1080 – 1084 رياح المسك العطرة بفوائد الأصحاب المباركة؛؛؛
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
————
صحيح البخاري،،،
بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّقْصِيرِ وَكَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ
1080 – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا»
1081 – حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: ” خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ، قُلْتُ: أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا ”
-_-_-_-_-_-_-_-_-
قال العثيمين رحمه الله عند حديث
1080حديث ابن عباس: إقامة النبي صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يوما ليست مقصودة وإنما وقعت اتفاقا، والذي يغلب على الظن أنه لو أقام عشرين يوما أو أكثر لقصر كما أقام في تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة. اهـ
قلت سيف: وقرر الشوكاني أن الأصل للمقيم أن يتم وإنما أخرجنا تسعة عشر يوماً لورود الدليل، وهي للمتردد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم كم سيمكث.
لكن هناك آثار عن الصحابة أنهم قصروا أكثر من ذلك وهم ليست عندهم نية إقامة حتى جعله بعض العلماء اتفاق منهم
وقال ابن عثيمين رحمه الله:
1081:وهذا في حجة الوداع وإنما كانت إقامته عشرا؛ لأنه قدم في اليوم الرابع وخرج في اليوم الرابع عشر فكانت الإقامة عشر، والحديث صريح جدا في أن منى وعرفة ومزدلفة داخلة في الإقامة، وأما من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام أربعة أيام منذ أنشأ السفر من حين أن خرج من مكة إلى منى للحج وقيد المدة التي يقصر فيها بأربعة أيام فلا شك في أن قوله تكلف، وأنه مخالف لما فهمه الصحابة، فأنس بن مالك كلامه هذا صريح في أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينو السفر من مكة إلا بعد أن أتم الحج. اهـ
قلت سيف: لكن نقل ابن الملقن في التوضيح قولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم بقاؤه في مكة ليس استيطانا لئلا تكون رجوعا في الهجرة.
ونقل ابن الملقن سبعة عشر قولا في المسألة.
وأقرب الأقوال عندي أن من عزم إقامة أربعة أيام أتمَّ، لأنه أقوى الأقوال دليلاً، ويستأنس بأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمهاجر إقامة ثلاثة أيام في بلده. أخرجاه البخاري 3933، ومسلم 1352. من حديث العلاء بن الحضرمي، وسيأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مكة عشرين أو إحدى وعشرين صلاة، فهي الحد الأقصى لمن أراد أن يقصر فإن كان عنده نية إقامة أكثر من ذلك، أتم من أول نزوله، وبعض الأقوال الأخرى قوية لكن هذا أقربها والله أعلم ولعلنا إن شاء الله نتوسع في هذه المسألة في كتابنا مع الأصحاب جامع الأجوبة الفقهية. انتهى كلامي
قوله (ما جاء في التقصير) أي تقصير الصلاة ويقال قصرها، وهو تخفيف الصلاة الرباعية إلى ركعتين، قال الحافظ في الفتح ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أن لا تقصير في صلاة الصبح ولا في صلاة المغرب
قوله (وكم يقيم حتى يقصر) يوضحها ترجمة البغوي في شرح السنة لنفس أحاديث الباب فقال (إذا مكث المسافر في منزل إلى كم يقصر)
قلت سيف: قال ابن حجر ونقل أقوال أقربها: أن المراد إقامته في بلد ما غايتها التي إذا حصلت يقصر.
قوله (أقام) لبث وليس المقصود عكس سافر إصطلاحا.
وقوله (تسعة عشر يوما) واختلفت الرواية فيه على أقوال قال البيهقي كما في السنن الصغير له (وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ فِيهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) أي الموافقة لرواية أبي عوانة في الباب وهي تسعة عشر يوما.
