1103 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1103):
قال الإمام النسائي رحمه الله: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال حدثنا خالد عن شعبة عن سماك عن محمد بن حاطب، قال: تناولت قدرا فأصاب كفي من مائها فاحترق ظهر كفي، فانطلقت بي أمي إلى النبي صلى الله عليه و سلم، فقال: أذهب البأس رب الناس وأحسبه قال واشف أنت الشافي ويتفل.
خالفه زكريا بن أبي زائدة ومسعر.
أخبرنا عبدة بن عبد الله عن محمد بن بشر قال حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن سماك بن حرب عن محمد بن حاطب قال: تناولت قدرا كانت لي فاحترقت يدي، فانطلقت بي أمي إلى رجل جالس فقالت له: يا رسول الله. فقال: ((لبيك وسعديك)) قم أدنتني منه، فجعل يتفل ويتكلم بكلام ما أدري ما هو، فسألت أمي بعد ذلك ما كان يقول؟ قالت كان يقول: أذهب البأس، رب الناس، اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت.
هذا حديث حسن.
* وقال الإمام النسائي رحمه الله في عمل اليوم والليلة: أخبرنا عبدة بن عبد الله الصفار عن محمد بن بشر قال حدثنا زكريا بن أبي زائدة قال حدثني سماك بن حرب عن محمد بن حاطب قال: تناولت قدرا كانت لي فاحترقت يدي فانطلقت بي أمي إلى رجل جالس في الجبانة فقالت له يا رسول الله قال: ((لبيك وسعديك)) ثم أدنتني منه فجعل يتفل ويتكلم بكلام ما أدري ما هو، فسألت أمي بعد ذلك ما كان يقول؟ قالت: كان يقول: أذهب الباس رب الناس اشفي أنت الشافي لا شافي الا أنت.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
*وقال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله: حدثنا محمد بن بشر العبدي , حدثنا زكريا بن أبي زائدة , حدثنا سماك، عن محمد بن حاطب، قال: تناولت قدرا لنا فاحترقت يدي فانطلقت بي أمي إلى رجل جالس في الجبانة، فقالت له: يا رسول الله، فقال: ((لبيك وسعديك))، ثم أدنتني منه فجعل ينفث ويتكلم لا أدري ما هو، فسألت أمي بعد ذلك ما كان يقول؟ قالت: كان يقول: أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو أحمد حثنا إسرائيل عن سماك عن محمد بن حاطب، قال صلى الله عليه وسلم تناولت قدرا لأمي فاحترقت يدي فذهبت بي أمي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فجعل يمسح يدي ولا أدري ما يقول أنا أصغر من ذاك فسألت أمي فقالت كان يقول: اذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك.
هذا حديث حسن.
===================
الكلام عليه من وجوه:
الوجه الأول: في السند. (ترجمة الرواي، تخريجه).
رواه الإمام أحمد في مسنده عن محمد بن حاطب عن أمه أم جميل بنت المجلِّل رضي الله عنها قالت: أَقْبَلْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَبِيخًا، فَفَنِيَ الْحَطَبُ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ، فَتَنَاوَلْتَ الْقِدْرَ – وكان صغيراً -، فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعِكَ، فَأَتَيْتُ بِكَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، فَتَفَلَ فِي فِيكَ، وَمَسَحَ عَلَى رَاسِكَ، وَدَعَا لَكَ، وَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَى يَدَيْكَ وَيَقُولُ: «أَذْهِبْ الْبَاسْ، رَبَّ النَّاسْ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا»، فَقَالَتْ: فَمَا قُمْتُ بِكَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى بَرَأَتْ يَدُكَ
وروى الإمام أحمد في مسنده قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ: انْصَبَّتْ عَلَى يَدِي مِنْ قِدْرٍ – أي: انصب على يده طعام حار -، فَذَهَبَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي مَكَانٍ، فَقَالَ كَلَامًا فِيهِ: «أَذْهِبْ الْبَأسْ، رَبَّ النَّاسْ»، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي»، قَالَ: وَكَانَ يَتْفُلُ؛ أي: على يده.
