1124 – 1125 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——
باب ترك القيام للمريض
1124 – حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن الأسود، قال: سمعت جندبا، يقول: «اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين»
1125 – حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه، قال: «احتبس جبريل صلى الله عليه وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم»، فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه، فنزلت: {والضحى والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى} [الضحى: 1 – 3]
—————
مشاركة أبي صالح:
فوائد حديث الباب
1 – الحديث متفق عليه.
2 – قول البخاري (ترك القيام للمريض) ترك صلاة القيام للمريض، وترجم عليه البيهقي في السنن الكبرى فقال المريض يترك القيام بالليل أو يصلي قاعدا.
3 – ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من المحافظة على قيام الليل وعدم تركها إلا لعذر.
4 – صحابي الحديث هو جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي ثم العلقي روى له الجماعة
5 – قوله (حدثنا أبو نعيم) هو الفضل بن دكين تابعه محمد بن كثير كما في الإسناد بعده.
6 – يذهب البخاري إلى جواز تقطيع الحديث بما لا يخل بالمعنى فقد اختصره من الطريق الأولى وقد رواه من نفس الطريق في فضائل القرآن مطولا.
7 – قوله (سفيان) هو الثوري.
8 – تابعه شعبة عن الأسود به نحوه أخرجه البخاري 4951ومسلم 1797.
9 – تابعه زهير حدثنا الأسود بن قيس به أخرجه البخاري 4950ومسلم 1797.
10 – قوله (اشتكى) أي مرض.
11 – قوله (احتبس) أي أبطأ بالوحي كما في رواية ابن عيينة عند الحميدي 777.
12 – ذكر تعيير المشركين رسول الله صلى الله عليه و سلم في الأحوال قاله ابن حبان في صحيحه.
13 – صرح في رواية ابن عيينة عن الأسود عند مسلم 1797 والترمذي فقال (فقال المشركون).
14 – وفي رواية الباب (امرأة من قريش).
15 – الحديث يدخل في أبواب أسباب النزول. وذكره الشيخ مقبل في الصحيح المسند من أسباب النزول.
16 – قال ابن الجوزي نزلت بمكة بلا خلاف. وقال قتادة” وهم يومئذ بمكة” أخرجه الطبري بإسناد صحيح. قال ابن عبد البر والصحيحُ أن هذه السورة، نزلتْ في أولِ ما نزلَ من القرآن.
17 – خطر في البال أن سبب إبطاء جبريل كي يتعافى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أن الوحي فيه شدة. ولم أجد من ذكره.
18 – ما كان يلاقيه النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين وقيل إن المرأة هي امرأة أبي لهب. رواه الحاكم في المستدرك وفيه يزيد بن زيد السوائي مجهول قاله ابن المديني.
19 – جزع النبي صلى الله عليه وسلم حين أبطأ عليه جبريل عليه السلام أخرجه الإمام أحمد 18806 من طريق وكيع عن سفيان به. وفي مرسل عروة (فجزع جزعا شديدا).
20 – نزل الوحي دفاعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتكذيبا من الله قريشا في قيلهم.
21 – قوله تعالى “ما ودعك ربك وما قلى” عن ابن عباس رضي الله عنهما ما تركك ربك، وما أبغضك. أخرجه الطبري في تفسيره عن ابن أبي طلحة عنه. وثبت في الصحيحين أن سبب النزول قول المرأة (تركك) فنزلت (ما ودعك ربك).
22 – أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه 31764، والدولابي في الذرية الطاهري 26، وابن جرير في تفسيره، والواحدي في أسباب النزول2 من مرسل عروة َجَزِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أبطأ عليه جبريل عليه السلام جَزَعًا شَدِيدًا , فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: إِنِّي أَرَى رَبَّكَ قَدْ قَلَاكَ مِمَّا نَرَى مِنْ جَزْعَتِكَ. وأخرج ابن جرير من طريق عبد الله بن شداد أن خديجة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه قال ابن كثير في تفسير هذا حديث مرسل من هذين الوجهين ولعل ذكر خديجة ليس محفوظا أو قالته على وجه التأسف والتحزن والله أعلم.
