107 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة أبي عيسى عبدالله البلوشي وعبدالله المشجري وعبدالملك
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
١٠٧ – قال أبو داود (ج ١٠ ص ٢٠٨): حَدَّثَنا حامِدُ بْنُ يَحْيى أخبرَنا سُفْيانُ اخبرَنا وائِلُ بْنُ داوُدَ عَنْ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ عَنْ الزَّهْرِيِّ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ: أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ أوْلَمَ عَلى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وتَمْرٍ.
هذا حديث حسنٌ.
وأخرجه الترمذي (ج ٤ ص ٢١٩) وقال: هذا حديث حسن غريب.
—————-
أولًا: دراسة الحديث رواية:
روايات الحديث :
أخرجاه صاحبا الصحيحين
عن حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ، وَالمَدِينَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ»، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ بِلاَلًا بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الحِجَابَ
البخاري 4213 ومسلم 1365
وأخرج النسائي (6/ 131) الحديث وفيه (قَالَ: حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَأَهْدَتْهَا إِلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَصْبَحَ عَرُوسًا، قَالَ: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ»، قَالَ: وَبَسَطَ نِطَعًا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْأَقِطِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمْنِ، فَحَاسُوا حَيْسَةً، فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
معاني بعض الكلمات :
2677 – س و ق
سَويق [مفرد]: ج أَسْوِقة: طعام يصنع من دقيق الحنطة أو الشَّعير، سُمِّي بذلك لانسياقه في الحلْق.
«معجم اللغة العربية المعاصرة» (2/ 1139)
(حيس) الحاء والياء والسين أصل واحد، وهو الخليط. قال أبو بكر: حست الحبل إذا فتلته، أحيسه حيسا. وهذا أصل لما ذكرناه، لأنه إذا فتله تداخلت قواه وتخالطت. والحيس معروف، وهو من الباب، لأنه أشياء تخلط. قال أبو عبيد فيما رواه، للذي أحدقت به الإماء من كل وجه، محيوس. قال: شبه بالحيس. (ابن فارس ، مقاييس اللغة)
وقال ابن عثيمين رحمه الله في شرح بلوغ المرام:
صفة ولائم النبي ﷺ لبعض زوجاته:
١٠٠٢ – وعن صَفية بنت شيبة رضي الله عنها قالت: «أولم النبي ﷺ على بعض نسائه بمدين من شعير». أخرجه البخاري.
«مُدَّين من شعير»، نقول: إن المدين من الشعير بالنسبة للصاع العُرفي يعتبران خمسي صاع.
فيُستفاد من هذا الحديث: أن الوليمة تصح بأدنى من الشعير، وأن قول الرسول ﷺ لعبد الرحمن بن عوف: «أولم ولو بشاةٍ» يعني: أكثر ما يُولم وليس أقل كما زعم بعض أهل العلم، حيث ذهبوا إلى أن أدنى الوليمة هي الشاة، نقول: هذا غير صحيح، لأن قوله: «أولم ولو بشاة» يعني: أدنى شيء وليست هي أكثر شي، يستفاد من كونها أدنى شيء ليس على سبيل الوجوب بل يجوز أن يولم الإنسان بما هو أدنى منها ويلاحظ في ذلك حال المولم إن كان غنيًا قلنا: أولم ولو بشاة، وإن كان دون ذلك قلنا أولم بما تستطيع وتقدر عليه.
ومن فوائد الحديث: مشروعية الإيلام، لكن هل يكون على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ نقول: هذا فعل من رسول الله ﷺ، والفعل المجرد محمول على الاستحباب، لكن وجوب الوليمة يؤخذ من أدلة أخرى.
١٠٠٣ – وعن أنس رضي الله عنه قال: «أقام النبي ﷺ بين خيبر والمدينة ثلاث ليالٍ يُبنى عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، فما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت، فألقي عليها التمر، والأقط، والسمن». متفق عليه، واللفظ للبخاري.