الوجه الثاني: شرح وفقه الحديث. وباقي الروايات: قال الإمام النسائي رحمه الله: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال حدثنا خالد عن شعبة عن سماك عن محمد بن حاطب، قال:، وفي رواية عند أحمد: ” عن أمِّه أُمّ جميل بن المجُلّل، قالت: أقبلتُ بك من أرضِ الحبشةِ، حتى إذا كنتُ من المدينةِ على ليلةٍ أو ليلتين طبخَتُ لكَ طَبيخًا، فَفنِيَ الحطبُ فخرجتُ أطلبُهُ، فَتَنَاولتَ القدرَ”، تناولت قدرا، وفي رواية: ” كانت لي “، وفي رواية: “قدرا لأمي”، فأصاب كفي من مائها فاحترق ظهر كفي، وفي رواية: ” فاحترقت يدي “، وفي رواية لأحمد:” فانكفأتْ على ذراعِكَ”، فانطلقت بي أمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: ” إلى رجل جالس في الجبانة “، ورواية: ” فقالت له يا رسول الله. قال: ((لبيك وسعديك)) ثم أدنتني منه، فجعل يتفل”، وفي رواية: ” ينفث “، وفي رواية: ” يمسح يدي “، وفي رواية لأحمد: “ومَسَحَ على رأسِكَ، ودَعَا لكَ وجَعَلَ يَتْفُلُ على يديك”، وفي رواية: “ويتكلم بكلام ما أدري ما هو، وفي رواية: “- أنا أصغر من ذاك-“، وفي رواية: “فسألت أمي بعد ذلك ما كان يقول؟ قالت كان يقول:”،
فقال: ((أذهب البأس، رب الناس)). وأحسبه قال: ((واشف أنت الشافي))، وفي رواية وفيها زيادة: ((أذهب البأس، رب الناس، اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت)). وفي رواية: ((اذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك)). ويتفل. أي: على يده.
وله شاهد صحيح من حديث عائشة –رضي الله عنها-: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوّذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى، ويقول: «اللهم رب الناس أذهب الباس واشِفِه، وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سَقمًا» متفق عليه. رواه البخاري (491 ح5743)، ومسلم (1067 ح2191).وروى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ بَعْضَهُمْ، يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ: «أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا» وفي رواية عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا عَادَ مَرِيضًا يَقُولُ: وذكرت الدعاء رواه مسلم. وفي رواية أخرى عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْقِي بِهَذِهِ الرُّقْيَةِ: «امْسَحِ البَأسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلَّا أَنْتَ» وفي رواية لمسلم قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: وذكرت الدعاء، قالت: فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَثَقُلَ، أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى»، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى (أي توفي صلوات الله وسلامه عليه) [صحيح مسلم: 2191].
ورواه ابن ماجة ولفظه قالت: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: «أَذْهِبْ الْبَاسْ، رَبَّ النَّاسْ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ؛ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا»، فَلَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَجَعَلْتُ أَمْسَحُهُ، وَأَقُولُهَا، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى» قَالَتْ: فَكَانَ هَذَا آخِرَ مَا سَمِعْتُ مِنْ كَلَامِهِ صلى الله عليه وسلم. [صحيح مسلم: 2191]. ورواه إسحاق بن راهوية في مسنده أنها قالت: كنت أعوِّذُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه، أقول: «أذهب البأس، رب الناس، اشف أنت الشافي، اشف شفاءً لا يغادر سقماً، الشفاء بيدك»، قالت: فكنت أعوِّذه في مرضه الذي مات فيه، فقال: «عني، فإنما كانت تنفعني لو كانت المدة» أي: لو كان لي بقية في هذه الحياة.
قلت سيف: أخرجه أحمد 26243 وحكم محققو المسند على لفظة (فإنما كانت تنفعني لو كانت المدة) تفرد بها عمرو بن مالك النكري ولا يتحمل التفرد. انتهى
وسبق أنه أخذ صلى الله عليه وسلم يده من عائشة … وكان يقول في الرفيق الأعلى.
تنبيه: هناك عمرو بن مالك البصري اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث وهو غير النكري
وروى البخاري في صحيحه عن عبد العزيز بن صهيب، قال: دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ – أي مرضتُ – فَقَالَ أَنَسٌ: أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا».
وروى الإمام أحمد 566 في مسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَوَّذَ مَرِيضًا قَالَ: «أَذْهِبْ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا».
قال محققو المسند: حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف الحارث الأعور ضعفوه
وروى البزار في مسنده عن عمار بن ياسر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه فقال: «أذهب البأس، رب الناس، واشف أنت الشافي لاَ شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لاَ يغادر سقمًا».
