1113 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة في شرح صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وبالتعاون مع مجموعة ناصر الريسي
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
———-
صحيح البخاري
بَابُ صَلاَةِ القَاعِدِ
1113 – حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك، فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا»
1114 – حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرس فخدش – أو فجحش – شقه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى قاعدا، فصلينا قعودا، وقال: ” إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد ”
1115 – حدثنا إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا روح بن عبادة، أخبرنا حسين، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أنه سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الصمد، قال: سمعت أبي، قال: حدثنا الحسين، عن ابن بريدة، قال: حدثني عمران بن حصين – وكان مبسورا – قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدا، فقال: «إن صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا، فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما، فله نصف أجر القاعد»
——–
في هذه الأحاديث من الفوائد:
1 – وجوب متابعة المأموم للإمام في الصلاة وتحريم المسابقة.
2 – تحريم مخالفته وبطلان الصلاة بها.
3 – أن الأفضل في المتابعة، أن تقع أعمال المأموم بعد أعمال الإمام مباشرة. قال الفقهاء: وتكره المساواة والموافقة في هذه الأعمال.
4 – أن الإمام إذا صلى جالسا -لعجزه عن القيام- صلى خلفه المأمومون جلوساً ولو كانوا قادرين على القيام، تحقيقا للمتابعة والاقتداء.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى:
فيه دليل على أن المأموم يتبع الإمام في صلاته قاعدا ولو كان قادرا على القيام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا صلى قاعدا فصلوا قعودا”.
5 – أن المأموم يقول: ” ربنا لك الحمد ” حينما يقول الإمام: ” سمع الله لمن حمده “. وقال ابن عبد البر: لا أعلم خلافاً في أن المنفرد يقول: “-سمع الله لمن حمده “. ” ربنا ولك الحمد ” وقال ابن حجر: وأما الإِمام فيسمع ويحمد، جمع بينهما فقد ثبت في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بينهما.
قال ابن عثيمين: فيه أن المأموم لا يشرع أن يقول (سمع الله لمن حمده) لقوله: “إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد”، وهذا أخص من قوله “صلوا كما رأيتموني أصلي”. اهـ
6 – أن من الحكمة في جعل الإمام في الصلاة، الاقتداء والمتابعة.
7 – جواز الإشارة في الصلاة للحاجة.
8 – في الحديث دليل على تأكيد متابعة الإمام، وأنها مقدمة على غيرها من أعمال الصلاة، فقد أسقط القيام عن المأمومين القادرين عليه، مع أنه أحد أركان الصلاة، كل ذلك لأجل كمال الاقتداء.
9 – ومنه يؤخذ تَحَتمُ طاعة القادة وولاة الأمر ومراعاة النظام، وعدم المخالفة والانشقاق على الرؤساء.
10 – فيه أن المريض يجوز له التخلف عن صلاة الجماعة متى ظن ذهابه للجماعة يزيد في مرضه أو يؤخر برء المرض.
11 – جواز أداء الصلاة مع الإمام في بيته إذا كان تخلف الإمام لعذر.
12 – فيه أن الركن يسقط بالعذر وله نفس الأجر.
13 – فيه صورة لفرع من فروع قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور) فلا تسقط الصلاة عن من تعذر عليه القيام فيها وهو يستطيع الصلاة جالساً.
14 – أجر صلاة الجالس بنصف صلاة القائم في النافلة وبدون عذر أما مع العذر فالأجر نفس أجر صلاة القائم.
15 – أن جملة (وهو شاك ٍ) جملة حاليّة تفيد التقييد،
معناه أن عائشة رضي الله عنها قيدت هذه الحال التي تخالف حال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما مضى من صلاته وهو قائم، فلما ذكرت (وهو شاكٍ) قيدت هذه الحالة بأنها حالة عذر
16 – فيه أن الكلام مُبطل من مبطلات الصلاة لأنه عليه الصلاة والسلام في صلاته أشار وما تكلم إلا لمَّا انصرف.
17 – وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وجابر وابن عمر ومعاوية وأسيد بن حضير وأبي أمامة
18 – فيه أن قول (ربنا و لك الحمد) واجب من واجبات الصلاة.
—–
19 – قوله (صلاة القاعد) أي لعذر نقل ابن رشيد الإجماع على النهي عن صلاة الفريضة للصحيح قاعدا.
20 – حديث عائشة متفق عليه
21 – قال الحميدي هذا منسوخ قال البخاري لأن النبي {صلى الله عليه وسلم} آخر ما صلى قاعداً والناس خلفه قيام
22 – فيه دليل علي ان للمريض ان يتخلف عن الجماعه من اجل المرض قاله ابن المنذر في الأوسط.
23 – للمريض ان يجمع في منزله جماعه اذا لم يجد السبيل الي حضور المسجد قاله ابن المنذر في الأوسط.
