111 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة أبي عيسى عبدالله البلوشي وعبدالله المشجري وعبدالملك
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
111 – قال الإمام أبو عبد الله بن ماجه رحمه الله (ج 2 ص 1147): حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَرَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ».
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا راشد بن سعيد، وقد قال أبو حاتم: إنه صدوق، كما في “تهذيب التهذيب”. وفي هشام بن عمار كلام، لكنه مقرون كما ترى. بل قد تابعهما الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 219) متابعة قاصرة، فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصِفُ مِنْ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةَ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ، لَيْسَ بِالْعَظِيمِ وَلَا بِالصَّغِيرِ، يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَيُذَابُ فَيُشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ.
ورواه الحاكم (ج 4 ص 206) فقال رحمه الله: حدثنا علي بن حمشاذ العَدْلُ، ثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ثنا علي بن سهل الرملي، ثنا الوليد بن مسلم، بسند ابن ماجه ومتنه، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
فائدة:
هذا الحديث قد أعله أبو حاتم رحمه الله، والظاهر أنها علة لا تؤثر على أصل الحديث، قال ولده رحمه الله (ج 2 ص 256): وسألت أبي عن حديث الأنصاري محمد بن عبد الله، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، [عن أنس]، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عرق النسا؟
قال أبي: هذا وَهَمٌ. رواه الوليد بن مسلم، عن هشام بن حسان، عن أنس بن سيرين، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قال أبي: هذا خطأ بهذا الإسناد، والحديث ما رواه حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن رجل من الأنصار، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قال أبي: وهذا أصح. اهـ
قال أبو عبد الرحمن: وإبهام الصحابي لا يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول.
__________
(1) في “النهاية”: النَّسَا بوزن العصا، عِرْقٌ يخرج من الورك فيستبطن الفخذ، والأصح أن يقال له: النَّسَا، لا عرق النَّسَا. اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً: دراسة الحديث روايةً:
* قال الحاكم في المستدرك 7459: ” هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ” وَقَدْ رَوَاهُ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، بِزِيَادَةٍ فِي الْمَتْنِ ” ووافقه الذهبي فقال في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم
وفي الحديث الذي بعده في المستدرك برقم 7460 في آخره قول أنس بن مالك رضي الله عنه: «وَقَدْ وَصَفْتُ ذَلِكَ لِثَلَاثِ مِائَةٍ كُلُّهُمْ يُعَافِيهِ اللَّهُ تَعَالَى».
—
قلت سيف بن دوره: رواية حماد بن سلمة فيها عن رجل من الأنصار عن أبيه كما في مسند أحمد
وكذلك ذكر ذلك الحاكم وأن حماد بن سلمة أعضله يعني رواه بعلة
فهذا الرجل من الأنصار مجهول بخلاف ما وقع في علل ابن أبي حاتم بإسقاط( عن أبيه ) فيظن الظان أن أبا زرعة واباحاتم إنما يقصدان اختلاف الصحابة وان الرواية الراجحة فقط فيها ابهام الصحابي . كما ظن الشيخ مقبل . وقد نبه محققو علل ابن أبي حاتم طبعة الجريسي على أن لفظة (عن أبيه ) ساقطة من علل ابن أبي حاتم
ويدل على ذلك أيضا ترجيح الدارقطني حيث ذكر لفظة (عن أبيه ) في رواية حماد فقال في العلل :
2340- ﻭﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﺫﻛﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﺮﻕ اﻟﻨﺴﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺗﺆﺧﺬ ﺃﻟﻴﺔ ﻛﺒﺶ ﻋﺮﺑﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻜﺒﻴﺮﺓ، ﻓﺘﺬاﺏ، ﻓﻴﺸﺮﺑﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ.
