1092 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3
والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——–”——-“——–‘
——–‘——–‘——–‘
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1092):
قال الإمام الإمام الترمذي رحمه الله:
قال أبو عبدالرحمن:
عن كعب بن عجرة قال:
خرج إلينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحن تسعةُ خمسةٍ وأربعةُ أحدِ العددَين من العرب والآخر من العجمِ فقال اسمعوا هل سمعتُم أنه سيكون بعدي أمراءُ فمن دخل عليهم فصدَّقهم بكذبِهم وأعانهم على ظُلمهم فليس مني ولستُ منه وليس بواردٍ عليَّ الحوضَ ومن لم يدخلْ عليهم ولم يعنْهم على ظلمِهم ولم يصدِّقْهم بكذبهم فهو مني وأنا منه، وهو واردٌ عليَّ الحوضَ
===================
الكلام عليه من وجوه:
الوجه الأول: في السند. (ترجمة الرواي، تخريجه).
أ – ترجمة الراوي
راجع في (أسد الغابة في معرفة الصحابة) لابن الأثير: ”
ب – التخريج: أخرجه الترمذي وغيره
وظن بعض الباحثين أن راوي الحديث عاصم بن عبيد الله المدني الضعيف وهذا خطأ فالصواب أنه عاصم العدوي الثقة.
الوجه الثاني: شرح وفقه الحديث.
تبويبات الأئمة:
بوب البيهقي: باب ما على الرجل من حفظ اللسان عن السلطان وغيره
والنسائي: باب الوعيد لمن أعان أميرا على الظلم.
الطحاوي وجه الأحاديث التي فيها (ليس منا) … بأن هذه الصيغة مثل ما ذكر طالوت لأصحابه في الذين سيشربون من النهر أنهم ليسوا منه بأن المقصود التبري من فعلهم وأنه ليس على طريقته في لزوم الاستقامة.
فقه الحديث:
وجه إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى سؤال في كلام السلف في ذم الدخول على السلاطين على ماذا يُحْمَل؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
“على الذي يمدحهم ويوافقهم على باطلهم، مثل ما قال ?: ((سيكون بعدي عليكم أمراء ظلمة فمن صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ومن لم يصدّقهم بكذبهم ولم يُعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه)).
فإذا دخل عليهم بالتوجيه والإرشاد وتخفيف الشر؛ هذا هو المطلوب، أما إذا دخل عليهم ليعينهم على الظلم ويصدقهم بالكذب فهذا هو المذموم، نسأل الله العافية.
كذلك في حديث: ((لا يُبلغني أحد عن أحد شيئًا)) فهذا الحديث ضعيف فيه جهالة، وهو لو صح محمول على الشيء الذي ما يضر المسلمين، أما شيء يضر المسلمين فالواجب تبليغ ولي الأمر حتى يحتاط المسلمين، والحديث وإن كان ضعيفًا لما فيه من الجهالة، لكن يلاحظ معناه، المعنى الصحيح؛ فالمسلمون يبلّغون ولي الأمر الشيء الذي فيه مصلحة ولا يبلغونه الشيء الذي يضر ولا ينفع.
ولهذا لما سمع زيد بن أرقم عبدالله بن أُبي يتكلم في بعض الأسفار: ليخرجن الأعز منها الأذل؛ بَلّغ النبي ? ولم يُنكر عليه النبي ?، بل أنزل الله تصديقه في القرآن.”. [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ رحمه الله تعالى].
ما يستفاد من الحديث:
– أن ولي الأمر بشر يعتريه ما يعتري غيره.
– المقصود في الدخول على السلاطين، هو: ” على الذي يمدحهم، ويوافقهم على باطلهم “، ” ويصدقهم بالكذب، فهذا هو المذموم “، وأما الدخول “عليهم بالتوجيه والإرشاد وتخفيف الشر؛ هذا هو المطلوب”.
– ولي الأمر يناصح بالسر.
