1093 – 1095 و 1096 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
————
باب صلاة التطوع على الدواب وحيثما توجهت به
1093 – حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن عامر عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به
1094 – حدثنا أبو نعيم قال حدثنا شيبان عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي التطوع وهو راكب في غير القبلة
1095 – حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا وهيب قال حدثنا موسى بن عقبة عن نافع قال وكان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي على راحلته ويوتر عليها ويخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله
-_-_-_-_-_-
قال صاحبنا ابوصالح:
قوله (حدثنا معمر) تابعه (عقيل) كما عند البخاري وسيأتي بعد باب و (يونس) علقه البخاري في صحيحه وسيأتي بعد أربعة أبواب ووصله يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ من طريق أبي صالح عن الليث به، ورواه مسلم من طريق ابن وهب عن يونس به، قوله (عن أبيه) أي عامر بن ربيعة رضي الله عنه صرح به في رواية عقيل، وقد صرح عبد الله بسماعه من أبيه في روايتي عقيل ويونس، وصحابي الحديث حليف الخطاب يكنى أبا عبد الله رضي الله تعالى عنه توفي سنة ثنتين وثلاثين بدري مهاجري هجرتين قاله ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني. قوله (يصلي) زاد أحمد في مسنده 15684 من طريق عبد الرزاق عن معمر (النوافل)، وهي تفسر قوله تعالى (فأينما تولوا فثم وجه الله)
1093قال العثيمين رحمه الله:
ظاهر هذا الحديث انه يصلي حيث توجهت به من أول الصلاة إلى آخرها وأنه لا يلزم نفسه ان يستقبل القبلة عند ابتداء الصلاة وهذا هو الراجح، أنه لا يلزم ان يستقبل القبلة عند ابتداء الصلاة بل يكبر للإحرام حيث كان وجهه، لكن هذا في غير الفريضة.
و 1094فيه دليل على عدم وجوب الوتر وهو قول الجمهور، ووجه الدلالة أنه لا يصلي المكتوبة على الدابة، فلو كان الوتر واجبا لما صلى الوتر على الدابة، بل نزل وصلاها على الأرض كما يصلي الفرائض على الارض. انتهى كلام ابن عثيمين.
-فيه سماحة الإسلام ويسره.
-فيه محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على التطوع سفرا وحضرا، وخاصة الوتر.
يستثنى منها سنة الظهر القبلية والبعدية وسنة المغرب والعشاء بأدلة أخرى.
فيه أهمية النوافل ومنه:
يقول ربنا جل وعز لملائكته- وهـو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي؛ أتمها أم
نقصها؟ فإن كانت تامة؛ كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا؛ قال:
انظروا هـل لعبدي من تطوع؟! فإن كان له تطوع؛ قال: أتموا لعبدي فريضته
من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم “.
صحيح أبي داود 810
فيه حرص الصحابة على التمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبوصالح وفيه:
– الرُّخْصَةِ فِى تَرْكِ اسْتِقْبَالِ القبلة فِى السَّفَرِ إِذَا تَطَوَّعَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا. قال الترمذي في سننه وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ العِلْمِ لاَ نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ اخْتِلاَفًا: لاَ يَرَوْنَ بَاسًا أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا حَيْثُ مَا كَانَ وَجْهُهُ إِلَى القِبْلَةِ أَوْ غَيْرِهَا.
ذكر ابن قدامة في المغني:
واحتجوا بأن الصلاة أبيحت للراكب، لئلا ينقطع عن القافلة في السفر، وهذا المعنى موجود في الماشي، ولأنه إحدى حالتي سير المسافر، فأبيحت الصلاة فيها كالأخرى.
ولنا، أنه لم ينقل، ولا هو في معنى المنقول؛ لأنه يحتاج إلى عمل كثير، ومشي متتابع، يقطع الصلاة، ويقتضي بطلانها، وهذا غير موجود في الراكب، فلم يصح إلحاقه به، ولأن قوله تعالى: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة: (144)]. عام ترك في موضع الإجماع، بشروط موجودة هاهنا، فيبقى وجوب الاستقبال فيما عداه على مقتضى العموم.
– في الحديث الأول رواية صحابي عن صحابي رواية عبد الله بن عامر عن أبيه.
– مشروعية الإيماء ويكون السجود أخفض من الركوع بما لا يخل بالقيادة.
قلت: أظن أن أبا صالح يقصد ما يشير إليه العلماء أن سائق السيارة لا يومئ.
– فعل ذلك من الصلاة على الدابة إنما يشرع في التطوع دون الفريضة
– فيه دليل بأن الوتر ليس بفرض.
