكتب معهم إليهم يدعوهم إلى الإسلام، قال ابن هشام: حدّثني من أثق به، عن أبي بكر الهُذَليّ، قال: بلغني أن رسول الله – ﷺ – خرج على أصحابه ذات يوم بعد عمرته التي صُدّ عنها يوم الحديبية، فقال: «أيها الناس إن الله قد بعثني رحمة، وكافة، فلا تختلفوا عليّ، كما اختَلَف الحواريون على عيسى ابن مريم»؛ فقال أصحابه: وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله؟ قال: «دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه، فأما من بعثه مبعثًا قريبًا، فرضي وسَلّم، وأما من بعثه مبعثًا بعيدًا فكره وجهه، وتثاقل، فشكا ذلك عيسى إلى الله، فأصبح المتثاقلون وكل واحد منهم يتكلم بلغة الأمة التي بُعِث إليها».
فبعث رسول الله – ﷺ – رسلًا من أصحابه، وكَتَب معهم كتبًا إلى الملوك، يدعوهم فيها إلى الإسلام، فبعث دحية بن خليفة الكلبيّ إلى قيصر ملك الروم؛ وبعث عبد الله بن حُذافة السَّهْميّ إلى كسرى، ملك فارس؛ وبعث عمرو بن أمية الضَّمْريّ إلى النجاشيّ، ملك الحبشة، وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس، ملك الإسكندرية؛ وبعث عمرو بن العاص السهميّ إلى جيفر، وعياد ابني الجُلُنديّ [في الحاشية: “قال في «القاموس»: وجُلَنْداءُ بضمّ أوله، وفتح ثانيه، ممدودةً، وبضمّ ثانيه مقصورة: اسم ملك عُمان، ووهِم الجوهريّ، فقصره مع فتح ثانيه، قال الأعشى [من الخفيف]:
وجُلَنْداءَ فِي عُمانَ مُقِيمًا … ثُمَّ قَيْسًا فِي حَضْرَمَوتَ المُنِيفِ
انتهى.”. انتهى]
الأزديين ملكي عمان؛ وبعث سَلِيط بن عمرو، أحد بني عامر بن لؤيّ، إلى ثمامة بن أُثال، وهَوْذة بن عليّ الحنفيين ملكي اليمامة؛ وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبديّ ملك البحرين؛ وبعث شجاع بن وهب الأسديّ إلى الحارث بن أبي شَمِر الغساني، ملك تخوم الشام، وبعث شجاع بن وهب إلى جَبَلة بن الأيهم الغَسّانيّ، وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزوميّ إلى الحارث بن عبد كلال الحميريّ، ملك اليمن [«سيرة ابن هشام» ٢/ ٦٠٦ – ٦٠٧].
وذكر ابن سعد: أن رسول الله – ﷺ -، لما رجع من الحديبية في ذي الحجة سنة ست، أرسل الرسل إلى الملوك، يدعوهم إلى الإسلام، وكتب إليهم كتبًا، فقيل: يا رسول الله، إن الملوك لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا، فاتخذ رسول الله – ﷺ -، يومئذ خاتمًا من فضة، فَصّه منه، نقشه ثلاثة أسطر: محمد رسول الله، وختم به الكتب، فخرج ستة نفر منهم في يوم واحد، وذلك في المحرم سنة سبع، وأصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم، فكان أول رسول بعثه رسول الله – ﷺ – عمرو بن أمية الضمريّ إلى النجاشيّ، وكتب إليه كتابين يدعوه في أحدهما إلى الإسلام، ويتلو عليه القرآن، فأخذ كتاب رسول الله – ﷺ -، فوضعه على عينيه، ونزل من سريره، فجلس على الأرض تواضعًا، ثم أسلم، وشَهِد شهادة الحقّ، وقال: لو كنت أستطيع أن آتيه لأتيته، وكتب إلى رسول الله – ﷺ – بإجابته، وتصديقه، وإسلامه، على يدي جعفر بن أبي طالب، لله رب العالمين؛ وفي الكتاب الآخر يأمره أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت قد هاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسديّ، فتنصر هناك، ومات، وأمره رسول الله – ﷺ -، في الكتاب أن يبعث إليه بمن قِبَله من أصحابه، ويحملهم، ففعل، فزوّجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وأصدق عنه أربعمائة دينار، وأمر بجهاز المسلمين وما يصلحهم، وحملهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمريّ، ودعا بحُقّ من عاج، فجعل فيه كتابي رسول الله – ﷺ -، وقال: لن تزال الحبشة بخير ما كان هذان الكتابان بين أظهرها. انتهى [«الطبقات الكبرى لابن سعد» ١/ ٢٥٨ – ٢٥٩].
