116 جامع الأجوبة الفقهية ص 156
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
مسألة : حكم الاستنثار عند الاستيقاظ. والحكمة من الاستنثار ، وما هو الخيشوم
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
♢-مشاركة مجموعة ناصر الريسي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه. (متفق عليه)
روى البخاري (3295) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ ، فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاَثًا ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ).
♢-قال الإمام الصنعاني في سبل السلام (1/ 58) :
الاستنثار عند جمهور أهل اللغة والمحدثين والفقهاء: إخراج الماء من الأنف، بعد الاستنشاق.
♢-ويستعمل بمعنى الاستنشاق ، قال ابن قدامة في المغني (1/ 89) :
والاستنشاق: اجتذاب الماء بالنفس إلى باطن الأنف. والاستنثار: إخراج الماء من أنفه. ولكن يعبر بالاستنثار عن الاستنشاق؛ لكونه من لوازمه.
♢-المسألة الأولى : حكم الاستنثار عند الاستيقاظ.
♢-قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 176) :
قد وقع الاتفاق على عدم وجوب الاستنثار عند الاستيقاظ ولم يذهب إلى وجوبه أحد
♢-وقال الإمام الصنعاني رحمه الله سبل السلام (1/ 64):
الحديث دليل على وجوب الاستنثار عند القيام من النوم مطلقا، إلا أن في رواية للبخاري إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان» الحديث، فيقيد الأمر المطلق به هنا بإرادة الوضوء. انتهى
♢-ظاهر كلام ابن حزم في المحلى بالآثار (1/ 202) وجوب الاستنثار حيث قال بعد أن ذكر حديث أبي هريرة :
قال أبو محمد: أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على الفرض. قال الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: 63] ومن توضأ بغير أن يفعل ما أمره رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يفعله فلم يتوضأ الوضوء الذي أمره الله تعالى به، ومن لم يتوضأ كذلك فلا صلاة له، لا سيما طرد الشيطان عن خيشوم المرء، فما نعلم مسلما يستسهل الأنس بكون الشيطان هناك. انتهى
♢-وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح المختصر لبلوغ المرام (2/50) :
وعلى كل حال فإن الله تعالى قد يسلط الشيطان على بني آدم ، فإذا نام بات الشيطان على خيشومه بإذن الله عز وجل ، فأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بالاستنثار ، وهو أن تستنشق الماء ، ثم تستنثره ، ثلاث مرات ؛ تطهيرا للخيشوم من أثر الشيطان .
وهذا التسليط من الله عز وجل له حكمة ، لكننا لا نعلم ما هي ، إلا أننا نعلم أنه لم يسلط إلا لحكمة .
وهو غير استنثار الوضوء ، لأن استنثار الوضوء يكون من أعمال الوضوء ، لكن هذا استنثار خاص ، حتى لو فرض أن الإنسان في البر وليس عنده ماء ، ويريد أن يتيمم بدل الوضوء ، نقول : استنثر ثلاثا ، لهذه الحكمة” انتهى.
♢- قال الشيخ صالح الفوزان في تسهيل الإلمام بفقه الأحاديث من بلوغ المرام (1/118): مشروعية الاستنثار عند القيام من نوم الليل بالماء ثلاث مرات ، من العلماء من يرى أنه واجب ، ومنهم من يرى أنه مستحب ، والصحيح أنه واجب ؛ لأن ظاهر الأمر الوجوب .
لكن هل يستنثر وهو لم يرد الوضوء ؟
ظاهر الحديث أنه يستنثر كل مستيقظ من النوم ، ولو لم يرد الوضوء ، ولكن في رواية البخاري تقييد ذلك فيما إذا أراد الوضوء : (إذا استيقظ أحدكم فأراد أن يتوضأ فليستنثر ثلاثا) ، فيحمل المطلق على المقيد في أنه إذا استيقظ من نومه وأراد الوضوء ، فإنه يستنثر .
