1145 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل
وقال الله عز وجل: {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون} [الذاريات: 17]
[ص:53]: أي ما ينامون {وبالأسحار هم يستغفرون} [الذاريات: 18]
1145 – حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، وأبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني، فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له “.
——————–
مشاركة ابي صالح
فوائد الحديث:
1 – رواه الستة، ومالك في الموطأ، وقال ابن بطة في الإبانة: وللحديث طرق كثيرة.
2 – قوله (باب الدعاء) صرح به في حديث الباب، وقوله (والصلاة) صرح به الزهري في هذا الحديث بعينه مبينا أن من تقدمه من السلف كانوا يستحبون الصلاة في هذا الوقت من أجل حديث الباب وغيره. وذكر البخاري كذلك الآية في الترجمة شاهدا لذلك.
3 – الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه.
4 – فضل قيام الليل والاجتهاد فيه.
5 – قوله (يهجعون، ينامون) هو قول إبراهيم النخعي رحمه الله أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل بإسناد صحيح. وقال الفراء في معاني القرآن:” الهجوع النوم”.
6 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}، ” لَا تَمُرُّ بِهِمْ لَيْلَةٌ يَنَامُونَ حَتَّى يُصْبِحُوا لَا يُصَلُّونَ فِيهَا ”
أخرجه الحاكم في المستدرك ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين.
7 – قوله تعالى: كانوا قليلا من الليل ما يهجعون قال أنس بن مالك رضي الله عنه كانوا يصلون فيما بينهما يعني بين المغرب والعشاء أخرجه أبو داود و
اورده الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين 65. وقال على شرط الشيخين وكذلك قال الحاكم في مستدركه.
8 – عن مجاهد، في قوله (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قال: قليل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون. أخرجه الطبري في تفسيره وإسناده صحيح.
9 – قال مطرف بن عبد الله في وصف أعمال أهل الجنة قال أعمالهم شديدة (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) (الذاريات الآية 17)، (يبيتون لربهم سجدا وقياما) (الفرقان الآية 64)، (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) (الزمر الآية 9). أخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب ونحوه سعيد بن منصور.
10 – وكان الحسن يقول: كانوا قليلا من الليل ما ينامون أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه وابن المبارك في الزهد وابن جرير في تفسيره.
11 – قال الأوزاعي: ” قَلِيلًا مَا تَجِدُ الْمُؤْمِنَ يَنَامُ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا ” أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.
12 – {وبالأسحار هم يستغفرون} أي يستغفرون الله تعالى بسبب تقصيرهم ورجاء قبول طاعتهم.
13 – ختم الأعمال بالاستغفار يقضي على داء الكبر، وداء العجب ويذكر بالتواضع.
14 – قوله (ينزل ربنا) هذا من أحاديث الصفات وقد قال السلف أمروها كما جاءت بلا كيف، أي فنؤمن بها ونجهل كيفيتها.
15 – تتفاضل الأوقات، فينبغي استغلال الأوقات التي ترجى فيها الإجابة.
16 – العبادة في وقت الغفلة أعظم أجرا من ضدها.
17 – من آثر القيام لمناجاة ربه والتضرع إليه دل على خلوص نيته وصحة رغبته فيما عند ربه تعالى.
18 – قال ابن عبد البر: فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاء عَلَى الْعَرْش مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات كَمَا قَالَتْ الْجَمَاعَة
19 – قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ – أي الإمام أحمد بن حنبل -: «يَنْزِلُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخَرُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» أَلَيْسَ تَقُولُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ؟ قَالَ أَحْمَدُ: صَحِيحٌ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: وَلَا يَدَعُهُ إِلَّا مُبْتَدِعٌ أَوْ ضَعِيفُ الرَّايِ أخرجه الآجري في الشريعة وابن بطة في الإبانة.
20 – وفيه إثبات صفة الكلام لربنا تبارك وتعالى.
21 – قَالَ الزُّهْرِيُّ:” فَلِذَلِكَ كَانُوا يُفَضِّلُونَ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْل على أوله ” رواه أحمد في المسند وابن ماجه وأبو يعلى في مسنده وابن خزيمة في التوحيد والآجري في الشريعة والدارقطني في النزول عقب هذا الحديث، وأدرجها بعضهم فأوهمت أنها في الخبر. وصرح ابن خزيمة أنها من قول الزهري، وصرح الدارقطني في روايته فقال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضلون ….
