115 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3
والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-
مسند أحمد
23283 قال الإمام أحمد: حدثنا إسحق بن سليمان حدثنا كثير أبو النضر عن ربعي بن حراش قال انطلقت إلى حذيفة بالمدائن ليالي سار الناس إلى عثمان فقال يا ربعي ما فعل قومك قال قلت عن أي بالهم تسأل قال من خرج منهم إلى هذا الرجل فسميت رجالا فيمن خرج إليه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله عز وجل ولا وجه له عنده
أخرجه أحمد 23283 وابن أبي خيثمة في تاريخه والقضاعي في مسند الشهاب والحاكم في المستدرك من طريق إسحق بن سليمان، وأخرج أحمد 23284 و 23452 من طريق محمد بن بكر، وأخرج أحمد 23288 وحميد بن زنجويه في الأموال والحاكم في المستدرك وابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق أبي عاصم، وأخرج ابن زنجويه في الأموال من طريق جعفر بن عون، وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق من طريق عيسى بن يونس قالوا حدثنا كثير أبو النضر به
فيه كثير بن أبي كثير أبو النضر ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين ضعيف وقال ابن أبي حاتم عن أبيه مستقيم الحديث، وقال الحاكم روى عنه يحيى بن سعيد القطان وعيسى بن يونس ولم يذكر بجرح.
وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات، وقال ابن مثير تفرد به أحمد أي عن أصحاب الكتب الستة
الجواب سيف: على شرط المتمم على الذيل
سبق في حديث، 24979 ذكرت أن كثير بن أبي كثير لم يوثقه معتبر، فلا أدري على ماذا بنيت قولي ذلك، وبدأت ابحث عن قول أبي حاتم مستقيم الحديث، فوجدت أكثر من استعملها ابن حبان، والأئمة كثيرا ما يضيفون معها كلمات أخرى.
لكن ظاهر استعمالهم انهم يصححون للراوي الذي قيل فيه ذلك.
وقال باحث: مستقيم الحديث عند أبي حاتم تساوي: مستوى الحديث ودلل بثلاث تراجم.
ومما وجدته قول أبي عاصم لما روى عنه هذا الحديث قال: ولم يكن في ذلك العصر رجل خير منه (راجع تاريخ المدينه)
وقد أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي الاحوص عن أبي إسحاق عن سعد قال: قال حذيفة
وابواسحاق لم يسمع من سعد، كذا قاله باحث.
والحديث في الصحيحين من حديث ابن عباس، وعن ابن عمر وعن أبي هريرة في مسلم
—-
مفارقة الجماعة
عن ربعي بن حراش قال: انطلقت إلى حذيفة – رضي الله عنه – بالمدائن ليالي سار الناس إلى عثمان , فقال: يا ربعي , ما فعل قومك؟ , قلت: عن أي بالهم تسأل؟ قال: من خرج منهم إلى هذا الرجل؟ , فسميت رجالا فيمن خرج إليه , فقال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ” من فارق الجماعة , واستذل الإمارة , لقي الله – عز وجل – ولا وجه له عنده”
بين عليه الصلاة و السلام في هذا الحديث و غيره من الأحاديث النهي عن الخروج على الحاكم لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة، و يعلم العقلاء ما يحصل من المفاسد من سلب الأمن وخراب الديار و انتهاك المحرمات، و لا يجوز إهانة السلطان كما جاء في الحديث من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله صححه الألباني في صحيح الجامع، و سيأتي بيان خطر مفارقة الجماعة.
أن الجماعة يراد بها عصبة المؤمنين الذين يجتمعون على الإمام الحق فيدينون له بالسمع والطاعة ويعقدون له البيعة الشرعية، واختار هذا القول ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى وجماعة كثيرون من أهل العلم. استفدت ذلك من شرح الواسطية للشيخ صالح ال الشيخ.
قال ابن حجر: قال بن أبي جمرة المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء فكنى عنها بمقدار الشبر لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق. الفتح (13/ 7).