(ثالثًا):
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك الفرس:
608 – من حديث ابن عباس رضي الله عنهما “أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه، فحسبت ابن المسيب، قال: فدعا عليهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يمزقوا كل ممزق”.
[أخرجه البخاري في المغازي، باب: كتاب النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى كسرى وقيصر، حديث رقم: 4424، فتح: 8/ 126، أحمد في المسند: 1/ 243، 305].
609 – من مرسلات سعيد بن المسيب، قال: “كتب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى كسرى وقيصر، والنجاشي كتابًا واحدًا.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
من محمَّد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى كسرى وقيصر والنجاشي، أما بعد:
{تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
فأما كسرى، فمزق كتابه، ولم ينظر فيه، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مزق ومزقت أمته))
[أخرجه أبو عبيد في الأموال رقم: 59، صفحة 32، وقد اتفقت كلمة العلماء على سعيد بن المسيب وأن جميع مراسيله صحيحه، وأنه كان لا يرسل إلا عن ثقة من كبار التابعين أو صحابي معروف، انظر أقوال العلماء في ذلك (جامع التحصيل في أحكام المراسيل ص: 45 – 46 – 99، وقد جاء ما يؤيده من مرسل يزيد بن أبي حبيب عند ابن جرير الطبري في تاريخه: 2/ 3 / 90، قبل غزوة خيبر فالحديث بذلك: حديث حسن].
610 – مرسل يزيد بن حبيب رضي الله عنه قال: “وبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم إلى كسرى بن هرمز ملك فارس وكتب معه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(من محمَّد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاء الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيًّا، ويحق القول على الكافرين، فإن تسلم، وإن أبيت فإن إثم المجوس عليك).
قال: فلما قرأه شقه وقال: يكتب إلي بهذا وهو عبدي”.
قال: ثم كتب كسرى إلى باذان، وهو على اليمن، أن أبعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين، فليأتياني به، فبعث باذان قهرمانه، وهو بابويه وكان كاتبًا حاسبًا بكتاب فارس، وبعث معه رجلًا من الفرس يقال له خرخسرة، وكتب معهما إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى، وقال لبابويه: ائت بلد هذا الرجل، وكلمه، وائتني بخبره، فخرجا حتى قدما الطائف فوجدا رجالًا من قريش بجنب من أرض الطائف، فسألاهم عنه، فقالوا: هو بالمدينة، واستبشروا بهما، وفرحوا، وقال بعضهم لبعض: ابشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك كفيتم الرجل!
فخرجا حتى قدما على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فكلمه با١٣ضضض١ضبويه، فقال: إن شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثني إليك لتنطلق معي، فإن فعلت كتب فيك إلى ملك الملوك ينفعك، ويكفه عنك، وإن أبيت فهو من قد علمت، فهو مهلكك، ومهلك قومك، ومخرب بلادك.
ودخلا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقد حلقا لحاهما، وأعفيا شواربهما، فكره النظر إليهما، ثم أقبل عليهما، فقال: ((ويلكما من أمركما بهذا؟)) قالا: أمرنا بهذا ربنا؛ يعنيان كسرى، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((ولكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي، وقص شاربي))، ثم قال: (ارجعا حتى تأتياني غدًا).
قال: وأتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الخبر من السماء بأن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله، في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا من الليل سلط عليه ابنه شيروه فقتله، قال: فدعاهما فأخبرهما، فقالا: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا، فنكتب عنك بهذا، ونخبر الملك؟ قال: (نعم أخبراه ذلك عني، وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى، وينتهي إلى منتهى الخف والحافر، وقولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك، وملكتك على قومك من الأبناء”.
ثم أعطى خرخسرة منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك.
فخرجا من عنده حتى قدما على باذان، فأخبراه الخبر، فقال: والله ما هذا بكلام ملك، وإني لأرى الرجل نبيًّا كما يقول، وليكونن ما قد قال، فلئن كان هذا حقًّا فهو نبي مرسل، وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا، فلم ينشب باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه: “أما بعد فإني قد قتلت كسرى، ولم أقتله إلا غضبًا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم وتجميرهم في ثغورهم، فإذا جاءك كتابي هذا فخد لي الطاعة من قبلك، وانطلق إلى الرجل الذي كان كسرى قد كتب فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه”.
