109 مختلف الحديث
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين. وأبي عيسى عبدالله البلوشي
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري
جمع سيف بن دورة الكعبي
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
———–‘———
[ومن كتاب مواقيت الصلاة]
مختلف الحديث رقم: {109}
كيف التوفيق بين حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: (شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ أَنَّ النَّبِيَّ? نَهَى عَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ)
رواه البخاري (547) ومسلم (1367)
وبين ما جاء بأنه? ” كان لا يدع ركعتين قبل الفجر، و ركعتين بعد العصر “.
قال الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” 6/ 1010
=======
قال بعض الباحثين:
صلاة الركعتين بعد العصر سنة؛ وثبت ذلك بعد جمع الأحاديث في الصلاة بعد العصر؛ وإليكم التفصيل:
1 – ((ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)). متفق عليه.
فهذا الحديث مطلق يقيده حديث علي رضي الله عنه الآتي.
2 – عن علي قال: ((نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة)). السلسلة الصحيحة (200).
وعن علي مرفوعاً قال: ((لا تصلوا بعد العصر؛ إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة)). وقال الألباني: هذا سند جيد.
قلت: فحديث علي يقيد الحديث العام بأن الصلاة المنهي عنها بعد العصر هي التي دخلت في وقت النهي؛ وقد صح عن بلال مؤذن رسول الله قال: ((لم ينه عن الصلاة؛ إلا عند غروب الشمس)).
3 – عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصلوا عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها؛ فإنها تطلع وتغرب على قرن شيطان، وصلوا بين ذلك ما شئتم)). السلسلة الصحيحة (314).
قال الشيخ الألباني (1/ 625 – الصحيحة): [وفي هذين الحديثين – أي حديث علي وحديث أنس المتقدمين – دليل على أن ما اشتهر في كتب الفقه من المنع عن الصلاة بعد العصر مطلقاً – ولو كانت الشمس مرتفعة نقية – مخالف لصريح هذين الحديثين، وحجتهم في ذلك الأحاديث المعروفة في النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقاً؛ غير أن الحديثين المذكورين يقيدان تلك الأحاديث؛ فاعلمه]. اهـ.
[شبهة والرد عليه]:
(ضرب عمر رضي الله عنه كان لعدة أسباب وهي: عدم الفصل بين الفريضة والنافلة، مخافة الدخول في الوقت المنهي عنه)
4 – عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر، فقام رجل يصلي بعدها فرآه عمر، فأخذ بردائه أو بثوبه، فقال له اجلس؛ فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحسن ابن الخطاب)). السلسلة الصحيحة (3173).
قال الشيخ الألباني (7/ 354 – 355): [والفائدة الأخرى: جواز التطوع بعد صلاة العصر؛ لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم عمر الرجل على الصلاة بعدها، مع أنه أنكر عليه ترك الفصل وصوبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فدل ذلك على جواز الصلاة بعد العصر دون الوصل]. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 65): [تنبيه: روى عبد الرزاق من حديث زيد بن خالد سبب ضرب عمر الناس على ذلك فقال: عن زيد بن خالد أن عمر رآه وهو خليفة ركع بعد العصر فضربه فذكر الحديث وفيه فقال عمر: ((يا زيد لولا أني أخشى أن يتخذهما الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما))، فلعل عمر كان يرى أن النهى عن الصلاة بعد العصر إنما هو خشية إيقاع الصلاة عند غروب الشمس وهذا يوافق قول بن عمر الماضي وما نقلناه عن بن المنذر وغيره وقد روى يحيى بن بكير عن الليث عن أبي الأسود عن عروة عن تميم الداري نحو رواية زيد بن خالد وجواب عمر له وفيه: ((ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر إلى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيها))، وهذا أيضا يدل لما قلناه والله أعلم]. انتهى.
5 – ((كان لا يدع ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد العصر)). السلسلة الصحيحة (3174).
قال الشيخ الألباني (7/ 528): [ولا دليل على نسخهما – أي الركعتين بعد العصر -، ولا على أنهما من خصوصياته]. انتهى.
