1115 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——–
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1115):
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن حكيم بن معاوية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وأنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تبارك وتعالى)).
هذا حديث حسن.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا حسن قال حماد فيما سمعته قال وسمعت الجريري يحدث عن حكيم بن معاوية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنتم توفون سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله عز وجل، وما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم وإنه لكظيظ)).
والحديث مما ألزم الدارقطني البخاري ومسلما أن يخرجاه.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول: الحديث جعله الوادعي رحمه الله تعالى في موضعين من كتابه (الجامع):
الأول: الإيمان بالجنة جعلنا الله من أهلها. (1/ 407).
الثاني: قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} آل عمران: 110. (5/ 435).
الوجه الثاني: شرح وفقه الحديث شرَّفَ اللهُ الأُمَّةَ الإسلاميَّةَ وكرَّمها بكثيرٍ مِنَ الأشياءِ التي لم تَكُنْ للأُممِ السَّابِقةِ. وفي هذا الحديثِ يَحكي مُعاويةُ رَضيَ اللهُ عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وأنتم توفون سبعين أمة، أَنْتُمْ خيرُها))، أي: أَفْضَلُها، ((وأَكْرَمُها على اللهِ تبارك وتعالى))، يَعْني: بما أَعْطى لها سُبحانَه مِنْ مَنْزلةٍ، وفَضائلَ، وشَرائعَ وأحكامٍ خاصَّةٍ بها دونَ مَنْ سَبَقَها، وأَفْضَلُ تلك الأُمَّةِ هم الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم.
وفي الرواية الأخرى: ((وما بين مصراعين من مصاريع)) المصراع الباب، ((الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم وإنه لكظيظ))، وجاء في مسلم: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بنُ غَزْوَانَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإنَّ الدُّنْيَا قدْ آذَنَتْ بصَرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يَبْقَ منها إلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإنَاءِ، يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا، وإنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ منها إلى دَارٍ لا زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بخَيْرِ ما بحَضْرَتِكُمْ، فإنَّه قدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ الحَجَرَ يُلْقَى مِن شَفَةِ جَهَنَّمَ، فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا، لا يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا، وَوَاللَّهِ لَتُمْلأنَّ، أَفَعَجِبْتُمْ؟ وَلقَدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ ما بيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِن مَصَارِيعِ الجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَاتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهو كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ، وَلقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ما لَنَا طَعَامٌ إلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ، حتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا، فَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وبيْنَ سَعْدِ بنِ مَالِكٍ، فَاتَّزَرْتُ بنِصْفِهَا وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بنِصْفِهَا، فَما أَصْبَحَ اليومَ مِنَّا أَحَدٌ إلَّا أَصْبَحَ أَمِيرًا علَى مِصْرٍ مِنَ الأمْصَارِ، وإنِّي أَعُوذُ باللَّهِ أَنْ أَكُونَ في نَفْسِي عَظِيمًا، وَعِنْدَ اللهِ صَغِيرًا، وإنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ قَطُّ إلَّا تَنَاسَخَتْ، حتَّى يَكونَ آخِرُ عَاقِبَتِهَا مُلْكًا، فَسَتَخْبُرُونَ وَتُجَرِّبُونَ الأُمَرَاءَ بَعْدَنَا)
