1097 – 1100 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وهاشم السوري وعبدالله المشجري
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
———-
1097 عن عبدالله بن عامر بن ربيعة أن عامر بن ربيعة أخبره قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الراحلة يسبح يومئ برأسه قبل أي وجه توجه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة)
1098 قال سالم كان عبدالله يصلي على دابته من الليل وهو مسافر ما يبالي حيث ما كان وجهه. قال ابن عمر: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم – يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه، ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة.
1099 عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: حدثني جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة.
—————–
فوائد أحاديث باب ينزل للمكتوبة:
1 – أجمع أهل العلم أنه لا يصلى على الدابة فريضة لغير عذر من خوف أو مرض قاله القاضي عياض في إكمال المعلم.
2 – حديث عامر رواه مسلم أيضا واختصره.
3 – قوله في حديث عامر بن ربيعة (يسبح) أي يصلي النافلة واختصاصه بالنافلة عرف شرعي قاله الحافظ في الفتح.
4 – قوله (يومئ برأسه) أي عند الركوع والسجود ويكون السجود أخفض وقد سبق بحثه.
5 – قوله (من الليل) لا مفهوم له، وتشرع صلاة النافلة في السفر على الدابة في النهار أيضا.
6 – قوله (قبل أي وجه توجه) فيه الرخصة في ترك استقبال القبلة في مثل هذه الحال وهي تفسير لقوله تعالى (فأينما تولوا فثم وجه الله) الآية 115 من سورة البقرة.
7 – تيسير تحصيل النوافل على العباد وتكثيرها تعظيما لأجورهم ورحمة من الله بهم. قاله الحافظ في الفتح.
8 – قوله (وقال الليث) هكذا ذكره معلقا مجزوما به ووصله الاسماعيلي في مستخرجه من طريق أبي صالح كاتب الليث عنه به، وأبو صالح عبد الله بن صالح من شيوخ البخاري وعلق له في صحيحه. والحديث متفق عليه
9 – قوله (ويوتر عليها) استدل به على أن الوتر ليس مكتوبا علينا.
10 – الحديثان الأول والثاني في كل منهما رواية الولد عن والده.
11 – أهمية استغلال الوقت بما هو أنفع للعبد.
12 – فيه أهمية الصلاة فهي الصلة بين العبد وربه ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من النوافل حضرا وسفرا.
تتمات:
في مسألة الاجماع على أن المكتوبة لا تصلى على دابة إلا من عذر قال ابن حجر: قال ابن بطال: أجمع العلماء على اشتراط ذلك وأنه لا يجوز لأحد أن يصلي الفريضة على الدابة من غير عذر حاشا ما ذكر في صلاة شدة الخوف. وكذلك نقل الاجماع ابن الملقن في التوضيح.
وابن عبد البر في الاستذكار 2/ 542
وفي مسألة استقبال القبلة عند افتتاحه لصلاته على الدابة استدل بحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتطوع في السفر استقبل بناقته القبلة ثم صلى حيث وجهه ركابه أخرجه أبوداود وأحمد والدارقطني. وهو في الصحيح المسند 67. وأعله ابن القيم في زاد المعاد قال: وفي هذا الحديث نظر. وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم – على راحلته أكلقوا أنه كان يصلي عليها قبل أي جهة توجهت ولم يستثوا تكبيرة الإحرام ولا فيرها، كعامر بن ربيعة وعبدالله بن عمر وجابر بن عبدالله وأحاديثهم أصح من حديث أنس عذا والله أعلم.
فاستدل به أحمد وأبو ثور على استحباب استقبال القبلة حال إبتداء الصلاة
قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود: هذا الحديث يدل على جواز التنفل على الراحلة، وأيضا يدل على أن الإنسان يستحب له أن يستقبل القبلة عند دخوله للصلاة.
وقال الشيخ محمد علي آدم في شرح النسائي:
ما قاله الإمام أحمد، وأبو ثور هو الأولى لهذا الحديث. والله تعالى أعلم. انتهى.
(شرح سنن النسائي المسمى ذخيرة العقبى في شرح المجتبى)
وقال الشيخ عبدالله البسام في توضيح الأحكام: (أنه لا يلزم المصلي على الراحلة استقبال القبلة، بل يتوجه حيث جهة سيره).
– قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع:
( .. أخرج أبو داود وغيره أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر؛ فأراد أن يتطوع؛ استقبل بناقته القبلة؛ فكبر، ثم صلى حيث وجهه ركابه.
قالوا: فهذا دليل على أنه يجب افتتاح الصلاة إلى القبلة، لأن تكلف النبي صلى الله عليه وسلم ومعاناته لإيقاف البعير واتجاهه إلى القبلة وقطع المسير يدل على أنه أمر واجب.
– وقال بعض أهل العلم: إنه ليس بواجب.