قال النووي على مسلم (12/ 240): لقي الله تعالى يوم القيامة لا حجة له) أي لاحجة له في فعله ولا عذر له ينفعه
قال ابن بطال: في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها.
قال الصنعاني: وقوله: (وفارق الجماعة) أي خرج عن الجماعة الذين اتفقوا على طاعة إمام انتظم به شملهم واجتمعت به كلمتهم وحاطهم عن عدوهم. سبل السلام (2/ 374)
قال الطيبي في شرح المشكاة: والمعنى أن من فارق الجماعة بترك السنة وارتكاب البدعة ولو بشيء يسير، نقض عهد الإسلام ونزع اليد عن الطاعة.
قال العباد: ومعناه: أن من فارق جماعة المسلمين وخرج عليهم فإنه يكون بذلك قد ضل وتاه؛ والربقة قيل: هي ما يوضع في رقبة البعير من أجل حفظه وربطه به، أو تربط الدابة به حتى لا تذهب وتضيع، وإذا انفلتت تلك الربقة التي ربطت بها فإنها تضيع وتذهب عن صاحبها، فيكون الذي خرج من الجماعة بمثابة تلك الدابة التي كانت محاطة بسياج الجماعة، ولما خرجت صارت عرضة للضياع وللتلف. وهذا لا يدل على الكفر؛ ولكن يدل على أن من خرج وقاتل فإنه يستحق أن يقاتل، أما من شذ أو خرج عن جماعة المسلمين بتكوينه جماعة أو حزباً، فإنها تعمل الاحتياطات التي تمنع من شره. شرح سنن ابي داود
وقال نعيم بن حماد: قلت لسفيان بن عيينة: أرأيت قوله (من ترك الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) فقال: من فارق الجماعة خلع طاعة الله والاستسلام لأمره وللرسول ولأولي الأمر قال ولا أعلم أحدا عوقب بأشد من عقوبتهم ثم قال إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا الآية هذا في أهل الإسلام التمهيد لابن عبدالبر (21/ 283).
و قد جاء الأمر بالقتل فيمن شق جماعة المسلمين وعن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه سيكون هنات
وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان». رواه مسلم.
ورواه النسائي وابن حبان عن عرفجة بلفظ «ستكون بعدي هنات وهنات فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفرق أمر أمة محمد كائنا من كان فاقتلوه ; لأن يد الله على الجماعة وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض»
قال الملا علي قاري: (وعن عرفجة) قال المؤلف: هو ابن سعد روى عنه ابنه طرفة وهو الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ورق ثم ذهب، وكان ذهب أنفه يوم الكلاب بضم الكاف (قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه) أي الشأن (ستكون هنات) بفتح أوله (وهنات) أي شرور وفسادات متتابعة خارجة عن السنة والجماعة والمراد بها الفتن المتوالية، والمعنى أنه سيظهر في الأرض أنواع الفساد، الفتنة لطلب الإمارة من كل جهة وإنما الإمام من انعقد أولا له البيعة (فمن أراد أن يفرق) بتشديد الراء أي يفصل ويقطع (أمر هذه الأمة وهي جميع) أي والحال أن الأمة مجتمعة وكلمتهم واحدة (فاضربوه بالسيف) أي فإنه أحق بالتفريق والتقطيع (كائنا من كان) أي سواء كان من أقاربي أو من غيرهم بشرط أن يكون الأول أهلا للإمامة وهي الخلافة.
قال ابن تيمية: فجعل المحذور هو الخروج عن السلطان ومفارقة الجماعة، وأمر بالصبر على ما يكره من الأمير، لم يخص بذلك سلطانا معينا ولا أميرا معينا ولا جماعة معينة. منهاج السنة النبوية (556)
قال ابن باز: والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء – وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس وينصف المظلوم ويردع الظالم وتأمن السبل ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة. أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا. لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق – ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق. مجموع فتاوى ابن باز (7/ 118 – 119)