[قوله (السبحة) أي صلاة النافلة وقد ثبتت من حديث عامر بن ربيعة عند البخاري بعد باب ورواه مسلم أيضا. وأكد ذلك في رواية البخاري فزاد (ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة).
– قوله (وهو راكب) على التغليب ويدخل فيه الماشي عند الحاجة إلى عدم الوقوف.
تنبيه: قوله في حديث جابر (يصلي التطوع) “و (ال) في التطوع تحتمل الجنس وتحتمل الاستغراق ويؤيد الثاني أن الأصل بقاء التطوع بالنوافل على مشروعيته حتى يرد دليل على تركه، ولم يرد الدليل على الترك فيما نعلم إلا في راتبة الظهر والمغرب والعشاء” قاله الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله تعالى.
وهذه فوائد مستنبطة من فتح الباري لابن حجر:
– فيه البقاء على عموم اللفظ.
– فيه الأخذ بالقياس.
– التطوع يطلق على السبحة
– حديث ابن عمر الذي فيه (حيث توجهت به) أعم من حديث جابر الذي فيه (في غير القبلة)
– تقدم حديث ابن عمر برقم 999 و 1000
وسيأتي في الباب التالي
قال ابن عبدالبر في التمهيد:
وكذلك الصلاة على الدابة للمتطوع المسافر ليس ذلك بمبيح له الصلاة النافلة ولا الفريضة على الأرض إلى غير القبلة في الحضر؛ لأنها في السفر حال ضرورة خصت بالسنة والإجماع وأما غير ذلك مما تنازع فيه
وقال الشيخ السعدي:
ما هي الصور التي تصح الصلاة فيها لغير الكعبة؟
الجواب: الأصل أن: استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، وأن من ترك الاستقبال فصلاته باطلة.
لكن يستثنى من هذا صور، منها: –
المربوط والمصلوب لغير القبلة.
وفي شدة القتال.
وهذا يرجع لعدم القدرة على الاستقبال.
وكل من عجز عن شرط من شروط الصلاة، أو ركن من أركانها سقط عنه.
ومنها: *المتنفل على الراحلة في السفر يتوجه جهة سيره، ولا يلزمه الاستقبال في شيء من صلاته على الصحيح*.
وعلى المذهب: يلزمه افتتاح الصلاة إلى القبلة، إذا تمكن من ذلك *وكذلك الماشي*، ويلزمه الركوع والسجود إليها على المذهب.
ومنها: من اشتبهت عليه القبلة في السفر واجتهد، ثم تبين له بعد الفراغ أنه لغير القبلة فلا إعادة عليه.
وعلى المسألتين قوله تعالى: ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) [البقرة: (115)].
فسر بكل منهما.
والصحيح: أن الآية تعم ذلك، وما هو أعم منه.
ومما يسقط وجوب استقبال القبلة: إذا ركب السفينة، وهو لا يتمكن من الاستقبال: لم يلزمه.
وإن تمكن: لزمه في الفرض دون النفل، فلا يلزمه أن يدور بدورانها، والله أعلم.
ارشاد اولي البصائر للعلامة السعدي
بينما ذهب ابن حزم إلى أن الماشي لا يقاس على الراكب. وعمم جواز الصلاة على الدابة في الحضر والسفر لعموم النص. المحلى 2/ 101
قلت سيف: وأنا أميل لاختيار ابن قدامة في أن صلاة الماشي لا تقاس على صلاة الراكب. والسنة وردت في الراكب فلا نتعداها، خاصة ما يحصل من كثرة الحركة للماشي.
==================
باب الإيماء على الدابة
1096 – حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: حدثنا عبد الله بن دينار، قال: كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «يصلي في السفر على راحلته، أينما توجهت يومئ» وذكر عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله
——–
فيه يسر الشريعة وسماحتها.
فيه أن العمل وإن كان صالحا لابد له من دليل، خاصة إذا أتى بالعبادة على غير وجهها المعتاد
فيه الترغيب على المداومة والإستمرار على الطاعة، مع ما قد يطرأ على الإنسان من المشقة.
إنصاف الإشبيلي وتخطئة ابن القطان
قال ابن حبان
ذكر البيان بأن السجدتين من المتنفل على راحلته يجب أن تكون في الإيماء أخفض من الركوع
2523 أخبرنا ابن خزيمة قال حدثنا أحمد بن المقدام قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا ابن جريج قال أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي على راحلته يصلي النوافل في كل وجه، ولكنه يخفض السجدتين من الركعتين يومئ إيماء.