6 – قال الشيخ الألباني (7/ 527): [وروى ابن أبي شيبة قبيل هذا بسند صحيح عن أشعث بن أبي الشعثاء قال: خرجت مع أبي (واسمه سليم بن أسود المحاربي) وعمرو بن ميمون والأسود بن يزيد وأبي وائل، فكانوا يصلون بعد العصر.
ثم روى مثله عن جمع آخر من السلف؛ منهم الزبير بن العوام، وابنه عبد الله رضي الله عنهما، وكذا علي رضي الله عنه، وأبو بردة بن أبي موسى]. انتهى.
[شبهة أخرى والرد عليها]: أن صلاة النبي بعد العصر هي سنة الظهر، وليست سنة العصر:
7 – [عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يصلي؟
فقالت: ((كان يصلي الهجير، ثم يصلي ركعتين، ثم يصلي العصر، ثم يصلي ركعتين)).
قلت: فقد كان عمر يضرب عليهما، وينهى عنهما؟!
فقالت: كان عمر رضي الله عنه يصليهما، وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليهما، ولكن قومك أهل اليمن قوم طَغَام، يصلون الظهر، ثم يصلون ما بين الظهر والعصر، ويصلون العصر، ثم يصلون ما بين العصر والمغرب، فضربهم عمر؛ وقد أحسن]. السلسلة الصحيحة (3488).
قال الشيخ الألباني (7/ 1427): [وفي قول عائشة الموقوف فائدة عزيزة لم يذكرها الحافظ في “فتح الباري”، وهي أن عمر رضي الله عنه لم ينه عن الركعتين بعد العصر إنكاراً لشرعيتهما، وإنما من باب سد الذريعة، وخشية أن يصلوها في وقت التحريم]. انتهى.
الرد على من يقول بخصوصية النبي بالركعتين بعد العصر:
الشبهة الأولى:
((كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال))
أخرج أبو داود (1280)، والطبراني في “المعجم الأوسط” (4/ 174/3899)، والخطيب في “تاريخ بغداد” (10/ 323) عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال)).
قلت: هذا إسناد ضعيف؛ محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه.
وقال الشيخ الألباني في “الضعيفة” (945): “منكر”.
قلت: وهذا الحديث من الأدلة التي احتج بها من يقول بخصوصية الركعتين بعد العصر بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الشيخ الألباني (2/ 351): [فلو كان عندها – أي عائشة – علم بالنهي الذي رواه ابن إسحاق لما أفتت بخلافه إن شاء الله تعالى، بل لقد ثبت عنها أنها كانت تصلي بعد صلاة العصر ركعتين]. اهـ.
الشبهة الثانية:
أخرج أبو يعلى في “مسنده” (12/ 457/7028)، والطحاوي في “شرح معاني الآثار” (1/ 305 – 306)، وابن حبان –كما في الموارد – (623) من طريق يزيد بن هارون، حدثنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن ذكوان، عن أم سلمة قالت: ((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ثم دخل بيتي فصلى ركعتين قلت: يا رسول الله صليت صلاة لم تكن تصليها، فقال: “قدم علي مال فشغلني عن ركعتين كنت أركعهما بعد الظهر فصليتهما الآن”، فقلت: يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: “لا”))
قلت: وقد اختلف فيه على حماد بن سلمة؛ فرواه يزيد بن هارون كما تقدم، وخالفه أبو الوليد الطيالسي، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي، فروياه عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيتها ركعتين بعد العصر فقلت: يا رسول الله ما هاتان الركعتان؟ فقال: كنت أصليهما بعد الظهر فجاءني مال فشغلني فصليتهما الآن)).
أخرجه الطحاوي في “شرح معاني الآثار” (1/ 302)، والبيهقي (2/ 457).
قلت: والاختلاف على حماد بن سلمة في هذا الحديث من وجهين:
1 – رواه أبو الوليد، وعبد الملك من طريق ذكوان عن عائشة عن أم سلمة؛ ولم يذكر يزيد بن هارون عائشة؛ فروايته منقطعة، وقال ابن حزم في “المحلى” (1/ 271): [فصح أن هذه الزيادةلم يسمعها ذكوان من أم سلمة ولا ندري عمن أخذها فسقطت]. اهـ.