ﻓﻘﺎﻝ: اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ:
ﻓﺮﻭاﻩ ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ اﻟﺸﻬﻴﺪ، ﻭﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﺣﺴﺎﻥ، ﻭﺃﺑﻮ ﻗﺒﻴﺼﺔ: ﺳﻜﻴﻦ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ، ﻛﻮﻓﻲ، ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ: اﻟﺴﺠﺰﻱ، ﻭﻗﻊ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ.
ﻭﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺤﺬاء، ﻓﺮﻭاﻩ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻪ.
ﻭﺭﻭاﻩ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻣﻌﺒﺪ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻋﻦ ﺃﻧﺲ.
ﻭﺃﺷﺒﻬﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﻮاﺏ ﻗﻮﻝ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ.
ففي المسند المعلل:
17247 – عن معبد بن سِيرين، عن رجل من الأنصار، عن أبيه؛
«أن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم نعت من عرق النسا، أن تؤخذ ألية كبش عربي، ليست بصغيرة ولا عظيمة، فتذاب، ثم تجزأ ثلاثة أجزاء، فيشرب كل يوم على ريق النفس جزء».
أخرجه أحمد (21022) قال: حدثنا عبد الرَّحمَن بن مهدي. وفي 5/ 78 (21023) قال: حدثنا عفان.
كلاهما (عبد الرَّحمَن، وعفان بن مسلم) عن حماد بن سلمة، عن أَنس بن سِيرين، عن معبد بن سِيرين، فذكره
– فوائد:
– رواه هشام بن حسان، عن أَنس بن سِيرين، عن أَنس بن مالك، وسلف في مسند أنس، رضي الله عنه.
وانظر فوائده هناك
[«المسند المصنف المعلل» (35/ 458)]
فيكون ترجيح ابي زرعة وأبي حاتم لرواية حماد بن سلمة تعل الرواية المتصلة
وخالفهما الحاكم فرجح رواية الوليد بن مسلم والمعتمر حيث جعلاه من مسند أنس
قال في المستدرك:
٧٤٦٠ – حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشاذَ العَدْلُ، ثَنا أبُو المُثَنّى العَنْبَرِيُّ، ثَنا مُسَدَّدٌ، ثَنا المُعْتَمِرُ، قالَ: سَمِعْتُ هِشامَ بْنَ حَسّانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، ﵁ ذَكَرَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أنَّهُ وصَفَ مِن عِرْقِ النَّسا ألْيَةَ شاةٍ عَرَبِيٍّ لَيْسَتْ بِصَغِيرَةٍ ولا بِكَبِيرَةٍ تُذابُ ثُمَّ تُقَسَّمُ عَلى ثَلاثَةِ أجْزاءٍ فَتُشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ عَلى رِيقِ النَّفْسِ» قالَ أنَسٌ: «وقَدْ وصَفْتُ ذَلِكَ لِثَلاثِ مِائَةٍ كُلُّهُمْ يُعافِيهِ اللَّهُ تَعالى» وقَدْ رَواهُ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنْ أنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ،
٧٤٦١ – حَدَّثَناهُ أبُو عَلِيٍّ الحافِظُ، أنْبَأ مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ، ثَنا العَبّاسُ بْنُ يَزِيدَ البَحْرانِيُّ، ثَنا عَبْدُ الخالِقِ بْنُ أبِي المُخارِقِ الأنْصارِيُّ، ثَنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنْ أنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، ﵁ قالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِرْقَ النَّسا فَقالَ: «تُؤْخَذُ ألْيَةُ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ ولَيْسَتْ بِالصَّغِيرَةِ ولا بِالكَبِيرَةِ فَتُذابَ فَتُشْرَبُ ثَلاثَةَ أيّامٍ» فَقالَ أنَسُ بْنُ مالِكٍ: «لَقَدْ وصَفْتُهُ لِأكْثَرَ مِن ثَلاثِ مِائَةٍ كُلُّهُمْ يَبْرَءُونَ مِنهُ» هَذِهِ الأسانِيدُ كُلُّها صَحِيحَةٌ عَلى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ” وقَدْ أعْضَلَهُ حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ سِيرِينَ، فَقالَ: عَنْ أخِيهِ مَعْبَدٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الأنْصارِ، عَنْ أبِيهِ، «والقَوْلُ عِنْدَنا فِيهِ قَوْلُ المُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمانَ والوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ»
[التعليق – من تلخيص الذهبي]
٧٤٦١ – صحيح
—
* قال البوصيري في مصباح الزجاجة (4/ 60): ” هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده ثنا أسامة عن هشام فذكره بإسناده ومتنه وزاد ليس بصغيرة ولا كبيرة فيقطعها صغار ورواه أبو يعلى الموصلي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة فذكره ورواه الحاكم في المستدرك من طريق الوليد بن مسلم وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين”.
