1111 – 1112 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعة ناصر الريسي
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-
صحيح البخاري
باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس
فيه ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1111 – حدثنا حسان الواسطي [ص:47]، قال: حدثنا المفضل بن فضالة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت صلى الظهر ثم ركب»
باب إذا ارتحل بعد ما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب
1112 – حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا المفضل بن فضالة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب»
———
فوائد أبي صالح:
فوائد حديث البابين الخامس عشر والسادس عشر:
1 – قوله (إذا ارتحل) أي أراد أن يرتحل.
2 – الحديث متفق عليه.
3 – يفعل المسافر ما هو أوفق له وأرفق، فإذا ارتحل قبل أن يدخل وقت الظهر أخرها حتى يصليها مع العصر في وقت الثانية.
4 – قوله (تزيغ) زاغت الشمس تزيغ إذا مالت عن وسط السماء إلى الغرب، قاله ابن الأثير في جامع الأصول.
5 – حديث ابن عباس الذي أشار إليه في الترجمة، كان قد أورده في الباب الثالث عشر معلقا، وقد ذكرنا هناك من وصله.
قلت سيف: وفيه تقييد الجمع بما إذا كان على ظهر السير. ولا قائل أنه يصليهما وهو راكب فتعين أن المراد جمع التأخير (قاله ابن حجر)
6 – مفهوم الحديث أنه لم يكن يصلي المكتوبة على الراحلة.
7 – فيه مشروعية جمع التأخير وقد صرح به في الرواية الثانية فقال (ثم نزل فجمع بينهما)، وفي رواية لمسلم (يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق). وله يعني مسلم من رواية شبابة عن عقيل (حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما) (الفتح)
8 – قال الطبراني في الأوسط لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا عقيل.
9 – قال أبو نعيم في الحلية بعد أن رواه من طريق مفضل بن فضالة عن عقيل به قال ورواه عن عقيل الليث بن سعد، وجابر بن إسماعيل، ويونس بن يزيد. اه
قلت وأخرجه الدارقطني في سننه من طريق ابن لهيعة أيضا.
10 – قال أبو داود في سننه كان مفضل -أي ابن فضالة الراوي عن عقيل- قاضي مصر، وكان مجاب الدعوة.
11 – ورواه الإمام أحمد في مسند، وعبد بن حميد في مسنده، والدارقطني في سننه عن عقيل عن ابن شهاب أنه حدثه أي فصرح بسماعه منه.
12 – يدل الحديث على أن تارك الصلاة متعمدا حتى خرج وقتها لا يكفر باستعمال ذلك كفرا تبين امرأته به عنه. كانت هذه ترجمة ابن حبان للحديث في صحيحه. وفيه تعقب.
13 – لا يجمع إذا ارتحل بعدما زاغت الشمس قبل سفره، وكان غالبا لا يجمع إذا ارتحل بعدما زاغت الشمس في سفره.
فوائد احمد بن علي: حديث 1111
14 – قال العثيمين رحمه الله:
فيه دليل على أن السنة في الجمع أن يفعل الإنسان ما هو أرفق به. اه
15 – حديث 1112
قال العثيمين رحمه الله:
في قوله: ثم نزل. دليل على أنه لا يمكن أن يؤخر الصلاة عن وقتها ولو كان على ظهر سير، بل الواجب أن ينزل ويصلي، ووقت الشمس إلى اصفرار الشمس، وعليه فلا يجوز تأخير الجمع إلى ما بعد اصفرار الشمس إلا للضرورة، فإن كان هناك ضرورة فلا بأس. اهـ
16 – قلت: فيه دليل صريح صحيح على جمع التقديم وجمع التأخير حقيقة وأنه ليس بجمع صوري كما ادعاه بعضهم. اه
قال الزرقاني في شرح الموطأ: وفي هذه الأحاديث تخصيص حديث الأوقات التي بينها جبريل للنبي وبينها النبي للأعرابي بقوله في آخرها الوقت ما بين هذين.
