109 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة أبي عيسى عبدالله البلوشي وعبدالله المشجري وعبدالملك
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
109 _ ﻗﺎﻝ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺟ2ﺻ1331: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﺨﺰاﻋﻲ ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻬﻴﺜﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻣﻌﻴﺪ ﺣﻔﺺ ﺑﻦ ﻏﻴﻼﻥ اﻟﺮﻋﻴﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﻜﺤﻮﻝ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﻗﻴﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﺘﻰ ﻧﺘﺮﻙ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﻗﺎﻝ ﺇﺫا ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ اﻷﻣﻢ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻗﻠﻨﺎ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ اﻷﻣﻢ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﺻﻐﺎﺭﻛﻢ ﻭاﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ﻓﻲ ﻛﺒﺎﺭﻛﻢ ﻭاﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺭﺫاﻟﺘﻜﻢ ﻗﺎﻝ ﺯﻳﺪ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭاﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺭﺫاﻟﺘﻜﻢ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﺴﺎﻕ.
ﻭاﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪﺝ3ﺻ187ﻭﻓﻲ اﻟﺴﻨﺪ ﻋﻨﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺳﻘﻄ ﺎﻟﻬﻴﺜﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ, ﻭﻓﻴﻪ ﺗﺼﺤﻴﻒ ﺃﺑﻮﻣﻌﻴﺪ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً: دراسة الحديث روايةً:
- أورد الحديث العقيلي من حديث عائشة رضي الله عنها في الضعفاء في ترجمة 547 – اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ اﻷﺳﺪﻱ ﻣﻜﻲ ﻭاﻟﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ، ﻋﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺮﻭﺓ، ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﻔﻮﻅ، ولفظه ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﺎﻟﺖ: ﻗﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ §” ﻣﺘﻰ ﻻ ﻧﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻻ ﻧﻨﻬﻰ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ؟ ﻗﺎﻝ: «ﺇﺫا ﻛﺎﻥ اﻟﺒﺨﻞ ﻓﻲ ﺧﻴﺎﺭﻛﻢ، ﻭﺇﺫا ﻛﺎﻥ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺭﺫاﻟﻜﻢ، ﻭﺇﺫا ﻛﺎﻥ اﻻﺩﻫﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﺒﺎﺭﻛﻢ، ﻭﺇﺫا ﻛﺎﻥ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﺻﻐﺎﺭﻛﻢ» ﻻ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺇﻻ ﺑﻪ
- جاء في ذخيرة الحفاظ 4946 – ﺣﺪﻳﺚ: ﻣﺘﻰ ﻧﺘﺮﻙ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ. ﻗﺎﻝ: ﺇﺫا ﻇﻬﺮ ﻓﻲﻛﻢ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻗﺒﻠﻜﻢ، ﻗﺎﻟﻮا: ﻭﻣﺎ ﺫاﻙ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﺇﺫا ﻇﻬﺮ اﻹﺩﻫﺎﻥ ﻓﻲ ﺧﻴﺎﺭﻛﻢ، ﻭاﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ﻓﻲ ﺷﺮاﺭﻛﻢ، ﻭﺗﺤﻮﻝ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﺻﻐﺎﺭﻛﻢ، ﻭاﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺭﺫا ﻟﻜﻢ. ﺭﻭاﻩ ﺃﺑﻮ ﻣﻌﻴﺪ ﺣﻔﺺ ﺑﻦ ﻏﻴﻼﻥ: ﻋﻦ ﻣﻜﺤﻮﻝ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ. ﻭﺣﻔﺺ ﻫﺬا ﺿﻌﻔﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺩاﻭﺩ. ﻭﻭﺛﻘﻪ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺭﻭﻯ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﺳﺘﺤﻖ ﺃﻥ ﻳﻀﻌﻒ.
- الحديث في المختارة للمقدسي 2667
- قال العراقي في تخريج الإحياء )١/٥٤): ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ.
- قال البوصيري في مصباح الزجاجة: ” ﻫﺬا ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎﺕ ﺭﻭاﻩ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪﻩ “.
- قال الشيخ الألباني في سنن ابن ماجه ٤٠١٥: ” ﺿﻌﻴﻒ اﻹﺳﻨﺎﺩ – ﻟﻌﻨﻌﻨﺔ ﻣﻜﺤﻮﻝ”.