وزاد البخاري في صحيحه 4298 من طريق ابن المبارك (بمكة)، قوله (فنحن إذا سافرنا) قائل نحن هو ابن عباس رضي الله عنهما صرح به البخاري في صحيحه4299،وزاد البيهقي في السنن الكبرى 5466 وعبد الرحمن بن الأصبهاني عند أحمد في المسند 2758 (عام الفتح) وكذا هي من طريق محمد بن إسحق وعراك وفي أسانيدها مقال لكن يشد بعضها بعضا وكأن البخاري يشير إلى ذلك هذا فقد ترجم في صحيحه فقال “باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح” ثم ذكر هذا الحديث، وقال ابن الجوزي في كشف مشكل الصحيحين: فَأَما ذكر التِّسْعَة عشر فرأي لِابْنِ عَبَّاس. وَهَذِه الْإِقَامَة كَانَت بِمَكَّة عَام الْفَتْح. قوله (فنحن إذا سافرنا) أي فأقمنا (تسعة عشر) صرح به أبو يعلى في مسنده.
الحديث الثاني: حديث أنس قوله (خرجنا من المدينة إلى مكة) وفي رواية لمسلم من طريق شعبة عن يحيى به (إلى الحج) أي أنها غير السفرة التي ذكرها ابن عباس والتي كانت زمن الفتح. قوله (فكان يصلي ركعتين ركعتين) إلا المغرب أخرج الاستثناء الفاكهي في أخبار مكة 1923 والبيهقي 5442. من طريق علي بن عاصم عن يحيى به، وقد سبق نقل الإجماع في ذلك، وقد ترجم البخاري بعد أبواب فقال “يصلي المغرب ثلاثا في السفر” وسيأتي إن شاء الله تعالى.
قوله (حتى رجع إلى المدينة) وهذا غاية القصر، وكأن فيه إجابة على سؤال الترجمة أي يقصر مهما طال الوقت حتى يرجع إلى مكان إقامته.
قال البغوي كما في شرح السنة له:
“اعتمد الشافعي في ثماني عشرة على رواية عمران بن حصين في إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح لسلامتها من الاختلاف، وكثرة الاختلاف في رواية ابن عباس. وله قول آخر أن له القصر أبدا ما لم يجمع إقامة، وهو قول أكثر
أهل العلم، قال ابن عمر: أصلي صلاة المسافر ما لم يجمع مكثا، واختاره المزني سواء كان محاربا، أو لم يكن، قال أبو عيسى: هو إجماع.
وروي عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة.
وأقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، يقول: أخرج اليوم، أخرج غدا.”
من فوائد الحديث
1 – حديث ابن عباس تفرد به البخاري عن مسلم
2 – فيه إشارة إلى أن أقصى مدة لبث فيها النبي صلى الله عليه وسلم يقصر في الصلاة كانت تسعة عشر يوما.
3 – اختلاف الروايات في المدة لا يعل الحديث وإنما يؤخذ بالراجح.
4 – فيه حرص ابن عباس على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في تلمس متى يتم المسافر.
5 – لا يخص القصر بالسفر للحج أو الجهاد وإنما في كل سفر مباح. وفيه أثر عن ابن عمر رضي الله عنهما.
6 – ترجم البخاري في صحيحه للحديث فقال باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح
7 – الأصل في المسافر القصر.
8 – حديث أنس متفق عليه
9 – ذكر البخاري حديث أنس وفيه الإقامة عشرا إشارة إلى أن المدة في حديث ابن عباس غير مقصودة خلافا لفهم ابن عباس والله أعلم ولم أر من أشار إلى ذلك فإن يكن صوابا فالحمد لله وإن يكن خطأ فأستغفر الله.
قلت سيف: أو يقصد البخاري أن الأقل يدخل في الأكثر.
10 – يتم المسافر إذا رجع إلى مكان إقامته
11 – فيه إطلاق اسم البلد على ما جاورها وقرب منها.
=================
بَابُ الصَّلاَةِ بِمِنًى
1082 – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي [ص:43] نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا»
1083 – حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنَ مَا كَانَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ»
1084 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِيلَ: ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ»، فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ
———
باب الصلاة بمنى
1082قال العثيمين رحمه الله:
كانت خلافة عثمان رضي الله عنه اثنتي عشرة سنة وهو رضي الله عنه أول خلافته نحو ثماني سنوات أو ست سنوات على إحدى الروايتين كان يقصر الصلاة في منى ثم بدا له فأتمها، ولا شك أنه لم يفعل ذلك إلا لتأويل.
