111 جامع الأجوبة الفقهية ص151
?-مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
?-بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
‘—–‘—-‘—-‘—-‘—–‘
?-مسألة: تكرار مسح الرأس.
?-يقرر في هذه المسألة: هل المسح مرة واحدة أم يشرع الزيادة.
‘—–‘—-‘—-‘—-‘—–‘
?-أختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في عدد مرات مسح الرأس على أقوال:
?-الأول: أنه يمسح مرة واحدة وهذا مذهب الجمهور، قال ابن المنذر: وممن قال به: عبد الله بن عمر، وطلحة بن مصرف، والحكم، وحماد، والنخعي، ومجاهد، وسالم بن عبد الله، والحسن البصري، وأصحاب الرأي، وأحمد، وأبو ثور رضي الله عنهم، وحكاه غير ابن المنذر عن غيرهم أيضا، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأصحابهما، وسفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه.
?-قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
?-انظر: المغني، والتمهيد، وبداية المجتهد، وحاشيه الدسوقي، وبدائع الصنائع وتحفة الاحوذي.
?-الثاني: أنه يمسح مرتين، وذهب إلى هذا القول ابن سيرين رحمه الله تعالى حكاه عنه ابن المنذر.
?-الثالث: أنه يمسح ثلاث مرات، قال الإمام النووي رحمه الله: مذهب الشافعي، وأصحابه رضي الله عنهم استحباب الثلاث، وهو مذهب داود، ورواية عن أحمد، وحكاه ابن المنذر عن أنس بن مالك، وسعيد بن جبير، وعطاء، وزاذان، وميسرة رضي الله عنهم.
?-الرابع: أنه يشرع مسح الرأس مرة ومرتين وثلاث،
?-قال ابن السمعاني في الاصطلام:
اختلاف الرواية يحمل على التعدد فيكون مسح تارة مرة وتارة ثلاثا وتارة مرتين، فليس في رواية مسح مرة حجة على منع التعدد.
?-وقال ابن حزم رحمه الله تعالى في (المحلى 2/ 44): ونستحب أن يمسح رأسه ثلاثا أو مرتين وواحدة تجزئ. انتهى.
?-قلت (ناصر الريسي): والذي يظهر لي أن الأقوال الثلاثة الأخيرة، كلها ترجع لقول جواز التكرار والزيادة على مسحة واحدة؛ فيكون الخلاف في المسألة على قولين رئيسيين:
الأول: عدم مشروعية الزيادة على مسحة واحدة.
الثاني: جواز الزيادة إلى ثلاث مسحات.
?-أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول:
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مِرَارٍ ثُمَّ مَسَحَ بِرَاسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه (البخاري 159،مسلم 226)
الدليل الثاني:
حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْفَأَ عَلَى يَدِهِ مِنْ التَّوْرِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ رَاسَهُ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. (البخاري 186،192،مسلم 235)
?-قال صاحب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (2/ 519):
وأما القائلون بمسحة واحدة: فاحتجوا بالأحاديث الصحيحة المشهورة في الصحيحين وغيرهما، من روايات جماعات من الصحابة في صفة وضوء رسول الله – صلى الله عليه وسلم أنه مسح رأسه مرة واحدة، مع غسله بقية الأعضاء ثلاثا ثلاثا.
منها: رواية عثمان، وابن عباس، وعبد الله بن زيد رضي الله عنهم، وروي ذلك أيضا من رواية عبد الله بن أبي أوفى، وسلمة بن الأكوع، والربيع بنت معوذ، وغيرهم، وقد قال أبو داود في سننه وغيره من الأئمة: الصحيح في أحاديث عثمان، وغيره مسح الرأس مرة، وقد سلم لهم البيهقي هذا واعترف به، ولم يجب عنه، مع أنه المعروف بالانتصار لمذهب الشافعي رضي الله عنه.
قالوا: ولأنه مسح واجب، فلم يسن تكراره كمسح التيمم والخف، ولأن تكراره يؤدي إلى أن يصير المسح غسلا، ولأن الناس أجمعوا قبل الشافعي على عدم التكرار، فقوله خارق للإجماع.
?-وقالوا في الموسوعة الفقهية الكويتية (43/ 351): لأنه بالتكرار يصير غسلا، والمأمور به المسح.
