1067 رياح المسك العطرة بفوائد الأصحاب المباركة
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
وراجعه سيف بن غدير النعيمي
كتاب سجود القرآن
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
1067 حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت الأسود عن عبدالله رضي الله عنه قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم بمكة فسجد فيها وسجد من معه، غير شيخ أخذ كفا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا)
______
حديث ابن مسعود متفق عليه
قال الشيخ العثيمين في مقدمة كتاب سجود القرآن:
سجود التلاوة: أي السجود الذي سببه التلاوة.
ولكن ليس كل تلاوة تكون سببا للسجود، بل هذا موقوف على ما ورد.
وسجود التلاوة سنة مؤكدة، حتى قال بعض العلماء بوجوبها كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدل بقول الله تعالى “فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون”، ووجه الدلالة أنه يجب أن يحمل على سجود التلاوة لأنه ليس كل القرآن يُسجد إذا قُرئ على الإنسان.
والجمهور على أنه سنة وهذا هو القول الراجح، ودليل ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس ذات يوم بسورة النحل فلما بلغ السجدة وهو على المنبر نزل وسجد وفي الجمعة الأخرى خطب بها ولما مرَّ بالسجدة لم يسجد، وهذا فعل الخليفة الراشد وبمحظضر من الصحابة، تَرَك السجود مع القدرة عليه، ثم قال: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء، والاستثناء هنا منقطع، يعني: إن شئنا سجدنا وإن شئنا لم نسجد.
وأما الآية التي استدل بها من أوجب سجود التلاوة فهي دليل عليه وليست دليلا له، لأننا إذا أخذنا بظاهر اللفظ: “إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون” تبين أن معنى السجود هنا الذل والخضوع، وحينئذ يكون مطابقا لظاهر قوله: “إذا قرئ القرآن”.
لأن ظاهر الآية إذا قرئ القرآن كله لا يذلون ولا يخضعون.
وحملها على سجود التلاوة مخالف لظاهر اللفظ.
فالصواب ما عليه الجمهور. اهـ
فوائد الحديث:
1 فيه مشروعية سجود القرآن والبحث في الاستحباب أو الوجوب سيأتي في باب مستقل إن شاء الله. وأن سجدة النجم واحدة منها وهي من المفصل خلافا لمن منع ذلك.
2 أجمع العلماء على انه يسجد في عشرة مواضع وهي متوالية إلا ثانية الحج و”ص”. أي وفق ترتيب المصحف كما سيأتي. نقل التفاق أبو الحسن ابن القطان.
3 وبالجملة فالحديث (أي حديث عمرو بن العاص في كون آيات سجود التلاوة خمس عشرة) مع ضعف إسناده قد شهد له اتفاق الأمة على العمل بغالبه ومجيء الأحاديث الصحيحة شاهدة لبقيته إلا سجدة الحج الثانية فلم يوجد ما يشهد لها من السنة والاتفاق إلا أن عمل بعض الصحابة على السجود فيها قد يستأنس بذلك على مشروعيتها ولا سيما ولا يعرف لهم مخالف والله أعلم قاله الألباني في تمام المنة.
4 آيات سجود التلاوة موجودة في السور الآتية: (الْأَعْرَافُ)، وَ (الرَّعْدُ)، وَ (النَّحْلُ)، وَ (الإسراءَ)، وَ (مَرْيَمُ)، وَ (الْحَجُّ) آيتان، وَ (ُ الْفُرْقَانِ)، وَ (النَّمْلُ)، وَ (السَّجْدَةُ)، وَ (ص)، وَ (فصلتِ) و (النجم)، و (الانشقاق)، و (العلق)»
5 سجود الناس بسجود القارئ.
قلت سيف: وسيأتي الفرق بين السامع والمستمع
6 ما يقول في سجوده، قال ابن القيم في الهدي
كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا مَرَّ بِسَجْدَةٍ كَبَّرَ وَسَجَدَ، وَرُبَّمَا قَالَ فِي سُجُودِهِ ” «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» ” قلت رواه مسلم 771 من حديث علي رضي الله عنه. وَرُبَّمَا قَالَ: ” «اللَّهُمَّ احْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ» ” ذَكَرَهُمَا أَهْلُ السُّنَنِ. وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ لِلرَّفْعِ مِنْ هَذَا السُّجُودِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ، قلت ويكفي أقل الذكر في سجود الصلاة.
7 قتل أمية بن خلف كافرا يوم بدر.
