: 1113 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——–
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1113):
مسند معاوية بن حيدة رضي الله عنه
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أنا أبو قزعة الباهلى عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت: ما أتيتك حتى حلفت عدد أصابعي هذه أن لا آتيك – أرانا عفان وطبق كفيه – فبالذي بعثك بالحق ما الذي بعثك به؟ قال: الإسلام قال: وما الإسلام قال: أن يسلم قلبك لله تعالى وأن توجه وجهك إلى الله تعالى وتصلى الصلاة المكتوبة وتؤدى الزكاة المفروضة. إخوان نصيران؛ لا يقبل الله عز و جل من أحد توبة أشرك بعد إسلامه.
قلت: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر الا في البيت.
قال: تحشرون ههنا وأومأ بيده إلى نحو الشام مشاة وركبانا وعلى وجوهكم تعرضون على الله تعالى وعلى أفواهكم الفدام. وأول ما يعرب عن أحدكم فخذه.
وقال: ما من مولى يأتي مولى له فيسأله من فضل عنده فيمنعه الا جعله الله تعالى عليه شجاعا ينهسه قبل القضاء – قال عفان يعنى بالمولى بن عمه – قال: وقال: إن رجلا ممن كان قبلكم رغسه الله تعالى مالا وولدا حتى ذهب عصر وجاء آخر فلما احتضر قال لولده أي أب كنت لكم قالوا خير أب فقال هل أنتم مطيعي وإلا أخذت مالي منكم انظروا إذا أنا مت ان تحرقونى حتى تدعوني حمما ثم اهرسونى بالمهراس وأدار رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه حذاء ركبتيه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ففعلوا والله وقال نبي الله صلى الله عليه و سلم بيده هكذا ثم اذروني في يوم راح لعلي أضل الله تعالى – كذا قال عفان – قال أبي وقال مهني أبو شبل عن حماد أضل الله ففعلوا والله ذاك فإذا هو قائم في قبضة الله تعالى فقال يا بن آدم ما حملك على ما فعلته قال من مخافتك قال فتلافاه الله تعالى بها.
هذا حديث حسن.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا مهنأ بن عبد الحميد أبو شبل حدثنا حماد بن سلمة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن رجلا كان فيمن كان قبلكم رغسه الله تبارك وتعالى مالا وولدا حتى ذهب عصر وجاء عصر فلما حضرته الوفاة قال أي بني أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال فهل أنتم مطيعي قالوا نعم قال انظروا إذا مت أن تحرقوني حتى تدعوني فحما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا ذلك ثم اهرسوني بالمهراس يومئ بيده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا والله ذلك ثم اذروني في البحر في يوم ريح لعلي أضل الله تبارك وتعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا والله ذلك فإذا هو في قبضة الله تبارك وتعالى فقال يا ابن آدم ما حملك على ما صنعت قال أي رب مخافتك قال فتلافاه الله تبارك وتعالى بها.
هذا حديث حسن.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الله بن الحارث حدثني شبل بن عباد.
وابن أبي بكير يعني يحيى بن أبي بكير حدثنا شبل بن عباد المعنى قال سمعت أبا قزعة يحدث عمرو بن دينار عن حكيم بن معاوية البهزي عن أبيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني حلفت هكذا ونشر أصابع يديه حتى تخبرني ما الذي بعثك الله تبارك وتعالى به قال بعثني الله تبارك وتعالى بالإسلام قال وما الإسلام قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة أخوان نصيران لا يقبل الله عز وجل من أحد توبة أشرك بعد إسلامه قال قلت يا رسول الله ما حق زوج أحدنا عليه قال تطعمها إذا أكلت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت ثم قال هاهنا تحشرون هاهنا تحشرون هاهنا تحشرون ثلاثا ركبانا ومشاة وعلى وجوهكم توفون يوم القيامة سبعين أمة أنتم آخر الأمم وأكرمها على الله تبارك وتعالى تأتون يوم القيامة وعلى أفواهكم الفدام أول ما يعرب عن أحدكم فخذه.