وقال الحنابلة: لا يستحب تكرار مسح الرأس. . . لأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أنه مسح رأسه مرة واحدة قاله الترمذي، وكذا قال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس واحدة؛ لأنهم ذكروا الوضوء ثلاثا ثلاثا وقالوا فيها: ومسح برأسه ” ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره. انتهى
?-قال الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله في الهدي ما نصه: وكان يمسحُ رأسه كلَّه، وتارة يُقْبِلُ بيديه وَيُدْبرُ، وعليه يُحملُ حديث من قال: مسح برأسه مرتين والصحيح أنه لم يكررَ مسح رأسه، بل كان إذا كررَ غَسْلَ الأعضاء، أفرد مسحَ الرأس، هكذا جاء عنه صريحاً، ولم يصحَّ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلافه البتة، بل ما عدا هذا، إمّا صحيح غير صريح، كقول الصحابي: توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وكقوله: مسح برأسه مرتين، وإما صريح غير صحيح، كحديث ابن البيلماني، عن أبيه، عن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ تَوَضَّأُ فَغَسَلَ كَفَّيْه ثلاثاً” ثم قال: وَمَسَحَ بِرَأسه ثَلاثَاً” وهذا لا يحتج به، وابن البيلماني وأبوهَ مضعَفان، وإن كان الأب أحَسَن حالاً. وكحديث عثمان الذي رواه أبو داود أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَسَحَ رَأسَهُ ثَلاثاً. وقال أبو داود: أحاديثُ عثمان الصحاحُ كلُّها تدل على أن مسح الرأس مرة. انتهى.
?-أدلة أصحاب القول الثاني: فأما ابن سيرين فاحتج له بحديث الربيع بنت معوذ أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مسح رأسه مرتين، وعن عبد الله بن زيد مثله.
?- وأجيب عنه:
-أما حديث الربيع فالجواب عنه من أوجه:
أحدها: أنه ضعيف، رواه البيهقي، وغيره من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ضعيف عند أكثر أهل الحديث.
والثاني: لو صح لكان حديث الثلاث مقدما عليه لما فيه من الزيادة.
والثالث: أنه محمول على بيان الجواز، وأحاديث الثلاث للاستحباب جمعا بين الأحاديث.
وأما حديث عبد الله بن زيد فرواه النسائي بإسناد صحيح، والجواب عنه من الوجهين الأخيرين، وقد أشار البيهقي إلى منع الاحتجاج به من حيث أن سفيان بن عيينة انفرد عن رفقته فرواه مرتين، والباقون رووه مرة، فعلى هذا يجاب عنه بالأجوبة الثلاثة.
وأيضاً، قال ابن قيم رحمه الله في الهدي ما نصه: وكان يمسحُ رأسه كلَّه، وتارة يُقْبِلُ بيديه وَيُدْبرُ، وعليه يُحملُ حديث من قال: مسح برأسه مرتين.
?-أدلة أصحاب القول الثالث:
احتج الشافعي وأصحابه بأحاديث وأقيسة:
?-أحدها: وهو الذي اعتمده الشافعي، قال الشافعي رحمه الله: اخبرنا ابن عيينه عن هشام بن عروة عن أبيه عن حمران مولى عثمان بن عفان أنه توضا بالمقاعد ثلاثا ثلاثا ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضا وضوئي هذا خرجت خطاياه من وجهه ويديه ورجليه. (البخاري ومسلم)
ووجه الدلاله: ان قوله توضأ يشمل المسح والغسل.
?-واجيب عنه:
بأن البيهقي وغيره منعوا الدلالة من هذا، لأنها رواية مطلقة، وجاءت الروايات الثابتة في الصحيح المفسرة مصرحة بأن غسل الأعضاء ثلاثا ثلاثا، ومسح الرأس مرة، فصرحوا بالثلاث في غير الرأس، وقالوا في الرأس: ومسح برأسه، ولم يذكروا عددا ثم قالوا بعده: وغسل رجليه ثلاثا ثلائا، وجاءت في روايات في الصحيح ثم غسل يديه ثلاثا، ثم مسح برأسه مرة، ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا” فلم يبق فيه دلالة.
?-الحديث الثاني: عن عثمان رضي الله عنه “أنه توضأ فمسح رأسه ثلاثا، وقال: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – توضأ هكذا.
