110 (أ) عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——
مسند أحمد
22303 – حدثنا أبو اليمان، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي».
إسناده حسن؛ من أجل إسماعيل بن عياش فهو صدوق في الشاميين … ومحمد بن زياد الألهاني حمصي (ثقة).
وقد سبق عرضه في المجموعة برقم 22156 .. لكن في هذا زيادة وهي (من حثيات ربي).
قلت سيف: على الشرط
وقال ابن كثير إسناده جيد، وحسنه الشيخ مقبل في الشفاعة وعزاه الترمذي قال الترمذي: حسن غريب من نفس الطريق ولفظه (وثلاث حثيات من حثياته) وكما ذكرت أنت سبق دراسته تحت رقم 22156 لكن هنا زيادة (من حثيات ربي)، وكذلك حسنه مجموعة من الباحثين
تنبيه: في نسخة الشيخ مقبل للترمذي قال: حسن غريب. وكذلك الشيخ الألباني وأحمد شاكر، ودار أحياء التراث
——–
عن محمد ابن زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
“وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ وَثَلاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عَزَّ وجل”. رواه ابن أبي عاصم في السنة.
قوله (مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِين أَلْفًا) أي: يدخل مع كل ألف سبعين ألفًا (وَثَلَاثَ حَثَيَاتٍ) بالنصب عطف على سبعين المذكور أولًا وآخرًا والثاني أظهر لفظًا وأوسع معنى، والله تعالى أعلم. ثم التعدد في الحثيات لمعنى أراد الله تعالى وإلا فالحثية الواحدة تكفي لجميع الخلائق، فإنها حثية من السماوات مطويات بيمينه، والله تعالى أعلم. حاشية السندي على مسند الامام أحمد.
وقال المباركفوري عند شرحه لحديث أبي أمامة المتقدم: (ثلاث حثيات)؛ بفتح الحاء والمثلثة، جمع حثية، والحثية والحثوة يستعمل فيما يعطيه الإنسان بكفيه دفعة واحدة من غير وزن وتقدير. اهـ ((تحفة الأحوذي)) (7/ 129)
و بوب البخاري (قوله باب يدخل الجنة سبعون الفا بغير حساب)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 406): فيه إشارة إلى أن وراء التقسيم الذي تضمنته الآية المشار إليها في الباب الذي قبله أمرا آخر وأن من المكلفين من لا يحاسب أصلا ومنهم من يحاسب حسابا يسيرا ومنهم من يناقش الحساب.
و قال أيضا بعد ذلك: فهذا يدل على أن مزية السبعين بالدخول بغير حساب لا يستلزم أنهم أفضل من غيرهم بل فيمن يحاسب في الجملة من يكون أفضل منهم وفيمن يتأخر عن الدخول ممن تحققت نجاته وعرف مقامه من الجنة يشفع في غيره من هو أفضل منهم.
و بين النبي عليه الصلاة و السلام القسم الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين ((الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)
وحدثنا ابن مثنى، أنا معاذ -في كتابه- بإسناده إلى عمرو بن (عمير) مرفوعا: “وعدني الله أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب” قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: “الذين لا يكتوون .. ” إلى آخره “وإني سألته أن يزيدني”، قال: “وإن لك بكل رجل من السبعين ألفا سبعين ألفا فقلت: إذا لا يكملوا ذلك فقال: أكملهم من الأعراب”.
ثم ساق من حديث حميد، عن أنس مرفوعا: “يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا” قالوا: يا رسول الله زدنا. قال: “لكل واحد سبعون ألفا” قالوا: يا رسول الله زدنا. قال: “لكل واحد سبعون ألفا” قالوا: يا رسول الله زدنا، فملأ كفيه من الرمل قال: “وعدد هذا” فقالوا: زدنا. فقال أبو بكر وعمر: أبعد الله من دخل النار بعد هذا
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 472): وأن من صح توكله تكفل الله بنصره وعونه.
قال الطبري: قيل لا يستحق التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف من شيء البتة حتى السبع الضاري والعدو العادي ولا من لم يسع في طلب رزق ولا في مداواة ألم.
