1167 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1167):
قال أبو داود رحمه الله: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا، وكيع عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قتل معاهدا في غير كنهه حرم الله عليه الجنة)).
قال الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيحٌ، ورجاله ثقات.
الحديث أخرجه النسائي (ج (8) ص (24)).
* ثم قال النسائي (ص (25)): أخبرنا الحسين بن حريث قال حدثنا إسماعيل عن يونس عن الحكم الأعرج عن الأشعث بن ثرملة عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «من قتل نفسًا معاهدة بغير حلها حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها».
حديث صحيحٌ، ورجاله ثقات، والحكم هو ابن عبد الله بن الأعرج.
وقال عبد الرزاق (ج (10) ص (102)): عن ابن عيينة، عن عمرو، عن الحسن، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثله. أي مثل متن الحديث المتقدم عند عبد الرزاق في «مصنفه». وعمرو هو ابن دينار، والحسن هو البصري، وقد سمع من أبي بكرة.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
أورد أبو داود رحمه الله الحديث في السنن، كتاب الجهاد، ” (165) – باب في الوَفاء لِلْمُعاهِدِ وحُرْمَةِ ذِمَّتِهِ”، برقم ((2760)).
والوادعي رحمه الله جعله في الجامع، كتاب الإيمان، (60) – أسباب مانعة من دخول الجنة وهي محمولة في حق الموحد على وقت مخصوص، برقم ((693)).
وفي كتاب الإمارة، (25) – إمام المسلمين لا يخيس بالعهد، برقم ((3192)).
وفي كتاب الكبائر، ” (27) – قتل المعاهد بغير حق”، برقم ((3329)).
وفي كتاب التفسير، “وفي كتاب الكبائر، ” (223) – قوله تعالى: {وأوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذا عاهَدْتُمْ} “، برقم ((4156)).
الأول: شرح الحديث:
باب الوفاء للمعاهد وحرمة ذمته
قوله: للمعاهد. بكسر الهاء.
” (حدثنا عثمان) بن محمد بن إبراهيم (بن أبي شيبة) العنسي الكوفي، قال (حدثنا وكيع، عن عيينة بن عبد الرحمن) بن جوشن بفتح الجيم وإسكان الواو وفتح الشين المعجمة (عن أبيه) عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني (عن أبي بكرة) نفيع “.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قتل معاهدا في غير كنهه حرم الله عليه الجنة)).
عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قتل معاهدا)) “بفتح الهاء أي: عاهده المسلمون ويجوز كسرها؛ لأنه عاهدهم إذ هي مفاعلة من الطرفين وهو الذي له عهد منا وأمان، قال ابن الأثير: أكثر ما تطلق على أهل الذمة وقد تطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب”.
وفي رواية للنسائي: «من قتل رجلًا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة»، ورواية الترمذي: «من قتل نفسًا معاهدة له ذمة الله وذمة رسوله».
وقوله صلى الله عليه وسلم: ” ((من قتل معاهدًا في غير كنهه)) بضم الكاف مع سكون النون، أي: حقيقته التي يحل معها قتله فإن كنه الشيء حقيقته، وذلك حيث لا أمان له ولا عهد.
والمراد به هاهنا: الوقت: المعاهد الذي بينك وبينه فيه عهد وأمان، فإذا قتلته قبل وقته كان قتلك ظلمًا بغير ذنب، ولهذا بوب عليه البخاري: من ظلم معاهدًا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته. [قال محقق شرح سنن أبي داود لابن رسلان معلقا: “هكذا ذكر الشارح هذا التبويب، والذي وقفت عليه عند البخاري: باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم”].
((حرم الله عليه الجنة))؛ لأنه بالعهد صار محرم الدم، فلما هتك حرمته المحرمة حرم الله عليه جنته، قال القاضي: ليس في قوله: «حرم الله عليه الجنة» ما يدل على الدوام فضلًا عن القطع، وقال غيره: هذا التحريم للجنة مخصوص بزمان ما؛ لقيام الأدلة على أن من مات مسلمًا لا يخلد في النار.
قال ابن رسلان رحمه الله: ” فإن قيل: كيف تحرم عليه الجنة والمؤمنون مقطوع لهم بدخول الجنة؟
فالجواب: أن المراد أنه لا يدخلها مع أول من يدخلها من المسلمين الذين لم يقترفوا الكبائر”.انتهى.
(حم د ن كـ عن أبي بكرة) رمز المصنف لصحته، وقال في المهذب [انظر: المهذب في اختصار الكبير (رقم (14647))]: هذا إسناد صالح، وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي”. قاله الصنعاني.
[التنوير شرح الجامع الصغير، للصنعاني، تحت حديث ((8893))، ((8894))، وشرح سنن أبي داود لابن رسلان (ت (844))]
والحديث “أخرجه أحمد (5) / (38)، (36)، أبو داود ((2760))، النسائي ((8) / (25))، والحاكم ((2) / (142))، وصححه الألباني في صحيح الجامع ((6456)) “.
الثاني: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
سبق ذكر بعض الأحكام المتعلقة في عقد الأمان.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “سبق لنا كثير من أحكام أهل الذمة، وكما تعلمون أن هذا الكتاب مختصر، لم يستوعب جميع الأحكام التي تُطَبَّق على أهل الذمة، لكن ابن القيم –رحمه الله- توسع في ذلك في كتابه أحكام أهل الذمة وهو مطبوع في مجلدين وموجود، وكنا قبل هذا الوقت نقول: لا حاجة لقراءة الجهاد؛ لأنه ما فيه جهاد، ولا لقراءة أحكام أهل الذمة؛ لأنه ما عندنا أهل ذمة، أما الآن فلا بد لطلبة العلم من أن يقرؤوا ويحققوا أحكام الجهاد، وأحكام أهل الذمة، وسائر الكفار”. [الشرح الصوتي لزاد المستقنع – ابن عثيمين].
(المسألة الأولى): التعريف بأهْل الذِّمَّةِ
أولاً: التَّعْرِيفُ:
(1) – الذِّمَّةُ فِي اللُّغَةِ: الامانُ والعَهْدُ، فَأهْل الذِّمَّةِ أهْل العَهْدِ، والذِّمِّيُّ: هُوَ المُعاهَدُ. [المصباح المنير ولسان العرب والقاموس مادة: «ذمم»].