(خَطَب عُتْبَةُ بنُ غَزْوَانَ رضِي اللهُ عنه، «فحَمِد اللهَ وأثْنَى عليه) بما هو أهلُه، ثُمَّ قال: «أمَّا بَعدُ» أتَى بها اقتداءً به صلَّى الله عليه وسلَّم، فقد كان يأتي بها في خُطَبِه لِيَفصِلَ بها بين مقدِّمة الخُطبة وموضوعِها؛ لأنَّها فصْلُ الخِطاب، «فإنَّ الدُّنيا قد آذَنَتْ»، أي: أعلَمَتْ «بِصُرْمٍ»، أي: انقِطاع، «ووَلَّتْ حَذَّاءَ»، أي: مُسرِعة الانقطاع، «ولم يَبْقَ منها إلَّا صُبابَةٌ»، وهي البقيَّة اليَسِيرة من الشَّراب تَبقَى في أسفلِ الإناء «كصُبابةِ الإناء يَتصابُّها صاحبُها، وإنَّكم مُنتقِلون عنها»؛ إذ هي دارُ ارتِحالٍ وانتِقالٍ «إلى دارٍ لا زَوَالَ لها» ولا ارتِحالَ عنها، «فانتقِلوا»، أي: مِن الدُّنيا «بخيرِ ما بِحَضْرَتِكُم»، أي: بكَسْبِ صالِحِ الأعمالِ وادِّخار الحَسناتِ عند الله عزَّ وجلَّ؛ «فإنَّه قد ذُكر لنا»، أي: عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم «أنَّ الحَجَر يُلقَى مِن شَفَةِ جَهنَّمَ»، أي: مِن طَرَفِها «فيَهوِي»، أي يَنزِل ويَسقُط «فيها سبعين عامًا»، أي في قَدْرِ سبعينَ عامًا «لا يُدرِكُ لها قَعْرًا» أي: لا يَصِل إلى قَعْرِها وهو أسفَلُ الشَّيءِ، «وواللهِ لَتُمْلَأَنَّ»، أي: جَهَنَّمُ «أفَعجِبْتم؟!»، أي: مِن هذا الأمرِ الدالِّ على عِظَم قُدرة الله سبحانه وكمال جلالِه وقوَّة انتِقامِه، «ولقد ذُكر لنا أنَّ ما بينَ مِصْراعَيْنِ من مَصارِيعِ الجنَّةِ»، أي: ما بينَ طَرَفَيْ بابٍ من أبوابِها «مسيرةَ أربعين سَنَةً، ولَيَاتِيَنَّ عليها»، أي: الجنَّةِ «يومٌ» هو وقتُ دُخولِها «وهو»، أي: المِصْراع «كَظِيظٌ»، أي: مُمْتَلِئٌ «مِنَ الزِّحام، ولقد رأيتُني سابعَ سبعةٍ»، أي: بَقِيَّة سبعة «مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ما لنا طعامٌ إلَّا وَرَق الشَّجَر، حتَّى تقرَّحَتْ»، أي: تجرَّحت «أشداقُنا» جمعُ شِدْقٍ، وهو جانب الفَمِ، «فالْتَقَطْتُ بُرْدَةً»، أي: عَثَرْتُ
على كِساءٍ من غير قَصْد وطلب «فشَقَقْتُها بيني وبينَ سَعْدِ بنِ مَالِكٍ» هو ابنُ أبي وَقَّاصٍ، أحدُ العَشَرة المبشَّرِين بالجنَّةِ، «فاتَّزَرْتُ بنِصفها واتَّزَرَ سَعْدٌ بنِصفها، فما أصبَح»، أي: صار «اليومَ مِنَّا أحدٌ إلا أصبَح أميرًا على مِصْرٍ من الأمصارِ»، فأصبَح عُتْبَةُ أميرًا على البَصْرَةِ، وسَعْدٌ أميرًا على الكُوفَةِ، «وإنِّي أَعُوذُ بالله»، أي: اعتصِم بالله «أن أكونَ في نفْسي عظيمًا» بأن يُوهِمَني ذلك الشيطانُ والنَّفْسُ، «وعندَ اللهِ صَغِيرًا» لا يُقبَل عليَّ بالفضلِ والإحسانِ، ولا يُنصَب لعَمَلي وزنٌ إذا نُصِب الميزانُ، «وإنَّها لم تكن نُبوَّة قَطُّ إلَّا تَناسَخَتْ، حتَّى يكونَ آخرُ عاقِبتها مُلكًا، فسَتخبُرون وتجرِّبون الأُمَراءَ بعدَنا». الموسوعة الحديثية.
الوجه الثالث: المسائل المتعلقة ب: سبق في الحديث (1111) من الصحيح المسند، ذكر خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها: اختصاصها بأن سبعين ألفاً منها يدخلون الجَنَّة بغير حساب، وأما ما يتعلق بذلك:
أولا: بعض ما ورد في الباب:
روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه (5270) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمْ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هَذَا؟ أُمَّتِي هَذِهِ؟ قِيلَ بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، قِيلَ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلامِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَقَالَ: هُمْ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ .. )).