لا يمكن أن يعدل عن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام وسنة أبي بكر وعمر وسنته هو نفسه إلا أن يكون هناك تأويل، والله أعلم بما تأول.
إن قيل إنه كثر الأعراب في حجته فخاف أن يفهموا أن الصلاة ركعتان يقال هذا ليس بصحيح لأن الناس الذين ليسوا من أهل المدن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كانوا كثيرين أيضا.
إن قيل لعله كان فيها بناء إذ ذاك وأنه رأى أنها قرية وأنه استوطن فيها فيقال هذا أيضا غير صحيح لأن الاستيطان فيها كان يوم العيد والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، أربعة أيام فلا يحصل.
ثم هذا الاستيطان في منى هل هو استيطان شرعي أو لا؟
ليس استيطانا شرعيا لأن المشاعر لا يجوز أن يستوطنها أحد إذ أنها للحجاج، فلا يمكن أن يستوطنها أحد.
فعلى كل حال لا شك أنه متأول وأنه لم يتعمد مخالفة السنة لأنه من الخلفاء الراشدين، لكنه متأول.
والمتأول قد يصيب وقد يخطئ.
ولا شك أن رأيه الذي وافق فيه من قبله أصوب، لكننا نعلم أنه معذور رضي الله عنه بالتأويل. اهـ
قوله (باب الصلاة بمنى) أي قصر الصلاة بمنى وترجم بذلك في صحيح مسلم بشرح النووي وكذلك الدارمي في سننه وذلك وقت الحج، فيتضمن إثبات مشروعية القصر وثبوتها بمنى. وذكر في الباب ثلاثة أحاديث
الحديث الأول حديث ابن عمر أورده البخاري من طريقين الأول هنا من طريق نافع، والثاني في كتاب الحج 1655 من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر وزاد مسلم 694 طريق سالم بن عبد الله وطريق حفص بن عاصم
كلهم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما به.
قوله (حدثنا يحيى) هو القطان صرح به مسلم وتابعه أبو أسامة عند مسلم، قوله (عن عبيد الله) هو ابن عمر بن حفص بن عاصم العمري قوله (عن عبد الله) أي ابن عمر صرح باسم أبيه مسلم وكذا البخاري في الرواية الأخرى، قوله (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم) فيه إثبات حج ابن عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع. قوله (بمنى) زاد مسلم من طريق سالم (صلى صلاة المسافر بمنى وغيره) أي في جميع مناسك الحج، قوله (ركعتين) أي الرباعية قوله (وأبي بكر) أي بعد النبي صلى الله عليه وسلم صرح به مسلم في رواية، قوله (وعمر) أي بعد أبي بكر صرح به مسلم في تلك الرواية أيضا، قوله (ومع عثمان صدرا من إمارته) أي خلافته، وذلك أول ثماني سنين أو قال ست سنين منها صرح به مسلم في رواية حفص بن عاصم. قوله (ثم أتمها) أي أربعا صرح به مسلم في رواية سالم وفي رواية نافع وزاد في رواية نافع (فكان بن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعا وإذا صلاها وحده صلى ركعتين). وزاد في رواية حفص بن عاصم (قال حفص وكان بن عمر يصلي بمنى ركعتين ثم يأتي فراشه فقلت أي عم لو صليت بعدها ركعتين قال لو فعلت لأتممت الصلاة)
فوائد الحديث
1 – حديث ابن عمر متفق عليه
2 – مشروعية قصر الصلاة الرباعية بمنى وغيره من مناسك الحج.
3 – المحافظة على السنن الراتبة القبلية والبعدية في الحضر، والمحافظة على ركعتي الفجر في السفر والحضر.
4 – القياس الصحيح معتبر عند الصحابة فترك الصحابي للسنة الراتبة عنده من باب أولى كونه شرع حذف ركعتين من المفروضة تخفيفا.
5 – متابعة المأموم المسافر للإمام إذا أتم أربع ركعات.
6 – متابعة الامام المتأول في اجتهاده وإن خالف اجتهادك فإن الخلاف شر.
7 – حديث 1084:
فيه الاسترجاع عن حصول الأمر المنكر.
8 – الخليفة الراشد لا يؤخذ باجتهاده إذا خالف السنة.