109 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
قام به نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-
سنن ابي داود
17 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَبِى سَاسَانَ عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ «إِنِّى كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ». أَوْ قَالَ «عَلَى طَهَارَةٍ».
قلت: سيف على شرط الذيل على الصحيح المسند
قال الألباني قال: صحيح
——-
[كراهية رد السلام وذكر الله حال قضاء الحاجة]
عن المهاجر بن قنفذ بن عمر بن جدعان: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ، فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر أو قال على طهارة)، وكان الحسن يأخذ به].
قال العلامة الكشميري: وأما الحديث فإنه عليه الصلاة والسلام رد السلام بعد التيمم أو التوضئ كما ثبت بسند قوي، فالحاصل أنه لا يرد قبل الوضوء، ولو خاف ذهاب من سلم يرده قبل التيمم والوضوء.
قوله: (وهو يبول الخ) في الصحيحين: «أنه عليه الصلاة والسلام كان يأتي من ناحية بير الجمل فلقيه أبو الجهيم بن حارث بن الصمة فسلم على النبي الكريم. . . الخ» فيدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان قد فرغ من البول، وأخرجه في معاني الآثار ص (51) أيضا فليطلب.
إن واقعة الباب وواقعة الصحيحين متحدة أو واقعتان فلو كانتا واحدة فيطلب التوفيق بين الحديثين، بأن وقع في حديث أبي الجهيم تقديم وتأخير في سرد القصة فذكر إتيانه – صلى الله عليه وسلم – مقدما وهو مؤخر عن سلامه، واعلم أن في مسلم لفظ أبي جهم، وفي البخاري أبي الجهيم مصغرا، ورجح الحافظ لفظ البخاري، وواقعة أخرى لمهاجر بن قنفذ في أبي داود ومعاني الآثار ص (51)، أنه سلم على النبي الكريم وهو يتوضأ ولم يرد عليه إلا بعد الفراغ عن الوضوء، وقال «كرهت أن أذكر الله إلا على طهر»، فحولت المسألة إلى الوضوء للأذكار، ففي أذان الهداية يستحب الوضوء لكل من الأذكار، ولا يقول أحد بوجوب الوضوء للأذكار، واحتج الطحاوي بحديث: «أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر»، على أن التسمية ليست بواجبة في ابتداء الوضوء. شرح سنن الترمذي (1/ 123).انتهى
أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه: (أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، حتى توضأ ورد عليه السلام، ثم اعتذر النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر). أي: أن حالة البول هذه حالة ليست محلاً لذكر الله عز وجل، ولكن بعد أن يقضي الإنسان حاجته -حتى قبل أن يتوضأ- هذه حالة لا مانع فيها من ذكر اسم الله عز وجل، ولا مانع من قراءة القرآن، والقرآن هو خير الذكر وأفضل الذكر. ولكن كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه السلام إلا بعد أن توضأ، وأشار إلى أنه كره أن يرد إلا وهو على طهارة فيه إشارة إلى الأكمل، وفي هذا أيضاًَ إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له أن يحرص على أن يكون على طهارة؛ حتى يكون أكمل في ذكره لله عز وجل وفي قراءته للقرآن. وإن كان ذكره لله عز وجل بعدما ينتهي من بوله وقبل أن يتوضأ سائغ وجائز، إلا أن هذا فيه إشارة إلى الأكمل وإشارة إلى الأفضل، وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم في اعتذاره للمهاجر بن قنفذ وبيانه له حتى يكون في ذلك بيان لهذا الحكم الشرعي، ولتطييب خاطره ونفسه من كونه سلم ولم يرد عليه، وفيه تنبيه أيضاً كما أسلفت إلى أن الإنسان لا ينبغي له أن يسلم على من يقضي حاجته. شرح سنن أبي داود للعباد.
قال العيني: قوله: ” وهو يبول ” جملة اسمية وقعت حالاً من النبي- عليه السلام-.
قوله: ” ثم اعتذر إليه ” استعطاف منه- عليه السلام- لخاطر الرجل، وتطييب لقلبه، حيث أخر جواب سلامه، حتى لا يخطُر بباله أنه- عليه السلام- قد تغير عليه، وهذا من آدابه- عليه السلام- وأخلاقه الحسنة.
قوله: ” طهر ” الطهر والطهارة، كلاهما مصدران، بمعنى: النظافة. شرح سنن أبي داود (ج 1/ 74).
قال الشوكاني في النيل (1/ 100): وهو يدل على كراهية ذكر الله حال قضاء الحاجة، ولو كان واجبا كرد السلام، ولا يستحق المسلم في تلك الحال جوابا قال النووي: وهذا متفق عليه، وسيأتي بقية الكلام على الحديث في باب استحباب الطهارة لذكر الله، وفيه أنه ينبغي لمن سلم عليه في تلك الحال أن يدع الرد حتى يتوضأ أو يتيمم ثم يرد، وهذا إذا لم يخش فوت المسلم، أما إذا خشي فوته فالحديث لا يدل على المنع؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – تمكن من الرد بعد أن توضأ أو تيمم على اختلاف الرواية، فيمكن أن يكون تركه لذلك طلبا للأشرف وهو الرد حال الطهارة، ويبقى الكلام في الحمد حال العطاس فالقياس على التسليم المذكور في حديث الباب، وكذلك التعليل بكراهة الذكر إلا على طهر يشعران بالمنع من ذلك، وظاهر حديث: «إذا عطس أحدكم فليحمد الله» يشعر بشرعيته في جميع الأوقات التي منها وقت قضاء الحاجة فهل يخصص عموم كراهة الذكر المستفادة من المقام بحديث العطاس أو يجعل الأمر بالعكس أو يكون بينهما عموم وخصوص من وجه فيتعارضا؟ فيه تردد.
وقد قيل: إنه يحمد بقلبه وهو المناسب لتشريف مثل هذا الذكر وتعظيمه وتنزيهه.
قال العلماء: وكما لا يرد السلام حال قضاء الحاجة لا يشمت العاطس، ولا يحمد الله تعالى إذا عطس، ولا يجيب المؤذن، وكذا لا يأتي بشيء من ذلك حال الجماع، وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه، ولا يحرك به لسانه.
وكراهة الذكر في هذه الأحوال كراهة تنزيه، لا تحريم كما عليه الأكثرون.
وحكي عن إبراهيم النخعي، وابن سيرين، أنه لا بأس بالذكر حال قضاء الحاجة، لكن لا وجه لهما. اهـ المنهل جـ 1/ ص 67.
“إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب”. استفدته من شرح المجتبى للعلامة الأتيوبي. (1/ 581).
الخلاصة:
ـ كراهية رد السلام حال قضاء الحاجة
ـ كراهية ذكر الله حال قضاء الحاجة.
ـ يستحب ذكر الله على طهارة.
ـ الحديث فيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه تطيب لخاطره.
ـ فيه دليل على أن من قَصَّرَ في الرَّدِّ لعذرِ يُستحبُّ أن يعيده ويعتذِرَ إليه، ويخبره أنه أَخَّرَه لعذر.
ـ وبعض العلماء أدخلوا في ذلك [وكما لا يرد السلام حال قضاء الحاجة لا يشمت العاطس، ولا يحمد الله تعالى إذا عطس، ولا يجيب المؤذن، وكذا لا يأتي بشيء من ذلك حال الجماع، وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه، ولا يحرك به لسانه]