114 (أ) عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
مسند أحمد
23213 قال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر حدثنا المبارك حدثنا الحسن أن شيخا من بني سليط أخبره قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلمه في شيء أصيب لنا في الجاهلية فإذا هو قاعد وعليه حلقة وقد أطافت به، وهو يحدث القوم عليه إزار قطن له غليظ فأول شيء سمعته يقول وهو يشير بإصبعه المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا يقول أي في القلب.
فيه المبارك بن فضالة والحسن وهما مدلسان وقد صرحا بالتحديث
تابعه عباد بن راشد عن الحسن به نحوه أخرجه الإمام أحمد برقم 16644 و 20278 وابن قانع في معجم الصحابة
وتابعهما علي بن زيد – وهو ضعيف- حدثنا الحسن به نحوه أخرجه الإمام أحمد برقم 20288 وعلي بن المديني في العلل
وتابعهم يونس عن الحسن به نحوه أخرجه أبو يعلى في مسنده
وأخرجه ابن المديني في العلل مرسلا وموصولا ثم قال يقال اسم هذا الرجل الذي مر من بني سليط علاثة ابن صحار
والحديث حسنه الألباني كما في الإرواء
قلت سيف الجواب: على بن المديني ذكر الحديث من طريق مالك بن دينار عن الحسن؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم به مرسلاً. فقد تعل هذه الطريق الطريق الموصولة، لكن مبارك بن فضالة متابع من على بن زيد وعباد بن راشد وهما من الضعفاء.
لكن تابعهم يونس عن الحسن عن رجل من بني سليط
المهم طلاب الشيخ مقبل يضعفون مبارك بن فضالة مطلقا. وهي الرواية التي ورد فيها التصريح بالسماع
فإن رجحنا أنه صدوق وقد صرح بالتحديث في كل طبقات السند، فالحديث من نصيب كتابنا المتمم على الذيل.
——-
حقوق المسلم على المسلم
قال الحافظ ابن حجرفي الفتح (5/ 97): قوله (المسلم أخو المسلم) هذه إخوة الإسلام فإن كل اتفاق بين شيئين يطلق بينهما اسم الأخوة ويشترك في ذلك الحر والعبد والبالغ والمميز.
قوله (لا يظلمه) هو خبر بمعنى الأمر فإن ظلم المسلم للمسلم حرام.
وقوله (ولا يسلمه) أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال.
قال النووي على مسلم (16/ 120): فقال العلماء الخذل ترك الإعانة والنصر ومعناه إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي.
وبوب الامام البخاري (قوله باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه)
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/ 273): وقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره». هذا مأخوذ من قوله عز وجل: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات: 10] [الحجرات: 10]، فإذا كان المؤمنون إخوة، أمروا فيما بينهما بما يوجب تآلف القلوب واجتماعها، ونهوا عما يوجب تنافر القلوب واختلافها، وهذا من ذلك.
وأيضا فإن الأخ من شأنه أن يوصل لأخيه النفع، ويكف عنه الضرر، ومن أعظم الضر الذي يجب كفه عن الأخ المسلم الظلم، وهذا لا يختص بالمسلم، بل هو محرم في حق كل أحد، وقد سبق الكلام على الظلم مستوفى عند ذكر حديث أبي ذر الإلهي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا».
ومن ذلك: خذلان المسلم لأخيه، فإن المؤمن مأمور أن ينصر أخاه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما قال: يا رسول الله، أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟ قال: تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه». خرجه البخاري بمعناه من حديث أنس، وخرجه مسلم بمعناه من حديث جابر.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «التقوى هاهنا يشير إلى صدره ثلاث مرات»: فيه إشارة إلى أن كرم الخلق عند الله بالتقوى، فرب من يحقره الناس لضعفه، وقلة حظه من الدنيا، وهو أعظم قدرا عند الله تعالى ممن له قدر في الدنيا، فإنما الناس يتفاوتون بحسب التقوى، كما قال الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]
«وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم لله عز وجل». وفي حديث آخر: «الكرم التقوى»، والتقوى أصلها في القلب، كما قال تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: 32] [الحج: 32]. وقد سبق ذكر هذا المعنى في الكلام على حديث أبي ذر الإلهي عند قوله: «لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا».
وإذا كان أصل التقوى في القلوب، فلا يطلع أحد على حقيقتها إلا الله عز وجل، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» وحينئذ فقد يكون كثير ممن له صورة حسنة، أو مال، أو جاه، أو رياسة في الدنيا قلبه خرابا من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبه مملوءا من التقوى، فيكون أكرم عند الله تعالى، بل ذلك هو الأكثر وقوعا، كما في ” الصحيحين ” عن حارثة بن وهب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة: كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار: كل عتل جواظ مستكبر». جامع العلوم و الحكم.
قال الصنعاني في سبل السلام (2/ 672): إخبار بأن عمدة التقوى ما يحل في القلب من خشية الله ومراقبته وإخلاص الأعمال له.
و جاء في تحفة الاحوذي (6/ 46):
(المسلم أخو المسلم) أي فليتعامل المسلمون فيما بينهم وليتعاشروا معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال.
قال العلامة العثيمن:
ومنها: وجوب تنمية الاخوة الإيمانية لقوله – و كونوا عباد الله إخوانا — و منها بيان حال المسلم مع أخيه و أنه لا يظلمه و لا يخذله و لا يكذبه و لا يحقره؛ لأن هذا ينافي الإخوة الإيمانية.
*ومن فوائده: أن محل التقوى هو القلب، فإذا اتقى القلب اتقت الجوارح و ليعلم أن هذه الكلمة يقولها بعض الناس إذا عمل معصية و أنكر عليه قال: التقوى ها هنا و هي كلمة حق لكنه أراد بها باطلا و هذا جوابه أن نقول: لو كان هنا تقوى لا تقت الجوارح لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول – ألا إن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب –
*ومن فوائد هذا الحديث: تكرار الكلمة المهمة لبيان الإعتناء بها و فهمها، قال – التقوى ها هنا – و أ شار إلى صدره ثلاث مرات.
شرح الاربعين النووية (68)