* صححه الألباني في سنن ابن ماجه برقم 3463، وينظر “الصحيحة” (1899)
* قال محققو سنن ابن ماجه (4/517): ” إسناده صحيح. وأخرجه أحمد في “المسند” (13295)، والطبراني في “الأوسط” (2067)، والحاكم 2/ 292 و 4/ 206 و 407 و 408، والضياء في “الأحاديث المختارة” (1554) من طريق أنس بن سيرين، به. ”
ثانيًا: دراسة الحديث درايةً:
أولًا: تبويبات الأئمة على الحديث:
* بوب ابن ماجه في سننه باب دواء عرق النَّسا، واقتصر على إخراجه حديث الباب فقط.
وذكر ابن كثير عند قوله : قل من كان عدوا لجبريل….
قالَ الإمامُ أحْمَدُ: حَدَّثَنا هاشِمُ بْنُ القاسِمِ، حَدَّثَنا عَبْدُ الحَمِيدِ، حَدَّثَنا شَهْر قالَ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ [﵁] (٥) حَضَرَتْ عِصابَةٌ مِنَ اليَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ فَقالُوا: حدِّثنا عَنْ خِلالٍ نَسْألُكَ عَنْهُنَّ …..
وأن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء ومنها :
قالُوا: أخْبِرْنا ما حَرَّم إسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ، قالَ: «كانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسا، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلائِمُهُ إلّا ألْبانَ كَذا وكَذا -قالَ أحْمَدُ: قالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي الإبِلَ -فَحَرَّم لُحُومَها». قالُوا: صَدَقْتَ.
وقَدْ رَواهُ التِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، مِن حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الوَلِيدِ العِجْلي، به نحوه، وقال الترمذي: حسن غريب
وصححها مقبل بشواهدها في اسباب النزول وراجع شرحنا الصحيح المسند رقم ٩١ و ١٥١١
ثانيًا: شرح الحديث:
* قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد في هدي خير العباد (ص: 48): ” فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى علاج عِرْق النَّسَا
روى ابن ماجه فى “سننه” من حديث محمد بن سِيرين، عن أنس بن مالك، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “دواءُ عِرْقِ النَّسَا ألْيَةُ شاةٍ أعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ، ثمَّ تُجزَّأُ ثلاثةَ أجزاءٍ، ثُمَّ يُشْرَبُ على الرِّيقِ فى كلِّ يومٍ جُزْءٌ”.
عِرْقُ النَّسَاء: وجعٌ يبتدىءُ مِن مَفْصِل الوَرِك، وينزل مِن خلفٍ على الفخذ، وربما على الكعب، وكلما طالت مدتُه، زاد نزولُه، وتُهزَلُ معه الرجلُ والفَخِذُ، وهذا الحديثُ فيه معنى لُّغوى، ومعنى طبى.
فأما المعنى اللُّغوى: فدليلٌ على جواز تسمية هذا المرض بِعرْقِ النَّسَا خلافاً لمن منع هذه التسمية، وقال: النَّسَا هو العِرْقُ نفسه، فيكونُ من باب إضافة الشىء إلى نفسه، وهو ممتنعٌ.