قال ابن أبي بكير فأشار بيده إلى الشام فقال إلى هاهنا تحشرون.
هذا حديث حسن.
* وقال أبو داود رحمه الله: حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد أخبرنا أبو قزعة الباهلي عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال
قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت.
قال أبو داود ولا تقبح أن تقول قبحك الله.
حدثنا ابن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال
قلت يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منهن وما نذر قال ائت حرثك أنى شئت وأطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت ولا تقبح الوجه ولا تضرب.
قال أبو داود روى شعبة تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت.
هذا حديث حسن.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يزيد أخبرنا شعبة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سأله رجل ما حق المرأة على الزوج قال تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت.
هذا حديث حسن.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو كامل عن حماد حدثنا أبو قزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى لا يقبل توبة عبد كفر بعد إسلامه.
هذا حديث حسن.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول: شرح وفقه الحديث كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم يَأتون رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيَتعلَّموا منه أُمورَ دِينِهم ودُنياهم. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ مُعاويَةُ بنُ حَيْدَةَ القُشيريُّ رَضِي اللهُ عنه: “أتيْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أتيْتُك حتَّى حلَفْتُ أكثَرَ مِن عدَدِ الأناملِ– وطبَّقَ بيْن كفَّيْه إحداهما على الأُخرى- ألَّا آتِيَك ولا آتِيَ دِينَك”، وهذا كِنايةٌ عن أنَّه كان يَرفُضُ ويَكرَهُ الدُّخولَ في الإسلامِ، ثمَّ هَداهُ اللهُ عزَّ وجلَّ له، “فقدْ أتَيْتُك امرَأً لا أعقِلُ شيئًا”، أي: ليس عِندَه مِن عِلْمٍ، “إلَّا ما علَّمَني اللهُ”، أي: يَذكُرُ مِن فَضْلِ اللهِ عليه بما تَعلَّمَه مِن عِلمٍ في أُمورِ دِينِه، “وإنِّي أسألُكَ بوَجهِ اللهِ العظيمِ: بِمَ بعَثَك ربُّنا إلَينا؟ ” أي: ما الدِّينُ الَّذي أرسلَكَ اللهُ به؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “بدِينِ الإسلامِ”.
قال مُعاوِيةُ: “وما دِينُ الإسلامِ؟ ” أي: ما حَقيقتُه؟ وكيف يتَحقَّقُ إسلامُ المرءِ؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “أنْ تقولَ: أسلَمْتُ وَجْهيَ للهِ”، أي: جَعَلتُ جميعَ أجْزائي مُنقادةً لحُكْمِه تعالى، واستَسلَمْتُ له، “وتَخلَّيتُ”، أي: وتَبرَّاتُ مِن الشِّركِ، “وتُقيمَ الصَّلاةَ”، أي: على وَقْتِها، مُراعيًا شُروطَها وأركَانَها وسُننَها، “وتُؤتِيَ الزَّكاةَ”، أي: الزَّكاةَ المَفروضةَ بشُروطِها إذا وجَبَتْ عليك وملَكْتَ نِصابَها، على الوَجهِ الَّذي يُرْضي اللهَ عزَّ وجَلَّ، “كلُّ مُسلمٍ على مُسلِمٍ مُحرَّمٌ”، أي: دَمُه ومَالُه وعِرضُه، “أَخَوانِ نَصيرانِ”، أي: هما أخَوانِ يَتَناصَرانِ ويَتعاضَدانِ، لا أنْ يَسلُبَ أحَدُهما حُقوقَ الآخَرِ، “لا يَقبَلُ اللهُ ممَّن أشرَكَ بعدَما أسلَمَ عمَلًا حتَّى يُفارِقَ المُشرِكين”، أي: تُعَلَّقُ أعْمالُه حتَّى يَرجِعَ عن رِدَّتِه، ويَهجُرَ أرضَ المُشرِكين إلى بِلادِ المُسلِمين، وإقامَةُ المُسلِمِ في بِلادِ الكُفرِ لا بُدَّ فيها مِن شَرطَينِ أساسَيْنِ:
الأوَّلُ: الأمْنُ على دِينِه، وأنْ يكونَ عِندَه مِن العِلمِ والإيمانِ وقوَّةِ العزيمةِ ما يُطَمْئِنُه على الثَّباتِ على دِينِه والحذَرِ مِن الانحِرافِ والزَّيغِ
والشَّرطُ الثَّاني: أنْ يتمَكَّنَ مِن إظْهارِ دِينِه؛ بحيث يَقومُ بشعائِرِ الإسلامِ بدونِ مُمانِعٍ، فلا يُمنَعُ مِن إقامَةِ الصَّلاةِ والجُمعةِ والجَماعاتِ، وإلَّا فَقدْ وجَبَ عليه الهِجرةُ إلى أرضِ الإسلامِ. ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “ما لي أُمسِكُ بحُجُزِكم عن النَّارِ”، أي: آخِذٌ بحُجُزِكم لِأُخلِّصَكم مِن النَّارِ، والحُجْزةُ: هي مَعقِدُ الإزارِ، فإنَّها تَمنَعُ سُقوطَ الإزارِ، “ألَا وإنَّ ربِّي دعاني، وإنَّه سائِلي: هل بلَّغْتَ عِبادي؟ ” أي: ياتي المَولى عَزَّ وجَلَّ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويَسأَلُه عن تَبليغِ الرِّسالةِ لِأُمَّتِه، “فأقولُ: ربِّ قد بلَّغْتُ”، أي: أدَّيْتُ ما أرسلْتَني به إلى الناسِ مِنَ الأوامرِ والنواهي كما أمرْتَني. ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: “ألَا فلْيُبلِّغْ شاهِدُكم غائبَكم”، أي: لِيُخبِرْ مَن حضَرَ منكم كَلامي وحَديثي مَن غاب عنْه، “ألَا ثُمَّ إنَّكم تُدْعَون”، أي: تاتون يومَ القِيامةِ، “مُفدَّمةً أفواهُكم بالفِدامِ”، والفِدامُ: ما يُشَدُّ على فَمِ الإبريقِ أو الكُوز مِن خِرقةٍ؛ لِتَصفيةِ الشَّرابِ، أي: إنَّهم يُمنَعون الكلامَ بأفواهِهم حتَّى تَتكلَّمَ جَوارِحُهم، فشبَّهَ ذلك بالفِدامِ، “ثمَّ إنَّ أوَّلَ شَيءٍ يُنبِئُ عن أحدِكم لَفَخِذُه وكَفُّه”، أي: أعضاؤُه تتكلَّمُ وتَشهَدُ عليه بما فعَلَ، كما قال اللهُ تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: 24]. قال مُعاويةُ رضِيَ اللهُ عنه: “قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، هذا دِينُنا؟ قال: هذا دِينُك”، أي: هذا هو مُلخَّصُ دِينِ الإسلامِ، فآمِنْ به، “وأيْنما تُحسِنْ يَكْفِكَ”، أي: في أيِّ وقْتٍ أو مكانٍ أو عمَلٍ تُحسِنُ فيه يكونُ كافيًا لك. [الموسوعة الحديثية].الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى:
وفي قصة الذي أمر بإحراقه:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا أنه أقره وأنه ولم يذكر شيئًا لما ذكر الخبر فدل على أن الجهل ببعض دقائق الأمور في العقيدة التي قد يخفى مثلها فيما يتعلق ببعض الصفات مثل هذا الشيء الدقيق قد يغفر لصاحبه بسبب جهله، فإنه جهل كمال القدرة خفي عليه كمال القدرة وظن أنه بإحراقه وسحقه وذره في البر والبحر في يوم عاصف أنه يفوت على الله في هذا وأنه يذهب ولا يبقى له أثر ولا عين فالله جمع ذلك أمر الأرض والبحر وجمع كل شيء ثم قيل له فقال: يا رب مخافتك، فغفر الله له عز وجل، فهذا مما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة في أن مثل هذه الدقيقة التي قد تخفى على بعض الناس مما يدخله العفو.