24 – الايماء اذا فهم عن المومئ يقوم مقام الكلام استدلالا بان النبي افهم الناس بالايماء للجلوس ففهموا عنه ما اراد وجلسوا قاله ابن المنذر في الأوسط.
25 – إذا صلى المعذور جالسا فله مثل أجر القائم قاله النووي
26 – التحذير من مشابهة الكفار، والبعد عن ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلا
27 – تعظيم قدر الصلاة والحرص عليها في الصحة والمرض
28 – المشقة تجلب التيسير، وجاءت الشريعة برفع الحرج
29 – من كان أكثر اجتهادا في تكميل الصلاة كان أكثر أجرا
30 – المرض درجات، فإذا منعه من القيام صلى قاعدا وله أجر القائم، فإن كان قيامه محتملا مع نوع مشقة جاز قعوده
31 – إنما الأعمال بالنيات
32 – دل حرص الصحابة على صلاة التطوع مع وجود عوائق على شدة حرصهم عليها عند زوال تلك العوائق ومن العوائق المرض والسفر
33 – حديث عمران أخرجه البخاري من ثلاثة طرق عن حسين المكتب به
34 – صرح عبد الوارث في رواية بتحديث عمران بن حصين لابن بريدة كما صرح في رواية أخرى أن ابن بريدة إنما هو عبد الله
35 – قال أبوسليمان الخطابي (ت 384ه): (لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص للمضطجع أن يصلي التطوع كما يفعل القاعد).
– كأن البخاري يرى بنسخ جلوس المأمومين خلف الإمام الجالس وفيه بحث
قال ابن عثيمين:
36 – فيه دليل على جواز الإشارة في الصلاة وأنها لا تبطل الصلاة ولو فهمت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا.
37 – فيه دليل على تأكد متابعة الإمام حتى في هذه الحال.
38 – فيه دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر يصاب بالأذية، يصاب بالمرض، يصاب بالعجز، لأنه بشر، مخلوق مما خلق منه البشر.
39 – فيه أن المشروع في حق المأموم أن يبادر بالمتابعة لقوله: “إذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا” والفاء تدل الترتيب والتعقيب لا سيما وأنها جواب شرط يقتضي إيجاد المشروط بعد وجود الشرط.
40 عند قول ابن حجر: فلو تحامل هذا المعذور وتكلف القيام ولو شق عليه كان أفضل لمزيد أجر تكلف القيام فلا يمتنع أن يكون أجره على ذلك نظير أجره على أصل الصلاة.
علق الشيخ العثيمين قائلا: هذا فيه نظر، لأن الله يحب أن تؤتى رخصه، فكونه يصلي قاعدا مع الراحة أفضل من كونه يصلي قائما مع المشقة. اهـ
41 – جاء في فتاوى ابن باز أن متابعة الإمام أهم من استكمال قراءة الفاتحة للمأموم:
173 – حكم متابعة الإمام إذا ركع ولو لم يكمل المأموم قراءة الفاتحة
س: يقول السائل: أعاني من ثقل في القراءة؛ حيث يركع الإمام في الركعتين الأخيرتين، أو للثالثة في المغرب قبل أن أتمكن من إتمام الفاتحة، فإذا أتممت الفاتحة رفع، أو ربما يرفع الإمام من الركوع قبل أن أركع .. ؟
ج: الواجب عليك متابعة الإمام وإن لم تكمل الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا» فعليك أن تركع معه، إذا ركع تركع بعده وإن لم تكمل الفاتحة، لكن عليك أن تعتني بقراءة الفاتحة من حين التكبير، ومن حين ينهض من السجود وتستقيم واقفا، عليك أن تعتني بالقراءة ولا تتباطأ، تقرأ قراءة خفيفة حتى تدرك إكمال الفاتحة قبل الركوع … أما إذا خشيت أن يرفع فاركع، ولا حرج عليك والحمد لله، كما لو جئت والإمام راكع ركعت معه وسقطت عنك الفاتحة، كما صح ذلك من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، قال أكثر أهل العلم: إنها غير واجبة على المأموم. والصواب أنها واجبة على المأموم، لكنه إذا سها عنها أو جهل الحكم، أو جاء متأخرا والإمام راكع أو عند الركوع سقطت عنه كالواجبات الأخرى، كما لو سها عن: سبحان ربي العظيم. أو: سبحان ربي الأعلى. أو: ربنا ولك الحمد. أو نحو ذلك، أجزأ وسقطت عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» هذا يدل على أن المأموم يقرأ خلف إمامه، وأن هذا هو الواجب عليه، لكن متى سها عن ذلك، أو جهل الحكم الشرعي سقط عنه ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، والأصل في هذا حديث أبي بكرة
42 – مسألة:
قال الألباني في صفة الصلاة:
والمراد به المريض؛ فقد قال أنس رضي الله عنه. ” خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
على ناس وهم يصلون قعوداً من مرض، فقال: ” إن صلاة القاعد على النصف من صلاة
القائم ” “. و ” عاد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مريضاً، فرآه يصلي على وسادة؛ فأخذها، فرمى بها، فأخذ عوداً؛
ليصلي عليه، فأخذه، فرمى به، وقال: ” صلِّ على الأرض إن استطعت، وإلا؛ فَأَوْمِ إيماءً،
واجعل سجودك أخفض من ركوعك ” اهـ
قلت الظاهر أن هذا فيمن ليس به مرض، أما المريض فيكتب له أجره كاملا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما “.