22 – وعند الدارقطني في النزول “ثم أمر بأبواب السماء ففتحت”.
23 – تفضيل تأخير الوتر لمن غلب على ظنه أن يستيقظ.
24 – زاد مسلم في روايته من طريق أبي صالح عن أبي هريرة (حتى يضيء الفجر) ويقول قبله (أنا الملك أنا الملك) أي من شأن الملك أن يعطي السائلين ويجيب دعاءهم.
25 – وزاد الإمام أحمد وغيره من حديث رفاعة الجهني رضي الله عنه ” لَا أَسْأَلُ عَنْ عِبَادِي أَحَدًا غَيْرِي” وأورده الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين334.
26 – استحباب الاستغفار بعد الطاعة وقت السحر.
27 – تحريض المسلم على الدعاء، والسؤال، وطلب المغفرة، والتوبة، وطلب الرزق، وقضاء الحاجات، وأن الله تعالى يحب ذلك من عباده.
28 – زاد النسائي في الكبرى هل من تائب فأتوب عليه، ألا من مريض يستشفي فيشفى. وزاد الدارقطني في النزول “هل من مستغيث أغيثه، هل من مضطر أكشف عن ضره”.
29 – زاد مسلم في رواية ” ثم يبسط يديه تبارك وتعالى يقول من يقرض غير عدوم ولا ظلوم” وهذا يتناسب مع صفات المتقين الواردة في سورة الذاريات والتي ذكر بعضها البخاري في الترجمة وهي قوله تعالى (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم). وفيه إثبات صفة اليدين لله سبحانه.
30 – فيه الحث على فعل الطاعات، والإشارة إلى جزيل الثواب عليها.
31 – من عظيم رحمة الله بعباده أن ذلك كل ليلة.
32 – قال الترمذي: قال وفي الباب عن علي و عبد الله بن مسعود و أبي سعيد و جبير بن مطعم و رفاعة الجهني و أبي الدرداء و عثمان بن أبي العاصي.
33 – حديث الباب يعد من الاحاديث الالهية أو الاحاديث القدسية
——-
فوائد الحديث:
1 – الهجوع: نوم الليل خاصة
2 – أحاديث النزول متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
3 – صفة النزول من صفات الله عز وجل الفعلية؛ لأنه متعلق بالمشيئة والإرادة.
4 – خالف أهل البدع أهل السنة في هذه الصفة كغيرها من الصفات فذهبوا إلى تأويلها بعدة معاني، منها أن الذي ينزل رحمته تعالى وقيل يُنزل اللهُ ملكًا وغيرها من التأويلات التي تخالف ما عليه جمهور السلف في هذا الحديث وأمثاله وهو إمراره على ما ورد، مع تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الكيفية والتشبيه، وهو المنقول عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث، وغيرهم، كما ذكر ابن القيم وغيره.
5 – المعنى الصحيح أن نزول الرب سبحانه وتعالى على ظاهره، فينزل ربنا سبحانه كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير حقيقة، نزولا يليق بجلاله، والله -تعالى- أعلم./ الاثيوبي في ذخيرة العقبى
6 – فيه أن الإنسان إذا سمع هذا الحديث أن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، وأنه يبسط يديه، ويدعو عباده إلى سؤاله واستغفاره لم يطمئن المؤمن مضجعه.
7 – الألفاظ التي ذكرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث كلها متناهية في بيان اللطيف، متجاوزة في الرفق حد قدر الآدميين، وذلك يحث العباد على العبادة الراغبين في السؤال.
8 – وفيه فضيلة الثلث الآخر من الليل، وأنه ينبغي تحريه لطلب الخير والاستغفار وغير ذلك.
9 – وقوله: “من يدعوني” عام لكل دعاء، ثم خصص بعد التعميم سؤال العطية كما يرشد إليه “فأعطيه” والاستغفار، فإنه دعاء لطلب المغفرة.
10 – الفرق بين الدعاء والسؤال: أن المطلوب إما لدفع غير الملائم وإما لجلب الملائم وذلك إما دنيوي وإما ديني والاستغفار وهو طلب ستر الذنب إشارة إلى الأول والسؤال إلى الثاني والدعاء إلى الثالث او الدعاء ما لا طلب فيه نحو قولنا يا الله يا رحمن والسؤال هو للطلب أو المقصود واحد واختلاف العبارات لتحقيق القضية وتأكيدها.