23 – ورد عند ابن أبي شيبة في المصنف أن سبب الإبطاء وجود جرو ميت تحت السرير ولا يصح. وأورده الألباني في الضعيفة 6136 وقال منكر.
24 – اشتهر عند بعض القراء التكبير عند قراءة كل سورة ابتداء من سورة الضحى إلى آخر القرآن وذكروا فيها حديثا مرفوعا أورده الألباني في الضعيفة 6133.
….
باب ترك القيام للمريض
25 – قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عند حديث 1124:
ولكن لنا البشرى ولله الحمد أن من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما، يعني من كانت عادته أن يقوم الليل ثم مرض ولم يقم فإن الله تعالى يكتب له قيام الليل، ومن سافر وشغله السفر عن صلاة الليل أو غيرها من التطوع فإنه يكتب له الأجر كاملا لقوله عليه الصلاة والسلام” كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما”، ومن عجب فهم من قوله كتب له ما كان يعمل أنه لا ينبغي للإنسان أن يتطوع بشيء في حال السفر لأنه مكتوب له فيكون عمله مجرد عبث، فيقول لا توتر ولا تتهجد ولا تصل سنة الفجر ولا تتصدق إن كنت عادة تتصدق، وهذا لا شك أنه من الفهم الخاطئ، ولهذا بنوا على هذا الخطأ أنه من السنة في السفر ترك السنة!
ولا شك أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتنفل في السفر، يصلي الليل ويصلي الوتر، ويصلي سنة الفجر ويصلي الضحى ويتصدق في السفر، وما الهدي الذي أهداه في حجة الوداع مائة ناقة إلا من باب الصدقة، لكن المعنى من شغله المرض عن فعل الطاعة التي كان يعتادها أو شغله السفر عن فعل الطاعة التي كان يعتادها فإنها تكتب له. اهـ
قلت (أحمد):
26 – فيه دليل على أن النبي بشر من البشر يصيبه ما يصيب البشر من أعراض الدنيا من عطش وجوع وتعب ومرض، ولكن الله تعالى فضله ورفع منزلته بالنبوة، فلا يجوز الغلو فيه عليه الصلاة والسلام.
27 – فيه أنه من اعتاد قيام الليل وأصابه مرض لا حرج عليه لو ترك قيام تلك الليالي.
28 – فيه فضيلة قيام الليل.
حديث 1125
قلت (أحمد):
29 – فيه منزلة النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة عند الله فما أن قالت المرأة ما قالت حتى أنزل الله ما يطمئن نبيه ويزيل همه.
30 – بين ابن حجر أن الروايتين لحديث واحد لاتحاد مخرجه وإن كان السبب مختلفا.
مشاركة سيف:
31 – اختلاف نسخة صحيح البخاري التي اعتمد عليها ابن حجر على المطبوع عليها الشرح ففي المطبوع البخاري بوب (باب ترك القيام للمريض) وفي الشرح لابن حجر باب ترك القيام.
32 – كون أن الشكوى بسبب أن أصبعه دمت فيه نظر وإن وردت مجموعة في حديث واحد (قرره ابن حجر)
33 – ورد في البخاري رواية فيها (يا رسول الله ما أرى صاحبك إلا أبطأ عنك) قال ابن حجر: وهذه غير المرأة التي في حديث سفيان فتلك عبرت بقولها (شيطانك) وقالت (يا محمد) فذكر ابن حجر أنها خديجة وقال إسناده قوي عند إسماعيل القاضي وغيره وقال أن عبدالله بن شداد من صغار الصحابة. انتهى
قلت سيف: في جامع التحصيل: عبدالله بن شداد بن الهاد تابعي قال أحمد لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا
قال ابن عبد البر: ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى
فروايته تعامل معاملة رواية التابعين
وورد من مراسيل عروة.