والمُرادُ بِأهْل الذِّمَّةِ فِي اصْطِلاَحِ الفُقَهاءِ الذِّمِّيُّونَ، والذِّمِّيُّ نِسْبَةٌ إلى الذِّمَّةِ، أيِ العَهْدِ مِنَ الامامِ – أوْ مِمَّنْ يَنُوبُ عَنْهُ – بِالامْنِ عَلى نَفْسِهِ ومالِهِ نَظِيرَ التِزامِهِ الجِزْيَةَ ونُفُوذَ أحْكامِ الاسْلاَمِ.
وتَحْصُل الذِّمَّةُ لأِهْل الكِتابِ ومَن فِي حُكْمِهِمْ بِالعَقْدِ أوِ القَرائِنِ أوِ التَّبَعِيَّةِ، فَيَقَرُّونَ عَلى كُفْرِهِمْ فِي مُقابِل الجِزْيَةِ، كَما سَيَاتِي تَفْصِيلُهُ.
الالْفاظُ ذاتُ الصِّلَةِ:
أ – أهْل الكِتابِ:
(2) – قال الحَنَفِيَّةُ والحَنابِلَةُ: أهْل الكِتابِ هُمُ: اليَهُودُ والنَّصارى ومَن دانَ بِدِينِهِمْ، فَيَدْخُل فِي اليَهُودِ السّامِرَةُ؛ لأِنَّهُمْ يَدِينُونَ بِالتَّوْراةِ ويَعْمَلُونَ بِشَرِيعَةِ مُوسى عليه الصلاة والسلام، ويَدْخُل فِي النَّصارى كُل مَن دانَ بِالانْجِيل وانْتَسَبَ إلى عِيسى عليه الصلاة والسلام بِالاِدِّعاءِ والعَمَل بِشَرِيعَتِهِ. وقال الشّافِعِيَّةُ والمالِكِيَّةُ: أهْل الكِتابِ هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى.
وأهْل الذِّمَّةِ قَدْ يَكُونُونَ مِن أهْل الكِتابِ، وقَدْ يَكُونُونَ مِن غَيْرِهِمْ كالمَجُوسِ، فالنِّسْبَةُ بَيْنَ أهْل الذِّمَّةِ وأهْل الكِتابِ: أنَّ كُل واحِدٍ مِنهُما أعَمُّ مِنَ الاخَرِ مِن وجْهٍ، وأخَصُّ مِنهُ مِن وجْهٍ آخَرَ، فَيَجْتَمِعانِ فِي الكِتابِيِّ إذا كانَ مِن أهْل الذِّمَّةِ.
ثانيًا: ما يَكُونُ بِهِ غَيْرُ المُسْلِمِ ذِمِّيًّا:
(5) – يَصِيرُ غَيْرُ المُسْلِمِ ذِمِّيًّا بِالعَقْدِ، أوْ بِقَرائِنَ مُعَيَّنَةٍ تَدُل عَلى رِضاهُ بِالذِّمَّةِ، أوْ بِالتَّبَعِيَّةِ لِغَيْرِهِ، أوْ بِالغَلَبَةِ والفَتْحِ.
وفِيما يَاتِي تَفْصِيل هَذِهِ الحالاَتِ:
أوَّلًا – عَقْدُ الذِّمَّةِ:
(6) – عَقْدُ الذِّمَّةِ: إقْرارُ بَعْضِ الكُفّارِ عَلى كُفْرِهِ بِشَرْطِ بَذْل الجِزْيَةِ والتِزامِ أحْكامِ الاسْلاَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ،
والغَرَضُ مِنهُ: أنْ يَتْرُكَ الذِّمِّيُّ القِتال، مَعَ احْتِمال دُخُولِهِ الاسْلاَمَ عَنْ طَرِيقِ مُخالَطَتِهِ بِالمُسْلِمِينَ، ووُقُوفِهِ عَلى مَحاسِنِ الدِّينِ.
فَكانَ عَقْدُ الذِّمَّةِ لِلدَّعْوَةِ إلى الاسْلاَمِ، لاَ لِلرَّغْبَةِ أوِ الطَّمَعِ فِيما يُؤْخَذُ مِنهُمْ مِنَ الجِزْيَةِ.
[البدائع (7) / (111)، وابن عابدين (3) / (275)، وكشاف القناع (3) / (116)، والخرشي (3) / (143)، والحطاب (3) / (281)، ومغني المحتاج (4) / (242)].
ويَنْعَقِدُ هَذا العَقْدُ بِإيجابٍ وقَبُولٍ بِاللَّفْظِ، أوْ ما يَقُومُ مَقامَهُ، ولاَ تُشْتَرَطُ كِتابَتُهُ كَما هُوَ الشَّانُ فِي سائِرِ العُقُودِ، ومَعَ هَذا فَكِتابَةُ العَقْدِ أمْرٌ مُسْتَحْسَنٌ لأِجْل الاثْباتِ، ودَفْعًا لِمَضَرَّةِ الانْكارِ والجُحُودِ.
[مغني المحتاج (4) / (243)، والمغني (8) / (534)، وتاريخ الطبري (5) / (228)، والأموال لأبي عبيد (87)، والمهذب (2) / (254)، والأحكام السلطانية للماوردي (145)، والبدائع (7) / (110)].
مَن يَتَوَلّى إبْرامَ العَقْدِ:
(7) – جُمْهُورُ الفُقَهاءِ: المالِكِيَّةِ والشّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ عَلى أنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مَعَ غَيْرِ المُسْلِمِ يَتَوَلّى إبْرامَهُ الامامُ أوْ نائِبُهُ، فَلاَ يَصِحُّ مِن غَيْرِهِما؛ لأِنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الامامِ وما يَراهُ مِنَ المَصْلَحَةِ؛ ولأِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عَقْدٌ مُؤَبَّدٌ، فَلَمْ يَجُزْ أنْ يُفْتاتَ بِهِ عَلى الامامِ.
[الخرشي (3) / (143)، والقليوبي (4) / (228)، ومغني المحتاج (4) / (243)، والمغني لابن قدامة (8) / (505)، وكشاف القناع (3) / (116)]
وأجازَ ذَلِكَ الحَنَفِيَّةُ لِكُل مُسْلِمٍ؛ لأِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ خَلَفٌ عَنِ الاسْلاَمِ، فَهُوَ بِمَنزِلَةِ الدَّعْوَةِ إلَيْهِ؛ ولأِنَّهُ مُقابِل الجِزْيَةِ، فَتَتَحَقَّقُ فِيهِ المَصْلَحَةُ؛ ولأِنَّهُ مَفْرُوضٌ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُ، وفِي انْعِقادِهِ إسْقاطُ الفَرْضِ عَنِ الامامِ وعامَّةِ المُسْلِمِينَ، فَيَجُوزُ لِكُل مُسْلِمٍ [فتح القدير والعناية على الهداية (5) / (213)، (214)].
