1125 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——‘——–”
——-‘——‘——-
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1125):
مسند معقل بن سنان رضي الله عنه
قال أبو داود رحمه الله: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق فقال لها الصداق كاملا وعليها العدة ولها الميراث
فقال معقل بن سنان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت واشق.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون وابن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله وساق عثمان مثله.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
* وقال أبو داود رحمه الله: حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس وأبي حسان عن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن مسعود أتي في رجل بهذا الخبر قال فاختلفوا إليه شهرا أو قال مرات قال فإني أقول فيها إن لها صداقا كصداق نسائها لا وكس ولا شطط وإن لها الميراث وعليها العدة فإن يك صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان فقام ناس من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان فقالوا يا ابن مسعود نحن نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاها فينا في بروع بنت واشق وإن زوجها هلال بن مرة الأشجعي كما قضيت قال ففرح عبد الله بن مسعود فرحا شديدا حين وافق قضاؤه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يزيد أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال: أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل فتوفى عنها ولم يفرض لها صداقا ولم يكن دخل بها قال فاختلفوا إليه فقال أرى لها مثل صداق نسائها ولها الميراث وعليها العدة فشهد معقل بن سنان الأشجعي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى في بروع بنت واشق بمثل ما قضى.
هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.
===================
إن المهر واجبٌ شرعًا على الزوج لزوجته بمجرَّدِ عقدِ النكاح الصحيح، سواءٌ سُمِّيَ المهرُ؛ فيكون الواجبُ على الزوجِ جميعَه بالدخول ونصفَه بالطلاق قبل الدخول، أو لم يُسَمَّ المهرُ؛ فيكون الواجبُ على الزوج بالدخول بها هو مَهْرَ المثل (أي: مثلِها مِنَ النساء في طبقتها)،
أمَّا إذا حَصَلَ الطلاقُ قبل الدخول فالواجبُ المتعةُ؛ فيُمتِّعها بحسَبِ حاله مِنْ غنًى أو فقرٍ؛ لقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)} [البقرة]، ولا يجوز عقدُ النكاح إلَّا بالمهر؛ لقوله تعالى: {أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: (24)]، والمهرُ واجبٌ للمنكوحة، لا يجوز مَطْلُها إيَّاهُ؛ لقوله تعالى: {أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم .. } [النساء: (24)]، ولقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: (4)]، لكِنْ إذا وَقَعَ الزواجُ بغير ذِكْرِ المهر صحَّ؛ لقوله تعالى:
(لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَا ءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)
[سورة البقرة 236]
هذا، فإِنْ مات عنها زوجُها ولم يكن قد سمَّى لها مهرًا فلها مهرُ مِثْلِها مِنَ النساء، كذا جاء قضاءُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في قصَّةِ بِرْوَعَ بنتِ واشقٍ الأشجعية رضي الله عنها هي بروَعُ بنتُ واشقٍ الرُّؤَاسيةُ الكلابيةُ أو الأشجعية، مات عنها زوجُها هلال بنُ مُرَّة الأشجعيُّ رضي الله عنه قبل أَنْ يدخل بها ولم يَفْرِضْ لها صداقًا؛ فقضى لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بمِثْلِ صداقِ نسائها.
انظر ترجمتها في: «الاستيعاب» لابن عبد البرِّ ((4) / (1795))، «أُسْد الغابة» لابن الأثير ((5) / (408))، «الإصابة» لابن حجر ((4) / (251)).
وحديثُها أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ فيمَنْ تَزوَّجَ ولم يُسَمِّ لها صداقًا حتَّى مات ((2114))، والترمذيُّ في «النكاح» بابُ ما جاء في الرجل يتزوَّج المرأةَ فيموت عنها قبل أَنْ يَفْرِض لها ((1145))، والنسائيُّ في «النكاح» بابُ إباحةِ التزوُّج بغير صَداقٍ ((3355))، وابنُ ماجه في «النكاح» بابُ الرجلِ يتزوَّج ولا يَفْرِض لها فيموت على ذلك ((1891))، وأحمد ((15943))، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» ((7) / (680))، وأحمد شاكر في تحقيقه ل «مسند أحمد» ((6) / (137))، والألبانيُّ في «الإرواء» ((1939))])
التي مات عنها زوجُها قبل أَنْ يدخل بها ولم يكن قد سمَّى لها مهرًا في عقد النكاح؛ فأعطاها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَهْرَ نسائها لا وَكْسَ ولا شَطَطَ حكمًا شرعيًّا.
قال ابن رشد في “بداية المجتهد” (2/ 19، 20):
“اتفق العلماء على أن الصداق يجب كله، بالدخول، أو الموت. أما وجوبه كله بالدخول؛ فلقوله تعالى: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا).
وأما وجوبه بالموت فلا أعلم الآن فيه دليلا مسموعا، إلا انعقاد الإجماع على ذلك …. ” انتهى.
هذا، والمعلومُ أنَّ الشريعة تركَتِ التحديدَ لأقلِّ المهر وأكثرِه مراعاةً لحال الزوج، فإِنْ كان المهرُ المسمَّى معيَّنًا وقدَّم بعضَ المهر فإنَّ بعضَه الآخَرَ يبقى في ذِمَّتِه ما لم تَتنازَلِ المرأةُ عن رِضًا واختيارٍ بإسقاطِ شيءٍ منه أو تأخيرِه أو المعاوَضةِ عليه؛ فلا حَرَجَ في ذلك؛ لقوله تعالى: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4)} [النساء]. [فتاوى الأسرة – عقد الزواج – إنشاء عقد الزواج – في حكم المهر].
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول: شرح وفقه الحديث لقدْ أنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ كتابَه العظيمَ وأمَرَ رسولَه الكَريمَ أنْ يُبيِّنَه للنَّاسِ؛ فما مِن شيءٍ إلَّا وبيَّنَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كما أمَرَه ربُّه، لكنْ قد يَخْفى هذا البيانُ على بعضِ العُلماءِ. وفي هذا الحديثِ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال “في رجُلٍ”، أي: سُئِلَ عَن رجلٍ، “تزَوَّج امرأةً”، أي: عقَدَ عليها، فماتَ عنها ولم يَدخُلْ بها “ولم يَفرِضْ”، أي: ولم يُقَدِّرْ ويُحَدِّدْ، لها “الصَّداقَ”، وهو مَهْرُ المرأَةِ، فقال عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ: “لها الصَّداقُ كامِلًا”، مِثلَ مهْرِ نِساءِ قَومِها، “وعليها العِدَّةُ”، أي: عِدَّةُ المُتوَفَّى عنها زوجُها، “ولها الميراثُ”، أي: في مالِ زَوْجِها. فقال مَعْقِلُ بنُ سِنانٍ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم “قضَى به”، أي: بما قَضى به عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، “في بِرْوَعَ بنتِ واشِقٍ”.
