1109 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-”——”——-”
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1109):
قال الإمام النسائي رحمه الله : أخبرنا يوسف بن سعيد قال سمعت حجاجا أنبأنا ابن جريج قال حدثنا سليمان بن موسى قال حدثنا مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل حدثهم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قاتل في سبيل الله عز وجل من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة ومن سأل الله القتل من عند نفسه صادقا ثم مات أو قتل فله أجر شهيد ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها كالزعفران وريحها كالمسك ومن جرح جرحا في سبيل الله فعليه طابع الشهداء. هذا حديث صحيح .
* قال الإمام الترمذي رحمه الله : حدثنا أحمد بن منيع حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها الزعفران وريحها كالمسك.هذا حديث صحيح.
* قال الإمام الترمذي رحمه الله : حدثنا أحمد بن منيع حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن مالك بن يخامر السكسكي عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سأل الله القتل في سبيله صادقا من قلبه أعطاه الله أجر الشهيد.قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
قال أبو عبدالرحمن: هذا حديث صحيح على شرط البخاري.
===================
وراجع تخريج أحاديث فضائل الجهاد تحت حديث 1062 من الصحيح المسند من حديث فضالة : وأنا زعيم لمن آمن بي وأسلم وجهاد في سبيل الله. …
اما هذا الكلام عن هذا الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول: شرح وفقه الحديث.”فَقَدِ امْتَحَنَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ وَالرُّكُوعِ فَاسْتَجَابُوا طَائِعِينَ, وَامْتَحَنَهُمْ بِالزَّكَاةِ وَدَفْعِ الْمَالِ فَاسْتَجَابُوا طَائِعِينَ, وَامْتَحَنَهُمْ بِالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَتَرْكِ الشَّهَوَاتِ فَلَبَّوْا كَذَلِكَ طَائِعِينَ.
ثُمَّ جَاءَ الِامْتِحَانُ الْأَكْبَرُ وَالِاخْتِبَارُ الْأَعْظَمُ، فَكَانَ أَنْ طَلَبَ مِنْهُمْ أَرْوَاحَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ يَبْذُلُونَهَا فِي سَاحَاتِ الْجِهَادِ فَتَقَدَّمَ أَقْوَامٌ وَتَأخَّرَ آخَرُونَ.تَأَخَّرَ الْمُنَافِقُونَ: {وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 86].وَتَقَدَّمَ الصَّادِقُونَ, قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التوبة: 88].
فَفَرَّقَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِالْجِهَادِ بَيْنَ الصَّادِقِينَ وَالْكَاذِبِينَ, بَيْنَ الْمُحِبِّينَ للهِ وَرَسولِهِ ﷺ وَالْمُدَّعِينَ.
إِنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ هُوَ أَعْظَمُ الْأَعْمَالِ وَأَزْكَاهَا, وَهُوَ أَيْسَرُ الطُّرُقِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى وَالْجَنَّةِ, وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَوْلا أَنْ يَشُقَّ عَلَى المُسلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلافَ سَرِيَّةٍ, وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدَدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلَ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).
وَلَمَّا كَانَ الْجِهَادُ بَذْلَ أَعْظَمِ وَأَنْفَسِ مَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ أَنْفُسَهُمْ يَبْذُلُونهَا ؛ كَانَ حَرِيًّا بِالشَّرْعِ أَنْ يَضَعَ لَهُ أَعْظَمَ الضَّوَابِطِ وَأَقْوَى الْأَحْكَامِ؛ حَتَّى لَا تُرَاقَ الدِّمَاءُ فِي كُلِّ وَادٍ , وَلَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ.
إِنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَرْوَاحَهُمْ هِيَ أَعْظَمُ شَيْءٍ عِنْدَ اللهِ؛ لِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَزَوَالُ الدُّنيَا أَهوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قلت سيف بن دورة :
ورجح البخاري في العلل الكبير الموقوف . وأيضا رجح الموقوف الترمذي في السنن 1395 . وذكر البزار تفرد ابن أبي عدي برفعه . وكذلك رجح الموقوف البيهقي. وكذلك النسائي ذكر الرواية الموقوفة بعد المرفوعة إشارة للاعلال
وكنت صححته من حديث البراء لكن المزي نقل أن ابن ماجه وهم فقال مروان بن جناح والصواب روح بن جناح والأخير متروك أو ضعيف جدا
تنبيه : نبه الترمذي أن رواية منصور الموقوفة خطأ فقال : هذا خطأ من حديث منصور .
المهم الموقوف له طرق أخرى
وَقَالَ ﷺ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ: ((مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ, وَمَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ, وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ)). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
قلت سيف بن دورة :
في ضعيف الجامع ثم ذكره في الصحيحة 3420 وصحيح الترغيب 2441
ضعفه الأرناؤوط لضعف شيخ ابن ماجه نصر بن محمد
وقواه الألباني بطريق عن ابن عباس من طريق حفص بن عبد الرحمن بن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا فاسنادها حسن حفص بن عبدالرحمن صدوق وعبدالله بن أبي نجيح وثقوه ونقل الذهبي عن البخاري انه قال فيه نظر . ولم أجد ذلك في التاريخ الكبير ولا في الميزان إنما قال ذلك في إبراهيم بن الأسود قال فيه نظر سمع ابن أبي نجيح .
بل في المغني عبدلله بن يسار هو ابن أبي نجيح ثقة
فيصلح حديث عبدالله بن أبي نيجيح أم يكون على شرط الذيل على الصحيح المسند
وَقَدْ بَيَّنَ الدِّينُ الْعَظِيمُ -كِتَابًا وَسُنَّةً- أَنَّ الْجِهَادَ لَيْسَ غَايَةً فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ.فَالْجِهَادُ لَيْسَ هَدَفًا فِي ذَاتِهِ وَلَا غَايَةً، إِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِرَفْعِ رَايَةِ الدِّينِ, وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
*مَنْزِلَةُ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-:
قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].
وَلَا تَظُنَّنَّ يَا رَسُولَ اللهِ، وَيَا كُلَّ مُؤْمِنٍ مِنْ أُمَّتِهِ، أَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا كَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُقْتَلْ فِي سَبِيلِ اللهِ، بَلْ هُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي مَحَلِّ كَرَامَتِهِ وَفَضْلِهِ، يُرْزَقُونَ، وَيَأْكُلُونَ، وَيَتَنَعَّمُونَ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَتُحَفِهَا.
{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)} [آل عمران: 170].
وَهُمْ يَفْرَحُونَ بِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَرَكُوهُمْ أَحْيَاءً فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنْهَجِ الْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ؛ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ إِذَا اسْتُشْهِدُوا فِي سَبِيلِ الله مُخْلِصِينَ لَهُ لَحِقُوا بِهِمْ، وَنَالُوا مِنَ الْكَرَامَةِ مِثْلَ الَّذِينَ نَالُوهُ، وَأَنَّهُمْ لَا خَوْفَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهُمْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ، وَلَا يَحْزَنُونَ عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا”.