قلت وأخرجه ابن خزيمة -شيخ ابن حبان في صحيحه- وترجم عليه فقال باب صفة الركوع والسجود في الصلاة راكبا
قال الألباني إسناده صحيح
ولمزيد بيان قمت بهذا البحث:
بين الإمامين عبد الحق الإشبيلي وابن القطان:
قال أبو الحسن ابن القطان:
ذكر عبد الحق حديث ابن عمر من رواية الإمام مسلم قَالَ: ” كَانَ رَسُول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يسبح على الرَّاحِلَة، قبل أَي وَجه توجه، ويوتر عَلَيْهَا، غير أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَة “.
وَزَاد من حَدِيث جَابر بن عبد الله ” يُومِئ بِرَاسِهِ “.
وَزَاد أَبُو دَاوُد ” السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع “.اه
واعترض عليه ابن القطان في مواضع:
1 – أن حديث ابن عمر الذي رواه مسلم وَهُوَ من رِوَايَة حَرْمَلَة وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، وَمِمَّنْ عيب على مُسلم إِخْرَاجه.
2 – أن قوله “يومئ برأسه” في حديث جابر الذي رواه مسلم ليس له تعلق بالموضوع ولا متنه نحو متن حديث ابن عمر ثم قال بعد ذلك يحْتَمل عِنْدِي أَن لَا يكون أَبُو مُحَمَّد أَرَادَ بإردافه حَدِيث ابْن عمر إِلَّا بَيَان أَنه كَانَ فِي حَال قِرَاءَته يُومِئ بِرَاسِهِ.
3 – أن حديث جابر من طريق أبي الزبير عن جابر وكان ينبغي للمصنف أن يبين ذلك حتى وإن كان الحديث رواه مسلم. وَهُوَ مِمَّا لم يذكر فِيهِ أَبُو الزبير سَمَاعه من جَابر، وَلَا هُوَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنه
وسأناقش بعون الله تعالى اعتراضات ابن القطان واحدة واحدة:
أخرج مسلم في الصحيح:
700 حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال * كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة
قلت تابعه أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب به أخرجه أبو داود في سننه
وتابعه عيسى بن حماد قال أخبرنا ابن وهب به أخرجه النسائي في الكبرى 950
وتابعه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن وهب به أخرجه ابن المنذر في الأوسط
قلت وأخرجه ابن وهب في جامعه 346 من رواية بحر بن نصر عنه به
وعلقه البخاري في صحيحه مجزوما به فقال وقال الليث حدثني يونس به نحوه وذكرنا سابقا من وصله وأنه من طريق أبي صالح كاتب الليث.
تابعه يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب به أخرجه الطبري في تهذيب الآثار 862
هذا إضافة إلى طرق أخرى في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما لكني ركزت على نفس إسناد حرملة الذي انتقده ابن القطان وعاب على عبد الحق عدم تصريحه بذلك مع أن الحافظ ابن حجر في تقريبه لخص رأيه فيه فقال صدوق.
فلا وجه لانتقاد ابن القطان في هذه المسألة.
أخرج عبد الرزاق في مصنفه 4522 والإمام أحمد في مسنده 14555 من طريق الثوري عن أبي الزبير عن جابر قال بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ، فَجِئْتُ وَهُوَ يُصَلِّي نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَيُومِيءُ بِرَاسِهِ إِيمَاءً عَلَى رَاحِلَتِهِ، السُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَسَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: «مَا فَعَلْتَ فِي حَاجَةِ كَذَا وَكَذَا، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي»
واللفظ لعبد الرزاق
تابعه ابن جريج أخبرني أبو الزبير، أنه: سمع جابر بن عبد الله، يقول: ” رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو على راحلته النوافل في كل جهة، ولكنه يخفض السجود من الركعة، ويومئ إيماء ” أخرجه أحمد 14156 واللفظ له، والبيهقي في السنن الكبرى 2210 فأنت ترى هنا أبا الزبير قد صرح بالسماع وكذلك ابن جريج فأمنا تدليسهما. وترجم عليه البيهقي فقال:
باب الإيماء بالركوع والسجود، والسجود أخفض من الركوع
فلا حجة لابن القطان حيث كان عليه أن يبين ذلك إن كان نقده كون عبد الحق سكت عليه ولم يبينه.
والحمد لله رب العالمين
قال ابن المنذر في الأوسط
الإيماء الإشارة بأعضاء الجسد كالرأس واليد والعين ونحوه.