11 – وفيه: أن الدعاء مجاب في وقته، ولا ينافيه تخلف الإجابة عن دعاء بعض الداعين فقد يكون؛ لخلل في شرط من شروط الدعاء، أو لاستعجال الداعي، أو يدخر له بدله إلى الآخرة، أو لأنه لم يقدر في الأذل قبول دعائه في الدنيا ليعطى عوضه في الآخرة.
12 – فيه الحث على استحباب الدعاء عند القيام لصلاة الليل – أما في الصلاة نفسها أو قبلها أو بعدها- ولاستغفار والسؤال لأنه وقت إجابة الدعوات وقضاء الحاجات.
——
1 – قال الألباني عنه حديث متواتر
قال في الضعيفة 6334: ولذلك قال جماعة من الحفاظ بأنه حديث متواتر، منهم
الحافظ ابن عبدالبر في “التمهيد” (7/ 128) اه
ذكرنا هذا الحديث في مختلف الحديث رقم (40):
مع حديث:
(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل الأول فإذا مضى ثلث الليل الأول، هبط الرب جل ثناؤه إلى سماء الدنيا ……….. )
ففي الحديث الأول: النزول في ثلث الليل الأول، وفي الحديث الثاني: النزول في ثلث الليل الآخر.
راجع الجواب هناك
قلت سيف الكعبي: وهذا جوابي في مختلف الحديث رقم 40:
نقل الألباني أن ابن حجر أطال في التدليل على شذوذ لفظة (ثلث الليل الأول) مرجحاً إعلال الترمذي لها.
ثم ذكر حديث أبي سعيد مقرونا بأبي هريرة وعزاه لمسلم وفيه (ثلث الليل الأول).
وأكثر من رأيته جمع الطرق الدارقطني في كتاب النزول، لكنه لم يحكم على لفظة (ثلث الليل الأول) بشئ.
أما حديث أبي الدرداء بلفظ (آخر ثلاث ساعات) التي ذكرها اللالكائي فذكرها العقيلي في ترجمة زيادة بن محمد الأنصاري.
قال العقيلي: والحديث في نزول الله عزوجل إلى السماء الدنيا ثابت فيه أحاديث صحاح إلا أن زيادة هذا جاء في حديثه بألفاظ لم يأت بها الناس، ولا يتابعه عليها منهم أحد. وذكره الذهبي كذلك فيما أنكر عليه.
قلت: أنظر لكلام العقيلي، كيف أثبت نزول الرب خلافاً لمن تأوله. انتهى
2 – نقولات في صفة النزول منها:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
والنزول المذكور في الحديث النبوي على قائله أفضل الصلاة والسلام الذي اتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم واتفق علماء الحديث على صحته هو: ” إذا بقي ثلث الليل الآخر ” وأما رواية النصف والثلثين فانفرد بها مسلم في بعض طرقه وقد قال الترمذي: إن أصح الروايات عن أبي هريرة: ” إذا بقي ثلث الليل الآخر “. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة كثيرة من الصحابة كما ذكرنا قبل هذا؛ فهو حديث متواتر عند أهل العلم بالحديث والذي لا شك فيه إذا بقي ثلث الليل الآخر. فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر ” النزول ” أيضا إذا مضى ثلث الليل الأول وإذا انتصف الليل؛ فقوله حق وهو الصادق المصدوق؛ ويكون النزول أنواعا ثلاثة: الأول إذا مضى ثلث الليل الأول ثم إذا انتصف وهو أبلغ ثم إذا بقي ثلث الليل وهو أبلغ الأنواع الثلاثة. انتهى جوابي.
بوب عليه الدارمي في سننه: باب ينزل الله إلى السماء الدنيا
قال الدارمي في كتابه الرد على الجهمية:
باب النزول
قال أبو سعيد رحمه الله: فمما يعتبر به من كتاب الله عز وجل في النزول، ويحتج به على من أنكره، قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} [البقرة: 210]. وقوله: {وجاء ربك والملك صفا صفا} [الفجر: 22]. وهذا يوم القيامة إذا نزل الله ليحكم بين العباد، وهو قوله: {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا، الملك يومئذ الحق للرحمن، وكان يوما على الكافرين عسيرا} [الفرقان: 26]. فالذي يقدر على النزول يوم القيامة من السموات كلها ليفصل بين عباده قادر أن ينزل كل ليلة من سماء إلى سماء، فإن ردوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول، فماذا يصنعون بقول الله عز وجل تبارك وتعالى؟ اهـ
قلت سيف:
وقال الإمام أبو سعيد الدارمي بعد أن ذكر ما يثبت النُّزول من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، لا ينكرها منهم أحد، ولا يمتنع من روايتها)) (7).
