1167 – 1162 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى
وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عَمَّارٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالزُّهْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ: «مَا أَدْرَكْتُ ‘ فُقَهَاءَ أَرْضِنَا إِلَّا يُسَلِّمُونَ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنَ النَّهَارِ»
1166 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي المَوَالِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ، يَقُولُ: ” إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي ” قَالَ: «وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ»
1167 حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ الأنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»
1168 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ»
1169 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ»
1170 حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ قَدْ خَرَجَ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»
1171 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مَنْزِلِهِ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَخَلَ الكَعْبَةَ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ فَأَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلاَلًا عِنْدَ البَابِ قَائِمًا، فَقُلْتُ: يَا بِلاَلُ أَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الكَعْبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَأَيْنَ؟ قَالَ: «بَيْنَ هَاتَيْنِ الأُسْطُوَانَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الكَعْبَةِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَوْصَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى» وَقَالَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ: «غَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا امْتَدَّ النَّهَارُ، وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ»
———-‘———‘——–‘
فوائد الباب:
1 – حديث جابر الاول في الاستخارة أخرجه الستة سوى مسلم.
2 – قال الترمذي حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي الموالي وهو مدني ثقة.
3 – قول البخاري (ما جاء في التطوع مثنى مثنى) أي ركعتين ركعتين كما تم شرحه في الباب العاشر، وأشار البخاري أن بقية التطوعات ومنها نوافل النهار مثل صلاة الليل مثنى مثنى.
قد يكون جوابا لسؤال
4 – كأن البخاري يقول قوله (صلاة الليل مثنى مثنى) لا حجة بمفهوم المخالفة هنا أي صلاة النهار ليست بخلاف ذلك، فأورد أحاديث نبوية تبين أن صلاة النهار صليت مثنى مثنى.
5 – ترجمة الباب أن التطوع مثنى مثنى، (والاثار المعلقة)، وما ذكره من الاحاديث المتواترة شاهد له عموما وخصوصا، قولا وفعلا. قاله ابن الملقن في التوضيح.
6 – قوله (حدثنا قتيبة) تابعه مطرف بن عبد الله أبو مصعب أخرجه البخاري، وتابعهما معن بن عيسى عند البخاري أيضا.
7 – قوله (عن محمد بن المنكدر) وعند البخاري في التوحيد (سمعت محمد بن المنكدر).
8 – قوله (عن جابر بن عبدالله) وفي رواية للبخاري (أخبرني جابر بن عبد الله السلمي).
9 – والشاهد قوله (فليركع ركعتين من غير الفريضة) ومعلوم أن وقت الاستخارة مشروع أيضا في النهار.
10 – فيه ما كان من شفقته بأمته، وإرشادهم إلى مصالحهم دينا ودنيا، فكان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن … والاستخارة مشتقة من سؤال الخير. قاله ابن الملقن في التوضيح.
11 – ثاني أحاديث الباب حديث أبي قتادة في تحية المسجد، وكأن معظم الاثار في الترجمة في تحية المسجد، والشاهد قوله (فلا يجلس حتى يركع ركعتين) أي فيشمل النهار.
12 – حديث أبي قتادة أخرجه الستة.
13 – اختلف العلماء في النوافل، فقال مالك والشافعي وأحمد السنة أن يكون مثنى مثنى ليلا ونهارا، ويؤيده صلاته صلى الله عليه وسلم النوافل ركعتين ركعتين، وقال أبو حنيفة إن شاء ركعتين وإن شاء أربعا، قال وصلاة الليل كذلك، وإن شاء ستا أو ثمانيا من غير زيادة بتسليمة واحدة، ولا شك أن صلاته كانت بالليل مختلفة. انتهى قاله ابن الملقن في التوضيح.
14 – يدخل في أحاديث الباب حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه في الصحيحين من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه.
15 – وفي البخاري 443 عن جابر بن عبد الله قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد قال مسعر – أحد الرواة- أراه قال ضحى فقال صل ركعتين.
16 – وصلاة ركعتين عند القدوم من سفر، ومن ركع ركعتين عند القتل، وصلاة ركعتين خلف المقام وكلها في الصحيح.