قال ابن حجر: والحق أن من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماض لم يقدح في توكله تعاطيه الأسباب أتباعا لسنته وسنة رسوله فقد ظاهر صلى الله عليه و سلم في الحرب بين درعين ولبس على رأسه المغفر وأقعد الرماة على فم الشعب وخندق حول المدينة وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة وهاجر هو وتعاطى أسباب الأكل والشرب وادخر لأهله قوتهم ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء وهو كان أحق الخلق أن يحصل له ذلك وقال للذي سأله أعقل ناقتي أو أدعها قال اعقلها وتوكل فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل والله أعلم. [الفتح] [10/ 212]
سئل العلامة ابن باز:
س: يسأل السائل ويقول: من هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب؟ هل الذين هم لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة؟ أرجو التوضيح في ذلك مأجورين.
ج: من استقام على دينه، وأدى ما فرض الله عليه، وترك ما حرم الله عليه، دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومنهم السبعون ألفا الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون.
تركوا الطيرة لأنها محرمة، وتركوا الكي والاسترقاء استحبابا؛ لأن الرسول ذكر أنها من صفات السبعين ألفا، فإذا ترك الكي واستعمل دواء آخر فلا بأس. النبي عليه الصلاة والسلام قال: «الشفاء في ثلاث: كية نار، وشرطة محجم، وشربة عسل، وما أحب أن أكتوي» وقد كوى بعض أصحابه، فإذا ترك الكي فهذا أفضل، إذا تيسر دواء آخر وإلا فلا بأس بالكي، ولا يمنعه ذلك من كونه من السبعين؛ لأن السبعين ألفا هم الذين استقاموا على دين الله، وتركوا محارم الله، وأدوا ما أوجب الله، ومن صفاتهم الطيبة: عدم الاسترقاء، ولكن الاسترقاء لا يمنع كونه من السبعين، والاسترقاء: طلب الرقية، وإذا دعت الحاجة إلى هذا فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تسترقي، وأمر أم أولاد جعفر أن تسترقي لأولادها، فلا حرج في ذلك.
وإذا دعت الحاجة إلى الكي فلا بأس أن يكتوي، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: كية نار وشرطة محجم، وشربة عسل». يدل على أن الكي لا بأس به، لكن تركه أفضل، إذا تيسر غيره. فتاوى نور على الدرب
قال العلامة العثيمين: الصفات هي التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام فقال (هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يطيرون وعلى ربهم يتوكلون) لا يسترقون يعني لا يطلبون أحد يقرأ عليهم حال مرضهم ولا يكتوون لا يطلبون أحدا يكويهم ولا يتطيرون لا يتشاءمون وعلى ربهم يتوكلون أي يعتمدون على الله تعالى ويفوضون أمرهم إلى الله سبحانه ولا يدخل في ذلك من عرض نفسه على الطبيب للدواء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لا يتداوون قال لا يكتوون ولا يسترقون اللهم إلا أن يعلق الإنسان قلبه بالطبيب ويكون رجاءه وخوفه من المرض متعلقا بالطبيب فهذا ينقص توكله على الله عز وجل فينبغي للإنسان إذا ذهب إلى الأطباء أن يعتقد أن هذا من باب كل الأسباب وأن المسبب هو الله سبحانه وتعالى وحده وأنه هو الذي بيده الشفاء حتى لا ينقص توكله. نور على الدرب
[الحثو]
صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنة الصحيحة
وقال ابن القيم: ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مئة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقة من الإمساك والطي والقبض والبسط والمصافحة والحثيات اه ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/ 171)
تفاوت أهل الجنة في المنازل
وقوله: وإدخال فريق من مذنبيهم النار ثم إعتاقهم وإخراجهم منها، وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إليها.
معناه: أن أهل الجنة طبقات: الطبقة الأولى: يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ولا عرض نسأل الله الكريم من فضله.
الطبقة الثانية: من يحاسب حساباً يسيراً فيدخل الجنة بغير سوء ولا عذاب أيضاً، بمعنى أنها تعرض عليه أعماله.
الطبقة الثالثة: من يناقش الحساب ثم يعذب وهم موحدون، ولا بد أن يخرجوا من النار، ولهذا قال المؤلف: وإدخال فريق من مذنبيهم النار، ثم إعتاقهم وإخراجهم منها وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إليها، ويعلمون حقاً يقيناً أن مذنبي الموحدين لا يخلدون في النار ولا يتركون فيها أبداً.