——-
شرح الحديث:
فقد “جعَل اللهُ لِمَن يُقتَلُ في سَبيلِه أو يُجرَحُ أجرًا عظيمًا، وفي ذلك يقولُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “مَن قاتَل في سبيلِ الله”، أي: خرَج مُجاهِدًا الكُفَّارَ وأعداءَ الدِّينِ “فُوَاقَ ناقةٍ”، أي: مِقدار الوقتِ الَّذِي يكونُ بينَ الحَلْبَتَيْنِ، أي بينَ أن يُمسِكَ الضَّرعَ فيَعصِرَه ثُمَّ يَعصِرَه مرَّةً ثانيةً، والمُرادُ به: الوقتُ القليلُ، “فقد وَجَبت له الجنَّةُ”، أي: كان حقًّا على الله عزَّ وجلَّ أن يُدخِلَه الجنَّةَ. “ومَن سأَل الله القَتْلَ مِن نفسِه صادقًا”، أي: طَلَب الشَّهادَةَ في سبيلِ الله مِن قلبِه وأَخْلَصَ لها ولم يَقدِرْ عليها، “ثُمَّ مات أو قُتِل” بدون سَببٍ مِن أسبابِ القِتالِ في سبيلِ الله، “فإنَّ له أجرَ شهيدٍ”، أي: فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يُعطِيه أجرَ الشَّهِيدِ كاملًا بتلك النِّيَّةِ.
قوله “ومَن جُرِح جُرْحًا في سبيلِ الله أو نُكِبَ نَكْبَةً” والنَّكبَةُ بمعنَى الجُرحِ، وقيل: إنَّ الجُرحَ ما أُصِيب به مِن العَدُوِّ، والنَّكْبَةَ ما أصابَ به نفْسَه عن غيرِ قَصْدٍ، “فإنَّها تَجِيءُ”، أي: هذا الجُرحُ أو تِلكَ النَّكبةُ “يومَ القِيامَةِ كأَغْزَرِ ما كانت”، أي: يكونُ سَيَلانُ الدَّمِ منها كأَبْلَغِ ما يكونُ، “لَوْنُها لونُ الزَّعْفَرَانِ”، أي: أَحْمَرُ يَمِيلُ إلى الصُّفْرَةِ “ورِيحُها رِيحُ المِسْكِ. ومَن خرَج به خُرَاجٌ” يَعنِي: القُروحَ والدَّمَامِلَ الَّتِي تُصِيبُ البَدَنَ، وكانتْ إصابتُه بالخُرَاجِ بسببِ قِتالِه “في سبيلِ الله، فإنَّ عليه طابَعَ الشُّهداءِ”، أي: كان ذلك الخُرَاجُ كأنَّه خاتَمٌ مختومٌ به يَدُلُّ على أنَّه مِن الشُّهداء حينَ يُوافِي اللهَ عزَّ وجلَّ يومَ القيامةِ .
وفي الحديثِ: الحثُّ على الجهادِ وبَذلِ النَّفسِ في سبيلِ الله عزَّ وجلَّ، والترغيبُ في ذلك؛ لعِظَمِ ثوابِه.
وفيه: أنَّ مَن جعَل نِيَّتَه في عَملِ شَيءٍ خالصةً لوجهِ الله، أعطاه اللهُ أجرَ ذلك العَملِ وإنْ لم يفعَلْه”.[الموسوعة الحديثية]
فقه الحديث:قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هذه أحاديث متعددة كلها في فضل الجهاد في سبيل الله، فمنها: أي؛ من فضل الجهاد في سبيل الله: أن الإنسان إذا قتل شهيدا فإنه يأتي يوم القيامة وجرحه يدمي اللون لون الدم والريح ريح المسك يشهده الأولون والآخرون من هذه الأمة وغيرها بل ويشهده الملائكة في ذلك اليوم المشهود وهذا يوجب له الرفعة في الدنيا والآخرة .
ومنها: أن من قاتل ( فواق ناقة ) وهو ما بين الحلبتين فإنه تجب له الجنة، فإذا شهد الصف ولو بهذا المقدار يقاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا فإنها تجب له الجنة .
ومنها: أن الخارج للجهاد في سبيل الله له مثل أجر الصائم القائم من حين أن يخرج إلى أن يرجع. والصائم القائم من حين أن يخرج المجاهد إلى أن يرجع هو الذي يساويه في الأجر عند الله عز وجل ولكن ذلك لا يستطاع كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وقاله الصحابة له.
ومنها: أن الله أعد للمجاهدين في سبيله مائة درجة في الجنة كل درجة بينها وبين الأخرى مثل ما بين السماء والأرض أعدها الله للمجاهدين في سبيله .
فهذه الأحاديث وأمثالها وهي كثيرة جدا تدل على فضل الجهاد في سبيل الله والجهاد في سبيل الله، يكون بالمال ويكون بالنفس، ولكنه بالنفس أفضل وأعظم أجرا؛ لأن كل هذه الأحاديث التي سمعناها كلها فيمن جاهد بنفسه ومن جاهد بماله فهو على خير، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا. أي: كتب له أجر الغازي ومن خلفه في أهله في خير فقد غزا، فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المجاهدين في سبيله ابتغاء وجه الله إنه على كل شيء قدير. [شرح رياض الصالحين]
الوجه الثاني: الفوائد:
1: فضل الجهاد في سبيل الله تعالى.
2: ما يَحل بالشهيد من حوادث وابتلاءات يَأجره الله -تعالى- عليها ولا يضيع عمله.
3: الجهاد وأجره خاص بالأمة المسلمة دون غيرها.
4: أن من قاتل لعصبية أو حمية، لم تَجب له الجنة.
5: إذا قاتل الكافر مع المسلمين وقتل لم تجب له الجنة؛ لأن من شروط قبول العمل الإسلام، ولأن الحديث: مقيد بالرجل المسلم.
6: أن المشاركة اليسيرة في الجهاد في سبيل الله -تعالى- لإعلاء كلمة الله جزاؤه الجنة.[ موسوعة الأحاديث النبوية].
7: تكفير الذنوب.
الوجه الثالث: فقه الجهاد
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريفه، وفضله، والحكمة منه، وحكمه، ومتى يتعين؟
أ- تعريفه:
الجهاد لغة: بذل الجهد والطاقة والوسع.وفي الاصطلاح: بذل الجهد والوسع في قتال الأعداء من الكفار ومدافعتهم.
ب- فضله والحكمة منه:
الجهاد ذروة سنام الإسلام، كما سماه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي: أعلاه، وسمي بذلك؛ لأنه يعلو به الإسلام ويرتفع ويظهر، وقد فضّل الله المجاهدين في سبيله بأموالهم وأنفسهم، ووعدهم الجنة، كما سيأتي في آية سورة النساء بعد قليل، والآيات والأحاديث في فضل الجهاد والمجاهدين كثيرة.