وجاء في الإمام مسلم (355):حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ….. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمُهُ، وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ الْآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ لَا يَرْقُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَنْتَ مِنْهُمْ؟ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ
أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ …
وجاء في الجامع الصحيح (5/ص435) وهو في الصحيح المسند 1440:قال الإمام أحمد -رحمه الله-: حدثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «سألت ربي عز وجل فوعدني أن يدخل من أمتي سبعين ألفا على صورة القمر ليلة البدر، فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين ألفا، فقلت: أي رب إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمتي. قال: إذن أكملهم لك من الأعراب». هذا حديث حسن.
قلت سيف:
واستنكر محققو المسند لفظة (فاستزدته) حيث انفرد بها زهير وهو له مناكير
وبينا في شرحنا لحديث 1440 من الصحيح المسند ثبوت روايات فزادني مع كل ألف سبعين الف وثبوت لفظة وثلاث حثيات من حثيات ربي
لكن لفظة أكملهم من الأعراب لا تصح
وجاء في الصحيح المسند (1070): قال الإمام البزار رحمه الله كما في كشف الأستار: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا عبد الواحد، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن خاله – وهو الفلتان بن عاصم – رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في المجلس، فشخص بصره إلى رجل في المسجد يمشي، فقال: أيا فلان، قال: لبيك يا رسول الله، ولا ينازعه الكلام إلا قال: يا رسول الله، قال له: أتشهد أني رسول الله قال: لا، قال: أتقرأ التوراة؟ قال: نعم، قال: والإنجيل؟ قال: نعم، قال: والقرآن؟ قال: والذي نفسي بيده لو نشاء لقرأته، ثم ناشده: هل تجدني في التوراة والإنجيل؟ قال: نجد مثلك ومثل هيأتك، ومثل مخرجك، فكنا نرجو أن يكون فينا، فلما خرجت خوفنا أن تكون أنت هو، فنظرنا فإذا لست أنت هو، قال: ولم ذاك؟ قال: معه من أمته سبعون ألفا ليس عليهم حساب ولا عذاب، وإنما معك نفر يسير، فقال: والذي نفسي بيده لأنا هو وإنهم لأمتي، وإنهم لأكثر من سبعين ألفا وسبعين ألفا.
قال البزار: لا نعلم أحدا يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد.
قال أبو عبدالرحمن: هذا حديث حسن.
ثانيًا: تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز على حديث: …… في رواية: الرهيط، يعني العدد من ثلاثة إلى تسعة يقال له رهط والرهيط أقل من ذلك خمسة ستة والرهط إلى تسعة، والنبي وليس معه أحد يعني رأى بعض الأنبياء لم يتبعه من أمته أحد، كلهم أبوا ولم يقبلوا دعوته نسأل الله العافية، بل منهم من قتله قومه كما أخبر الله عن اليهود أن منهم من يقتل الأنبياء بغير حق، فهذا مثل ما قال المؤلف في مسائله
كما قال تعالى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [سبأ:20] وقال عز وجل: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13] وقال سبحانه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]
وفي اللفظ الآخر: انظر إلى الأفق الآخر فرأى سوادًا أيضاً في الأفق الثاني، فقيل له: هذه أمتك يعني مستجيبة التي أطاعت ودخلت في الإسلام، أمته كبيرة لكن المقصود الفرقة الناجية التي اتبعته وانقادت لشرعه، هذه أمتك ومعهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، يعني هذه الأمة المستجيبة التي تابعت الحق واتبعت الحق والهدى،