وهذه إجابات الشيخ ابن باز في بعض شروحه:
س: ……………………….
الشيخ: لا بد هذا غير التوحيد مثل ما قال: ………… يخرجون من النار بعدما يشفع الشفعاء يخرج الله قومًا من النار لم يفعلوا خيرًا قط يعني إلا التوحيد، يخرجهم الله بغير شفاعة من النار بعدما يمتحشون فيها ويعذبون …………… يخرجون من النار، قال في رواية الصحيح لم يعملوا خيرًا قط، وزاد في رواية إلا أنهم يقولون لا إله إلا الله وفي رواية إلا أنهم موحدون، وقد أجمع العلماء قاطبة على أن من مات على الشرك وهو غير معذور ليس من أهل الفترات ولم يعذر، أنه مخلد في النار ولا يخرج منها، وإنما البحث والخلاف بينهم وبين المعتزلة والخوارج في العصاة، فأهل السنة والجماعة يقولون إن العصاة يخرجون ولا يعذبون عذابًا دائمًا أبدًا بل لهم نهاية فالعصاة لهم نهاية، وإن وصف بعض عذابهم بالخلود فهو خلود له نهاية، خلود مؤقت مثل خلود الزاني والقاتل وقاتل نفسه لكن هذا له نهاية، أما خلود الكفار فليس له نهاية خلودهم مستمر, نسأل الله العافية.
س: …………………….
الشيخ: الشرك ما يعذر فيه أحد، هذه دقيقة من دقائق كمال القدرة جهلها يظن أنه بهذا العمل يفوت. أما الشرك فلا يغفر.
س: …………………….
الشيخ: ولو ما دام بين المسلمين وبلغه القرآن لا يكون من أهل الفترة ولا يكون من أهل العذر، نسأل الله العافية.
25 – (2756) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ – قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ ابْنُ رَافِعٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا – عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ لِي الزُّهْرِيُّ: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ؟ قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ بِهِ أَحَدًا، قَالَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ، فَقَالَ لِلْأَرْضِ: أَدِّي مَا أَخَذْتِ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: خَشْيَتُكَ، يَا رَبِّ – أَوْ قَالَ مَخَافَتُكَ – فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ.
(2619) قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَاكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ، حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا قَالَ الزُّهْرِيُّ: ذَلِكَ، لِئَلَّا يَتَّكِلَ رَجُلٌ، وَلَا يَيْأَسَ رَجُلٌ.
الشيخ: وإنما قال: حديثين؛ لأن هذا ما فعل ما فعل من الإسراف على نفسه وسوء الظن بربه ومع هذا لم كان حاله خوف الله وخشيته غفر له، وهذه عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت جوعًا يعني أن ذنب صاحبة الهرة دون ذنب هذا الذي أسرف على نفسه …………… بالمعاصي هذا يقول في الرواية لئلا يقنط أحد بسبب حديث صاحب النار الذي أمر بسحق نفسه ولا يأمن بالتساهل بالمعاصي وقد عذبت امرأة في هرة، والمقصود أن هذا الكلام يعني أن الواجب الحذر والخوف وعدم اليأس، لا يحمله الخوف على اليأس، ولا يحمله الرجاء وحسن الظن على الأمن، ولكن بين ذلك يخاف ويرجو. [شرح صحيح مسلم، رقم (24 – 25)، الموقع الرسمي لفضيلته رحمه الله تعالى].
الوجه الثاني: فوائد الحديث.
1 – وفي الحديثِ: إثباتُ أنَّ للهِ عزَّ وجلَّ وَجْهًا يَلِيقُ بذاتِه وكَمالِه مِن غَيرِ تَكييفٍ أو تَمثيلٍ.
2 – وفيه: وُجوبُ إسلامِ الوجْهِ للهِ تعالى، وهو الاستِسلامُ له، والانقيادُ لِأمْرِه.
3 – وفيه: وُجوبُ التَّبرِّي عن جميعِ ما يُضادُّ الإسلامَ.
