1085 رياح المسك العطرة بفوائد الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3، والاستفادة والمدارسة.
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
—————
باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم في حجته
1085 – حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا وهيب قال حدثنا أيوب عن أبي العالية البراء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة إلا من معه الهدي تابعه عطاء عن جابر
-_-_-_-_-_
قوله (كم أقام) أي لبث وكان صلى الله عليه وسلم يقصر في تلك الأثناء، وقد لبث عشرة أيام كما ثبت في حديث أنس في الباب الأول، وبين في حديث ابن عباس هنا أنه ابتدأ في صبح الرابع من ذي الحجة، وذكر ابن حزم أنه كان يوم الأحد.
قوله (في حجته) أي حجة الوداع من يوم وصوله مكة إلى وقت خروجه.
قوله (حدثنا موسى بن إسماعيل) هو التبوذكي، تابعه محمد بن الفضل السدوسي كما عند مسلم 1240 قوله (حدثنا وهيب) تابعه شعبة عند مسلم 1240والنسائي في الصغرى والكبرى 3840، وتابعهما معمر عن أيوب كما عند مسلم 1240، وتابعهم حبان بن هلال كما عند النسائي في سننه الصغرى 2870 وفي الكبرى 3839 قوله (عن ابن عباس) عند مسلم سمع ابن عباس، وهو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قوله (قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) أي مكة من الميقات، قوله (لصبح رابعة) أي الليلة الرابعة من ذي الحجة صرح به جابر في المتابعة التي أشار إليها البخاري عقب الحديث أخرجها البخاري في صحيحه 2505مع حديث لابن عباس و 7367،وأخرجه مسلم 1216 و النسائي في الصغرى 2872 وفي الكبرى 3841 وابن ماجة 1074 من طريق ابن جريج عن عطاء به وقد صرح ابن جريج بالتحديث عند مسلم وابن ماجة. زاد مسلم من طريق شعبة (فصلى الصبح بالبطحاء) أي بطحاء مكة، قال ابن الأثير الجزري في الشافي شرح مسند الشافعي:
“الأبطح”: مسيل واسع فيه دقاق الحصى، والجمع الأباطح، فالبطاح على غير قياس، والبطيحة والبطحاء مثل الأبطح، ومنه بطحاء مكة وهي من أعلاء الوادي. انتهى قلت وفي رواية أخرى لمسلم (صلى الصبح بذي طوى)، قوله (يلبون بالحج) أي قارنين أو مفردين، قال ابن حزم في حجة الوداع:
“وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ أَنَسٍ: أَقَمْنَا بِمَكَّةَ عَشْرًا، وَهَذَا يُوجِبُ الدُّخُولَ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةَ وَالْخُرُوجَ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ لِذِي الْحِجَّةِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَتَخَالَجُ فِيهِ شَكٌّ لِمَا ذَكَرْنَا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.” انتهى
قلت سيف: ابن المنذر في الأوسط 4/ 363 قال بعد عرض الأقوال والجواب عليها: اسعد الناس بحديث جابر الذي ذكرناه أحمد بن حنبل ومن وافقه؛ لأنه نظر إلى عدد الصلوات التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في أيام مقامه بمكة في حجته فأجاز أن يقصر من أقام مقدار يصلي ذلك العدد من الصلوات وأمر من زاد مقامه على ذلك المقدار بالإتمام، وهذا القول أولى من اتبع فعل رسول صلى الله عليه وسلم وقعد الآخذ بحديث جابر في هذا الباب من قول غيره. انتهى
خاصة أن ابن المنذر نقل أن إسحاق نقل الإجماع على اعتبار أقل من العشرين، فالخلاف فيما دونها، لذا ترك القول بأن المسافر يقصر إلى أن يرجع مع أن بعض الآثار تدل عليه لكن يمكن أن تحمل على المتردد.
فوائد الحديث:
1 – حرص الصحابة رضي الله عنهم في نقل دقائق فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومتى دخل مكة.