الصلاة في السفينة:
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في باب يصلي على الحصير:
قوله: وقال الحسن: تصلي قائما ما لم تشق على أصحابك تدور معها أي مع السفينة والا فقاعدا أي وأن شق على أصحابك فصل قاعدا. وقد روينا أثر الحسن في نسخة قتيبة من رواية النسائي عنه عن أبي عوانة عن عاصم الأحول قال سألت الحسن وابن سيرين وعامرا يعني الشعبي عن الصلاة في السفينة فكلهم يقول: إن قدر على الخروج فليخرج غير الحسن فإنه قال: إن لم يؤذ أصحابه أي فليصل. وروى بن أبي شيبة عن عاصم عن الثلاثة المذكورين إنهم قالوا: صل في السفينة قائما، وقال الحسن: لا تشق على أصحابك وفي تاريخ البخاري من طريق هشام قال سمعت الحسن يقول در في السفينة كما تدور إذا صليت … وقد تقدم أثر عمر بن عبد العزيز في ذلك وأشار البخاري إلى خلاف أبي حنيفة في تجويزه الصلاة في السفينة قاعدا مع القدرة على القيام ظ
قال ابن باز في صلاة المريض:
أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام، له أن يصلي جالسا، فإن عجز عن الصلاة جالسا فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقين لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: ((صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب)) رواه البخاري وزاد النسائي: ((فإن لم تستطع فمستلقيا)) ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائما فيومئ بالركوع ثم يجلس ويومئ بالسجود. لقوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((صل قائما)) ولعموم قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وإن كان بعينه مرض فقال ثقات من علماء الطب: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا، فله أن يصلي مستلقيا. ومن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من الركوع، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود، وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته، إن كان ظهره متقوسا فصار كأنه راكع فمتى أراد الركوع زاد في انحنائه قليلا، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر من الركوع ما أمكنه ذلك، وإن لم يقدر على الإيماء برأسه كفاه النية والقول …
هذه فتوى للشيخ ابن باز عن الصلاة فالسفينة وغيرها
أما إن كان السفر طويلاً فإنه يصلي في الطائرة أو فوق القطار والحمد لله، ولا يترك الصلاة حتى يخرج الوقت، يصليها على حسب طاقته إلى القبلة، ويدور مع القطار ويدور مع الطائرة حيث دارت إلى القبلة، ويصلي قائماً إن استطاع، فإن لم يستطع صلى جالساً يدور مع القبلة، مثل صاحب السفينة صاحب الباخرة، كلٌ منهم مأمور بطاقته، الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]، فإن استطاع أن يقوم بوسط الطائرة أو بوسط الباخرة، أو في وسط القطار أو في أي مكان منه قام وصلى قائماً وركع وسجد، وكمل صلاته مستقبلاً القبلة، وإذا كانت الطائرة أو القطار أو الباخرة تدور دار معها إلى القبلة في الفريضة، وهكذا في النافلة تجوز في القطار والطائرة؛ لأنه لا يشق أن يدور معها في النافلة، جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان في النافلة أنه كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه، في النافلة، وكان إذا أراد الإحرام كبر إلى القبلة ثم صلى إلى جهة سيره على الراحلة، لكن ذكر بعض أهل العلم أن الدوران مع القبلة على الراحلة يصعب؛ لأنه وجهه إلى جهة سير يدبر الدابة، فيصعب عليه أن يلتفت إلى القبلة، لكن في القطار وفي الطائرة وفي السيارة الأمر بيد غيره ليس هو الذي يصرف القطار أو الطائرة، فبإمكانه أن يدور مع الطائرة ولو في النافلة، فليس مثل راكب البعير أو البغل أو الفرس أو الحمار في السفر، بل هو أقدر على الدوران مع القبلة حتى في النافلة، فإذا دار في النافلة حسب ما قال جمعٌ من أهل العلم؛ لأنه يستطيع ذلك فعل ذلك كما يفعله في الفريضة، أما إذا لم يستطع ذلك الدوران فتفوته النافلة التي يحب أني صليها كصلاة الضحى، والتهجد بالليل بالطائرة، ونحو ذلك، فلعل في الأمر سعة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي إلى جهة السير في النافلة ….
لكن إذا أمكنه أن يستقبل ويدور في النافلة فعل ذلك خروجاً من الخلاف، وعملاً بما قاله بعض أهل العلم في هذا الباب. أما الفريضة فلا بد الدوران فيها، إذا لم يتيسر له أن يصليها في الأرض قبل السفر أو بعد السفر بأن كانت الرحلة طويلة ولا يتمكن من صلاتها في الأرض فإنه يصليها في القطار وفي الطائرة لكن يدور مع القبلة في الفريضة.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- ( …. إن لم يكن في الطائرة مكان خاص يمكنك أن تصلي فيه صلاة تامة، وخشيت أن يخرج الوقت قبل هبوط الطائرة, فإن كانت الصلاة مما يجمع إلى ما بعدها كصلاة الظهر مع العصر, وصلاة المغرب مع العشاء, ويمكن أن تهبط الطائرة قبل خروج وقت الثانية، فأخر الصلاة الأولى واجمعها إلى الثانية جمع تأخير, ليتسنى لك الصلاة بعد هبوط الطائرة. فإن كانت الطائرة لا تهبط إلا بعد خروج وقت الثانية؛ فصل الصلاتين حينئذ في الطائرة على حسب استطاعتك، فتستقبل القبلة, وتصلي قائماً, وتركع إن استطعت, وإلا فأومئ بالركوع وأنت قائم, ثم اسجد إن استطعت, وإلا فأومئ بالسجود جالساً. اهـ.