“وفي روايةٍ” أُخرى لهذا الحديثِ: قال عبدُ اللهِ بنُ عُتبةَ بنِ مسعودٍ: “اختلَفوا”، أي: استمَرَّ الأشجَعيُّون في الذَّهابِ “إليه”، أي: إلى ابنِ مَسعودٍ، “شهْرًا” لا يُجيبُهم ويتَأمَّلُ في المسألَةِ ويَجتِهُد فيها، “أو”، الشَّكُّ مِن الرَّاوي، “قال”، أي: الرَّاوي: “مرَّاتٍ”، أي: فاختَلَفوا إليه مرَّاتٍ كثيرةً، “قال” ابنُ مَسعودٍ بعدَ مُضِيِّ الشَّهرِ، “فإنِّي أقولُ”، باجتِهادي، “فيها”، أي: في هذه القضيَّةِ أو المسألَةِ: “إنَّ لها”، أي: المرأةِ الَّتي تُوُفِّي عنها زَوجُها ولم يَدخُلْ بها ولم يُسَمِّ لها، “صَداقًا” كامِلًا، “كصَداقِ نِسائِها”، أي: نساءِ قوْمِها؛ كأخَواتِها وبَناتِ أَعْمامِها وعَمَّاتِها الَّتي تُشارِكُهنَّ في المالِ والجَمالِ والثُّيوبَةِ والبَكارَةِ، “لا وَكْسَ”، أي: لا نَقْصَ، “ولا شطَطَ”، أي: ولا زيادةً وجَورًا وعُدوانًا، “وإنَّ لها الميراثَ” مِن مالِ زوْجِها المتوفَّى، “وعليها العِدَّةُ”، عِدَّةُ المتوفَّى عنها زوجُها، “فإنْ يكُ” حُكمي وقَضائي هذا “صَوابًا”، أي: مُوافِقًا لِشَرْعِ اللهِ، “فمِن اللهِ”، أي: مِن تَوفيقِه وتَسْديدِه، “وإنْ يكُنْ” هذا الحُكمُ، “خطأً”، غيرَ موافِقٍ للشَّرعِ، “فمِنِّي”، أي: مِن قُصورِ عِلمي، “ومِن الشَّيطانِ”، أي: مِن تَسويلِه وتَلبيسِه، “واللهُ ورسولُه بَريئانِ” مِن الخطَأِ؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ ورسولَه قد بيَّنوا كلَّ شيءٍ في الكتابِ والسُّنَّةِ.
قال: “فقام ناسٌ مِن أشْجَعَ، فيهِمُ “الجرَّاحُ”، الأشْجَعِيُّ، “وأبو سِنانٍ” الأشجعِيُّ؛ قيل: هو مَعْقِلُ بنُ سِنانٍ، فقالوا: يا ابنَ مسعودٍ، نحن نشهَدُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم “قَضاها”، أي: القضيَّةَ الَّتي قَضاها عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، “فينا في بِرْوَعَ بنتِ واشِقٍ، وإنَّ زوْجَها هلالُ بنُ مرَّةَ الأشْجعيُّ كما قضيْتَ، قال”، أي: عبدُ اللهِ بنُ عُتبةَ بنِ مَسعودٍ، “ففَرِحَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ فرَحًا شديدًا” بذلك، “حين وافَق قَضاؤُه قَضاءَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم”، ووفَّقَه اللهُ تعالى للصَّوابِ ومُوافقَةِ الحقِّ. [الموسوعة الحديثية]
الوجه الثاني: المسائل الملحقة (الصداق والخلوة)
المسألة الأولى: مسائل متعلقة بالصداق
أولا: مسألة: صَداقُ المُفَوِّضةِ
النكاح إذا عقده ولي المرأة أو وكيله في حضور شاهدين فهو نكاح صحيح، سواء وثق أو لا، ولا يشترط ذكر المهر في عقد النكاح، فلو تزوجها بلا ذكر للمهر: صح النكاح، وكان للزوجة مهر المثل.
الفرع الأول: تَعريفُ التَّفويضِ وأنواعُه وحُكمُه.1) التفويضُ في النِّكاحِ: هو تزويجُ المرأةِ بلا صَداقٍ مُسمًّى. [يُنظر: ((النظم المستعذب)) لمحمد بن بطال الركبي (2/ 146)، ((المطلع على ألفاظ المقنع)) للبعلي (ص: 398)، ((أنيس الفقهاء)) للقونوي (ص: 55)، ((التعريفات الفقهية)) للبركتي (ص: 213)].
2) أنواعُ التَّفويضِ في النكاح:
1 – تفويضُ البُضعِ: وهو أن يزوِّجَها بلا مَهرٍ مُسمًّى.
2 – تفويضُ الصَّداقِ: وهو أن يفوِّضَ تَسميةَ صَداقِها إليها، أو إلى زَوجِها، أو إلى أجنبيٍّ. [((روضة الطالبين)) للنووي (7/ 279)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/ 217، 218)].
3) حُكمُ التَّفويضِ في النكاح:
يجوزُ نِكاحُ التَّفويضِ.
4) الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) [البقرة: 236].
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه تعالى: أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً دليلٌ على جوازِ عَقدِ النِّكاحِ بلا تَسميةٍ للمَهرِ [((تفسير الإمام الشافعي)) (1/ 395)، ((تفسير السعدي)) (ص: 105)]؛ لأنَّه لَمَّا أوقع الطَّلاقَ دَلَّ على صِحَّةِ النكاحِ دونَ تَسميةِ صَداقٍ؛ لأنَّ الطَّلاقَ غيرُ واقعٍ إلَّا على الزَّوجاتِ، وكونُهنَّ زَوجاتٍ دَليلٌ على صِحَّةِ النِّكاحِ بغيرِ تَسميةِ صَداقٍ. [((الاستذكار)) لابن عبد البر (5/ 467)].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
1 – عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ((في رجُلٍ تزوَّجَ امرأةً فمات عنها، ولم يدخُلْ بها ولم يَفرِضْ لها الصَّداقَ … ).
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه جوازُ الزَّواجِ بدونِ تَسميةِ مَهرٍ؛ لأنَّ ابنَ مَسعودٍ لم يُنكِرْ ذلك. [((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (4/ 593)].