قلت سيف: حميد بن الربيع شيخ البزار … كذبه ابن معين وأنكر الإمام أحمد على ابن معين الكلام فيه.
وكان يدلس
وروى الطبراني في كتابه الدعاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضًا قال: «أذهب البأس، رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا».
قال الشوكاني رحمه الله: “وهذا الحديث وإن كانت الرقية به لمحروق فإنه لا يدل على أنه لا يُرقى بها إلا المحروق، بل يرقى بها كل من أصيب بشيء كائناً ما كان”.
وروى الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ ابْنِ أَخِي مَيْمُونَةَ الْهِلَالِيَّةِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ مَيْمُونَةَ قَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: «بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، وَاللَّهُ يَشْفِيكَ، مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ، أَذْهِبْ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ»،في تراجعات الألباني ضعفه الألباني بجهالة عبدالرحمن بن السائب ثم حسنه لغيره في موارد الظمآن.
وروى الضبي في كتابه الدعاء عن سحيم بن نوفل قال: بينا نحن عند عبد الله – أي ابن مسعود رضي الله عنه إذ جاءت جارية إلى سيدها، وقالت: ما يقعدك؟ قم فابتغِ راقيًا فإن فلانًا قد لَقَعَ فرسَك – أي أصاب فرسك بعين – فتركه يدور كأنه فلك، فقال عبد الله: لا تبغِ راقياً، ولكن ائته، فاتفل في منخره الأيمن أربعًا، وفي الأيسر ثلاثًا، وقل: «بسم الله، لا بأس، أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي لا يكشف الضر إلا أنت»، قال: فلما قمنا من عند عبد الله حتى جاء فقال: قلتُ الذي قلت لي، فلم أبرح حتى أكل وشرب، وراث وبال.
قلت سيف:
قال الحافظ ابن حجر: وحكمه الرفع؛ إذ مثله لا مجال للرأي فيه. ورواه مجاهد بن موسى عن يزيد عن أبي مالك الأشجعي عن هلال بن يساف قال جاءت جارية إلى مولى وهو عند عبدالله …. فذكر نحوه مرسلا ولم يذكر سحيما. انتهى من الاتحاف وعزى السند الأول المتصل لابن جرير
ويزيد هو بن هارون
وسحيم بن نوفل ذكر في الثقات ممن لم يقع ذكرهم في الكتب الستة
وأخرجه البيهقي في الدعوات الكبير من طريق يعلى بن عبيد ثنا سفيان عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن سحيم بن نوفل قال: به
وفي مكارم الأخلاق من طريق القاسم بن يزيد عن سفيان الثوري عن حصين عن سحيم به
وابن أبي شيبة ثنا ابن إدريس عن حصين عن سحيم به
وابن عبدالبر من طريق محمد بن المثنى ثني بن أبي عدي عن شعبة عن حصين عن سحيم به
وابن جرير في التهذيب ثنا محمد بن المثنى عن بن أبي عدي عن شعبة عن حصين عن سحيم به واعتبره حديث كأنه رآه في حكم المرفوع
فيحتمل التحسين ويكون على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
وسحيم وجدت له راويا اسمه سليم لم أورده لأن ظاهر ترجمته التشيع.
فيكفيني في قبوله انه ممن يقرأ القرآن على ابن مسعود ثم الدعاء له شواهد مرفوعة
واجاز الشيخ ابن باز وابن عثيمين وغيرهما من العلماء رقية السيارة وغيرها ومن الأدلة أثر ابن مسعود. وقصة صاحب الجنة في القرآن الذي طلب منه صاحبه أن يقول ما شاء الله.
“فهذه الرقية العظيمة مشتملة على توسلات عظيمات، والتجاءات مباركات إلى الله سبحانه وتعالى، رب الأرض والسماوات، وأنه الشافي لا شفاء إلا شفاؤه، فمن وفَّقه الله عز وجل للعناية بهذه الرقية حفظًا لألفاظها، وفهمًا لمعناها ومدلولها، وصدقًا في الالتجاء إلى الله عز وجل بالدعاء بها، متوكلًا عليه، واثقًا به، شفاه الله، وشفى مريضه أيًّاً كان مرضه – بإذن الله – والشافي هو الله وحده، لا شفاء إلا شفاؤه.