– من منهج أهل السنة والجماعة عدم الخروج على ولي الأمر بمجرد ارتكابه الذنوب التي هي دون الكفر البواح.
– عدم موافقة ولي الأمر على المنكر لا يعني الخروج عليه، وإنما له السمع والطاعة كما ورد في غير تلك المعصية.
– على العبد أن يؤدي حقوقه التي أوجبها الله تعالى عليه، ولا يعني ذلك إذا ظُلم أن يفعل ما يغضب الله تعالى، ويخالف ما أمره الله تعالى، وبينه الرسول صلى الله عليه وسلم.
الوجه الرابع: المسائل:
1) قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى: “ثم من القواعد العظيمة أن يراعي الإنسان العواقب، لا يقدم حتى ينظر في الأمر، إذا كان الأمر قد يكون له سيئة فلينظر، فإن كان إنكاره لهذا المنكر يزيله ويقضي عليه وليس بعده مخلفات أسوأ منه فليبادر بما أعطاه الله من السلطة وينكر ذلك ويزيله، أما إن كان يرى بما أعطاه الله من العلم والبصيرة بأهل قريته وقبيلته ونحو ذلك أنه إذا أنكر هذا المنكر ترتب عليه ما هو أنكر من قتال بينهم وسفك دماء أو وجود منكر أشد وأخبث من هذا المنكر ترك ذلك إلى وقت آخر حتى لا يفتح باب شر أكبر من هذا المنكر، ولهذا الأصل العظيم أمر الرسول ? بألا يخرج على السلطان إذا رأى إنسان معصية، بل يكره ما يرى من معصية الله ولا ينزعن يدًا من طاعة؛ لأن الخروج على السلاطين بسبب وجود معصية يسبب شرًا كثيرًا ومفاسد كثيرة وقتالًا لا تعلم عاقبته، فلهذا لما سألوا النبي ? عن ذلك قال: ((من رأى من أميره شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية ولا ينزعن يدًا من طاعة))، وقال لما سألوه: ماذا يفعلون؟ قال: ((أعطوهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم)).
فالمقصود أن إنكار المنكر والأمر بالمعروف يحتاج إلى سياسة شرعية، وإلى علم وبصيرة، ولهذا قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف:108]، فلا بد من العلم والبصيرة والنظر في العواقب حتى إذا أقدم أقدم على علم وعلى بصيرة وعلى أساس متين في زوال المنكر وحصول المعروف.
ومن القواعد العظيمة أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح، فإنكار المنكر مصلحة ولكن إذا كان يترتب عليه ما هو أشر وما هو أفسد ترك ذلك من باب درء المفاسد وجلب المصالح، وارتكاب أدنى المفسدتين أو المفاسد بتفويت كبراهما، أو الشيء الكبير منها، وهكذا المصالح إذا كان هناك مصالح مزدحمة ولكن لم يتيسر حصولها جميعًا فإن المؤمن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والداعي إلى الله يعتني بالمصالح الكبرى بوجودها والتحبيذ لها والعناية بها وإن فاتت بعض المصالح الصغرى.
ثم الناس في هذا أقسام في ……. قوتهم وما أعطاهم الله من العلم، فكل واحد عليه أن يستعمل قدرته بالحكمة وبالأسلوب الحسن وبالنظر في العواقب على حسب ما أعطاه الله من القوة والعلم، ثم صاحب البيت له سلطة في إنكار النكر في بيته. وأمير القرية ورجل الحسبة ورئيس العشيرة ورئيس القبيلة لهم سلطان غير سلطان أفراد الناس، ولهذا قال النبي ?: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده)) “. [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ رحمه الله تعالى].
2) من حقوق ولاة الأمر: النصرة والتقدير.