2 – عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللَّه عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لرجُلٍ: ((أترضى أن أزوِّجَكَ فُلانةَ؟ قال: نعم. وقال للمرأةِ: أترضَينَ أن أزوِّجَكِ فلانًا؟ قالت: نعم. فزوَّجَ أحدَهما صاحِبَه، فدخل بها الرَّجُلُ ولم يَفرِضْ لها صَداقًا ولم يُعطِها شَيئًا، وكان ممَّن شَهِدَ الحُديبِيَةَ، وكان مَن شَهِدَ الحُدَيبيَةَ له سَهمٌ بخَيبرَ، فلما حضَرَتْه الوفاةُ قال: إنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زوَّجَني فلانةَ ولم أفرِضْ لها صَداقًا، ولم أُعطِها شَيئًا، وإنِّي أُشهِدُكم أنِّي أعطيتُها مِن صَداقِها سَهمي بخَيبرَ، فأخَذَتْ سَهمًا فباعَتْه بمائةِ ألفٍ)) [أخرجه من طرق: أبو داود (2117) واللفظ له، وابن حبان (4072)، والحاكم (2742). صحَّحه الحاكم على شرط الشيخين، وجوَّد إسناده وقوَّاه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/ 171)، وصحَّح الحديث الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2117)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (953)].
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: (فدخل بها الرَّجُلُ ولم يَفرِضْ لها صَداقًا) دليلٌ على جوازِ النِّكاحِ بغيرِ تَسميةِ المَهرِ، وأنَّه نِكاحٌ صَحيحٌ. [قال الصنعاني: («ولم يعطِها شَيئًا» فيه أنَّه … يصِحُّ الدخولُ قبل فَرضِ المهرِ). ((التحبير لإيضاح معاني التيسير)) (6/ 697)].
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: الكاسانيُّ، وابنُ رشدٍ، والقرطبيُّ، وابنُ جُزيٍّ، والبابرتي، والعينيُّ، وابنُ الهُمامِ. ويثبت للزوجة مهر المثل في كلا التفويضين.
ومهر المثل يحدده القاضي، منعاً للنزاع، فإن تراضيا على شيء دون الرجوع للقاضي، فلا حرج في ذلك؛ لأن الحق لهما.
قال في “زاد المستقنع”: ” يصح تفويض البُضع، وتفويض المهر … فلها مهر المثل بالعقد، ويفرضه الحاكم بقدره، وإن تراضيا قبله جاز ” انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” قوله: ” وإن تراضيا قبله جاز ” أي إن اتفقا عليه بدون الرجوع إلى الحاكم فالحق لهما، أي: لا بأس، فلو قالا: ِلمَ نذهب إلى القاضي؟ ونتفق فيما بيننا، فقال الزوج: المهر ألف، وقالت هي: بل ألفان، وتوسط أناس وقالوا: ألف وخمسمائة وما أشبه ذلك، فلا حرج؛ لأن الحق لا يعدوهما ” انتهى من “الشرح الممتع” (12/ 305).
وبهذا يكون النكاح صحيحا، وأنه يصح المهر الذي اتفقا عليه، إذا كانت الزوجة رشيدة.
الفرع الثاني: المُتعةُ للمُفَوِّضةِ إذا طُلِّقَت قبل الدُّخولِ وفَرضِ الصَّداقِ يجِبُ للمُفَوِّضةِ المتعةُ إذا طُلِّقَت قبل الدُّخولِ وفَرضِ الصَّداقِ.
الفرع الثالث: ما يجبُ للمُفَوِّضةِ إذا مات زوجُها قَبلَ الدُّخولِ وفَرضِ الصَّداقِ يجِبُ للمُفَوِّضةِ مَهرُ المِثلِ إذا مات زَوجُها قبل الدُّخولِ وقَبلَ تَسميةِ الصَّداقِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ؛ وذلك لأنَّ مَوتَ الزَّوجِ قبل الدُّخولِ معنًى يَثبُتُ به مَهرُ المِثلِ كمَن دُخِلَ بها [((المغني)) لابن قدامة (7/ 246)].
وقال ابن المنذر: (وقالت طائفةٌ: لها مَهرُ نِسائِها وعليها العِدَّةُ، ولها الميراثُ، كذلك قال عبد الله بن مسعود، والثوري، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقولُ). [((الأوسط)) (8/ 371)]؛
ثانيا:
إذا طلقت المرأة قبل الدخول والخلوة، فإن سمي لها مهر فلها نصفه، وإن لم يُسَمَّ لها مهرٌ فلها المتعة، لقوله تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِين. وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة/ 236، 237
والمتعة غير مقدرة شرعا، ولكنها تكون بحسب يسار الشخص أو عدمه؛ فإن اتفقا على قدر معين، فقد حصل المراد، وإن اختلفا، فالحاكم هو الذي يحددها.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله -:” والتحقيق أن قدر المتعة لا تحديد فيه شرعاً، لقوله تعالى: (عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدْرُهُ) البقرة/236، فإن توافقا على قدر معين: فالأمر واضح، وإن اختلفا: فالحاكم يجتهد، فيعين القدر على ضوء قوله تعالى: (عَلَى الموسع قَدَرُهُ) الآية البقرة/236، هذا هو الظاهر.
وظاهر قوله: (ومَتِّعُوهُنَّ) البقرة/236 وقوله: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ) البقرة/241 يقتضي وجوب المتعة في الجملة، خلافاً لمالك ومن وافقه في عدم وجوب المتعة أصلاً” انتهى من ” أضواء البيان ” (1/ 192).
ثالثا: إذا تم الطلاق قبل الدخول، لكن مع وقوع خلوة كاملة يتمكن من الدخول بها: فقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعي – في القديم من مذهبه – والحنابلة إلى أن عليها العدة، ولها المهر كاملاً.
وقد جاء هذا عن عدد من كبار الصحابة، كعمر بن الخطاب وعلي وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.
واستشار عمر رضي الله عنه عددا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فلم يختلفوا في وجوب المهر.
ولهذه الخلوة شروط سيأتي بيانها – إن شاء الله تعالى -.
المسألة الثالثة: المسائل المتعلقة بخلوة الزوج بزوجته قبل الدخول بها، وفيه عدة فروع:
أولاً: المسائل المتفق عليها، وأدلتها.
اتفق العلماء على أن الزوج إذا دخل بزوجته: استحقت المهر كاملا، وإن طلقها فعليها العدة، وله الرجعة عليها ما دامت في العدة، ولم يكن الطلاق على مال بذلته المرأة (الخلع)، ولم تكن الطلقة الثالثة.
واتفقوا أيضا على أن الزوج إذا طلق زوجته، قبل الدخول، وقبل الخلوة: أنها لا تستحق إلا نصف المهر، ولا عدة عليها، ولا رجعة له عليها.
وقد دل على ذلك القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) الأحزاب/49.
وقال تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) البقرة/237.
وقال تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) البقرة/227.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن نكح امرأة نكاحًا فاسدًا بلا ولي: (فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا) رواه الترمذي (1102) وصححه الألباني في “إرواء الغليل” (1840).