يعني: هؤلاء الذين يناقشون ويعذبون في النار لا يخلدون إذا ماتوا على التوحيد، فمن مات على التوحيد فهو من أهل الجنة، لكن من مات على توحيد خالص سالم من الكبائر فإنه يدخل الجنة من أول يوم فضلاً من الله تعالى ومنة منه سبحانه.
ومن مات على توحيد ملطخ بالكبائر فهو على خطر فقد يعفو الله عنه بتوحيده وإيمانه وإسلامه فيدخل الجنة من أول وهلة كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] وقد يعذب، ولكن إذا عذب فلن يخلد في النار، وإنما يعذب على قدر جرائمه، ومن كثرت جرائمه واشتد فحشه فإنه يطول مكثه في النار مثل القاتل، فقد أخبر الله أنه يخلد في النار والخلود هو المكث الطويل. شرح عقيدة السلف و أصحاب الحديث الراجحي.
قلت سيف حديث (أكملهم لك من ألاعراب) هو في الصحيح المسند:
الصحيح المسند
1440 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: سألت ربي عزوجل فوعدني أن يدخل من أمتي سبعين ألفا على صورة القمر ليلة البدر فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين ألفا، فقلت: أي رب إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمتي؟ قال: إذن أكملهم لك من الأعراب.
حديث “إن الله وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب، مع كل ألف سبعون ألفا وزادني ثلاث حَثَيَات”
الحَثْيَة: مقدار ما يُغترف بكلتا اليدين.
——
واستنكر محققو المسند 14/ 327 لفظة في الحديث قالوا: لفظة (فاستزدته) زادها زهير وهو له مناكير.
وقالوا يشهد له حديث أبي بكر في مسند أحمد برقم 22 وفيه (فزادني مع كل ألف سبعين ألف. قال أبوبكر رضي الله عنه: فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى ومصيب من حافات البوادي. لكن إسناده فيه ضعف لجهالة الراوي عن أبي بكر والمسعودي اختلط
ورد بلفظ (وما أرى بقي من أمتي شئ) قال الألباني عن الزيادة منكرة راجع الضعيفة
ونقلنا أن باحث ضعف كل للأحاديث التي فيها زيادة على السبعين ألف.
وتعقبناه بقولنا: قلت سيف: كذا قال الباحث لكن الشيخ مقبل أورد هذه الأحاديث في كتابه الشفاعة وحسن بعضها وجعل بعضها في المتابعات
وقال عن حديث أبي أمامة: حديث حسن قال ابن كثير إسناد جيد وفيه ( … مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثياته)
وحديث رفاعة وفيه (وعدني ربي عزوجل أن يدخل من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب وإني لأرجو ألا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة) ويحيى بن ابي كثير صرح بالتحديث عند احمد في بعض الطرق قال ابن كثير: هذا عندي على شرط الصحيح
هذه احسن الطرق والبقية ما بين الضعف الشديد والضعف وبعضها يحتمل الضعف أو الحسن. ومنها ما ضرب عليه الإمام أحمد من كتابه وعلق ابنه على سبب الضرب وراجع كتاب الشفاعة.
وكون أن الحثية الواحدة تشمل السماوات والأرض فرب العزة يختار من يشاء
بل ورد في المتفق عليه في ذكر شفاعة الأنبياء والمؤمنين والملائكة:
( … ثم يقول الله شفعت الملائكة وشفع الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين قال فيقبض قبضة من النار أو قال قبضتين ناس لم يعملوا لله خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حمما قال فيؤتى بهم إلى ماء يقال له ماء الحياة فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم عتقاء الله قال فيقال لهم: ادخلوا الجنة فما تمنيتم أو رأيتم من شيء فهو لكم عندي أفضل من هذا قال فيقولون ربنا وما أفضل من ذلك قال فيقول رضائي عليكم فلا أسخط عليكم أبدا
قال صاحبنا أبوصالح: الحديث متفق أخرجه البخاري 7439 ومسلم 1/ 114 – 117 نقلته من السلسلة الصحيحة 2250