جاء في فتاوى نور على الدرب للعثيمين:
إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما. اهـ
=======
43 – قال أحد الباحثين:
• يجوز للمتنفل أن يصلي جالسا ولو من غير عذر لحديث: (من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد)
قال ابن قدامة رحمه الله: لا نعلم خلافاً في إباحة التطوع جالساً، وأنه في القيام أفضل،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ) متفق عليه رواه البخاري فقط
وفي لفظ مسلم
(صَلاَةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلاَةِ)
انتهى.
المغني ” (1/ 811)
44 • من الأخطاء أن يستطيع المصلي القيام ولكنه يعجز عن الركوع والسجود فيجلس في ركوعه ..
والصواب: أن يركع وهو قائم يومئ برأسه في الركوع ولا يجلس.
45 • من عجز عن السجود على الأرض فيجوز له أن يجلس على الكرسي في وقت السجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه.
46• من أخطاء من يصلي على الكرسي لعجزه عن السجود أن يضع شي يسجد عليه مثل الوسادة أو رف مرتفع.
والصواب أن يسجد بالإيماء يخفض ويرفع رأسه فقط.
لأثر ابن عمر أنه رأى مريضا يصلي على وسادة، فرمى بها
فمن صلى على هذا الكرسي الذي له مثل الوسادة فلا يسجد عليه بل يومئ برأسه فقط
تنبيه: الحديث الوارد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سحب الوسادة لا يصح.
47 • من صلى جالسا فيجب عليه أن يجعل يديه على الأرض إن استطاع ولا يجعلهما على ركبتيه إلا في حال الركوع لحديث: (إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه)
ولعموم حديث: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين)
48 – ابن حجر يقرر أن حديث عمران يحتمل أن يكون في الفريضة كما قرر الخطابي حيث حمله على من شق عليه القيام فإذا لم يتكلف القيام وصلى قاعدا فله نصف الأجر. ويحمل أيضا على المتنفل ولو بدون مشقة خلافا لما فهمه بعضهم أن ابن حجر يرد اختيار الخطابي
قال الحافظ ((قال الخطابي: كنت تأولت هذا الحديث على أن المراد به صلاة التطوع – يعني للقادر – لكن قوله ” من صلى نائما ” يفسده، لأن المضطجع لا يصلي التطوع كما يفعل القاعد، لأني لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص في ذلك، قال: فإن صحت هذه اللفظة ولم يكن بعض الرواة أدرجها قياسا منه للمضطجع على القاعد كما يتطوع المسافر على راحلته فالتطوع للقادر على القعود مضطجعا جائز بهذا الحديث.
قال: وفي القياس المتقدم نظر، لأن القعود شكل من أشكال الصلاة بخلاف الاضطجاع.
قال: وقد رأيت الآن أن المراد بحديث عمران المريض المفترض الذي يمكنه أن يتحامل فيقوم مع مشقة، فجعل أجر القاعد على النصف من أجر القائم ترغيبا له في القيام جواز قعوده. انتهى كلام الخطابي.
قال ابن حجر: وهو حمل متجه، ويؤيده صنيع البخاري حيث أدخل في الباب حديث عائشة وأنس وهما صلاة المفترض قطعا، وكأنه أراد أن تكون الترجمة شاملة لأحكام المصلي قاعدا، ويتلقى ذلك من الأحاديث التي أوردها في الباب، فمن صلى فرضا قاعدا وكان يشق عليه القيام أجزأه وكان هو ومن صلى قائما سواء كما دل عليه حديث أنس وعائشة، فلو تحامل هذا المعذور وتكلف القيام ولو شق عليه كان أفضل لمزيد أجر تكلف القيام، فلا يمتنع أن يكون أجره على ذلك نظير أجره على أصل الصلاة، فيصح أن أجر القاعد على النصف من أجر القائم، ومن صلى النفل قاعدا مع القدرة على القيام أجزأه وكان أجره على النصف من أجر القائم بغير إشكال.