فإذا ثبت المهر بالدخول في النكاح الفاسد، فثبوته في النكاح الصحيح من باب أولى.
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (4/ 169):
“لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَقَدْ سَمَّى لَهَا [يعني: مهرًا]: أَنَّ لَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى كَامِلًا، وَالْمِيرَاثَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ” انتهى.
وقال ابن رشد في “بداية المجتهد” (2/ 19، 20):
“اتفق العلماء على أن الصداق يجب كله، بالدخول، أو الموت.
أما وجوبه كله بالدخول فلقوله تعالى: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا).
وأما وجوبه بالموت فلا أعلم الآن فيه دليلا مسموعا، إلا انعقاد الإجماع على ذلك ….
واتفقوا اتفاقا مجملا أنه إذا طلق قبل الدخول، وقد فرض صداقا: أنه يرجع عليها بنصف الصداق لقوله تعالى: (فنصف ما فرضتم) ” انتهى.
ثانيا: من المسائل المختلف فيها
بعد هذا الاتفاق من العلماء على تلك المسائل، اختلفوا فيما لو خلا الزوج بزوجته، ولم يحصل دخول (جماع): هل تُلحق الخلوة بالدخول في الأحكام السابقة كلها، أو في بعضها، أو لا تلحق في شيء من هذه الأحكام؟
فذهب الإمام أحمد إلى أن الخلوة تلحق بالدخول في الأحكام الثلاثة السابقة، وهي: تقرر المهر كاملا للزوجة، ووجوب العدة عليها، وثبوت الرجعة للزوج ما دامت في العدة.
وذهب الإمام أبو حنيفة، وهو القديم من قولي الشافعي: إلى أنها تلحق بالدخول في الحكمين الأوليين فقط، وهما: تقرر المهر، ووجوب العدة.
أما الرجعة: فلا رجعة لزوجها عليها.
وذهب الإمام الشافعي في الجديد من قوليه: إلى أن الخلوة لا تلحق بالدخول في شيء من الأحكام، واستدل بظاهر قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً)، وقوله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
فظاهر هذا: أن الحكم معلق بالمَسيس، وهو الجماع.
وأما الإمام مالك، فقد نقلت عنه عدة أقوال في هذه المسألة:
فنقل عنه ما يوافق قول أبي حنيفة.
ونقل عنه ما يوافق قول الشافعي.
ونقل عنه أن الخلوة بمجردها لا تلحق بالدخول، إلا إذا تطاولت فبقيت الزوجة عند الزوج مدة طويلة، ثم ادعى أنه لم يدخل بها، فلا يقبل قوله.
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (4/ 169):
“وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ، وَلَمْ يُجَامِعْهَا حَتَّى فَارَقَهَا:
فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَمَالِكٌ: عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ” انتهى.
وذكر في موضع آخر اختلاف علماء المذهب المالكي في ذلك فقال (6/ 168، 169):
“هَلْ يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ بِوُجُودِ الْخَلْوَةِ أَمْ لَا؟
اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
يَسْتَقِرُّ بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ.
لَا يستقر إلا بالوطء.
يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ فِي بَيْتِ الْإِهْدَاءِ.
التَّفْرِقَةُ بَيْنَ بَيْتِهِ وَبَيْتِهَا.
وَالصَّحِيحُ: اسْتِقْرَارُهُ بِالْخَلْوَةِ مُطْلَقًا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، قَالُوا: إِذَا خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً يَجِبُ كَمَالُ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا” انتهى.
والراجح في هذه المسألة: هو تقرر المهر، ووجوب العدة، بهذه الخلوة؛ وهذا هو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم، وهو كالإجماع منهم على ذلك، فيما ذكر.
فقد ثبت ذلك عن عدد من كبار علمائهم، كعمر بن الخطاب وعلي وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر.
بل استشار عمر رضي الله عنه عددا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فلم يختلفوا في وجوب المهر.
وقد روي ذلك عن الخلفاء الراشدين الأربعة، غير أن الإسناد ضعيف.
روى البيهقي في سننه عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه (قضى في المرأة يتزوجها الرجل: أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق).
وعن الأحنف بن قيس أن عمر وعليا رضى الله عنهما قالا: (إذا أغلق بابا، وأرخى سترا: فلها الصداق كاملا، وعليها العدة). قال الألباني في “إرواء الغليل” (1937): “رجاله ثقات”.
وروى ابن المنذر في الأوسط (7273) عن الوليد بن أبي مالك قال: جمع عمر رضي الله عنه نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم معاذ بن جبل، فأجمع رأيهم: أنه إذا أغلق بابا، أو أرخى سترا، فقد وجب المهر.
وعن زرارة بن أوفى قال: (قضاء الخلفاء الراشدين المهديين: أنه من أغلق بابا، وأرخى سترا فقد وجب الصداق والعدة).
ولكن إسناد هذا الأثر ضعيف، فإن زرارة من صغار التابعين (توفي سنة 93ه) ولم يدرك أحدا من الخلفاء الأربعة، ولذلك قال البيهقي بعد إخراجه له: ” هذا مرسل، زرارة لم يدركهم، وقد رويناه عن عمر وعلى رضى الله عنهما موصولا” انتهى.
وقد روي عن ابن عباس وابن مسعود ما يخالف هذا، ولكنه لا يصح عنهما، فقد ذكر ابن المنذر في الأوسط (8/ 384) أن إسنادهما ضعيف.
فكثرة هذه الآثار وشهرتها يعتبرها بعض العلماء إجماعا.
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (10/ 154):
“وَهَذِهِ قَضَايَا تَشْتَهِرُ، وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ فِي عَصْرِهِمْ، فَكَانَ إجْمَاعًا” انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله في “كشاف القناع” (5/ 168):
“وَهَذِهِ قَضَايَا اُشْتُهِرَتْ، وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ فِي عَصْرِهِمْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ” انتهى.
ولا شك أن الصحابة رضي الله عنهم، أعلم بمعاني القرآن، وبأحكام الله تعالى، فاتباعهم هو المتعين ما دامت هذه الأقوال قد اشتهرت عنهم، ولم يثبت عن أحد منهم ما يخالف هذا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:”فإذا قال قائل: كيف يكون لها مهرا كاملا، والآية علقت الحكم بالجماع؟ ولا شك أن هناك فرقاً ظاهراً بين الجماع والخلوة، فالجماع تلذذ بها، واستمتع بها، واستحل فرجها، فاستحقت المهر، لكن مجرد الخلوة لم يحصل له بها العوض كاملاً، فكيف تكون موجبة؟!
نقول: إن أكثر أهل العلم على هذا الرأي.
وحكي إجماع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على ذلك: أنه إذا خلا بها فلها المهر كاملاً.
فجعلوا الخلوة كالجماع.