17 – أورد البخاري أحاديث مطلقة كحديث الاستخارة، وحديث تحية المسجد، وأحاديث تخص النهار كصلاة الضحى وحديث عتبان وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة وخارجها، ثم حديث السنن الرواتب فيشمل الامرين أي الليل والنهار.
18 – حديث أبي قتادة أخرجه الستة.
18 – في حديث الباب جواز صلاة التحية في الاوقات المكروهة ?نها إذا لم تسقط في الخطبة مع الامر بالانصات فغيرها أولى. قاله ابن الملقن.
19 – قوله في حديث ابن عمر الثاني (ثم خرج فصلى ركعتين في وجه القبلة) هذا هو موضع الشاهد.
20 – وهناك شاهد آخر وهو (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة؟ قال نعم) زاد يحيى عن سيف عند البخاري (نعم ركعتين).
21 حديث جابر الثاني في السنن الرواتب أخرجه الستة.
22 – حديث عتبان المعلق وصله البخاري في كتاب الصلاة.
23 – موضع الشاهد قوله (غدا علي …. بعدما امتد النهار وصففنا وراءه فركع ركعتين) أي كانت صلاة الركعتين في النهار. وفي رواية (حين ارتفع النهار).
24 – وفي هذا دلالة على صلاة النافلة جماعة قاله ابن الملقن قلت أي أحيانا من غير مداومة
25 – قال الامام الطحاوي في شرح معاني الاثار
وهذا الباب إنما يؤخذ من جهة التوقيف والاتباع لما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر به، وفعله أصحابه من بعده، فلم نجد عند (نا) من فعله، ولا من قوله أنه أباح أن يصلي في الليل بتكبيرة أكثر من ركعتين، وبذلك نأخذ وهو أصح القولين عندنا في ذلك
26 – قال أبو بكر ابن المنذر في الاوسط في شأن الصلاة بعد الجمعة قال إن شاء صلى ركعتين وإن شاء أربعا.
27 – قال أبو بكر ابن المنذر في الاوسط في شأن الصلاة بعد الجمعة قال إن شاء صلى ركعتين وإن شاء أربعا يفصل بين كل ركعتين بتسليم أحب إلي
28 – وردت أحاديث في التطوع أربعا من غير تسليم ولا أعلم في ثبوتها شيء، منها حديث أبي أيوب الانصاري أخرجه الطحاوي في شرح معاني الاثار وفيه عبيدة بن معتب الضبي ذكره العقيلي في الضعفاء وذكر حديثه هذا ونهى عمرو بن علي (الفلاس أن يكتب حديثه هذا بعينه قاله العقيلي هناك
29 – ترجم ابن حبان في صحيحه أن الامر بأربع ركعات في عقب صلاة الجمعة إنما أمر بذلك بتسليمتين لا بتسليمة واحدة
———
باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى
أورد البخاري رحمه الله ستة أحاديث في الباب وهي أحاديث عامة وكأن البخاري يشير إلى أن عموم التطوع سواء بالليل أو النهار يكون ركعتين ركعتين، ولأنه لم يصح عنده حديث صريح بذلك أورد هذه الأحاديث.
وقد ورد صريحا في سنن أبي داود:
1297 – حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن على بن عبد الله البارقى عن ابن عمر عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى».
وصححه الألباني
قال ابن رجب في فتح الباري:
– وعن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين في الوتر، حتى يأمر ببعض حاجته.
وقوله (: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) – يعني: ركعتين ركعتين.
والمراد: انه يسلم في كل ركعتين، وبذلك فسره ابن عمر.
أخرجه مسلم في ((صحيحه)).
ويدل بمفهومه على أن صلاة النهار ليست كذلك، وأنه يجوز أن تصلى أربعا.
وقد كان ابن عمر – وهو راوي الحديث – يصلي بالنهار أربعا، فدل على أنه عمل بمفهوم ما روى.
فروى يحيى الأنصاري وعبيد الله بن عمر، عن نافع، أن ابن عمر كان يتطوع بالنهار ((بأربعٍ))، لا يفصل بينهن.