فلما انتهى كتاب شيرويه إلى باذان، قال: “إن هذا الرجل لرسول. فأسلم، وأسلمت الأبناء من فارس من كان منهم باليمن، وقال: وقد قال بابويه لباذان: ما كلمت رجلًا قط أهيب عندي منه، فقال له باذان: هل معه شُرَط؟ قال: لا)”.
[أخرجه ابن جرير الطبري في تاريخه المجلد الثاني الجزء الثالث ص: 90 – 91، وابن كثير في سيرته: 3/ 508 – 510، نقلًا عن ابن جرير، وابن سعد في الطبقات: 1/ 2 / 147، من حديث عبيد الله بن عبد الله بن مسعود مرسلًا أيضًا بإسناد صحيح، ووصله ابن بشران في الأمالي من حديث أبي هريرة بسند واه، وحسنه الألباني بهذين الشاهدين” كما في تعليقه على فقه السيرة: ص: 389].[صحيح السيرة، ]
(رابعًا): الجمع
قوله (قَدْ ماتَ كِسْرى فَلا كسْرى بَعْدَهُ)
ظاهر هذه الرواية أنه – ﷺ – قاله بعد موت كسرى، بخلاف قوله في قيصر، فإنه قاله في حياته، وفي حديث جابر بن سمرة – رضي الله عنه -: «إذا هَلَكَ كِسْرى، فَلا كِسْرى بَعْدَهُ»، وهو ظاهر في كونه قاله في حياته، ويوافق الرواية الأولى ما وقع عند البخاريّ عن أبي بكرة – رضي الله عنه – قال: «لمّا بلغ رسول الله – ﷺ – أن أهل فارس قد مَلّكوا عليهم بنت كسرى، قال: لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة».
فظاهر الروايتين التنافي، وجَمَع بينهما أبو العباس القرطبيّ بأن أبا هريرة سمع ذلك من النبيّ – ﷺ – مرتين:
إحداهما: قبل موت كسرى، بلفظ: «إذا هلك كسرى»،
والأخرى بعد موته، بلفظ: «قد مات كسرى»، وقال القرطبي إنه بعيد، ثم قال: ويَحْتَمِل أن يفرق بين الموت والهلاك، فيقال: إن موت كسرى قد وقع في حياة النبيّ – ﷺ -، فأخبر عنه بذلك، وأما إهلاك مُلكه فلم يقع إلا بعد موت النبيّ – ﷺ -، وموت أبي بكر – رضي الله عنه -، وذلك في خلافة عمر – رضي الله عنه -.
وقال وليّ الدين رحمه الله:
الظاهر أن قوله في تلك الرواية: «قد مات كسرى» من الإخبار عن الشيء قبل وقوعه؛ لتحقق وقوعه، كما في قوله تعالى: ﴿أتى أمْرُ اللَّهِ﴾ [النحل ١] فعبَّر عن المستقبل بالماضي؛ لتحقق وقوعه، وتتفق
الروايتان، والله أعلم. انتهى [طرح التثريب في شرح التقريب، ٧/ ٢٤٣].
قال الأتيوبي رحمه الله: ما قاله وليّ الدين في وجه الجمع هو الأرجح.
قال الحافظ رحمه الله:
وهذا الجمع أولى؛ لأن مخرج الروايتين متّحدٌ، فحَمْله على التعدد على خلاف الأصل، فلا يصار إليه، مع إمكان هذا الجمع، والله أعلم. انتهى [الفتح ٨/ ٢٩٦].
وحاصله: أن قوله – ﷺ -: «مات كسرى» لا يعارض قوله: «إذا هلك كسرى»؛ لأن إلّأول إخبار بما سيقع، عبّر عنه بالماضي عن المستقبل؛ لتحقّق وقوعه، وللتفاؤل به، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج].
(خامسًا): معناه
حَكى القاضي أبو بكر ابن العربيّ في معناه قولين:
أحدهما: أن معناه: لا يعود للروم، ولا للفرس مُلك، قال: وهذا يصح في كسرى، وأما الروم فقد أنبأ النبيّ – ﷺ – ببقاء مُلكهم إلى نزول عيسى ،
وقد سبق حديث المستورد بن شدّاد القرشي – ضي الله عنه -، أنه قال: سمعت رسول الله – ﷺ – يقول: «تقوم الساعة، والروم أكثر الناس».
القول الثاني: أن معناه: إذا هلك كسرى وقيصر فلا يكون بعدهما مثلهما، قال: وكذلك كان، وهذا أعمّ، وأتمّ.
