111 مختلف الحديث
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين. وأبي عيسى عبدالله البلوشي
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
جمع سيف بن محمد بن دورة الكعبي
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
————–‘————‘———–
111: مختلف الحديث رقم:
[ومن كتاب الرقاق]
حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا؛ وَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا)).
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّان.
يشكل علينا ما ورد في حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غُرْلاً)
أخرجه البخاري (6527)، ومسلم (2859)
———–‘———-‘———-
نقلنا جواب البيهقي وغيره في: ” … التعليق على الصحيح المسند (2 / رقم 1056):
قال الإمام أحمد رحمه الله [23941]: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: أَنْبَأَنَا أَبُو هَانِئٍ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ مَاتَ عَلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ، بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
* وقال ص (20): حَدَّثَنَا إِبْرَهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مَنْ مَاتَ عَلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ بُعِثَ عَلَيْهَا))، قَالَ حَيْوَةُ، يَقُولُ: ” ((رِبَاطٌ حَجٌّ)) أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ “. [23950].
قال الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح.
ثانياً: اشكال:
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ: أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا؛ وَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا)).
وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا: بِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحْشَرُ عَارِيًا، وَبَعْضَهُمْ كَاسِيًا، أَوْ يُحْشَرُونَ كُلُّهُمْ عُرَاةً ثُمَّ يُكْسَى الْأَنْبِيَاءُ.
فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَوْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُبُورِ بِالثِّيَابِ الَّتِي مَاتُوا فِيهَا، ثُمَّ تَتَنَاثَرُ عَنْهُمْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْحَشْرِ، فَيُحْشَرُونَ عُرَاةً، ثُمَّ يَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمَ.
وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى الشُّهَدَاءِ؛ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ أَمَرَ أَنْ يُزَمَّلُوا فِي ثِيَابِهِمْ وَيُدْفَنُوا فِيهَا، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعَهُ فِي الشَّهِيدِ فَحَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ.
وَمِمَّنْ حَمَلَهُ على عُمُومه معَاذ بن جبل، فَأخْرج بن أَبِي الدُّنْيَا بِسَنَدٍ حَسَنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: دَفَنَّا أُمَّ مُعَاذَ بْنِ جَبَلٍ فَأَمَرَ بِهَا فَكُفِّنَتْ فِي ثِيَابٍ جُدُدٍ. وَقَالَ: ” أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ فِيهَا”.
قَالَ: وَحَمَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْعَمَلِ وَإِطْلَاقِ الثِّيَابِ عَلَى الْعَمَلِ، وَقَعَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير} وَقَوله تَعَالَى: {وثيابك فطهر} عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، قَالَ: “مَعْنَاهُ وَعَمَلَكَ فَأَخْلِصْهُ”.
وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ رَفَعَهُ ((يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ)) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَحَدِيثُ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: ((مَنْ مَاتَ عَلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ. وَرَجَّحَ الْقُرْطُبِيُّ الْحَمْلَ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَيَتَأَيَّدُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة} وَقَوله تَعَالَى {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، بِذِكْرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَمَا بَدَانَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} عَقِبَ قَوْلِهِ: ((حُفَاةً عُرَاةً)) قَالَ: فَيُحْمَلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى الشُّهَدَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ بِثِيَابِهِمْ فَيُبْعَثُونَ فِيهَا تَمْيِيزًا لَهُمْ عَن غَيرهم.
وَقد نَقله بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ إِنَّ الْمَلَابِسَ فِي الدُّنْيَا أَمْوَالٌ وَلَا مَالَ فِي الْآخِرَةِ مِمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَلِأَنَّ الَّذِي يَقِي النَّفْسَ مِمَّا تَكْرَهُ فِي الْآخِرَةِ ثَوَابٌ بِحُسْنِ عَمَلِهَا أَوْ رَحْمَةٌ مُبْتَدَأَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَأَمَّا مَلَابِسُ الدُّنْيَا فَلَا تُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ.
وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إِلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَوْرَدَهُ بِزِيَادَةٍ – قال الحافظ – لَمْ أَجِدْ لَهَا أَصْلًا، وَهِيَ: فَإِنَّ أُمَّتِي تُحْشَرُ فِي أَكْفَانِهَا، وَسَائِرُ الْأُمَمِ عُرَاةٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى الشُّهَدَاءِ مِنْ أُمَّتِهِ حَتَّى لَا تَتَنَاقَضَ الْأَخْبَارُ “. انتهى [(الفتح)، (ج13/ص195)، كتاب الرقاق، باب الحشر، رقم (6526)].