وبهذا رد يحيى بن معين وغيره الحديث المروي، عن ابن عمر، عن النبي (قال: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، من رواية شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن علي الازدي، عن ابن عمر.
وقد أعله الترمذي، بأن شعبة اختلف عليه في رفعه ووقفه.
وذكر الإمام أحمد: أن شعبة كان يتهيبه.
وأعله ابن معين وغيره، بأن أصحاب ابن عمر الحفاظ رووا كلهم، عنه، عن النبي (: ((صلاة الليل مثنى مثنى))، من غير ذكر النهار، أكثر من خمسة عشر نفسا، فلا يقبل تفرد علي الازدي بما يخالفهم.
وأعله الإمام أحمد وغيره بأنه روي عن ابن عمر، أنه كان يصلي بالنهار أربعاً، فلو كان عنده نص عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالفه.
وتوقف أحمد – في رواية، عنه – في حديث الأزدي.
وقال – مرة -: إسناده جيد، ونحن لا نتقيه.
وقد روي، عن ابن عمر موقوفاً عليه – أيضاً – ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)). اهـ
قال النووي في شرح مسلم:
صلاة الليل مثنى مثنى هكذا هو في صحيح البخاري ومسلم وروى أبو داود والترمذي بالإسناد الصحيح (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) هذا الحديث محمول على بيان الأفضل وهو أن يسلم من كل ركعتين وسواء نوافل الليل والنهار يستحب أن يسلم من كل ركعتين فلو جمع ركعات بتسليمة أو تطوع بركعة واحدة جاز عندنا. اهـ
قال البسام في تيسر العلام:
أما الزيادة في صلاة النهار فقد ورد “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى عند زوال الشمس أربعا ثم أربعا ” أخرجه الترمذي.
أما أقوال الأئمة في ذلك، فالإمام أحمد أجاز الزيادة في النافلة إلى أربع لهذا الحديث. والشافعي أجاز الزيادة بلا حد، ومالك لم يجز الزيادة على ركعتين عملا بحديث ” صلاة الليل مثنى مثنى ” وقد جمع العلماء بين حديث عائشة الذي في الصحيحين وحديث ابن عمر الوارد في الصحيحين أيضاً، وذلك بالفصل بين كل ركعتين بتشهد وسلام. ويجوز الزيادة إلى القدر الوارد فقط. اهـ
قال العباد في شرح سنن أبي داود:
لكن الترجمة معقودة لصلاة النهار، وأنها تصلى كما تصلى صلاة الليل مثنى مثنى، ويجوز أن تجمع الركعات مع بعض كما جاء في بعض الأحاديث، وكما يدل عليه إطلاق الأربع، ولكن الإتيان بها مفصولة اثنتين اثنتين أولى، وذلك لسهولتها ولتمكن الإنسان من أن يقضي حاجته بينها، أو يطلب شيئاً هو بحاجة إليه، وإن جمع وقرن بينها وصلى الأربع فلا بأس بذلك، لكن الإتيان بها اثنتين اثنتين هو الأولى. وصلاة الليل تكون مفصولة اثنتين اثنتين، وتكون موصولة أربعاً أربعاً، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الوصل والفصل، وقد جاء من قوله صلى الله عليه وسلم الفصل في قوله: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى). وعلى هذا فالأولى والأفضل في صلاة الليل والنهار أن تكون مثنى مثنى كما جاء في حديث الباب، وكما جاء في حديث صلاة الليل السابق. اهـ
قال الأثيوبي في ذخيرة العقبى:
قال ابن عبد البر: لم يقله أحد عن ابن عمر غير عليّ، وأنكروه عليه، وكان يحيى بن معين يضعّف حديثه هذا , ولا يحتجّ به، ويقول: إن نافعًا، وعبد اللَّه بن دينار، وجماعة رووه عن ابن عمر بدون ذكر النهار، ورَوَى بسنده عن يحيى بن معين، أنه قال: “صلاة النهار أربع، لا يفصل بينهنّ”، فقيل له: فإن أحمد بن حنبل يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فقال: بأيّ حديث؟ فقيل له: بحديث الأزديّ، فقال: ومَنْ الأزديّ حتى أقبل منه؟، وأَدَعَ يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يتطوّع بالنهار أربعا، لا يفصل بينهنّ، لو كان حديث الأزديّ صحيحًا لم يُخالفه ابن عمر.