بوب ابن خزيمة في صحيحه: باب ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة، نشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه …. اهـ
قال الآجُرِّيُّ في كتابه الشريعة:
باب الإيمان والتصديق بأن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة قال محمد بن الحسين رحمه الله: الإيمان بهذا واجب , ولا يسع المسلم العاقل أن يقول: كيف ينزل؟ ولا يرد هذا إلا المعتزلة وأما أهل الحق فيقولون: الإيمان به واجب بلا كيف , لأن الأخبار قد صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة» والذين نقلوا إلينا هذه الأخبار هم الذين نقلوا إلينا الأحكام من الحلال والحرام , وعلم الصلاة , والزكاة , والصيام , والحج , والجهاد , فكما قبل العلماء عنهم ذلك كذلك قبلوا منهم هذه السنن , وقالوا: من ردها فهو ضال خبيث , يحذرونه ويحذرون منه. اهـ
قال ابن بطة في الإبانة الكبرى:
باب الإيمان والتصديق بأن الله تعالى ينزل في كل ليلة إلى سماء الدنيا من غير زوال ولا كيف قال الشيخ رحمه الله: اعلموا رحمكم الله أن الله قد فرض على عباده المؤمنين طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقبول ما قاله وجاء به، والإيمان بكل ما صحت به عنه الأخبار …
وقال أيضا:
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله عز وجل ينزل في كل ليلة إلى سماء الدنيا. . .» في حديث طويل سنذكره إن شاء الله بتمامه، رواه الأئمة المحدثون الثقات، والمثبتون والفقهاء الورعون، الذين نقلوا إلينا شريعة الإسلام ودعائمه مثل الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، وما يتلو ذلك من سائر الأحكام من النكاح، والطلاق، والبيوع، والحلال، والحرام، فلن يطعن عليهم فيما رووه من هذه الأحاديث إلا خبيث مخبث، ضال مضل ملحد يريد إبطال الشريعة وتكذيب الأمة.
وقال أيضا:
حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد القافلائي قال: ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، قال: ثنا سلم بن قادم، قال: ثنا موسى بن داود، قال: ثنا عباد بن العوام، قدم علينا شريك بن عبد الله منذ نحو من خمسين سنة قال: فقلت: يا أبا عبد الله إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث، فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا , وقال: أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين، وأخذ التابعون عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم عمن أخذوا؟
وقال أيضا:
حدثني أبو القاسم حفص بن عمر الأردبيلي قال: ثنا أبو حاتم الرازي، قال: ثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشافعي، يقول: ما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله فلا يقال فيه لم؟ ولا كيف؟، قال يونس: قال لي الشافعي: ما أريد إلا نصحك، ما وجدت عليه متقدمي أهل المدينة فلا يدخل قلبك شك أنه الحق. قال يونس: وسمعت الشافعي يقول: ليس لأحد من خلق الله في إبطال أصول المدينيين حيلة ولا حجة.
وقال أيضا:
وحدثني أبو القاسم، قال: ثنا أبو حاتم، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: سأل بشر بن السري حماد بن زيد فقال: يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء [ص:204] «ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا» قال: حق كل ذلك كيف شاء الله.
وأورد آثارا عن السلف كثيرة وأحاديث تثبت نزول الرب تعالى كيف يشاء.
– أورد البخاري الحديث في ثلاثة مواضع هذا أحدها
وأورده في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة باب 14 – باب الدعاء والصلاة من آخر الليل
وأورده في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله}
وتبويب البخاري في كتاب التوحيد يدل على سير البخاري رحمه على منهج السلف في إثبات ظاهر النص خلافا لبعض شراح البخاري.
-وبوب عليه أبو داود: باب فى الرد على الجهمية.
وهو ظاهر أيضا فيما بوب عليه أبو داود قاصدا الرد على من تأول الحديث وحرفه عن ظاهره.