قال الشيخ علي آدم الأثيوبي: عندي الأولى في الجمع قول من قال: إنهم يخرجون من قبورهم بثيابهم التي ماتوا عليها، ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر، فيحشرون عراة، ثم يكون إبراهيم عليه الصلاة والسلام أول من يُكسى، ثم يكسون بعد ذلك، وهذا أقرب في الجمع بين هذه الأخبار، والله تعالى أعلم. [ذخيرة العقبى في شرح المجتبى شرح سنن النسائي، (ج22/ص189)].
ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد والنسائي والحاكم وصححه البيهقي عن أبي ذر قال: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج فوج طاعمين كاسين راكبين، وفوج يمشون ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه أبو داود والترمذي ومن حديث معاوية بن حيدة أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وفي المجالسة للدينوري عن الحسن قال يحشر الناس كلهم عراة ما خلا أهل الزهد وهذا له حكم المرفوع المرسل”. انتهى.
لكن حديث أبي ذر:
أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج فوج طاعمين كاسين راكبين. ضعفه الألباني فقال: منكر. ونقل في ضعيف الترغيب أن الذهبي تعقب فيه الحاكم بأنه منكر فيه الوليد بن عبدالله بن جميع.
ضعفه ابن حبان. واعله أبو حاتم في العلل 2/ 224. فراجعه إن شئت
ولم ينتبه الشيخ مقبل لتعليل أبي حاتم فاورده في الصحيح المسند 264 من طريق الوليد بن جميع.
وقد رجح ابوحاتم أن الأصح رواية من رواه
عن حلام بن جزل عن أبي ذر. العلل 2/ 224 (2162)
وقال الحافظ السيوطي في [” الحاوي ” (3/ 292)]:
مسألة: قوله صلى الله عليه وسلم: ((يحشر الناس حفاة عراة)) هل هو على عمومه؛ بدليل قوله: ((فيكون أول من يكسى إبراهيم)) أو هو مخصوص بغير الأنبياء؟
الجواب – هو مخصوص وليس على عمومه فقد نص البيهقي على أن بعض الناس يحشر عاريا وبعضهم يحشر في أكفانه وحمل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (يبعث الميت في ثيابه التي يموت فيها) رواه أبو داود وابن حبان والحاكم وقول معاذ ابن جبل (أحسنوا أكفان موتاكم فان الناس يحشرون في أكفانهم) رواه ابن أبي الدنيا. وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن عمر بن الخطاب مثله وهذان الموقوفان لهما حكم الرفع. ونص القرطبي على أن حديث الحشر عراة مخصوص بغير الشهداء وأن حديث أبي داود ونحوه في الشهداء.
وأخرج الدينوري في المجالسة عن الحسن قال: يحشر الناس كلهم عراة ما خلا أهل الزهد. وإذا خص من الحديث الشهداء أو أهل الزهد فالأنبياء من باب أولى.
* خلاصة أجوبة العلماء للتوفيق بين الأحاديث فمن أوجه الجمع:
1 – أنهم يبعثون فيها ثم تبلى بعد القيام فإذا وافوا الموقف كانوا عراة.
2 – أنهم يبعثون عراة ثم إذا كسي الأنبياء والصديقون ومن بعدهم كُسِيَ كلٌّ من جنس ما مات فيه من الثياب.
3 – وحمل بعض العلماء هذا الحديث على الشهداء فإنهم هم الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدفنوا في ثيابهم التي ماتوا فيها. فيبعثون في ثيابهم تمييزاً لهم عن غيرهم.
4 – أن المراد بالثياب الأعمال الصالحة كما قال تعالى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) وقوله: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) والمعنى يبعث المرء على ما مات عليه من عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر، يدل عليه حديث جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَقُولُ يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ) رواه مسلم 2878 وحديث ابْنَ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ) رواه البخاري 7108، ومما يدل عليه حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُحَنِّطُوهُ وَلا تُخَمِّرُوا رَاسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا) رواه البخاري 1265، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ) رواه البخاري 237، ومن هنا استحب تلقين الميت لا إله إلا الله وذلك لتكون هذه الكلمة الطيبة آخر كلامه من الدنيا وعليها يبعث يوم القيامة.
