1090 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
———‘——–‘——–‘
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1090):
قال الإمام أحمد (3ج/ ص477): حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَلْ لِلْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهَى؟ قَالَ: ” أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ؟ ” وَقَالَ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ: ” نَعَمْ، أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ، أَوِ الْعُجْمِ أَرَادَ اللهُ بِهِمْ خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ ” قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ” ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ ” قَالَ: كَلَّا وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ قَالَ: ” بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، ثُمَّ تَعُودُونَ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.
وقرأ على سفيان قال الزهري أساود صبا قال سفيان الحية السوداء تنصب أي ترتفع
قال أبو عبدالرحمن: صحيح، ورجاله رجال الصحيح، وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلمًا أن يخرجاها.
===================
الكلام عليه من وجوه:
الوجه الأول: في السند. (ترجمة الرواي، تخريجه).
أ – ترجمة الراوي
ب – التخريج:
الوجه الثاني: شرح وفقه الحديث.
قال في حاشية المسند: قال السندي: قوله: ثم مه، أي: ثم ماذا يكون. قوله: “الظُّلل”، بضم ففتح: جمع ظلة تحيط به. قوله: كلا: لم يقل إنكاراً لذلك، وإنما قال إظهاراً لمحبته أن يبقى إلى آخر الأمد. طقوله: “أساود”: حيات، جمع أسود. قوله: “صباً”، بضم فتشديد، أي: كأنهم حيات مصبوبة على الناس من السماء. اهـ
قوله يبقى إلى آخر الأمد: يعني على الإسلام بعيد عن الفتن.
وقد مر شيء عن من دخل الإسلام، وماذا يجب عليه في الحديث (1088).
ومر أيضًا: أن من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أعلمه ببعض ما سيقع في المستقبل، ومنها ما ذكر في الحديث.
الوجه الثالث: ما يستفاد من الحديث، فوق ما تقدم:
– بيان أن من الوصايا النبوية تجنب الفتن، وما يفرق الأمة.
– أن من يعمل بتعاليم الدين على ما كان عليه في القرون المفضلة يزيد المجتمع تمسكً، ويظهر ذلك جليًا بين الراعي والرعية، وبين الرعية فيما بينهم.
– بيان فيمن وفق للإسلام، وعقوبة من لم يؤمن.
– ذكر علامة من علامات التي تبين أن الله تعالى أراد بالعبد خيرًا.
– خطورة الفتن على الفرد والمجتمع.
الوجه الرابع: المسائل الملحقة: خمسة مسائل:
المسألة الأولى: ضروب الفتن
أولاً: إنّ الفتنة ضربان:
الضرب الأول: لا ينفك عن الإنسان في أي مكان أو زمان كان؛ وهو: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، فهذا النوع يعتريه فرط المحبة، ويسبب الشح والبخل والجبن، ويشغل عن كثير من الخير، قال ابن المنيّر: “الفتنة بالأهل تقع بالميل إليهن، أو عليهن في القسمة والإيثار، حتى في أولادهن، ومن جهة التفريط في الحقوق الواجبة لهن، وبالمال يقع بالاشتغال به عن العبادة أو بحبسه عن إخراج حق الله، والفتنة بالأولاد تقع بالميل الطبيعي إلى الولد، وإيثاره على كل أحد، والفتنة بالجار تقع بالحسد والمفاخرة والمزاحمة في الحقوق وإهمال التعاهد”.
ثم قال ابن حجر: “وأسباب الفتنة بمن ذكر غير منحصرة فيما ذكرت من الأمثلة، وأما تخصيص الصلاة وما ذكر معها بالتكفير دون سائر العبادات، ففيه إشارة إلى تعظيم قدرها، لا نفي أن غيرها من الحسنات ليس فيه صلاحية التكفير، ثم إنّ التكفير المذكور يحتمل أنْ يقع بنفس فعل الحسنات المذكورة، ويحتمل أنْ يقع بالموازنة، والأول أظهر، والله أعلم”. [فتح الباري (6/ 700)].
وقال ابن أبي جمرة: ” خص الرجل بالذكر؛ لأنه في الغالب صاحب الحكم في داره وأهله، وإلا فالنساء شقائق الرجال في الحكم. ثم أشار إلى أنّ التكفير لا يختص بالأربع المذكورات، بل نبه بها على ما عداها، والضابط: أنّ كل ما يشغل صاحبه عن الله فهو فتنة له، وكذلك المكفرات لا تختص بما ذكر، بل نبّه به على ما عداها، فذكر عبادة الأفعال: الصلاة والصيام، وذكر من عبادة المال: الصدقة، ومن عبادة الأقوال: الأمر بالمعروف”.
“فالحياة الدنيا كلها فتنة واختبار، شرها فتنة، وخيرها فتنة، والشهوات فتنة، تلك فتنة قائمة في جميع العصور، وتعمّ ذرية آدم في جميع الأماكن”، وهذا الضرب ليس موضوع حديثنا.
الضرب الثاني: الفتن التي تموج موج البحر؛ أي: تضطرب وتدفع بعضها بعضاً، وشُبِّهت بموج البحر؛ لشدّة عظمها، وكثرة شيوعها، وهذا النوع يشتدّ بمضيّ الزمان، ويظهر للعيان، ويهيّج من بعض البلدان، وفق سنن للرحمن، وتكون تارةً على هيئة عواصف وكوارث وزلازل وبراكين، تصيب الطالحين وتمتد عند الكثرة إلى الصالحين، وتكون عذاباً وعقوبة لجماعة، ورحمة وخيراً ورفعةً لآخرين.
