1057 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة : طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي ، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا )
———-‘——–‘——–
الصحيح المسند (2 / رقم 1057) :
قال أبو داود: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((كُلُّ الْمَيِّت يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الْمُرَابِطَ، فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيُؤَمَّنُ مِنْ فَتَّانِ الْقَبْرِ)).
قال الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح.
========
* الكلام يدور على الحديث من عدة أمور:
الأمر الأول: تخريج الحديث:
أخرجه أبو داود في (السنن)، كتاب الجهاد، باب في فضل الرباط. قال الألباني: صحيح.
وجاء في سنن الترمذي: عن فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ»، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ»: قال الترمذي: وَفِي البَاب عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَجَابِرٍ وَحَدِيثُ فَضَالَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[أبواب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل من مات مرابطا، حديث رقم (1621)].
[حكم الألباني : صحيح، المشكاة (34 / التحقيق الثانى و 3823) ، التعليق الرغيب (2 / 150)، الصحيحة (549)].
الأمر الثاني: شرح الحديث وبيان ألفاظه:
قال الشيخ عبد المحسن العباد: ” أورد أبو داود رحمه الله (باب فضل الرباط)، يعني: في سبيل الله، والرباط المقصود به: المرابطة في الثغور التي فيها المحافظة على بلاد المسلمين من أن يتسلل إليها الأعداء.
فالمرابطون يدافعون عن حوزة الإسلام، ويقاتلون الكفار الذين يريدون أن يغزوا بلاد المسلمين.
وأصل الرباط أنه كان يربط فرسه من أجل الاستعداد لصد الأعداء عن الدخول أو الهجوم على بلاد المسلمين، وهذا أمر شأنه عظيم عند الله.
وقد أورد أبو داود حديث فضالة بن عبيد – رضي الله عنه – “، فائدة: قال الشيخ عبد المحسن: “فضالة بن عبيد رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن”.
وقال الشيخ عبد المحسن: “قوله: ((كل الميت يختم على عمله)): يعني: أن ما عمله محدد، ختم عليه؛ لأنه عرف حده وبدايته ونهايته ومقداره.
قوله: ((إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمو له عمله)) أي: يزداد؛ وذلك لكثرة ثوابه وعظم أجره، وكونه في بقائه مرابطاً كالمجاهد المستمر في جهاد؛ لأن المرابط مجاهد، ولكنه لا يذهب ويرجع كالمجاهدين الذين يذهبون من بلادهم ثم يرجعون إليها، بل هو مقيم يصد الكفار عن المسلمين، فعمله ينمى له.
قوله: ((ينمو له عمله))، يعني: يتضاعف ويزداد إلى يوم القيامة.
قوله: ((ويؤمن من فتان القبر))، أي: مما يحصل من الفتنة في القبر، وقيل: إن الفتنة في القبر هي سؤال منكر ونكير، وأنه يحصل بذلك خوف وفتنة، فالمرابط في سبيل الله موعود بأنه يؤمن من الفتنة في القبر، وكذلك أيضاً يأمن من عذاب القبر”. انتهى.
*** ” والثغور: هي الحدود التي تكون بين المسلمين والكفار. والمقصود بها الحدود بين بلدة إسلامية وبلدة كافرة محاربة. أي الأماكن والمواضع التي يخيف المسلمون الكفار فيها ويخيف الكفارُ المسلمين فيها. *** وسمي رباطا؛ لأن الخيل تربط فيه استعدادا للقتال في سبل الله.
*** أفضل الرباط ما يكون في ثغر هو أشد من غيره خوفا أي احتمال ورود الكفار إلى المسلمين منه أقوى، فهو مخوف أكثر من غيره، ولذلك أي لشدة الحاجة إلى الإقامة فيه فهو أفضل الرباط. فأفضل المواضع التي يرابط فيها ما كان الخوف فيه أشد للحاجة إلى لزومه.”.
وفي (عون المعبود): ” أي: ارتباط الخيل في الثغر والمقام فيه .
.. ((كل الميت يختم على عمله)): المراد به طي صحيفته وأن لا يكتب له بعد موته عمل. وفي رواية الترمذي (كل ميت) بغير اللام، وهو الصواب من جهة اللفظ؛ لأن كلمة كل إذا أضيفت إلى نكرة فهي لاستغراق أفرادها؛ كقوله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت}، وإذا أضيفت إلى مفرد معرفة فمقتضاها استغراق أجزائه قاله الشيخ ولي الدين العراقي. ((إلا المرابط)) : هو الملازم للثغر للجهاد.