وأما قول الباجي إن الحديث في المفترض والمتنفل معا فإن أراد بالمفترض ما قررناه فذاك، وإلا فقد أبى ذلك أكثر العلماء.
وحكى ابن التين وغيره عن أبي عبيد وابن الماجشون وإسماعيل القاضي وابن شعبان والإسماعيلي والداودي وغيرهم أنهم حملوا حديث عمران على المتنفل، وكذا نقله الترمذي عن الثوري قال: وأما المعذور إذا صلى جالسا فله مثل أجر القائم.
ثم قال: وفي هذا الحديث ما يشهد له، يشير إلى ما أخرجه البخاري في الجهاد من حديث أبي موسى رفعه ” إذا مرض العبد أو سافر كتب له صالح ما كان يعمل صلى الله عليه وسلم وهو صحيح مقيم”، ولهذا الحديث شواهد كثيرة سيأتي ذكرها في الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
ويؤيد ذلك قاعدة تغليب فضل الله تعالى وقبول عذر من له عذر، والله أعلم.
ولا يلزم من اقتصار العلماء المذكورين في حمل الحديث المذكور على صلاة النافلة أن لا ترد الصورة التي ذكرها الخطابي، وقد ورد في الحديث ما يشهد لها، فعند أحمد من طريق ابن جريج عن ابن شهاب عن أنس قال ” قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي محمة، فحمى الناس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد والناس يصلون من قعود فقال: صلاة القاعد نصف صلاة القائم ” رجاله ثقات.
وعند النسائي متابع له من وجه آخر وهو وارد في المعذور فيحمل على من تكلف القيام مع مشقته عليه كما بحثه الخطابي))
وأما الإجماع على عدم صحة صلاة القاعد مع القدرة على الوقوف فلا يخالف ما ذهب إليه الخطابي فالإجماع في الصحيح والخطابي يحمل ذلك على المريض الذي يستطيع القيام غير أن الجلوس به أرفق
وبهذا يتعقب من حمل الحديث على المتنفل للإجماع على عدم صحة صلاة القائم الصحيح مع القدرة
ويكون الحديث في حصول المريض على الأجر الذي كان يحصل عليه صحيحاً وإن لم تتساوى الأعمال محمولاً على العاجز تماماً
قلت سيف الكعبي تنبيه: حديث أنس أعله ابوحاتم كما في العلل 452 حيث قال: هذا خطأ. وذكر الدارقطني الخلاف على الزهري ورجح رواية مالك ومعمر عن الزهري أن عبدالله بن عمرو ولم يذكر بينهما أحد. فهو منقطع.
ورواية النسائي أعلها النسائي نفسه
49 – اختلفت تبويبات الأئمة لحديث عمران فبعضهم يجعله يحتمل النافلة ويحتمل الفريضة كالبيهقي وبعضهم يبوب عليه في أبواب النافلة:
بوب البيهقي في سننه الصغرى بَابُ الرُّخْصَةِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُومِئًا
وفي سننه الكبرى باب من أطاق أن يصلي منفردا قائما ولم يطقه مع الإمام فصلى قائما منفردا
والنسائي بوب عليه باب صلاة النائم مع ابواب تخص النافلة وكذلك ابن ماجه
وممن حمله على النافلة الطحاوي في مشكله.
قال صاحب البدر المنير بعد إخراج حديث عمران:
فَائِدَة: المُرَاد بالنائم المضطجع يدل عَلَيْهِ قَوْله فِي الحَدِيث السَّالف «فَإِن لم يسْتَطع فعلَى جنب» وَترْجم لَهُ النَّسَائِيّ بَاب صَلَاة النَّائِم، وَقَالَ
بَعضهم: هُوَ تَصْحِيف وَإِنَّمَا هُوَ نَائِما؛ أَي: بِالْإِشَارَةِ كَمَا رُوِيَ صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى ظهر الدَّابَّة يُومِئ إِيمَاء، وَحمل الَّذِي قَالَ أَنه تَصْحِيف النّوم عَلَى ظَاهره، وَاسْتدلَّ بِأَمْر النَّبِي – صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم – الْمُصَلِّي إِذا غَلبه النّوم أَن يقطع الصَّلَاة، وَإِذا حمل عَلَى الِاضْطِجَاع كَمَا ذكره الْأَئِمَّة انْدفع مَا أَشَارَ إِلَيْهِ، ذكر هَذَا كُله الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه، قَالَ الْعلمَاء: والْحَدِيث الْمَذْكُور فِي صَلَاة النَّافِلَة مَعَ الْقُدْرَة عَلَى الْقيام، فَأَما الفَرْضُ فَلَا يجوز قَاعِدا مَعَ الْقُدْرَة بِالْإِجْمَاع؛ فَإِن عجز لم ينقص ثَوَابه (و) لَا ينقص ثَوَاب فعل الْعَاجِز أَيْضا.