” وفي تشبيهه صلى الله عليه وسلم الفتن بأنها تموج كموج البحر إشارة واضحة إلى قوتها وشدتها، ثم إلى تتابعها، وإلى أنه لا يمكن لأحد الوقوف أمامها؛ لأنه لا يمكن لأحد أنْ يقف أمام موج البحر، وأنّ الناس أمام هذه الفتن ستضطرب حركتهم، ويختل توازنهم، وتضيق صدورهم، وينقطع نفسهم، وهذه حال من يصارع الموج.
وإذا علمنا أنّ أمواج البحر تتكاثر وتتعاظم، مع شدة الريح وانتشار السحاب؛ فإنّ لنا أنْ نتصور جو الفتن بأنه جو مظلم، فالذي يشاهد موج البحر العاتي فتبدو أمامه زرقة البحر مع ظلمة السحاب وكثرته، مع شدة هبوب الرياح وقوتها؛ فكذلك الذي يواجه هذه الفتن، تحيط به الظلمات والأعاصير، فهو مهموم مغموم ظاهراً وباطناً، وللموج صوت وأي صوت؟ ولهذه الفتن صوت، لا يسمع الواقف فيها صوت ما عداها، وإنما تطبق عليه، فهي كالصاخة، فيظل الواقف فيها حيراناً خائفاً قلقاً، يتطلع إلى الأمان ولا يجده، وهل ينجو من البحر وشدة موجه إلا من بعد عنه، وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: «فخير الناس يومئذ: مؤمن معتزل في شعب من الشعاب، يتقي الله، ويذر الناس من شره»
والناس حين يواجهون أمواج البحر مجتمعين، في أية حالة من حالاته، فإنه يسمع لهم صراخ وعويل وتهارش وتخاصم، لا يسمع الواحد منهم الآخر، وكل يريد أنْ ينجو بنفسه، وقد يُغرِق الواحدُ منهم غيرَه لينجو هو” [موقف المسلم من الفتن (ص 107،108)].
“ولعل هذا ما كنى به الحديث من شدة المخاصمة وكثرة المنازعة، وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة”.
والجامع لجميع مجريات الفتنة وأحداثها: البلاءُ والنُّكران في حقِّ مَنْ تابع السلف الصالحين في العلم والتصور والعمل، ومن حقَّق فهمهم، وأشغل قلبه، ووحَّد همَّه على نهجهم.
وكان هذان النوعان قائميْن في فهم الصحابة رضوان الله عليهم يفرّقون بينهما، ولذا لما ذكر حذيفة النوع الأول، بيّن عمر أنه لا يسأل عن هذا النوع، وإنما يريد النوع الثاني، والله الهادي.
ثانياً: إنَّ للفتنة زماناً ومكاناً ومحلاًّ، وجمع هذا الحديث الأمور الثلاثة:
زَمَنُ الفِتْنة (نَشأتهُا، اشْتِدادُها، آخِرُها)
فزمانها؛ يشتدُّ بمقتل عمر رضي الله عنه، فشبهت الفتن في المحاورة السابقة ببيتٍ له باب، والفتن محصورة فيه، فإذا قتل عمر فالباب يبقى مفتوحاً، ولا ينغلق أبداً، والفتن تعصف منه على هيئة أمواج عاتية تموج موج البحر، بينما لو مات دون قتل، فلعل باب الفتن ينغلق، والموج يزول، والعواصف تهدأ، والفتن تتلاشى أو تضعف.
وهذا الأمر كان معروفاً أيضاً عند الصحابة، فهذا خالد بن الوليد يسمع رجلاً يقول له في خلافة عمر: «يا أبا سليمان! اتّق الله، فإنّ الفتن قد ظهرت». فرد عليه مستنكراً بقوله: «وابن الخطاب حي؟! إنما تكون بعده، … » أخرجه أحمد (4/ 90) وغيره بسندٍ حسن.
قلت سيف: قال الألباني حسن في الشواهد والمتابعات لأن عزرة بن قيس لم يوثقه غير ابن حبان. تحت حديث 1682 من الصحيحة. وقال ابن حجر في رواية حذيفة أن بين ابن الخطاب والفتن بابا مغلقا أبو ذر. وعن عثمان بن مضعون مرفوعا: هذا غلق الفتن. رواه البزار.
وعن حذيفة: ما بينكم وبين أن يرسل عليكم الشر فراسخ إلا موتة في عنق رجل يموتها وهو عمر أخرجه ابن أبي شيبة
وقال مرة: ما أبالي على كف من ضربت بعد عمر
وقال: ما كام الإسلام في زمان عمر إلا كالرجل المدبر ما يزداد إلا قربا فلما قتل عمر كان كالرجل المدبر ما يزداد إلا بعد.
اخرجهما ابن أبي شيبة
ويتمِّم هذا المعنى أحاديثُ أُخر، فيها بيان (أول فتنة) تكون في (الأُمة)، ولو قضي عليها في حينها لما وجدت (فتنة) بعدها، ولكنها سنة الله الكونية التي يتبين من خلالها كثير من الأمور الشرعية، ولا سيما تلك التي لها تعلُّق بالنفس البشرية، والقوانين الاجتماعية.
