108 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة أبي عيسى عبدالله البلوشي وعبدالله المشجري وعبدالملك
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
108 – قال أبو داود رحمه الله (ج 10 ص 422): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى أخبرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «ذَرُوهَا ذَمِيمَةً».
هذا حديث حسنٌ.
الحديث أخرجه البخاري رحمه الله في “الأدب المفرد” (ص 316) فقال: حدثنا عبيد الله بن سعيد يعني أبا قدامة قال حدثنا بشر بن عمر الزهراني به.
ثم قال البخاري: في إسناده نظر. ولعله يعني عكرمة بن عمار، فالظاهر أنه حسن [ص: 96] الحديث إلا إذا روى عن يحيى بن أبي كثير؛ فإنه يضطرب كما في “تقريب التهذيب”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولًا: دراسة الحديث رواية:
1- الحكم على حديث الباب:
* قال الحافظ فى ” الفتح ” 6 / 62 : صححه الحاكم.
* صححه الألباني في سنن أبي داود 3926، وينظر الصحيحة 790
* قال محققو سنن أبي داود (6/67): ” إسناده ضعيف، عكرمة بن عمار قد انفرد بهذا الإسناد، ولا يحتمل تفرُّد مثله، ولهذا قال البخاري في “الأدب المفرد”: في إسناده نظر. وقد رواه مالك، عن يحيى بن سعيد الأنصاري مرسلاً. ورواه الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن شداد مرسلاً أيضاً.
وأخرجه البخاري في “الأدب المفرد” (918)، والطبري في مسند علي من “تهذيب الآثار” ص 25، والبيهقي 8/ 140 من طريق عكرمة بن عمار، به.
وفي الباب عن عمر بن الخطاب عند البيهقي في “شعب الإيمان” (1362) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن السائب بن يزيد وعُبيد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر، قال البيهقي: هذا الحديث بهذا الإسناد غلط.
قلنا: وذلك لأنه روي بهذا الإسناد حديثان، وهذا الثاني منهما جاء موصولاً بالأول، وإنما الإسناد للأول، كما رواه جماعة عن يونس فلم يذكروا حديثنا هذا.
قلنا: قد رواه عبد الرزاق في “مصنفه” (19526)، ومن طريقه اليهقي 8/ 140 عن معمر، عن الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، مرسلاً ورجاله ثقات.
وخالف معمراً صالحُ بن أبي الأخضر عند البزار (3051 – كشف الأستار)، والطبري في “تهذيب الآثار” في مسند علي ص 26، فرواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. قال البزار: أخطأ فيه عندي صالح، إنما يرويه الزهري، عن عبد الله بن عبد الله ابن الحارث، عن عبد الله بن شداد مرصلاً. قلنا: صالح بن أبي الأخضر ضعيف الحديث.
وعن عبد الله بن مسعود عند البيهقي في “شعب الإيمان” (1363) وإسناده ضعيف.
وعن سهل بن حارثة عند البخاري في “التاريخ الكبير” 4/ 100، وابن أبي عاصم في “الآحاد والمثاني” (2160) والطبراني في “الكبير” (5639) وهو مرسل كما قال البخاري، وقال ابن حبان في ترجمته في “الثقات”: يروي المراسيل.
وفي الباب أيضاً عن يحيى بن سعيد الأنصاري عند مالك في “موطئه” 2/ 972 مرسلاً. ورجاله ثقات. ”
* صححه صاحب أنيس الساري (4/3126)
* قال الشيخ سيف الكعبي في تخريج سنن أبي داود كما في مجموعة السلام (1/198): “هو في الصحيحه 790، والصحيح المسند 108” لكن قال البخاري بعد أن أخرجه؛ في إسناده نظر، وورد من مراسيل عبدالله بن شداد، وراجع كشف الاستار 3051 “. وبعض الطرق أخرجه ابن عدي فيما أنكر على زمعه بن صالح المكي. والآخر معضل .