وقال أيضا:
المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في الفصل بين كل ركعتين من صلاة النهار.
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر حديث ابن عمر – رضي اللَّه عنه – عن النبي – صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فواحدة”: وبهذا قال كثير من أهل العلم.
واختلفوا في صلاة النهار فقالت طائفة: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، روي هذا القول عن الحسن، وسعيد بن جبير، وقال حماد في صلاة النهار مثنى مثنى، وممن قال: إن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى مالك بن أنس، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، واحتج أحمد بأحاديث، منها حديث ابن عمر في تطوّع النبي – صلى اللَّه عليه وسلم -، ركعتين بعد الظهر، وركعتان، وركعتان، وحديث العيد ركعتان، والاستسقاء ركعتان، و”إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين، قبل أن يجلس”، والنبي – صلى اللَّه عليه وسلم – إذا دخل بيته صلى ركعتين، وذكر أحمد حديث ابن عمر الذي يرويه يعلي بن عطاء، قيل له: أو ليس قد رُوي أن النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – صلى قبل الظهر أربعًا؟ قال: قد رُوي أن النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – صلى الضحى ثماني ركعات، فتراه لم يسلّم فيها؟.
وذهبت طائفة: إلى أن صلاة الليل مثنى مثنى، ويصلي بالنهار أربعًا، ثبت عن ابن عمر أنه كان يفعل ذلك: حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى، ويصلي بالنهار أربعًا أربعًا، ثم يسلّم.
وقال الأوزاعيّ: صلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة النهار إن شاء أربعا قبل أن يسلّم. وقال النعمان في صلاة الليل: إن شئت فصل بتكبيرة ركعتين، وإن شئت أربعًا، وإن شئت ستًا، وقال يعقوب، ومحمد: صلاة الليل مثنى مثنى، وقال النعمان: وأما صلاة النهار، فصل بتكبيرة ركعتين، وإن شئت أربعًا.
وكان إسحاق بن راهويه يقول: الذي نختار له أن تكون صلاته بالليل مثنى مثنى، إلا الوتر، فإن له أحكامًا مختلفة، وأما صلاة النهار، فاختار أن يصلي قبل الظهر أربعًا، وقبل العصر أربعًا، وضحوة أربعًا، لما جاء عن ابن مسعود، وعلي، وابن عمر من وجه واحد، فإن صلى بالنهار ركعتين ركعتين كان جائزًا.
وذهبت طائفة: إلى أن صلاة الليل والنهار يجزيك التشهد في الصلاة إلا أن تكون لك حاجة، فتسلم، هكذا قال إبراهيم، وقال عطاء كذلك، وقال الأوزاعي: الرجل في سعة من صلاة النهار أن لا يسلّم من كل ثنتين، وإن يفصل بعضها عن بعض بعد أن يتشهد في كل ثنتين.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: صلاة الليل مثنى مثنى لحديث ابن عمر. انتهى.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح عندي، استحباب صلاة الليل مثنى مثنى لأحاديث الباب، وغيرها، وأما صلاة النهار، فإن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صلى أربعًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب. اهـ
——-
وصحح لفظة (والنهار) علماء اللجنة الدائمة في جوابهم على سؤال:
ما درجة حديث صلاة النهار مثنى مثنى؟
ج9: الحديث رواه أحمد في مسنده وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه في سننهم عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى قال الهيثمي: حديث صحيح رواته كلهم ثقات، وقول الدارقطني: ذكر النهار مزيد على الروايات فهو وهم من البارقي – ممنوع؛ لأنه ثقة احتج به مسلم وزيادة الثقة مقبولة). اهـ.
زيادة البارقي ضعفها كذلك: النسائي قال: هذا الحديث عندي خطأ.
وممن ضعف هذه الزيادة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيرهم من أهل العلم.