وجواب هذا القائل من وجهين؛ أحدهما: أنَّ العِرْق أعمُّ من النَّسَا، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص نحو: كُل الدراهم أو بعضها.
الثانى: أنَّ النَّسَا هو المرضُ الحالُّ بالعِرْق؛ والإضافة فيه من باب إضافة الشىء إلى محلِّهِ وموضعه. قيل: وسمى بذلك لأن ألمه يُنسِى ما سواه، وهذا العِرْقُ ممتد من مفْصل الورك، وينتهى إلى آخر القدم وراءَ الكعب من الجانب الوحشى فيما بين عظم الساق والوتر.
وأما المعنى الطبى: فقد تقدَّم أنَّ كلام رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نوعان؛ أحدهما: عامٌ بحسب الأزمان، والأماكن، والأشخاص، والأحوال.
والثانى: خاصٌ بحسب هذه الأُمور أو بعضها، وهذا من هذا القِسم، فإنَّ هذا خطابٌ للعرب، وأهل الحجاز، ومَن جاوَرَهم، ولا سيما أعراب البوادى، فإنَّ هذا العِلاجَ من أنفع العلاج لهم، فإنَّ هذا المرض يَحدث من يُبْس، وقد يحدث من مادة غليظة لَزِجَة، فعلاجُها بالإسهال و”الألْيَةُ” فيها الخاصيَّتان: الإنضاج، والتليين، ففيها الإنضاج، والإخراج. وهذا المرضُ يَحتاج عِلاجُه إلى هذين الأمرين.
وفى تعيينِ الشاةِ الأعرابيةِ لقِلةُ فضولِها، وصِغرُ مقدارِها، ولُطف جوهرها، وخاصيَّةُ مرعاها لأنها ترعى أعشابَ البَرِّ الحارةَ، كالشِّيحِ، والقَيْصُوم، ونحوهما، وهذه النباتاتُ إذا تغذَّى بها الحيوانُ، صار فى لحمه من طبعِها بعد أن يُلَطِّفَها تغذيةً بها، ويُكسبَها مزاجاً ألطَفَ منها، ولا سيما الألية، وظهورُ فعل هذه النباتاتِ فى اللَّبن أقوى منه فى اللَّحم، ولكنَّ الخاصيةَ التى فى الألية من الإنضاج والتَّلْيِين لا تُوجد فى اللَّبن. وهذا كما تقدَّم أنَّ أدويةَ غالب الأُمم والبوادى هى بالأدوية المفردة، وعليه أطباءُ الهند.
وأما الروم واليونانُ، فيَعتَنُون بالمركَّبة، وهم متفِقون كُلُّهم على أنَّ مِن مهارة الطبيب أن يداوى بالغِذاء، فإن عجز فبالمُفرد، فإن عجز، فبما كان أقلَّ تركيباً.
وقد تقدَّم أنَّ غالب عاداتِ العرب وأهل البوادى الأمراضُ البسيطةُ، فالأدوية البسيطة تُنَاسبها، وهذا لبساطةِ أغذيتهم فى الغالب. وأما الأمراضُ المركَّبة، فغالباً ما تحدثُ عن تركيب الأغذية وتنوعها واختلافِها، فاختيرت لها الأدوية المركَّبة.. والله تعالى أعلم.”
* قال السندي رحمه الله في حاشيته على سنن ابن ماجه (2/ 347): ” قوله: (عرق النسا) في النهاية بوزن العصا عرق يخرج في الورك فيستبطن الفخذ ….. ثم نقل نحو كلام ابن القيم
* قال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 512): ” (أعرابية) وفي رواية: “كبش عربي أسود ليس بالعظيم ولا بالصغير” فينبغي للمستعمل الجمع بين الروايتين. (تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء، ثم تشرب) أي الأجزاء. (على الريق كل يوم جزءا) أي في كل يوم ثلثاء”.