4 – وفيه: تَحريمُ تعرُّضِ المُسلِمِ للمُسلِمِ بأيِّ وجْهٍ مِن الأذى، إلَّا بما أوجَبَ اللهُ عليه مِن العُقوبةِ.
5 – وفيه: الأمْرُ بتَبليغِ أحكامِ الدِّينِ لِمَن لا يَعرِفُها. [الموسوعة الحديثية- الدرر السنية].
6 – وفيه: عدم اليأس من توبة الشخص وإن كان يظهر الكراهية في أول الأمر.
7 – وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة، فعل المؤمن أن يعمل بما جاء، وليحذر البدع.
8 – وفيه: أن على الداعية حينما يريد أن يوضح الإسلام للآخرين أن يراعي حال المدعوين.
9 – وفيه: أهمية الولاء والبراء، وأن الولاء والبراء شرط في الإيمان، كما قال سبحانه: {تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:83 – 84].
يقول ابن تيمية عن هذه الآية: فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط، وجد المشروط بحرف (لو) التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط، فقال: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء} فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء، ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه .. [((الإيمان)) (ص14)].
والولاء والبراء أوثق عرى الإيمان؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)) [رواه الطبراني (11/ 215). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (2539).].
يقول الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب: فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد، أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في دين الله والبغض في الله، والمعاداة في الله والموالاة في الله، ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة، ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء، لم يكن فرقاناً بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان. [رسالة ((أوثق عرى الإيمان)) (ص38)].
ويقول الشيخ حمد بن عتيق: فأما معاداة الكفار والمشركين فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك، وأكد إيجابه وحرّم موالاتهم وشدد فيها، حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد، وتحريم ضده [((النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الاشراك)) (ضمن مجموعة التوحيد) (ص363)].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه على تحقيق هذا الأصل العظيم، فعن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع، فقلت: يا رسول الله أبسط يدك حتى أبايعك واشترط علي فأنت أعلم، قال: ((أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشركين)) [رواه النسائي (7/ 148)، وأحمد (4/ 365) (18258). وقال الألباني في ((صحيح سنن النسائي)): صحيح].
وجاء من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: ” قلت يا نبي الله ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن – لأصابع يديه – ألا آتيك، ولا آتي دينك، ….
فَلَا
وما أجمل تلك العبارة التي سطرها أبو الوفاء بن عقيل قائلاً: إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة، عاش ابن الراوندي والمعري – عليهما لعائن الله ينظمون وينثرون كفراً … -، وعاشوا سنين، وعظمت قبورهم، واشتريت تصانيفهم، وهذا يدل على برودة الدين في القلب. [((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (1/ 268)].
وأما معنى – الولاء: فهو المحبة والمودة والقرب.
والبراء: هو البغض والعداوة والبعد.
والولاء والبراء من أعمال القلوب، لكن تظهر مقتضياتهما على اللسان والجوارح.
يقول الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ: وأصل الموالاة الحب، وأصل المعادة البغض، وينشأ عنهما من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة، كالنصرة والأنس والمعاونة، وكالجهاد والهجرة، ونحو ذلك من الأعمال. [((الدرر السنية)) (2/ 157)].
والولاء لا يكون إلا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين؛ قال سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة:55].
فالولاء للمؤمنين يكون: بمحبتهم لإيمانهم، ونصرتهم، والنصح لهم، والدعاء لهم، والسلام عليهم، وزيارة مريضهم، وتشييع ميتهم، وإعانتهم، والرحمة بهم، وغير ذلك. [انظر: تفصيل ذلك في رسالة ((أوثق عرى الإيمان)) لسليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب (ص49 – 51)، وكتاب ((الولاء والبراء)) للقحطاني، وكتاب ((الموالاة والمعاداة))].
والبراءة من الكفار تكون: ببغضهم – ديناً – ومفارقتهم، وعدم الركون إليهم، أو الإعجاب بهم، والحذر من التشبه بهم، وتحقيق مخالفتهم شرعاً، وجهادهم بالمال واللسان والسنان، ونحو ذلك من مقتضيات العداوة في الله [المصدر السابق].