“. [رقية الرسول صلى الله عليه وسلم، للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن].
والسائلة:
هي فاطمة بنت المجلِّل بن عبدالله بن أبي قيس، من بني عامر بن لؤي، القرشية، العامرية، وقيل اسمها: جويرية، وجزم ابن بشكوال بأن اسمها: فاطمة، تكنىّ: بأم جميل، واشتهرت بها، أسلمت قديمًا، وهي من المهاجرات إلى الحبشة مع زوجها حاطب بن الحارث، وولدت له هناك: محمدًا والحارث.
ثم توفي زوجها، وقدمت مهاجرةً إلى المدينة مع ابنيها في إحدى السفينتين، وتزوجت زيد بن ثابت بن الضحاك وولدت له، وهي صحابيّة روت عن النبي، وروى عنها ابنها محمد ابن حاطب. [الاستيعاب (4/ 1927)، غوامض الأسماء المبهمة (1/ 362)، أسد الغابة (6/ 230)، الإصابة (8/ 70)].
غريب الحديث: (الجَبَّانة): (بالفتح ثم التشديد) الأصل فيها هو الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تسميةً للشيء بموضعه، والجَبَّان: ما يستوي من الأرض في ارتفاع، أو بلا ارتفاع ويكون كريم المنبت، ولا تكون الجبّانة في الرمل ولا في الجبل، وكل صحراء جبّانة. [معجم ما استعجم (1/ 363)، معجم البلدان (2/ 99)، لسان العرب (13/ 84)].
(النَّفْث): النون والفاء والثاء أصل صحيح يدلُّ على خروج شيء من فمٍ أو غيره بأدنى جَرْسٍ وهو أقلُّ من التَّفْل، شبيه بالنفخ، وقيل هو التفل بعينه [معجم مقاييس اللغة (ص1002)، وينظر: لسان العرب (2/ 196)، الغريب لابن سلام (1/ 299)، النهاية في غريب الحديث (5/ 87)]، والصحيح الأول.
(البأس): بَأَسَ أصل واحد معناه؛ الشدّة وما ضارعها. قال القاضي عياض – رحمه الله -: هو شدة المرض، ومن معانيه: العذاب، والشدة في الحرب والخوف والفقر والبائس هو: المبتلى، وابتأس الرجل إذا بلغه شيء يكرهه. [معجم مقاييس اللغة (ص148)، لسان العرب (6/ 20)، مختار الصحاح (ص16)، مشارق الأنوار (1/ 101)].
(السَّقم): هو المرض، يقال سُقْمٌ وسَقَم وسَقَامٌ ثلاثُ لغاتٍ، وهو سَقِيم، ومِسْقَام: كثير السقم، والجمع: سِقَام [معجم مقاييس اللغة (ص463)، لسان العرب (12/ 288)، مختار الصحاح (ص128)، النهاية في غريب الحديث (2/ 380)].
الوجه الثالث: ما يستفاد من الحديث:
1 – مشروعية الدعاء بالشفاء، والتداوي لرفع البلاء بالرقية الشرعية، مع ما في المرض من كفَّارة ورحمة؛ لأن الدعاء عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى ولا تنافي الثواب والكفَّارة لحصولهما، وكلٌّ من فضل الله تعالى، نزول المرض والصبر عليه والشفاء منه، والداعي بين حسنيين؛ إما نيل مقصوده أو العوض عنه بجلب نفع أو دفع ضر. [ينظر: شرح معاني الآثار (4/ 329)، وشرح ابن بطال (9/ 433)، فيض القدير (5/ 87)، تحفة الأحوذي (10/ 8).
2 – الرقية الشرعية بالآيات والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم سبب لتطييب نفس العليل، وشفائه، وعافيته، ولها آثار عجيبة في الشفاء تتقاعد العقول عن إدراك كنهها، وحصول البرء من المرض بتقدير الله عز وجل ومشيئته وليس في وسع مخلوق تعجيله قبل حينه، وإن لم يكتب للمريض شفاء فإن كل ما يقع من تدبير الطبيب، وخواصّ الدواء لا ينفع ولا ينجع. [ينظر: التمهيد (5/ 264)، الفتح (10/ 256)، فيض القدير (5/ 86)، شرح الزرقاني (4/ 418)].
3 – من تمام لطف الكريم سبحانه بخلقه أن ابتلاهم بالأدواء، وأعانهم عليها بالأدوية الحسية والمعنوية. [فيض القدير (5/ 86)].