أخرج الإمام أحمد (5/ 42): حدثنا روح، ثنا عثمان الشحام، ثنا مسلم ابن أبي بكْرة، عن أبيه أنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم مرّ برجُلٍ ساجد -وهو ينطلق إلى الصلاة-، فقضى الصَّلاةَ، ورجع عليه وهو ساجد، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «من يقتل هذا؟» فقام رجل فَحَسرَ عن يديه فاخترط سيفه وهزَّه، ثم قال: يا نبي الله! بأبي أنت وأمي، كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله؟ ثم قال: «من يقتل هذا؟» فقام رجل فقال: أنا. فحسر عن ذراعيه واخترط سيفه وهزَّه حتى أُرْعدت يده، فقال: يا نبي الله! كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو قتلتموه؛ لكان أول فتنة وآخرها)).
قلت سيف: استنكره محققو المسند والسندي.
وللحديث شاهد من حديث أنس نحوه، وفيه: أنّ الرجل الأول الذي قام لقتله هو أبو بكر، والثاني عمر، وزاد: «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيكم يقوم إلى هذا فيقتله؟)) قال علي: أنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنت له إن أدركته)). فذهب علي فلم يجده، فرجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقتلت الرجل؟)) قال: لم أدْرِ أين سلك من الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنّ هذا أوَّلُ قِرْنٍ خرج من أمتي، لو قتلته -أو قتله- ما اختلف من أمتي اثنان)).
أخرجه أبو يعلى (7/ 154 – 155 رقم 4127) وغيره، ورجاله رجال مسلم، غير الرقاشي، وهو ضعيف
وأخرجه أبو يعلى (2215) وغيره من حديث أنس أيضًا، وفي آخره، عن علي: «فانطلق، فوجده قد ذهب» وإسناده حسن.
قلت سيف: وهو كما قال فهو على شرط الذيل وبعضهم قال رواية أبي سفيان عن جابر كتاب وأثبت بعضهم أنه جاوره. وهو كالتالي من المطالب العالية:
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا فِيهِ أثنوا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَقْتُلُهُ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ. أَنَا فانظلق فَوَجَدَهُ قَائِمًا يُصَلِّي قَدْ خَطَّ عَلَى نَفْسِهِ خُطَّةً، فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ لَمَّا رَأَىهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْهُ: أَنَا فَذَهَبَ فَرَأَىهُ فِي خُطَّتِهِ قَائِمًا يُصَلِّي فَرَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ يَقْتُلْهُ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ وَلَا أَرَاكَ تُدْرِكُهُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ.
[2] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ / بِهَذاَ.
وله شاهد آخر أخرجه أحمد (3/ 15) بسند حسن عن أبي سعيد الخُدري أنَّ أبا بكر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني مررتُ بوادي كذا وكذا، فإذا رجل متخشٍّعٌ حسنُ الهيئة يصلِّي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اذهب إليه فاقْتله». قال: فذهب إليه أبو بكر، فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: «اذْهَب فاقْتله». فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر، قال: فكره أن يقتله، قال: فرجع، فقال: يا رسول الله! إني رأيته يصلِّي مُتَخشِّعاً فكرهت أنْ أقتله، قال: يا عليّ! «اذهب فاقتله» قال: فذهب عليٌّ فلم يره، فرجع علي، فقال: يا رسول الله! إنه لم يره! قال: فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنّ هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيَهم، يَمْرقُون من الدِّين كما يمْرُقُ السَّهمُ من الرَّمية، ثم لا يعودون فيه، حتى يَعودَ السَّهم في فُوقِه، فاقْتُلوهم، هم شَرُّ البريَّة))
الحديث بمجموع طرقه صحيح إن شاء الله تعالى، ولا مغمز فيه، ويحتاج إلى تأمّل وتدبر، فإنَّ فيه بياناً: لو قُتِلَ هذا الرجل وجاء في مرسل الشعبي أنه اعترض عليه في قسمة الغنائم، وقال: «إنك لتقسم وما ترى عدلاً» لما وقعت فتنة بعده أبداً.
فهذا يفيد البداية والمنشأ، والحديث السابق الذي فيه محاورة عمر مع حذيفة يفيد: لو مات عمر من غير قتل، لهبَّت فتن، ثم أقلعت، وبابها ينغلق، أما إنْ قُتِل، فإنَّ باب الفتن سيبقى مفتوحاً على مصراعيه! فهو يفيد الاشتداد والموج، أما النهاية، فقد أُشير إليها في الطريق الأخيرة من حديث أنس، وفيه: “لو قتل اليوم ما اختلف رجلان من أُمتي حتى يخرج الدَّجَّال”.