وهذا بحث أرسله لنا سيف بن غدير لأحد المشايخ قال:
فإن الصلاة على الراحلة من السنن التي قد هجرت عند كثير من المسلمين إلا من رحم الله وقد ثبت في أحاديث صحيحة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يصلي على راحلته حيث توجهت ومن بعده صحابته الكرام و كانت الرواحل إبل وخيل وحمير و الركوب على هذه الدواب شاق ويحتاج إلى جهد أثناء السير إلا أنهم كانوا يصلون عليها، و روى مجاهد أنه قال: صحبت ابن عمر رضي الله عنه-في السفر فكان يحيى الليل صلاة على ظهر الدابة، أما في هذا العصر مع تقدم وسائل النقل و الركوب إلا أنك قل من تجده يصلي فيها، وقد ثبت أن للمسافر دعوة لاترد كما في حديث أبى هريرة رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ثلاث دعوات مستجابات دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده.
فحري بالمسافر أن يستغل لحظات السفر بالسجود والركوع وكثرة الدعاء لعل الله أن يوفقه إلى مايحبه ويرضاه.
وبناء على ذلك فقد قمت بإعداد هذه الرسالة المختصرة التي أسأل الله العلي القدير أن ينفع بها.
الصلاة على الراحلة:
1 ـ أدلة مشروعيتها:
الحديث الأول: عن ابن عمر رضي الله عنه-قال رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي على حماره وهو متوجه إلى خيبر. (رواه مسلم)
الحديث الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنه – قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه قال وفيه نزلت {فأينما تولوا فثم وجه الله} (رواه مسلم)
الحديث الثالث: عن ابْنِ عُمَر َرضي الله عنه – قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلاَم يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً صَلاةَ اللَّيْلِ، إِلا الْفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ) (البخاري)
الحديث الرابع: عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه-قال (رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي على راحلته حيث توجهت به يومئ برأسه) (متفق عليه)
الحديث الخامس: عن جابررضي الله عنه – قال كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي على راحلته حيث توجهت به أي في جهة مقصده فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة (رواه البخاري)
2ـ الحكمة من مشروعيتها:
ولعل الحكمة من مشروعية الصلاة على الراحلة تيسير تحصيل النوافل على المسافر وتكثيرها فاقتضت رحمة الله تعالى بالعباد أن قلل الفرائض عليهم تسهيلا للكلفة وفتح لهم طريقة تكثير النوافل تعظيما للأجور.
3ـ استقبال القبلة في الصلاة على الراحلة:
أولا: الفريضة: من أبيح له أن يصلي الفريضة على الراحلة فإنه يجب عليه أن يستقبل القبلة فإن لم يستطع فإنه يجتهد حسب الإمكان ولذا قال الشيخ ابن باز (رحمه الله) من كان في السفينة أو الطائرة ونحوهما فالواجب عليه أن يتقي الله ما استطاع ويجتهد في استقبال القبلة حسب الإمكان ويدور مع السفينة.
ثانياً: النافلة:
هل يجب أن يستقبل القبلة عند تكبيرة الإحرام؟ قولان للعلماء:
القول الأول: أنه يجب، وهو المشهور من المذهب4
لحديث أنس (أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث كان وجهه وركابه) (رواه أبو داود).وحسنه الألباني.
القول الثاني: أنه لا يجب بل يستحب، وهي رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب الجمهور.
وقالوا عن فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا فعل مجرد، والفعل لا يدل على الوجوب.
وهذا القول هو الصحيح.
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما [أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه وكان ابن عمر يفعله] رواه البخاري.
الصلاة على الراحلة:
وقال ابن بطال: استحب الإمام أحمد، وأبو ثور أن يفتتح الصلاة فى توجهه إلى القبلة، ثم لا يبالى حيث توجهت به، والحجة لهم حديث الجارود بن أبى سبرة، عن أنس بن مالك: أن النبى – صلى الله عليه وسلم –
كان إذا أراد أن يتنفل فى السفر استقبل بناقته القبلة، ثم صلى حيث توجهت ركابه.