4 – قال ابن القيم – رحمه الله -: في هذه الرقية توسُّل إلى الله تعالى بكمال ربوبيته ورحمته وأنه وحده الشافي. [زاد المعاد (4/ 188)].
5 – قال ابن عبد البر والنووي – رحمهما الله -: أجمع العلماء على جواز النفث، واستحبه الجمهور من الصحابة ومن بعدهم التابعين، ونقل القاضي عياض عن بعض علمائه كابن عبدالبر والباجي: أن النفث في الرقية سنَّةٌ، والأخذ بها اقتداءٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم [إكمال المعلم (7/ 100)، التمهيد (5/ 279)، المنهاج (14/ 403)، قال العيني في عمدة القاري (20/ 24) النفث: إخراج ريح من الفم مع شيء من الريق].
وسئلت عائشة – رضي الله عنها – عن نفث النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية، فقالت: كما ينفث آكل الزبيب. [رواه الحميدي في مسنده (1/ 114 ح233). وهو صحيح]، وهو يقتضي أن يلقي اليسير من الرِّيق.
6 – قال القاضي عياض – رحمه الله -: فائدة النفث والتفل اليسير – والله أعلم – التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء والنَّفَس المباشر للرقية والذكر الحسن والدعاء الطيب، وقد يكون على وجه التفاؤل بزوال ذلك الألم عن المريض وانفصاله عنه، كانفصال ذلك النفث عن فيّ الراقي. [إكمال المعلم (7/ 101)، المنهاج (14/ 403)، فتح الباري (10/ 242)، عمدة القاري (21/ 262)، الديباج (5/ 212)].
وقال ابن القيم – رحمه الله -: في النفث سرٌّ عجيب؛ لأن الرقية تخرج من قلبه وفمه، فيكون التأثير بها أقوى نفوذًا وأتمَّ للرقية، واستعانة الراقي بها في إزالة الضرر وإطفاء حرارة الألم كاستعانة تلك النفوس الخبيثة بلسعها وإحراقها وإفسادها. [زاد المعاد (4/ 181 – 182) مختصرًا].
7 – المسح باليد اليمنى على الوجع سنة عند الرقية، وهي من التفاؤل بزوال الألم وذهاب المكروه. [شرح ابن بطال (9/ 433)، إكمال المعلم (7/ 101)، عمدة القاري (21/ 262)].
8 – كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بالشفاء المطلق لا بمطلق الشفاء من هذا المرض بعينه؛ لأنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر، وكان يكرر الرقية ليكون أبلغ في الضراعة وأنجع في الاستجابة. [عون المعبود (10/ 274)، تحفة الأحوذي (10/ 8)].
9 – فيه لطف النبي صلى الله عليه وسلم ولين جانبه مع المرأة المفجوعة بوجع صغيرها، يظهر ذلك في الاستقبال الرحّب والتقدير للخطْب والدعاء للمريض حتى زوال الكرب.
10 – قال الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله-: الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي كتاب الله تعالى، وسنَّةُ رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرها. اهـ[مجلة البحوث الإسلامية (12/ 209) بحث بعنوان: قواعد في أدلة الأسماء والصفات للشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله-.
وينظر: فتح الباري (10/ 254)، عون المعبود (10/ 273)، تحفة الأحوذي (10/ 8)].
وأثبت هذا الحديث اسم عظيم من أسمائه سبحانه وهو (الشافي) وله أصل في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [سورة الشعراء، الآية: 80].
والشافي هو الذي يشفي عباده من الأسقام والأمراض ويعافيهم. [الحلقة (4) حديث ((اذْهِبْ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ … ))].
11 – في معجزاته صلى الله عليه وسلم في ابراء الحرق.
الوجه الرابع: المسائل الملحقة:
المسألة الأولى (1): فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المرضى
وقال ابن القيم – رحمه الله -: “فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المرضى
كان صلى الله عليه وسلم يعودُ مَنْ مَرِضَ من أصحابه، وعاد غلاماً كان يَخدِمه مِن أهل الكتاب، وعاد عمَّه وهو مشرك، وعرض عليهما الإِسلام، فأسلم اليهودي، ولم يسلم عمُّه.