” اتضح لنا عند ذكر واجبات الإمام عظم المسئولية الملقاة على عاتقه، ومنها محاربته للفساد والمفسدين، وهذه تجعله في خطر منهم، لذلك فعلى الأمة أن تقوم بجانبه وتساعده على نوائب الحق، ولا تُسْلِمُه لأعدائه المفسدين سواء كانوا داخل الدولة الإسلامية أو خارجها، يدل على ذلك ما يلي:
1 – قول الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ … } [المائدة: 2] ولا شك أن معاضدة الإمام الحق ومناصرته من البر الذي يترتب عليه نصرة الإسلام والمسلمين.
2 – يدل على ذلك أيضًا ما رواه عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((من بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر … )) الحديث.
قال أبو يعلى: “وإذا قام الإمام بحقوق الأمة وجب له عليهم حقان الطاعة والنصرة ما لم يوجد من جهته ما يخرج به عن الإمامة”. [الأحكام السلطانية].
ولذلك شرع قتال أهل البغي إذا بدؤوا بقتال الإمام، كما شرع حد الحرابة في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ … } [المائدة: 33].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “إذا طلبهم – أي المحاربين – السلطان أو نوابه لإقامة الحد بلا عدوان فامتنعوا عليه، فإنه يجب على المسلمين قتالهم باتفاق العلماء حتى يقدر عليهم كلهم” [السياسة الشرعية].
وللموضوع تفصيلات كثيرة مذكورة في كتب الفقه ليس هذا مقام تفصيلها … ، كما أن على المسلمين احترام الإمام العادل وتقديره والدعاء له وعدم إهانته حتى يكون له مهابة عند ضعاف النفوس، فيرتدعون عما تمليه عليهم عواطفهم وشهواتهم، يدل على ذلك ما يلي:
1 – ما روي عن زياد بن كسيب العدوي قال: كنت مع أبي بكرة – رضي الله عنه – تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق، فقال أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق، فقال أبو بكرة: اسكت سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله)).
2 – وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)).
وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: “ما مشى قوم إلى سلطان الله في الأرض ليذلوه إلا أذلهم الله قبل أن يموتوا”.
وقال الفضيل بن عياض:”لو أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للإمام؛ لأن به صلاح الرعية، فإذا صلح أمنت العباد والبلاد”.
وقال سهل بن عبد الله رحمه الله: “لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم”.
بل إذا رأى المسلم أنه لا فائدة من الدخول عليهم ومناصحتهم أو خاف على نفسه فتنتهم فعليه اعتزالهم، وترك الدخول عليهم، والحذر من موافقتهم على باطل، يدل على ذلك ما يلي:
– حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((سيكون بعدي أمراء … )).
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: (ليت شعري من الذي يدخل إليهم اليوم فلا يصدقهم على كذبهم، ومن الذي يتكلم بالعدل إذا شهد مجالسهم، ومن الذي ينصح ومن الذي ينتصح منهم؟ إن أسلم لك يا أخي في هذا الزمان وأحوط لدينك أن تقل من مخالطتهم وغشيان أبوابهم ونسأل الله الغنى عنهم والتوفيق لهم”.
– وروي عن حذيفة رضي الله عنه قال: “إياكم ومواطن الفتن، قيل: وما هي؟ قال: أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير، فيصدقه بالكذب ويقول ما ليس فيه”.
– وروى الإمام أحمد عن معمر بن سليمان الرقي عن فرات بن سليمان عن ميمون بن مهران قال: “ثلاث لا تبلون نفسك بهن، لا تدخل على سلطان وإن قلت آمره بطاعة الله، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله، ولا تصغين بسمعك إلى ذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك من هواه”. رواه أبو نعيم في الحلية.
والمراد من كل ما سبق هم سلاطين الجور والظلم، والنهي عن مخالطتهم وإتيانهم بقصد التقرب إليهم وحصول شيء من دنياهم.