2 – لم يذكرا الزيادة: [فقلت: يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: “لا”]، وقد ذكرها يزيد بن هارون، فهي شاذة.
قلت: والخلاصة أن هذه الرواية شاذة بهذه الزيادة: [فقلت: يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: “لا”].
وقال البيهقي – كما في الفتح -: “وهي رواية ضعيفة لا تقوم بها حجة”.
وقال ابن حزم في “المحلى” (2/ 271): “حديث منكر”.
وقال الشيخ الألباني في “الضعيفة” (946): “منكر”.
=========
2920 – ” كان لا يدع ركعتين قبل الفجر، و ركعتين بعد العصر “.
قال الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” 6/ 1010:
أخرجه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (2/ 352) …. فذكر التخريج وقال:
هذا و قد روى ابن أبي شيبة عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصلون
هاتين الركعتين بعد العصر، منهم أبو بردة بن أبي موسى و أبو الشعثاء و عمرو بن
ميمون و الأسود ابن يزيد و أبو وائل، رواه بالسند الصحيح عنهم، و منهم محمد
بن المنتشر و مسروق كما تقدم آنفا. و أما ضرب عمر من يصليهما، فهو من
اجتهاداته القائمة على باب سد الذريعة، كما يشعر بذلك روايتان ذكرهما الحافظ
في ” الفتح ” (2/ 65).
و يتلخص مما سبق أن الركعتين بعد
العصر سنة إذا صليت العصر معها قبل اصفرار الشمس، و أن ضرب عمر عليها إنما هو
اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة، و خالفه آخرون، و على رأسهم أم المؤمنين
رضي الله عنها، و لكل من الفريقين موافقون، فوجب الرجوع إلى السنة، و هي
ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين، دون دليل يعارضه إلا العموم المخصص بحديث علي
و أنس المشار إلى أرقامهما آنفا. و يبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا، فقد
روى البخاري (589) عنه قال: ” أصلي كما رأيت أصحابي يصلون، لا أنهى أحدا
يصلي بليل و لا نهار ما شاء، غير أن لا تحروا طلوع الشمس و لا غروبها “. و
هذا مذهب أبي أيوب الأنصاري أيضا، فقد روى عبد الرزاق عنه (2/ 433) بسند
صحيح عن ابن طاووس عن أبيه: أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر
ركعتين بعد العصر، فلما استخلف عمر تركهما، فلما توفي ركعهما، فقيل له: ما
هذا؟ فقال: إن عمر كان يضرب الناس عليهما. قال ابن طاووس: و كان أبي لا
يدعهما. و هنا ينبغي أن نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن و إماتة
البدع أن يصلوا هاتين الركعتين كلما صلوا العصر في وقتها المشروع، لقوله صلى
الله عليه وسلم: ” من سن في الإسلام سنة حسنة .. “. و بالله التوفيق.
=======
وجاء في السلسلة الصحيحة 12/ 6 .. .
وقد روى يحيى بن بُكير عن الليث عن أبي الأسود عن عروة عن تميم الداري نحو رواية زيد بن خالد، وجواب عمر له
قلت: ومثله ما رواه الطحاوي (1/ 180) عن البراء بن عازب قال: بعثني سلمان بن ربيعة بريداً إلى عمر بن الخطاب في حاجة له، فقدمت عليه، فقال لي: لا تصلوا بعد العصر؛ فإني أخاف عليكم أن تتركوها إلى غيرها.
قلت: يعني إلى وقت الاصفرار المحرم، وإسناده صحيح.
فهذه الآثار تؤكد ما ذكرته من قبل أن نهيه اجتهاد منه سدّاً للذريعة
و314).وقد ذهب إلى شرعية هاتين الركعتين أبو محمد بن حزم في “المحلى” والرد على المخالفين في بحث واسع شيق في آخر الجزء الثالث وأول الرابع. انتهى
==========
نقلته من شرحنا لحديث 1233 من صحيح البخاري:
ذهب جماهير أهل العلم إلى كراهة الصلاة بعد العصر حتى غروب الشمس، وبعد الصبح حتى ترتفع الشمس، وحكى بعض أهل العلم الاتفاق على ذلك.
فروى البخاري ومسلم (827) عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ).