و من أعمالهم الطيبة ترك الاسترقاء ترك الحاجة إلى الناس ترك سؤال الناس بالاسترقاء، الاسترقاء طلب الرقية، وترك الكي لأن الكي نوع من التعذيب لا يصار إليه إلا عند الحاجة، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: الشفاء في ثلاث: شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية نار، وما أحب أن أكتوي وفي اللفظ الآخر: وأنهى أمتي عن الكي، فالكي هنا كالطب. ولا يتطيرون، الطيرة التشاؤم بالمرئيات والمسموعات، فمن صفة أهل الإيمان والتقوى صفتهم ترك التطير، التطير نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، النبي نهى عن التطير كما يأتي له باب خاص في هذا الكتاب، والطيرة ما أمضاك أو ردك، وهي التشاؤم بالمرئيات والمسموعات؛ وهي من الشرك الأصغر كما قال صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك، الطيرة شرك، فالمقصود أن الواجب على المؤمن الحذر من الطيرة لأنها من الشرك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: أحسنها الفأل، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأت بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك، يعني إذا رأى ما يكره يقول: اللهم لا يأت بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك، ولا يتطير، في اللفظ الآخر: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك، والكي عند الحاجة، عند الحاجة لا بأس، ولهذا كوى النبي بعض أصحابه للحاجة كما قال صلى الله عليه وسلم: الشفاء في ثلاث: شرطة محجم أو شربة عسل أو كية نار فإذا دعت الحاجة للكي لا بأس، والاسترقاء لا بأس به عند الحاجة إليه ليس محرمًا لكن عند الحاجة لا بأس تركه أفضل، ولهذا أمر النبي عائشة أن تسترقي، وأمر أم أولاد جعفر أن تسترقي لأولاد جعفر لما أصابتهم العين؛ فالاسترقاء عند الحاجة لا بأس لكن تركه أفضل، عند عدم الحاجة إليه إذا تيسر دواء آخر.
“فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم؟ قال: أنت منهم، وفي اللفظ الآخر: “قال: اللهم اجعله منهم؟ ثم قام رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم؟ فقال: سبقك بها عكاشة! استعمل النبي هذا الكلام سداً للباب لئلا يسترسل الأمر فيقوم أناس ليسوا أهلاً لذلك، فقال: سبقك بها عكاشة؛ سدًا للباب، وهذا فيه استعمال المعاريض التي يحصل بها سد باب التسلسل إلى ما لا ينبغي، والمقصود من هذا الحديث بيان أن من تحقيق التوحيد أو من كمال التوحيد الاستغناء عن الرقية والكي عند عدم الحاجة إليه مع العناية بأداء ما أوجب الله وترك ما حرم الله؛ فإن أساس الدين وأساس الملة هو المحافظة على توحيد الله والاستقامة على دينه والحذر من المعاصي هذا هو الأساس في دخول الجنة والنجاة من النار وأن تكون من السبعين. وفي اللفظ الآخر: أن الله زاد مع كل ألف سبعين ألفًا، وفي بعض الروايات: مع كل واحد سبعين ألفًا، وثلاث حثيات من حثيات ربي، فالله جل وعلا وعد كل مؤمن، كل متق لله وعده بالجنة: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الحجر:45]، وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [التوبة:72] كل مؤمن موعود بالجنة، كل متق موعود بالجنة، كل من اتقى الله واستقام على دينه فهو من أهل الجنة، يدخلها بغير حساب ولا عذاب، لكن ينبغي للمؤمن أن يحذر أسباب الشر، وأن يجتهد في طاعة الله ورسوله، ويترك الأسباب المكروهة والمحرمة، فالمكروه الكي عند عدم الحاجة والاسترقاء عند عدم الحاجة، أما إذا دعت الحاجة إلى الكي والاسترقاء فلا بأس عند الحاجة إلى ذلك، أما الطيرة فهي محرمة؛ لأنها من المعاصي التي يجب تركها.
وعلى ربهم يتوكلون يعني يجب الاعتماد على الله في كل شيء مع تعاطي الأسباب، الإنسان يأخذ بالأسباب لا بأس، لكن يكون قلبه معلقًا بالله معتمدًا على الله متوكلاً عليه في كل شيء، يعلم أنه سبحانه مسبب الأسباب وأن الأسباب لا تنفع إلا إذا نفع الله بها، فقلبه معلق بالله قد توكل عليه واعتمد عليه مع تعاطيه الأسباب. وفق الله الجميع”. انتهى. [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى]
——-‘——-‘——-‘
ثالثًا: قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى في كتاب (التوحيد): “باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب، وقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [(120) سورة النحل]،
وقال: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} [(59) سورة المؤمنون]، ثم أورد حديث عكاشة رضي الله عنه.