- قال محققو سنن ابن ماجه: ” ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﻗﻮﻱ. ﺃﺑﻮ ﻣﻌﻴﺪ -ﻭاﺳﻤﻪ ﺣﻔﺺ ﺑﻦ ﻏﻴﻼﻥ ﺻﺪﻭﻕ ﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﻪ، ﻭﺑﺎﻗﻲ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎﺕ، ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﺑﻮ ﻣﺴﻬﺮ ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺳﻤﺎﻉ ﻣﻜﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﻧﺲ. ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ (12943) ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ، ﺑﻬﺬا اﻹﺳﻨﺎﺩ.ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﺤﺎﻭﻱ ﻓﻲ “ﺷﺮﺡ ﻣﺸﻜﻞ اﻵﺛﺎﺭ” (3350)، ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﻓﻲ “اﻟﺤﻠﻴﺔ” 5/ 185، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ “ﺷﻌﺐ اﻹﻳﻤﺎﻥ” (7555) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﻴﺜﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﻌﻴﺪ، ﺑﻪ”.
قال صاحب أنيس الساري:
267 – عن أنس قال: قيل: يا رسول الله، متى يُترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟….. :
حسن
روي من حديث أنس ومن حديث حذيفة ومن حديث عائشة.
أنيس الساري 1/410
ثانيًا: دراسة الحديث درايةً:
- ينظر الصحيح المسند شرح حديث رقم 897 – ﻗﺎﻝ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼﻡ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﻘﺮﺁﻥ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ، ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺠﻤﺤﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﻠﻴﻜﺔ، ﻋﻦ اﻟﻤﺴﻮﺭ ﺑﻦ ﻣﺨﺮﻣﺔ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ: ﺃﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻓﻲﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ (ﺟﺎﻫﺪﻭا ﻛﻤﺎ ﺟﺎﻫﺪﺗﻢ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ)؟ ﻓﺈﻧﺎ ﻻ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﺳﻘﻄﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺳﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ.
ﻫﺬا ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ.
اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﺤﺎﻭﻱ ﻓﻲ ﻣﺸﻜﻞ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻘﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﻗﺎﻝ ﺛﻨﺎ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺎﺩ ﻗﺎﻝ ﺛﻨﺎ ﻧﺎﻓﻊ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺠﻤﺤﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﻠﻴﻜﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﻮﺭ ﺑﻦ ﻣﺨﺮﻣﺔ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺃﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺟﺎﻫﺪﻭا ﻛﻤﺎ ﺟﺎﻫﺪﺗﻢ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻗﺎﻝ ﺑﻠﻰ ﻗﺎﻝ ﻓﺈﻧﺎ ﻻ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﺳﻘﻄﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺳﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻗﺎﻝ ﺃﺗﺨﺸﻰ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻨﺎﺱ ﻛﻔﺎﺭا ﻗﺎﻝ ﻣﺎ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﺌﻦ ﺭﺟﻊ اﻟﻨﺎﺱ ﻛﻔﺎﺭا ﻟﻴﻜﻮﻧﻦ ﺃﻣﺮاﺅﻫﻢ ﺑﻨﻲ ﻓﻼﻥ ﻭﻭﺯﺭاﺅﻫﻢ ﺑﻨﻲ ﻓﻼﻥ.
- بوب ابن ماجه في سننه ٤٠١٤ ﺑﺎﺏ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : {ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ}، ومما أورده في هذا الباب:
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﺎﻧﻲ ﻗﺎﻝ ﺃﺗﻴﺖ ﺃﺑﺎ ﺛﻌﻠﺒﺔ اﻟﺨﺸﻨﻲ ﻗﺎﻝ ﻗﻠﺖ ﻛﻴﻒ ﺗﺼﻨﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻗﺎﻝ ﺃﻳﺔ ﺁﻳﺔ ﻗﻠﺖ (ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻻ ﻳﻀﺮﻛﻢ ﻣﻦ ﺿﻞ ﺇﺫا اﻫﺘﺪﻳﺘﻢ) ﻗﺎﻝ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﺧﺒﻴﺮا ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻞ اﺋﺘﻤﺮﻭا ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺗﻨﺎﻫﻮا ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺣﺘﻰ ﺇﺫا ﺭﺃﻳﺖ ﺷﺤﺎ ﻣﻄﺎﻋﺎ ﻭﻫﻮﻯ ﻣﺘﺒﻌﺎ ﻭﺩﻧﻴﺎ ﻣﺆﺛﺮﺓ ﻭﺇﻋﺠﺎﺏ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺭﺃﻱ ﺑﺮﺃﻳﻪ ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺃﻣﺮا ﻻ ﻳﺪاﻥ ﻟﻚ ﺑﻪ ﻓﻌﻠﻴﻚ ﺧﻮﻳﺼﺔ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﻭﺭاﺋﻜﻢ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺼﺒﺮ اﻟﺼﺒﺮ ﻓﻲﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻗﺒﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺮ ﻟﻠﻌﺎﻣﻞ ﻓﻴﻬﻦ ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺭﺟﻼ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﺑﻤﺜﻞ ﻋﻤﻠﻪ. [قال الألباني: ﺿﻌﻴﻒ، ﻟﻜﻦ ﻓﻘﺮﺓ: ” ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺼﺒﺮ.. ” ﺛﺎﺑﺘﺔ، اﻟﻤﺸﻜﺎﺓ (5144) ، اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ (494)]
ﻋﻦ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺬﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﻟﻮا ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺬﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﻝ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء ﻟﻤﺎ ﻻ ﻳﻄﻴﻘﻪ. [ قال الألباني: ﺣﺴﻦ، اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ (613) ].
ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻧﻬﺎﺭ اﻟﻌﺒﺪﻱ ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﺃﺑﺎ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻟﻴﺴﺄﻝ اﻟﻌﺒﺪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﺇﺫ ﺭﺃﻳﺖ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺃﻥ ﺗﻨﻜﺮﻩ ﻓﺈﺫا ﻟﻘﻦ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪا ﺣﺠﺘﻪ ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺭﺟﻮﺗﻚ ﻭﻓﺮﻗﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ. [ قال الألباني: ﺻﺤﻴﺢ، اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ (929) ].
- قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٨/٤١٦): ” ﺑﺎﺏ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺸﻜﻞ ﻣﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﻦ اﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ فيه ﺗﺮﻙ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ، ثم أورد حديث أنس الذي في الباب بسنده ثم قال: ” ﻓﺘﺄﻣﻠﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﺒﺪﺃﻧﺎ ﻣﻨﻪ ﺑﻄﻠﺐ ﻣﺮاﺩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﺇﺫا ﻇﻬﺮ فينا ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻣﺎ ﺫﻟﻚ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻇﻬﺮ فيهم؟ ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬﻱ ﺭﻭﻳﻨﺎﻩ فيما ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻫﺬا ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻭﺃﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ” ﺃﻥ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﺮﻯ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ فينهاه ﺗﻌﺬﻳﺮا، ﻓﺈﺫا ﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻐﺪ ﺟﺎﻟﺴﻪ ﻭﻭاﻛﻠﻪ ﻭﺷﺎﺭﺑﻪ، ﻛﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻴﺌﺘﻪ ﺑﺎﻷﻣﺲ، ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻯ اﻟﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﺿﺮﺏ ﻗﻠﻮﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ، ﺛﻢ ﻟﻌﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻬﻢ ﺩاﻭﺩ، ﻭﻋﻴﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﺻﻠﻮاﺕ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ، ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻋﺼﻮا ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﺪﻭﻥ. ﻭاﻟﺬﻱ ﻧﻔﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻴﺪﻩ، ﻟﺘﺄﻣﺮﻥ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭﻟﺘﻨﻬﻮﻥ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ، ﻭﻟﺘﺄﺧﺬﻥ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ اﻟﺲﻓﻲﻫ، ﻭﻟﺘﺄﻃﺮﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ ﺃﻃﺮا، ﺃﻭ ﻟﻴﻀﺮﺑﻦ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻗﻠﻮﺏ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮﺏ ﺑﻌﺾ، ﻭﻳﻠﻌﻨﻜﻢ ﻛﻤﺎ ﻟﻌﻨﻬﻢ ” ﻓﺒﺎﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ اﻟﺰﻣﺎﻥ اﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻫﻠﻪ ﻣﻠﻌﻮﻧﻴﻦ، ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎﻥ، اﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻷﻣﺮﻫﻢ ﺑﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻻ ﻟﻨﻬﻴﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ، ﺛﻢ ﺛﻨﻴﻨﺎ ﺑﺎﻹﺩﻫﺎﻥ اﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ اﻹﺩﻫﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﻼﻡ اﻟﻌﺮﺏ: اﻟﺘﻠﻴﻦ ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻠﻴﻦ ﻟﻪ، ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ اﻟﻔﺮاء. ﻗﺎﻝ: ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: {ﻭﺩﻭا ﻟﻮ ﺗﺪﻫﻦ ﻓﻲﺩﻫﻨﻮﻥ} [ اﻟﻘﻠﻢ: 9] ﺃﻱ: ﺗﻠﻴﻦ ﻟﻬﻢ فيلينون ﻟﻚ. ﻓﻤﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺇﺩﻫﺎﻥ اﻷﺷﺮاﺭ اﻟﺨﻴﺎﺭ ﻫﻮ اﻟﺘﻠﻴﻦ ﻟﻬﻢ ; ﻷﻥ اﻟﻤﻔﺮﻭﺽ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻲ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻭﺃﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ. ﺛﻢ ﺛﻠﺜﻨﺎ ﺑﻄﻠﺐ ﻣﺮاﺩﻩ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ اﻟﺼﻐﺎﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ، ﻓﻜﺎﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻪ ﻋﻨﺪﻧﺎ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ، اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺬﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﺃﻣﻮﺭ اﻹﺳﻼﻡ، ﻣﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ اﻟﺠﻤﻌﺎﺕ ﻭاﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺟﻬﺎﺩ اﻟﻌﺪﻭ، ﻭﺳﺎﺋﺮ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﺇﻟﻰ اﻷﺋﻤﺔ، ﻭاﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻊ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺋﻤﺘﻬﻢ ﻓﻲﻫﺎ، ﻓﻲﻛﻮﻧﻮﻥ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻘﺘﺪﻳﻦ، ﻭﻵﺛﺎﺭﻫﻢ فيه ﻣﺘﺒﻌﻴﻦ , ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ اﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺎﺭ ﻣﻮﺟﻮﺩ , ﻭﻣﻦ اﻟﺼﻐﺎﺭ ﻣﻌﺪﻭﻡ. ﺛﻢ ﺭﺑﻌﻨﺎ ﺑﻄﻠﺐ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ” ﻭاﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺃﺭاﺫﻟﻜﻢ ” ﻓﻜﺎﻥ ﻭﺟﻬﻪ ﻋﻨﺪﻧﺎ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ، ﺃﻥ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺬﻱ ﺃﺭاﺩﻩ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﻭاﻩ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻋﻨﻪ.
ثم أخرج حديث أبي هريرة بسنده مرفوعا ” ﺗﺠﺪﻭﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻌﺎﺩﻥ، ﻓﺨﻴﺎﺭﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺧﻴﺎﺭﻫﻢ ﻓﻲ اﻹﺳﻼﻡ ﺇﺫا ﻓﻘﻬﻮا “.
ثم قال رحمه الله: ” ﻗﺎﻝ: ﻓﺄﻋﻠﻤﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺧﻴﺎﺭ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺧﻴﺎﺭﻫﻢ ﻓﻲ اﻹﺳﻼﻡ ﺇﺫا ﻓﻘﻬﻮا , ﻭﺧﻴﺎﺭﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻫﻢ ﺃﻫﻞ اﻟﺸﺮﻑ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎﺏ، ﻓﺈﺫا ﻓﻘﻬﻮا ﻓﻲ اﻹﺳﻼﻡ ﻛﺎﻧﻮا ﺧﻴﺎﺭ ﺃﻫﻞ اﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻋﻘﻠﻨﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻬﻢ ﺇﺫا ﻟﻢ ﻳﻔﻘﻬﻮا ﻓﻲ اﻹﺳﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻛﺬﻟﻚ , ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﻘﻪ ﺳﻮاﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺐ ﻣﺎ ﻟﻬﻢ، ﻳﻌﻠﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻻﺣﻘﻴﻦ ﺑﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻤﻦ ﻟﺰﻣﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﺳﻮاﻫﻢ، ﻓﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺭﻓﻌﺔ ﻟﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ , ﻭﺇﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ رفيعة , ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺳﻮاﻫﻢ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ; ﻷﻥ اﻟﺬﻱ ﺷﺮﻑ ﺑﻪ اﻵﺧﺮﻭﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﻛﺘﺴﺎﺏ ﻟﻬﻢ ﺇﻳﺎﻩ , ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻧﻌﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭاﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻜﺎﻥ ﺑﺎﻛﺘﺴﺎﺑﻬﻢ ﺇﻳﺎﻩ، ﻭﺑﻄﻠﺒﻬﻢ ﻟﻪ، ﻭﺑﻨﺼﻴﺒﻬﻢ فيه , ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻓﻼ ﺧﻔﺎء ﺑﺎﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻣﻌﻪ , ﻭاﻟﻠﻪ ﻧﺴﺄﻟﻪ التوفيق” .
- بوب ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (١/٣٠٩): ﺑﺎﺏ: ﺣﺎﻝ اﻟﻌﻠﻢ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺴﺎﻕ ﻭاﻷﺭﺫاﻝ.