– قال الشيخ العباد في شرح سنن أبي داود:
وهذا من صفات الله عز وجل، وهو أنه ينزل نزولاً يليق بكماله وجلاله دون المشابهة لخلقه، ودون تكييف، بل كما يليق به سبحانه وتعالى. ومعلوم أن ذاته لا يعلم كنهها، وصفاته لا يعلم كنهها، فالعباد لا يعرفون كنه ذات الله عز وجل، وكذلك لا يعرفون كنه صفاته، ولهذا فإن مذهب السلف في هذا الباب هو أن أحاديث الصفات تذكر كما وردت من غير تكييف لها، ومن غير تشبيه لله بخلقه، ومن غير تعطيل أو تأويل أو تحريف، بل على حد قول الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] فأثبت السمع والبصر بقوله: ((وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ))، ونفى المشابهة بقوله: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) فهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة. والنزول لا نعرف كنهه كما أن الذات لا نعرف كنهها، ومن القواعد في هذا الباب أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أننا نثبت لله ذاتاً لا تشبه الذوات فنحن نثبت له صفات لا تشبه الصفات، بل صفات الباري كما يليق بكماله وجلاله، وصفات المخلوقين تليق بضعفهم وافتقارهم، ولا يشبه المخلوق الخالق في شيء من صفاته، والله تعالى لا يشبه أحداً من خلقه في صفاتهم، بل صفات الباري تليق بكماله وجلاله، وصفات المخلوقين تليق بضعفهم وافتقارهم. فلا تكييف ولا تشبيه، ولا تعطيل ولا تحريف، ولكن إثبات مع التنزيه؛ لقول الله تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)).اهـ
3 – فيه من الفقه:
قال الشيخ العباد في شرح سنن أبي داود:
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [أي الليل أفضل؟] يعني: ليصلى ويدعى فيه. والجواب أن من كان يتمكن من القيام ويستيقظ فإن صلاته في آخر الليل أفضل من صلاته في أول الليل، وإذا كان لا يتمكن من الاستيقاظ فإن الأولى في حقه والأفضل أن يصلي في أول الليل؛ لئلا يفوت على نفسه صلاة الليل، فإذا كان ليس من عادته أنه يستيقظ في آخر الليل فليصل أول الليل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه هذا وهذا، والرسول صلى الله عليه وسلم من كل الليل قد أوتر، من أوله ووسطه وآخره، وكل ذلك سائغ وجائز، ولكن الناس فيهم من يستيقظ آخر الليل، فالأفضل في حقه أن يصلي آخر الليل، وفيهم من لا يتحقق بأنه يستيقظ آخر الليل، فهذا الأولى في حقه أن يصلي في أول الليل، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام). وكذلك وصيته لأبي الدرداء حيث قال: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد) رواه مسلم. إذاً: المسألة فيها تفصيل، فآخر الليل أفضل لمن تمكن منه، ومن لم يتمكن منه فإنه لا يفوت على نفسه أول الليل؛ لأنه إذا كان يفوت على نفسه آخر الليل ولم يصل أول الليل فإنه يذهب عليه الليل دون أن يعمل شيئاً، فكونه يأتي بوتره وصلاته في الليل، ولا يعرضها للفوات، هو الذي ينبغي. اهـ
—-
مشاركة سيف:
1 – وقد روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوٌ من ثمانية وعشرين صحابياً ـ رضي الله عنهم ـ، واتفق أهل السنة على تلقي ذلك بالقبول.
2: بيان معنى نزوله ـ جل وعلا ـ إلى السماء الدنيا.
3 – لا يصح تحريف معنى الحديث بأن يفسر بأن المراد هو نزول أمره، أو رحمته، أو ملك من ملائكته، فإن هذا باطل لوجوه:
الأول:
أن هذا التأويل يخالف ظاهر الحديث، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أضاف النزول إلى الله، والأصل أن الشيء إنما يضاف إلى من وقع منه، أو قام به فإذا صرف إلى غيره كان ذلك تحريفاً يخالف الأصل. ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله، وأنه صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق، وأصدق الخلق فيما يخبر به، فليس في كلامه شيء من الكذب، ولا يمكن أن يتقول على الله تعالى شيئاً لا في أسمائه، ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في أحكامه قال الله تعالى: (لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) الحاقة/44ـ46 ثم هو عليه الصلاة والسلام، لا يريد إلا الهداية للخلق فإذا قال: ” ينزل ربنا ” فإن أي قائل يقول بخلاف ظاهر هذا اللفظ كأن يقول: المراد ينزل أمره. فنقول: أأنت أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
الثاني:
أن نزول أمره أو رحمته لا يختص بهذا الجزء من الليل، بل أمره ورحمته ينزلان كل وقت. فإن قيل: المراد نزول أمر خاص، ورحمة خاصة وهذا لا يلزم أن يكون كل وقت. فالجواب: أنه لو فرض صحة هذا التقدير والتأويل، فإن الحديث يدل على أن منتهى نزول هذا الشيء هو السماء الدنيا وأي فائدة لنا في نزول رحمة إلى السماء الدنيا من غير أن تصل لنا؟! حتى يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عنها؟!