17 – قال القسطلاني في إرشاد الساري:
رجال هذا الحديث الخمسة ما بين مصري بالميم، وأيلي ومدني، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وشيخه من أفراده، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي: في الصلاة.
مجموعة ناصر الريسي
فوائد حديث البابين الخامس عشر والسادس عشر
18. فيه مشروعية الجمع بين الصلاتين حال السفر.
19. في الحديث أن الجمع كان عادة للنبي صلى الله عليه وسلم في سفره، لأن قوله: (كان) يدل على الدوام والاستمرار.
20. فيه أنه لا يختصّ الْجَمْع بما إذا كان الإنسان على ظَهْر سير، بل الْحُكْم مُتعلِّق بالسَّفَر.
21. فيه التَّوْسِيع في مسائل الْجَمْع؛ لأن المقصود منها أصلا التيسير على المسافر، ويفعل المسافر الأرفق به تقديما أو تأخيرا.
22. الجمع في وقت الأولى يجعل الوقت بعدهما للثانية، فَمَن جَمَع الظهر والعصر في وقت الظهر، فإن ما بعد صلاة العصر يكون وقت نَهْي، ومَن جَمَع المغرب والعشاء في وقت المغرب فله أن يُصلي الوتر بعد فراغه مِن الْجَمْع.
قال ابن قدامة: النهي عن الصلاة بعد العصر مُتَعَلِّق بِفِعْل الصلاة، فمن لم يُصلِّ أبيح له التَّنَفُّل وإن صلى غيره، ومن صلى العصر فليس له التَّنَفُّل، وإن لم يصل أحد سواه، لا نعلم في هذا خلافا عند مَن يَمْنَع الصلاة بعد العصر. اهـ.
23. قال الترمذي: وفي الباب عن علي وابن عمر وأنس وعبد الله بن عمرو وعائشة وابن عباس وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله
24. قال الحافظ في الفتح: قال بإطلاق جواز الجمع، كثيرٌ من الصحابة والتابعين، ومن الفقهاء: الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأشهب انتهى.
25. ظاهر الأحاديث أن الجمع مختص بالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء وأن الفجر لا تجمع إلى شيء منها.
قلت سيف: تتمات:
26 – قال ابن حجر: فيه إشارة أن جمع التأخير عند البخاري يختص بمن ارتحل قبل أن يدخل وقت الظهر.
قلت: قول ابن حجر إشاره تدل على عدم الجزم.
وإذا علمنا مذهب البخاري في الجمع في عرفة هل هو للنسك فتقوى الإشارة أم للسفر فتضعف الإشارة. وسيأتي نقل تبويبه وتبويبات الأئمة التي فيها إشارة أن الجمع في منى جمع سفر والاستدلال بحديث حارثة بن وهب
ذكر ابن حجر أنه وقع في رواية شبابة (كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل) أخرجه الإسماعيلي وأعل بالتفرد. وأن المحفوظ عن عقيل كما في رواية البخاري. ودفعه أن المتفرد به إمامان. وتوبع شبابة تابعه محمد بن عبد الله الواسطي أخرجه الحاكم في الأربعين ثم بين ابن حجر أنها معلة. ثم ذكر أن جمع التقديم مشهور في حديث معاذ أخرجه أبو داود لكن أعله بعض الأئمة بتفرد قتيبة عن الليث وأن بعض الضعفاء أدخله على قتيبة وراجع أحاديث معلة.
ثم نقل عن ابي قلابة عن ابن عباس لا أعلمه إلا مرفوعا (أنه كان إذا نزل منزلا في السفر فأعجبه أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر ثم يرتحل فإذا لم يتهيأ له المنزل مد في السير فسار حتى ينزل فيجمع بين الظهر والعصر) أخرجه البيهقي وأورد ابن حجر أن البيهقي أخرجه موقوفا وهو أرجح لأنه مجزوم به بخلاف الرفع.
ففي سنن البيهقي 5534 وأخبرنا أبوالحسن بن عبدان أنبأتك أحمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس قال: إذا كنتم سائرين فنابكم المنزل فسيروا حتى تصيبوا منزلا تجمعون بينهما وإن كنتم نزولا فعجل بكم أمر فاجمعوا بينهما ثم ارتحلوا.