قوله: «أقام النبي ﷺ بين خيبر والمدينة»، خيبر اسم لمكان فيه مزارع وبيوت وقلاع لليهود، يبعد عن المدينة نحو مائة ميل من جهة الشمال الغربي، وهو معروف، فتحه النبي ﷺ في السنة السادسة، وطلب منه اليهود أن يبقيهم فيه على أن يكون لهم نصف الثمرة وله نصف الثمرة، فأقرهم على ذلك، لكنه أقرهم على ذلك ما شاء الله أو ما شاء النبي ﷺ والصحابة، وفي خلافة عمر أجلاهم من خيبر؛ لأنهم اعتدوا على عبد الله بن عمر وأساءوا إلى الصحابة فطردهم عمر.
وقوله: «يُبنى عليه بصفية»، صفية بنت حيي بن أخطب وهي من ذرية هارون بن عمران فعمها موسى -عليه الصلاة والسلام-، وحيي بن أخطب أبوها من زعماء اليهود، فاصطفاها النبي ﷺ لنفسه جبرًا لقلبها؛ لأن كون أبيها رئيسًا لو أنها صارت إلى أحد من الصحابة لكان في هذا كسر لخاطرها، فأراد النبي ﷺ أن يجبر قلبها فاصطفاها لنفسه.
وقيل: «يبنى عليه بصفية» كيف سُمي هذا بناء وهي مملوكة؟
نقول: لأن النبي ﷺ عتقها صداقها، إذن فهي زوجة من أمهات المؤمنين،
وقوله: «ثلاث ليالٍ» يراد بها: الليالي والأيام،
وقوله: «فما كان فيها من خبز ولا حلم»، يعني أنها وليمة بسيطة، يعني: خفيفة يسيرة ليس فيها خبز ولا لحم
«وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع» جمع نطع وهي الجلود، «فبسطت»: يوضع عليها الطعام.
وقوله: «فألقى عليها التمر والأقطِ والسمن»، ظاهر الحديث: أن كل واحد على حدة، والأقط هو اللبن المجفف، السمن معروف، التمر معروف، هل المعنى: أن الأقط موضوع في إناء، والسمن في إناء، والتمر في إناء أو أنها مخلوطة؟ يُحتمل، لكن الظاهر المعروف عند العرب أنها مخلوطة يُخلط السمن والأقط والتمر ويُوضع على النار حتى يسخن ثم يؤكل، وهو من ألذ الأكلات التمرية، وربما يجعل بدل الأقط الدقيق، وهذا هو المعروف عند الحضر فهم لا يعرفون الأقط، لأنه قليل عندهم، فيجعلون بدل الأقط دقيقًا، ويسمى حَيسًا، لأنه يحاسي بعضه مع بعض.
إذن الوليمة تختلف بحسب الحال.
يستفاد من هذا الحديث: جواز الدخول على المرأة في السفر لدخول الرسول ﷺ على صفية بين المدينة وخيبر.
وذكر الاثيوبي في شرحه لحديث أنس في فتح خيبر وبنائه صلى الله عليه وسلم بصفيه فوائد كثيرة ومما يخص الوليمة:
مشروعيّة زفاف العروس ليلا. (ومنها): أن فيه مطلوبية وليمة العرس، وكونها بعد الدخول، وقدم البحث عنه قريبًا. (ومنها): أن فيه إدلال الكبير على أصحابه، وطلب الطعام منهم في نحو هذا. (ومنها): أنه يستحبّ لأصحاب الزوج، وجيرانه مساعدته في الوليمة بما يتيسّر لهم من الطعام وغيره. (ومنها): أن الوليمة تكون بما تيسّر، ولا يُشترط كونها شاة، بل ذلك لمن تيسّر له
قال ابن القيم في زاد المعاد :
[فَصْلٌ هَدْيُهُ ﷺ فِي الطَّعامِ]
فَصْلٌ
وكَذَلِكَ كانَ هَدْيُهُ ﷺ وسِيرَتُهُ فِي الطَّعامِ لا يَرُدُّ مَوْجُودًا ولا يَتَكَلَّفُ مَفْقُودًا، فَما قُرِّبَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الطَّيِّباتِ إلّا أكَلَهُ، إلّا أنْ تَعافَهُ نَفْسُهُ فَيَتْرُكَهُ مِن غَيْرِ تَحْرِيمٍ («وما عابَ طَعامًا قَطُّ، إنِ اشْتَهاهُ أكَلَهُ وإلّا تَرَكَهُ») كَما تَرَكَ أكْلَ الضَّبِّ لَمّا لَمْ يَعْتَدْهُ، ولَمْ يُحَرِّمْهُ عَلى الأُمَّةِ، بَلْ أُكِلَ عَلى مائِدَتِهِ وهُوَ يَنْظُرُ.