((ينمو)) : أي: يزيد ((إلى يوم القيامة)) : يعني: أن ثوابه يجري له دائما ولا ينقطع بموته. ((ويؤمن)) : بضم ففتح فتشديد. ((من فتان القبر)): بفتح الفاء وتشديد الفوقية للمبالغة من الفتنة.
وقيل: بضم فتشديد، جمع فاتن، قاله في (فتح الودود) .
وقال العزيزي : أي: فتانيه، وهما منكر ونكير ، قال العلقمي : يحتمل أن يكون المراد أن الملكين لا يجيئان إليه، ولا يختبرانه، بل يكفي موته مرابطا في سبيل الله شاهدا على صحة إيمانه.
ويحتمل أنهما يجيئان إليه لكن لا يضرانه، ولا يحصل بسبب مجيئهما فتنة.
قال المنذري: وأخرجه الترمذي، وقال : حسن صحيح “. انتهى.
قال الحافظ السيوطي في شرح مسلم : “((رِبَاط يَوْم)) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: هُوَ الْإِقَامَة فِي ثغر من ثغور الْإِسْلَام حارسا لَهُ من الْعَدو وَإِن مَاتَ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: يَعْنِي فِي حَال الرِّبَاط جرى عَلَيْهِ عمله الَّذِي كَانَ يعمله فِي حَال رباطه وَأجر رباطه.
قَالَ النَّوَوِيّ: وجريان عمله عَلَيْهِ بعد مَوته فَضِيلَة مُخْتَصَّة بِهِ لَا يُشَارِكهُ فِيهَا أحد. قَالَ: وَقد جَاءَ صَرِيحًا فِي غير مُسلم: ( كل ميت يخْتم على عمله إِلَّا المرابط فَإِنَّهُ ينمى لَهُ عمله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ).
((وَأجْرِي عَلَيْهِ رزقه)) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: يَعْنِي: أَنه يرْزق فِي الْجنَّة كَمَا يرْزق الشُّهَدَاء الَّذين تكون أَرْوَاحهم فِي حواصل الطير تَأْكُل من ثَمَر الْجنَّة، وَذكر النَّوَوِيّ نَحوه.
((وَأمن الفتان)) ضبط أَمن بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمِيم بِلَا وَاو وَأمن بِضَم الْهمزَة بِزِيَادَة وَاو ضبط الفتان بِفَتْح الْفَاء، أَي: فتان الْقَبْر، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد فِي سنَنه 25 وَأمن من فتاني الْقَبْر وَبِضَمِّهَا جمع فاتن. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَتَكون للْجِنْس، أَي: كل ذِي فتْنَة قلت أَو المُرَاد فتان الْقَبْر من إِطْلَاق صِيغَة الْجمع على اثْنَيْنِ أَو على انهم أَكثر من اثْنَيْنِ، فقد ورد أَن فتاني الْقَبْر ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة.
وَقد اسْتدلَّ غير وَاحِد بِهَذَا الحَدِيث على أَن المرابط لَا يسْأَل فِي قَبره كالشهيد”. انتهى كلام السيوطي.
في الحديث: فضيلة الرباط، وأن المرابط لا ينقطع عمله بالموت. [انظر: تطريز رياض الصالحين].
جاء في (المغني) لابن قدامة رحمه الله: “معنى الرباط الإقامة بالثغر, مقويا للمسلمين على الكفار .
والثغر: كل مكان يخيف أهله العدو ويخيفهم. وأصل الرباط من رباط الخيل؛ لأن هؤلاء يربطون خيولهم وهؤلاء يربطون خيولهم كل يعد لصاحبه, فسمى المقام بالثغر رباطًا.
وإن لم يكن فيه خيل وفضله عظيم وأجره كبير قال أحمد: ليس يعدل الجهاد عندي والرباط شيء.
والرباط دفع عن المسلمين وعن حريمهم, وقوة لأهل الثغر ولأهل الغزو فالرباط أصل الجهاد وفرعه والجهاد أفضل منه للعناء والتعب والمشقة. انتهى.