* جاء في فتاوى جدة للشيخ الألباني: ما الجمع بين حديث:”يبعث الميت بثيابه الذي مات فيها”، وحديث:”يبعث الناس حفاة عراة … “، ويليه الفرق بين البعث والحشر؟
السائل: ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الميت يبعث في الثياب التي يموت فيها) وكذا ورد في حديث آخر (يحشر الناس حفاة عراة غرلا) كيف نجمع بين الحديثين؟
الشيخ: لا إختلاف بين الحديثين قوله عليه السلام يبعث الميت في ثيابه التي مات فيها إخبار عن ساعة البعث فهو حينما يخرج من القبر يبعث في ثيابه التى مات فيها أما الحشر فيكون كما جاء في الحديث الثاني (حفاة عراة غرلا) إلى آخر الحديث فإذا يحمل كل حديث في مكانه وهذا له أمثلة في بعض الآيات تنصيص على أن لا سؤال هناك في المحشر بينما هناك مثل قوله تعالى ((ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم)) فما كان منفيا في بعض الآيات ومثبتا في آيات أخرى فيجب أن لا نعارض المثبت بالمنفي وإنما نقول بأن السؤال يقع في وقت ولا سؤال في وقت آخر هذا من طريق الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض والتناقض وعلى هذا كان الجواب كما سمعتم البعث بالثياب لا ينفي الحشر للسؤال وهذا زمن طويل وطويل جدا فالحشر يكون كما جاء في الأحاديث عراة أما البعث من القبور فبالثياب التي مات الميت عليها. انتهى.
[انظر أيضاً: مشكل الآثار للطحاوي، (ج1/ ص67 – 70)، باب (36)، والنهاية في الفتن والملاحم لابن كثير ():الإنسان يبعث يوم اليامة في ثياب عمله من خير أو شر، والبحور الزاخرة في علوم الآخرة (ج 1/ ص 616 – 619) فصل واعلم أن العبد يبعث على ما مات عليه].
قلت سيف بن دورة:
أخرج أبو داود 3114. وابن حبان 2575 والحاكم 1/ 340 وعنه البيهقي 3/ 384 عن يحيى بن أيوب عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري: أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا؛ وَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا.
وهو على شرط الذيل على الصحيح المسند
وراجع الصحيحة 1671، وقد سأل ابن الهاد بنتا لأبي سعيد فحدثته أن أبا سعيد دعا بثياب جدد فلبسها …. قال: أذكر شيئا عند موته … وأنا أريد أن تخبرني بحديث محمد بن إبراهيم. قالت نعم: لا تتبعوني بنار ولا تجعلوا علي قطيفة حمراء ولا تبكين علي باكية فكل ذلك صنعناه إلا البكاء والقطيفة. تاريخ دمشق 20/ 396
*قال العباد حفظه الله في شرح السنن:*
أورد أبو داود باب ما يستحب من تطهير ثياب الميت عند الموت، يعني: أن ثيابه تكون طاهرة، فمن أهل العلم من قال: إن هذا الذي أخذ به أبو سعيد على ظاهره، وأن المقصود من ذلك الثياب الحقيقية.
ومنهم من قال: إن المقصود بطهارة الثياب هنا: أن تكون أعمال الإنسان طيبة، كما قال الله عز وجل: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4]، فقد فسرها كثير من المفسرين بتطهير الأعمال، أي: وأعمالك فطهر، فإن العمل الطاهر هو الذي يقربك من الله عز وجل، وهو الذي يرفع من شأنك.
وقالوا: إن هذا لا يراد به حُسن الكفن؛ لأن هذه الثياب التي يلبسها في مرض موته ستخلع منه إذا مات ولا يكفن فيها، وإنما يكفن في ثياب بيض ونظيفة.
ثم إن الناس يحشرون حفاةً عراة غرلاً، فهذه الثياب لا يبقى لها وجود.
ومن أهل العلم من قال: يمكن أن يبعثوا وعليهم الثياب، ثم يحصل العري بعد ذلك عند الحشر.
وكون الإنسان يكون في ثياب نظيفة وطاهرة ليس فيها قذر ويموت وهو على حالة طيبة فهذا أمر طيب.
وقوله: (يبعث في ثيابه التي مات فيها) لا ينافي أنهم يحشرون حفاةً عراة غرلاً، فهو يبعث بالشيء الذي مات فيه، ويحصل العُري بعد ذلك، كما جاء في حديث عائشة: (يحشر الناس حفاةً عراة غرلا).