ثانيًا: دراسة الحديث دراية:
1- تبويبات الأئمة على حديث الباب وما في معناه:
* بوب أبو داود في سننه باب في الطيرة، وسيأتي ذكر بعض الأحاديث التي أخرجها أبو داود في الأحاديث التي أوردها ابن الأثير في جامع الأصول، ومن الأحاديث التي أخرجها أبو داود:
- عن فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضٌ عِنْدَنَا يُقَالُ لَهَا أَرْضُ أَبْيَنَ هِىَ أَرْضُ رِيفِنَا وَمِيرَتِنَا وَإِنَّهَا وَبِئَةٌ أَوْ قَالَ وَبَاؤُهَا شَدِيدٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « دَعْهَا عَنْكَ فَإِنَّ مِنَ الْقَرَفِ التَّلَفَ ». [ ضعف إسناده الألباني وهو في السلسلة الضعيفة 1720]
- عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِى الْقَصْعَةِ وَقَالَ « كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلاً عَلَيْهِ » [ضعفه الألباني]
* بوب عليه البخاري في الأدب بلب الشؤم في الفرس
* وأورد ابن الأثير في جامع الأصول هذا الحديث تحت كتاب في الطيرة والفأل والشؤم والعدوى وما يجري مجراها ، والأحاديث فيها مشتركة، وأورد تحتها ثمانية عشر حديثًا، وهي كالتالي:
- (د) بريدة -رضي اللَّه عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كان لا يَتَطَيَّر من شيء، وكان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه ؟ فإذا أَعْجَبهُ فَرِحَ به ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذلك في وجهه ، وإن كَرِه اسَمه رُئِيَ كَرَاهِيةُ ذلك في وجهه ، وإذا دخل قَرية سأل عن اسمها؟ فإن أعجبه اسمها فرح بها ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذلك في وجهه ، وإن كره اسمها رُئِيَ كراهية ذلك في وجهه» أخرجه أبو داود. [صححه الألباني وصحح إسناده محقق جامع الأصول]
- (د) أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع كلمة فَأَعْجَبَتْه ، فقال : أخذْنا فَأُلَكَ من فِيكَ». أخرجه أبو داود. [صححه الألباني وضعف إسناده محقق جامع الأصول]
- (ت) أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كان يعجبه إذا خرج لحاجة : أن يسمعَ : يا راشد ، يا نجيحُ». أخرجه الترمذي. [قال محقق جامع الأصول: حسن صحيح]
- (د) عروة بن عامر القرشي قال : «ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : أَحْسَنُها الفألُ ، ولا تَرُدُّ مسلما ، فإذا رأى أحدُكم ما يكره فليقل : اللهم لا يأتي بالحسناتِ إلا أنتَ ، ولا يدفع السيئاتِ إلا أنت، ولا حولَ ولا قوة إلا بك» أخرجه أبو داود. [ضعفه الألباني ونقل محقق جامع الأصول قول الحافظ في الإصابة (6/415) (5512) ترجمة عروة: رجاله ثقات ، دون المراسيل ، لكن حبيب – يعني ابن أبي ثابت- كثير الإرسال.]
- (د ت) عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «الطِّيرَةُ شِرْك ، الطِّيرةُ شرك ، الطِّيَرَةُ شِرْك – ثلاثا – وما منَّا إلا ، ولكنَّ اللَّه يُذهبُه بالتوكل». أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «الطِّيرة من الشِّرْك ، وما مِنَّا [إلا] ، ولكنَّ اللَّهَ يذهبه بالتوكل».
قال الترمذي : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث : «وما منا [إلاَّ] ، ولكنَّ اللَّهَ يذهبُه بالتوكل» هذا عندي قول عبد اللَّه ابن مسعود. [صححه الألباني ومحقق جامع الأصول وهو في الصحيح المسند 858 وذكر الشيخ سيف في شرح مسلم قال: وأقر الإدراج كذلك البخاري، والترمذي، وابن القيم وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم أن يقع في قلبه شئ من الشرك]
- (خ م د ت) أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لا عَدْوى ، ولا طيرَةَ ، ويُعجِبْني الفَألُ ، قالوا : وما الفَأْلُ؟ قال : كلمة طيَّبة». أخرجه البخاري ومسلم. وللبخاري مثله ، وقال : «ويعجبني الفأُلُ الصَّالحُ : الكلمةُ الحسنةُ».ولمسلم مثله ، وقال: «[ويُعجبني الفألُ] الكلمة الحسنةُ ، الكلمةُ الطيبةُ».