وجاء التصريح في حديث آخر صحيح، أنّ الفتن جميعها ما صُنِعت ووجدت إلا لفتنة الدجال، وهذا البيان:
أخرج أحمد (5/ 389)، والبزار في «مسنده» (2807 و 2808)، وابن حبان (6807)، والطبراني مختصراً في «الكبير» (3018) من طرق عن الأعمش، قال أحمد: عن أبي وائل عن حذيفة. وقال الباقون: عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن حذيفة، قال: ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((لأنا لفتنةِ بعضكم أخوفُ عندي من فتنة الدَّجال، ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها، وما صُنِعت فتنةٌ -منذ كانت الدنيا- صغيرةً ولا كبيرة إلا لفتنة الدَّجال)).الصحيح المسند 306
فالفتن سلسلة، آخذة كلُّ حلْقةٍ بأختها، حتى تصل إلى الدجال، والذي خشيه عليها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم (فتنة بعضنا) من البغي، والظلم، والقتل، وهذا الذي بدأ زمن (الخوارج)، الذين خرجوا من ضئضئ ذاك الرجل، الذي لو قُتِل، لكان أول فتنة وآخرها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. [زَمَنُ الفِتْنة، نَشأتهُا، اشْتِدادُها، آخِرُها من: التَهذِيبُ الحَسَن لكِتابِ العِراق في أحاديث وآثار الفتن)].
المسألة الثانية (2): ضوابط لتجنب الفتن
عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إِنَّ السَّعَيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَن)) [رواه أبو داود (4263)، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود) (3585)]. وهو في الصحيح المسند 1140
وهاهنا يتساءل كثير من الغيورين والناصحين ممن يريدون لأنفسهم الخير والسعادة ولأمتهم أمة الإسلام العلو والرفعة: بمَ تُنال هذه السعادة؟ وكيف يُظفَرُ بهذا المقصد الجليل؟ وكيف تُتَقَى الفتُن؟ وكيف يجنَّبُها المرء المسلم ويسلم من أوضارها وشرورها وأخطارها؟
ذلك لأنَّ كلَّ مسلم ناصح غيور لا يريد لنفسه ولا لأمته، لِمَا قام في قلبه من النصيحة لنفسه ولعباد الله المؤمنين متمثلاً في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: ((لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)) [رواه مسلم (55) من حديث تميم الداري رضي الله عنه]، ومقتضَى النصيحة للنفس والغير أن يحذر العبد من الفتن وأن يسعَى جاهداً في البعد عنها والتخلص منها وعدم الوقوع فيها، والتعوذ بالله من شرّها ما ظهر منها وما بطن.
وفي هذه الوقفة أُنَّبهُ على نقاط مهمَّة وأسُس عظيمة وضوابطَ قويمة يكون للمسلم بمراعاتها والتزامها التخلُّصُ من الفتن – بإذن الله تبارك وتعالى – وهي ضوابطُ عظيمة مستقاة من كتاب الله العزيز وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
1 – وإنَّ أهم ما تُتَقَى به الفتن ويتجنَّب به شرُّها وضررها: تقوى الله جلّ وعلا وملازمة تقواه في السر والعلن والغيب والشهادة، والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2 – 3] أي: يجعل له مخرجاً من كلِّ فتنة وبلية وشرٍّ في الدنيا والآخرة، ويقول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق:4]، والعاقبة دائمًا لأهل التقوى.
ولما وقعت الفتنة في زمن التابعين أتَى نفر من النصحاء إلى طلق بن حبيب رحمه الله وقالوا: قد وقعت الفتنة فكيف نتقيها؟ فقال رحمه الله: اتقوها بالتقوى، قالوا: أجمل لنا التقوى؟ قال: “تقوى الله: عملٌ بطاعة الله على نور من الله رجاء رحمة الله، وترك معصية الله على نور من الله خيفة عقاب الله”.
وبهذا يُعلم أن تقوى الله ليست كلمةً يقولها المرء بلسانه أو دعوى يدَّعيها، وإنما تقوى الله عز وجل جدٌّ واجتهاد ونصحٌ للنفس بطاعة الله والتقرب إليه بما يرضيه، ولاسيما فعل الفرائض والواجبات والبعد عن المعاصي والمنكرات، فمن كان هذا شأنه نال – بإذن الله – العاقبة الحميدة والنهاية الرشيدة.
2 – ومن الضوابط المهمة لاجتناب الفتن لزوم الكتاب والسنة والاعتصام بهما، فإنَّ الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل العزِّ والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وقد قال الإمام مالك رحمه الله إمام دار الهجرة: “السنة سفينة نوح فمن ركبها نجا ومن تركها هلك وغرق”. ومن أَمَّرَ السنة على نفسه نطق بالحكمة وسلِمَ من الفتنة ونال خيري الدنيا والآخرة.
وقد ثبت في حديث العرباض بن سارية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)) [رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود) (3851)].
3 – ومن الضوابط العظيمة لاتِّقاء الفتن: الرفقُ والأناة وعدم العجلة والتأمل في عواقب الأمور، فإنَّ العجلة لا تأتي بخير، والأناة فيها الخير والبركة،
وقد جاء عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: “إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتُؤَدَة، فإنَّك أَن تكون تابعًا في الخير، خيرٌ من أن تكون رأسًا في الشر”.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ)) [رواه ابن ماجه (237)، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن ابن ماجه) (194)].حسنه بمرسل آخر كما في الضعيفة 1332
4 – وإنَّ من الضوابط المهمة: لزوم جماعة المسلمين والبعدُ عن التفرق. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، في غير ما حديث الوصيةُ بلزوم الجماعة والتحذير من الفرقة. قال صلى الله عليه وسلم ((عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ)) [رواه الترمذي (2165) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن الترمذي) (1758)]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ)) [رواه ابن أبي عاصم في (السنة) (81) من حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه، وصححه الألباني رحمه الله في (ظلال الجنة) (1/ 40)]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَخْتَلِفُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا)) [رواه البخاري (2410) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه].