ومن العلماء من يرى العموم ، بأنه يستنثر ولو لم يرد الوضوء ؛ لأن العلة عامة في قوله : ( فإن الشيطان يبيت على خيشومه ) ، وهذا أحوط وأنفع للإنسان ” انتهى .
♢- قال الشيخ الراجحي في شرح سنن النسائي (5/ 34):
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الأمر بالاستنثار عند الاستيقاظ من النوم).
وهذه الترجمة فيها الأمر بالاستنثار عند استيقاظ المرء من منامه، أي: قبل أن يتوضأ، لكن الحديث فيه: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر) فلا يطابق الترجمة، وليس في رواية مسلم: (فتوضأ) بل فيها (إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر)، فتكون مطابقة للترجمة.
وأما إذا توضأ فلابد من الاستنثار، إلا أن يقال: إن الأمر بالاستنثار إذا توضأ بعد النوم، وأما ما عدا ذلك فيكون الاستنثار فيه مستحباً؛ لأنه قيده هنا بـ (توضأ)، فيكون المعنى أنه إذا استيقظ من نومه فإن الاستنثار واجب، وإن توضأ بالنهار فلا يجب، لكن الصواب أن الاستنثار واجب، لما في رواية مسلم.
♢- المسألة الثانية:
♢-الحكمة من الاستنثار
♢- قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 176) :
وإنما شرع – أي الاستنثار- لأنه يذهب ما يلصق بمجرى النفس من الأوساخ وينظفه فيكون سببا لنشاط القارئ وطرد الشيطان.
♢- وقال الشيخ الراجحي في شرح سنن النسائي (5/ 34)
قوله: (فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خيشومه) وهذا البيان حقيقي، هذا خلافاً لمن تأوله، وهذا يؤكد الوجوب، وأنه ينبغي للإنسان أن يستنثر ثلاثاً قبل أن يتوضأ، وهو خاص بالاستيقاظ من النوم، ثم ليستنثر في الوضوء.
♢-وقال في حجة الله البالغة (1/ 297): قوله صلى الله عليه وسلم: فان الشيطان يبيت على خيشومه ” أقول: معناه أن اجتماع المخاط والمواد الغليظة في الخيشوم سبب لتبلد الذهن وفساد الفكر، فيكون أمكن لتأثير الشيطان بالوسوسة وصده عن تدبر .
♢- وفِي شرح بلوغ المرام لعطية سالم (15/ 8) قال:
وذلك لأن الشيطان يبيت على الخيشوم داخل الأنف، والشيطان اختار هذا المحل لأنه مفتوح.
وبعض العلماء يقول: لأنه موضع المخاط والقذارة، فالشيطان يتتبع هذه الأشياء
♢-المسألة الثالثة:
ما هو الخيشوم؟
♢- في جمهرة اللغة (1/ 602)الخيشوم: الْأنف وَالْجمع الخياشيم هَكَذَا قَالَ قوم. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الخياشيم: الْعِظَام الرقَاق فِيمَا بَين أَعلَى الْأنف إِلَى الراس وَالْوَاحد خيشوم وَقَالَ ذُو الرمة // (بسيط) //:
(كَأَنَّمَا خالطت فاها إِذا وسنت … بعد الرقاد وَمَا ضم الخياشيم)
♢-في الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (5/ 1912)
الخَيْشومُ: أقصى الأنف. وقد خَشَمْتُهُ خَشْماً، أي كسرت خَيْشومَهُ. وخَياشيمُ الجبال: أنوفها. ورجلٌ خُشامٌ، بالضم: غليظ الأنف. وكذلك الجبل الذي له أنفٌ غليظ. ورجلٌ أَخْشَمُ بيِّن الخَشَمِ، وهو داءٌ يعترى الانف.