وأجابوا عن هذا الحديث بأمرين:
– أولا: أنه ليس إلى ذاك في الصحة، وغاية ما قيل فيه: إنه حسن.
– والثاني: أنه فعل، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب. وحديث ابن عمر وغيره من الأحاديث العامة: أنه كان يصلي حيث كان وجهه.
وظاهرها أنه من ابتداء الصلاة إلى انتهائها.
– وعليه فنقول: إن الصحيح في هذه المسألة أن الأفضل أن يبتدئ الصلاة متجها إلى القبلة، ثم يتجه حيث كان وجهه، أما أن يكون واجبا بمقتضى هذا الدليل المعارض للأدلة التي هي أصح منه ففي النفس منه شيء. انتهى كلام.
(الشرح الممتع)
– نقل ابن حجر أن أبا يوسف ومن وافقه رأوا التوسعة في ذلك فجوزوه في الحضر أيضا وقال به من الشافعية أبوسعيد الاصطخري انتهى
وطلبنا من الأخوة أن يوافونا بكلام لابن عبدالبر يضعف الرواية في ذلك فأرسله أحمد بن علي:
قال ابن عبدالبر في الاستذكار:
وقال أبو يوسف يصلي في المصر على الدابة أيضا بالإيماء لحديث يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك أنه صلى على حمار في أزقة المدينة يومئ إيماء
قال أبو عمر (ذكر مالك حديث) يحيى بن سعيد هـذا عن أنس فلم يقل فيه في أزقة المدينة بل قال فيه 324 عن يحيى بن سعيد رأيت أنس بن مالك في السفر وهـو يصلي على حمار متوجها إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماء من غير أن يضع وجهه على شيء ولم يروه عن يحيى بن سعيد (أحد يقاس بمالك وقد قال فيه في السفر فبطل بذلك) قول من قال في أزقة المدينة، يريد الحضر.
فائدة قال ان عبد البر في الإستذكار
وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما و الحسن بن حي والليث بن سعد وداود بن علي (لا) يجوز التطوع على الراحلة خارج المصر في كل سفر قصير أو طويل ولم يراعوا مسافة قصر الصلاة.
قلت قوله (لا) زيادة من الناسخ أو الطابع مفسدة للمعنى والله أعلم ولا يستقيم الكلام بوجودها.
قلت سيف: هكذا وقع في نسختي (لا) مؤسسة النداء وكما قال صاحبنا ابوصالح الصواب اسقاطها
– استدل بقوله (حيث كان وجهه) على أن جهة الطريق تكون بدلا من القبلة حتى لا يجوز الانحراف عنها عامدا قاصدا لغير حاجة المسير إلا إن كان سائرا في غير جهة القبلة فانحرف إلى جهة القبلة فإن ذلك لا يضره على الصحيح. قاله ابن حجر
وابدى صاحبنا ابوصالح احتمال أن من تعمد ترك قبلة مسيره من غير عذر يدخل في الابتداع حيث قد يعتقد تعظيم هذه القبلة التي تعمد الانحراف اليها اثناء صلاته.
– استنبط من دليل التنفل للراكب جواز التنفل للماشي. ومنعه مالك مع أنه اجازه لراكب السفينة
فرع ابن الملقن تفريع: وهو هل يجوز الإيماء في صلاة النافلة لمن تنفل جالسا:
– أما السجود بالإيماء من غير عذر فإنه لا يجوز في أصح قولي العلماء -وهو قول الجمهور- لعدم وروده إلا في حال العذر ولأن الإيماء يفوت به حقيقة السجود وهو وضع الجبهة على الأرض وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود على سبعة أعظم كما في حديث ابن عباس في الصحيحين قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة و أشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين” فإذا أومأ مع إمكان السجود لم يأت بما أمر به من السجود على سبعة أعظم فلا يجوز الإيماء بالسجود مع إمكانه.
و عن ابن تيمية:
وهل يجوز التطوع إلى غير القبلة للماشي حيث يجوز للراكب على روايتين.
إحداهما: لا يجوز وهو مقتضى ما ذكره الخرقي والشيخ المصنف وغيرهما لان ذلك لم ينقل عن النبي إلا في حال الركوب وليس الماشي كالراكب لأن الماشي متحرك بنفسه فهو يعمل في الصلاة عملا كثيرا وذلك مبطل للصلاة إلا إذا كان لضروروة مثل صلاة الخوف ولا ضرورة هنا ولأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زالوا يسافرون مشاة والنبي صلى الله عليه وسلم قد كان احيانا يتعقب هو وبعض أصحابه على بعير واحد ومع ذلك لم ينقل أنهم صلوا مشاة.