الثالث: أن الحديث دل على أن الذي ينزل يقول:” من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له”. ولا يمكن أن يقول ذلك أحد سوى الله تعالى.
انظر: (مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين (1/ 203 – 215).
وقال ابن عثيمين مرة:
والواجب علينا نحو صفات الله تعالى سواء أكانت ذاتية كالوجه واليدين، أم معنوية كالحياة والعلم، أم فعلية كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا، فالواجب علينا نحوها ما يلي:
ا – الإيمان بها على ما جاءت به النصوص من المعاني والحقائق اللائقة بالله تعالى.
2 – الكف عن محاولة تكييفها تصوراً في الذهن، أو تعبيراً في النطق، لأن ذلك من القول على الله تعالى بلا علم … ولأن الشيء لا يمكن إدراكه إلا بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو الخبر الصادق عنه، وكل ذلك منتف بالنسبة لكيفية صفات الله تعالى.
3 – الكف عن تمثيلها بصفات المخلوقين سواء كان ذلك تصوراً في الذهن، أم تعبيراً في النطق لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح حديث النزول: “فالنزول الإلهي لكل قوم مقدار ثلث ليلهم، فيختلف مقداره بمقادير الليل في الشمال والجنوب، كما اختلف في المشرق والمغرب، وأيضاً فإنه إذا كان ثلث الليل عند قوم فبعده بلحظة ثلث الليل عند ما يقاربهم من البلاد، فيحصل النزول الإلهي الذي أخبر به الصادق المصدوق أيضاً عند أولئك، إذا بقي ثلث ليلهم وهكذا إلى آخر العمارة”أ. هـ. كلامه رحمه الله.
قلت: حملهم على هذا تشبيه الخالق بالمخلوق وهو مدفوع بحديث أن رب العزة يقول لكل المصلين حمدني عبدي. مجدني عبدي. أثنى علي عبدي. هذا لعبد ولعبدي ما سأل. حين قراءتهم سورة الفاتحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى – المجلد الأول – باب النزول.
=====
#النُّزول والهبوط والتَّدلِّي (إلى السماء الدنيا)
صفاتٌ فِعْلِيَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ بالسنة الصحيحة.
· الدليل:
1 – حديث النُّزول المشهور: ((يَنْزِلُ ربُّنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر … )).
قال الإمام الشافعي: (لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته … وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك … )
وقال أبو القاسم اللالكائي: (سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب تبارك وتعالى، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عشرون نفساً).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في تفسير سورة الإخلاص: (فالرب سبحانه إذا وصفه رسوله بأنه يَنْزِل إلى سماء الدنيا كل ليلة، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج، وأنه كلَّم موسى بالوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وأنه استوى إلى السماء وهي دخانٌ، فقال لها وللأرض: ائتيا طَوْعاً أو كَرْهاً؛ لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة، حتى يُقال: ذلك يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر).
وقال الإمام ابن جرير الطبري في فصل: القول فيما أُدرك علمه من صفات الصانع خبراً لا استدلالاً: (وذلك نحو إخبار الله تعالى ذكره إيانا أنه سميعٌ بصيرٌ، وأنَّ له يدين بقوله بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ … وأنه يَهْبِطُ إلى السماء الدنيا لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وقال شيخ الإسلام نقلاً عن الكرجي مؤيداً له: (رُوي عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه قال في الأحاديث التي جاءت إنَّ الله يهبط إلى السماء الدنيا ونحو هذا من الأحاديث إنَّ هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها) (. وكذا ابن القيم نقلاً عن أبي القاسم اللالكائي (13).