وقد ذكر عن الإمام أحمد رواية ينبغي أن تكون قاعدة، قال: لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره، ولهذا قالوا: لو مسَّها بشهوة، أو نظر إلى شيء لا ينظر إليه إلا الزوج كالفرج، فإنها تستحق المهر كاملاً؛ لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره.
وهذه الرواية هي المذهب، وهي أنه إذا استحل الزوج من امرأته ما لا يحل لغيره من جماع، أو خلوة، أو لمس، أو تقبيل، أو نظر إلى ما لا ينظر إليه سواه، كالفرج، فإن المهر يتقرر كاملاً.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المهر يتقرر كاملاً بالجماع، فقط، وقال: إن هذا ظاهر القرآن فلنأخذ به.
ولكن في النفس من هذا شيء؛ لأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أعلم منا بمقاصد القرآن، لا سيما في الأحكام الشرعية؛ لأن القرآن نزل في وقتهم وبلغتهم، وفهموه على ما يذهبون إليه.
وهذا قول جمهور أهل العلم أن الخلوة تلحق بالجماع” انتهى من الشرح الممتع (12/ 293، 294).
وقال الطحاوي في “مشكل الآثار” (1/ 370):
“إرْخَاءُ السُّتُورِ، وَإِغْلَاقُ الْأَبْوَابِ، وَإِمْكَانُهَا زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا بِحَيْثُ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْهَا: يُوجِبُ لَهَا الصَّدَاقَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ بِهِ فِي حُكْمِ الْمُمَاسِّ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا.
فَقَدْ تَوَاتَرَتْ أَقْوَالُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، وَاتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا: يَكُونُ بِهِ الَّذِي مُكِّنَ مِنْهُ، كَالْمُمَاسِّ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، وَلَا نَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُمْ سِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ.
فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى خلاف هذا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)؛ وَكَانَ مَعْقُولًا بِذَلِكَ: أَنَّ مَنْ طَلَّقَ وَلَمْ يُمَاسَّ؛ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ هُوَ نِصْفُ الصَّدَاقِ لَا كُلُّهُ.
قِيلَ لَهُ: إنَّ الَّذِينَ قَالُوا فِي هَذَا بِوُجُوبِ الصَّدَاقِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ: هُمْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ، أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، وَلَحِقَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُوَ كَاتِبُ الْوَحْيِ وَالْمُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ وَهُمْ يَعْرِفُونَ تَاوِيلَهُ.
وَكَانَ بِمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ، يَسْتَعْلِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُعْلِمُهُمْ بِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، وَفِي خِلَافِهِمْ تَجْهِيلٌ لَهُمْ، وَالْخُرُوجُ عَنْ مَذَاهِبِهِمْ إلَى مَا سِوَاهَا، مِمَّا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ.
مَعَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي اللُّغَةِ، مَا قَدْ أَبَاحَ لَنَا أَنْ نُسَمِّيَ: مَنْ أَمْكَنَهُ الْمَسِيسُ، وَلَمْ يُمَاسَّ: بِاسْمِ الْمَسِيسِ؛ كَمَا سُمِّيَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، إمّا إسْمَاعِيلُ وَإِمَّا إِسْحَاقُ: ذَبِيحًا؛ لَا لِأَنَّهُ ذُبِحَ، وَلَكِنْ لِمَا أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَمْكَنَ أَبُوهُ ذَلِكَ مِنْهُ؛ بِأَنْ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ: سُمِّيَ بِذَلِكَ ذَبِيحًا، وَإِنْ لَمْ يُذْبَحْ.
فَمِثْلُ ذَلِكَ: مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ إمْكَانِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا زَوْجَهَا مِنْ جِمَاعِهِ، حَتَّى لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ حَائِلٌ، وَلَا لَهُ مِنْهُ مَانِعٌ؛ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مُمَاسٍّ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَاسًّا لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ، وَتَدْخُلُ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُطَلِّقِ بَعْدَ الْمَسِيسِ.
وَقَدْ وَجَدْنَا مَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ …
[ثم ذكر أن البائع إذا باع سلعة ومكن المشتري من قبضها، وخلى بينه وبينها، غير أن المشتري هو الذي لم يقبضها فأصابها شيء، فتلفت: أن تلفها يكون على المشتري، لأن البائع قد فعل ما وجب عليه، وهو تمكين المشتري من قبضها، فكذلك المرأة فعلت ما وجب عليها] ” انتهى.
وقال ابن رشد في “بداية المجتهد” (2/ 19، 20):
“واختلفوا: هل من شرط وجوبه [يعني المهر] مع الدخول: المسيس، أم ليس ذلك من شرطه، بل يجب بالدخول، والخلوة، وهو الذي يعنون بإرخاء الستور؟
فقال مالك والشافعي وداود: لا يجب بإرخاء الستور إلا نصف المهر، ما لم يكن المسيس.
وقال أبو حنيفة: يجب المهر بالخلوة نفسها؛ إلا أن يكون مُحْرِما، أو مريضا، أو صائما في رمضان، أو كانت المرأة حائضا.
وقال ابن أبي ليلى: يجب المهر كله بالدخول، ولم يشترط في ذلك شيئا.
وسبب اختلافهم في ذلك: معارضة حكم الصحابة في ذلك، لظاهر الكتاب.
وذلك أنه نص تبارك وتعالى في المدخول بها، المنكوحة: أنه ليس يجوز أن يؤخذ من صداقها شيء، في قوله تعالى: (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض).
ونص في المطلقة قبل المسيس: أن لها نصف الصداق، فقال تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم).
وهذا نص كما ترى في حكم كل واحدة من هاتين الحالتين؛ أعني قبل المسيس، وبعد المسيس؛ ولا وسط بينهما، فوجب بهذا، إيجابا ظاهرا: أن الصداق لا يجب إلا بالمسيس.
والمسيس ههنا: الظاهر من أمره أنه الجماع.
وقد يحتمل أن يحمل على أصله في اللغة، وهو المس، ولعل هذا هو الذي تأولت الصحابة، ولذلك قال مالك في العِنِّين المؤجل: إنه قد وجب لها الصداق عليه إذا وقع الطلاق، لطول مقامه معها؛ فجعل له، دون الجماع، تأثيرا في إيجاب الصداق.
وأما الأحكام الواردة في ذلك عن الصحابة: فهو أن من أغلق بابا، أو أرخى سترا: فقد وجب عليه الصداق، لم يختلف عليهم في ذلك، فيما حكوا” انتهى.