مَن يَصِحُّ لَهُ عَقْدُ الذِّمَّةِ:
(8) – اتَّفَقَ الفُقَهاءُ عَلى جَوازِ عَقْدِ الذِّمَّةِ لأِهْل الكِتابِ والمَجُوسِ، كَما اتَّفَقُوا عَلى عَدَمِ جَوازِهِ لِلْمُرْتَدِّ، أمّا فِيما عَدا ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا.
شُرُوطُ عَقْدِ الذِّمَّةِ:
(9) – جُمْهُورُ الفُقَهاءِ عَلى أنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ أنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا؛ لأِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ فِي إفادَةِ العِصْمَةِ كالخَلَفِ عَنْ عَقْدِ الاسْلاَمِ، وعَقْدُ الاسْلاَمِ لاَ يَصِحُّ إلاَّ مُؤَبَّدًا، فَكَذا عَقْدُ الذِّمَّةِ. وفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشّافِعِيَّةِ يَصِحُّ مُؤَقَّتًا.
وكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي هَذا العَقْدِ قَبُول والتِزامُ أحْكامِ الاسْلاَمِ فِي غَيْرِ العِباداتِ، مِن حُقُوقِ الادَمِيِّينَ فِي المُعامَلاَتِ وغَرامَةِ المُتْلِفاتِ، وكَذا ما يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كالزِّنى والسَّرِقَةِ، كَما يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الرِّجال مِنهُمْ قَبُول بَذْل الجِزْيَةِ كُل عامٍ.
[البدائع (7) / (111)، ومغني المحتاج (4) / (242)، (243)، والمغني لابن قدامة (8) / (505)، وكشاف القناع (3) / (117)، (121)].
(10) – وذَكَرَ بَعْضُ الفُقَهاءِ شُرُوطًا أُخْرى لَمْ يَذْكُرْها الاخَرُونَ. قال الماوَرْدِيُّ مِنَ الشّافِعِيَّةِ: يُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ سِتَّةُ أشْياءَ:
((1)) ألاَّ يَذْكُرُوا كِتابَ اللَّهِ تَعالى بِطَعْنٍ ولاَ تَحْرِيفٍ لَهُ.
((2)) وألاَّ يَذْكُرُوا رَسُول اللَّهِ بِتَكْذِيبٍ لَهُ ولاَ ازْدِراءٍ.
((3)) وألاَّ يَذْكُرُوا دِينَ الاسْلاَمِ بِذَمٍّ لَهُ ولاَ قَدْحٍ فِيهِ.
((4)) وألاَّ يُصِيبُوا مُسْلِمَةً بِزِنًى ولاَ بِاسْمِ نِكاحٍ.
((5)) وألاَّ يَفْتِنُوا مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ ولاَ يَتَعَرَّضُوا لِمالِهِ.
((6)) وألاَّ يُعِينُوا أهْل الحَرْبِ ولاَ يُؤْوُوا لِلْحَرْبِيِّينَ عَيْنًا (جاسُوسًا).
قال الماوَرْدِيُّ: فَهَذِهِ حُقُوقٌ مُلْتَزَمَةٌ، فَتَلْزَمُهُمْ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وإنَّما تُشْتَرَطُ إشْعارًا لَهُمْ وتَاكِيدًا لِتَغْلِيظِ العَهْدِ عَلَيْهِمْ، ويَكُونُ ارْتِكابُها بَعْدَ الشَّرْطِ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ.
[الأحكام السلطانية للماوردي ص (145)، وانظر مغني المحتاج (4) / (243)].
ومِثْلُهُ ما ذَكَرَهُ أبُو يَعْلى مِنَ الحَنابِلَةِ [الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص (142)].
وإنَّما لَمْ يَذْكُرْها الاخَرُونَ لِدُخُولِها فِي شَرْطِ التِزامِ أحْكامِ الاسْلاَمِ.
(11) – هَذا، وزادَ بَعْضُهُمْ شُرُوطًا أُخْرى كاسْتِضافَةِ المُسْلِمِينَ، وعَدَمِ إظْهارِ مُنْكَرٍ فِي دارِ الاسْلاَمِ وغَيْرِها، واخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ أوِ اسْتِحْبابِ اشْتِراطِ هَذا النَّوْعِ مِنَ الشُّرُوطِ، وجُمْلَةُ ذَلِكَ أنَّهُ يَنْبَغِي لِلامامِ عِنْدَ العَقْدِ أنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ شُرُوطًا نَحْوَ ما شَرَطَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، وقَدْ رُوِيَتْ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ أخْبارٌ.
ثانِيًا: حُصُول الذِّمَّةِ بِالقَرائِنِ:
وهُوَ أنْواعٌ:
أ – الاقامَةُ فِي دارِ الاسْلاَمِ:
(12) – الاصْل أنَّ غَيْرَ المُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يَحْصُل عَلى الذِّمَّةِ لاَ يُمَكَّنُ مِنَ الاقامَةِ الدّائِمَةِ فِي دارِ الاسْلاَمِ، وإنَّما يُمَكَّنُ مِنَ الاقامَةِ اليَسِيرَةِ بِالامانِ المُؤَقَّتِ، ويُسَمّى صاحِبُ الامانِ (المُسْتَامَنُ)، وجُمْهُورُ الفُقَهاءِ (الحَنَفِيَّةُ والشّافِعِيَّةُ والحَنابِلَةُ) عَلى أنَّ مُدَّةَ الاقامَةِ فِي دارِ الاسْلاَمِ لِلْمُسْتَامَنِ لاَ تَبْلُغُ سَنَةً، فَإذا أقامَ فِيها سَنَةً كامِلَةً أوْ أكْثَرَ تُفْرَضُ عَلَيْهِ الجِزْيَةُ ويَصِيرُ بَعْدَها ذِمِّيًّا.
فَطُول إقامَةِ غَيْرِ المُسْلِمِينَ قَرِينَةٌ عَلى رِضاهُمْ بِالاقامَةِ الدّائِمَةِ وقَبُولِهِمْ شُرُوطَ أهْل الذِّمَّةِ.
[البدائع (7) / (110)، والأحكام السلطانية للماوردي (146)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (145)].