وأكَلَ الحَلْوى، والعَسَلَ وكانَ يُحِبُّهُما، وأكَلَ لَحْمَ الجَزُورِ والضَّأْنِ والدَّجاجِ، ولَحْمَ الحُبارى، ولَحْمَ حِمارِ الوَحْشِ والأرْنَبِ، وطَعامَ البَحْرِ، وأكَلَ الشِّواءَ، وأكَلَ الرُّطَبَ والتَّمْرَ، وشَرِبَ اللَّبَنَ خالِصًا ومَشُوبًا، والسَّوِيقَ، والعَسَلَ بِالماءِ، وشَرِبَ نَقِيعَ التَّمْرِ، وأكَلَ الخَزِيرَةَ وهِيَ حِساءٌ يُتَّخَذُ مِنَ اللَّبَنِ والدَّقِيقِ، وأكَلَ القِثّاءَ بِالرُّطَبِ وأكَلَ الأقِطَ، وأكَلَ التَّمْرَ بِالخُبْزِ، وأكَلَ الخُبْزَ بِالخَلِّ، وأكَلَ الثَّرِيدَ وهُوَ الخُبْزُ بِاللَّحْمِ، وأكَلَ الخُبْزَ بِالإهالَةِ وهِيَ الوَدَكُ، وهُوَ الشَّحْمُ المُذابُ، وأكَلَ مِنَ الكَبِدِ المَشْوِيَّةِ، وأكَلَ القَدِيدَ، وأكَلَ الدُّبّاءَ المَطْبُوخَةَ وكانَ يُحِبُّها، وأكَلَ المَسْلُوقَةَ وأكَلَ الثَّرِيدَ بِالسَّمْنِ، وأكَلَ الجُبْنَ، وأكَلَ الخُبْزَ بِالزَّيْتِ، وأكَلَ البِطِّيخَ بِالرُّطَبِ، وأكَلَ التَّمْرَ بِالزُّبْدِ وكانَ يُحِبُّهُ، ولَمْ يَكُنْ يَرُدُّ طَيِّبًا ولا يَتَكَلَّفُهُ، بَلْ كانَ هَدْيُهُ أكْلَ ما تَيَسَّرَ، فَإنْ أعْوَزَهُ صَبَرَ حَتّى إنَّهُ لَيَرْبِطُ عَلى بَطْنِهِ الحَجَرَ مِنَ الجُوعِ، ويُرى الهِلالُ والهِلالُ والهِلالُ ولا يُوقَدُ فِي بَيْتِهِ نارٌ
وقال في موضع آخر:
وكانَ يُصْلِحُ ضَرَرَ بَعْضِ الأغْذِيَةِ بِبَعْضٍ إذا وجَدَ إلَيْهِ سَبِيلًا، فَيَكْسِرُ حَرارَةَ هَذا بِبُرُودَةِ هَذا، ويُبُوسَةَ هَذا بِرُطُوبَةِ هَذا، كَما فَعَلَ فِي القِثّاءِ والرُّطَبِ، وكَما كانَ يَأْكُلُ التَّمْرَ بِالسَّمْنِ، وهُوَ الحَيْسُ، ويَشْرَبُ نَقِيعَ التَّمْرِ يُلَطِّفُ بِهِ كَيْمُوساتِ الأغْذِيَةِ الشَّدِيدَةِ.