2 – مشروعية تحويل النية من الحج إلى العمرة إلا لمن ساق معه الهدي.
قلت سيف: المفرد يجوز أن يحول نيته إلى متمتع أو قارن، أما القارن والمتمتع لا يجوز أن يحولوا نيتهم لإفراد اما قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة (ارفضي عمرتك) فالمقصود اتركي أعمال العمرة وكوني قارنة لأنها كانت متمتعة فحاضت قبل طواف الإفاضة.
3 – فضل الاتباع، وليس كل مشقة تعني الأفضل.
4 – يسر الشريعة.
5 – فيه ثبوت حجة النبي صلى الله عليه وسلم , وهو أشهر من أن يذكر.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في باب في كم يقصر الصلاة:
قوله صلى الله عليه وسلم ” لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر”:
المراد بهذا الوصف الإغراء على لزوم الطاعة لأن الإيمان بالله واليوم الآخر يحمل على لزوم الطاعة فهو من باب الإغراء وليس من باب التقييد بالوصف بحيث يقال أن من لم تؤمن لها أن تسافر.
وقوله عليه الصلاة والسلام “مسيرة يوم وليلة”:
كيف نجمع بينه وبين قوله “لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم”؟
أجاب العلماء عن ذلك بأن هذه الأحاديث خرجت مخرج الجواب، بمعنى أنه سئل هل تسافر المرأة ثلاثا بدون محرم؟ فقال: لا تسافر ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم.
وسئل هل تسافر يوما وليلة؟ فقال: لا تسافر يوما وليلة بدون محرم.
فيكون اختلاف المدة بناء على اختلاف السؤال.
وهذا جمع حسن. وبناء على ذلك هل نأخذ بالثلاثة أو باليوم والليلة أو نأخذ بحديث أنس في صحيح مسلم (كان إذا خرج ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين)؟
الجواب: أن نأخذ بالإطلاق الذي أطلقه الله ونقول إختلاف التقدير يدل على أنه ليس مرادا ـ أعني التقدير ـ فما سمي سفرا ثبت له أحكام السفر، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء، أنه لا يتقيد بيوم ولا يومين ولا ثلاثة فراسخ ولا أكثر ولا أقل إلا بالعرف، فما سمي سفرا فهو سفر.
ولكن من المعلوم أن خروج الإنسان إلى ما يتبع القرية أو المدينة لا يسمى سفرا.
ومن ثم كان خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قباء من المدينة لا يسمى سفرا لأنه تابع للبلدة.
لكن ما ليس تابعا لها فإنه يكون سفرا
كلام شيخ الإسلام لا شك أنه أقرب إلى ظاهر النصوص إلا أن تحديده صعب لأن هذا التقدير ـ أي تقييده بالعرف ـ قد يختلف الناس فيه، فيقول بعضهم العرف أن هذا سفر، ويقول آخر العرف أن هذا ليس بسفر، لكن أجاب شيخ الإسلام رحمه الله عن ذلك بأن المسافة الطويلة في الزمن القصير سفر والزمن الطويل في المسافة القصيرة سفر. والله أعلم.
قلت (أحمد): كذا قال الشيخ رحمه الله ولعله سبق لسان وأن الصحيح أن الزمن الطويل في المسافة القصيرة ليس سفرا. والله |أعلم.
ثم قال رحمه الله:
هذه قاعدة شيخ الإسلام رحمه الله، لكن رأي الآخرين الذين يقولون إنهم حددوا المسافة وهي نحو 83 كيلومتر أقرب إلى الضبط والإنضباط، فيقال: من بلغ هذه المسافة فهو مسافر سواء بقي يوم أو يومين أو شهر أو شهرين أو رجع من ساعته، ومن لم يبلغها فليس بمسافر ولو بقي يوم أو يومين أو أكثر. اهـ
قلت: فيه بيان ضعف المرأة وأنها مهما بلغت من القوة فهي في موضع مطمع وضعف، فلا بد لها من رجل يقوم على أمرها خاصة في السفر.