ب – زَواجُ الحَرْبِيَّةِ مِنَ المُسْلِمِ أوِ الذِّمِّيِّ:
(13) – صَرَّحَ الحَنَفِيَّةُ بِأنَّ الحَرْبِيَّةَ المُسْتَامَنَةَ إذا تَزَوَّجَتْ مُسْلِمًا أوْ ذِمِّيًّا فَقَدْ تَوَطَّنَتْ وصارَتْ ذِمِّيَّةً؛ لأِنَّ المَرْأةَ فِي المَسْكَنِ تابِعَةٌ لِلزَّوْجِ، .. ، بِخِلاَفِ المُسْتَامَنِ إذا تَزَوَّجَ ذِمِّيَّةً؛ لأِنَّ الزَّوْجَ لاَ يَكُونُ تابِعًا لاِمْرَأتِهِ فِي المُقامِ، فَزَواجُهُ مِنَ الذِّمِّيَّةِ لاَ يَدُل عَلى رِضاهُ بِالبَقاءِ فِي دارِ الاسْلاَمِ، فَلاَ يَصِيرُ ذِمِّيًّا.
[المبسوط للسرخسي (10) / (84)، والبدائع (7) / (110)، والسير الكبير (5) / (1865)، والزيلعي (2) / (269)].
وأمّا الحَنابِلَةُ، فالظّاهِرُ أنَّهُمْ خالَفُوا الحَنَفِيَّةَ فِي هَذا الحُكْمِ، قال صاحِبُ المُغْنِي: إذا دَخَلَتِ الحَرْبِيَّةُ إلَيْنا بِأمانٍ، فَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا فِي دارِنا، ثُمَّ أرادَتِ الرُّجُوعَ لَمْ تُمْنَعْ إذا رَضِيَ زَوْجُها أوْ فارَقَها، وقال أبُو حَنِيفَةَ: تُمْنَعُ. [المغني (8) / (402)].
ولَمْ نَعْثُرْ فِي كُتُبِ المالِكِيَّةِ والشّافِعِيَّةِ عَلى هَذا الحُكْمِ.
ج – شِراءُ الاراضِي الخَراجِيَّةِ:
(14) – قَرَّرَ الحَنَفِيَّةُ أنَّ المُسْتَامَنَ إذا اشْتَرى أرْضًا خَراجِيَّةً فِي دارِ الاسْلاَمِ فَزَرَعَها، يُوضَعُ عَلَيْهِ خَراجُ الارْضِ ويَصِيرُ ذِمِّيًّا؛ لأِنَّ وظِيفَةَ الخَراجِ تَخْتَصُّ بِالمُقامِ فِي دارِ الاسْلاَمِ، فَإذا قَبِلَها فَقَدْ رَضِيَ بِكَوْنِهِ مِن أهْل دارِ الاسْلاَمِ فَيَصِيرُ ذِمِّيًّا. ولَوْ باعَها قَبْل أنْ يَجْبِيَ خَراجَها لاَ يَصِيرُ ذِمِّيًّا؛ لأِنَّ دَلِيل قَبُول الذِّمَّةِ وُجُوبُ الخَراجِ لاَ نَفْسُ الشِّراءِ، فَما لَمْ يُوضَعْ عَلَيْهِ الخَراجُ لاَ يَصِيرُ ذِمِّيًّا.
وقال بَعْضُهُمْ: إنَّما يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِشَرْطِ تَنْبِيهِهِ عَلى أنَّهُ فِي حالَةِ عَدَمِ بَيْعِهِ الارْضَ ورُجُوعِهِ إلى بِلاَدِهِ سَيَكُونُ ذِمِّيًّا، إذْ لاَ يَصِحُّ جَعْلُهُ ذِمِّيًّا بِلاَ رِضًى مِنهُ أوْ قَرِينَةٍ مُعْتَبَرَةٍ تَكْشِفُ عَنْ رِضاهُ [البدائع (7) / (110)، وابن عابدين (3) / (346)، والزيلعي (2) / (269)].
ثالِثًا – صَيْرُورَتُهُ ذِمِّيًّا بِالتَّبَعِيَّةِ:
(15) – هُناكَ حالاَتٌ يَصِيرُ فِيها غَيْرُ المُسْلِمِ ذِمِّيًّا تَبَعًا لِغَيْرِهِ؛ لِعَلاَقَةٍ بَيْنَهُما تَسْتَوْجِبُ هَذِهِ التَّبَعِيَّةَ فِي الذِّمَّةِ مِنها:
أ – الاوْلاَدُ الصِّغارُ والزَّوْجَةُ.
ب – اللَّقِيطُ.
رابِعًا – الذِّمَّةُ بِالغَلَبَةِ والفَتْحِ:
(18) – هَذا النَّوْعُ مِنَ الذِّمَّةِ يَتَحَقَّقُ فِيما إذا فَتَحَ المُسْلِمُونَ بِلاَدًا غَيْرَ إسْلاَمِيَّةٍ، ورَأى الامامُ تَرْكَ أهْل هَذِهِ البِلاَدِ أحْرارًا بِالذِّمَّةِ، وضَرَبَ الجِزْيَةَ عَلَيْهِمْ، كَما فَعَل عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ فِي فَتْحِ سَوادِ العِراقِ [الكاساني (7) / (111)، (119)، وحاشية القليوبي (3) / (126)، وأحكام أهل الذمة لابن القيم (1) / (105)].
(المسألة الثانية): حُقُوقُ أهْل الذِّمَّةِ
(19) – القاعِدَةُ العامَّةُ فِي حُقُوقِ أهْل الذِّمَّةِ: أنَّ لَهُمْ ما لَنا وعَلَيْهِمْ ما عَلَيْنا، وهَذِهِ القاعِدَةُ جَرَتْ عَلى لِسانِ فُقَهاءِ الحَنَفِيَّةِ، وتَدُل عَلَيْها عِباراتُ فُقَهاءِ المالِكِيَّةِ، والشّافِعِيَّةِ، والحَنابِلَةِ [بدائع الصنائع للكاساني (6) / (111)، والقوانين الفقهية لابن جزي ص (105)، والمهذب للشيرازي (2) / (256)، والأحكام السلطانية للماوردي ص (247)، والمغني لابن قدامة (8) / (445)، (535)]. ويُؤَيِّدُها بَعْضُ الاثارِ عَنِ السَّلَفِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ أنَّهُ قال: إنَّما قَبِلُوا الجِزْيَةَ لِتَكُونَ أمْوالُهُمْ كَأمْوالِنا، ودِماؤُهُمْ كَدِمائِنا.