((مَعْنَى تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ))
فَمَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ -عِبَادَ اللهِ-؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَتَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ وَتَخْلِيصُهُ مِنَ الشِّرْكِ مُوجِبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ يَرْجُو ذَلِكَ وَيَطْمَعُ فِيهِ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُحَقِّقَ التَّوْحِيدَ فِي حَيَاتِنَا.
وَحَقَّقَ التَّوْحِيدَ: أَيْ هَذَّبَهُ وَنَقَّاهُ، وَخَلَّصَهُ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ، وَمِنَ الْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي؛ فَخَلَّصَ تَوْحِيدَهُ مِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ الَّذِي يُنَافِي التَّوْحِيدَ وَيُضَادُّهُ، وَمِنَ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ الَّذِي يُنَافِي كَمَالَهُ، وَمِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي تُكَدِّرُ التَّوْحِيدَ فَتُنْقِصُهُ وَتُضْعِفُهُ.
تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ: تَخْلِيصُهُ مِنَ الشِّرْكِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ:
الْأَوَّلُ: الْعِلْمُ؛ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُحَقِّقَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19].
الثَّانِي: الِاعْتِقَادُ؛ فَإِذَا عَلِمْتَ وَلَمْ تَعْتَقِدْ وَاسْتَكْبَرْتَ؛ لَمْ تُحَقِّقِ التَّوْحِيدَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنِ الْكَافِرِينَ: {أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5].
الثَّالِثُ: الِانْقِيَادُ؛ فَإِذَا عَلِمْتَ وَاعْتَقَدْتَ وَلَمْ تَنْقَدْ؛ لَمْ تُحَقِّقِ التَّوْحِيدَ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: 35 – 36].
فَإِذَا حَصَلَ هَذَا وَحَقَّقَ التَّوْحِيدَ؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ مَضْمُونَةٌ لَهُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ نَقُولَ: إِنْ شَاءَ اللهُ؛ لِأَنَّ هَذَا حِكَايَةُ حُكْمٍ ثَابِتٍ شَرْعًا، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ الْمُعَيّنِ؛ فَإِنَّنَا نَقُولُ: إِنْ شَاءَ اللهُ.
((صِفَاتُ مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ تَحْقِيقًا كَامِلًا))
قَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120].
الْأُمَّةُ: الْقُدْوَةُ، وَالْإِمَامُ، وَمُعَلِّمُ الْخَيْرِ؛ وَهَذَا مِنْ بَعْضِ مَعَانِيهَا.
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا}.
{قَانِتًا}: دَائِمَ الطَّاعَاتِ لِرَبِّهِ، وَالْقُنُوتُ: هُوَ دَوَامُ الطَّاعَةِ للهِ.
فَارَقَ الْمُشْرِكِينَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْبَدَنِ، وَأَنْكَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ؛ فَكَانَ حَنِيفًا.
وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون: 59]؛ أَيْ: لَا يَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ.
وَتَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ عَلَى نَوْعَيْنِ:
تَحْقِيقٌ وَاجِبٌ: وَهُوَ تَصْفِيَتُهُ وَتَخْلِيصُهُ مِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ، وَالْبِدَعِ، وَالْمَعَاصِي؛ وَهَذَا مَقَامُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ: وَهُمُ الَّذِينَ فَعَلُوا الْوَاجِبَاتِ، وَتَرَكُوا الْمُحَرَّمَاتِ.
وَتَحْقِيقٌ مَنْدُوبٌ: هُوَ أَنْ يُضِيفَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ: فِعْلَ الْمُسْتَحَبَّاتِ، وَتَرْكَ الْمَكْرُوهَاتِ وَبَعْضِ الْمُبَاحَاتِ؛ وَهَذَا مَقَامُ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ.
مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ -يَعْنِي هَا هُنَا: التَّحْقِيقَ الْمَنْدُوبَ-؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ.
وَأَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا أَثْنَى عَلَى إِمَامِ الْحُنَفَاءِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَدْ أَثْنَى اللهُ سُبحَانَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ السَّابِقِينَ إِلَى الْجَنَّةِ بِصِفَاتٍ حَمِيدَةٍ، أَعْظَمُهَا: السَّلَامَةُ مِنَ الشِّرْكِ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ؛ فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ}؛ أَيْ: لَا يَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ، بَلْ يُوَحِّدُونَهُ.