والبخاري نقل عنه أنه يصحح لفظة النهار: سنن البيهقي الكبرى ج2/ص487
أنبأ أبو بكر الفارسي أنبأ إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني ثنا محمد بن سليمان بن فارس قال سئل أبو عبد الله يعني البخاري عن حديث يعلى أصحيح هو فقال: نعم
قال باحث:
الحديث يروى عن نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، عن أبيه بوجهين:
الوجه الأول: رواه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 235 (101) من طرين أبي حاتم الرازي، قال: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا أبي، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى … )).
قال الحاكم: ((هذا حديث ليس في إسناده إلا ثقة ثبت، وذكر النهار فيه وهم، والكلام عليه يطول)).
والوجه الثاني: ذكره الزيلعي في نصب الراية 1/ 144 قال: ((رواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا أبي، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: قال: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.)).
قال ابن حجر الدراية: 1/ 200: ((فلعل له فيه إسنادين)).
قلت والذي يظهر لي والله أعلم أن الصواب عن نصر بن علي هو من طريق ابن عمر، وإن إسناد أبي هريرة وهم فهو كما تقدم لم يذكر إلا في كتاب غريب الحديث للحربي، وينبغي عدم الاعتماد على كتب الغريب، فأين كتب الحديث المعتمدة في مثل هذا الحديث الفائدة ولماذا عزب عنه أصحاب الصحاح والجوامع والمسانيد والسنن
فأخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 278: ” حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو عاصم عن بن عون عن نافع عن بن عمر أن رجلا ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فصلى ركعة توتر لك صلاتك” وإسناده ثقات وهذا هنا عن ابن عون عن نافع بدون: والنهار ”
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: ” حدثنا هشيم قال أخبرنا محمد بن سعيد وابن عون وغيرهما عن نافع عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل قال مثنى مثنى فإذا أحسست الصبح أو خشيت الصبح فصل لك ركعة توتر لك صلاتك ” وإسناده ثقات وهذا أيضا عن ابن عون عن نافع بدون: والنهار ”
فابن عون رواة تارة عن نافع وتارة عن أنس بن سيرين وبدون هذه الزيادة ورواه تارة عن محمد بن سيرين فزادها
ومحمد بن سيرين اختلف عليه فيه أيضا فرواه سالم – المعجم الأوسط (961) وخالد الحذاء – ابن الأعرابي (89) وهشام بن حسان وهارون الأهوازي – في المسند- بدون هذه الزيادة وخالفهم ابن عون فزادها
وأظن والله أعلم يترجح شذوذ هذه الزيادة
قال الشافعي – رحمه الله -: ((صلاة الليل والنهار من النافلة سواء يسلم في كل ركعتين، هكذا جاء الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، وقد يروى عنه خبر يثبت أهل الحديث مثله في صلاة النهار، ولو لم يثبت كان إذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل أن يسلم من كل ركعتين كان معقولاً في الخبر عنه أنه أراد والله تعالى أعلم الفرق بين الفريضة والنافلة، ولا تختلف النافلة في الليل والنهار كما لا تختلف المكتوبة في الليل والنهار؛ لأنها موصولة كلها))
وقال ابن قدامة في المغني: ((وحديث أبي أيوب يرويه عبيد الله بن معتب وهو ضعيف، ومفهوم الحديث المتفق عليه يدل على جواز الأربع لا على تفضيلها، وأما حديث البارقي فإنه تفرد بزيادة لفظة النهار من بين سائر الرواة، وقد رواه عن ابن عمر نحو خمسة عشر نفساً لم يقل ذلك أحد سواه وكان ابن عمر يصلي أربعاً فيدل ذلك على ضعف روايته أو على أن المراد بذلك الفضيلة مع جواز غيره والله تعالى أعلم))
قال ابن حجر:
وقال ابن المنير في “الحاشية”: إنما خص الليل بذلك؛ لأنه فيه الوتر، فلا يُقاس على الوتر غيره، فيتنفل المصلي بالليل أوتاراً، فبين أن الوتر لا يعاد [106ب] وإن بقيت صلاة الليل مثنى، وإذا ظهرت فائدة تخصيص الليل صار حاصل الكلام صلاة النافلة سوى الوتر مثنى فيعم الليل والنهار، والله أعلم” [22].