وفي رواية أبي داود مثل البخاري ، وأخرج الترمذي الأولى.
- (خ م ط ت د س) عبد اللَّه بن عمر – رضي الله عنهما – قال : «قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا عَدوى ، ولا طِيَرَة ، وإنما الشؤم في ثلاث : في الفرسِ ، والمرأةِ ، والدَّارِ». وفي رواية قال : «ذكروا الشؤم عند النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : إن كان الشؤم : ففي الدَّارِ، والمرأة ، والفرس» أخرجه البخاري ومسلم. ولمسلم «في المرأة والفرس والمسْكَن».
وأخرج الموطأ وأبو داود والترمذي والنسائي الروايةَ الأولى ، ولم يذكروا «العدوى والطيرةَ» ولم يَرْوِهما عن الزهري إلا يونس بن يزيد ، وغيره لم يروهما ، منهم : مالك بن أنس ، وسفيان بن عيينة ، وإبراهيم بن سعد ، وعقيل بن خالد ، وعبد الرحمن بن إسحاق ، وشعيب بن أبي حمزة ، كلُّهم لم يذكروا عن الزهري «العدوى والطيرة» وأخرج النسائي أيضا رواية البخاري.
- (خ م ط) سهل بن سعد -رضي اللَّه عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «إن كان في شيء : ففي الفرس والمرأةِ والمسْكَن – يعني : الشومَ». أخرجه البخاري ومسلم والموطأ.
- (م س) جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- مثلُه، وقال في حديثه : «ففي الرَّيع والخادم والفرس». أخرجه الترمذي.
- (ت) حكيم بن معاوية -رضي الله عنهما – قال : سمعت النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول:«لا شُؤمَ ، وقد يكون اليُمن في الدَّارِ ، والمرأةِ ، والفرسِ». أخرجه الترمذي. [ضعفه محقق جامع الأصول ونقل كلام الحافظ ابن حجر: قال الحافظ : قال الترمذي : في إسناده نظر ، قلت : يعني الحافظ – مدار حديث على إسماعيل بن عياش، فذكره.]
- (م) جابر بن عبد اللَّه عنهما- قال : سمعتُ النبيُّ[ص:634] -صلى الله عليه وسلم- يقول : «لا عَدوَى ، ولا صَفَرَ ، ولا غُولَ» أخرجه مسلم
- (خ م د) أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- قال : إن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال : «لا عدوى ولا صفرَ ، ولا هامةَ ، فقال أعرابيُّ : يا رسول الله ، فما بالُ إبل تكون في الرمل كأنها الظَّبَاءُ ، فيأتي البَعيرُ الأجرَبُ ، فيدخل فيها فيُجْرِبُها [كُلَّها] ؟ فقال : فَمن أَعدَى الأولَ ؟».
قال البخاري : ورواه الزهريُّ عن أبي سلمة [بن عبد الرحمن] ، وسنان بن أبي سنان ، وفي رواية سنان وحده ، بنحو ذلك.
وفي رواية لأبي سلمة : أنه سمع أبا هريرة بعدُ يقول : قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- : [ص:635] «لا يُورِدَنّ مُمْرِض على مُصِحّ» وأنكر أبو هريرة حديثَ الأولِ ، قلنا : ألم تُحدِّثْ : أنه «لا عدوى» ؟ فَرَطن بالحبشية ، قال أبو سلمة : فما رأيتُه نَسِيَ حديثا غيرَه.