فَمَنِ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ؛ فَقَدْ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي تَحْقِيِق التَّوْحِيدِ الْمُوجِبِ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ بِلَا حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ لِلتَّوْحِيدِ لَا يُبَاشِرُونَ الْأَسْبَابَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ بَعْضَ الْأُمُورِ الْمَكْرُوهَةِ: كَالِاكْتِوَاءِ، وَالِاسْتِرْقَاءِ، مَعَ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا؛ لِكَمَالِ تَوَكُّلِهِمْ عَلَى اللهِ.
وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّدَاوِي الَّتِي لَا كَرَاهَةَ فِيهَا: كَأَنْ يَرْقِيَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ، أَوْ يَسْتَشْفِيَ بِالْعَسَلِ أَوِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ وَنَحْوِهَا، أَوِ الْأَدْوِيَةِ الْحَدِيثَةِ؛ فَلَيْسَ تَرْكُهُ مَشْرُوعًا؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَدَاوُوا؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
((فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ: أَدِّ مَا عَلَيْكَ وَلَا عَلَيْكَ!))
قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((وَيَاتِي النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ!!))؛؟ أيها الداعية أَدِّ مَا عَلَيْكَ وَلَا عَلَيْكَ.
وَهَذَا مِنْ حَقِيقَةِ الْإِخْلَاصِ، أَنْتَ تَدْعُو إِلَى اللهِ؛ لِأَنَّ اللهَ كَلَّفَكَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى مَا عَلِمْتَهُ، فَأَنْتَ تَدْعُو الْخَلْقَ إِلَيْهِ، لَا يَسَعُكُ إِلَّا هَذَا؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [سورة العصر].
{إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا}: عَلِمُوا الْعِلْمَ بِدَلِيلِهِ.
{وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: وَعَمِلُوا بِهِ.
{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}: دَعَوْا إِلَيْهِ.
{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}: صَبَرُوا عَلَى الْأَذَى فِيهِ.
فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُفْلِحًا إِلَّا إِذَا حَقَّقَها، الْأَمْرُ الثَّالِثُ مِنْهَا هُوَ: التَّوَاصِي بِالْحَقِّ: وَهُوَ الدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، أَنْتَ مُكَلَّفٌ بِهَذَا: وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ؛ فَأَنْتَ تَدْعُو النَّاسَ إِلَى مَا عَلَّمَكَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنَ الْعِلْمِ، إِلَى قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ.
وَتَدْعُو النَّاسَ بِهَذَا الْعِلْمِ وَإِلَيْهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ: بِالرِّفْقِ، وَالْحِلْمِ، وَاللِّينِ، مَعَ الشِّدَّةِ فِي مَوَاضِعِهَا؛ يَعْنِي أَنْ تَكُونَ عَلَى قَدَمِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم.
لِمَاذَا تَفْعَلُ ذَلِكَ؟
لِأَنَّ اللهَ كَلَّفَكَ، أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْكَ، فَإِنِ اسْتَجَابَ النَّاسُ؛ فَهَذَا مَحْضُ فَضْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا فَلَا عَلَيْكَ، وَلَنْ يُحَاسِبَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ -إِذَا كُنْتَ مُحْسِنًا مُصِيبًا- عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لَكَ أَحَدٌ، بَلْ دَلَّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ وَمَنْ هُوَ فَوْقَكَ، فَقَالَ: ((وَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أحَدٌ!!)).
((الرَّدُّ عَلَى شُبْهَةِ الْقَائِلِينَ:
نَحْنُ أُمَّةُ التَّوْحِيدِ وَتَشْغَلُونَ النَّاسَ بِهِ؟!!))
إِنَّ هَذَا مِنَ الْوَهْمِ .. بَلْ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي النُّصُوصَ فِي كِتَابِ اللهِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.
، كَمَا عَلَّلَ بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ اللهُ- انْكِسَارَ الْمُسْلِمِينَ أَمَامَ التَّتَارِ.