الأمر الثالث: أبرز فوائد وأحكام الحديث:
أولاً: مسألة: بما تتم الرباط ؟
جاء في (المغني) لابن قدامة رحمه الله، بعد أن ذكر فضل الرباط، قال: ” إذا ثبت هذا فإن الرباط يقل ويكثر فكل مدة أقامها بنية الرباط فهو رباط قل أو كثر ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (رباط يوم ورباط ليلة) قال أحمد: يوم رباط, وليلة رباط وساعة رباط وقال: عن أبي هريرة: ومن رابط يوما في سبيل الله كتب به أجر الصائم القائم, ومن زاد زاده الله.
وروى سعيد بن منصور بإسناده عن عطاء الخراساني, عن أبي هريرة رباط يوم في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر في أحد المسجدين مسجد الحرام, أو مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم”. انتهى.
قلت سيف بن دورة : وحديث أبي هريرة فيه عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف . وعطاء الخراساني اختلط
وورد من حديث أبي أمامة كما في شعب البيهقي وفيه يحيى بن صالح الوحاضي منكر الحديث .
وراجع علل ابن أبي حاتم 954 حيث أورده من حديث أنس واعتبره كذب .
وراجع ذخيرة العقبى والكامل لابن عدي ترجمة زيد بن جبيرة .
وراجع الضعيفة 5583
ثم وقفت أن الألباني صحح المرفوع عن أبي هريرة في الصحيحة 1068 وعزاه لابن حبان ولفظه موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود .
ورجح سماع مجاهد عن أبي هريرة حيث صرح مجاهد بالسماع في بعض الروايات . وقد قال ابوحاتم يعني ابن حبان : سمع مجاهد من أبي هريرة
ونقل البرديجي أن في سماعه منه اختلاف وقيل يدخل بينه وبينه عبدالرحمن بن أبي ذباب . وفي صحيح البخارى : ويذكر عن أبي هريرة مرسلا انه يطعم في قضاء رمضان انتهى أراد أن مجاهد لم يسمع منه … راجع إكمال تهذيب الكمال.
فلا بأس أن نجعله على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند ثم هو في الفضائل .
ومن رابط أربعين يوما فقد استكمل الرباط : وتمام الرباط أربعون يومًا روي ذلك عن أبي هريرة وابن عمر وقد ذكرنا خبر أبي هريرة وروى أبو الشيخ, في ”كتاب الثواب” بإسناده عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (تمام الرباط أربعون يوما) وروي عن نافع عن ابن عمر أنه قدم على عمر بن الخطاب من الرباط, فقال له: كم رابطت؟ قال: ثلاثين يوما قال: عزمت عليك إلا رجعت حتى تتمها أربعين يوما وإن رابط أكثر فله أجره كما قال أبو هريرة: ومن زاد, زاده الله.
قلت سيف بن دورة : تمام الرباط أربعون ورد عن أبي هريرة وابن عمر موقوفا عليهما وكلاهما ضعيف كذا في التحجيل
وتعقب الألباني في قوله : لم أجده مرفوعا . فقال في تعقيبه أن المصنف يقصد أنه موقوف .
ولم يذكر صاحب التحجل عمر بن الخطاب إنما ذكر ابنا لابن عمر . والذي وعظه هو أبوه عبدالله بن عمر . … وضعفه بعمر بن عبد الله مولى غفرة .
وورد عن أبي أمامة مرفوعا لكن قال الهيثمي فيه أيوب بن مدرك متروك.
وراجع لبيان ضعف الموقوف على أبي هريرة الإرواء.
ثانياً: فضل الرباط:
جاء في (المغني) لابن قدامة رحمه الله: ”
وقد روي في فضل الرباط أخبار منها ما روى سلمان, قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (يقول: رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه فإن مات جرى عليه عمله الذي يعمل وأجرى عليه رزقه, وأمن الفتان) رواه مسلم.
وعن فضالة بن عبيد أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله, فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القبر) رواه أبو داود والترمذي, وقال: حديث حسن صحيح.
انتهى
وهناك رسائل في فضل الرباط.