- قال السندي في حاشية سنن ابن ماجه (٢/٢٨٨) ” ﻗﻮﻟﻪ: (اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﺻﻐﺎﺭﻛﻢ) ﺃﻱ ﺃﻥ اﻟﻤﻠﻮﻙ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺻﻐﺎﺭ اﻟﻨﺎﺱ ﺳﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺮﺑﻴﻦ ﻟﻷﻣﻮﺭ، ﺃﻭ ﺿﻌﺎﻓﻬﻢ ﻋﻘﻼ (ﻓﻲ ﻛﺒﺎﺭﻛﻢ) ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺤﺼﺮ فيهم، ﺑﻞ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻨﺸﺮ ﻭﺗﻔﺸﻮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻜﺒﺎﺭ ﺃﻳﻀﺎ اﻟﻤﺮاﺩ اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ اﻟﺰﻧﺎ (ﻓﻲ ﺭﺫاﻟﺘﻜﻢ) ﺃﻱ: فيمن ﻻ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻭﻻ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺇﻻ ﻷﻣﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻓﻲ اﻟﺰﻭاﺋﺪ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺻﺤﻴﺢ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎﺕ.
- قال المناوي في فيض القدير في شرح حديث: 2475 – (ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﺷﺮاﻁ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻤﺲ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ اﻷﺻﺎﻏﺮ) ﻗﺎﻝ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻥ اﻟﻤﺮاﺩ اﻷﺻﺎﻏﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﺪﻉ ﻭﺃﺧﺮﺝ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻻ ﻳﺰاﻝ اﻟﻨﺎﺱ ﺻﺎﻟﺤﻴﻦ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﻴﻦ ﻣﺎ ﺃﺗﺎﻫﻢ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻣﻦ ﺃﻛﺎﺑﺮﻫﻢ ﻓﺈﺫا ﺃﻧﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﺻﺎﻏﺮﻫﻢ ﻫﻠﻜﻮا ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﻤﺎء: ﺳﻮﺩﻭا ﻛﺒﺎﺭﻛﻢ ﻟﺘﻌﺰﻭا ﻭﻻ ﺗﺴﻮﺩﻭا ﺻﻐﺎﺭﻛﻢ ﻓﺘﺬﻟﻮا ﻭﺃﺧﺮﺝ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺧﻴﺜﻤﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻜﺤﻮﻝ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﻗﻴﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﺘﻰ ﻳﻨﺰﻋﻦ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ؟ ﻗﺎﻝ: ﺇﺫا ﻇﻬﺮ ﻓﻲﻛﻢ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﻧﺒﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺇﺫا ﻇﻬﺮ اﻻﺩﻫﺎﻥ ﻓﻲ ﺧﻴﺎﺭﻛﻢ ﻭاﻟﻔﺤﺶ ﻓﻲ ﺷﺮاﺭﻛﻢ ﻭاﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﺻﻐﺎﺭﻛﻢ ﻭاﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺭﺫاﻟﻜﻢ ﻭﻓﻲ ﻣﺼﻨﻒ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺃﺻﺒﻎ ﺑﺴﻨﺪ ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ: ﻓﺴﺎﺩ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﺫا ﺟﺎء اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ اﺳﺘﻌﺼﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ. ﻭﺻﻼﺡ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﺫا ﺟﺎء اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺗﺎﺑﻌﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻭﺫﻛﺮ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﺼﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا ﺻﻐﻴﺮ اﻟﻘﺪﺭ ﻻ اﻟﺴﻦ.
. قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله في القول المحرر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فصل [في بيان أن من أشراط الساعة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
والتهاون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أشراط الساعة، وقد جاء في ذلك عدة أحاديث.
الحديث الثالث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله، متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: «إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم» قلنا: يا رسول الله، وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: «الملك في صغاركم، والفاحشة في كباركم والعلم في رذالتكم» رواه ابن ماجة.
قال في الزوائد: وإسناده صحيح رجاله ثقات.
قال ابن ماجة: قال زيد – يعني ابن يحيى بن عبيد الخزاعي أحد رواته – تفسير معنى قول النبي ﷺ «والعلم في رذالتكم» إذا كان العلم في الفساق.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وأخرج ابن أبي خيثمة من طريق مكحول عن أنس رضي الله عنه قيل: يا رسول الله، متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: «إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل، إذا ظهر الأدهان في خياركم، والفحش في شراركم، والملك في صغاركم والفقه في رذالكم».
قلت: ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق مكحول عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: «إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل قبلكم» قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «إذا ظهر الأدهان في خياركم، والفاحشة في شراركم، وتحول الفقه في صغاركم ورذالكم».
قال الحافظ ابن حجر، وفي مصنف قاسم بن أصبغ بسند صحيح عن عمر رضي الله عنه. فساد الدين إذا جاء العلم من قبل الصغير استعصى عليه الكبير، وصلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير تابعه عليه الصغير.
وذكر أبو عبيد أن المراد بالصغر في هذا صغر القدر لا السن، والله أعلم، انتهى.