فَقَدْ قَالَ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((إِنَّمَا انْكَسَرَ الْمُسْلِمُونَ، وَهُزِمُوا أَمَامَ التَّتَارِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّلُوا بِالْمَقْبُورِينَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَرُدَّ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- التَّتَارَ الْمُعْتَدِينَ، فَلَاذُوا بِالْقُبُورِ، وَاسْتَغَاثُوا بِالْمَقْبُورِينَ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ بِهِمُ الْهَزِيمَةَ)).
قَالَ: ((كَانُوا يَقُولُونَ: يَا خَائِفِينَ مِنَ التَّتَر = لُوذُوا بِقَبْرِ أَبِي عُمَر!!
فَكَسَرَهُمُ التَّتَارُ!
ثُمَّ مَكَّنَهُمُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنَ التَّتَارِ، وَكَانَتْ هَزِيمَةُ التَّتَارِ عَلَى أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مَاحِقَةً، وَكَفَّ اللهُ شَرَّهُمْ وَخَضَدَ شَوْكَتَهُمْ؛ لِأَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ قَالَ: فَلَمَّا أَخَذَ الْعُلَمَاءُ يَدْعُونَ إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَيَجْمَعُونَ قُلُوبَ الْخَلْقِ عَلَى تَوْحِيدِ الرَّبِّ -جَلَّ وَعَلَا-، وَيُفَهِّمُونَ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينَ أَنَّ النَّصْرَ بِيَدِ اللهِ وَحْدَهُ، وَأَنَّ اللهَ لَا يَنْصُرُ الْمُشْرِكِينَ.
وَإِنَّمَا يَنْبَغِي عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ هَذَا الشِّرْكِ إِلَى حَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ، نَصَرَهُمُ اللهُ نَصْرًا مُظَفَّرًا، وَقَدْ كَانَ.
((جُمْلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ وَثَمَرَاتِهِ))
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! إِنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ الْفَرْضُ الْأَعْظَمُ عَلَى جَمِيعِ الْعَبِيدِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَهُ مِنَ الْآثَارِ الْحَسَنَةِ، وَالْفَضَائِلِ الْمُتَنَوِّعَةِ مِثْلَ مَا لِلتَّوْحِيدِ.
فَإِنَّ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ ثَمَرَاتِ التَّوْحِيدِ وَفَضَائِلِهِ.
وَمِنْ أَجَلِّ فَوَائِدِهِ: أَنَّهُ يَمْنَعُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ، إِذَا كَانَ فِي الْقَلْبِ مِنْهُ أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، وَإِذَا كَمُلَ فِي الْقَلْبِ مَنَعَ دُخُولَ النَّارِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَا مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ وَتَكْفِيرُهَا إِلَّا مِنْ بَعْضِ فَضَائِلِ التَّوْحِيدِ وَآثَارِهِ.
وَالتَّوْحِيدُ هُوَ السَّبَبُ الْأَعْظَمُ لِتَفْرِيجِ كُرُبَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَدَفْعِ عُقُوبَتِهِمَا، وَهُوَ السَّبَبُ الْوَحِيدُ لِنَيْلِ رِضَا اللَّهِ وَثَوَابِهِ.
وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ.
وَجَمِيعُ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ مُتَوَقِّفَةٌ فِي قَبُولِهَا وَفِي كَمَالِهَا، وَفِي تَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَيْهَا عَلَى التَّوْحِيدِ، فَكُلَّمَا قَوِيَ التَّوْحِيدُ وَالْإِخْلَاصُ لِلَّهِ كَمُلَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ وَتَمَّتْ.
وَالتَّوْحِيدُ يُسَهِّلُ عَلَى الْعَبْدِ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَيُسَلِّيهِ عَنِ الْمُصِيبَاتِ، فَالْمُخْلِصُ لِلَّهِ فِي إِيمَانِهِ وَتَوْحِيدِهِ تَخِفُّ عَلَيْهِ الطَّاعَاتُ لِمَا يَرْجُو مِنْ ثَوَابِ رَبِّهِ وَرِضْوَانِهِ، وَيَهُونُ عَلَيْهِ تَرْكُ مَا تَهْوَاهُ النَّفْسُ مِنَ الْمَعَاصِي؛ لِمَا يَخْشَى مِنْ سُخْطِهِ وَعِقَابِهِ.