♢- قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 176) :
والخيشوم أعلى الأنف، وقيل: هو الأنف كله وقيل: هو عظام رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
♢-(جواب سعيد الجابري)
*حكم الاستنثار عند الاستيقاظ النوم*:
قلت: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: قوله: فليستنثر ثلاثا”، وهل هذا الأمر للوجوب أو لا؟
نقول: الأصل في الأمر الوجوب لاسيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم علل ذلك بأمر يجب التنزه عنه، وهو أثر الشيطان الذي يبيت على الخيشوم. ….. أن ظاهره العموم، أي: عموم الأمر بالاستنثار في كل نوم لقوله: “من نومه”، ولكن العلة تقتضي التخصيص حيث قال: فإن الشيطان يبيت على خيشومه”. فمن العلماء من أخذ بالعموم، وقال: إن تعليل بعض أفراد العام بعلة لا يقتضي التخصيص. ومن العلماء من قال: بل العلة تخصيص العام، وعلى كل حال: الاحتياط أن يستنثر الإنسان ثلاثا حتى في نوم النهار؛ لأن اللفظ يحتمله، وعود العلة على بعض أفراده لا يقتضي التخصيص، كما أن عود الحكم على بعض الأفراد داخل في التخصيص.
(فتح ذي الجلال والاكرام)
♢-ونقل الشوكاني: عدم وجوب الاستنثار عند الاستيقاظ ولم يذهب إلى وجود أحد. وسبق.
*الحكمة من الاستنثار*
♢-قال الشيخ ابن عثيمين أن النبي صلى الله عليه وسلم علل ذلك بأمر يجب التنزه عنه، وهو أثر الشيطان الذي يبيت على الخيشوم.
♢-وقال الشيخ محمد علي آدم:
والمقصود من الإستنثار إزالة آثاره، إما حقيقة؛ لأنه أحد منافذ الجسم يتوصل منها إلى القلب، والمقصود من الإستنثار إزالة آثاره،
وإما مجاز، فإن ما ينعقد فيه من الغبار والرطوبة قذرات توافق الشيطان، فالمراد أن الخيشوم محل قذر لبيتوتة الشيطان، فينبغي للإنسان تنظيفه، قاله السندي.
قال الجامع عفا الله عنه: الأول: هو الصحيح، ولا داعي للمجاز مع أن الحقيقة هي الأصل، ولا مانع من وقوعها، والله أعلم.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
(ذخيرة العقبى)
*وما هو الخيشوم*؟
الخيشوم: بفتح الخاء وسكون الياء وضم الشين، هو أعلى الأنف من داخله.
وقيل: المنخر، قاله الحافظ، وقال التوربشتي: هو أقصى الأنف المتصل بالبطن المقدم من الدماغ، نقله السندي،
*وقال الشيخ ابن عثيمين*:
لأن الخيشوم تطلق على الأنف كله، وتطلق على العظام الرقيقة التي هي داخل الأنف.
(فتح ذي الجلال والاكرام)
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
مشاركة سيف : قال بعض مشايخنا في شرح البلوغ :
وما ورد فيه القيد بالوضوء لبعض الأفراد بحكم موافق ، وحينئذٍ لا يقتضي التخصيص، نعم التنصيص على الاستنثار والاستنشاق مع الوضوء يدل على شدة الاهتمام به والعناية، وأنه من أجزاء الوضوء ….
يعني يقصد مثلا الحائض ليس عليها صلاة فليس عليها وضوء فهنا عليها الاستنثار ثلاثا عند الاستيقاظ من النوم.
– وقال غيره كذلك :
ينوب عن هذا الاستنثار إذا قام من منامه فتوضأ ، فإن استنثار الوضوء كافٍ ، لما جاء عند البخاري :
( إذا استيقظ أحدكم من نومه فتوضأ فليستنثر ثلاثاً )
فإن قام من النوم ولا يريد وضوءاً فيجب عليه الاستنثار ثلاثا على سبيل الاستقلال .