(رواه أبو داود بإسناد حسن)،
?-وقد ذكر أيضا الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله أنه حديث حسن.
وربما ارتفع من الحسن إلى الصحة بشواهده وكثرة طرقه: فإن البيهقي وغيره رووه من طرق كثيرة غير طريق أبي داود.
?-الحديث الثالث: عن علي رضي الله عنه “أنه توضأ فمسح رأسه ثلاثا ثم قال: هكذا رأيت رسول الله فعل. رواه البيهقي من طرق، وقال: أكثر الرواة رووه عن علي رضي الله عنه دون ذكر التكرار، قال: وأحسن ما روي عن علي رضي الله عنه فيه: ما رواه عنه ابنه الحسن بن علي رضي الله عنهما، فذكره بإسناده عنه، وذكر مسح الرأس ثلاثا، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، وإسناده حسن.
?-الحديث الرابع: عن أبي رافع، وابن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح رأسه ثلاثا.
?-وأما الأقيسة فقالوا: أحد أعضاء الطهارة، فيسن تكراره كغيره، وقالوا: ولأنه إيراد أصل على أصل، فسن تكراره كالوجه.
?-أدلة أصحاب القول الرابع:
?-قال صاحب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (2/ 519):
قالوا: إن الرواة الذين نقلوا رواية المسحة الواحدة هم أنفسهم نقل عنهم المسح ثلاثا، فوجب الجمع بينها، فيقال: الواحدة لبيان الجواز، والثنتان لبيان الجواز، وزيادة الفضيلة على الواحدة، والثلاث للكمال والفضيلة، ويؤيد هذا أنه روي الوضوء على أوجه كثيرة، فروي على هذه الأوجه المذكورة، وروي غسل بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين.
وروي على غير ذلك، وهذا يدل على التوسعة، وأنه لا حرج كيف توضأ على أحد هذه الأوجه، ولم يقل أحد من العلماء يستحب غسل بعض الأعضاء ثلاثا، وبعضها مرتين مع أن حديثه هكذا في الصحيحين، فعلم بذلك أن القصد بما سوى الثلاث بيان الجواز، فإنه لو واظب النبي – صلى الله عليه وسلم على الثلاث لظن أنه واجب، فبين في أوقات الجواز بدون ذلك وكرر بيانه في أوقات، وعلى أوجه ليستقر معرفته، ولاختلاف الحاضرين الذين لم يحضروا الوقت الآخر.
قال السمعاني: ويحتج للتعدد بالقياس على المغسول لأن الوضوء طهارة حكمية، ولا فرق في الطهارة الحكمية بين الغسل والمسح (فتح الباري 1/ 356)
?-وأجيب عنه:
بأنه لا يقال: إنه صلى الله عليه وسلم مسح مرة واحدة لبيان الجواز، وثلاثا ليبين الفضيلة؛ لأن قول الراوي: هذا طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على أن طهوره على الدوام.
?-الترجيح:
قلت (ناصر الريسي): قول الجمهور هو الراجح للأسباب التالية:
1 – قوة أدلتهم، فالأحاديث التي استدلوا بها في الصحيحين.
2 – حديث: من زاد على هذا، فقد أساء وظلم. الذي صححه ابن خزيمة والشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (6/ 1196)، وغيره قاض بالمنع من الزيادة على الوضوء الذي قال بعده النبي – صلى الله عليه وسلم – هذه المقالة.
3 – بهذا القول تجتمع الأدلة قال الحافظ في الفتح (1/ 313،314): (ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب لمسح الرأس لا أنها مسحات مستقلة جمعا بين الأدلة). انتهى
?-قال العلامة الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار نقلا عن الحافظ رحمه الله بعد ذكر استدلال من استحب التثليث بحديث علي، وعثمان أنهما مسحا ثلاث مرات، ما نصه:
وفي كلا الحديثين مقال: أما حديث علي، فمن طرق منها عند الدارقطني من طريق عبد بن خير من رواية أبي يوسف، عن أبي حنيفة، عن خالد بن علقمة، عنه، وقال: إن أبا حنيفة خالف الحفاظ في ذلك، فقال: ثلاثا، وإنما هو مرة واحدة، وهو أيضا عند الدارقطني من طريق عبد الملك بن سلع، عن عبد خير بلفظ:
ومسح برأسه وأذنيه ثلاثا.