وكان يدنو من المريض، ويجلِسُ عند رأسه، ويسألُه عن حاله، فيقول: كيف تجدُك؟
وذكر أنه كان يسأل المريضَ عما يشتهيه، فيقول: (هَل تَشْتَهِي شَيئاً)؟ فإن اشتهى شيئاً وعلِم أنه لا يضرّه، أمر له به.
وكان يمسح بيده اليُمنى على المريض، ويقول: (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاس، أَذْهِبِ الباسَ، واشْفِه أَنتَ الشَّافي، لا شِفَاءَ إلا شِفاؤكَ، شِفاءً لا يُغادر سَقَماً). وكان يقول: (امسَح البَأسَ رَبَّ النَاس، بيَدكَ الشِّفَاءُ، لا كَاشفَ له إلاَّ أنت).
وكان يدعو للمريض ثلاثاً كما قاله لسعد: (اللهم اشْفِ سَعْداً، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً).
وكان إذا دخل على المريض يقول له: (لا بَأسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللّه) .. وربما كان يقول: (كَفَّارَةٌ وَطَهورٌ).
وكان يَرْقِي مَن به قَرحة، أو جُرح، أو شكوى، فيضِع سبَابته بالأرض، ثم يرفعها ويقول: (بِسْمِ اللّه، تُرْبَةُ أرْضِنا، بِرِيقَةِ بَعضِنا يُشْفى سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنا) هذا في (الصحيحين)، وهو يبطل اللفظة التي جاءت في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وأنهم لا يرْقُونَ ولا يَسْتَرْقُونَ فقوله في الحديث: (لا يرقون) غلط من الراوي، سمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية يقول ذلك. قال: وإنما الحديث (هم الذين لا يَسْتَرْقُونَ). قلت: وذلك لأن هؤلاء دخلوا الجنة بغير حساب، لكمال توحيدهم، ولهذا نفى عنهم الاسترقاء، وهو سؤالُ الناس أن يرقوهم. ولهذا قال:. (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، فلكمال توكُّلهم على ربهم، وسُكونهم إليه، وثقتهم به، ورِضاهم عنه، وإنزال حوائجهم به، لا يسألون الناس شيئاً، لا رُقيةً ولا غيرها، ولا يحصُلُ لهم طِيرَةٌ تصدُّهم عما يقصِدونه، فإن الطِّيَرَةَ تَنْقُصُ التوحيد وتُضْعِفُه. قال: والراقي متصدِّق مُحسن، والمسترقي سائل، والنبي صلى الله عليه وسلم رَقَى، ولم يسترق، وقال: (مَنْ اسْتطاع منكم أَنْ يَنْفَعَ أَخاه فَلْيَنْفَعْه).
فإن قيل: فما تصنعون بالحديث الذي في (الصحيحين) عن عائشة رضي اللّه عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا أوى إلى فراشه، جمع كفَّيه ثم نفَث فيهما، فقرأ {قل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَق} [الفلق: 1]، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس} [الناس: 1]، ويمسح بهما ما استطاع مِن جسده، ويبدأ بهما على رأسه ووجهه ماَ أقبل من جسده، يفعلُ ذلك ثلاث مرات قالت عائشة: فلما اشتكى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، كان يأمرني أن أفعل ذلك به.؟
فالجواب: أن هذا الحديث قد روي بثلاثة ألفاظ: أحدها: هذا. والثاني: أنه كان ينفُث على نفسه، والثالث: قالت: كنت أنفُث عليه بهن، وأمسح بيد نفسه لبركتها، وفي لفظ رابع: كان إذا اشتكى، يقرأ على نفسه بالمعوِّذات وينفُث، وهذه الألفاظ يُفسِّر بعضها بعضاً. وكان صلى الله عليه وسلم ينفث على نفسه، وضعفه ووجعُه يمنعه من إمرار يده على جسده كله. فكان يأمر عائشة أن تُمر يده على جسده بعد نفثه هو، وليس ذلك من الاسترقاء في شيء، وهي لم تقل: كان يأمرني أن أرقيه، وإنما ذكرت المسح بيده بعد النفث على جسده، ثم قالت: كان يأمرني أن أفعل ذلك به، أى: أن أمسح جسده بجده، كما كان هو يفعل.