لَكِنَّ هَذِهِ القاعِدَةَ غَيْرُ مُطَبَّقَةٍ عَلى إطْلاَقِها، فالذِّمِّيُّونَ لَيْسُوا كالمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ الحُقُوقِ والواجِباتِ، وذَلِكَ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وعَدَمِ التِزامِهِمْ أحْكامَ الاسْلاَمِ.
وفِيما يَلِي نَذْكُرُ ما يَتَمَتَّعُ بِهِ أهْل الذِّمَّةِ مِنَ الحُقُوقِ:
أوَّلًا – حِمايَةُ الدَّوْلَةِ لَهُمْ:
(20) – يُعْتَبَرُ أهْل الذِّمَّةِ مِن أهْل دارِ الاسْلاَمِ؛ لأِنَّ المُسْلِمِينَ حِينَ أعْطَوْهُمُ الذِّمَّةَ فَقَدِ التَزَمُوا دَفْعَ الظُّلْمِ عَنْهُمْ والمُحافَظَةَ عَلَيْهِمْ، وصارُوا أهْل دارِ الاسْلاَمِ، كَما صَرَّحَ الفُقَهاءُ بِذَلِكَ. [البدائع للكاساني (5) / (281)، وشرح السير الكبير (1) / (140)، والمغني (5) / (566)].
وعَلى ذَلِكَ فَلأِهْل الذِّمَّةِ حَقُّ الاقامَةِ آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ عَلى دِمائِهِمْ وأمْوالِهِمْ وأعْراضِهِمْ، وعَلى الامامِ حِمايَتُهُمْ مِن كُل مَن أرادَ بِهِمْ سُوءًا مِنَ المُسْلِمِينَ أوْ أهْل الحَرْبِ أوْ أهْل الذِّمَّةِ.
ومِن مُقْتَضَياتِ عَقْدِ الذِّمَّةِ: أنَّ أهْل الذِّمَّةِ لاَ يُظْلَمُونَ ولاَ يُؤْذَوْنَ، حَتّى إنَّ الفُقَهاءَ صَرَّحُوا بِأنَّ أهْل الحَرْبِ إذا اسْتَوْلُوا عَلى أهْل الذِّمَّةِ، فَسَبَوْهُمْ وأخَذُوا أمْوالَهُمْ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِمْ، وجَبَ رَدُّهُمْ إلى ذِمَّتِهِمْ، ولَمْ يَجُزِ اسْتِرْقاقُهُمْ، وهَذا فِي قَوْل عامَّةِ أهْل العِلْمِ، كَما قال صاحِبُ المُغْنِي: لأِنَّ ذِمَّتَهُمْ باقِيَةٌ، ولَمْ يُوجَدْ مِنهُمْ ما يَنْقُضُها، وحُكْمُ أمْوالِهِمْ حُكْمُ أمْوال المُسْلِمِينَ فِي حُرْمَتِها [ابن عابدين (3) / (243)، (244)، والمهذب (2) / (253)، والمغني (8) / (444)].
ثانِيًا – حَقُّ الاقامَةِ والتَّنَقُّل:
(21) – لأِهْل الذِّمَّةِ أنْ يُقِيمُوا فِي دارِ الاسْلاَمِ آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ عَلى أنْفُسِهِمْ وأمْوالِهِمْ، ما لَمْ يَظْهَرْ مِنهُمْ ما يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُمْ؛ لأِنَّهُمْ إنَّما بَذَلُوا الجِزْيَةَ لِتَكُونَ أمْوالُهُمْ كَأمْوالِنا ودِماؤُهُمْ كَدِمائِنا، والمُسْلِمُونَ عَلى شُرُوطِهِمْ.
لَكِنَّ الفُقَهاءَ اتَّفَقُوا عَلى عَدَمِ جَوازِ إقامَةِ الذِّمِّيِّ واسْتِيطانِهِ فِي مَكَّةَ والمَدِينَةِ، عَلى خِلاَفٍ وتَفْصِيلٍ فِيما سِواهُما. [الموسوعة الفقهية في الكويت (3) / (126)].
ثالِثًا – عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِي عَقِيدَتِهِمْ وعِبادَتِهِمْ:
(23) – إنَّ مِن مُقْتَضى عَقْدِ الذِّمَّةِ ألاَّ يَتَعَرَّضَ المُسْلِمُونَ لأِهْل الذِّمَّةِ فِي عَقِيدَتِهِمْ وأداءِ عِبادَتِهِمْ دُونَ إظْهارِ شَعائِرِهِمْ، فَعَقْدُ الذِّمَّةِ إقْرارُ الكُفّارِ عَلى كُفْرِهِمْ بِشَرْطِ بَذْل الجِزْيَةِ والتِزامِ أحْكامِ المِلَّةِ، وإذا كانَ هُناكَ احْتِمال دُخُول الذِّمِّيِّ فِي الاسْلاَمِ عَنْ طَرِيقِ مُخالَطَتِهِ لِلْمُسْلِمِينَ ووُقُوفِهِ عَلى مَحاسِنِ الدِّينِ، فَهَذا يَكُونُ عَنْ طَرِيقِ الدَّعْوَةِ لاَ عَنْ طَرِيقِ الاكْراهِ، وقَدْ قال اللَّهُ: {لاَ إكْراهَ فِي الدِّينِ}، وهَذا الاصْل مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الفُقَهاءِ، لَكِنْ هُناكَ تَفْصِيلٌ وخِلاَفٌ فِي بَعْضِ الفُرُوعِ، نَذْكُرُهُ فِيما يَلِي:
أ – مَعابِدُ أهْل الذِّمَّةِ:
(24) – قَسَّمَ الفُقَهاءُ أمْصارَ المُسْلِمِينَ عَلى ثَلاَثَةِ أقْسامٍ:
[الخراج لأبي يوسف ص (72)، والبدائع (7) / (113)، والدسوقي (2) / (204)، وكشاف القناع (3) / (116)، (133)]
الاوَّل: ما اخْتَطَّهُ المُسْلِمُونَ وأنْشَئُوهُ كالكُوفَةِ والبَصْرَةِ وبَغْدادَ وواسِطَ، فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ إحْداثُ كَنِيسَةٍ ولاَ بِيعَةٍ ولاَ مُجْتَمَعٍ لِصَلاَتِهِمْ ولاَ صَوْمَعَةٍ بِإجْماعِ أهْل العِلْمِ، ولاَ يُمَكَّنُونَ فِيهِ مِن شُرْبِ الخَمْرِ واتِّخاذِ الخَنازِيرِ وضَرْبِ النّاقُوسِ.