ثالثاً: أفضل الرباط
جاء في (المغني) لابن قدامة رحمه الله: وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا؛ لأنهم أحوج ومقامه به أنفع قال أحمد: أفضل الرباط أشدهم كلبا وقيل لأبي عبد الله: فأين أحب إليك أن ينزل الرجل بأهله؟ قال: كل مدينة معقل للمسلمين مثل دمشق وقال: أرض الشام أرض المحشر, ودمشق موضع يجتمع إليه الناس إذا غلبت الروم قيل لأبي عبد الله: فهذه الأحاديث التي جاءت: ” إن الله تكفل لي بالشام ” ونحو هذا؟ قال: ما أكثر ما جاء فيه وقيل له: إن هذا في الثغور فأنكره وقال: أرض القدس أين هي؟ ” ولا يزال أهل الغرب ظاهرين ” هم أهل الشام ففسر أحمد الغرب في هذا الحديث بالشام وهو حديث صحيح, رواه مسلم وإنما فسره بذلك لأن الشام يسمى مغربا لأنه مغرب للعراق, كما يسمى العراق مشرقا ولهذا قيل: ولأهل المشرق ذات عرق وقد جاء في حديث مصرحا به: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم, حتى يأتي أمر الله وهم بالشام) وفي الحديث عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل, قال: ” وهم بالشام ” رواه البخاري في ” صحيحه ” وفي خبر عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا تزال طائفة بدمشق ظاهرين) أخرجه البخاري, في ” التاريخ ” وقد رويت في الشام أخبار كثيرة منها حديث عبد الله بن حوالة الأزدي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ”. انتهى.
وحديث ابن حوالة أن النبي صلى الله عليه وسلم
اوصاه باللحاق بجند الشام. …
رابعاً: الجمع بين النصوص:
1 – قال الحافظ رحمه الله في شرح الحديث: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا)).
أخرجه البخاري 2892 .
قال الحافظ رحمه الله: قوله: (خير من الدنيا وما عليها) تقدم في أوائل الجهاد من حديث سهل بن سعد هذا مختصر بلفظ ” وما فيها ” والتعبير بقوله ” وما عليها ” أبلغ، وتقدم الكلام هناك في حديث الروحة والغدوة وكذا على حديث ” موضع سوط أحدكم ” لكن من حديث أنس، وسيأتي من حديث سهل بن سعد أيضا في صفة الجنة، ووقع في حديث سلمان عند أحمد والنسائي وابن حبان ” رباط يوم أو ليلة خير من صيام شهر وقيامة ”
قلت سيف بن دورة : أخرجه مسلم 1913 وراجع الإرواء 1200 .
ولأحمد والترمذي وابن ماجه عن عثمان ” رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل ” ضعفه الألباني في ضعيف الجامع ثم صححه في صحيح الترغيب .1224 . وذكره صاحب التعقب المتواني. مصححا له . قال الترمذي: حسن صحيح غريب . وفي نسخة حسن غريب ونقل أن أبا صالح مولى عثمان اسمه الحارث وثقه العجلي وابن حبان. روى عنه زهرة والمصريون . وحسن له هذا الحديث صاحب كتاب تكميل النفع بما لم يثبت فيه وقف ولا رفع . والحديث أخرجه النسائي في الكبرى 18345. والمجتبى 3169 . وحسنه محققو المسند 442 . واختاره المقدسي لمختارته فيصلح أن نضعه على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
قال ابن بزيزة: ولا تعارض بينهما؛ لأنه يحمل على الإعلام بالزيادة في الثواب عن الأول، أو باختلاف العاملين.
قلت: أو باختلاف العمل بالنسبة إلى الكثرة والقلة، ولا يعارضان حديث الباب أيضا؛ لأن صيام شهر وقيامه خير من الدنيا وما عليها “. انتهى كلام الحافظ.
. قال البيهقي: القصد من هذا ونحوه الإخبار بتضعيف أجر المرابط على غيره، ويختلف ذلك بحسب اختلاف حال الناس نية وإخلاصا، وباختلاف الأوقات. وموقع الجهاد في وقته ويحتمل أن يعبر عن التضعيف والتكثير مرة بالأربعين ومرة بالستين ومرة بما دونها ومرة بما فوقها . قال الشيخ أبوبكر الشاشي وكثير من نحو هذا يذكر بالسبعين كما قيل : ما ضر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة . يعني والمراد بالسبعين الكثرة لا عدد السبعين بعينه [ شعب الايمان 3928 . ونقله صاحب تطريز رياض الصالحين].
ذكر الألباني في السلسلة الصحيحة تحت حديث 2857 أحاديث فضل الرباط وأنها أفضل من مجاورة مكة . ثم قرر أن الأفضل للمسلم أن يكون في المكان والبلاد التي هو فيها أنفع واخشع. حتى قال سلمان لأبي الدرداء لما دعاه للأرض المقدسة : إنما يقدس العبد عمله .