قلت: بل كلاهما مراد لما رواه الإمام أحمد وغيره من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «إذا كانت الفاحشة في كباركم، والملك في صغاركم، والعلم في مرادكم والمداهنة في خياركم» الحديث.
فقوله في مرادكم واضح في إرادة صغر السن، وقوله في رذالكم واضح في إرادة صغر القدر، والله أعلم.
وقد يطلق وصف الأمرد على من يحلق لحيته، ويتشبه بالنساء والمردان. أخذا مما ذكره أئمة اللغة.
قال الجوهري: غصن أمرد لا ورق عليه، قال: وتمريد البناء تمليسه، وتمريد الغصن تجريده من الورق.
قال ابن منظور: وشجرة مرداء لا ورق عليها، وغصن أمرد كذلك.
ويؤيد ذلك قول ابن الأعرابي أن المراد نقاء الخدين عن الشعر، وعلى هذا فيعود المعنى إلى ما ذكره أبو عبيد من أن المراد بالصغر صغر القدر، والله أعلم.
والمعنى – والله أعلم – أن العلم يتحول في آخر الزمان عند الفساق والمردان السفهاء ونحوهم من السفل والأراذل الذين لا يؤبه لهم، وليسوا من رعاة العلم الذين يحترمونه ويصونونه عما يدنسه ويشينه، فيستهان بهم، ويستهان بالعلم من أجلهم، فلا يقبل منهم، ولا يستمع إلى قولهم.
وأيضًا، فإنهم من أعظم الأسباب لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإتيانهم المنكرات وإنكارهم على من أنكر عليهم شيئًا منها بالشبه والمغالطات كما هو الواقع من كثير منهم في هذه الأزمان، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ألا ترى إلى حال كثير منهم، وما هم عليه من أنواع الفسوق والعصيان. فكثير منهم يتهاونون بالصلاة ويضيعونها، ولا يبالون بها، وسواء عندهم صلوها في جماعة أو فرادى، وفي وقتها أو بعده، حتى أن كثيرًا منهم يكفون على الراديو أكثر الليل ثم ينامون عن صلاة الفجر، فلا يصلونها إلا بعد ارتفاع النهار.
وكثير منهم يتركون صلاة العشاء مع الجماعة إيثارًا للعكوف على الراديو، وربما ترك بعضهم حضور الجمعة لذلك، فأكثرهم لا يزال عاكفًا على أم الملاهي في أكثر أوقاته يستمع إلى المحرمات من غناء المغنيات ونغمات البغايا المتهتكات وأنواع المزامير والمعازف، أو الاستهزاء بالقرآن وقراءته بألحان الغناء والنوح، أو إلى قيل وقال، وخطب أعداء الله وهذيانهم……
وفيهم من معاشرة الأنذال والسفل الساقطين ما هو ظاهر معروف عند الجهال فضلا عن أهل العلم، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه اعتبروا الناس بأخدانهم، وقال الشاعر.
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه … فكل قريب بالمقارن يقتدي
إذا كنت في قوم فخالل خيارهم … ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
وقال آخر:
لكل امرئ شكل يقر بعينه … وقرة عين الفسل أن يصحب الفسلا
وقال آخر:
يقاس المرء بالمرء … إذا هو ما شاه
وقال آخر:
ولا يصحب الإنسان إلا نظيره … وإن لم يكونوا من قبيل، ولا بلد
وأبلغ من هذا كله قول النبي ﷺ «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
ورواه الإمام أحمد ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وكثير منهم لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا إلا ما أشربته أهواؤهم. وإذا أمرهم أحد بمعروف أو نهاهم عن منكر سخروا منه، وهمزوه، ولمزوه، وازدروه، ورموه زورا وبهتانًا بكل ما يرون أنه يدنسه ويشينه.
وكثير منهم يأمرون بالمنكر، ويحسنونه للناس، وقد رأينا ذلك في مقالات لهم كثير منشورة، وهذا لا يصدر إلا من منافق لقول الله تعالى: ﴿المُنافِقُونَ والمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِن بَعْضٍ يامُرُونَ بِالمُنْكَرِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ﴾.
وكثير منهم يرون بعض المعروف منكرًا، وبعض المنكر معروفًا، وقد رأينا ذلك في بعض كتب العصريين ومقالاتهم.
والمراد بما ذكر في حديث أنس رضي الله عنه الأكثر والأغلب لا العموم.
لما في الصحيحين وغيرهما عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك».
وفي الصحيحين أيضًا عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي ﷺ نحوه.
ولمسلم أيضًا عن سعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله وجابر بن سمرة، وثوبان، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم عن النبي ﷺ نحو ذلك.