5 – ومن الضوابط العظيمة التي يلزمُ مراعاتها لاتقاء الفتن واجتناب شرها: الأخذُ عن العلماء الراسخين والأئمة المحققين وترك الأخذ عن الأصاغر من الناشئين في طلب العلم المقلِّين في التحصيل منه، يقول صلى الله عليه وسلم: ((الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ)) [رواه ابن حبان (559) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني رحمه الله في (الصحيحة) (1778)]. فالبركة مع الأكابر الذين رسخت أقدامهم في العلم وطالت مدتهم في تحصيله وأصبح لهم مكانة في الأمة بما آتاهم الله من العلم والحكمة والرزانة والأناة والنظر في عواقب الأمور، فعن هؤلاء أمرنا أن نأخذ، قال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء:83]. فمن كان مُعَوِّلاً على هؤلاء أمن الفتنة وحمد العاقبة.
6 – ومن الضوابط المهمة لتجنب الفتن: حسنُ الصلة بالله ودعاؤه سبحانه، فإنَّ الدعاء مفتاح كلِّ خير في الدنيا والآخرة، ولاسيما سؤال الله تبارك وتعالى أن يجنب المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن، والتعوذ به سبحانه من مضلات الفتن، فإن من استعاذ بالله أعاذه، ومن سأل الله أعطاه، فإنَّه سبحانه لا يخيب عبداً دعاه ولا يرد عبداً ناداه، وهو القائل سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].
وإنا لنسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجنِّب المسلمين الفتنَ ما ظهر منها وما بطنَ، وأن يحفظ على المسلمين أمنهم وإيمانهم وأن يقيَهُم الشرور كلّها، وأن يُحمِّدَهم العواقب، وأن يرزقهم المآلات الحميدة والنهايات الرشيدة، إنه سبحانه سميع الدعاء وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل. [ضوابط لتجنب الفتن للشيخ عبد الرزاق العباد باختصار بطريقة الحذف].
المسألة الثالثة (3): آثار الفِتن
معرفة آثار الفتن نافع للعبد نفعا كبيرا، ومفيد له فائدة عظيمة، لأنه من باب النظر في العواقب ومآلات الأمور، وهذا يعد من حصافة العبد أي أنه قبل أن يقدم على أمر من الأمور: ينظر في عواقبه وآثاره.
ولهذا جاء في سيرة الإمام أحمد رحمه الله أن نفرا من علماء بغداد جاؤوا إليه رحمه الله في بيته، فقالوا: يا أبا عبد الله هذا الأمر قد تفاقم وفشا – يعنون إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك – فقال لهم أبو عبد الله: فما تريدون؟ قالوا: أن نشاورك في أنّا لسنا نرضى بإمارته ولا سلطانه! فناظرهم أبو عبد الله ساعة وقال لهم: (عليكم بالنكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، انظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر) رواه أبو بكر الخلاَّل في (السُّنَّة) رقم (90).
ولم يتلقوا كلامه بالقبول، بل لازالوا على رأيهم مصرين، ودعوا إلى مسلكهم ابن أخي الإمام أحمد رحمه الله، دعوه إلى المسلك نفسه: فنهاه والده، وقال: احذر أن تصاحبهم: فإن الإمام احمد لم ينههم إلا عن شر، فاعتذر ثم كانت نهاية قصتهم أن خرجوا على السلطان، فكانت العاقبة التي حذرهم منها الإمام أحمد رحمه الله: قًتِل من قًتِل، وسُجن من سُجن، دون أن يقدِّموا شيئاً في باب الإصلاح.
فأوصى بالتؤدة وهي الأناة وعدم التعجل.
وروى الإمام البخاري رحمه الله في كتابه (الأدب المفرد) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (لا تكونوا عُجُلاً مَذَايِيعَ بُذُرًا: فإن من ورائكم بلاءً مبرِّحاً أو مُكْلِحاً، وأمور مُتَماحِلَةً رُدُحاً) ((الأدب المفرد)) (327)، قال الألباني: صحيح، أي ثقيلة وشديدة.
فأوصى بأمور ثلاثة: قال:
قال: (لا تكونوا عجلا مذاييع): لا ينبغي للإنسان أن يكون ساعيا في اشتدادها واشتعالها بكلامه ومقاله: بأن يكون مذياعًا للفتنة مذياعا للشر ومذكيًا لناه.
وقوله: (بذرا) أي بذرة الفتن والسُّعاة في نشرها
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال – عليه الصلاة والسلام: (ستكون فتن القاعد فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي) البخاري (3406)، ومسلم (2886)،
وقد جاء (صحيح مسلم) برقم (2867). من حديث زيد بن ثابت، عن نبينا – عليه الصلاة والسلام – أنه قال: (تعوذوا بالله من الفتن من ظهر منها وما بطن)، فقالوا الصحابة رضي الله عنهم: (نعوذ بالله من الفتن ما ظهر وما بطن).
فالفتن يُتعوذ منها ويطلب من الله – تبارك وتعالى – أن يعيذ المسلمين منها، وأن يحميَهم من غوائلها وآثارها وأخطارها وأضرارها.