– وقال في التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 379): ” هو وجع يبتدئ من مفصل الورك وينزل من خلف على الفخذ …ثم نقل كلام ابن القيم [3/ 114]”.
* قال ابن مفلح في الآداب الشرعية – (3/ 40):” فَصْلٌ ( فِي عِرْقِ النَّسَاءِ وَمَا وَرَدَ فِي دَوَائِهِ).
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { دَوَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ ثُمَّ تُجَزَّأُ فِي ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ ثُمَّ تُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَحْمَدَ { أَلْيَةُ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ لَيْسَ بِالْعَظِيمِ وَلَا الصَّغِيرِ } .
( عِرْقُ النَّسَا ) وَجَعٌ يَبْتَدِئُ……ونقل نحو كلام ابن القيم
* جاء في سلسلة الهدى والنور (23/ 49)
السائل: طيب يا شيخ هل وصف الرسول صلى الله عليه وسلّم لبعض الأمراض بوصفات مثل عرق النسا وعلاجه إلية شاة والحجامة ومثل هذه الأمور هل هذا يكون في وقته صلّى الله عليه وسلّم؟ أم مستمرّ هذا دواء؟
فأجاب الشيخ الألباني رحمه الله: مستمرّ إلى يوم القيامة لأنّه من الطبّ النّبوي الّذي عمدته إمّا على وحي السّماء وهذا لا إشكال فيه و إمّا أنّه على تجربة البشر وصلت هذه التّجربة إلى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فنصح أمّته بها وأقرّ على ذلك من السّماء فيجب حينئذ أن نعتبرها صوابا سواء كان وحيا أو كان اجتهادا من التجارب الطبيّة العربيّة والرّسول صلّى الله عليه وسلّم أقرّها وبالتالي أقرّ الله نبيه على ذلك , فنصح هو أمّته بذلك وليس هذا من الأمور الّتي يقول بعض المعاصرين اليوم أنّه هذه من الأمور الدّنيويّة فيدخلونها تحت عموم قوله عليه الصّلاة والسّلام في حديث تأبير النّخل (أنتم أعلم بأمور دنياكم) , واضح الجواب؟
السائل: طيب هل يلزم من ذلك يا شيخ الشفاء؟
الشيخ: هل يلزم من ذلك الشفاء؟
السائل: نعم.
الشيخ: قد وقد هذا يختلف باختلاف نسبة التعاطي وصدق المتعاطي ونحو ذلك كقوله عليه السلام (ماء زمزم لما شرب له).
* في السلسلة الضعيفة 3935 العجوة من الجنة ، وفيها شفاء من السم ، والكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين ، والكبش العربي الأسود شفاء من عرق النسا ، يؤكل لحمه ، ويحسا من مرقه.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في أثناء تخريجه: ” واعلم أن الشطر الأول من الحديث قد صح من حديث أبي هريرة وغيره ، وهو مخرج في “المشكاة” (4235.وأما الشطر الآخر منه ؛ فمنكر عندي ؛ لضعف إسناده ، ولمخالفته الحديث الصحيح بلفظ : شفاء عرق النسا ؛ ألية شاة عربية تذاب ، ثم تقسم ثلاثة أجزاء ، يشربه ثلاثة أيام على الريق ؛ كل يوم جزءًا.
وهو مخرج في “الصحيحة” (1899) من حديث أنس بن مالك”.