وفي رواية أخرى عن أبي سلمةَ : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لا عدوى» وتحدَّث: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لا يُورِدُ مُمْرِض على مُصِحّ». قال الزهري : قال أبو سلمة : كان أبو هريرة يحدَّث بهما كليهما عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ثم صَمَتَ أبو هريرة بعد ذلك عن قوله : «لا عدوى» وأقام على أن «لا يُورِدُ مُمرِض على مصحّ» قال : فقال الحارث بن أبي ذُبَاب – وهو ابن عم أبي هريرة – قد كنتُ أسمعك يا أبا هريرة تحدِّثنا مع هذا الحديث حديثا آخرَ قد سكَتَ عنه ، كنتَ تقول : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «لا عدوى» ؟ فأبَى أبو هريرةَ أن يعرف ذلك ، وقال : «لا يورِدُ ممرِض على مصح». فَمارَاهُ الحارث في ذلك حتى غضب أبو هريرة فَرَطن بالحبشية ، فقال للحارث : أتدري ماذا قلتُ ؟ قال : لا. قال أبو هريرة : إني قلت : «أبيتَ» قال أبو سلمة : ولعَمْري ، لقد كان أبو هريرة يحدِّثنا : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لا عدوى» فلا أدري : أَنِسي أبو هريرة ، أو نَسَخَ أحَدُ القولين الآخر ؟.
وفي رواية أخرى قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : «لا طيرَةَ ، وخيرها الفأْلُ ، قيل : يا رسول الله ، وما الفأُلُ ؟ قال : الكلمةُ الصالحةُ يسمعُها أحدُكم» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لاعدوى ، ولا طيرَةَ ، ولا هامةَ ، ولا صفرَ».
وله في أخرى زيادة «وفِرَ من الْمَجْذُومِ كما تَفِرُّ من الأسد».
ولمسلم : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لا عدوى ، ولا هامةَ ، ولا نَوْءَ ، ولا صفرَ»
وفي أخرى «لا عدوى ، ولا هامة ، ولا طِيرَة ، وأُحِبُّ الفألَ الصالحَ».
وأخرج أبو داود من هذا الحديث الرواية الأولى ، وأخرج نحو الرواية الثانية أخصر منها ، وأخرج رواية مسلم التي فيها النَّوْءَ.
وله في أخرى : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لا غُول» قال أبو داود : قال بقيَّةُ : سألت محمد بن راشد عن قوله : «ولا هام» ؟ فقال : كان أهل الجاهلية يقولون : ليس أحدُ يموتُ فيُدَفن إلا خرج من قبره هامة ، وعن قوله : «لا صفر» ؟ قال : كانوا يَسْتَشْئِمُونَ بدخول صفر ، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- : «لا صفر» قال : وسمعتُ من يقول: «هو وَجَع يأخذ في البطن ، يزعمون أنه يُعْدي». قال أبو داود : وقال مالك: كان أهل الجاهلية يُحِلُّون صُفرَ عاما ، ويُحرِّمونه عاما ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :«لا صفر».
- (د) قَطن بن قبيصة عن أبيه قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : «العيَافَةُ والطَّيرةَ والطَّرْقُ : من الجبْتِ».
أخرجه أبو داود ، [وقال] : الطَّرْقُ : الزَّجْرُ ، والعِيافةُ : الخطُ.
- (د) سعد بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول : «لا هامةَ ، ولا عدوى ، ولا طيرة ، وإن تكن الطَّيرَةُ في شيء : ففي الفرسِ ، والمرأةِ ، والَّدارِ».أخرجه أبو داود. [صححه الألباني وصحح إسناده محقق جامع الأصول]
- ثم أورد حديث الباب.
- (ط) يحيى بن سعيد قال : «جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقالت: دَار سَكنَّاها ، والعددُ كثير ، والمالُ وافر ، فقلَّ العَدَدُ ، وذهب المال ؟ فقال : دعوها ذميمة» أخرجه الموطأ. [ضعف إسناده محقق جامع الأصول]
- (ط) ابن عطية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لا عدوى ولا هامَ ، ولا صفر ولا يَحُلَّ الممرِضُ على المصِحِّ ، ولْيَحلُلِ المصِحُّ حيث شاء ، فقالوا : يا رسول الله وما ذاك ؟ قال : إنه أذى» أخرجه الموطأ. [ضعف إسناده محقق جامع الأصول]
- (ت) حابس التميمي -رضي اللَّه عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : «لا شيء في الهام ، والعينُ حقُّ» أخرجه الترمذي. [ضعفه محقق جامع الأصول]
- (س) الشريد بن سويد -رضي اللَّه عنه- قال : «كان في وَفْد ثَقيف رجل مجذُوم ، فأرسل إليه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- : ارْجع فقد بَايَعناك» أخرجه النسائي. [صححه محقق جامع الأصول]
2- شرح الحديث:
* ينظر الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم رقم 55
* قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص: 99: ” وإنما أمرهم بالتحول منها؛ لأنهم كانوا مقيمين فيها على استثقال لظلها واستيحاش بما نالهم فيها، فأمرهم بالتحول، وقد جعل الله في غرائز الناس وتركيبهم استثقال ما نالهم السوء فيه، وإن كان لا سبب له في ذلك، وحب من جرى على يده الخير لهم وإن لم يردهم به، وبغض من جرى على يده الشر لهم وإن لم يردهم به”.