وَمَتَى كَمُلَ التَّوْحِيدُ فِي الْقَلْبِ حَبَّبَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْإِيمَانَ، وَزَيَّنَهُ فِي قَلْبِهِ، وَكَرَّهَ إِلَيْهِ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَجَعَلَهُ مِنَ الرَّاشِدِينَ،
فَالتَّوْحِيدُ يُخَفِّفُ عَنِ الْعَبْدِ الْمَكَارِهَ، وَيُهَوِّنُ عَلَيْهِ الْآلَامَ، وَبِحَسَبِ تَكْمِيلِ الْعَبْدِ لِلتَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ يَكُونُ تَلَقِّيهِ لِلْمَكَارِهِ وَالْآلَامِ بِقَلْبٍ مُنْشَرِحٍ وَنَفْسٍ مُطْمَئِنَّةٍ، وَتَسْلِيمٍ وَرِضًا بِأَقْدَارِ اللَّهِ الْمُؤْلِمَةِ.
وَالتَّوْحِيدُ يُحَرِّرُ الْعَبْدَ مِنْ رِقِّ الْمَخْلُوقِينَ، وَالتَّعَلُّقِ بِهِمْ، وَخَوْفِهِمْ، وَرَجَاءِهِمْ، وَالْعَمَلِ لِأَجْلِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الْعِزُّ الْحَقِيقِيُّ وَالشَّرَفُ الْعَالِي.
وَقَدْ تَكَفَّلَ اللَّهُ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ فِي الدُّنْيَا، وَالْعِزِّ وَالشَّرَفِ، وَحُصُولِ الْهِدَايَةِ وَالتَّيْسِيرِ لِلْيُسْرَى، وَإِصْلَاحِ الْأَحْوَالِ، وَالتَّسْدِيدِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَدْفَعُ عَنِ الْمُوَحِّدِينَ أَهْلِ الْإِيمَانِ، يَدْفَعُ عَنْهُمْ شُرُورَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَيَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِالْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ، وَالطُّمَانِينَةِ إِلَيْهِ، وَالِاطْمِئْنَانِ بِذِكْرِهِ، وَالشِّرْكُ عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. َ. [خطبة مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ للشيخ محمد سعيد رسلان].
2) السؤال: ما هي صفات السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب؟ الجواب: بينهم النبي صلى الله عليه وسلم ، بأنهم المستقيمون على دين الله، السبعون ألفا، ومع كل ألف سبعون ألفا.
مقدم هذه الأمة المؤمنة، مقدموهم يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر. وهم الذين جاهدوا أنفسهم لله، واستقاموا على دين الله، أينما كانوا في أداء الفرائض، وترك المحارم، والمسابقة إلى الخيرات.
ومن صفاتهم: لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون:
لا يسترقون يعني: ما يطلبون من يرقيهم، ولا يكتوون، وليس معناه تحريم هذا، لا بأس بالاسترقاء ولا بأس بالكي عند الحاجة إليهما، ولكن من صفاتهم ترك ذلك والاستغناء بالأسباب الأخرى، ….
2 – مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (28/ 60). [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى]
الوجه الرابع: فوائد الباب: قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: “فيه مسائل: راجعها في كتاب التوحيد
وراجع الملخص للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حيث زاد فوائد
——
تنبيه: إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة ذكره الألباني في الصحيحة 1698 عن عدد من الصحابة
وبوب المنذري على حديث عتبة بن غزوان الترغيب في التوبة كما الترهيب والترغيب
وبوب البيهقي في البعث باب ما ورد في أبواب الجنة وضعف حديث ابن عمر أن غرض الباب مسيرة الراكب المجد ثلاثا وقال حديث عتبة أصح
وأورد حديث عتبة كذلك فيما ورد في قعر جهنم
وكذلك أورد حديث عتبة ابن المبارك في الزهد
فلعلنا إن شاء الله نتوسع في شرح حديث عتبة في تعليقنا على صحيح مسلم