قال وليّ الدين: ومما انقرض، ولم يَعُدْ بقاؤه اسم قيصر؛ لأن ملوك الروم لا يُسَمَّون الآن بالأقاصرة، وذهب ذلك الاسم عن ملكهم، فصدق أنه لا قيصر بعده ذلك الأول، وظهر بذلك أن قوله: «لا كسرى» على ظاهره مطلقًا، وأما قوله: «لا قيصر» ففيه أربع احتمالات: لا قيصر بالشام، لا قيصر كما كان، لا قيصر في الاسم، لا قيصر مطلقًا، ولا يصح هذا الرابع؛ لمخالفته للواقع، والله تعالى أعلم. انتهى [»طرح التثريب في شرح التقريب«٧/ ٢٤٣].
وقال الخطابيّ: معناه: فلا قيصر بعده يملك مثل ما يملك، وذلك أنه كان بالشام، وبها بيت المقدس الذي لا يتم للنصارى نُسُك إلا به، ولا يملك على الروم أحد إلا كان قد دخله، إما سرًّا، وإما جهرًا، فانجلى عنها قيصر، واستُفتحت خزائنه، ولم يخلفه أحد من القياصرة في تلك البلاد بعده. ووقع في رواية للبخاريّ بلفظ: «هلك كسرى، ثم لا يكون كسرى بعده،
وليهلكن قيصر». قيل: والحكمة فيه أنه قال ذلك لمّا هلك كسرى بن هرمز كما في حديث أبي بكرة – رضي الله عنه -: «قال: بلغ النبيّ – ﷺ – أن أهل فارس ملّكوا عليهم امرأة…» الحديث، وكان ذلك لمّا مات شيرويه بن كسرى، فأمّروا عليهم بنته بُوران، وأما قيصر فعاش إلى زمن عمر سنة عشرين على الصحيح، وقيل: مات في زمن النبيّ ﷺ، والذي حارب المسلمين بالشام ولده، وكان يلقّب أيضًا قيصر.
وعلى كل تقدير فالمراد من الحديث وقع لا محالة؛ لأنهما لم تبق مملكتهما على الوجه الذي كان في زمن النبيّ – ﷺ -. [»الفتح«٨/ ٢٩٦].
(سادسًا): فتح كنوز آل كسرى
روى الإمام مسلم في صحيحه[٧٣٠٤]، عن جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ – ﷺ – يقُولُ: «لَتَفْتَحَنَّ عِصابَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، أوْ مِنَ المُؤْمِنِينَ، كَنْزَ آلِ كِسْرى الَّذِي فِي الأبْيَضِ»، قالَ قُتَيْبَةُ: مِنَ المُسْلِمِينَ، ولَمْ يَشُكَّ).
قال القاضي رحمه الله: الأبيض قصر حَصِين كان بالمدائن، وكانت
الفرس تسميه سفيد كرشك، والآن بُني مكانه مسجد المدائن، وقد أُخرج كنزه
في أيام عمر رضي الله عنه، وقيل: الحصن الذي بهمذان بناه دارين دار، يقال له:
شهرستان. انتهى [«مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» ١٥/ ٣٩٥].
وقال القرطبيّ : قوله: «عصابة من المسلمين»: العصابة: الجماعة
من الناس، والطير، والوحش، سمّوا بذلك؛ لأنّهم يشدّ بعضهم بعضًا، والعصْب: هو الشدّ، والعُصْبة: ما بين العشرين إلى الأربعين، وإنما أطلق
النبيّ – ﷺ – على المفتتحين كنز كسرى: عصابة، وإن كانوا عساكر بالنسبة إلى
عدد عدوهم، وجيوشه، فإنّهم كانوا بالنسبة إليهم قليلًا، ويحْتَمِل أن يريد
بالعصابة: الجماعة السابقة لفتح القصر الأبيض دون الجيش كله، فإنّ الله لما
هَزَم الفرس، وجيوشهم العظيمة على يدي سعد بن أبي وقاص وعسكره،
وكان عدد مَن معه يوم فتح القادسية ستة آلاف، أو سبعة آلاف، على ما ذكره
محمد بن جرير الطبريّ، فرّ المنهزمة من الفرس إلى المدائن منزل كسرى،
فتبعهم المسلمون إلى أن وصلوا إلى دجلة، وهي تَقذف بالزبد، فاقتحمها
المسلمون فرسانًا ورجّالة، خائضين يتحدّث بعضهم مع بعض، فلما رأى ذلك
الفرس هالهم ذلك ، فتخففوا بما أمكنهم من المال، والذخائر النفيسة، وفرّوا،
ولم يبق فيها إلا من ثَقُل عن الفرار، ودخل المسلمون المدائن، وفيها القصر
الأبيض الذي فيه إيوان كسرى، وأمواله، وذخائره النفيسة التي لم يُسمع
بمثلها، قال أهل التاريح: كان في البيت الأبيض ثلاثة آلاف ألف ألف ألف
– ثلاث مرات- غير أن رستمًا لمّا فرّ منهزمًا حَمَل معه نصف ما كان في بيوت
الأموال، وترك النصف الآخر، فملّكه الله المسلمين، فأصاب الفارس من فيء
المدائن اثنا عشر ألفًا، ولمّا دُخل القصر الأبيض وجدوا فيه ملابس كسرى،
وحليته، وبساطه الذي ما سُمع في العالمين بمثله، فجاؤوا بكل ذلك إلى،
عمر رضي الله عنه، فكان ذلك كله مُظهرًا لصدق رسول الله – ﷺ – للعيان، بحيث يضطر
إليه كل إنسان. انتهى [«المفهم» ٧/ ٢٦٠ – ٢٦١].