* قال القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (18/ 104): ” ولا يظن بمن قال هذا القول أن الذي رخص فيه من الطيرة بهذه الأشياء الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقد فيها وتفعل عندها، فإنَّها كانت لا تقدم على ما تطيرت به ولا تفعله بوجه، بناء على أن الطيرة تضر قطعًا، فإنَّ هذا ظن خطأ، وإنما يعني بذلك أن هذه الثلاثة أكثر ما يتشاءم الناس بها لملازمتهم إياها، فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فقد أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره مما تطيب به نفسه ويسكن له خاطره، ولم يُلزمه الشرع أن يقيم في موضع يكرهه أو مع امرأة يكرهها.
بل قد فسح له في ترك ذلك كله، لكن مع اعتقاد أن الله تعالى هو الفعَّال لما يريد، وليس لشيء من هذه الأشياء أثر في الوجود، وهذا على نحو ما ذكرناه في المجذوم. فإن قيل: فهذا يجري في كل متطير به، فما وجه خصوصية هذه الثلاثة بالذكر؟ فالجواب: ما نبَّهنا عليه من أن هذه ضروريَّة في الوجود، ولا بدَّ للإنسان منها ومن ملازمتها غالبًا، فأكثر ما يقع التشاؤم بها؛ فخصَّها بالذكر لذلك. فإنَّ قيل: فما الفرق بين الدار وبين موضع الوباء، فإنَّ الدار إذا تطير بها، فقد وسع في الارتحال عنها، وموضع الوباء قد منع من الخروج منه؟! فالجواب: ما قاله بعض أهل العلم: إن الأمور بالنسبة إلى هذا المعنى ثلاثة أقسام:
أحدها: ما لم يقع التأذي به ولا اطَّردت عادة به خاصة ولا عامَّة، لا نادرة ولا متكررة؛ فهذا لا يصغى إليه وقد أنكر الشرع الالتفات إليه، كَلُقِي غراب في بعض الأسفار أو صراخ بومة في دار، ففي مثل هذا قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( لا طيرة )) ، و(( لا تطيروا )). وهذا القسم هو الذي كانت العرب تعتبره ، وتعمل عليه ، مع أنه ليس في لقاء الغراب ، ولا دخول البومة دارا ما يشعر بأذى ولا مكروه ، لا على جهة الندور ، ولا التكرار.
وثانيها: ما يقع به الضرر، ولكنه يعمُّ ولا يخص، ويندر ولا يتكرر كالوباء، فهذا لا يقدم عليه عملاً بالحزم والاحتياط، ولا يُفَرُّ منه لإمكان أن يكون قد وصل الضَّرر إلى الفارِّ فيكون سفره زيادة في محنته وتعجيلاً لهلكته، كما قدمناه.
وثالثها: سببٌ يخص ولا يعم، ويلحق منه الضرر طول الملازمة كالدار والفرس والمرأة، فيباح له الاستبدال والتوكل على الله تعالى، والإعراض عما يقع في النفوس منها من أفضل الأعمال” . انتهى.
* قال ابن الأثير في جامع الأصول في أحاديث الرسول (7/ 641): ” ذروها دميمة : أي : اتركها مذمومة : وإنما أمرهم بالتحول عنها : إبطالا لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب الدار وسكناها فإذا تحولوا عنا انقطعت ماده ذلك الوهم ، وزال ما خامرهم من الشبهة والوهم الفاسد ،والله أعلم”.
* قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (4/ 45): ” قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْقَرَفُ مُدَانَاةُ الْمَرَضِ وَكُلُّ شَيْءٍ قَارَبْتَهُ فَقَدْ قَارَفْته وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ : الْقَرَفُ مُلَابَسَةُ الدَّاءِ وَمُدَانَاةُ الْمَرَضِ ، وَالتَّلَفُ الْهَلَاكُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْعَدْوَى وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الطِّبِّ فَإِنَّ اسْتِصْلَاحَ الْهَوَاءِ مِنْ أَعْوَنِ الْأَشْيَاءِ عَلَى صِحَّةِ الْأَبَدَانِ ، وَفَسَادُ الْهَوَاءِ مِنْ أَسْرَعِ الْأَشْيَاءِ إلَى الْأَسْقَامِ” .
* قال البغوي في شرح السنة للبغوي (12/ 179): ” فأمرهم بالتحول عنها، لأنهم كانوا فيها على استثقال لظلها، واستيحاش، فأمرهم بالانتقال ليزول عنها ما يجدون من الكراهية، لا أنها سبب في ذلك”.
* قال الطيبي في شرح المشكاة الكاشف عن حقائق السنن (9/ 2985): ” عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ذروها ذميمة)) ((نه)): أي اتركوها مذمومة، فعليه بمعنى مفعولة. وإنما أمرهم بالتحول عنها إبطالا لما وقع في نفوسهم، من أن المكروه إنما أصابهم بسبب السكنى، فإذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم، وزال عنهم ما خامرهم من الشبهة، وهذا كلام الخطابي”.
* قال الـمُظهري في المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 95): ” قوله: “إنَّا كنَّا في دارٍ كثيرٍ فيها عددُنا وأموالُنا … ” إلى آخره، هذا ليس من العدوى ولا من الطِّيَرة، بل من الطِّبِّ؛ فإن الماءَ الهواءَ والنباتَ مختلفةٌ، فبعضُها يُوافق الطباعَ وبعضُها يُخالفها، فالأرضُ الأولى كان هواؤُها وماؤُها ونباتُها موافقةً لهم، والأرضُ الثانيةُ التي انتقلوا إليها وقلَّ عددُهم وأموالُهم فيها كان هواؤُها وماؤُها ونباتُها مخالفةً لهم، فأمرهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن يتركوا الأرضَ التي لم يوافقهم هواؤُها وماؤُها ونباتُها.
قوله: “فتحوَّلنا”؛ أي: انتقلنا.
“ذَرُوها”؛ أي: اتركوها.
“ذميمةً”: فعيلة بمعنى مفعولة، وهي منصوبة على الحال؛ أي: في حال كونها مذمومةً؛ يعني: اتركوها فإنها مذمومةٌ؛ لأن هواءَها غيرُ موافقٍ لكم”.
* قال الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله:(قوله: (دعوها ذميمة) يعني: دعوا الدار الثانية الذي حصل فيها قلة عددكم وأموالكم، وفيه الإشارة إلى الشؤم في الدار) شرح سنن أبي داود.
* قال صاحب عون المعبود :((فتحولنا إلى دار إلخ) والمعنى أنتركها ونتحول إلى غيرها أو هذا من باب الطيرة المنهي عنها (ذروها ذميمة) أي اتركوها مذمومة فعيلة بمعنى مفعولة قاله بن الأثير
والمعنى اتركوها بالتحول عنها حال كونها مذمومة لأن هواءها غير موافق لكم
قال الأردبيلي في الأزهار أي ذروها وتحولوا عنها لتخلصوا عن سوء الظن ورؤية البلاء من نزول تلك الدار انتهى
* قال الخطابي وبن الأثير إنما أمرهم بالتحول عنها إبطالا لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب السكنى فإذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم وزال عنهم ما خامرهم من الشبهة انتهى) عون المعبود (10/300).
عبدالبر في التمهيد 🙁 هذا عندي والله أعلم قاله لقوم خشي عليهم التزام الطيرة فأجابهم بهذا منكرا لقولهم لما رأى من تشاؤمهم وتطيرهم بدارهم وثبوت ذلك في أنفسهم فخاف عليهم)