تنبيه: البيهقي في سننه أورد المرفوع هكذا: من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس ولا أعلمه إلا مرفوعا وإلا فهو عن ابن عباس. … فذكره
يعني جزم أنه من قول ابن عباس وتردد في المرفوع. وابن حجر نقله لكن بدون (وإلا فهو عن ابن عباس) التي تدل على الجزم بالوقف إن كان الرفع خطأ.
ونقل الشيخ مقبل في كتاب الجمع بين الصلاتين: أن حديث أنس الذي فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل قال ابن حجر: في ذهني أن اباداود أنكره على إسحاق لكن له متابع عند الحاكم في الأربعين من طريق حسان بن عبدالله عن المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس مرفوعا كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب وتردد في ثبوتها في الفتح
وامثل الأحاديث حديث أخرجه إسماعيل القاضي عن إسماعيل بن أبي اويس عن أخيه عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن كريب عن ابن عباس نحوه
ثم ذكر كذلك عن علي مرفوعا وفيه ضعف لكن أقل أحواله انه حسن لغيره. وقال: وبهذا يتضح ثبوت الأحاديث في جمع التقديم.
وكذلك قواها البيهقي وذكر أحاديث ثم ذكر عن ابن عباس من طريق حسين بن عبيدالله بن عباس عن عكرمة فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب .. وقال: وهو بما تقدم من شواهده يقوى وبالله التوفيق انتهى
قال صاحبنا أبوصالح: وعلى الأخذ بقول أبي داود بأنه لا يصح شئ في جمع التقديم شئ
فسبق في الباب السابق ذكرنا أن الزهري سأل سالم عن جمع عن الزهري قال سألت سالم بن عبد الله هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر؟ فقال نعم لا بأس بذلك، ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة. أخرجه الإمام في الموطأ.
ومما يؤيد أن البخاري يرى أن القصر والجمع في المناسك لأجل السفر ما أورده في كتاب الحج باب الصلاة بمنى 1656 عن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن أكثر ما كنا وآمنه – بمنى ركعتين. ومسلم وبول عليه النووي باب قصر الصلاة بمنى وأبوعوانه في مستخرجه باب ذكر الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في السفر وفي الأمن والسعة ركعتين
وكذلك النسائي في الكبرى باب عدد الصلاة بمنى والصغرى باب الصلاة بمنى. وأبو داود باب القصر لأهل مكة والترمذي تقصير الصلاة بمنى والبيهقي باب رخصة القصر في كل سفر وأبو نعيم في مستخرجه وابن خزيمة باب الصلاة جماعة في الأسفار وابن حبان باب المسافر. وابن أبي شيبة باب من كان يقصر الصلاة. وكذلك أخرجه عدد من الأئمة في مسانيدهم
فكلهم يرون أن الصلاة بمنى أنها قصر للسفر لأن في الحديث الاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم حتى في حال الأمن قصر في أسفاره.
وإن كان الترخص بالجمع بين الصلاتين أوسع من الترخص بالقصر حيث ثبت الجمع في الحضر عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن ذلك لا يمنع أن الغالب في جمعه في المناسك لأجل السفر.
قال ابن القيم: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويدل على جمع التقديم جمعه بعرفة بين الظهر والعصر لمصلحة الوقوف، ليتصل وقت الدعاء، ولا يقطعه بالنزول لصلاة العصر مع إمكان ذلك بلا مشقة، فالجمع كذلك لأجل المشقة والحاجة أولى.
قال الشافعي: وكان أرفق به يوم عرفة تقديم العصر لأن يتصل له الدعاء فلا يقطعه بصلاة العصر. … ثم نقل ابن القيم أن الجمهور اعتبروا الجمع في عرفة لكونه على سفر إلا أن أبا حنيفة جعله من تمام النسك ولا تأثير للسفر عنده (زاد المعاد 1/ 462)