2 – [تنبيه:] ولما كانت موالاة الكفار تقع على شعب متفاوتة، وصور مختلفة، لذا فإن الحكم فيها ليس حكماً واحداً، فإن من هذه الشعب والصور ما يوجب الردة، ونقض الإيمان بالكلية، ومنها ما هو دون ذلك من المعاصي [انظر: ((الدرر السنية)) (7/ 155, 159, 220)، و ((مجموعة الرسائل والمسائل النجدية)) (3/ 10، 31، 38، 57)].
يقول الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ: ولفظ (الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والركون والشرك) ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، قد يراد بها مسماها المطلق وحقيقتها المطلقة، وقد يراد بها مطلق الحقيقة، والأول هو الأصل عند الأصوليين، والثاني لا يحمل الكلام عليه إلا بقرينة لفظية أو معنوية، وإنما يعرف ذلك بالبيان النبوي، وتفسير السنة [((مجموعة الرسائل والمسائل النجدية)) (3/ 7)].
[الموسوعة العقدية – الكتاب الثاني: الإيمان بالله، الباب الثاني: توحيد الألوهية، الفصل الخامس: الولاء والبراء، المبحث الثاني: أهمية الولاء والبراء. الدرر السنية]
فصل في الفتاوى المتعلقة بالولاء والبراء:
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى: الولاء والبراء معناه: “محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين ومعاداتهم، والبراءة منهم ومن دينهم”، هذا هو الولاء والبراء؛ كما قال الله سبحانه في سورة الممتحنة: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَأَىءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة الآية 4] الآية. وليس معنى بغضهم وعداوتهم: أن تظلمهم أو تتعدى عليهم إذا لم يكونوا محاربين، وإنما معناه أن تبغضهم في قلبك وتعاديهم بقبلك، ولا يكونوا أصحابا لك، لكن لا تؤذيهم ولا تضرهم ولا تظلمهم، فإذا سلموا ترد عليهم السلام وتنصحهم وتوجههم إلى الخير؛ كما قال الله عز وجل: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [سورة العنكبوت من الآية 46] الآية.
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وهكذا غيرهم من الكفار الذين لهم أمان أو عهد أو ذمة، لكن من ظلم منهم يجازى على ظلمه، وإلا فالمشروع للمؤمن الجدال بالتي هي أحسن مع المسلمين والكفار مع بغضهم في الله للآية الكريمة السابقة، ولقوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [سورة النحل من الآية 125].
فلا يتعدى عليهم ولا يظلمهم مع بغضهم ومعاداتهم في الله، ويشرع له أن يدعوهم إلى الله، ويعلمهم ويرشدهم إلى الحق؛ لعل الله يهديهم بأسبابه إلى طريق الصواب، ولا مانع من الصدقة عليهم والإحسان إليهم لقول الله عز وجل: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سورة الممتحنة الآية 8.]، ولما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن تصل أمها، وهي كافرة في حال الهدنة التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة على الحديبية. [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز].
فائدة: غرس الآباء عقيدة الولاء والبراء بين أولادهم
هذا سؤال وجه للشيخ صالح الفوزان:
السؤال: نرى كثيراً من المسلمين يتربون على موالاة أولئك عبر الأفلام التي يشاهدونها فتبهر العقول حتى تتعلق عقول الأطفال بأولئك الكفار فيرهبونهم ويخافونهم، فما تعليقك وفقك الله؟ وكيف السبيل إلى إنقاذ أمة الإسلام من مثل ذلك؟
الجواب: ما ذكره السائل أمر حقيقي، ويوجد من المسلمين من لا يتبرأ من المشركين، وإن تبرأ بلسانه لم يتبرأ بقلبه، يحبهم ويواليهم، لكن الله يقول في القرآن الكريم: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22] وكيف يقول الإنسان: إنه مؤمن بالله محب لله وهو يحب أعداء الله؟!