وليس فى حديث ابن عمر وعامر بن ربيعة وجابر استقبال القبلة عند التكبير، وهي أصح من حديث الجارود. وحجة من لم ير استقبال القبلة عندالتكبير، وهو قول الجمهور أنه كما تجوز له سائر صلاته إلى غير القبلة، وهو عالم بذلك كذلك يجوز له افتتاحها إلى غير القبلة.
4ـ صلاة الفريضة:
أجمع العلماء أنه لا يجوز أن يصلي أحد فريضةً على الدابة من غير عذر، وأنه لا يجوز له ترك القبلة إلا فى شدة الخوف، لحديث عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيّ – صلى الله عليه وسلم – وَهُوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ يُسَبِّحُ، يُومِئُ بِرَاسِهِ قِبَلَ أَىِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ. رواه البخاري ومسلم.
وروى ابن عُمَرَ وَجَابِر مثله، وَقَالَ جَابِر: فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّىَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ.
وقال الأثرم سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الصلاة المكتوبة على الراحلة فقال في شدة الحرب وأما الأمن فلا إلا في موضعين التطوع وفي الطين المحيط به ..
ويصح الفرض على الراحلة واقفة أو سائرة خشية التأذي بوحل أو مطر ونحوه لقول يعلى بن مرة، انتهى النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى مضيق هو وأصحابه، وهو على راحلته، والسماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذن فأذن وأقام، ثم تقدم النبي – صلى الله عليه وسلم – فصلى بهم، يعني إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع).
رواه أحمد والترمذي، وقال: العمل عليه عند أهل العلم وكذا إن خاف انقطاعا عن رفقته بنزوله أو على نفسه. أو عجز عن ركوب إن نزل وعليه الاستقبال إن قدر عليه.
وكذلك من كان على سيارة أو قطار أو باخرة أو طائرة، وكان سيخرج وقت الصلاة المفروضة قبل توقفها، ولا يمكنه إيقاف السيارة ونحوها، فيلزمه أداء هذه الصلاة حال سيرها، ويلزمه استقبال القبلة، فإن اتجهت السيارة أو الطائرة إلى جهة أخرى وهو يصلي لزمه الاستدارة إلى القبلة، ويلزمه أيضا أن يأتي بجميع شروط الصلاة الأخرى، وأركانها وواجباتها، فإن شق عليه استقبال القبلة أو غيره من الشروط أو الأركان أو الواجبات، أو تعذر، سقط عنه، ولا يجوز له تأخيرها عن وقتها ما دام يستطيع أداءها فيه، وهذا كله مجمع عليه لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} لكن إن كانت الصلاة مما تجمع مع ما بعدها، أو مع ما قبلها، ولا يمكنه أداؤها في وقتها إلا بترك بعض شروطها أو أركانها أو واجباتها فإنه يجب عليه أن يجمعها مع الصلاة الأخرى جمع تقديم أو جمع تأخير إذا كان إذا جمعها يتمكن من الإتيان بذلك.
5ـ صلاة النافلة في السفر:
حكى ابن قدامة الإجماع على الجواز فقال: ” لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم في إباحة التطوع على الراحلة في السفر الطويل “.
الصلاة على الراحلة:
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما {أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه وكان ابن عمر يفعله} (رواه البخاري).
وفي رواية [كان يوتر على بعيره] و لمسلم [غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة] و للبخاري [إلا الفرائض].
الحديث دليل على جواز النافلة على الراحلة وجواز صلاتها حيث توجهت بالراكب راحلته.
وقال مالك وأصحابه والثوري لا يتطوع على الراحلة إلا في سفر تقصر في مثله الصلاة.
ولو كنت مسافراً ورأيت خسوف القمر أو كسوف الشمس شرع لك أن تصلي، على القول بأنها نافلة تصليها ولو على الدابة، بناءً على أن صلاة النافلة يجوز فعلها على الدابة، كما في الصحيحين من حديث ابن عمر: (كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي على دابته إلا المكتوبة)، فيصلي الإنسان ولو كان في السفر، ولو صلى مع الجماعة فهو أفضل وأكمل لندائه عليه الصلاة والسلام: (الصلاة جامعة).
6 ـ صلاة النافلة في الحضر:
جمهور العلماء يرون أن الصلاة على الراحلة خاص في السفر أما في الحضر فلا يجوز وقد استدلوا بعموم الأحاديث التي خصصت الصلاة في السفر مثل حديث كان- صلى الله عليه وسلم – في السفر يصلي النوافل على راحلته، ويوتر عليها حيث توجهت به (رواه مسلم)
وحديث عبد الله بن عامر بن ربيعة، أن أباه أخبره، أنه رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – «يصلي السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته (حيث توجهت به» (رواه مسلم).
وحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم – يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته (متفق عليه).
وأما التنفل على الدابة في الحضر فلا يجوز عند أبي حنيفة ومحمد والإصطخري من الشافعية.
16وعند الإمام مالك وأصحابه والثوري لا يتطوع على الراحلة إلا في سفر تقصر في مثله الصلاة كما سبق.
وقال الأثرم قيل لأحمد بن حنبل الصلاة على الدابة في الحضر فقال أما في السفر فقد سمعنا وما سمعت في الحضر.
قال النووي: ولا يجوز في الحضر على الصحيح، بل لها فيه حكم الفريضة في كل شئ إلا القيام.
الأحاديث الدالة على جواز التنفل على الدابة وردت في السفر ففي رواية جابر كانت في غزوة أنمار وهي غزوة ذات الرقاع وفي رواية أرسلني رسول الله وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره وفي رواية ابن عمر بطريق مكة وفي رواية متوجه إلى المدينة وفي رواية متوجه إلى خيبر والحاصل أنها كانت مرات كلها في السفر فإن قلت روي عن أبي يوسف في جوازه في المدينة أيضا فقال حدثني فلان ورفع الإسناد أن رسول الله ركب الحمار في المدينة يعود سعد بن عبادة وكان يصلي قلت هذا شاذ وهو فيما تعم به البلوى لا يكون حجة.
وقال الشيخ ابن عثيمين (رحمه الله) وأما في الحضر فلا يجوز19.
الصلاة على الراحلة:
وقال أبو يوسف يصلي في المصر على الدابة أيضا بالإيماء لحديث يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه- أنه صلى على حمار في أزقة المدينة يومئ إيماء.
وجوز أبو يوسف وأبو سعيد الأصطخري من أصحاب الشافعي وأهل الظاهر الصلاة على الدابة في الحضر.
وقال ابن حزم: وقد روينا عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يصلون على رحالهم ودوابهم حيثما توجهت، قال: وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين عموماً في الحضر والسفر.
قال النووي: وهو محكي عن أنس بن مالك.
قال العراقي: استدل من ذهب إلى ذلك
بعموم الأحاديث التي لم يصرح بذكر السفر، وهو ماش على قاعدتهم أنه لا يحمل المطلق على المقيد، بل يعمل على كل منهما.
فأما من يحمل المطلق على المقيد، وهم الجمهور فحملوا الروايات المطلقة على المقيدة.
جمهور العلماء يخصون ذلك بالسفر على الدابة وإن كان عند جمع من أهل العلم وهو المتجه أنه في هذه الأزمان التي تقضى فيها أوقات في السيارات في الحضر إن تنفل صح ذلك لأن النافلة أمرها أوسع فهي تصح من قعود فإذا أجيزت في السفر أجيزت في الحضر لأن مبناها على أن أمرها أيسر من الفريضة.
7ـ الوتر:
مذهب جمهور العلماء على جواز الوتر على الراحلة وأدلتهم هي:
عن. ابن عمر قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – «يسبح على الراحلة، قبل أي وجه توجه، ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة» (رواه مسلم).وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه-قَالَ كَانَ النَّبِيُّ
– صلى الله عليه وسلم – يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ إِلَّا الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ (رواه البخاري).
” فيه دليل لجواز صلاة الوتر على الراحلة وهو مذهب الجمهور “.
ومذهب أبي حنيفة: عدم الجواز وأن الوتر لما ثبت وجوبه عنده ألحقه بالفرض، فلا يجوز على الدابة كالفرض والراجح ما ذهب إليه الجمهور.
8 ـ الصلاة في السفينة والطائرة:
ولا تصح صلاة الفرض في السفينة من قاعد مع القدرة على القيام، لما ورد عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال: «سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – كيف أصلي في السفينة؟ قال: «صل قائمًا إلا أن تخاف الغرق» رواه الدار قطني وأبو عبد الله الحاكم على شرط الصحيحين، وعن عبد الله بن أبي عتبة قال: «صحبت جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة في سفينة فصلوا قيامًا في جماعة أمهم بعضهم وهم يقدرون على الجد».
رواه سعيد في «سننه»
قوله: (وهم يقدرون على الجد) بضم الجيم وتشديد الدال هو شاطئ البحر.
والمراد أنهم يقدرون على الصلاة في البر وقد صحت صلاتهم في السفينة مع اضطرابها. وفيه جواز الصلاة في السفينة وإن كان الخروج إلى البر ممكنا.