والثانية: يجوز اختارها القاضي وأبو الخطاب وكثير من أصحابنا وذكره عن أحمد عن عطاء لعموم قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله}
وقد ذكر ابن عمر أنها نزلت في التطوع في السفر لأن راكبها لا أثر له كما سياتي وذلك المعنى الذي أبيح للراكب الذي يصلي لأجله موجود في
الماشي لأنه مسافر سائر فأما أن يترك التطوع حال سيره أو يترك الاستقبال فقط وكونه يعمل عملا كثيرا يقابله أن الراكب ليس على مكان مستقر فإن كليهما مبطل ويقابله أن الراكب بمنزلة الجالس والماشي قائم والقائم صلاته أفضل من صلاة القاعد.
ويجوز أن يصلي ماشيا طالبا للعدو في المكتوبة كما فعل عبد الله بن انيس رضي الله عنه فكذلك في النافلة في عموم السفر.
فصل.
ويلزم الماشي أن يستقبل الكعبة حين الافتتاح وهو واقف ثم يسير إلى جهة قصده فإذا أراد أن يركع ويسجد ففيه وجهان.
أحدهما: يلزمه أن يقف ويركع ويسجد إلى الكعبة ويسجد بالأرض قاله القاضي وغيره لأن ذلك متيسر عليه فاشبه الافتتاح.
والثاني: له أن يركع ويسجد موميا ماشيا إلى جهة قصده كما في القيام قاله الآمدي وغيره وهو الأظهر لأن الركوع والسجود وما بينهما مكرر في ركعة ففي الوقوف له وفعله بالأرض قطع لسيره فاشبه الوقوف حالة القيام.
شرح عمدة الفقه لابن تيمية
==============
باب صلاة التطوع على الحمار
1100 عن أنس بن سيرين قال: استقبلنا أنسا حين قدم من الشام، فلقيناه بعين التمر، فرأيته يصلي على حمار ووجهه من ذا الجانب – يعني يسار القبلة – فقلت رأيتك تصلي لغير القبلة؟ فقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله.
—-
فوائد الباب العاشر
صلاة التطوع على الحمار:
1 – جواز التطوع في عموم المركوبات حتى وإن كان المركوب يقطع صلاة المصلي إذا مر أمامه.
2 – استنبط البخاري من فعل أنس أنه فعله توقيفا، ومع أن السؤال وقع في شأن القبلة فإن الجواب عام.
3 – أكد الحافظ ابن حجر ذلك فقال أخرجه السراج -أي مرفوع- بإسناد حسن عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار، وهو ذاهب إلى خيبر.
4 – قلت وأخرجه النسائي في الصغرى فلا أدري لم أبعد الحافظ النجعة، وقال النسائي الصواب موقوف.
5 – قال الحافظ وله شاهد عند مسلم عن ابن عمر. قلت وأعل زيادة الصلاة على الحمار بعض أهل العلم. قال النسائي لا نعلم أحدا تابع عمرو بن يحيى على قوله يصلي على حمار.
قلت سيف: وممن أعله الدارقطني حيث أن المعروف على راحلته وكذلك ورد على بعيره وكلها أوردها مسلم في صحيحه فكأنه من طرق متكاثره يشير لتعليل لفظة الحمار. وكان ابن المديني يحمل على عمرو بن يحيى وذكر له هذا الحديث وأنه ذكر الحمار بدل البعير. قال أحمد: هذا سهل. شرح علل الترمذي.
المهم ابن الملقن قرر أن الصلاة على الحمار والبغل وجميع الدواب عليه جماعة الفقهاء، وأنس من فقهاء الصحابة وصلى على حمار.
6 – من صلى على موضع فيه نجاسة لا يباشرها بشيء فيه أن صلاته صحيحه.
7 – أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم كأقواله إلا ما دل الدليل على اختصاصه.
8 – مشروعية الخروج لتلقي المسافر.
9 – سؤال التلميذ شيخه عن مستند فعله، والتلطف فيه.
10 – جواب الشيخ بالدليل.
11 – العمل بالإشارة.
12 – فوائد القرب من أهل العلم.
13 حديث الباب أعني حديث أنس متفق عليه
فوائد أحمد بن علي:
14 – باب صلاة التطوع على الحمار
قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
فيه دليل على طهارة الحمار لأنه لا يخلو من العرق خاصة في أيام الصيف، وكذلك فإن سؤره طاهر، فلو شرب الحمار من إناء يجوز أن يتوضأ منه.
فيه جواز استقبال العائد من السفر من خارج البلدة، خاصة إن كان القادم ذو شأن
: تتمات:
سبق تقرير أن الراجح أن الصلاة في الحضر لا تصح فنقل ابن عبدالبر اقوال من اجاز ثم نقل عن أحمد أنه قال: أما في السفر فسمعنا أما في الحضر ما سمعنا. ثم نقل عنه أن المكتوبة لا تصلى على الدابة مريض ولا غيره إلا في الطين والتطوع.
وللإمام مالك قولان نقل عنه مرة عدم الجواز ومرة قال المريض: يصلي على البعير بعد أن يوقف له ويستقبل القبلة.