وقال المنكر منها (شيطانك) وهي عبرت ب (صاحبك) حتى ربما هي أرجح من لفظة (ربك)
قلت سيف: بقي لفظة (قلاك) لكن عند البخاري (أبطأ عنك) لكن مبهمه في البخاري فإن كانت خديجة أحتمل ويوجه أنها قالت ذلك تأسفا. انتهى من الفتح بمعناه
وورد عند عبدالرزاق بسند صحيح من مراسيل عروة أن خديجة قالت إني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعتك …
المهم إن قُبِل توجيه ابن حجر أنها قالته تأسفا وإلا ما في الصحيح أصح.
وكذلك لا يصح كون قائل ذلك عائشة
وراجع كتاب غوامض الأسماء المبهمة فقد ساق ما ذكرنا بالأسانيد.
34 – ورد من حديث زيد بن أرقم عند الحاكم من طريق اسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم قال قالت امرأة أبي لهب لما مكث النبي صلى الله عليه وسلم أياما لم ينزل عليه الوحي: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد قلاك فنزلت والضحى. وأعله صاحب كتاب الاستيعاب في أسباب النزول بعنعة أبي إسحاق وبأن يونس روى عنه بعد الاختلاط. وكلا العلتين يمكن الجواب عنها.
لكن أعله الحاكم بأنه روي عن عبيد الله بن موسى انبا إسرائيل عن أبي إسحاق عن يزيد بن زيد. وهذا الأخير مجهول راجع لسان الميزان.
35 – ورد كذلك أن اليهود أخبروا المشركين أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح وعن ذي القرنين وعن الخضر فسألوه وقال غدا أجيبكم ولم يستثن فابطأ الوحي. ولا يصح
36 – ورد في صحيح مسلم 2104 من حديث عائشة أن جبريل تأخر على النبي صلى الله عليه وسلم بسبب جرو في البيت. قال النبي صلى الله عليه وسلم: واعدتني فجلست لك فلم تأت. فقال: منعني الكلب الذي كان في بيتك، إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة. . وهو في البخاري 3227 من حديث ابن عمر بنحوه مختصرا.
أما كون سورة الضحى نزلت بسبب الجرو لا يصح. ضعفها ابن حجر وابن عبدالبر.
37 – نقل ابن الملقن أن سورة الضحى مكية بالاتفاق.
38 – في الحديث استعمال الصبر.
39 – أورد البيهقي في باب المريض يترك القيام حديث عائشة قالت: لا ندع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه وكان إذا مرض أو قالت كسل صلى قاعدا. قالته لعبد الله بن أبي موسى.
ونقل أنه كان يقضيه من النهار ( … وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ، أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً)
مسلم (1/ 513)
40 – بوب أبوعوانه على هذا الحديث وغيره باب الشدة التي أصابت النبي صلى الله عليه وسلم. يوم العقبة وعفوه عمن عصاه بعد قدرته ومن آذاه بالقول.
41 – لا يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم حاول الانتحار بسبب فتور الوحي فهو في البخاري لكنه من مراسيل الزهري.
قال صاحبنا أبوصالح: إنما ذكره استطرادا
42 – فيه علم المبهمات.
43 – فيه هدايات القرآن قال باحث: فمن ذلك أن القرآن بين حقيقة الحياة وأن الإنسان كادح فيها. وبين الإيمان. وبين وجوب التوكل والاستعانة بالصبر والصلاة. والنظر لنعم الله عليك كما في سورة الانشراح حتى التي تراها مصيبة هي في الحقيقة نعمة وراجع الحياة السعيدة للسعدي، وبين القرآن أهمية الدعاء.
44 – ذكر ابن كثير نزول الضحى في فضائل القرآن وقال: أولى رب العزة نبيه اهتمام حيث كان لا ينقطع عنه الوحي.
45 – أكثر فترة تتابع الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته. قال أنس: إن الله تابع على رسوله الوحي قبل وفاته حتى توفاه.