ثالثا:
أما ثبوت الرجعة للزوج في تلك العدة: فلم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم في ذلك شيء. ولهذا اختلف الآخذون بأقوال الصحابة في هذا، في حكمها:
فذهب الحنفية إلى عدم ثبوت الرجعة للزوج، قالوا: لأن الرجعة يملكها الزوج إذا ملك زوجته ملكا تاما، ولا يكون ذلك إلا بالدخول حقيقة، أما مجرد الخلوة فهي ملك قاصر، فتلحق بالدخول في تقرر المهر، والعدة، دون الرجعة. انظر: “فتح القدير” (4/ 172).
وذهب الإمام أحمد إلى ثبوت الرجعة للزوج، لأنها فرع عن ثبوت العدة، فمتى ثبتت العدة، ثبتت الرجعة للزوج، إلا إذا كان الطلاق على عوض تبذله المرأة (الخلع)، أو كانت الطلقة الثالثة، فلا رجعة للزوج في هاتين الحالتين.
واستدلوا بقوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً)؛ فأثبتت الآية حق الزوج في الرجعة، ما دامت مطلقته في العدة، فمتى ثبتت العدة، ثبت حق الزوج في الرجعة.
قال ابن قدامة في “المغني” (10/ 369):”وَالْخَلْوَةُ: كَالْإِصَابَةِ، فِي إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي خَلَا بِهَا، فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ؛ لِقَوْلِهِ: حُكْمُهَا حُكْمُ الدُّخُولِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهَا.
وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، فِي الْقَدِيمِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُصِيبَهَا.
وَبِهِ قَالَ النُّعْمَانُ، وَصَاحِبَاهُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُصَابَةٍ، فَلَا يَسْتَحِقُّ رَجْعَتَهَا، كَغَيْرِ الَّتِي خَلَا بِهَا.
وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) إلَى قَوْلِهِ: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ).وَلِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ لَا عِوَضَ فِيهِ، وَلَمْ تَسْتَوْفِ عَدَدَهُ، فَثَبَتَ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ، كَالْمُصَابَةِ، وَلِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، فَمَلَكَ رَجْعَتَهَا، كَالَّتِي أَصَابَهَا. وَفَارَقَ الَّتِي لَمْ يَخْلُ بِهَا؛ فَإِنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ، لَا عِدَّةَ لَهَا، وَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الرَّجْعَةُ لِلْمُعْتَدَّةِ الَّتِي يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ” انتهى.
وقال البهوتي في “كشاف القناع” (5/ 169):
“وَحُكْمُ الْخَلْوَةِ: حُكْمُ الْوَطْءِ، فِي تَكْمِيلِ الْمَهْرِ، وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَفِي تَحْرِيمِ أُخْتِهَا إذَا طَلَّقَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَفِي تَحْرِيمِ أَرْبَعٍ سِوَاهَا إذَا طَلَّقَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَفِي ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ عَلَيْهَا فِي عِدَّتِهَا، وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ وُجُوبِ الْعِدَّةِ” انتهى.
رابعا:
لماذا كانت الخلوة ملحقةً بالدخول في الأحكام السابقة؟
الجواب:
الدليل الواضح في هذا: هو أقوال الصحابة رضي الله عنهم، المشهورة في هذا، والتي سبق نقل بعضها.
ثم اختلف العلماء في استنباط العلة من هذا:
فقيل: العلة هي أن الخلوة مظِنة الوطء، أي: أنه إذا حصلت الخلوة، فإنه يغلب على الظن حصول الدخول الحقيقي، فأقيمت غلبة الظن في هذا، مقام تحقق الدخول.
وقيل: لأن ردها بعد الخلوة، وقبل الدخول: كسر لقلبها، وفيه شيء من الإهانة لها، فجبر ذلك بتقرر المهر كاملا، وليس نصفه.
قال ابن عقيل الحنبلي: “إنما قُررت لأحد أمرين: إما إجماع الصحابة، وإما لأن ردها بعد الخلوة ابتذال لها، وكسر؛ فوجب جبره بالمهر” انتهى.
وقيل: العلة هي أن المرأة حصل منها التمكين، فقد فعلت ما وجب عليها، فاستحقت المهر كاملا. ومع أن هذه العلل: عامتها معقولة، متجهة؛ فقد نقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، ما يقوي أن التعليل الأخير، وهو حصول التمكين من الزوجة، هو مناط الحكم.
قال البيهقي رحمه الله في “السنن الكبرى” (7/ 256): “ظاهر ما روينا عن عمر وعلى رضى الله عنهما: يدل على أنهما جعلا الخلوة كالقبض في البيوع.
قال الشافعي رحمه الله: وروي عن عمر رضى الله عنه أنه قال: (ما ذنبهن أن جاء العجز من قبلكم؟) ” انتهى.
وقال البهوتي في “كشاف القناع” (5/ 168):
“وَلِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْمُسْتَحَقَّ وُجِدَ مِنْ جِهَتِهَا، فَيَسْتَقِرُّ بِهِ الْبَدَلُ، كَمَا لَوْ وَطِئَهَا، أَوْ كَمَا لَوْ أَجَّرَتْ دَارَهَا وَسَلَّمَتْهَا أَوْ بَاعَتْهَا” انتهى.
ومثل هذا قاله ابن قدامة أيضا في “المغني” (10/ 154).
خامسا: شروط الخلوة.
اتفق العلماء على أنه ليست كل خلوة تحصل بين الزوجين تكون ملحقة بالدخول، بل المقصود بالخلوة هنا: التي يتمكن الزوج فيها من الاستمتاع بزوجته، بلا ممانعة منها.
ولذلك اتفقوا على أنه لابد لهذه الخلوة من شروط، وكانوا قد اختلفوا في هذه الشروط اختلافا كبيرا، غير أننا نذكر أهم تلك الشروط:
أن لا يكون عندهما مميز، لأن وجود شخص ثالث معهما يمنع الزوج من الاستمتاع.
أن لا تمنعه نفسها.
قال ابن قدامة في المغني (11/ 157): “وإن خلا بها فمنعته نفسها لم يكمل صداقها .. أومأ أحمد إلى أنها إذا نشزت عليه، أو منعته نفسها لا يكمل صداقها.
وذلك لأنه لم يوجد التمكين من جهتها، فأشبه ما لو لم يخل بها ” انتهى
أن يأمنا من اطلاع أحد عليهما. وعلى هذا؛ فالخلوة في السيارة داخل المدينة، أو الخلوة في محل، أو مكتب مفتوح الباب، أو الخلوة في جانب من طريق عام، أو الخلوة في بيت أهلها مع وجود بعض أهلها في البيت، وتمكنهم من الدخول عليها في أي وقت، أو مع فتح باب الغرفة .. ونحو ذلك: كل هذا لا يترتب عليه شيء، من أحكام الخلوة السابقة.