ومنها عند البيهقي في الخلافيات من طريق أبي حية، عن علي، وأخرجه البزار أيضا، ومنها عند البيهقي في السنن من طريق محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي في صفة الوضوء، قال البيهقي: كذا قال ابن وهب، عن ابن جريج عنه، وقال حجاج عن ابن جريج: “ومسح برأسه مرة واحدة”.
ومنها عند الطبراني في مسند الشاميين عن عثمان بن سعيد الخزاعي، عن علي في صفة الوضوء، وفيه عبد العزيز بن عبيد الله، وهو ضعيف.
وأما حديث عثمان: فرواه أبوداود، والبزار، والدارقطني، بلفظ “فمسح رأسه ثلاثا، وفي إسناده عبد الرحمن بن وردان، قال أبو حاتم: ما به بأس، وقال ابن معين: صالح، وذكره ابن حبان في الثقات، وتابعه هشام بن عروة، عن أبيه، عن حمران، أخرجه البزار، وأخرجه أيضا من طريق عبد الكريم، عن حمران بإسناد ضعيف، ورواه أيضا من حديث أبي علقمة مولى ابن عباس عن عثمان، وفيه ضعف، ورواه أبو داود، وابن خزيمة، والدارقطني أيضا من طريق عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة، قال: رأيت عثمان غسل ذراعيه ثلاثا، ومسح برأسه ثلاثا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم – فعل مثل هذا” وعامر بن شقيق مختلف فيه، ورواه أحمد، والدارقطني، وابن السكن من حديث ابن دارة، عن عثمان، وابن دارة مجهول الحال، ورواه البيهقي من حديث عطاء بن أبي رباح، عن عثمان، وفيه انقطاع، ورواه الدارقطني من طريق ابن البيلماني، عن أبيه، عن عثمان، وابن البيلماني ضعيف جدا، وأبوه ضعيف أيضا.
ورواه أيضا من حديث عبد الله بن جعفر، عن عثمان، وفيه إسحاق بن يحيى، وليس بالقوي، وروى البزار من طريق خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن عثمان، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – توضأ ثلاثا ثلاثا، وإسناده حسن، وهو عند مسلم، والبيهقي من وجه آخر هكذا، دون التعرض للمسح، وقد قال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا، وقالوا فيها:
ومسح رأسه” ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره، وقال البيهقي: روي من أوجه غريبة عن عثمان، وفيها: مسح الرأس ثلاثا، إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها، ومال ابن الجوزي في كشف المشكل، إلى تصحيح التكرير.
?-فائدة: قال أبوعبيد القاسم بن سلام: لا نعلم أحدا من السلف جاء عنه استكمال الثلاث في مسح الرأس إلا عن إبراهيم التيمي.
قال الحافظ: قلت: قد رواه ابن أبي شيبة، عن سعيد بن جبير، وعطاء، وزاذان، وميسرة، وأورده أيضا من طريق أبي العلاء عن قتادة عن أنس.
وأغرب ما يذكر هنا أن الشيخ أبا حامد الإسفراييني حكى عن بعضهم أنه أوجب الثلاث، وحكاه صاحب الإبانة عن ابن أبي ليلى اهـ تلخيص جـ 1/ ص 85.
?-قال العلامة الشوكاني: والإنصاف أن أحاديث الثلاث لم تبلغ درجة الاعتبار حتى يلزم التمسك بها لما فيها من الزيادة، فالوقوف على ما صح من الأحاديث الثابتة في الصحيحين، وغيرهما من حديث عثمان، وعبد الله بن زيد، وغيرهما هو المتعين، لا سيما بعد تقييده في تلك الروايات السابقة بالمرة الواحدة.
وحديث: من زاد على هذا، فقد أساء وظلم. الذي صححه ابن خزيمة، وغيره قاض بالمنع من الزيادة على الوضوء الذي قال بعده النبي – صلى الله عليه وسلم هذه المقالة، كيف، وقد ورد في رواية سعيد بن منصور في هذا الحديث التصريح بأنه مسح مرة واحدة، ثم قال: “من زاد” قال الحافظ في الفتح: ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح، لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس، جمعا بين الأدلة اهـ نيل الأوطار جـ 1/ ص 340.