(سابعًا):
قول النبي ﷺ: (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ)
قال البخاري في صحيحه: حدّثنا يحيى بن بكير، حدّثنا الليث، عن يونس، عن ابن، شهاب قال: وأخبرني ابن المسيِّب، عن أبي هريرة، أنه قال: قال رسول الله – ﷺ -: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمد – ﷺ – بيده لتُنْفَقَنّ كنوزهما في سبيل الله». انتهى
وقول النبي ﷺ: (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ) بالبناء للمفعول، وفي رواية: «لتُقسمنّ»، (كُنُوزُهُما)؛ أي: كنوز كسرى، وقيصر، (فِي سَبِيلِ اللهِ«) قال وليّ الدين رحمه الله: فيه أمران وقعا، كما أخبر – ﷺ -، فقُسمت كنوزهما في سبيل الله على المجاهدين، ثم أنفقها المجاهدون في سبيل الله، والمراد به: الغزو.
انتهى [»طرح التثريب في شرح التقريب” ٧/ ٢٤٣]، والله تعالى أعلم.
(ثامنًا): الفوائد:
١ – (منها): بيان معجزة للنبيّ – ﷺ – ظاهرة حيث أخبر بأن كسرى وقيصر سيزول مُلكهما، ولن يرجع لهما مرّة أخرى، فكان كما أخبر به.
٢ – (ومنها): ما قيل: إن فيه دليلًا على أن الغنيمة للمجاهدين، وهو كذلك، إلا أنه يُخرَج منها الخمس، كما نص عليه الكتاب العزيز.
٣ – (ومنها): ما قيل: قد استُشكل هذا الحديث مع بقاء مملكة الفرس؛ لأن آخرهم قُتل في زمان عثمان – رضي الله عنه -، واستُشكل أيضًا مع بقاء مملكة الروم.
وأجيب عن ذلك بأن المراد: لا يبقى كسرى بالعراق، ولا قيصر بالشام،
وهذا منقول عن الشافعيّ رحمه الله، قال: وسبب الحديث أن قريشًا كانوا يأتون الشام والعراق تجارًا، فلما أسلموا خافوا انقطاع سفرهم إليهما؛ لدخولهم في الإسلام، فقال النبيّ – ﷺ – ذلك لهم تطييبًا لقلوبهم، وتبشيرًا لهم بأن مُلكهما سيزول عن الإقليمين المذكورين.
٤ – (ومنها): ما قيل: الحكمة في أن قيصر بقي مُلكه، وإنما ارتفع من الشام، وما والاها، وكسرى ذهب مُلكه أصلًا ورأسًا: أن قيصر لمّا جاءه كتاب النبيّ – ﷺ – قَبِله، وكاد يُسلم، وكسرى لمّا أتاه كتاب النبيّ – ﷺ – مزّقه، فدعا النبيّ – ﷺ – أن يمزق مُلكه كل ممزق، فكان كذلك، والله تعالى أعلم.
5 – (ومنها): وفيه مشروعيّة مكاتبة الكفّار، ودعاؤهم إلى الإسلام، والعمل بالكتاب، وبخبر الواحد، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج].
وقد سبق الحديث عن ما يتعلق عن بلاد فارس في بابُ فَضْلِ فارِسَ من صحيح مسلم.