– أن ” البيتوتة : تطلق على من أدركه الليل نام أو لم ينم ”
وهنا في هذا الحديث في حق من نام ، فيكون الحكم خاصاً بمن نام .
وليس في حق من لم ينم :
كما في حديث ( فبات الناس يدوكون ليلتهم )
– النوم المقصود به هنا هو النوم الذي ينقض الوضوء .
أما إذا كان نوماً يشعر فيه الإنسان بمن حوله ، فلا يدخل ، لما جاء في الحديث الآخر : ( فإنه لا يدري أين باتت يده )
– شيخ الإسلام رحمه الله يقول : إن هذا الحديث والحديث الذي يليه ( فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا )
أنهما متقاربان ، فلماذا لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ؟
قال : من أجل أن الشيطان يبيت على خيشومه ، فربما أحدث فيها ضرراً
فتكون العلة في عدم إدخال اليدين في الإناء هو ملاصقة الشيطان لهذا النائم
قلت سيف : وسيأتي حديث إن شاء الله تعالى إذا استيقظ فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها وهو في المسألة التالية .
قال الحافظ ابن حجر: “ظاهر الحديث أن هذا يقع لكل نائم، ويحتمل أن يكون مخصوصاً بمن لم يحترس من الشيطان بشيء من الذكر لحديث أبي هريرة، فإن فيه: “فكانت له حرزاً من الشيطان” وكذلك آية الكرسي، وقد تقدم فيه: “ولا يقربك شيطان”، ويحتمل أن يكون المراد بنفي القرب هنا أنه لا يقرب من المكان الذي يوسوس فيه وهو القلب، فيكون مبيته على الأنف ليتوصل منه إلى القلب إذا استيقظ، فمن استنثر منعه من التوصل إلى ما يقصد من الوسوسة فحينئذ فالحديث متناول لكل مستيقظ” فتح الباري (6/343)، والله أعلم.
– قال باحث : ونقل عن ابن القيم ؛ شمس الحق آبادي في عون المعبود ( عون المعبود شرح سنن أبي داود لشمس الحق ابادي (27/ 121) والظاهر من كلام الإمام ابن القيم ان ذلك خشية أن تكون اليد على الخيشوم اثناء النوم والشيطان يبيت على الخيشوم أثناء النوم ولم يذكر حديثاً في أن الشيطان يبيت على اليد كما ترى وإنما ذكر الحديث المتفق عليه في شأن مبيت الشيطان على الخيشوم اثناء النوم.
ووجدت محمد أنور شاه الكشميري نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية ثم رد عليه برد علم من قرأ كلام ابن القيم أنه ليس بقوي والله أعلم إذ قال الكشميري فيض البارى شرح صحيح البخارى (1/ 297): ( قلت: أمَّا ما ذكره الحافظ ابن تيمية فقد ذكرنا أنَّه لم يذهب إليه أحد من الأئمة، وكلهم حَمَلوه على باب النجاسة دون النظافة، ثم إنَّ ملابسَتَه إنما هي بمواضع الألواث، فإنه يلعب بمَقَاعِدِ بني آدم ويبيت على الخياشيم لكونها مواضع اللوث أيضاً، أو ملابسته ليُلقي منها الوساوس إلى القلب والدِّماغ، واليد بمعزلٍ منهما، فماله ولليد؟ مع أنَّ الذكر في الحديث لتَطْوَاف اليد وجولانها، فهو الدخيلُ في النجاسة لا ملابسة الشيطان، ولو كانت لتعرَّض إليها أيضاً كما تعرض إلى بيتُوتته على الخياشيم، على أن في الدارقطني: «أين باتت يده منه» وصححه ابن مَنْده الأصبهاني.