خامساً : أسباب النجاة والعذاب في القبر:
أسباب عذاب القبر: أورد ابن القيم رحمه الله سؤالاً حول عذاب القبر وأجاب عليه، في كتابه “الروح” [بتصرف يسير]. قال – رحمه الله تعالى- يقول السائل: ما الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور ؟
وجواب ذلك من وجهين: مجمل ومفصل:
أما المجمل: فإنهم يعذبون على جهلهم بالله، وإضاعتهم لأمره، وارتكابهم معاصيه، فلا يعذب الله روحاً عرفته وأحبته وامتثلت أمره واجتنبت نهيه، ولا بدناً كانت فيه أبداً، فإن عذاب القبر وعذاب الآخرة أثر غضب الله وسخطه على عبده، فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك، كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه، فمستقل ومستكثر، ومصدق ومكذب.
ش
وأما الجواب المفصل: فقد أخبر النبي عن الرجلين اللذين رآهما يعذبان في قبورهما، يمشي أحدهما بالنميمة بين الناس، ويترك الآخر الاستبراء من البول، فهذا ترك الطهارة الواجبة وذلك ارتكب السبب الموقع للعداوة بين الناس بلسانه وإن كان صادقاً، وفي هذا تنبيه على أن الموقع بينهم العداوة بالكذب والزور والبهتان أعظم عذاباً، كما أن في ترك الصلاة التي الاستبراء من البول بعض واجباتها وشروطها فهو أشد عذاباً. وأخبر عليه الصلاة والسلام – كما في رواية – أن أحد هذين اللذين يعذبان كان يأكل لحوم الناس، فهو مغتاب، وذلك نمام.
وجاء عنه { أن رجلاً ضرب في قبره سوطاً فامتلأ القبر عليه ناراً؛ لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور، ومر على مظلوم فلم ينصره } [الحديث رواه الطحاوي في بسند حسن].
قلت سيف بن دورة :
على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
ووضعه الألباني في السلسلة الصحيحة 2774
وحسنه جامع منتخب الأخبار
وفي النفس منه شئ حيث تفرد به الطحاوي ثم هو غريب من طريق جعفر بن سليمان عن عاصم عن شقيق عن ابن مسعود
وله شاهد عن ابن عمر وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي
وايوب بن نهيك .
وقد احتج الطحاوي بالحديث على عدم كفر تارك الصلاة لأنه قبل دعاؤه حيث خفف عليه من مائة جلدة إلى جلدة واحده . ونقل الألباني أن ابن عبد البر وافقه على الاستدلال. فلقبول هؤلاء الأئمة لهذا الحديث سنجعله على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
وأخبر كما في حديث سمرة بن جندب الذي رواه البخاري عن تعذيب من يكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وعن تعذيب من يقرأ القرآن ثم ينام عنه بالليل ولا يعمل به في النهار، وعن تعذيب الزناة والزواني، وعن تعذيب آكل الربا، أخبر عنهم كما شاهدهم في البرزخ.
وفي حديث آخر أخبر عن رضخ رؤوس أقوام بالصخر لتثاقل رؤوسهم عن الصلاة، وعن الذين يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة أموالهم، وعن الذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم، والذين تقرض شفاههم بمقارض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام والخطب.
وجاء في حديث رواه أبو سعيد عنه ذكر أرباب بعض الجرائم وعقوباتهم: فمنهم من بطونهم أمثال البيوت وهم على سابلة آل فرعون، وهم أكلة الربا، ومنهم من تفتح أفواههم فيلقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم، وهم أكلة أموال اليتامى، ومنهم من تقطع جنوبهم ويطعمون لحومهم، وهم المغتابون، ومنهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم، وهم الذين يمزقون أعراض الناس.
وأخبر النبي عن صاحب الشملة التي غلها من المغنم؛ أنها تشتعل عليه ناراً في قبره، هذا وله فيها حق، فكيف بمن ظلم غيره ما لا حق فيه؟!