أما الحكمة من مشروعية الجهاد: فقد شرعه الله سبحانه لأهداف سامية وغايات نبيلة، من ذلك:
1- شرع الجهاد لتخليص الناس من عبادة الأوثان والطواغيت وإخراجهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39].
2- كما شرع لإزالة الظلم وإعادة الحقوق إلى أهلها، قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39].
3- كما شرع الجهاد؛ لإذلال الكفار، وإرغام أنوفهم، والانتقام منهم، قال سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 14].
ج- حكمه، ودليل ذلك:
الجهاد بمعناه الخاص- وهو جهاد الكفار فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وصار في حقهم سنة؛ لقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 95]. فقد دلت هذه الآية على أن الجهاد فرض كفاية، لا فرض عين؛ لأن الله فاضل بين المجاهدين والقاعدين عن الجهاد بدون عذر، وكلاً وعد الحسنى وهي الجنة. ولو كان الجهاد فرض عين لاستحق القاعدون الوعيد لا الوعد.
ولقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122]. وهذا مشروط بما إذا كان للمسلمين قوة وقدرة على قتال أعدائهم، فإن لم يكن لديهم قوة ولا قدرة سقط عنهم كسائر الواجبات، وأصبح قتالهم لعدوهم- والحالة هذه- إلقاءً بأنفسهم إلى التهلكة.
د- متى يتعين؟
لكن هناك حالات يتعين فيها الجهاد فيصير فرض عين على المسلم وهي:
الحالة الأولى: إذا هاجم الأعداء بلاد المسلمين، ونزلوا بها، أو حصروها، تعين قتالهم، ودفع ضررهم، على جميع أفراد المسلمين.
الحالة الثانية: إذا حضر القتال، وذلك إذا التقى الزحفان، وتقابل الصفَّان، تعين الجهاد، وحرم على من حضر القتال الانصراف، والتولي من أمام العدو؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}
[الأنفال: 15]، ولعدِّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التولي يوم الزحف من الكبائر الموبقات. ولكن يستثنى من التولي المتوعد عليه حالتان: الأولى: إذا كان المتولي متحرفاً لقتال، أي: يذهب لكي يأتي بقوة أكثر. والثانية: أن يكون متحيزاً إلى فئة من المسلمين تقوية ونصرة لها.
الحالة الثالثة: إذا عينهم الإمام واستنفرهم للجهاد؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ , إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 38- 39]، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وإذا استنفرتم فانفروا».
الحالة الرابعة: إذا احتيج إليه، فإنه يتعيَّن عليه الجهاد.
——
المسألة الثانية: شروط الجهاد:
يشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط، وهي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والذكورية، والحرية، والاستطاعة المالية والبدنية، والسلامة من الأمراض والأضرار.
– فلا يجب الجهاد على الكافر؛ لأنه عبادة والعبادة لا تجب عليه، ولا تصح منه، ولأنه لا يتوافر فيه الإخلاص والأمانة والطاعة، فلا يؤذن له بالخروج مع جيش المسلمين؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للرجل المشرك الذي تبعه في بدر: «تؤمن بالله ورسوله؟» قال: لا، قال: «فارجع فلن أستعين بمشرك». أخرجه مسلم 1817
– وكذلك لا يجب على الصبي غير البالغ؛ لأنه غير مكلف، ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أنه عرض نفسه على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد، وهو ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزه في المقاتلة.
– وكذلك المجنون لا يجب عليه الجهاد؛ لأنه مرفوع عنه القلم، وليس من أهل التكليف.
– ولا يجب على العبد؛ لأنه مملوك لسيده، ولا المرأة لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ فقال: «جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة». وفي لفظ: نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ فقال: «لكن أفضل الجهاد حج مبرور».
– وغير المستطيع، وهو الذي لا يستطيع حمل السلاح لضعف أو كبر، وكذلك الفقير الذي لا يجد ما ينفق في طريقه فاضلاً عن نفقة عياله لا يجب عليهم الجهاد؛ لقوله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: 91].
وكذلك من به ضرر أو مرض أو غير ذلك من الأعذار لا يجب عليه الجهاد؛ لأن العجز ينفي الوجوب، ولقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: 17]. وقؤله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91].
—-
المسألة الثالثة: مسقطات الجهاد:
هناك أعذار تسقط عن صاحبها الجهاد إذا كان فرض عين أو فرض كفاية وهي:
1- 2- الجنون والصِّبا: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم».
3- الأنوثة: فلا يجب الجهاد على الأنثى. وقد سبق ذكره.
4- الرق: لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «للعبد المملوك الصالح أجران. والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبرّ أمي، لأحببت أن أموت وأنا مملوك».
قلت سيف : قوله : ( والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبرّ أمي، لأحببت أن أموت وأنا مملوك ) مدرج من كلام أبي هريرة
5- 6- الضعف البدني، والعجز المالي، والمرض، وعدم سلامة بعض الأعضاء كالعمى والعرج الشديد، وقد سبق ذكرها.
7- عدم إذن الأبوين أو أحدهما، إذا كان الجهاد تطوعاً؛ لحديث ابن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستأذنه في الجهاد، فقال: «أحيُّ والداك؟» قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد»، فبر الوالدين فرض عين، والجهاد فرض كفاية في هذه الحالة، فيقدَّم فرض العين. فإذا تعيَّن الجهاد فليس لهما منعه، ولا إذن لهما.
8- الدَّيْن الذي لا يجد له وفاءً إذا لم يأذن صاحبه، وكان الجهاد تطوعاً، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين»، فإذا تعيَّن الجهاد فلا إذن لغريمه.
9- العَالِم الذي لا يوجد غيره في البلد؛ لأنه لو قتل لافتقر الناس إليه؛ إذ لا يمكن لأحد أن يحل محله، فإذا كان لا يوجد من هو أفقه منه يسقط عنه الخروج للجهاد نظراً لحاجة المسلمين له. [الفقه الميسر، لنخبة من العلماء].
—–
المسألة الرابعة: هَلْ يُحْكَمُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّهَادَةِ؟
هَلْ يُقَالُ فُلَانٌ شَهِيدٌ؟
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ خَطَبَ، فَقَالَ: ((تَقُولُونَ فِي مَغَازِيكُمْ -يَعْنِي فِي غَزَوَاتِكُمْ- تَقُولُونَ: فُلَانٌ شَهِيدٌ، وَمَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ قَدْ يَكُونُ قَدْ أَوْقَرَ رَاحِلَتَهُ -يَعْنِي حَمَّلَهَا وِقْرًا، وَالْوِقْرُ هُوَ الْحِمْلُ الثَّقِيلُ- أَلَا لَا تَقُولُوا ذَلِكُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ)). قال ابن حجر في الفتح رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُور فِي ((سُنَنِهِ))، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. انتهى
قلت سيف : أخرجه المقدسي في المختارة 294
على شرط الذيل على الصحيح المسند أبو العجفاء وثقه ابن معين إنما أنكر البخاري عليه حديثه عن عمر في المهور .
وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)). مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((بَابٌ: لَا يُقَالُ فُلَانٌ شَهِيدٌ)).
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ((اللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ))؛ أَيْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي بَيَانِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: ((وَنَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَعَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَلَا نُنْزِلُ أَحَدًا مِنْهُمْ جَنَّةً وَلَا نَارًا، وَلَا نَشْهَدُ عَلَيْهمْ بِكُفْرٍ وَلَا بِشِرْكٍ وَلَا بِنِفَاقٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَنَذَرُ -أَيْ نَتْرُكُ- سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى)).
قَالَ ابْنُ أَبِي الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي شَرْحِ تِلْكَ الْعَقِيدَةِ -عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ-: ((يُرِيدُ الطَّحَاوِيُّ: أَنَّا لَا نَقُولُ عَنْ أَحَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، إِلَّا مَنْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ ﷺ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَالْعَشَرَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَإِنْ كُنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مَنْ شَاءُ اللَّهُ إِدْخَالَهُ النَّارَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ، وَلَكِنَّا نَقِفُ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ، فَلَا نَشْهَدُ لَهُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ، لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ بَاطِنَةٌ، وَمَا مَاتَ عَلَيْهِ لَا نُحِيطُ بِهِ، لَكِنْ نَرْجُو لِلْمُحْسِنِ، وَنَخَافُ عَلَى الْمُسِيئِينَ)).
فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ بَلَدَهُ الْإِسْلَامِيَّ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْهُ، وَأَنْ يَمُوتَ دُونَهُ؛ فَإِنَّ مَنْ مَاتَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالْأَرْضُ مَالٌ، فَمَنْ مَاتَ دُونَ مَالِهِ فَهُو شَهِيدٌ.
—–
المسألة الخامسة: كيف يمكننا الجهاد في سبيل الله بالسيف؟
الجواب : أولا : نعلم أن الجهاد المطلوب من المسلم ليس جهاد السيف فحسب، المطلوب منه أن يجاهد.
فالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في مكة كانوا مجاهدين، مع أنهم أمروا بأن لا يرفعوا السيف، كيف كانوا مجاهدين؟ مجاهدين بالحجة و البيان، قال الله جل و علا لنبيه في سورة الفرقان – وهي سورة مكية ــ {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} لهذا يقول شيخ الإسلام بن تيمية في أول كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ــ في الرد على النصارى ــ و في كتاب آخر له أيضا يقول: أصل الجهاد الواجب هو الجهاد بالحجة والبيان فإنه الجهاد الذي أجمعت عليه الرسل. كل الرسل جاهدوا في الله حق الجهاد، هل كل رسول أمر أن يرفع السيف؟ هذا نوح عليه السلام و هو أول الرسل لم يأمر بذلك فإذن الجهاد العام المطلوب من كل مسلم أولا أن يجاهد الشيطان، ويجاهد نفسه الأمارة بالسوء، ثم أهل الحجة والبيان أو من عنده علم فإنه يجاهد بالحجة والبيان، وهذا واجب في كل وقت و في كل زمن.
أما الجهاد بالسيف، فالعلماء بحثوه وذكروا له مقاصد وأهداف وذكروا له شروطا.
و من أهم شروطه: انه لا جهاد إلا تحت ولاية تحت راية .
نص العلماء في كتب الفقه كما نص عليه بن قدامة في المغني وكما نص عليه غيره . وهذا إجماع من المسلمين على ذلك. و الإجماع مستنده الدليل الشرعي، و هو قول الله جل و علا: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}.
والجهاد لهدف إعلاء كلمة الله، هناك جهاد ما له هدف!!! هناك قتال ــ ما يسمى جهادــ قتال لا هدف له. إنما الهدف منه القتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن الرجل يموت في كذا و يقتل في كذا قال: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)) . [ مستل من شريط: كيف يفكر المسلم في الواقع للشيخ صالح آل شيخ حفظه الله – بتصرف].
الوجه الرابع: فضل الجهاد والمجاهدين (وشيء من فقهه)
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى: الجهاد في سبيل الله من أفضل القربات، ومن أعظم الطاعات، بل هو أفضل ما تقرب به المتقربون وتنافس فيه المتنافسون بعد الفرائض، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من نصر المؤمنين وإعلاء كلمة الدين، وقمع الكافرين والمنافقين وتسهيل انتشار الدعوة الإسلامية بين العالمين، وإخراج العباد من الظلمات إلى النور، ونشر محاسن الإسلام وأحكامه العادلة بين الخلق أجمعين، وغير ذلك من المصالح الكثيرة والعواقب الحميدة للمسلمين، وقد ورد في فضله وفضل المجاهدين من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ما يحفز الهمم العالية، ومما ورد في فضل الجهاد والمجاهدين من الكتاب المبين قوله تعالى: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [التوبة:41-45]ففي هذه الآيات الكريمات يأمر الله عباده المؤمنين أن ينفروا إلى الجهاد خفافا وثقالا، أي: شيبا وشبابا، وأن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، يخبرهم عز وجل بأن ذلك خير لهم في الدنيا والآخرة، ثم يبين سبحانه حال المنافقين وتثاقلهم عن الجهاد وسوء نيتهم، وأن ذلك هلاك لهم بقوله عز وجل: لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة:42] الآية.ثم يعاتب نبيه ﷺ عتابا لطيفا على إذنه لمن طلب التخلف عن الجهاد بقوله سبحانه: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التوبة:43] ويبين عز وجل أن في عدم الإذن لهم تبينا للصادقين وفضيحة للكاذبين، ثم يذكر عز وجل أن المؤمن بالله واليوم الآخر لا يستأذن في ترك الجهاد بغير عذر شرعي؛ لأن إيمانه الصادق بالله واليوم الآخر يمنعه من ذلك، ويحفزه إلى المبادرة إلى الجهاد والنفير مع أهله، ثم يذكر سبحانه أن الذي يستأذن في ترك الجهاد هو عادم الإيمان بالله واليوم الآخر المرتاب فيما جاء به الرسول ﷺ وفي ذلك أعظم حث وأبلغ تحريض على الجهاد في سبيل الله، والتنفير من التخلف عنه، وقال تعالى في فضل المجاهدين: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنََ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:111]ففي هذه الآية الكريمة الترغيب العظيم في الجهاد في سبيل الله عز وجل، وبيان أن المؤمن قد باع نفسه وماله على الله عز وجل، وأنه سبحانه قد تقبل هذا البيع وجعل ثمنه لأهله الجنة، وأنهم يقاتلون في سبيله فيقتلون ويقتلون، ثم ذكر سبحانه أنه وعدهم بذلك في أشرف كتبه وأعظمها التوراة والإنجيل والقرآن، ثم بين سبحانه أنه لا أحد أوفى بعهده من الله ليطمئن المؤمنون إلى وعد ربهم ويبذلوا السلعة التي اشتراها منهم وهي نفوسهم وأموالهم في سبيله سبحانه، عن إخلاص وصدق وطيب نفس حتى يستوفوا أجرهم كاملا في الدنيا والآخرة، ثم يأمر سبحانه المؤمنين أن يستبشروا بهذا البيع لما فيه من الفوز العظيم والعاقبة الحميدة والنصر للحق والتأييد لأهله. وجهاد الكفار