الثّانِي: ما فَتَحَهُ المُسْلِمُونَ عَنْوَةً، فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ إحْداثُ شَيْءٍ مِن ذَلِكَ بِالاِتِّفاقِ؛ لأِنَّهُ صارَ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، وما كانَ فِيهِ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ هَل يَجِبُ هَدْمُهُ؟ خلاف بين أهل العلم.
الثّالِثُ: ما فَتَحَهُ المُسْلِمُونَ صُلْحًا، فَإنْ صالَحَهُمُ الامامُ عَلى أنَّ الارْضَ لَهُمْ والخَراجَ لَنا، فَلَهُمْ إحْداثُ ما يَحْتاجُونَ إلَيْهِ فِيها مِنَ الكَنائِسِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ والمالِكِيَّةِ والحَنابِلَةِ، وهُوَ الاصَحُّ عِنْدَ الشّافِعِيَّةِ؛ لأِنَّ المِلْكَ والدّارَ لَهُمْ، فَيَتَصَرَّفُونَ فِيها كَيْفَ شاءُوا. وفِي مُقابِل الاصَحِّ عِنْدَ الشّافِعِيَّةِ: المَنعُ؛ لأِنَّ البَلَدَ تَحْتَ حُكْمِ الاسْلاَمِ.
وإنْ صالَحَهُمْ عَلى أنَّ الدّارَ لَنا، ويُؤَدُّونَ الجِزْيَةَ، فالحُكْمُ فِي الكَنائِسِ عَلى ما يَقَعُ عَلَيْهِ الصُّلْحُ، والاوْلى ألاَّ يُصالِحَهُمْ إلاَّ عَلى ما وقَعَ عَلَيْهِ صُلْحُ عُمَرَ مِن عَدَمِ إحْداثِ شَيْءٍ مِنها.
وإنْ وقَعَ الصُّلْحُ مُطْلَقًا، لاَ يَجُوزُ الاحْداثُ عِنْدَ الجُمْهُورِ: (الحَنَفِيَّةِ والشّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ)، ويَجُوزُ فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ أحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ عِنْدَ المالِكِيَّةِ.
ولاَ يَتَعَرَّضُ لِلْقَدِيمَةِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ والحَنابِلَةِ، وهُوَ المَفْهُومُ مِن كَلاَمِ المالِكِيَّةِ، والاصَحُّ عِنْدَ الشّافِعِيَّةِ المَنعُ مِن إبْقائِها كَنائِسَ.
[فتح القدير (5) / (300)، والدسوقي (2) / (204)، وجواهر الإكليل (1) / (268)، ومغني المحتاج (4) / (254)، والمغني لابن قدامة (8) / (526)، (527)].
ب – إجْراءُ عِباداتِهِمْ:
(25) – الاصْل فِي أهْل الذِّمَّةِ تَرْكُهُمْ وما يَدِينُونَ، فَيُقَرُّونَ عَلى الكُفْرِ وعَقائِدِهِمْ وأعْمالِهِمُ الَّتِي يَعْتَبِرُونَها مِن أُمُورِ دِينِهِمْ، ولاَ يُمْنَعُونَ مِنَ ارْتِكابِ المَعاصِي الَّتِي يَعْتَقِدُونَ بِجَوازِها، وغَيْرِ ذَلِكَ فِيما بَيْنَهُمْ، أوْ إذا انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ.
ويُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ هَذا ألاَّ يُظْهِرُوها ولاَ يَجْهَرُوا بِها بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وإلاَّ مُنِعُوا وعُزِّرُوا، وهَذا بِاتِّفاقِ المَذاهِبِ، فَقَدْ جاءَ فِي شُرُوطِ أهْل الذِّمَّةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ: «ألاَّ نَضْرِبَ ناقُوسًا إلاَّ ضَرْبًا خَفِيًّا فِي جَوْفِ كَنائِسِنا، ولاَ نُظْهِرَ عَلَيْها صَلِيبًا، ولاَ نَرْفَعَ أصْواتَنا فِي الصَّلاَةِ ولاَ القِراءَةَ فِي كَنائِسِنا، ولاَ نُظْهِرُ صَلِيبًا ولاَ كِتابًا فِي سُوقِ المُسْلِمِينَ» إلَخْ. [البناية على الهداية (4) / (837)، وابن عابدين (3) / (272)، والدسوقي (2) / (204)، ومغني المحتاج (4) / (257)، وكشاف القناع (3) / (133)]، هَذا،
وقَدْ فَصَّل بَعْضُ الحَنَفِيَّةِ بَيْنَ أمْصارِ المُسْلِمِينَ وبَيْنَ القُرى. [بدائع الصنائع للكاساني (7) / (113)].
وفَصَّل الشّافِعِيَّةُ بَيْنَ القُرى العامَّةِ والقُرى الَّتِي يَنْفَرِدُ بِها أهْل الذِّمَّةِ، فَلاَ يُمْنَعُونَ فِي الاخِيرَةِ مِن إظْهارِ عِباداتِهِمْ. [المهذب (2) / (256)].
رابِعًا – اخْتِيارُ العَمَل:
(26) – يَتَمَتَّعُ الذِّمِّيُّ بِاخْتِيارِ العَمَل الَّذِي يَراهُ مُناسِبًا لِلتَّكَسُّبِ، فَيَشْتَغِل بِالتِّجارَةِ والصِّناعَةِ كَما يَشاءُ، فَقَدْ صَرَّحَ الفُقَهاءُ أنَّ الذِّمِّيَّ فِي المُعامَلاَتِ كالمُسْلِمِ، هَذا هُوَ الاصْل، وهُناكَ اسْتِثْناءاتٌ فِي هَذا المَجال.
أمّا الاشْغال والوَظائِفُ العامَّةُ، فَما يُشْتَرَطُ فِيهِ الاسْلاَمُ كالخِلاَفَةِ، والامارَةِ عَلى الجِهادِ، والوِزارَةِ وأمْثالِها، فَلاَ يَجُوزُ أنْ يُعْهَدَ بِذَلِكَ إلى ذِمِّيٍّ، وما لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الاسْلاَمُ كَتَعْلِيمِ الصِّغارِ الكِتابَةَ، وتَنْفِيذِ ما يَامُرُ بِهِ الامامُ أوِ الامِيرُ، يَجُوزُ أنْ يُمارِسَهُ الذِّمِّيُّونَ.