ولم يكن مِن هديه عليه الصلاة والسلام أن يَخُصَّ يوماً من الأيام بعيادة المريض، ولا وقتاً من الأوقات، بل شرع لأمته عيادة المرضى ليلاً ونهاراً، وفي سائر الأوقات. وفي (المسند) عنه: (إذا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ المُسلِمَ مَشَى في خُرفَةِ الجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ، غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، فَإن كَانَ غُدوَةً، صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإن كَانَ مَسَاءً، صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ). وفي لفظ (ما مِنْ مُسْلِم يَعُودُ مُسْلِماً إلا بَعَثَ اللَهُ لَه سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يصَلّونَ عَلَيه أَيَّ ساعةٍ مِنَ النَّهار كانت حتَّى يُمْسِيَ، وأيَّ ساعَةٍ مِن الليلِ كانت حتَّى يُصْبِحَ).
وكان يعود من الرمد وغيره. وكان أحياناً يضع يده على جبهة المريض، ثم يمسحُ صدره وبطنه، ويقول: (اللَّهُمَّ اشْفِهِ) وكان يمسح وجهه أيضاً.
وكان إذا يئس من المريض، قال: (إنا للهِ وإنَّا إليه رَاجِعُون). [زاد المعاد في هدي خير العباد].
ومما ورد فمنها البكاء على الميت ومذهب أحمد وأبى حنيفة أجازاه قبل الموت وبعده واختاره أبو اسحاق الشيرازى وكرهه الشافعى وكثير من أصحابه بعد الموت ورخصوا فيه قبل خروج الروح واحتجوا بحديث جابر بن عتيك: ” أن رسول الله جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجب فاسترجع وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل ابن عتيك يسكتهن فقال رسول الله دعهن فاذا وجب فلا تبكين باكية قالوا وما الوجوب يا رسول الله قال الموت” رواه أبو داود والنسائى (صححه الألباني)
فمعنى غلبنا عليك أي أنه على وشك الموت أو أنه مات
وكذلك ارسل النبي صلى الله عليه وسلم لابنته وكان ابنها في احتضار الموت الله ما أعطى ولله ما أخذ ……
المسألة الثانية (2): آداب زيارة المريض
عيادة المريض، هي: زيارته , وسميت عيادة لأن الناس يعودون إليه مرة بعد أخرى.
حكم عيادة المريض:
ذهب بعض العلماء إلى أنها سنة مؤكدة , واختار شيخ الإسلام أنها فرض كفاية، كما في “الاختيارت” (ص 85) , وهو الصحيح. فقد ثبت في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: (خمس تجب للمسلم على أخيه المسلم: وذكر منها: عيادة المريض) وفي لفظ: (حق المسلم على المسلم … ) وقال البخاري: ” باب وجوب عيادة المريض وروى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أطعموا الجائع , وعودوا المريض , وفكوا العاني) ” انتهى.
وهذا الحديث يدل على الوجوب , وقد يؤخذ منها أنها فرض كفاية كإطعام الجائع وفك الأسير. ونقل النووي الإجماع على أنها لا تجب. قال الحافظ في الفتح (10/ 117): يعني على الأعيان.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (5/ 173):
” الصحيح أنها واجب كفائي، فيجب على المسلمين أن يعودوا مرضاهم ” انتهى بتصرف.
فضل عيادة المريض:
وورد في فضلها أحاديث كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ) رواه مسلم (2568). خرفة الجنة أي: جناها.
شبه ما يحوزه العائد من ثواب بما يحوزه الذي يجتني الثمر.
وللترمذي (2008) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّاتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا) حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَجْلِسَ , فَإِذَا جَلَسَ اغْتَمَسَ فِيهَا) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2504).
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ (969) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ , وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ) صححه الألباني في صحيح الترمذي. والخريف هو البستان.
وليست عيادة المريض خاصة بمن يعرفه فقط، بل هي مشروعة لمن يعرفه ومن لا يعرفه. قاله النووي في “شرح مسلم”.
حد المريض الذي تجب عيادته: هو المريض الذي يحبسه مرضه عن شهود الناس , أما إذا كان مريضاً ولكنه يخرج ويشهد الناس فلا تجب عيادته. “الشرح الممتع” (5/ 171).
عيادة المرأة الأجنبية:
ولا حرج في عيادة الرجل المرأة الأجنبية، أو المرأة الرجل الأجنبي عنها، إذا توفرت الشروط الآتية: التستر، وأمن الفتنة، وعدم الخلوة.