جاء في “الموسوعة الفقهية” (19/ 271) في بيان مذهب الحنفية في شروط الخلوة التي تقرر المهر وتوجب العدة: “وَلاَ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالطَّرِيقِ، وَالصَّحْرَاءِ، وَعَلَى سَطْحٍ لاَ حِجَابَ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ الْمَسْجِدَ يَجْمَعُ النَّاسَ لِلصَّلاَةِ، وَلاَ يُؤْمَنُ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهِ سَاعَةً فَسَاعَةً، … وَالطَّرِيقُ مَمَرُّ النَّاسِ لاَ تَخْلُو عَنْهُمْ عَادَةً، وَذَلِكَ يُوجِبُ الاِنْقِبَاضَ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ، وَكَذَا الصَّحْرَاءُ وَالسَّطْحُ مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ، لأِنَّ الانْسَانَ يَنْقَبِضُ عَنِ الْوَطْءِ فِي مِثْلِهِ لاِحْتِمَال أَنْ يَحْصُل هُنَاكَ ثَالِثٌ، أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ أَحَدٌ” انتهى.
أن يعلم بها، فقد يكون الزوج مريضا أو مغمى عليه، فتزوره زوجته في المستشفى وتبقى معه في الغرفة ساعة أو نحوها لا يشعر بها، فلا حكم لهذه الخلوة.
قال المرداوي الحنبلي رحمه الله في “الإنصاف” (21/ 227):
“فعلى المذهب، يتقرر المهر كاملا إن لم تمنعه؛ بشرط أن يعلم بها” انتهى.
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (13/ 322):
“يشترط في الخلوة – يعني على مذهب الإمام أحمد – أن تكون المرأة مطاوعة، وأن يكون عالماً بها، وأن يكون قادراً على الوطء” انتهى.
فإذا توفرت هذه الشروط: كانت الخلوة ملحقة بالدخول في الأحكام السابقة.
وأما مجرد وجود الزوج والزوجة، خاليين في مكان لا يطلع عليهما فيه أحد: فلم يقل أحد من العلماء إن هذه الخلوة بمجردها تكون ملحقة بالدخول.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية – رَحِمَهُ اللَّهُ -:” إذَا خَلَا الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ، فَمَنَعَتْهُ نَفْسَهَا مِنْ الْوَطْءِ، وَلَمْ يَطَاهَا؛ لَمْ يَسْتَقِرَّ مَهْرُهَا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد – الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُهُ: كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَبِي الْبَرَكَاتِ وَغَيْرِهِمَا – وَغَيْرِهِ مَنَّ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ: مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَإِذَا اعْتَرَفَتْ بِأَنَّهَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا: لَمْ يَسْتَقِرَّ مَهْرُهَا بِاتِّفَاقِهِمْ.
وَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ، مَا دَامَتْ كَذَلِكَ، بِاتِّفَاقِهِمْ. ” انتهى، من مجموع الفتاوى (32/ 201).
وللتوسع في المسألة ينظر:
فتح القدير (4/ 172)، بدائع الصنائع (3/ 191)، رد المحتار (3/ 54)، الاستذكار (5/ 433 – 437)، الأوسط لابن المنذر (8/ 380 – 386)، الأم (5/ 197)، المجموع (18/ 126)، كتاب العدد من الحاوي (1/ 370)، المغني (10/ 153 – 157)، الإنصاف (21/ 227 – 232)، [أهم الأحكام المترتبة على خلوة الزوج بزوجته قبل الدخول بها، طلقها قبل الدخول وبعد الخلوة وكان لم يسم لها مهرا].
الوجه الثالث: الفتاوى:
الزواج بدون مهر
السؤال:
تزوجت فتاةً ولم أدفع لها أيَّ مهر على شكل نقود أو ذهب، وذلك برضى الطرفين على الرغم من أنني قادر، حيث قمت بتأسيس منزل الزوجية، فهل أنقصتها حقاً من حقوقها، وإن كنت كذلك فهل أستطيع الآن أن أرد لها بعض الشيء أم إلى أهلها؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد ..
فالواجب أن تعطى شيئاً من المال الزوجة ولو قليلاً إذا رضيت بذلك سواءٌ كان نقداً أو متاعاً كالملابس أو حلياً من الذهب والفضة وهذا كافي, فإن كنت لم تعطها شيئاً بالكلية فإنك تعطيها مهر المثل -المهر الذي يعطاها أمثالها- إلا أن تسمح عنك فإذا سمحت فلا حرج عليك والحمد لله، الله -جل وعلا- قال: أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم [سورة النساء: 24]. فالزوج يعطي بعض المال ويتفق مع الزوجة على بعض المال أو مع وليها أو يعطيهم ما يتيسر وإذا رضوا بذلك كفى, فإذا كنت أعطيتها شيئاً من المال الذي هو غير النقود من حليٍ أو ملابس أو أثثت المنزل لها هذا المال لها نعم لها هذا الأثاث يكون لها ملكاً لها فقط. كان مهراً لها ولا حرج في ذلك والحمد لله، أما إذا كنت ما أعطيتها شيء بالكلية فإن سمحت عنك وأسقطت عنك المهر فلا حرج وإن طلبت شيئاً فأعطها ما يرضيها والحمد لله.
حكم تحديد المهر
السؤال:
أخونا له سؤال آخر يقول: كان -وإلى عهد قريب جدًا- يتم عقد الزواج عندنا باثنين جنيه، والآن أصبح بخمسين جنيهًا سودانيًا، مما سبب بعض المشكلات الاجتماعية لدى الكثير من المسلمين الذين لم يقتنعوا بالزيادة الأخيرة، فمنهم من أصر على العقد بالجنيهين وتزوج بها، ومنهم من تزوج بالخمسين جنيهًا، وقد اعتبر من تزوج بالجنيهين زواجه باطلًا يدخل في حرمة الزنا، وكل ذلك مرد تفسيره لاعتبارات انخفاض القيمة للجنيه السوداني في الآونة الأخيرة، فكما تعلمون أن العملات قابلة للانخفاض والارتفاع على حسب الحالة الاقتصادية لدى الدول، فبماذا تنصحون وترشدون أولئك المأذونين الذين يصرون على دفع الخمسين جنيهًا؛ ليتم على أيديهم العقد الصحيح -كما يقولون- وإلا أنهم سوف لن يتحملوا تنفيذ إجراءات العقد، وقد فعل بعضهم وامتنع بالفعل، ثم ماذا يا صاحب السماحة عن الزواج بالفاتحة أو بشيء من القرآن في زماننا هذا، هل يجوز أم لا؟ أجيبونا أثابكم الله.
الجواب:
ليس للمهر حد محدود في الشرع، بل يجوز أن يكون قليلًا وكثيرًا؛ لأن الله قال: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24]، ولم يحدد، والرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يحدد، ولهذا ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا حد لأقله ولا حد لأكثره، فما تراضى عليه الزوجان وولي الزوجة كفى ولو قليلًا.