أتحب أعداء الحبيب وتدعي *** حباً له ما ذاك في الإمكان
كل إنسان يحب أعداء الله فإنه ليس محباً لله، وهذا شيء مفطور عليه الناس، وكل الأمم مفطورة على هذا، فحذار من هذه الوصمة أن تحب أعداء الله، حتى وإن برزوا في العلم، والطب، وفيما ينفع الناس، فهم أعداء ولا يمكن أن يسعوا في مصلحة المسلمين أبداً، بل إنهم يسعون لإضعاف وتفريق المسلمين وتمزيقهم، إما تصريحاً، وإما تلميحاً.
وأما ما أشار إليه مما يرى في الأفلام، أو يسمع، وأن الصغار تعلقوا به، فهذه نكبة كبيرة يجب على كل إنسان يتقي الله عز وجل، ويخاف يوم الحساب، يجب أن يحمي أولاده من ذلك، وأن يمنعهم منعاً باتاً من مشاهدة شيء يخل بعقيدتهم، ويوجب الولاء لأعداء الله مهما كان الثمن؛ لأنه مسئول عن أولاده وعائلته، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته». وكذلك يمنع مما يشاهد في بعض المجلات الخليعة التي تمجد ما تدعي أنهم أبطال، فيأخذها الصبي ويقرأها ويتعلق قلبه بهؤلاء، ومع ذلك يحتقر المسلمين، وما هم عليه من الدين. [اللقاء الشهري [30]، الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين].وهناك رسالة «الولاء والبراء في الإسلام» لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله –.
10 – وفيه: العرض على الله جل وعلا في موقف فصل القضاء، والأدلة على حصول العرض على الله تعالى:
من تلك الأدلة ما أخرج مسلم عن جرير بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أما إنكم تعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر)).
وقد أخرج بن جرير هذا الحديث عن مجاهد بن موسى قال: ثنا يزيد قال: ثنا سليمان بن حيان عن مروان الأصفر عن أبي وائل عن عبد الله قال: “يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، عرضتان معاذير وخصومات، والعرضة الثالثة تطير الصحف في الأيدي” [رواه الطبري في تفسيره (23/ 584)]. وأخرجه كذلك عن قتادة بلفظ: حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: سعيد عن قتادة: قوله: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ} ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((يعرض الناس ثلاث عرضات يوم القيامة، فأما عرضتان ففيهما خصومات ومعاذير وجدال، وأما العرضة الثالثة فتطير الصحف في الأيدي)) [رواه الطبري في تفسيره (23/ 584)].
قال ابن كثير: “إن الحديث مرسل”. [رواه الطبري في تفسيره (23/ 584). ((تفسير ابن كثير)) (4/ 414)].
وأخرج الإمام أحمد عن حكيم بن معاوية عن أبيه حديث الباب: ((تعرضون على الله تعالى، وعلى أفواهكم الفدام، وأول ما يعرب عن أحدكم فخذه))
وهذه الأحاديث تدل على حصول عرض العباد على ربهم. وقد جاء في عرض أعمال العباد: أن المؤمن تعرض أعماله بكل يسر وسهولة دون مناقشة واستقصاء، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نوقش الحساب عذب، قالت: قلت: أليس يقول الله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8]؟ قال: ذلك العرض)) [رواه البخاري (103)].
وجاء عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذاً بيد ابن عمر، إذ عرض له رجل، قال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال: سمعته يقول: ((إن الله عز وجل يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه, ويستره من الناس، ويقرره بذنوبه, ويقول له: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه, ورأى في نفسه أنه قد هلك، قال: فإني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ})) [هود: 18] [رواه البخاري (2441)، ومسلم (2768)]، وهذا دليل كذلك على ثبوت عرض الخلائق على ربهم للحساب. [((تفسير ابن كثير)) (2/ 441)، ((فتح القدير)) (2/ 490)]
ومما جاء في العرض الخاص أن أناساً يخرجون من النار فيعرضون على ربهم كما أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج من النار أربعة فيعرضون على الله، فيلتفت أحدهم فيقول: أي رب إذا خرجتني منها فلا تعدني فيها، فينجيه الله منها)) [رواه مسلم (192)]. [المصدر:
:: الحياة الآخرة لغالب عواجي- 2/ 820، الموسوعة العقدية – الدرر السنية].أما فوائد قصة الرجل الذي أمر ولده بحرقه:
11 – “وفي هذا دليل أنه ينبغي أن يُسأل الجاني لِمَ فعلت، فقد يبدي عذرًا يعذر به، وقد يبدي شيئًا خفي على من اعتبره جاهلاً”.