فهذا صريحٌ في أنَّ المدخل لبيتُوتة اليد على حصة من جسده، لا لبيتوتة الشيطان على يده فجعلَ الحديثُ اليدَ طائفاً وبائتاً، وجعل ابن تيمية رحمه الله تعالى الشيطان بائتاً. وذكرَ الحديث بيتوتَة اليد من جسدِهِ وذكر هو ملابسةَ الشيطان بيده، فأني هذا من ذاك؟. ) إنتهى
قلت: وهذا الذي ذكره الكشميري ليس بمُسلَّم بأن يقال الكل مراد فاليد أثناء النوم قد تكون على بعض ما في الجسد مما هو مظنة للنجاسة أو ما هو نجس وكذلك قد تكون على الخيشوم الذي يبيت عليه الشيطان والله أعلم والظاهر أن الأمر ليس معنوي فقط بل معنوي وحسي لعموم حديث: ( أين باتت يده ) – متفق عليه دون زيادة ( منه ) – فالحديث عام فاليد اثناء النوم قد تكون على موضع نجس معنويا كالخيشوم بمبيت الشيطان عليه او حسياً كالعورة المغلظة ( القبل والدبر ) مما هو مظنة النجاسة وهذا لا يعني نجاسة اليد عند القيام من النوم وإنما يعني ان اليد مظنة النجاستين الحسية والمعنوية والحكم إنما يكون على الظاهر فهي طاهرة إلا إذا ظهر له عليها نجاسة.
وحديث ( لا يدري أين باتت يده ) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وابن ماجة وابو داود والترمذي والنسائي والبيهقي في السنن الكبرى وفي رواية للبيهقي زيادة ( منه ) وقال عقبه ( وقوله ( منه ) تفرد به محمد بن الوليد البسري وهو ثقة والله أعلم ) اهـ وفي رواية عند ابن ماجة زاد ( ولا على ما وضعها ) وفي رواية عند ابي داود ( أو أين كانت تطوف يده ) واخرجه غيرهم وانظر صحيح سنن أبي داود ( الأم ) ح 92 وإرواء الغليل للعلامة المحدث الألباني ح 21 وح 164
أما الحديث الذي أشار له العلامة احمد شاكر بلفظ: ( فإن أحدكم يبيت الشيطان على يده ) فلم أجد له أصل وكما نرى لم يذكر العلامة ابن القيم حديثاً في هذا الشأن مع استدلاله بحديث مبيت الشيطان على الخيشوم أثناء النوم ومر قول الكشميري: ( ولم يذكر حديثاً في أن الشيطان يبيت على اليد كما ترى وإنما ذكر الحديث المتفق عليه في شأن مبيت الشيطان على الخيشوم اثناء النوم.) اهـ نقل الباحث وتعقباته .
قلت سيف : ذكر الدارقطني في العلل 1572 تفرد شعبة بلفظ ( أين باتت يده منه ) يقصد زيادة( منه ) لم يذكرها إلا هو
وانفرد محمد بن الوليد بروايتها عن محمد بن جعفر وقال ابن خزيمة وذكر هذا السند :خبر غريب .
وفي البدر المنير :
قال ابن منده : هذه الزيادة رواتها ثقات ولا اراها محفوظة
وقال الدارقطني في علله : تفرد بها شعبه.
وكذلك نقل ابن حجر عن الدارقطني : تفرد بهاشعبه
وما ذكر عن البيهقي من تفرد محمد بن الوليد بها فإن كان عن محمد بن جعفر فمسلم وإن أراد مطلقا فلا فقد قال البيهقي تابعه عبدالصمد عن شعبة. انتهى كلام ابن حجر
وما نقل عن الدارقطني هو في سننه
قال في بذل الإحسان : هذه اللفظه توبع الوليد عليها تابعه أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة به وفيه اللفظة الزائدة
وكذلك تابعه محمد بن يحيى الذهلي حدثنا عبدالصمد بن عبد الوارث ثنا شعبة به . ابن عساكر 12/2/334 وابن المقرئ ق118/2 برقم 1099
قلت سيف : المهم كلام الدارقطني في العلل يشير إلى تخطأت شعبة بتفرده بها .