فعذاب القبر من معاصي القلب والعين والأذن والفم واللسان والبطن والفرج واليد والرجل والبدن كله: فالنمام، والكذاب، والمغتاب، وشاهد الزور، وقاذف المحصن، والموضع في الفتنة، والداعي إلى البدعة، والقائل على الله ورسوله ما لا علم له به، والمجازف في كلامه، وآكل الربا، وآكل أموال اليتامى، وآكل السحت من الرشوة وغيرها، وآكل مال أخيه المسلم بغير حق، أو مال المعاهد، وشارب المسكر، والزاني، واللوطي، والسارق، والخائن، والغادر، والمخادع، والماكر، وآخذ الربا ومعطيه وكاتبه وشاهداه، والمحلل والمحلل له، والمحتال على إسقاط فرائض الله وارتكاب محارمه، ومؤذي المسلمين ومتتبع عوراتهم، والحاكم بغير ما أنزل الله، والمفتي بغير ما شرع الله، والمعين على الإثم والعدوان، وقاتل النفس التي حرم الله، والملحد في حرم الله، والمعطل لحقائق أسماء الله وصفاته الملحد فيها، والمقدم رأيه وذوقه وسياسته على سنة رسول الله ، والنائحة والمستمع إليها، ونواحو جهنم، وهم المغنون الغناء الذي حرمه الله ورسوله، والمستمع إليهم والذين يبنون المساجد على القبور، ويوقدون عليها القناديل والسُرج، والمطففون في استيفاء ما لهم إذا أخذوه، وهضم ما عليهم إذا بذلوه، والجبارون، والمتكبرون، والمراءون، والهمازون واللمازون، والطاعنون على السلف، والذين يأتون الكهنة والمنجمين والعرافين فيسألونهم ويصدقونهم، وأعوان الظلمة الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، والذي خوفته بالله وذكرته به فلم يرعوِ ولم ينزجر، فإذا خوفته بمخلوق مثله خاف وارعوى وكف عما هو فيه، والذي يهدي بكلام الله ورسوله فلا يهتدي، ولا يرفع به رأساً، فإذا بلغه عمن يحسن به الظن ممن يصيب ويخطئ عض عليه بالنواجذ ولم يخالفه، والذي يقرأ القرآن فلا يؤثر فيه، وربما اشتغل به، فإذا سمع قرآن الشيطان ورقية الزنا ومادة النفاق طاب سره وتواجد وهاج من قلبه دواعي الطرب، وود أن المغني لا يسكت، والذي يحلف بالله ويكذب، فإذا حلف بالولي أو برأس شيخه أو أبيه أو حياة من يحبه ويعظمه من المخلوقين لم يكذب ولو هدد وعوقب، والذي يفتخر بالمعصية ويتكثر بها بين أقرانه، وهو المجاهر، والذي لا تأمنه على مالك وحرمتك، والفاحش اللسان الذي تركه الخلق اتقاء شره وفحشه، والذي يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها وينقرها ولا يذكر الله فيها إلا قليلاً، ولا يؤدي زكاة ماله طيبة بها نفسه، ولا يحج مع قدرته على الحج، ولا يؤدي ما عليه من الحقوق مع قدرته عليها، ولا يتورع من لحظِة ونظره ولا من لفظه ولا أكله ولا خطوِه، ولا يبالي بما حصل من المال من حلال أو حرام، ولا يصل رحمه، ولا يرحم المسكين ولا الأرملة ولا اليتيم، ولا يرحم الحيوان البهيم، بل يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين، ويرائي للعالمين، ويمنع الماعون، ويشتغل بعيوب الناس عن عيبه، وبذنوبهم عن ذنبه.
فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم، بحسب كثرتها وقلتها، وصغرها وكبرها. ما لم يغفر الله لهم ويتجاوز عنهم بتوبة أو رحمة منه تعالى.
ولما كان أكثر الناس كذلك، كان أكثر أصحاب القبور معذبين، والفائز منهم قليل، فظواهر القبور تراب، وبواطنها حسرات وعذاب، ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات، وفي باطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها، ويحق لها وقد حِيل بينها وبين شهواتها وأمانيها.
تالله لقد وعظت فما تركت لواعظ مقالاً، ونادت: يا عُمار الدنيا، لقد عمرتم داراً موشكة بكم زوالاً، وخربتم داراً أنتم مسرعون إليها انتقالاً، عمرتم بيوتاً لغيركم منافعها وسكناها، وخربتم بيوتاً ليس لكم مساكن سواها، هذه دار الاستباق، ومستودع الأعمال وبذر الزرع، وهذه محل للعبر، رياض من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.
أصلح الله لنا ولكم العاقبة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كيفية النجاة
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في هذا السياق: إن الأسباب المنجية من عذاب القبر من وجهين: مجمل، ومفصل.