* نقل بعض الباحثين عن بعض الأطباء كلام د. زهير قرامي في بحثه – علاج عرق النسا بألية شاة أعرابية – ص30-38.:
” قام الدكتور زهير بن رابح قرامي؛ وهو طبيب متخصص في مجال أمراض الروماتويد والروماتيزم – وهو يعمل حالياً في مستشفى خاص رئيساً لقسم العلاج الطبيعي – بمعالجة بعض من ابتلى بعرق النسا، فتحقق له أن تناول هذه الألية بالكيفية التي أرشد لها الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام قد أفضى لنتائج طيبة؛ ولذلك فإنه قد أنجز بحثا بعنوان “علاج عرق النسا بألية شاة أعرابية” إذ ذكر فيه آلية الاستشفاء بألية الشاة الأعرابية، وكيف أن هذه الألية تحتوي على مجموعة من الدهون منها نوع مفيد جدا في هذا المجال اسمه (اوميغا 3) . كما أنه يذكر بعض الحكم التي يشير إليها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يرشد إلى اختيار الشاة الأعرابية، وأن يتم تناولها شربا بعد الإذابة وأن يتم ذلك على ثلاث دفعات كل يوم دفعة؛ مبيناً كذلك ما الذي يحدث لدهن الألية عند امتصاص الأمعاء لها وبخاصة لدى تناولها على الريق. وقد شفع بحثه بشهادات بعض الذين حصل لهم الشفاء بتعاطي هذه الوصفة النبوية.
وخلاصة ما ذكره الدكتور زهير قرامي قوله في ص 30- 38 من بحثه: «للدهن نوعان معروفان في أمراض القلب مثلاً: نوع مفيد وهو HDL ذو الكثافة العالية ونوع ضار LDL ذو الكثافة المتدنية، والحكم بأن الدهون مطلقاً هي ضارة أمر لم يعد أمراً مسلماً به، وهذا المبدأ أصبح سارياً أيضاً في علاج أمراض الجهاز الحركي والتهاب المفاصل وغيرها.
إن ألية الشاة تمثل جرعة علاجية ممتازة بما تحتوي من المنافع المتعددة والتي تحقق الشفاء مع عدم احتوائها على ضرر أو مضاعفات. هذا من ناحية التكوين الكيميائي والمواصفات العامة لها. وفي الوقت نفسه لاحظنا أن تناولها على الريق يجعل وصولها للأمعاء في أنسب وقت ومن ثم وجود الدهون النافعة مثل حامض اللينولينك في قناة الأمعاء في موضع ممتاز حيث يسمح لحامض اللينولينك بالاستفادة من الأنزيمات التي تساعده على صنع “البروستجلاندين” المفيد. وفي الوقت نفسه يكون سائل المرارة ومخزون الليباز في حالة تركيز مقو، ويتمتع بفاعلية كبرى وهذا يتيح له تحليل الدهون مهما كانت كميتها. كما أن القدرة على الامتصاص محدودة بهذه الكمية من سائل المرارة مما يمنع الامتصاص غير المحدود لأي كمية من الدهون مهما كانت.
إذن فشرب تلك الجرعة من الألية المذابة تعني تحقيق هذه الفوائد إذا كان التناول لها على الريق، من دون سبق تناول شيء من الأطعمة والأشربة. وخلاف ذلك يعني تفويت الفرصة على المريض وربما لا يصل إلى الغاية المرجوة.
* وجاء في العلاج والرقى (ص: 94): (ولقد توصل الطب الحديث إلى أن لعِرْق النَّسا أسبابًا متعددة، وأن معظم حالاته تنتج عن فَتْق النُّواة اللُّبِّية بين الفِقَر – الدِّسْك – ونتوئها في القناة السيسائية بما يترتب عليه انضغاط الجذور العصبية، ومن أسبابه أيضًا الإنتان بالعصيات الكولونية، وهي جراثيم عاطلة تستقر الأمعاء، ثم تنقلب مُمْرضة في ظروف خاصة. ولقد وصف النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعرق النسا ألية شاة أعرابية ربما بمناسبة إصابة أحدهم بهذا الإنتان بالعصيات الكولونية، فيحدث بالألية المذابة إسهال بالدهن فتطرد تلك الجراثيم المستوطنة المسببة للمرض. هذا، إلى جانب حِكم أخرى الله أعلم بها لم يتوصل إليها العلم بعد) انظر “الطب النبوي والعلم الحديث” د/ محمود النسيمي (3/289)