الصلاة على الراحلة:
قوله: “ولا تصح صلاته قاعداً في السفينة وهو قادر على القيام” أي: الفريضة، لأن النافلة تصح قاعداً مع القدرة على القيام في السفينة وغيرها، وذلك لأن السفينة ليست كالراحلة، لأن السفينة يمكن للإِنسان أن يصلّي فيها قائماً ويركع ويسجد لاتساع المكان، فإذا كان يمكنه وجب عليه أن يصلّي قائماً، وإذا كان لا يمكنه إما لكون الرياح عاصفة والسفينة غير مستقرة فإنه يصلّي جالساً، وإما لكون سقف السفينة قصيراً فإنه يصلّي جالساً، ولكن إذا أمكن أن يقف ولو كراكع وجب عليه.
الواجب على المسلم في الطائرة إذا حضرت الصلاة أن يصليها حسب الطاقة: فإن استطاع أن يصليها قائما ويركع ويسجد فعل ذلك , وإن لم يستطع صلى جالسا وأومأ بالركوع والسجود , فإن وجد مكانا في الطائرة يستطيع فيه القيام والسجود في الأرض بدلا من الإيماء وجب عليه ذلك لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – لعمران بن حصين رضي الله عنهما وكان مريضا: «صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب» رواه البخاري في الصحيح , ورواه النسائي بإسناد صحيح وزاد: «فإن لم تستطع فمستلقيا».
والأفضل له أن يصلي في أول الوقت فإن أخرها إلى آخر الوقت ليصليها في الأرض فلا بأس ..
9 ـ صفة الصلاة على الراحلة:
كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته الحديث يدل على الإيماء ومطلقه: يقتضي الإيماء بالركوع والسجود والفقهاء قالوا: يكون الإيماء للسجود أخفض من الإيماء للركوع ليكون البدل على وفق الأصل وليس في الحديث ما يدل عليه ولا على ما ينفيه وفي اللفظ ما يدل على أنه لم يأت بحقيقة السجود إن حمل قوله يومئ على الإيماء في الركوع والسجود معا.
وعامر بن ربيعة رضي الله عنه -قال (رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي على راحلته حيث توجهت به يومئ برأسه) (متفق عليه).
وقد أخرجه مسلم من فعل أنس بن مالك وأخرجه الإمام مالك بن أنس في الموطأ من فعل أنس بن مالك أيضا وقال فيه يركع ويسجد إيماء من غير أن يضع وجهه على شيء.
وابن عمر كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه تطوعا يومئ إيماء ويقرأ السجدة فيومئ.
معنى الإيماء في حديث [كان يصلي على حمار يُومئ إيماء]
الإيماء: الإشارة بالأعضاء كالرأس واليد والعين والحاجب وإنما يريد به ها هنا الرأس.
وقال الليث: الإيماء: أن تُوماء برأسك أو بيدك، كما يُوماء المريض برأسه للرُّكوع والسُّجود.
وقد تقول العرب: أومأ برأسه، أي قال: لا.
قال الشيخ عبدالله البسام: لا يلزمه الركوع والسجود بل يكفي الإيماء برأسه إشارة إلى الركوع وإلى السجود ويكون السجود أخفض من الركوع.
قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: سنة الصلاة على الدابة الإيماء، ويكون السجود أخفض من الركوع، وروى أشهب عن مالك في الذي يصلي على الدابة، أو المحمل لا يسجد بل يومئ، لأن ذلك من سنة الصلاة على الدابة قال ابن حبيب:
الصلاة على الراحلة:
وإذا تنفل على الدابة، فلا ينحرف إلى جهة القبلة، وليتوجه لوجه دابته، وله إمساك عنانها وضربها وتحريك رجليه، إلا أنه لا يتكلم ولا يلتفت، ولا يسجد الراكب على قَرَبُ وسرجه، ولكن يومئ.
يتبين لنا من مجموع هذه الأحاديث والآثار أن صفة الصلاة على الراحلة أن يكون الركوع والسجود في الرأس فقط يومئ به ويكون سجوده أخفض من ركوعه إذا كان راكبا، أما إذا كان هو قائد المركبة فله تحريك رجليه ويديه إلا أنه لا يتكلم ولايلتفت أثناء الصلاة، ولا يجوز له أن يعرض نفسه للخطر إن كان يريد التنفل بحيث يكون ركوعه وسجوده إيماء لا يصل إلى حد يخفى عليه الطريق.
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين (رحمه الله) عن الصلاة في السيارة فقال: إذا كانالإنسان مسافراً وصلى على السيارة إلى جهة سيره فلا حرج عليه سواء كان راكباً أم سائقاً إلا إذا كان اشتغاله بالصلاة في حال سياقته يؤثر فإنه يجب عله تجنب الخطر.