8 أول سورة أنزلت فيها سجدة والنجم كما ورد عند البخاري حديث رقم 4863 وقيل بل هي أول سجدة استعلن بها النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت سيف قال ابن حجر: واستشكل بأن (إقرأ باسم ربك) أول السور نزولا وأجيب بأن السابق من اقرأ اوائلها، وأما بقيتها فنزل بعد ذلك بدليل قصة أبي جهل في نهيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة أو الأولية مقيدة بشئ محذوف بينته رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عند ابن مردويه بلفظ (أن أول سورة استعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والنجم. انتهى
قلت: وتفسير ابن مردويه مفقود، والحديث لم أجده مسندا.
9 قال الحاكم في مستدركه لا أعلم أحدا تابع شعبة على ذكره النجم غير قيس بن الربيع، قلت بل تابعه إسرائيل عند البخاري 4863 وسفيان الثوري عند أحمد في مسنده 3682، و أَيُّوب بن جَابِر عند أبي عروبة في الأوائل والأخير إسناه ضعيف.
10 قال بعض أهل العلم: أما سجود المسلمين: فاتباعا لأمر الله، وأما سجود المشركين: فلما سمعوه من أسرار البلاغة. قلت ويضاف إليه رهبة الموقف، وتقريع الآيات، ورهبة المكان.
11 قال ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين: حتى لو صح خبر أبي قدامة هذا (أي حديث ابن عباس أنه لم يسجد في المفصل بالمدينة بعد الهجرة رواه أبو داود) لوجب تقديم خبر أبي هريرة عليه لأنه مثبت فمعه زيادة علم والله أعلم.
12 قال أبو عوانة في مستخرجه (فيه) إِثْبَاتِ السَّجْدَةِ فِي سُورَةِ النَّجْمِ، وَ (فيه) الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْقَارِئَ إِذَا قَرَأَ فَسَجَدَ سَجَدَ مَنْ مَعَهُ وَأَنَّ مَنْ يَسْمَعُهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ حَتَّى يَسْجُدَ الْقَارِئُ.
13 عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ بن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله وفي رواية (يا ويلي) أمر بن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار. رواه مسلم 81
قلت سيف وهذه تتمات:
14 ورد أن الذي أبى أن يسجد هو أمية بن خلف أخرجه البخاري 4863 ( … فرأيته بعد ذلك قتل كافراً وهو أمية بن خلف) وكذلك ورد في مصنف ابن أبي شيبة عن أبي هريرة سجدوا في النجم (إلا رجلين من قريش أرادا بذلك الشهرة)، وللنسائي من حديث المطلب ابن أبي وداعة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم، فسجد وسجد من معه، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد) ولم يكن المطلب يومئذ أسلم، ومهما ثبت من ذلك فلعل ابن مسعود لم يره أو خص واحدا بالذكر لاختصاصه بأخذ كف من حصى. انتهى ملخصا من الفتح
وما أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة سنده لا بأس به، وحديث المطلب رجح الدارقطني في العلل 3407 رواية من ذكر جعفر بن المطلب بين عكرمة بن خالد وأبيه المطلب، وجعفر قيل مقبول لكن قال ابن حبان من متقني أهل مكة وحسن حديثه الألباني.
15 قصة الغرانيق ضعفها الألباني وغيره من الباحثين.
16 تنبيه: ورد في سنن أبي داود ((1410)): عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلموهو على المنبر: (ص)، فلما بلغ السجدة؛ نزل فسجد، فسجد الناس معه. فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة؛ تشزن الناس للسجود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إنما هي توبة نبي؛ ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود “؛ فنزل فسجد وسجدوا.
وعند النسائي ((957)) وصححه الألباني من حديث ابن عباس مرفوعا: ” سجدها داود توبة، ونسجدها شكرا ”
وحديث أبي سعيد الخدري في الصحيح المسند 417 وقلنا في تعليقنا عليه: أن ابن كثير قال إسناده على شرط الصحيح.
قال ابن باز في شرح المنتقى: هذه الأحاديث فيها شرعية سجود التلاوة، ففي حديث عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمسة عشر سجده، وفيه بعض الضعف؛ لأنه من رواية الحارث بن سعيد وهو مجهول، لكنه ينجبر بالأحاديث الأخيرة الدالة على شرعية هذه الخمسة عشر، المتفق عليها.
ويستحب سجود التلاوة للقارئ والمستمع حيث قرأ زيد على النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم فلم يسجد، وكذلك عمر، قال: إن الله لم يأمرنا بالسجود إلا أن نشاء.
وفي الصلاة إذا قرأ التلاوة يكبر لحديث كان يكبر في كل خفض ورفع أما خارج الصلاة فالراجح أنه لا يكبر ولا يسلم، ولا يشترط للوضوء. انتهى من تعليقنا على الصحيح المسند.