والمنافقين وإذلالهم ونصر أوليائه عليهم إفساح الطريق لانتشار الدعوة الإسلامية في أرجاء المعمورة، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف:10-13]في هذه الآيات الكريمات الدلالة من ربنا عز وجل على أن الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله هما التجارة العظيمة المنجية من العذاب الأليم يوم القيامة، ففي ذلك أعظم ترغيب وأكمل تشويق إلى الإيمان والجهاد، ومن المعلوم أن الإيمان بالله ورسوله يتضمن توحيد الله وإخلاص العبادة له سبحانه، كما يتضمن أداء الفرائض وترك المحارم ويدخل في ذلك الجهاد في سبيل الله لكونه من أعظم الشعائر الإسلامية ومن أهم الفرائض، ولكونه سبحانه خصه بالذكر لعظم شأنه، وللترغيب فيه لما يترتب عليه من المصالح العظيمة والعواقب الحميدة التي سبق بيان الكثير منها، ثم ذكر سبحانه ما وعد الله به المؤمنين المجاهدين من المغفرة والمساكن الطيبة في دار الكرامة ليعظم شوقهم إلى الجهاد وتشتد رغبتهم فيه، وليسابقوا إليه ويسارعوا في مشاركة القائمين به، ثم أخبر سبحانه أن من ثواب المجاهدين شيئا معجلا يحبونه وهو النصر على الأعداء والفتح القريب على المؤمنين، وفي ذلك غاية التشويق والترغيب.والآيات في فضل الجهاد والترغيب فيه وبيان فضل المجاهدين كثيرة جدا،
.أما الأحاديث الواردة في فضل الجهاد والمجاهدين، والتحذير من تركه والإعراض عنه فهي أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، ولكن نذكر طرفا يسيرا ليعلم المجاهد الصادق شيئا مما قاله نبيه ورسوله الكريم عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم في فضل الجهاد ومنزلة أهله.
ففي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ-: مثل المجاهد في سبيل الله – والله أعلم بمن يجاهد في سبيله – كمثل الصائم القائم، وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة أخرجه مسلم في صحيحه .
وفي لفط له تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة.
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال قال رسول الله ﷺ: ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي اللون لون الدم والريح ريح المسك متفق عليه .
وعن أنس – رضي الله عنه – أن النبي ﷺ قال: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم. على شرط الذيل على الصحيح المسند
هو عن حميد عن أنس وهو وان كان لم يسمع من أنس إلا قليل فالباقي سمعه من ثابت لذا حسنه محقق البلوغ ط الآثار
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه سئل أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور .
وعن أبي عبس بن جبر الأنصاري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ: ما أغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار رواه البخاري في صحيحه
وفيه أيضا عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ: من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق.
أخرجه مسلم 1910
وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن القطان، وقال الحافظ في البلوغ: رجاله ثقات.
قلت سيف : ذكره ابن عدي في ترجمة عطاء الخراساني . والذهبي في ترجمة إسحاق أبي عبدالرحمن
وورد من طريق الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر وهو منقطع فعطاء لم يسمع ابن عمر قاله محققو المسند 4825 وقالوا له شاهد لا يفرح به من حديث جابر
المهم بيع العينة محرم بأدلة أخرى
والأحاديث في فضل الجهاد والمجاهدين وبيان ما أعد الله للمجاهدين الصادقين من المنازل العالية، والثواب الجزيل، وفي الترهيب من ترك الجهاد والإعراض عنه كثيرة جدا،
وفي الحديثين الآخرين، وما جاء في معناهما: الدلالة على أن الإعراض عن الجهاد وعدم تحديث النفس به من شعب النفاق، وأن التشاغل عنه بالتجارة والزراعة والمعاملة الربوية من أسباب ذل المسلمين وتسليط الأعداء عليهم كما هو الواقع، وأن ذلك الذل لا ينزع عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم بالاستقامة على أمره والجهاد في سبيله، فنسأل الله أن يمن على المسلمين جميعا بالرجوع إلى دينه، وأن يصلح قادتهم ويصلح لهم البطانة ويجمع كلمتهم على الحق ويوفقهم جميعا للفقه في الدين والجهاد في سبيل رب العالمين حتى يعزهم الله ويرفع عنهم الذل، ويكتب لهم النصر على أعدائه وأعدائهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
——
المقصود من الجهاد: الجهاد: جهادان: جهاد طلب، وجهاد دفاع، والمقصود منهما جميعا هو تبليغ دين الله ودعوة الناس إليه وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وإعلاء دين الله في أرضه، وأن يكون الدين كله لله وحده
كما قال عز وجل في سورة التوبة: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة:5] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال النبي ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاةة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل متفق على صحته من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما-.
، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على وجوب جهاد الكفار والمشركين . وأنه لا تحرم دماؤهم وأموالهم إلا بذلك وهي تعم جهاد الطلب، وجهاد الدفاع، ولا يستثنى من ذلك إلا من التزم بالجزية بشروطها إذا كان من أهلها، عملا بقول الله عز وجل: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]
وثبت عن النبي ﷺ أنه أخذ الجزية من مجوس هجر، فهؤلاء الأصناف الثلاثة من الكفار وهم اليهود والنصارى والمجوس ثبت بالنص أخذ الجزية منهم فالواجب أن يجاهدوا ويقاتلوا مع القدرة حتى يدخلوا في الإسلام أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون، أما غيرهم فالواجب قتالهم حتى يسلموا في أصح قولي العلماء؛ لأن النبي ﷺ قاتل العرب حتى دخلوا في دين الله أفواجا، ولم يطلب منهم الجزية، ولو كان أخذها منهم جائزا تحقن به دماؤهم وأموالهم لبينه لهم، ولو وقع ذلك لنقل. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أخذها من جميع الكفار لحديث بريدة المشهور في ذلك المخرج في صحيح مسلم، والكلام في هذه المسألة وتحرير الخلاف فيها وبيان الأدلة مبسوط في كتب أهل العلم من أراده وجده.
ويستثنى من الكفار في القتال النساء والصبيان والشيخ الهرم ونحوهم ممن ليس من أهل القتال ما لم يشاركوا فيه، فإن شاركوا فيه وساعدوا عليه بالرأي والمكيدة قوتلوا كما هو معلوم من الأدلة الشرعية، وقد كان الجهاد في الإسلام على أطوار ثلاثة:
الطور الأول: الإذن للمسلمين في ذلك من غير إلزام لهم، كما في قوله سبحانه:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْْ لَقَدِيرٌ )[الحج:39]
الطور الثاني: الأمر بقتال من قاتل المسلمين والكف عمن كف عنهم، وفي هذا النوع نزل قوله تعالى:( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنََ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ )[البقرة:256] الآية وقوله تعالى:( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )[الكهف:29] وقوله تعالى:( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ )[البقرة:190] في قول جماعة من أهل العلم، وقوله تعالى في سورة النساء:( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا )[النساء:89، 90] والآية بعدها.