وروي الإمام أحمد والترمذي وصححه وابن ماجة وابن حبان في صحيحه عن معاوية بن قرة، عن أبيه رضي الله عنه عن النبي ﷺ نحو ذلك. وروي الحاكم في مستدركه وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي ﷺ نحو ذلك.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ نحوه رواه ابن ماجة.
فهذه أحاديث متواترة عن النبي ﷺ أنه لا تزال في أمته أمة على الحق والاستقامة ظاهرين على من ناوأهم لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك.
قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: هم أهل العلم. قال الترمذي في جامعه: قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري: قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث.
قلت: وكذا قال ابن المبارك وأحمد بن سنان، وابن حبان، وغيرهم.
وقال يزيد بن هارون: إن لم يكونوا أهل الحديث، فلا أدري من هم، وكذا قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
والمراد بقولهم أهل العلم وأهل الحديث جملة العلم والحديث ورعاة الدين الذين جمعوا بين العلم والعمل، لا الفساق والسفهاء الذين حملوا العلم، ثم لم يحملوه، بل أهانوه ودنسوه بالأطماع واتباع الشهوات والأهواء، فكانوا كمثل الحمار يحمل أسفارًا.
ومما يدل أيضًا على أن العموم غير مراد ما رواه البخاري في الكنى وابن ماجة في سننه وابن حبان في صحيحه عن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه، وكان قد صلى القبلتين مع رسول الله ﷺ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم في طاعته».
قال الإمام أحمد رحمه الله: هم أصحاب الحديث.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: غرس الله تعالى هم أهل العلم والعمل، فلو خلت الأرض من عالم خلت من غرس الله، وأخبر النبي ﷺ أنه لا تزال طائفة من أمته على الحق لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم إلى قيام الساعة، فلا يزال غرس الله الذين غرسهم في دينه يغرسون العلم في قلوب من أهلهم الله لذلك وارتضاهم، فيكونون ورثة لهم كما كانوا هم ورثة لمن قبلهم، فلا تنقطع حجج الله، والقائم بها من الأرض.
وكان من دعاء بعض من تقدم: اللهم اجعلني من غرسك الذين تستعملهم بطاعتك.
ولهذا ما أقام الله لهذا الدين من يحفظه ثم قبضه إليه إلا وقد زرع ما علمه من العلم والحكمة، إما في قلوب أمثاله، وإما في كتب ينتفع بها الناس بعده وبهذا وبغيره فضل العلماء العباد، فإن العالم إذا زرع علمه عند غيره، ثم مات جرى عليه أجره، وبقي له ذكره، وهو عمر ثان وحياة أخرى، وذلك أحق ما تنافس فيه المتنافسون، ورغب فيه الراغبون. انتهى كلامه رحمة الله تعالى.
ومن تأمل الواقع في زماننا من حال المسلمين والمنتسبين إلى الإسلام رآه مطابقًا لما في حديث أنس رضي الله عنه؛ فقد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أكثر الأقطار الإسلامية ووهي جانبه في البلاد التي فيها أمر ونهي.
وقد ظهر الأدهان في الخيار، والفقه في الصغار والرذال، والفحش والفاحشة في الأشرار، ولا سيما أهل البلدان التي قد ظهرت فيها الحرية الإفرنجية.
وقد آل الأمر ببعضهم إلى الإباحية وعدم الغيرة.
وقد ذكر عن بعض أهل البيوت أنهم إنما يسافرون إلى بلاد الكفار والمرتدين لأجل المسارح والراقصات ومخادنة الفتيات الفاتنات، وهذا مطابق لقوله ﷺ والفاحشة في كباركم.
وأما قوله: والملك في صغاركم، فظاهر من حال كثير من رؤساء وليس لذلك بأهل. هذا إن قلنا: إن المراد بالصغر ههنا صغر القدر. وإن قلنا أن المراد به صغر السن، فقد وقع ذلك أيضًا في زماننا وقبله بأزمان حيث تولى الملك كثير من صغار السن، والله أعلم.
وقال المناوي رحمه الله في فيض القدير:
٢٤٧٥ – (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر) قال الطبراني عن بعضهم: يقال إن المراد الأصاغر من أهل البدع وأخرج الطبراني عن ابن مسعود لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ﷺ ومن أكابرهم فإذا أناهم من أصاغرهم هلكوا وقال بعض الحكماء: سودوا كباركم لتعزوا ولا تسودوا صغاركم فتذلوا وأخرج ابن أبي خيثمة من طريق مكحول عن أنس قيل يا رسول الله متى ينزعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ …. فذكر الحديث وذكر أثر عمر وذكر معنيين للصغاؤ
روى ابن عبدالبر في ” جامع بيان العلم وفضله ” برقم 1055
عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال : ( قد علمتُ متى صلاح الناس ومتى فسادهم : إذا جاء الفقــه من قِبَل الصغيــر استعصى عليــه الكبيــرُ , وإذا جاء الفقــهُ من الكبيــر تابعــهُ الصغيــرُ فاهتديا )
وروى ابن عبدالبر – أيضاً – برقم 1059 عن أبي الأحوص عن عبدالله قال : ( إنكم لن تزالوا بخيرٍ ما دام العلم في كباركم, فإنْ كان العلم في صغاركم سفَّــهَ الصغيــرُ الكبيــرَ ) .