وإعانتهم على ظلمهم قد تكون بمجالستهم ومؤازرتهم، وقد تكون بتبرير أخطائهم، بل قد تكون بالسكوت عنهم وعدم إنكار المنكر عليهم، وتكون بالدعاء لهم كما قيل: (من دعا لظالم بالبقاء، فقد أحب أن يعصى الله في أرضه) رواه أبو نعيم في الحلية، عن الثوري.
قال ابن تيمية: “وقد قال غير واحد من السلف: أعوان الظلمة من أعانهم ولو أنه لاق لهم دواة أو برى لهم قلمًا.
ومنهم من كان يقول: بل من يغسل ثيابهم من أعوانهم، وأعوانهم هم أزواجهم المذكورون في الآية”. [الإيمان].
يقصد قوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ .. } [الصافات: 22].
أما الدخول عليهم على سبيل النصح لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فهذا باب آخر … ، كما أن خلفاء المسلمين العدول تجب مناصحتهم ومؤازرتهم ومشاركتهم في الرأي، وقد كان القراء هم أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته. رواه البخاري.
وقد كان من شدة ورع بعض السلف رضوان الله عليهم أن نهوا عن الدخول عليهم ولو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر … يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: “وقد كان كثير من السلف ينهون عن الدخول على الملوك لمن أراد أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر أيضًا. وممن نهى عن ذلك عمر بن عبد العزيز، وابن المبارك، والثوري وغيرهم من الأئمة.
وسبب هذا ما يخشى من فتنة الدخول عليهم فإن النفس قد تخيل للإنسان إذا كان بعيدًا عنهم أنه يأمرهم وينهاهم ويغلظ عليهم، فإذا شاهدهم قريبًا مالت النفس إليهم، لأن محبة الشرف كامنة في النفس له ولذلك يداهنهم ويلاطفهم وربما مال إليهم وأحبهم ولا سيما إن لاطفوه وأكرموه وقبل ذلك منهم”.
قال: “وقد جرى ذلك لعبد الله بن طاوس مع بعض الأمراء بحضرة أبيه طاوس فوبَّخَهُ على فعله ذلك، وكتب سفيان الثوري إلى عبَّاد بن عبَّاد وكان في كتابه: (إياك والأمراء أن تدنو منهم أو تخالطهم في شيء من الأشياء، وإياك أن تخدع ويقال لك: لتشفع وتدرأ عن مظلوم أو ترد مظلمة، فإن ذلك خديعة إبليس، وإنما اتخذها فجار القراء سلمًا، وما كفيت عن المسألة والفتيا فاغتنم ذلك ولا تنافسهم، وإياك أن تكون ممن يحب أن يعمل بقوله، أو ينشر قوله أو يسمع قوله، فإذا ترك ذلك منه عرف فيه، وإياك وحب الرياسة، فإن الرجل يكون حب الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو: باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة فتفقد بقلب واعمل بنية، واعلم أنه قد دنا من الناس أمر يشتهي الرجل أن يموت والسلام) “. [الموسوعة العقدية] بتصرف.
3) ” وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية ”
– عن عُبادة قال: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنَّا، لا نخاف في الله لومة لائم» وفي رواية: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله قال: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم من الله فيه سلطان» [رواه البخاري ومسلم: (1709)].
– وعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على المرء المسلم السمعُ والطاعة، فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» [رواه البخاري: (7144) ومسلم: (1839)].
– وعن عليٍّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشًا وأمَّرَ عليهم رجلاً فأوقد نارًا، وقال: ادخلوها فأراد ناس أن يدخلوها، وقال الآخرون: إنا قد فررنا منها، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذين أرادوا أن يدخلوها: «لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة» وقال للآخرين قولاً حسنًا، وقال: «لا طاعة في معصية الله؛ إنما الطاعة في المعروف» [رواه البخاري: (7145) ومسلم (1840)].