وقال أيضاً: (وقد تأوَّل قومٌ من المنتسبين إلى السنة والحديث حديث النُّزُول وما كان نحوه من النصوص التي فيها فعل الرب اللازم كالإتيان والمجيء والهبوط ونحو ذلك) وردَّ على ذلك مثبتاً هذه الصفات، وقال بعد أن ذكر روايات ابن منده لحديث النُّزُول: (فهذا تلخيصُ ما ذكره عبدالرحمن بن منده مع أنه استوعب طرق هذا الحديث وذكر ألفاظه مثل قوله: ((يَنْزل ربنا كل ليلة إلي السماء الدنيا إذا مضى ثلث الليل الأوَّل فيقول: أنا الملك من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك إلى الفجر)) وفى لفظ: ((إذا بقي من الليل ثلثاه يَهْبِطُ الرب إلى السماء الدنيا)) وفى لفظ: ((حتى ينشق الفجر ثم يرتفع)) وفى رواية: ((يقول لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يسألني فأعطيه)) وفى رواية عمرو بن عبسة: ((أنَّ الرب يَتَدَّلى في جوف الليل إلى السماء الدنيا)).
قال الشيخ ابن عثيمين: (أصل التدلي النزول إلى الشيء حتى يقرب منه)
—
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “فإن وصفه في هذا الحديث بالنزول هو كوصفه بسائر الصفات كوصفه بالاستواء .. ومذهب سلف الأمة وأئمتها أنهم يصفونه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله في النفي والإثبات , والله قد نفى عن نفسه مماثلة المخلوقين فقال الله تعالى وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فبين أنه لم يكن أحد كفوا له, وقال تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا، فأنكر أن يكون له سمي, وقال تعالى: فَلاَ تَجْعَلُوا لِلّهِ أَندَاداًَ، وقال تعالى: فَلاَ تَضْرِبُوا لِلّهِ الأَمْثَالَ، وقال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.
ففيما أخبر به عن نفسه من تنزيهه عن الكفؤ والسمي والمثل والند وضرب الأمثال له بيان أن لا مثل له في صفاته ولا أفعاله؛ فإن التماثل في الصفات والأفعال يتضمن التماثل في الذات؛ فإن الذاتين المختلفتين يمتنع تماثل صفاتهما وأفعالهما … للزم أن ينزل في جميع أجزاء الليل إذ لا يزال في الأرض ليل قالوا أو لا يزال نازلا وصاعدا وهو جمع بين الضدين.
وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله ما يتخيلونه من نزول أحدهم وهذا عين التمثيل ثم إنهم بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم الذي لا يمكنه أن يجمع من الأفعال ما يعجز غيره عن جمعه وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يومالقيامة كل منهم يراه مخليا به ويناجيه لا يرى أنه متخليا لغيره ولا مخاطب لغيره, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله أثنى علي عبدي”. [بيان تلبيس الجهمية (2|229)].
—–
حديث من الصحيح المسند موافق لحديثنا:
843 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الصمد حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا أبو إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عز و جل إلى السماء الدنيا ثم تفتح أبواب السماء ثم يبسط يده فيقول هل من سائل يعطي سؤله فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر.
هذا حديث صحيح. رجاله رجال الصحيح.
……………………
– الحديث أخرجه مسلم 758 من حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما، وراجع علل الترمذي الكبير 131، والدارقطني 2779.
– فيه إثبات صفة النزول للرب عزوجل، وأنه من الصفات الإختيارية، خلافاً لمن أنكرها أو تأولها بنزول الرحمة ونزول الملَك وأنهما هما اللذان يناديان، والصواب الذي عليه أهل السنة أنه ليس أحد ينادي إلا الله عزوجل، أما رواية (ثم يأمر مناديا ينادي) فضعفها الشيخ الألباني فقال: منكرة، وراجع الضعيفة 3897.
ولابن تيمية كتاب بعنوان (شرح حديث النزول).
بل في بعض الروايات (لا أسأل عن عبادي أحدا غيري) أحمد 16316، وهو في الصحيح المسند 334
وراجع نقض الإمام أبي عثمان في باب النزول؛ فيه رد على المحرفه.
– أن من أحسن النوافل قيام الليل؛ ومنه حديث (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) أخرجه مسلم 1163، وأفضلها صلاة داود عليه الصلاة والسلام ففي الحديث (أحب الصلاة إلى الله صلاة داود … )
– فيه الرد على الصوفية الذين يأخذون بالأثر الغير صحيح (علمه بحالي يغني عن سؤاله) بل بعضهم عدَّه من الإسرائيليات. وانظر الضعيفة 21.