فإن كان حفظها فهي لا تدفع ما قلنا من تأويلات للحديث
قال ابن باز وذكر الحديث :
هذا يدل على شرعية الإستنثار ثلاثا . وظاهره غير الإستنثار في الوضوء فيتأكد الإستنثار ثلاثا قبل الوضوء فأن الإستنثار في الوضوء مستقل .
(( فإن الشيطان يبيت على خيشومه )) هذا من جنس الشيطان ومعلوم أن الشياطين تلتمس المواضع القذرة وهي قذرة وتؤول إلى القذر وتدعوا إلى القذر هذا من فعلها
ولما طرد الله الشيطان عن كل خير وصار داعية لكل باطل صار محل الأقذار هي مأواه ومحله في كل شيء .
فسن للمؤمن وشرع له أن يستنثر ثلاثا بالماء لإزالة الأذى الذي هو محل هذا العدو والشياطين لهم تصرفات ولهم ألوان لهم أحوال .الله الذي يعلم بها . فإن جنس الشياطين في خلقهم وتصرفاتهم و تلوناتهم في جميع الأحوال لا تشبه ما نحن فيه من حال من بني آدم لهم شأن ولهذا قال (( يجري من ابن آدم مجرى الدم )) مع أن الشياطين تأكل وتشرب وتنكح ولها ذرية هذه الأحوال تدل على أن لهم شأنا غير شأننا ولهم حال غير حالنا
قد يتضاءل ويكون روحا مجردة وقد يكون شيئا لطيفا جداً وقد يكون شيئا كبيرا جدا له أحوال .
ولهذا أخبر النبي هنا أن الشيطان يبيت على خيشومه ومعلوم أن الخيشوم شيء ضيق لا يتسع لأجرام كثيرة فعلم أن للشياطين تصرفات وألوانا وأحوالا لا يعلم كيفيتها إلا الذي خلقهم وإنما المؤمن عليه الامتثال والطاعة في كل شيء مع قطع النظر عن حالة الشيء الذي أمر من جهة حكمته ومن جهة تفصيله
فإن ظهر له مع هذا حكم وأسرار لهذه المأمورات وهذه المنهيات فأنه علم إلى علم ونور على نور وهدى إلى هدى وإن لم يظهر شيء فهو مستكف بما عنده من العلم العام بحكمة الله عزوجل وأنه إنما يأمر بما فيه مصلحة عظيمة والعاقبة الحميدة للعباد
وإذا لم يتيسر ذلك عند اليقظة كفى استنثاره عند الوضوء فإنه حاصل به فعل المشروع والسنة أن يكرر ثلاثا وهو أبلغ ومعلوم أنه يكفي واحدة ولكن هنا أمر بالثلاث فيتأكد فعل الثلاث لأنه أبلغ في النظافة وإزالة الأذى .
والأصل في الأوامر الوجوب وذهب بعض العلماء إلى الشرعية والاستحباب والأصل في الأوامر الوجوب لا الاستحباب هذا هو الأصل حتى يجئ شيء يخص الأوامر التي ظاهرها الوجوب بأنها ليست للوجوب .
وهكذا الأصل في النواهي التحريم حتى يأتي ما يخصص ويبين أنه ليس للتحريم . وبهذا تعلم أنه يتأكد على المؤمن أن يستنثر ثلاثا إذا قام من نومه عملا بهذا الحديث الصحيح فإذا لم يتيسر ذلك فعله في الوضوء حتى يحصل هذه الفائدة العظيمة وحتى يمتثل هذا الأمر العظيم .
تنبيه : على من يرى أنه يجزي الاستنثار في الوضوء سبق الكلام على حكم الاستنثار. وأنه واجب . فيضاف إليه هنا وجوب الثلاث مرات. يعني في الوضوء عند الاستيقاظ