[بن عابدين (3) / (276)، وجواهر الإكليل (2) / (254)، والأحكام السلطانية للماوردي ص (21) – (25)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص (13) – (15)]
المُعامَلاَتُ المالِيَّةُ لأِهْل الذِّمَّةِ:
(27) – القاعِدَةُ العامَّةُ أنَّ أهْل الذِّمَّةِ فِي المُعامَلاَتِ كالبُيُوعِ والاجارَةِ وسائِرِ التَّصَرُّفاتِ المالِيَّةِ كالمُسْلِمِينَ (إلاَّ ما اسْتُثْنِيَ مِنَ المُعامَلَةِ بِالخَمْرِ والخِنْزِيرِ ونَحْوِهِما)؛ وذَلِكَ لأِنَّ الذِّمِّيَّ مُلْتَزِمٌ أحْكامَ الاسْلاَمِ فِيما يَرْجِعُ إلى المُعامَلاَتِ المالِيَّةِ، فَيَصِحُّ مِنهُمُ البَيْعُ والاجارَةُ والمُضارَبَةُ والمُزارَعَةُ ونَحْوُها مِنَ العُقُودِ والتَّصَرُّفاتِ الَّتِي تَصِحُّ مِنَ المُسْلِمِينَ، ولاَ تَصِحُّ مِنهُمْ عُقُودُ الرِّبا والعُقُودُ الفاسِدَةُ والمَحْظُورَةُ الَّتِي لاَ تَصِحُّ مِنَ المُسْلِمِينَ، كَما صَرَّحَ بِهِ فُقَهاءُ المَذاهِبِ.
إلاَّ أنَّ هُناكَ ما يُسْتَثْنى مِن هَذِهِ القاعِدَةِ نُجْمِلُهُ فِيما يَلِي:
أ – المُعامَلَةُ بِالخَمْرِ والخِنْزِيرِ:
(28) – اتَّفَقَ الفُقَهاءُ عَلى أنَّهُ لاَ تَجُوزُ المُعامَلَةُ بِالخَمْرِ والخِنْزِيرِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ مُطْلَقًا؛ لأِنَّهُما لاَ يُعْتَبَرانِ مالًا مُتَقَوِّمًا عِنْدَ المُسْلِمِينَ.
ب – ضَمانُ الاتْلاَفِ:
(29) – إذا أتْلَفَ الخَمْرَ والخِنْزِيرَ لِمُسْلِمٍ فَلاَ ضَمانَ اتِّفاقًا؛ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهِما فِي حَقِّ المُسْلِمِينَ. وكَذَلِكَ إتْلاَفُهُما لأِهْل الذِّمَّةِ عِنْدَ الشّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ؛ لأِنَّ ما لاَ يَكُونُ مَضْمُونًا فِي حَقِّ المُسْلِمِ لاَ يَكُونُ مَضْمُونًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ.
ج – اسْتِئْجارُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ:
(30) – تَجُوزُ مُعامَلَةُ الايجارِ والاِسْتِئْجارِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وأهْل الذِّمَّةِ فِي الجُمْلَةِ، لَكِنَّهُ إذا اسْتَاجَرَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا لإِجْراءِ عَمَلٍ، فَإذا كانَ العَمَل الَّذِي يُؤاجِرُ المُسْلِمَ لِلْقِيامِ بِهِ مِمّا يَجُوزُ لِنَفْسِهِ كالخِياطَةِ والبِناءِ والحَرْثِ فَلاَ بَاسَ بِهِ، أمّا إذا كانَ لاَ يَجُوزُ لَهُ أنْ يَعْمَلَهُ كَعَصْرِ الخُمُورِ ورَعْيِ الخَنازِيرِ ونَحْوِ ذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ.
وقال بَعْضُ الفُقَهاءِ: لاَ يَجُوزُ اسْتِئْجارُ المُسْلِمِ لِخِدْمَةِ الذِّمِّيِّ الشَّخْصِيَّةِ؛ لِما فِيهِ مِن إذْلاَل المُسْلِمِ لِخِدْمَةِ الكافِرِ. [البدائع (4) / (189)، والشرح الصغير (4) / (35)، وجواهر الإكليل (2) / (188)، والقليوبي (3) / (67)، والمغني (6) / (138)].
هـ – عَدَمُ تَمْكِينِ الذِّمِّيِّ مِن شِراءِ المُصْحَفِ وكُتُبِ الحَدِيثِ:
(32) – لاَ يَجُوزُ تَمْكِينُ الذِّمِّيِّ مِن شِراءِ المُصْحَفِ أوْ دَفْتَرٍ فِيهِ أحادِيثُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهاءِ (المالِكِيَّةِ والشّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ) لأِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلى ابْتِذالِهِ. [جواهر الإكليل (2) / (3)، والأم للشافعي (4) / (212)، والمغني (1) / (624)].
ولَمْ نَعْثُرْ فِي كُتُبِ الحَنَفِيَّةِ عَلى ما يَمْنَعُ ذَلِكَ، إلاَّ أنَّ أبا حَنِيفَةَ وأبا يُوسُفَ يَمْنَعانِ الذِّمِّيَّ مِن مَسِّ المُصْحَفِ، وجَوَّزَهُ مُحَمَّدٌ إذا اغْتَسَل لِذَلِكَ [ابن عابدين (1) / (119)].
أنْكِحَةُ أهْل الذِّمَّةِ وما يَتَعَلَّقُ بِها
(34) – لاَ يَخْتَلِفُ أحْكامُ نِكاحِ أهْل الذِّمَّةِ عَنْ غَيْرِهِمْ مِن أهْل الكِتابِ وسائِرِ الكُفّارِ، إلاَّ أنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أنْ يَتَزَوَّجَ كِتابِيَّةً.
ولاَ يَجُوزُ زَواجُ المُسْلِمَةِ مِن غَيْرِ المُسْلِمِ، ولَوْ كانَ ذِمِّيًّا أوْ كِتابِيًّا.
وذَلِكَ بِاتِّفاقِ الفُقَهاءِ لِقَوْلِهِ تَعالى: {ولاَ تُنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا}، ولِقَوْلِهِ تَعالى: {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، ولاَ يَجُوزُ زَواجُ مُسْلِمٍ مِن ذِمِّيَّةٍ غَيْرِ كِتابِيَّةٍ، لِقَوْلِهِ تَعالى: {ولاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ}.