أما المجمل فهو: تجنب الأسباب التي تقتضي عذاب القبر، ومن أنفع أسباب تجنب عذاب القبر: أن يجلس الإنسان عندما يريد النوم لله ساعةً يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحاً بينه وبين الله، فينام على تلك التوبة، ويعزم على ألا يعاود الذنب إذا استيقظ، ويفعل هذا كل ليلة، فإن مات من ليلته مات على توبة، وإن استيقظ استيقظ مستقبلاً للعمل مسروراً بتأخير أجله، حتى يستقبل ربه، ويستدرك ما فاته، وليس للعبد أنفع من هذه النومة، ولا سيما إذا عقب ذلك بذكر الله واستعمال السنن التي وردت عن رسول الله عند النوم، حتى يغلبه النوم، فمن أراد الله به خيراً وفقه لذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما الجواب المفصل: فنذكر أحاديث عن رسول الله فيما ينجي من عذاب القبر:
فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول الله يقول: { رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات أجري عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان }.
ومعنى الرباط: الإقامة بالثغر مقوياً للمسلمين على الكفار، والثغر: كل مكان يخيف أهله العدو ويخيفهم. والرباط فضله عظيم وأجره كبير، وأفضله ما كان في أشد الثغور خوفاً.
ومما ينجي من عذاب القبر ما دل عليه ما رواه النسائي عن رجل من أصحاب النبي أن رجلاً قال: ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: { كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة }.
وروى الترمذي وابن ماجه وغيرهما بسند صحيح عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، عن رسول الله قال: { للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه }، وهذا لفظ ابن ماجه وعند الترمذي: { ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجه من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه }. وهذا بعض فضل الجهاد في سبيل الله والاستشهاد فيه.
ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما ثبت عند أبي داود والترمذي وابن ماجه والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: { سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى غفر له }. فدل هذا الحديث وما جاء في معناه من الآثار على أن من حافظ على قراءة سورة الملك وداوم على ذلك وعمل بما دلت عليه؛ فإنها تنجيه من عذاب القبر.
ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما صح عن النبي أنه قال: { من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره } [رواه الترمذي] وهذا يحمل من أصيب بداء البطن أن يصبر ولا يجزع، ويحتسب الأجر عند الله، وأن يحتسبه أهله كذلك.
ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما رواه الإمام أحمد وغيره أن رسول الله قال: { ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله تعالى فتنة القبر }. وهذا محض فضل الله وتوفيقه لحسن الخاتمة.
ومما يستأنس به في هذا الباب: ما رواه ابن حبان في صحيحه وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: { إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره، فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه، فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قبلي مدخل. فيقال له: اجلس، فيجلس، وقد مثلت له الشمس وقد أدنيت للغروب، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: دعوني حتى أصلي، فيقولون: إنك ستفعل. أخبرنا عما نسألك عنه، أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم، ما تقول فيه؟ وماذا تشهد عليه؟ قال: فيقول: محمد، أشهد أنه رسول الله، وأنه جاء بالحق من عند الله، فيقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تُبعث إن شاء الله، ثم يُفتح له باب من أبواب الجنة، فيقال له: هذا مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها، فيزداد غبطة وسروراً، ثم يُفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: هذا مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها لو عصيته، فيزداد غبطة وسروراً، ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعاً، وينور له فيه، ويعاد الجسد لما بدأ منه، فتجعل نسمته في النسم الطيب، وهي طير يعلق في شجر الجنة }، قال: فذلك قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ إلى آخر الآية [إبراهيم:27]، ثم ذكر تمام الحديث.
حسنه الألباني في التعليقات الحسان .
قلت سيف بن دورة :
هو من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ومحمد بن عمرو يضعف في أبي سلمة .
محمد بن عمرو بن علقمه وإن كان حسن الحديث لكن قال بن خيثمة سئل بن معين عن محمد بن عمرو فقال ما زال الناس يتقون حديثه قيل له وما علة ذلك قال كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من روايته ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
وقد دل على ذلك أن تلك الأعمال من الصلاة والزكاة والصيام وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس من أسباب النجاة من عذاب القبر وكربه وفتنه.
والجامع في ذلك تحقيق التقوى لله تعالى، كما قاله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأحقاف:13].
اللهم اجعل قبورنا وإخواننا المسلمين رياضاً من رياض الجنة، وقنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، يا كريم، وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.”. انتهى كلامه رحمه الله بتصرف يسير.
تنبيه : قلت سيف بن دورة : بعض الأحاديث نرجي الحكم عليه في بحوث أخرى إن شاء الله .