وقال ابن تيمية : الاجتماع مع أمر تكرهه خير من الفرقة مع شئ تحبه.( بمعناه )
فيجب على طلاب العلم لزوم غرز العلماء الكبار
وقال النبي صلى الله عليه وسلم( ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقه)
، والعالم الكبير أولى بالأحترام والتقدير بدليل حديث( ويسلم الصغير على الكبير) حتى أنه لو تعارض الكبر المعنوي مع كبر السن؛ كأن يكون الصغير سنا؛ أعلم؛ فأن الصغير هو يبدأ بالسلام ولو كان أعلم .( قرره بعض أهل العلم، وراجع فتح الباري )
وانظر لحال ابن عباس رضي الله عنهما؛ نال بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم هو تواضع للكبار، حتى أدخلوه هم في مجالسهم؛ وكان لا يتكلم في مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى يطلب منه هو بنفسه، ويمكث سنة يستحي أن يسأل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين أنزل الله فيهما( إن تتوبا إلى الله )
وثناء الصحابة له كثير؛
قال عمر بن عبد العزيز ((قف حيث وقف القوم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ولهم كانوا على كشفها أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، وإنهم لهم السابقون، فلئن كان الهدى ما أنتم عليه، لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم: حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، ولقد وصفوا منه ما يكفي، وتكلموا منه بما يشفي، فما دونهم مقصّر، وما فوقهم محسر، لقد قصر دونهم ناس فجفوا، وطمح آخرون عنهم فغلوا، وإنهم من ذلك لعلى هدى مستقيم)).
قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية: ((ومن المعلوم بالضرورة لمن تدبر الكتابَ والسنةَ وما اتفق عليه أهلُ السنةِ والجماعةِ من جميعِ الطوائف أنّ خيرَ قرونِ هذه الأمة في الأعمالِ والأقوالِ والاعتقادِ وغيرهِا من كل فضيلةٍ أنّ خيرها القرنُ الأولُ ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كما ثَبَتَ ذلكَ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غيرِ وجهٍ، وأنهم أفضلُ من الخَلَفِ في كل فضيلةٍ من علمٍ وعملٍ وإيمانٍ وعقلٍ ودينٍ وبيانٍ وعبادةٍ وأنهم أولى بالبيانِ لكل مُشْكلٍ، هذا لا يدفعُه إلاّ من كابرَ المعلوم بالضرورة من دين الإسلام، وأضله الله على علمٍ، كما قال عبدُالله بن مسعود -رضي الله عنه-:”مَنْ كانَ منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئكَ أصحابُ محمد؛ أبرّ هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم”، وقال غيره: عليكم بآثارِ مَنْ سَلَفَ فإنهم جاءوا بما يكفي وما يشفي ولم يحدث بعدهم خير كامن لم يعلموه، هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم: “لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم”، فكيف يحدث لنا زمان في الخير في أعظم المعلومات وهو معرفة الله تعالى هذا لا يكون أبدا وما أحسن ما قال الشافعي رحمه الله في رسالته: هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل وكل سبب ينال به علم أو يدرك به هدى ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا)) .
قال ابنُ رَجَب: ((وقد ابتلينا بجَهَلةٍ من النّاس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله، ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين … وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح وإساءة ظن بهم ونسبته لهم إلى الجهل وقصور العلم)) ، وقال ((فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلاّ وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأخصر عبارة، ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلاّ وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمله، ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة ما لا يهتدي إليه من بعدهم ولا يلم به، فمن لم يأخذ العلم من كلامهم فاته ذلك الخير كله مع ما يقع في كثير من الباطل متابعةً لمن تأخر عنهم))
وراجع أيضا الصحيح المسند:
1435- قال الإمام أبو يعلى رحمه الله : حدثنا مصعب بن عبد الله قال : حدثني ابن أبي حازم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ رأى في المنام كأن بني الحكم ينزون على منبره وينزلون فأصبح كالمتغيط وقال : مالي رأيت بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة ؟
قال : فما رئي رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ مستجمعا ضاحكا بعد ذلك حتى مات ـ صلى الله عليه و سلم .
هذا حديث حسن .