ويكثُر في الدعوات المأثورة: التعوذ بالله من سوء الفتن، والتعوذ بالله من مضلات الفتن.
وكما قيل: (السعيد من اتعظ بغيره)،
وآثار الفتن كثيرة وعديدة، ويطول عدُّها والكلامُ عليها. لكنني أشير في هذه الرسالة إلى جملة من آثار وشيء من الأخبار، راجيا من الله – تبارك وتعالى – أن يكون في ذلك خير ونفع لنا أجمعين.
الأثر الأول: انصراف الناس عن العبادة
من آثار الفتن ُّ ولا يتحقق ذكرٌ لله- تبارك وتعالى- على وجه الطُّمأنينة فيكون العبد مضطرب القلب، مشوَّش البال، منشغل الخاطر: ولهذا جاء في الحديث الصَّحيح عن نبيِّنا- عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (عبادة في الهرج كهجرة إلي)
الهرج: ما يكون في الناس من اضطراب، وعندما تموج الأمور وتضطرب وينشب بين الناس الفتن والقتل ونحو ذلك، من يكون في مثل هذا الوقت مشتغلا بعبادة الله- تبارك وتعالى- فهو كالمهاجر إلى النبي –عليه الصلاة والسلام-.
وهذا يبين أن من كان في الهرج مشتغلا بالعبادة: فإنه موفَقٌ سالمٌ من أوضار الفتنة.
وأيضا في الوقت نفسه يدل على أن الذي ينبغي على الإنسان في الفتن هو الإقبال على العبادة، وتجنب الفتن
وقد جاء في (الصحيح) من حديث أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعًا يقول: (سبحان الله! ماذا أنزل الله من الخزائن؟! ماذا أنزل الله من الفتن؟! من يوقظ صواحب الحجرات – يعني: أزواجه – يصلين).
فأرشد – عليه الصلاة والسلام- عند نزول الفتن إلى الصلاة، إلى عبادة الله- تبارك وتعالى-، إلى التقرب إليه، قال: (من يوقظ صواحب الحجرات يصلين، رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عارية في الآخرة).
وأيضا: يدل على هذا المعنى: قوله -عليه الصلاة السلام-: (بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم)، فأرشد إلى الأَعمال الصالحة، يعني يقبل الإنسان على طاعة الله، على الصلاة، على الذكر، على الدعاء، على تلاوة القرآن.
لما وقعت الفتنة في زمن التابعين: قال الحسن البصري رحمه الله –وهو ممن اعتزل الفتن-، قال: (يا أيها الناس! إنه –والله! – ما سلط الله الحجاج عليكم إلا عقوبة: فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف، ولكن عليكم بالسكينة والتضرع): فإن الله يقول: ((وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)) 76:المؤمنون، أي أن الواجب على الإنسان هو الاستكانة إلى الله، والتضرع إليه، وملازمة ذكره، وأن يصلح حاله بنفسه وبيته، وأن يستقيم على طاعة ربه على الوجه الذي يرضي الله –تبارك وتعالى-.
وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذا المعنى أنه قال: (تكون فتنةٌ لا يُنجي منها إلا دعاءٌ كدعاء الغريق).
الأثر الثاني: صرف الناس عن العلم والعلماء
من آثار الفتن وعواقبها: أنَّها تصرف الناس عن مجالس العلم
بل أَزيدَ من ذلك وأعظم أنها تُفضي –أي الفتنة- بكثيرٍ من النَّاس إلى انتقاص العلماء واحتقارهم،
وممَّا جاء في هذا المعنى من الأخبار التي تُروى في التَّاريخ: أنَّه لَّما كانت فتنة عبد الرحمن بن الأشعت، فقال الحسن البصري رحمه الله: (أرى أَلاَّ تُقاتلوه: فإنَّها إن تَكُنْ عقوبةً من الله –أي تسلط الحجاج-: فما أنتم برادِّي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكنْ بلاء: فاصبروا حتَّى يحكم الله، وهو خير الحاكمين)، فخروجا من عنده، وهم يقولون:
نطيع هذا العِلْجَ؟!
ثمَّ إن هؤلاء النَّفر الذين قالوا للحَسَن هذه المقالة ولم يستجيبوا لنصحه: خرجوا مع ابن الأشعت فَقُتِلُوا جميعاً
الأثر الثالث: تصدُّر السُّفهاء
ومن آثار الفتن أيضاً: أنها يترتَّب عليها تصدُّر السُّفهاء، ومن لا علمَ عندهم،
ولهذا يقول شيخ الاسلان ابن تيمة رحمه الله في كتابه (المنهاج): (والفتنة إذا وقعت عَجَزَ العُقلاء فيها عن دفع السُّفهاء).
وهذا شأن الفتن كما قال الله تعالى: ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَآصَّةً)) [الأنفال: 25].
وإذا وقعت الفتنة: لم يسلَم من التَّلَوُّث بها إلاَّ من عصمَه الله، نسأل الله عز وجل أن يسلِّمنا أجمعين.