فليس دعاء رب العزة لنقص في علمه تعالى الله عمَّا يقولون علوا كبيرا، وإنما سؤال أهل الإيمان ربهم ودعاءهم إياه سبحانه فيه مذله لله وعبودية وتضرع وكل هذه يحبها الله عزوجل.
– للدعاء آداب وأزمنة فاضلة ومنه أوقات السجود.
– فيه الرد على الخوارج في تكفيرهم لصاحب الكبيرة، وأن الصحيح مذهب أهل السنة أن الكبائر داخلة تحت مشيئة الرب، لأن الله عزوجل أطلق في الإجابة والغفران أما ما ورد من رواية (إلا عشارا أو زانية تزني بفرجها) فإن صحت فالمقصود أن الله عزوجل لا يستجيب لدعائهما، لا أن الله لا يقبل توبتهما، ففي حديث الرجل الذي (يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء؛ يا رب يا رب ومطعمه حرام … فأنا يستجاب لذلك). لم يستجب الله لدعائه لمّا تلبس بهذه المحرمات.
وورد في التوبة حديث (لقد تابت توبتا لو تابها صاحب مكس لقبل منه) أخرجه مسلم 1695.
تنبيه: رواية إستثناء العشار والزانية، ذهب بعض الباحثين إلى إعلالها بأن داود بن عبدالرحمن خالفه مرحوم بن عبدالعزيز وهو أوثق من داود بن عبدالرحمن، فرواها مرحوم بلفظ (إذا انتصف ليلة النصف من شعبان نادى مناد هل من مستغفر … إلا زانية بفرجها أو مشرك) وهي معلولة بالإنقطاع، ولنا بحث جمعنا فيه طرق حديث نزول الرب ليلة النصف من شعبان، ولا يصح منها شئ.
– فضيلة السحر؛ ومنه قوله تعالى (وبالأسحار هم يستغفرون).
– دليل على فضل الله وسعة رحمته وغناه وقدرته وتودده لخلقه.
– وفيه أن وعد الله حق؛ قال القرطبي في المفهم: هذا من الله وعد حق فإذا وقعت هذه الشروط من العبد على حقيقتها وكمالها، فلا بد من المشروط، فإن تخلف شئ من ذلك، فذلك لخلل في الشروط.
– قرب إجابة رب العزة؛ ومنه قوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب)
– فيه توحيد رب العزة بدعائه وطلبه مع التعظيم والتذلل، وهذه لا تكون إلا لله.
– فضيلة الدعاء والإستغفار.
– ورد رواية فيها (يفتح أبواب السماء منتصف الليل … )، ولا تعارض رواية ثلث الليل؛ فيمكن الجمع بأن نقول: ثلث الليل أرجى.
مع أن رواية نصف الليل فيها غرابة ومعلولة؛ كما سبق.
– ورد الحديث بثلاثة ألفاظ؛ هل من سائل، هل من داع، هل من مستغفر فالأولان لجلب سرور الدنيا والآخرة، والإستغفار لدفع الشرور (راجع فتح الباري)
-فيه أن الله عز وجل في العلو على العرش؛ فوق سبع سماواته كما قالت الجماعة, وهـو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم: إن الله عز وجل في كل مكان.
قال تعالى: يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون}
فأعلمنا الجليل جل وعلا في هـذه الاية أيضا أن ربنا فوق ملائكته, وفوق ما في السماوات, وما في الارض, من دابة, أعلمنا أن ملائكته يخافون ربهم الذي فوقهم والمعطلة تزعم أن معبودهـم تحت الملائكة.
-وفيه أن الله ينزل إلى السماء الدنيا نزولا يليق به من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل.
-وفيه استجابة الدعاء في الثلث الأخير من الليل.
– ذكر ابن كثير؛ أن الدارقطني أفرد جزءا لهذا الحديث.
– ظاهر كلام ابن حجر أنه ينسب للسلف تفويض المعنى حيث قال أولا: استدل به من أثبت الجهة وقال: هي جهة العلو وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز تعالى الله عن ذلك.
ونقل عن للبيهقي أن اسلمها الإيمان بلاكيف والسكوت عن المراد. إلا أن يرد ذلك عند الصادق فيصار إليه.
وقد تعقبه الشيخ ابن باز بأن السلف يثبتون لله جهة العلو وان الله فوق العرش.
كون قيام داود أفضل القيام وإنما يقوم منتصف الليل. فلا يشكل مع ادراك التنزل الالهي فإنه سيوافق جزء من ساعات التنزل الإلهي.