‘—‘—-‘—-‘—‘—-‘—‘
?-جواب سعيد الجابري:
?-قلت: والذي يظهر لي في هذه المسألة بعدما قرأت وتتبعت ما جمعه الإخوة من الفوائد وتعليق أخينا ناصر الريسي وما ترجح له: أن مسح الرأس يكون مرة واحدة: فلا يتناوله التثنية والتثليث التي وردت مجملة في أحاديث صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم، وأما الروايات التي فيها تثليث مسح الرأس فلا يصح منها شيء، وأما الروايات التي فيها أنه مسح مرتين فهي تأويل لقوله فأقبل بهما وأدبر، كما قال ابن عبد البر: ولا يقال في رد اليدين على الرأس في مسحه أنه تكرار لأن التكرار إنما يكون باستئناف أخذ الماء، ثم إن استحباب التكرار مقصور على المغسول دون الممسوح،
ومن أقوى ما يدل على عدم تكرار مسح الرأس حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي فسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم. (أخرجه النسائي وابن ماجه وأحمد بسند صحيح).
?-قال الحافظ في الفتح ((1) / (298)): فإن رواية سعيد بن منصور فيها التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة، فدل على أن الزيادة في مسح الرأس على المرة غير مستحب، ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح، لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جميعا بين الأدلة اهـ.
?-قلت: وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في الصحيح عنه خلافا للشافعي والمشهور من مذهب الشافعي أن المسح ثلاثا سنة بثلاثة مياه جدد.
(شرح المشكاة للطيبي).
?-قلت: فعلم أن للشافعي في مسح الرأس قولان:
(1) -التوحيد،
(2) -التثليث،
ذكر الأول الترمذي
والثاني صاحب شرح السنة
(تحفة الاحوذي).
?-وقال الإمام أبو عبد الله: اتفقت أحاديث كثيرة على تكرار غسل الوجه واليدين فى الوضوء، واختلفت فى تكرار مسح الرأس وغسل الرجلين، والأظهر أن ذلك لتأكيد أمر الوجه واليدين، إلا ترى أنهما يثبتان فى التيمم ويسقط غيرهما، ووجه القول بأن مسح الرأس لا يكرر: أن المسح تخفيف، والتكرير تثقيل، ويتنافى الجمع بين التخفيف والتثقيل، ..
(إكمال المعلم بفوائد مسلم)
‘—‘—-‘—-‘—‘—-‘—‘
جواب سيف: نقل صاحب فتح العلام شرح بلوغ المرام أن الراجح ضعف أحاديث التثليث كما في التلخيص ونيل الأوطار.
قال: والصحيح قول الجمهور وهو الاقتصار على مسحة واحدة، وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من أهل العلم.
انظر المجموع 1/ 432، وسبل السلام 1/ 93، والمغني 1/ 178، زاد المعاد 1/ 197، مجموع الفتاوى 21/ 19726
وبوب البخاري باب مسح الرأس مرة
وأورد فيه حديث عبدالله بن زيد 192 وفيه ( … ثم أدخل يده فمسح برأسه فأقبل بيده وأدبر بها. … ) حدثنا موسى قال حدثنا وهيب قال: مسح رأسه مرة.
ومسلم لم يورد إلا حديث عثمان 226 وفيه (ومسح برأسه) باب صفة الوضوء وكمال
وحديث عبدالله بن زيد 235 وفيه (فأقبل بيديه وأدبر) باب آخر في صفة الوضوء
بينما النسائي ذكر حديث المسح مرتين في باب عدد مسح الرأس
وابن ماجه ذكر أحاديث مسح الرأس مرة ثم حديث مسحة الرأس مرتين. في باب مسح الرأس.
وذهبنا في تخريجنا لسنن أبي داود لترجيح ضعف أحاديث المسح ثلاثا فراجعه لأن نقله يطول.
ونقلنا كلام ابن القيم في تعليقنا على أبي داود. ونقلنا أن الشيخ عبدالمحسن العباد يرجح رواية المسح مرة.
راجع باب صفة الوضوء
واعترضنا على نقل صاحب العون عن ابن حجر أن أبا داود لم يرد تعليل رواية الثلاث
بأن الراجح أن أبا داود يقصد التعليل