الأثر الرابع: الانتهاء إلى العواقب المُرْديَة والمآلات السَّيئَة
من آثار الفتن وعواقبها: أن من يدخل الفتنة ويتوَّرط فيها: يبوء بالعواقب المردية والمآلات السَّيئَة، ولا ينال منها خيرًا، وفي الوقت نفسه لا يحصِّل خيرًا، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تتبَّع جملةً من الفتن الَّتي ثارتْ في أزمنة قبله ورصدها رحمه الله، وذكر في كتابه ((منهاج السُّنَّة)) خلاصةً جميلةً نافعةً مفيدةً لمآلات تلك الفتن فقال رحمه الله: ((قلَّ من خرج على إمام ذي سلطان إلاَّ كان ما تولَّد على فعله من الشَّرِّ أعظم ممَّا تولًّد من الخير))، وذكر أمثلةَ كثيرةً لِفِتَنٍ حصلتْ، ثمَّ لخَّص نَتَاجَ وآثار تلك الفتن: فقال رحمه الله: (فلا أقاموا دينا، ولا أَبْقَوْا دُنْيَا) (1).
وفي المجلد الثامن من (سير أعلام النبلاء) – في ترجمة الحكم بن هشام الدَّاخل الأموي- كان أمير الأندلس-: يقول الذّهبي في قصةٍ طويلة لا يَسَعُ المقام لذكرها، ولكن يمكن أن تُراجع في (سير أعلام النبلاء) (2)، بدأها الذهبي رحمه الله بقوله: (كَثُرَت العلماء بالأندلس في دولته –أي دولة الحَكَم- حتَّى قيل: إنه كان بقرطبة أربعة آلاف مُتَقَلِّس مُتَزيِّن بزيِّ العلماء – يعني: كَثُرَ أهل العلم وطلبة العلم المتزيِّين بزيِّ أهل العلم- قال: فلما أراد الله فناءهم: عزَّ عليهم انتهاك الحَكَم للحُرمات، وائتمروا ليخلعوه، ثم جيَّشوا لقتاله، وجرت بالأندلس فتنة عظيمة على الإسلام وأهله فلا قوَّة إلاَّ بالله)، ثمَّ سرد القصَّة رحمه الله، وفي نهايتها أنَّ كثيرًا من هؤلاء قُتلوا ومنهم مَنْ فَرَّ، ومنهم من سُجِنَ دون أن يقيموا دينًا بمثل هذه الفتن التي تُشعل وتُؤجَّج، والسَّعيد – كما يُقال- مَنِ اتَّعظ بغيره.
بل إن عددا كبيرا ممن شاركوا في الفتن ودخلوا فيها كانت نهايتهم فيها النَّدم وتمنِّي أن لو لم يدخلوا في تلك الفتن.
وسُطِّر من ذلك شيءٌ كثير في كتب التاريخ والتراجم، أخبارٌ لأولئك الذين شاركوا في الفتن كانت نهايتهم النَّدم على ذلك.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله: (وهكذا عامَّة السَّابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال).
ويقول أيُّوب السَّخْتِيَانِي رحمه الله، ذكر القرَّاء الذين خرجوا مع ابن الأشعت: فقال: (لا أعلم أحدًا منهم قُتِلَ إِلَا قد رُغِبَ له عن مصرعهِ، ولا نجا منهم أحدٌ إلا حَمِدَ الله إلي سلَّمه) وندم على ما كان منه.
ومن الأخبار المفيدة واللَّطيفة في هذا الباب قصة زُبيد ابن الحارث اليامي، وهو من رجال الكتب السِّتَّة، ومن علماء الإسلام، وهو ممَّن دخل في فتنة ابن الأشعت، ولكنَّه سَلِمَ منها، وسَلِمَ من القتل، قال محمَّد بن طلحة: (رآني زبيد مع العلاء بن عبد الكريم ونحن نضحك، فقال: لو شهدتَ الجماجم ما ضَحِكْتَ!)، و (الجماجم) التي يشير إلها: جماجم المسلمين ورؤوسهم تتساقط بأيدي المسلمين أنفسهم، يقتل بعضُهم بعضًا ثم قال زبيد: (وَلَوَدِدْتُ أنَّ يدي –أو قال: يميني- قُطعت من العَضُد ولم أكن شهدت ذلك)
ثم جاءت فتنة بعد ذلك ودُعِيَ إلى المشاركة فيها لكنه رأى الآثار والعواقب وانْتَبَه، فتأمل جوابه الطَّريف اللطيف الذي هو جواب مجرِّب، جاء في بعض الرِّوايات أن منصور ابن المعْتَمِر كان يختلف إلى زبيد، فذكر أهل البيت يُقتلون، ويريد زبيد أن يخرج مع زيد بن عليٍّ في فتنة أخرى، فقال زبيد رحمه الله: (ما أنا بخارج إلاَّ مع نبيٍّ، وما أنا بواجِده)، أي: لن أجد نبيًّا أخرج معه، هذه قالها عن معرفةٍ وتجربةٍ ومعاينةٍ للآثار الَّتي حُصدت من تلك الفتن.
الأثر الخامس: من دخل الفتن انحطَّ قدره.
وغيرها من الآثار
[للشيخ عبد الرزاق العباد]
المسألة الرابعة (4): ثبات أهل الإيمان في الفتن
صاحب الإيمان الصحيح والعقيدة السليمة تعلَّم من دينه أموراً مهمة ودروساً عظيمة تُعينه على الثبات في الأحوال ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أهم هذه الأمور ما يلي:
أولاً: أنه يعلم علم يقين لا يخالطه شك ولا يداخله ريب أنَّ خالق هذا الكون وموجده ومدبر شؤونه هو الله وحده لا شريك له، وأنه وحده المتصرِّف فيه، وأنه لا يكون فيه إلا ما شاء تبارك وتعالى، فأزمَّة الأمور كلها بيده، ومقاليد السماوات والأرض كلها له، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير.