12 – وفيه: ” أجمع العلماء قاطبة على أن من مات على الشرك وهو غير معذور ليس من أهل الفترات ولم يعذر، أنه مخلد في النار ولا يخرج منها
13 – وفيه: أن لا يقنط أحد -بسبب حديث صاحب النار الذي أمر بسحق نفسه-، ولا يأمن بالتساهل بالمعاصي وقد عذبت امرأة في هرة
14 – ” الجهل نوعان: جهل يعذر فيه الإنسان، وجهل لا يعذر فيه، فما كان ناشئاً عن تفريط وإهمال مع قيام المقتضي للتعلم، فإنه لا يعذر فيه، سواء في الكفر أو في المعاصي، وما كان ناشئاً عن خلاف ذلك، أي أنه لم يهمل ولم يفرط ولم يقم المقتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله أن هذا الشيء حرام فإنه يعذر فيه فإن كان منتسباً إلى الإسلام، لم يضره، وإن كان منتسباً إلى الكفر، فهو كافر في الدنيا، لكن في الآخرة أمره إلى الله على القول الراجح، يمتحن، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.
فعلى هذا من نشأ ببادية بعيد ليس عنده علماء ولم يخطر بباله أن هذا الشيء حرام، أو أن هذا الشيء واجب، فهذا يعذر، وله أمثلة:
منها: رجل بلغ وهو صغير وهو في بادية ليس عنده عالم، ولم يسمع عن العلم شيئاً، ويظن أن الإنسان لا تجب عليه العبادات إلا إذا بلغ خمس عشرة سنة، فبقي بعد بلوغه حتى تم له خمس عشرة سنة وهو لا يصوم ولا يصلي ولا يتطهر من جنابه، فهذا لا نأمره بالقضاء لأنه معذور بجهله الذي لم يفرط فيه بالتعلم ولم يطرأ له على بال، وكذلك لو كانت أنثى أتاها الحيض وهي صغيرة وليس عندها من تسأل ولم يطرأ على بالها أن هذا الشيء واجب إلا إذا تم لها خمس عشرة سنة، فإنها تعذر إذا كانت لا تصوم ولا تصلي.
وأما من كان بالعكس كالساكن في المدن يستطيع أن يسأل، لكن عنده تهاون وغفلة، فهذا لا يعذر، لأن الغالب في المدن أن هذه الأحكام لا تخفى عليه، ويوجد فيها علماء يستطيع أن يسألهم بكل سهولة، فهو مفرط، فيلزمه القضاء ولا يعذر بالجهل” [القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين – 1/ 204].قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: (فهذا الرجل ظن أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق، فظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى وإنكار معاد الأبدان وإن تفرقت، كفر، لكن كان مع إيمانه بالله وإيمانه بأمره وخشيته منه جاهلاً بذلك، ضالاً في هذا الظن مخطئا. فغفر الله له ذلك … فغاية ما في الأمر أنه كان رجلاً لم يكن عالماً بجميع ما يستحقه الله من الصفات، وبتفصيل أنه القادر. وكثير من المؤمنين قد يجهل ذلك، فلا يكون كافراً”. [((مجموع الفتاوى)) (11/ 409 – 411). وانظر: (3/ 231 و 12/ 491)، و ((الاستقامة)) (1/ 164 – 165)].
وقال ابن القيم – رحمه الله – (كحديث الذي جحد قدرة الله عليه، وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح. ومع هذا فقد غفر الله له ورحمه لجهله؛ إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه، ولم يجحد قدرة الله على إعادته عناداً أو تكذيباً”. [((مدارج السالكين)) (1/ 338 – 339)].