– وعن كعب بن عجرة قال: «خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعة ….. حديث الباب من الصحيح المسند
– وعن أبي سعيد الخدري قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا، فكان من خطبته أن قال: «ألا إني أوشك أن أُدعى فأجيب، فيليكم عمال من بعدي، يقولون ما يعلمون، ويعملون بما يعرفون، وطاعةُ أولئك طاعة، فتلبثون كذلك دهرًا، ثم يليكم عمال من بعدهم يقولون ما لا يعلمون، ويعملون ما لا يعرفون، فمن ناصحهم ووازرهم وشد على أعضادهم، فأولئك قد هلكوا وأهلكوا، خالطوهم بأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم، واشهدوا على المحسن بأنه محسن، وعلى المسيء بأنه مسيء» [رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الزهد]. صححه الألباني في الصحيحة 457 وهو على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
4) تنويه:
وقد عقد الحافظ ابن عبد البر في كتابه: (جامع بيان العلم وفضله) بابا، فقال: “باب ذم العالم على مداخلة السلطان الظالم”.
وللحافظ السيوطي رحمه الله تعالى كتاب بعنوان: “ما رواه الأساطين في عدم المجئ إلى السلاطين – ذم القضاء وتقلد الأحكام – ذم المكس”. المحقق: مجدي فتحي السيد، والناشر: دار الصحابة للتراث – طنطا.
====
====
====
توجيه ابن الجوزي حول مسألة نصح الحكام
قال ابن الجوزي: الجائز من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين التعريف والوعظ، فأما تخشينُ القولِ نحو: يا ظالم، يا من لا يخاف الله، فإن كان ذلك يُحركُ فتنةً يتعدى شرها إلى الغير، لم يجز، وإن لم يخف إلا على نفسه فهو جائز عند جمهور العلماء.
قال: والذي أراه المنع من ذلك، لأن المقصود إزالة المنكر، وحمل السلطان بالانبساط عليه على فعل المنكر أكثر من فعل المنكر الذي قصد إزالته. قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يُتعرض للسلطان فإن سيفهُ مسلولٌ وعصاه. [الآداب الشرعية (1/ 238)]
صورة من وعظ السلف بحضور الخليفة
وعظ ابن الجوزي في سنة أربع وسبعين وخمس مئة بحضور الخليفة المستضيء بأمر الله وقال: لو أني مثلتُ بين يدي السدةِ الشريفة لقلت: يا أمير المؤمنين، كُن لله سبحانه مع حاجتك إليه، كما كان لك مع غناه عنك؛ إنه لم يجعل أحداً فوقك، فلا ترضَ أن يكون أحدٌ أشكر له منك، فتصدق أمير المؤمنين بصدقات، وأطلق محبوسين. [الآداب الشرعية (1/ 239)]
صور من تهدئة السلف غضب الحكام
أراد المنصور خراب المدينة لإطباق أهلها على حربه مع محمد بن عبد الله بن حسن، فقال له جعفر بن محمد: يا أمير المؤمنين، إن سليمان أُعطي فشكر، وإن أيوب عليه السلام ابتلي فصبر، وإن يوسف عليه السلام قدر فغفر، وقد جعلك الله عز وجل من نسل الذي يعفون ويصفحون فطفئ غضبه وسكت. [الآداب الشرعية (1/ 248)]
وقال ابن عقيل في “الفنون”: قال بعض أهل العلم قولاً بمحضرٍ من السلطان، فأخذ السلطان في الاحتدد عليه، وأخذ بعض من حضر يترفقُ ويسكنُ غضبه، ولم يكُ محله بحيث يشفع في مثل ذلك العالم، فالتفت العالمُ فقال للشافع: يا هذا، غضبُ هذا الصدر، وكلامه إياي بما يشق أحبُّ إلي من شفاعتك إليه، فإن غضبه لا يغُضُّ مني وهو سلطاني، وشفاعتك هي غضاضةٌ علي – وكان القائلُ حنبلياً – فأفحكم الشافع، وأرضى السلطان. [الآداب الشرعية (1/ 249)]