وإذا تحدد المهر في قبيلة أو طائفة من الناس، أو في قرية من القرى؛ فينبغي للزوج أن يلتزم بذلك حتى لا تقع المنازعات والخصومات، وإذا سامحته بعد ذلك زوجته، وأسقطت عنه بعض المهر فلا بأس؛ لأن الله يقول سبحانه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4]، فيلتزم بما قرره جماعته؛ حتى لا يقع النزاع بينه وبينهم، ويتفقون مع أهلها أو وليها أنهم سيسامحونه فيما يشق عليه في المستقبل، فإن لم يتيسر ذلك أعانه الله، هذا طريق ينبغي فيه الصبر والتحمل؛ لما فيه من العفة للفرج وإحصانه، وغض البصر، والتسبب في وجود الذرية الصالحة، ينبغي له أن يتحمل.
ولو اتفقوا على مهر قليل؛ صح النكاح ولم يبطل النكاح، ولو خالف المقرر، لكن لا ينبغي أن يخالف المقرر؛ لأنه يحصل بذلك تشويش، ونزاع بينه وبين جماعته، وربما أفضى إلى شر كثير، فينبغي له أن يلتزم، ثم يطلب من زوجته المسامحة بعد ذلك أو وليها أو من كليهما، أن يسامحوه أو يساعدوه فيما شق عليه من ذلك، وهذا شيء بينهم، داخليًا لا يتعلق بالخارج، الخارج إنما هو الالتزام بالمهر المقرر حتى لا تقع المنازعات والخصومات والأذى، وفي إمكانه بعد ذلك أن يقبل من زوجته وأهلها ما سمحوا عنه. نعم.
[الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى]
حكم من توفي عنها زوجها دون أن يحدد لها مهراً ولم يدخل بها
السؤال: هذه أول رسالة التي بين يدينا وردتنا من أحمد بن محمد اليحيى، يقول أحمد بن محمد بن يحيى في رسالته هذه:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بعد أن شكر أصحاب الفضيلة الذين يجيبون على أسئلة واستفسارات المستمعين ويرجو من تمديد البرنامج، يقول: الذي توفي عنها زوجها ولم يفرض لها زوجها مهراً ولم يدخل بها، فهل لها مهر المثل أو نصف مهر المثل أم المتعة وفقكم الله؟
الجواب: الذي مات عنها زوجها ولم يعين لها مهراً ولم يدخل بها لها مهر المثل، كما ثبت هذا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فإنه ثبت عنه أنه سئل عن مثل هذه المسألة فأفتى بأن لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث ثبت هذا من حديث معقل بن يسار.
المقصود: من حديث معقل بن يسار الأشجعي، في امرأة يقال لها ….. بروع بنت واشق توفي عنها زوجها ولم يفرض لها مهراً ولم يدخل بها فقضى النبي فيها عليه الصلاة والسلام بأنها تعطى مهر نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث. نعم.
العدة والإحداد والميراث لمن مات عنها زوجها ولو لم يدخل بها
السؤال: امرأة عقد عليها رجل ولم يدخل بها، ثم مات الرجل، هل على هذه المرأة عدة؟ وهل لها ميراث؟
الجواب: نعم، إذا عقد عليها فعليها العدة إذا مات ولها الميراث، وقد ثبت ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – من حديث معقل بن يسار، وقد قضى في ذلك ابن مسعود فلما بلغه أن قضيته وافقت قضاء النبي – صلى الله عليه وسلم – فرح بذلك، فإذا عقد الرجل على امرأة ثم مات فإنها ترثه، وتعتد عليه أربعة أشهر وعشرًا، وتحاد عليه، وهذا بخلاف الطلاق، أما إذا طلقها قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها فإنه لا عدة عليها، كما قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49] فالمطلقة قبل الدخول والخلوة ليس عليها عدة، ولكن إذا مات عنها بعد العقد فإن عليها العدة، وهذا من المواضع التي خالف فيها الموت الطلاق، ففي هذا ترث وتعتد وتحاد، وإن كان لم يدخل بها ولم يخل بها، وأما في الطلاق فإنها لا تعتد منه ولها أن تتزوج متى شاءت من حين الطلاق. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا. [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز]
إذا توفي الزوج قبل الدخول هل تستحق المرأة المهر كاملا؟
الفتوى رقم (1662)
س: قد تملك أخي على امرأة على سنة الله ورسوله، وتوفي وهو لم يعرفها ولم تعرفه، فهل لها صداق أو لا؟ حيث توفي ولم يجد شيئا، وحيث دفع لها من حقها 7000 (سبعة آلاف) ريال كانت هي الموجودة لديه، وقد سلمها لها مقدما، فهل لها باقي صداقها ومن حقوقها، وقد توفي ولم يخلف أولادا ولم يتزوج قبلها؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكر من وفاة أخيك بعد أن ملك على امرأة ودفع لها من مهرها سبعة آلاف ريال، فعليه بقية مهرها وترثه، وعليها عدة الوفاة، وأن تحد عليه أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها؛ لعموم قوله تعالى: سورة البقرة الآية 234 {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
وقوله صلى الله عليه وسلم: رواه من حديث عائشة رضي الله عنها: أحمد 6/ 37، ومسلم 2/ 1127 برقم (1491) والنسائي 6/ 198 برقم (3525، 3526)، وابن ماجه 1/ 674 برقم (2085)، والدارمي 2/ 167، وابن أبي شيبة 5/ 279، وابن حبان 10/ 138، 139 برقم (4301، 4303)، والطحاوي في (شرح المعاني) 3/ 75 وابن الجارود 3/ 81 برقم (764)، والبيهقي 7/ 438. لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا وقوله صلى الله عليه وسلم انظر (مسند أحمد) 4/ 280. في امرأة مات عنها زوجها ولم يسم لها صداقا ولم يدخل: ” لها مهر نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي
عضو: عبد الله بن غديان
عضو: عبد الله بن قعود
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء «المجموعة الرابعة» توجد أسئلة قبل وبعد الخلوة
الوجه الرابع: فوائد الباب:
في الحديث: سؤال العلماء فيما يرد على المرء من المسائل، وخاصة ما يشكل. وفي الحديث: أن الله حفظ الحقوق، وعلى المرء أن يسع في تعلم الحقوق التي يجب أن يعرفها؛ حتى يؤديها كما أُمر، ولما يترتب على ذلك من أمور. وفيه: أن البيان قد يخفى على بعض العلماء. وفيه: الحديث عدة آداب متعلقة بالمفتي. وفي الحديثِ: التَّأنِّي في الفَتوى، وعدَمُ العجَلَةِ فيها.