قال الإمام البخاري: ” باب عيادة النساء الرجال , وعادت أم الدرداء رجلاً من أهل المسجد من الأنصار “. ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها أنها عادت أبا بكر وبلالاً رضي الله عنهما لما مرضا في أول مقدمهم المدينة.
وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنهم بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (انْطَلِقْ بِنَا إلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا , وَذَهَبَا إلَيْهَا).
قال ابن الجوزي: ” وَالأَوْلَى حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لا يُخَافُ مِنْهَا فِتْنَةٌ كَالْعَجُوزِ ” انتهى.
عيادة الكافر:
ولا حرج في عيادة المشرك إذا ترتب على ذلك مصلحة , فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم غلاماً يهودياً ودعاه إلى الإسلام فأسلم. رواه البخاري (1356). وحضر النبي صلى الله عليه وسلم موت عمه أبي طالب فدعاه إلى الإسلام فأبى. متفق عليه.
والمصلحة في ذلك قد تكون دعوته إلى الإسلام , أو كف شره أو تأليف أهله ونحو ذلك .. انظر “فتح الباري” (10/ 125).
هل يكرر العيادة؟
اختار بعض العلماء أنه لا يعوده كل يوم حتى لا يثقل عليه , والصواب أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال , فبعض الناس يستأنس بهم المريض ويشق عليه عدم رؤيتهم كل يوم , فهؤلاء يسن لهم المواصلة ما لم يعلموا من حال المريض أنه يكره ذلك. حاشية ابن قاسم (3/ 12).
لا يطيل الجلوس عند المريض:
ينبغي أن لا يطيل الجلوس عند المريض , بل تكون الزيارة خفيفة حتى لا يشق عليه , أو يشق على أهله، فإن المريض قد تمر به حالات أو أوقات يتألم فيها من المرض، أو يفعل ما لا يحب أن يطلع عليه أحد , فإطالة الجلوس عنده يوقعه في الحرج.
إلا أنه يعمل في ذلك بقرائن الأحوال , فقد يحب المريض من بعض الناس طول الجلوس عنده. حاشية ابن قاسم (3/ 12)، الشرح الممتع (5/ 174).
وقت الزيارة: وأما وقت الزيارة , فلم يرد في السنة ما يدل على تخصيصها بوقت معين , قال ابن القيم: لم يخص صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام , ولا وقتاً من الأوقات بعيادة , بل شرع لأمته ذلك ليلاً ونهاراً , وفي سائر الأوقات اهـ. “زاد المعاد” (1/ 497).
وكان بعض السلف يعود المريض في أول النهار أو أول المساء حتى تصلي عليه الملائكة وقتاً أطول , عملاً بالحديث المتقدم: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ , وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ).
لكن يجب مراعاة حال المريض والأرفق به، فلا ينبغي للزائر أن يختار الوقت الأنسب له، ولو كان في ذلك مشقة على المريض أو على أهله، ويمكن تنسيق ذلك بالاتفاق مع المريض نفسه أو أهله.
وقد تتسبب كثرة زيارات الناس للمرضى وعدم مراعاتهم تخفيفها واختيار الوقت المناسب لها في زيادة المرض على المريض.
الدعاء للمريض:
وينبغي أن يدعو للمريض بما ثبت في السنة: (لا بأس، طهور إن شاء الله) رواه البخاري.
ويدعو له بالشفاء ثلاثاً , فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص وقال: (اللهم اشف سعداً، ثلاثاً) رواه البخاري (5659) ومسلم (1628).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح بيده اليمنى على المريض ويقول: (أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ , وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي , لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا) رواه مسلم (2191).
ولأحمد وأبي داود (3106) أن النَّبِيًّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ إِلا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ) صححه الألباني في صحيح أبو داود.
وينبغي أن يسأله عن حاله: كيف حالك؟ كيف تجدك؟ ونحو ذلك. فقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي (983) وحسنه الألباني.
وثبت ذلك عن عائشة في صحيح البخاري لما عادت أبا بكر وبلالاً رضي الله عنهما.
وينفس له في الأجل، ويشهد لهذا من حيث المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (لا بأس، طهور إن شاء الله) فينبغي أن يهون عليه ما يجد، ويبشره بحصول الشفاء والعافية إن شاء الله تعالى , فإن ذلك يطيب نفس المريض. انظر “الشرح الممتع” (5/ 171 – 176)، [” عيادة المريض وبعض آدابها “].