الطور الثالث: جهاد المشركين مطلقا وغزوهم في بلادهم حتى لا يكون فتنة ويكون الدين كله لله ليعم الخير أهل الأرض وتتسع رقعة الإسلام ويزول من طريق الدعوة دعاة الكفر والإلحاد، وينعم العباد بحكم الشريعة العادل، وتعاليمها السمحة، وليخرجوا بهذا الدين القويم من ضيق الدنيا إلى سعة الإسلام، ومن عبادة الخلق إلى عبادة الخالق سبحانه، ومن ظلم الجبابرة إلى عدل الشريعة وأحكامها الرشيدة، وهذا هو الذي استقر عليه أمر الإسلام وتوفي عليه نبينا محمد ﷺ وأنزل الله فيه قوله عز وجل في سورة براءة وهي من آخر ما نزل: ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ )[التوبة:5] الآية، وقوله سبحانه في سورة الأنفال:( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ )[الأنفال:39] والأحاديث السابقة كلها تدل على هذا القول وتشهد له بالصحة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الطور الثاني وهو القتال لمن قاتل المسلمين والكف عمن كف عنهم قد نسخ؛ لأنه كان في حال ضعف المسلمين فلما قواهم الله وكثر عددهم وعدتهم أمروا بقتال من قاتلهم ومن لم يقاتلهم، حتى يكون الدين كله لله وحده أو يؤدوا الجزية إن كانوا من أهلها، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن الطور الثاني لم ينسخ بل هو باق يعمل به عند الحاجة إليه، فإذا قوي المسلمون واستطاعوا بدء عدوهم بالقتال وجهاده في سبيل الله فعلوا ذلك عملا بآية التوبة وما جاء في معناها، أما إذا لم يستطيعوا ذلك فإنهم يقاتلون من قاتلهم واعتدى عليهم، ويكفون عمَّن كف عنهم عملا بآية النساء وما ورد في معناها، وهذا القول أصح وأولى من القول بالنسخ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وبهذا يعلم كل من له أدنى بصيرة أن قول من قال من كتاب العصر وغيرهم: أن الجهاد شرع للدفاع فقط قول غير صحيح والأدلة التي ذكرنا وغيرها تخالفه، وإنما الصواب هو ما ذكرنا من التفصيل كما قرر ذلك أهل العلم والتحقيق، ومن تأمل سيرة النبي ﷺ وسيرة أصحابه رضي الله عنهم في جهاد المشركين اتضح له ما ذكرنا وعرف مطابقة ذلك لما أسلفنا من الآيات والأحاديث، والله ولي التوفيق.
وجوب الإعداد للأعداء:
وقد أمر الله سبحانه عباده المؤمنين أن يعدوا للكفار ما استطاعوا من القوة، وأن يأخذوا حذرهم، كما في قوله عز وجل:( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )[الأنفال:60] وقوله سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ )[النساء:71] وذلك يدل على وجوب العناية بالأسباب والحذر من مكايد الأعداء، ويدخل في ذلك جميع أنواع الإعداد المتعلقة بالأسلحة والأبدان، كما يدخل في ذلك إعداد جميع الوسائل المعنوية والحسية وتدريب المجاهدين على أنواع الأسلحة وكيفية استعمالها، وتوجيههم إلى كل ما يعينهم على جهاد عدوهم والسلامة من مكائده في الكر والفر والأرض والجو والبحر . وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: «الحرب خدعة»
قلت سيف : ضعفه الألباني لكن ثبت من قول علي أخرجه أحمد 616 اذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلإن أخر من السماء أحب إلي من أن اكذب عليه ولأن حدثتكم عن غيره فالحرب خدعة ثم حدث حديث في قتل الخوارج وان قتلهم أجر
ومعناه: أن الخصم قد يدرك من خصمه بالمكر والخديعة في الحرب ما لا يدركه بالقوة والعدد وذلك مجرب معروف، وقد وقع في يوم الأحزاب من الخديعة للمشركين واليهود والكيد لهم على يد نعيم بن مسعود رضي الله عنه بإذن النبي ﷺ ما كان من أسباب خذلان الكافرين وتفريق شملهم واختلاف كلمتهم، وإعزاز المسلمين ونصرهم عليهم، وذلك من فضل الله ونصره لأوليائه ومكره لهم، كما قال عز وجل:( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )[الأنفال:30]
وقد وعدهم الله بالنصر اذا اخلصوا وأعلمهم أن النصر من عنده ليثقوا به ويعتمدوا عليه مع القيام بجميع الأسباب قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )[محمد:7] وقال سبحانه: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ )[الروم:47] وقال عز وجل:( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُُ الْأُمُورِ )[الحج:40-41] وقال عز وجل:( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) [النور:55] الآية وقال تعالى:( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) [آل عمران:120] وقال سبحانه:( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهََ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [الأنفال:9-10]وقد سبق في هذا المعنى آية سورة الصف . والآيات في هذا المعنى كثيرة، ولما قام سلفنا الصالح بما أمرهم الله به ورسوله وصبروا وصدقوا في جهاد عدوهم نصرهم الله وأيدهم وجعل لهم العاقبة مع قلة عددهم وعدتهم وكثرة أعدائهم، كما قال عز وجل: ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [البقرة:249] وقال عز وجل:( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) [آل عمران:160] ولما غير المسلمون وتفرقوا ولم يستقيموا على تعاليم ربهم وآثر أكثرهم أهواءهم أصابهم من الذل والهوان وتسلط الأعداء ما لا يخفى على أحد. وما ذاك إلا بسبب الذنوب والمعاصي، والتفرق والاختلاف وظهور الشرك والبدع والمنكرات في غالب البلاد، وعدم تحكيم أكثرهم الشريعة، كما قال الله سبحانه:( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) [الأنفال:53] وقال عز وجل : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِيي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) [الروم:41] ولما حصل من الرماة ما حصل يوم أحد من النزاع والاختلاف والإخلال بالثغر الذي أمرهم النبي ﷺ بلزومه، جرى بسبب ذلك على المسلمين من القتل والجراح والهزيمة ما هو معلوم، ولما استنكر المسلمون ذلك أنزل الله قوله تعالى:( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [آل عمران:165]ولو أن أحدا يسلم من شر المعاصي وعواقبها الوخيمة لسلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرام يوم أحد وهم خير أهل الأرض ويقاتلون في سبيل الله، ومع ذلك جرى عليهم ما جرى بسبب معصية الرماة التي كانت عن تأويل لا عن قصد للمخالفة لرسول الله ﷺ والتهاون بأمره، ولكنهم لما رأوا هزيمة المشركين ظنوا أن الأمر قد انتهى وأن الحراسة لم يبق لها حاجة وكان الواجب أن يلزموا الموقف حتى يأذن لهم النبي ﷺ بتركه، ولكن الله سبحانه قد قدر ما قدر وقضى ما قضى لحكمة بالغة وأسرار عظيمة، ومصالح كثيرة قد بينها في كتابه سبحانه وعرفها المؤمنون، وكان ذلك من الدلائل على صدق رسول الله ﷺ وأنه رسول الله حقا، وأنه بشر يصيبه ما يصيب البشر من الجراح والآلام ونحو ذلك، وليس بإله يعبد وليس مالكا للنصر، بل النصر بيد الله سبحانه ينزله على من يشاء، ولا سبيل إلى استعادة المسلمين مجدهم السالف واستحقاقهم النصر على عدوهم إلا بالرجوع إلى دينهم والاستقامة عليه وموالاة من والاه، ومعاداة من عاداه، وتحكيم شرع الله سبحانه في أمورهم كلها، واتحاد كلمتهم على الحق وتعاونهم على البر والتقوى، كما قال الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليه: ” لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ” وهذا قول جميع أهل العلم، والله سبحانه إنما أصلح أول هذه الأمة بإتباع شرعه والاعتصام بحبله والصدق في ذلك والتعاون عليه، ولا صلاح لآخرها إلا بهذا الأمر العظيم.