ثانياً: أن الله جل وعلا تكفَّل بنصر أهل الإيمان وحفظ أهل الدين، ووعد بذلك ووعده الحق، وأخبر بذلك في كتابه وكلامه صدق وحق، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:7 – 8]،
ثالثاً: أنَّ الله وعد في كتابه بخذلان الكافرين وإبادتهم وقصم ظهورهم وقطع دابرهم وجعلهم عبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين كما قال تعالى: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة:98]. وشواهد ذلك في التاريخ كثيرة لا تحصى وعديدة لا تُستقصى، فهو سبحانه يملي للظالم ولا يهمل، وإذا أخذه أخذه بغتة {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102]
رابعاً: أن المؤمن يعلم أنه لن تموت نفسٌ حتى تستوفي أجلها وتستتم رزقها، فلن يموت أحد قبل منيَّته ولا بعدها {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَاخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس:49]،
خامساً: أنَّ المؤمن لشدة ثباته وقوة يقينه لا تزعزعه الأراجيف ولا تخوِّفه الدعايات، بل إنه إذا خوِّف بالذين من دون الله زاد إيماناً وثقة بالله وتوكلاً واعتماداً عليه، كمثل الصحابة رضي الله عنهم {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:173 – 174].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (({حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ})) [1] ومعنى حسبنا الله: أي كافينا.
سادساً: أنَّ صاحب الإيمان الصحيح لا يعتمد في أموره كلها إلا على الله وحده ولا يفوض أموره إلا له ولا يتوكل إلا عليه ولا يستعين إلا به، قال تعالى {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: ((اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ)) [2].وضرب في السيرة العطرة أروع الأمثلة وأبلغها في الثقة بالله وشدة الاعتماد عليه،
سابعاً: أنَّ المؤمن يعلم أنَّ التوكل الحقيقي لا يتم إلا بأمرين اثنين لابد منهما:
الأول: اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه -كما قال ابن القيم رحمه الله – بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشوش الأسباب ولا سكون إليها، بل يخلع السكون إليها من قلبه ويلبسه السكون إلى مسببها وهو الله. وعلامة هذا: أنه لا يبالي بإقبالها وإدبارها ولا يضطرب قلبه ويخفق عند إدبار ما يحب منها وإقبال ما يكره، لأن اعتماده على الله وسكونه إليه واستناده إليه.
والثاني: إثبات الأسباب والقيام بها، وقد كان سيد المتوكلين وإمامهم وحامل لوائهم محمد صلى الله عليه وسلم يقوم بفعل الأسباب …
ثامناً: ثمَّ إنَّ المؤمن في الأمور الملمات والأحوال المدلهمات يجد من قلبه إقبالاً شديداً على الله وانكساراً بين يديه وخضوعاً له، {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل:62] [ثبات أهل الإيمان في الفتن، للشيخ عبد الرزاق العباد].
وراجع:
الصحيح المسند:
1567 – قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا يحيى عن إسماعيل ثنا قيس قال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب قالت أي ماء هذا قالوا ماء الحوأب قالت ما أظنني إلا أني راجعة فقال بعض من كان معها بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز و جل ذات بينهم قالت إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لها ذات يوم ((كيف بأحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب)).
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح.
وانظر خلاصة موقعة الجمل في التعليق على الصحيح المسند 955
عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله (إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير بن العوام)
وعن زر استأذن ابن جرموز على عليٍّ فقال: من هذا؟ فقال: ابن جرموز يستأذن. قال: ائذنوا له، ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن لكل نبيٍّ حواري، وحواري الزبير)
وذكرنا أن الذي أشعل الفتنة بين الصفين هم قتلة عثمان.
وفي شرح حديث رقم 915 من الصحيح المسند:
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي بَعْضَ أَصْحَابِي قُلْنَا يَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ فَسَكَتَ قُلْنَا أَلَا نَدْعُو لَكَ عُمَرَ فَسَكَتَ قُلْنَا أَلَا نَدْعُو لَكَ عُثْمَانَ قَالَ نَعَمْ فَجَاءَ فَخَلَا بِهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُهُ وَوَجْهُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ قَالَ قَيْسٌ فَ أَبُو سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَنَا صَائِرٌ إِلَيْهِ وَقَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ وَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ قَالَ قَيْسٌ فَكَانُوا يُرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ
ذكرنا قصة مقتل عثمان رضي الله عنه وبراءة الصحابة من دمه وأنهم كانوا معه. وهو الذي طلب أن لا يقاتلوا عنه خوف الفتنة، وسفك الدماء.
وراجع
الصحيح المسند (2/رقم 1051):
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني زيد بن أرطاة قال سمعت جبير بن نفير يحدث عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسطاط المسلمين يوم الملحمة الغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق.
والصحيح المسند
821 – قال أبو داود رحمه الله: حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل عن أبي موسى الأشعري قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم والماشي فيها خير من الساعي فكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا سيوفكم بالحجارة فإن دخل يعني على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم. هذا حديث حسن على شرط البخاري.