واجِباتُ أهْل الذِّمَّةِ المالِيَّةِ
(35) – عَلى أهْل الذِّمَّةِ واجِباتٌ وتَكالِيفُ مالِيَّةٌ يَلْتَزِمُونَ بِها قِبَل الدَّوْلَةِ الاسْلاَمِيَّةِ مُقابِل ما يَتَمَتَّعُونَ بِهِ مِنَ الحِمايَةِ والحُقُوقِ، وهَذِهِ الواجِباتُ عِبارَةٌ عَنَ الجِزْيَةِ والخَراجِ والعُشُورِ، وفِيما يَلِي نُجْمِل أحْكامَها:
أ – الجِزْيَةُ:
وهِيَ المال الَّذِي تُعْقَدُ عَلَيْهِ الذِّمَّةُ لِغَيْرِ المُسْلِمِ لأِمْنِهِ واسْتِقْرارِهِ، تَحْتَ حُكْمِ الاسْلاَمِ وصَوْنِهِ. وتُؤْخَذُ كُل سَنَةٍ مِنَ العاقِل البالِغِ الذَّكَرِ، ولاَ تَجِبُ عَلى الصِّبْيانِ والنِّساءِ والمَجانِينِ اتِّفاقًا، كَما يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِها: السَّلاَمَةُ مِنَ الزَّمانَةِ والعَمى والكِبَرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهاءِ. وفِي مِقْدارِها ووَقْتِ وُجُوبِها وما تَسْقُطُ بِهِ الجِزْيَةُ وغَيْرِها مِنَ الاحْكامِ تَفْصِيلٌ وخِلاَفٌ.
ب – الخَراجُ:
وهُوَ ما وُضِعَ عَلى رِقابِ الارْضِ مِن حُقُوقٍ تُؤَدّى عَنْها.
وهُوَ إمّا أنْ يَكُونَ خَراجُ الوَظِيفَةِ الَّذِي يُفْرَضُ عَلى الارْضِ بِالنِّسْبَةِ إلى مِساحَتِها ونَوْعِ زِراعَتِها، وإمّا أنْ يَكُونَ خَراجُ المُقاسَمَةِ الَّذِي يُفْرَضُ عَلى الخارِجِ مِنَ الارْضِ كالخُمُسِ أوِ السُّدُسِ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
ج – العُشُورُ:
وهِيَ الَّتِي تُفْرَضُ عَلى أمْوال أهْل الذِّمَّةِ المُعَدَّةِ لِلتِّجارَةِ، إذا انْتَقَلُوا بِها مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ داخِل دارِ الاسْلاَمِ، ومِقْدارُها نِصْفُ العُشْرِ، وتُؤْخَذُ مَرَّةً واحِدَةً فِي السَّنَةِ حِينَ الاِنْتِقال عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهاءِ، خِلاَفًا لِلْمالِكِيَّةِ حَيْثُ أوْجَبُوها فِي كُل مَرَّةٍ يَنْتَقِلُونَ بِها.
ما يُمْنَعُ مِنهُ أهْل الذِّمَّةِ:
(36) – يَجِبُ عَلى أهْل الذِّمَّةِ الاِمْتِناعُ عَمّا فِيهِ غَضاضَةٌ عَلى المُسْلِمِينَ، وانْتِقاصُ دِينِ الاسْلاَمِ، مِثْل ذِكْرِ اللَّهِ عزوجل أوْ كِتابِهِ أوْ رَسُولِهِ أوْ دِينِهِ بِسُوءٍ؛ لأِنَّ إظْهارَ هَذِهِ الافْعال اسْتِخْفافٌ بِالمُسْلِمِينَ وازْدِراءٌ بِعَقِيدَتِهِمْ.
وعَدَمُ التِزامِ الذِّمِّيِّ بِما ذُكِرَ يُؤَدِّي إلى انْتِقاضِ ذِمَّتِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهاءِ، خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ.
كَذَلِكَ يُمْنَعُ أهْل الذِّمَّةِ مِن إظْهارِ بَيْعِ الخُمُورِ والخَنازِيرِ فِي أمْصارِ المُسْلِمِينَ، أوْ إدْخالِها فِيها عَلى وجْهِ الشُّهْرَةِ والظُّهُورِ.
ويُمْنَعُونَ كَذَلِكَ مِن إظْهارِ فِسْقٍ يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهُ كالفَواحِشِ ونَحْوِها.
ويُؤْخَذُ أهْل الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنِ المُسْلِمِينَ فِي زِيِّهِمْ ومَراكِبِهِمْ ومَلاَبِسِهِمْ، ولاَ يُصَدَّرُونَ فِي مَجالِسَ، وذَلِكَ إظْهارًا لِلصِّغارِ عَلَيْهِمْ، وصِيانَةً لِضَعَفَةِ المُسْلِمِينَ عَنِ الاِغْتِرارِ بِهِمْ أوْ مُوالاَتِهِمْ.
[البناية على الهداية (4) / (840)، والبدائع للكاساني (7) / (113)، (114)، وجواهر الإكليل (1) / (268)، (269)، ومغني المحتاج (4) / (256)، (257)، وكشاف القناع (3) / (126)، (127)، والأحكام السلطانية للماوردي ص (140)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص (144)، (145)].
وتَفْصِيل ما يُمَيِّزُ بِهِ أهْل الذِّمَّةِ عَنِ المُسْلِمِينَ فِي الزِّيِّ والمَلْبَسِ والمَرْكَبِ وغَيْرِها مِنَ المَسائِل تُنْظَرُ فِي كُتُبِ الفِقْهِ، عِنْدَ الكَلاَمِ عَنِ الجِزْيَةِ وعَقْدِ الذِّمَّةِ.
[انظر: أهْل الذِّمَّةِ، الموسوعة الفقهية الكويتية، بتصرف].
للفائدة في الكتب والرسائل:
1) كتاب “أحكام أهل الذمة”، المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله (المتوفى: 751هـ). وهو مطبوع.
2) رسالة: “بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهادا؟! ويحكم … أفيقوا يا شباب!! “، المؤلف: عبد المحسن العباد حفظه الله.
3) وراجع شرحنا للصحيح المسند (ج2/ رقم 1133):
مسند الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه
قال الإمام أحمد رحمه الله: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّهُ صَحِبَ قَوْمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَوَجَدَ مِنْهُمْ غَفْلَةً، فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْبَلَهَا.
قال الوادعي: هذا حديث صحيح.
حيث تكلمنا عن خطر الغدر وأنواع العقود مع غير المسلمين.
4) وراجع عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند كذلك ذكرنا أحكام أهل الذمة
قال ابوداود في سننه
3054 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِىُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِى أَبُو صَخْرٍ الْمَدِينِىُّ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».