—–
فضل الرباط والحراسة في سبيل الله:
الرباط هو: الإقامة في الثغور، وهي: الأماكن التي يخاف على أهلها أعداء الإسلام، والمرابط هو: المقيم فيها المعد نفسه للجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينه وإخوانه المسلمين، وقد ورد في فضل المرابطة والحراسة في سبيل الله أحاديث كثيرة إليك أيها الأخ المسلم الراغب في الرباط في سبيل الله طرفا منها نقلا من كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري رحمه الله:
عن سهل بن سعد – رضي الله عنهما – أن رسول الله ﷺ قال: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم
وعن سلمان – رضي الله عنه – قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن ماتت فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان رواه مسلم واللفظ له والترمذي والنسائي والطبراني وزاد وبعث يوم القيامة شهيدا.
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمي له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وابن حبان في صحيحه وزاد في آخره قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: المجاهد من جاهد نفسه لله عز وجل وهذه الزيادة في بعض نسخ الترمذي.
وهو في الصحيحين المسند 1057 .
وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه – عن رسول الله ﷺ قال: رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطا في سبيل الله أمن الفزع الأكبر وغدي عليه وريح برزقه من الجنة ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله عز وجل رواه الطبراني ورواته ثقات.
قال الألباني صحيح لغيره في صحيح الترغيب 1219
وعن العرباض بن سارية – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ: كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة رواه الطبراني في الكبير بإسنادين رواة أحدهما ثقات.
سبق انه في الصحيح المسند وهنا زيادة ويجري عليه رزقه
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله ﷺ قال: من مات مرابطا في سبيل الله أجري عليه الصالح الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع الأكبر رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والطبراني في الأوسط أطول منه وقال فيه: والمرابط إذا مات في رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة وغدي عليه وريح برزقه ويزوج سبعين حوراء وقيل له قف اشفع إلى أن يفرغ من الحساب وإسناده متقارب.
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: عينان لا تمسهما النار: عين بكت خشية من الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله قال حديث حسن غريب.
وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال النبي ﷺ: عينان لا تمسهما النار أبدا عين باتت تكلأ في سبيل الله، وعين بكت خشية من الله رواه أبو يعلى ورواته ثقات، والطبراني في الأوسط إلا أنه قال عينان لا تريان النار.
قلت سيف :
قال العقيلي وذكر حديث أنس : والرواية في هذا الباب لينه وفيها ما هو أصلح من هذا الإسناد . قال الألباني لعله يعني رواية شبيب بن بشر وحسنه لغيره محققو المسند 28 / 446
وعن عثمان – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
نقله العقيلي في ترجمة سعيد بن خالد وأنه لا يتابع عليه وقد روي بغير هذا الوجه بإسناد أصلح فلعله يقصد رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه. …..
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية للراغب في الخير.
ونسأل الله أن يوفق المسلمين للفقه في دينه، وأن يجمعهم على الهدى، وأن يوحد صفوفهم وكلمتهم على الحق، وأن يمن عليهم بالاعتصام بكتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وتحكيم شريعته والتحاكم إليها، والاجتماع على ذلك والتعاون عليه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. [الموقع الرسمي لفضلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله رحمه الله تعالى].
—–
الوجه الخامس: بعض فضائل الجهاد:
1 – فضل الجهاد في سبيل الله ولو ساعة من الزمن
أ- عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قاتل في سبيل الله عز وجل من رجل مسلم فواق ناقة قد وجبت له الجنة )). صحيح أبي داود، وأحاديث الباب.
ب- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف)) أخرجه مسلم 1902 .
ج- عن المقدام بن مَعْدِيكرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((للشهيد عند الله ستُّ خصال: يغفرُ له في أول دُفعة من دمه، ويُرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويُحلَّى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه)). صحيح ابن ماجه.
قال مقبل الحديث فيه إرسال لكن. في الشواهد.
2 – الجهاد يمحوا الخطايا
عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْقَتْلى ثَلاثَةٌ : رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ , فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ , لا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ، مُحِيَتْ ذُنُوبُهُ وَخَطَايَاهُ , إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءُ الْخَطَايَا, وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ , فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ , وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ , وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ ، وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ فَإِنَّ ذَلِكَ فِي النَّارِ , السَّيْفُ لا يَمْحُو النِّفَاقَ ) .
رواه أحمد ( 17204 ) وجوَّد إسنادَه المنذري في ” الترغيب والترهيب ” ( 2 / 208 ) وحسنه الألباني في ” صحيح الترغيب ” ( 1370 ) .
وقد ضعفه آخرون ، فضعفه البوصيري في “إتحاف المهرة” ، وضعفه محققو مسند الإمام أحمد (29/204) .فقوله: (رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا) الاقتراف: الاكتساب، واقترف أَي اكتَسب، واقْتَرَفَ ذنباً أَي أَتاه وفَعَلَه، ويقال: قَرَفَ الذنبَ واقْتَرَفه: إذا عمله، وقارَفَ الذنبَ وغيرَه: داناهُ ولاصَقَهُ. انظر: “لسان العرب” (9 /279)
وراجع أنيس الساري.
3- فضل الرباط في سبيل الله و فضل الغُدُوِّ والرَّواح في سبيل الله، وقول الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون }
قال المفسر السعدي رحمه الله: والمصابرة أي الملازمة والاستمرار على ذلك، على الدوام، ومقاومة الأعداء في جميع الأحوال.