قال النووي رحمه الله:
” فِي أَحَادِيث الْبَاب: نَهْيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاة بَعْد الْعَصْر حَتَّى تَغْرُب الشَّمْس، وَبَعْد الصُّبْح حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس، وَبَعْد طُلُوعهَا حَتَّى تَرْتَفِع، وَعِنْد اِسْتِوَائِهَا حَتَّى تَزُول، وَعِنْد اِصْفِرَارهَا حَتَّى تَغْرُب. وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى كَرَاهَة صَلَاة لَا سَبَب لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَات ” انتهى.
واختلف أهل العلم في الصلوات ذوات الأسباب كتحية المسجد وسنة الوضوء، فمنهم من جوز فعلها في أوقات النهي، ومنهم من منع ذلك، والراجح الأول، والله أعلم.
ثانيا:
ما ورد في الأحاديث من كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر في بيته، ويداوم على ذلك: صحيح ثابت أيضا؛ فروى البخاري (591)، ومسلم (835) عن عَائِشَة رضي الله عنها قالت: (مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ عِنْدِي قَطُّ).
وفي رواية لهما: (صَلَاتَانِ مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي قَطُّ، سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ).
وفي رواية للبخاري (590) عنها رضي الله عنها قَالَتْ: (وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ، مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، وَمَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاَةِ، وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلاَتِهِ قَاعِدًا – تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ – وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا، وَلاَ يُصَلِّيهِمَا فِي المَسْجِدِ، مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِه ِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ).
وذهب بعض العلماء أن هذا كله محمول على أنه كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم؛ فقد فاتته الركعتان بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم أثبتهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى صلاة أثبتها.
روى البخاري (1233)، ومسلم (834) عن أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا – يعني الركعتين بعد العصر – ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا …..
وروى مسلم (835) عن أبي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَتْ: (كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ إِنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا، أَوْ نَسِيَهُمَا، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
” تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الرِّوَايَات مَنْ أَجَازَ التَّنَفُّل بَعْدَ الْعَصْر مُطْلَقًا، مَا لَمْ يَقْصِد الصَّلَاة عِنْدَ غُرُوب الشَّمْس، وَأَجَابَ عَنْهُ مَنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَة: بِأَنَّ فِعْلَهُ هَذَا يَدُلّ عَلَى جَوَاز اِسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَ مِنْ الرَّوَاتِب مِنْ غَيْر كَرَاهَة، وَأَمَّا مُوَاظَبَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصه، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ رِوَايَة ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَة أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْر وَيَنْهَى عَنْهَا , وَيُوَاصِل وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَال ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرِوَايَة أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَة فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة وَفِي آخِرِهِ ” وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاة أَثْبَتَهَا ” رَوَاهُ مُسْلِم، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الَّذِي اِخْتَصَّ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَاوَمَة عَلَى ذَلِكَ لَا أَصْلُ الْقَضَاء ” انتهى.
“فتح الباري” (2/ 64). وينظر: “عمدة القاري” (5/ 85).
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن هذه الأحاديث، فأجابوا:
” لا تجوز صلاة النافلة بعد العصر؛ لأنه وقت نهي، وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المذكورة هو قضاء لراتبة الظهر التي فاتته -، وداوم عليها صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان إذا عمل عملا داوم عليه، وهذا خاص به صلى الله عليه وسلم، لكن تجوز الصلاة بعد العصر إذا كانت من ذوات الأسباب؛ كتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وركعتي الطواف بعد العصر وبعد الصبح، وصلاة الجنازة؛ للأحاديث الواردة في ذلك ” انتهى.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (6/ 173 – 174).
وروي أن طاوسًا كان يصلي ركعتين بعد العصر؛ فقال له ابن عباس: “اتركهما. فقال: إنما نهي عنهما أن تتخذا سنة. فقال ابن عباس: قد نهى رسول الله -صلى لله عليه وسلم- عن صلاة بعد العصر؛ فلا أدري أتعذب عليها أم تؤجر لأن الله قال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] “.
قال ابن قدامة: النهي عن الصلاة بعد العصر مُتَعَلِّق بِفِعْل الصلاة، فمن لم يُصلِّ أبيح له التَّنَفُّل وإن صلى غيره، ومن صلى العصر فليس له التَّنَفُّل، وإن لم يصل أحد سواه، لا نعلم في هذا خلافا عند مَن يَمْنَع الصلاة بعد العصر. اهـ.
قال ابن رجب: وممن رخص في الصلاة بعد العصر والشمس مرتفعة: علي بن أبي طالب، والزبير، وتميم الداري، وأبو أيوب، وأبو موسى، وزيد بن خالد الجهني، وابن الزبير، والنعمان بن بشير، وأم سلمة – رضي الله عنهم.
ومن التابعين: الأسود، ومسروق، وشريح، وعمرو بن ميمون، وعبد الرحمن بن الأسود، وعبيدة، والأحنف بن قيس، وطاوس.
وحكاه ابن عبد البر، عن عطاء، وابن جريج، وعمرو بن دينار.
قال: وروي عن ابن مسعود نحوه.
ولم يعلم عن أحد منهم الرخصة بعد صلاة الصبح.
وهو قول داود، فيما حكاه ابن عبد البر.
وحكي رواية عن أحمد:
قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد: هل ترى بأساً أن يصلي الرجل تطوعاً بعد العصر والشمس بيضاء مرتفعة؟ قال: لا نفعله، ولا نعيب فاعله.
قال: وبه قال أبو حنيفة.
وهذا لا يدل على أن أحمد رأى جوازه، بل رأى أن من فعله متأولاً، أو مقلداً لمن تأوله لا ينكر عليه، ولا يعاب قوله؛ لأن ذلك من موارد الاجتهاد السائغ.
ومما استدل به من ذهب إلى ذلك: ما رواه هلال بن يساف، عن وهب بن الأجدع، عن علي، عن النبي (، قال: (لا تصلوا بعد العصر، إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود.
والنسائي، وعنده: (إلا أن تكون الشمس بيضاء نقية مرتفعة).
وابن خزيمة وابن حبان في (صحيحهما). ” فتح الباري” (3/ 278 – 279).
قلت سيف: حديث لا تصلوا إلا أن تكون الشمس بيضاء نقية. أخرجه أحمد 1076 من طريق عاصم بن ضمرة عن علي. أعله الدارقطني 476 فقال: ولم يتابع والصحيح حديث منصور عن هلال بن يساف عن وهب بن الأجدع عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة.
ووهب بن الأجدع رد حديثه هذا البيهقي
فربما رده لمخالفته ما هو أرجح منه لكن وهب بن الأجدع روى عنه الشعبي أيضا حتى قال يعقوب بن شيبة اذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي وهؤلاء أهل العلم فهو غير مجهول. قاله ابن رجب في شرح العلل. نقله صاحبنا ابوصالح
وحسن الحديث محققو المسند 2/ 322
وبوب أبوداود عليه باب من رخص فيهما اذا كانت الشمس مرتفعة
وأورد كذلك في الباب حديث عائشة أنها قالت: ما من يوم يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم إلا صلى بعد العصر ركعتين. أخرج البخاري ومسلم
وأورد حديث عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها. لكن الألباني حكم عليه بالضعف الإرواء 441
ورجح الألباني جواز الصلاة ما دامت الشمس بيضاء نقية
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 65): [تنبيه: روى عبد الرزاق من حديث زيد بن خالد سبب ضرب عمر الناس على ذلك فقال: عن زيد بن خالد أن عمر رآه وهو خليفة ركع بعد العصر فضربه فذكر الحديث وفيه فقال عمر: ((يا زيد لولا أني أخشى أن يتخذهما الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما))، فلعل عمر كان يرى أن النهى عن الصلاة بعد العصر إنما هو خشية إيقاع الصلاة عند غروب الشمس وهذا يوافق قول بن عمر الماضي وما نقلناه عن بن المنذر وغيره وقد روى يحيى بن بكير عن الليث عن أبي الأسود عن عروة عن تميم الداري نحو رواية زيد بن خالد وجواب عمر له وفيه: ((ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر إلى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيها))، وهذا أيضا يدل لما قلناه والله أعلم]. انتهى.