والمرابطة: وهي لزوم المحل الذي يخاف من وصول العدو منه، وأن يراقبوا أعداءهم، ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم، لعلهم يفلحون: يفوزون بالمحبوب الديني والدنيوي والأخروي، وينجون من المكروه كذلك.
4 – فضل الغُبار في سبيل الله
فعن أبي عبس عبد الرحمن بن جبر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((ما اغبرّت قدما عبد في سبيل الله فتمسّه النار))[ البخاري ].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (لا يجتمع غبار في سبيل الله و دخان جهنم في جوف عبد أبدا و لا يجتمع الشح و الإيمان في قلب عبد أبدا ) رواه النسائي والحاكم قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) أخرجه أحمد وغيره وطريق محمد بن عجلان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة حسنه . وأخرجها ابوعوانة في مستخرجه . وهو في مسلم 1891 ذكره آخر حديث في الباب واقتصر على لفظ : لا يجتمعان ….مؤمن قتل كافرا ثم سدد .
5 – فضل الحراسة والسهر في سبيل الله تعالى
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع) رواه البخاري
6 – فضل الرّمي في سبيل الله
قال الله تعالى: { واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهبون به عدوَّ الله وعدوّكم } وقال:{ ألا إن القوّةَ الرَّمي } مسلم
وعن كعب بن مرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بلغ العدو بسهم رفع الله له درجة فقال له عبد الرحمن بن النحام وما الدرجة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما إنها ليست بعتبة أمك ما بين الدرجتين مائة عام رواه النسائي وابن حبان وقال الألباني – ( صحيح )
وهو في أحاديث معلة حيث قال أبوداود : سالم بن أبي الجعد لم يسمع من شرحبيل.
وله شاهد ذكره الألباني في الصحيحة 2611 من حديث أيوب عن أبي قلابة عن شرحبيل بن حسنة أخرجه الطحاوي . وهو يحتمل التقوية . بهذين الاسنادين
7 – فضل قتل الكافر في سبيل الله
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمع كافِرٌ وقاتلُه في النار أبداً ))[ مسلم ].
8 – فضل المقتول في سبيل الله قال الله تعالى: { ولا تحسبنّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون * فرحين بما آتاهم اللهُ من فضلِه }
فعن مسروق قال سألنا عبدالله ابن مسعود عن هذه الآية قال أما إنا سألنا عن ذلك فقال ( أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال هل تشتهون شيئا ؟ قالوا أي شيء نشتهي ؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا )
أخرجه مسلم 1887
9 – ما يجد الشهيد من ألم القتل:فعن أبي هريرة – رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “الشهيد لا يجد من القتل إلا كما يجد أحدكم القرصة يُقرصُها”. صحيح ابن ماجه وهو في الصحيح المسند 1432
10 – فضل مشاقِّ الغزو قال الله تعالى: { ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه؛ ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصةٌ في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفارَ ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كُتب لهم به عملٌ صالحٌ إن الله لا يُضيعُ أجرَ المُحسنين * ولا يُنفقون نفقةً صغيرةً ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كُتِبَ لهم ليجزيهم اللهُ أحسن ما كانوا يعملون }
فضل الجراح في سبيل الله
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما من مؤمن يُكلَم في سبيل الله _ والله أعلم بمن يُكلم في سبيله _ إلا جاء يوم القيامة وجُرحه يثْعَبُ دماً: اللون لون الدّم والرّيحُ ريحُ المسك)).[ متفق عليه ].
11 – فضل الغالب في سبيل الله
قال الله تعالى: { ومن يُقاتل في سبيل الله فيُقتَل أو يَغلِب فسوفَ نؤتيه أجراً عظيماً }
عظم الله أجرَ الغالب في سبيل الله لأنه امتثل أمرَ الله بقتل أعداء الله ودفع شرّهم عن أولياء الله.
12 – فضل إخافة العدو
فعن أم مبشر تبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال (خير الناس منزلة رجل على متن فرسه يخيف العدو ويخيفونه) رواه البيهقي “السلسلة الصحيحة”3333
قلت سيف : حديث أم مبشر صححه الالباني لكن في الجامع للمراسيل مجاهد روى عن أم مبشر ويقال مرسل.
وفي المطالب العالية : الحديث مرسل
لكن يشهد له أحاديث :
وورد عن طاوس عن أم مالك البهزية قال الترمذي هذا الإسناد غريب من هذا الوجه . وقد رواه الليث بن أبي سليم عن طاوس عن أم مالك البهزية
و قال الترمذي وفي الباب عن أم مبشر وأبي سعيد الخدري وابن عباس
وحديث أبي سعيد في البخاري ومسلم 1888 . ومن حديث أبي هريرة عند مسلم 1889
13 – حب الجهاد فرض وكراهيته نفاق وعن أبي أمامه – رضي الله عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” من لم يغز أو يجهز غازياً أو يخلف غازياً في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة ” [” السلسلة الصحيحة “] ، وفى الرواية الأخرى ” مات على شعبة من النفاق ” [رواه مسلم].
—-‘
الوجه السادس: أصناف المؤمنين في الجنة: ينقسم الناس إلى أصناف يوم القيامة، ومن ذلك:
1 – الذي جرح في سبيل الله تعالى؛ فيقول ﷺ: من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة ، ولو مقدار حلب ناقة، وجبت له الجنة، ومن جرح جرحاً في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها الزعفران وريحها كالمسك. قال الترمذي: حديث صحيح.
2 – المؤذنون؛ فيقول ﷺ: المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة رواه مسلم.
3 – حملة القرآن؛ قال النبي ﷺ: يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران ، وضرب لهما رسول الله ﷺ ثلاثة أمثال: كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما . والظلة: السحابة، والشرق: ضياء ونور، ومعنى حزقان من طير: أي جماعتان.
قال ﷺ: اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة أي: السحرة، رواه مسلم رحمه الله.
4 – أصحاب الصيام؛ فيقول النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه عز وجل: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك.
5 – أهل الحج؛ فيقول النبي ﷺ في رجل كان واقفاً معه بعرفه فوقصته ناقته، أوقعته من فوقها فمات فقال ﷺ: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً .
6 – أناس في ظل الله تعالى؛ كما قال النبي ﷺ فيما ورد في الصحيح: سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه .
وكذلك فإن ممن يكون في الظل ما قاله النبي ﷺ: إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي. رواه مسلم.
وكذلك: حديث أبي هريرة ( أنظر معسراً أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله رواه الترمذي وهو حديث صحيح. وهو في الصحيح المسند 1291 . وورد عن أبي اليسر أخرجه مسلم 3006
ولذلك كان أبو قتادة يطلب غريماً له فتوارى عنه الغريم هارباً، فتوارى عنه ثم وجده فقال الغريم: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله، قال: فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه رواه مسلم.
وراجع تخريج أحاديث فضائل الجهاد تحت حديث 1062 من الصحيح المسند من حديث فضالة : وأنا زعيم لمن آمن بي وأسلم وجهاد في سبيل الله. …