: 1055 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين. وأبي عيسى عبدالله البلوشي
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
———-‘———‘———
الصحيح المسند (2 / رقم 1055):
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا همام عن قتادة عن يزيد بن عبد الله عن أخيه عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم: إثم المستبين ما قالا على البادئ حتى يعتدي المظلوم أو إلا أن يعتدي المظلوم شك يزيد.
حدثنا بهز حدثنا همام عن قتادة عن يزيد عن عياض بن حمار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المستبان شيطانان يتكاذبان ويتهاتران.
حدثنا بهز وعفان قالا حدثنا همام قال عفان في حديثه حدثنا قتادة عن يزيد أخي مطرف عن عياض بن حمار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إثم المستبين ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد ـ قال عفان ـ أو حتى يعتدي المظلوم.
قال الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح.
========
* الكلام يدور على الحديث من عدة أمور:
الأمر الأول: تخريج الحديث:
قلت سيف بن دورة:
الحديث ذكر اسانيده البيهقي وعزى كل لفظه لراويها (السنن الكبرى 10/ 397)
ولبعضه شاهد من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم) رواه مسلم. وروي ذلك في حديث أنس بن مالك. وفيه دلالة على جواز الانتصار من غير تعد ولا إظهار فحش، وحديث عائشة في قصة زينب بنت جحش رضي الله عنهما دليل على إباحة الإنتصار، حيث قالت: فلم تبرح زينب بنت جحش حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن انتصر. والعفو وترك الانتصار أولى. انتهى كلام البيهقي من السنن الكبرى بتصرف يسير في أوله.
وقع في رواية لأحمد 17628: يا رسول الله، أرأيت الرجل يشتمني وهو أنقص مني نسبا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان.
وفي رواية لأحمد 17622: قلت يا رسول الله، رجل من قومي يشتمني، وهو دوني علي بأس أن انتصر منه؟ قال: المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان.
الأمر الثاني: شرح الحديث وبيان ألفاظه:
قوله: ((المستبان)): المستبان من السب، أي: أن كل منهما يسب الآخر. والسب هو الشتم والتكلم في الإنسان بما يعيبه، ومنه اللعن.
قوله: ((ما قالا)): العائد محذوف، والتقدير: ما قالاه، فيكون الحديث معنى الحديث: “المستبان ما قالاه فإثمه على البادئ”.
وقوله: ((ما لم يعتد المظلوم)) أي: إذا اعتدى من سب بزيادة بالسباب فإن الإثم يكون عليه، مثاله: إذا قال إذا سب رجل آخر فقام الذي سُب بسبه وسب والديه، فهنا حصل إعتداء منه يكون عليه الإثم، لكن هل يكون عليه الإثم إثم السباب كله أو إثم ما زاد على السباب الذي إبتدأ به الأول؟ هذا محل خلاف بين العلماء والأقرب أنه يختص بأن الإثم يختص بالزيادة فقط.
قال النَّوويُّ رحمه الله: “معناه أنَّ إثم السُّباب الواقع مِن اثنين مختصٌّ بالبادئ منهما كلُّه، إلَّا أن يتجاوز الثَّاني قدر الانتصار، فيقول للبادئ أكثر ممَّا قال له”. [المنهاج (16/ 140 – 141)].
*قال العباد حفظه الله في شرح السنن:*
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب المستبان، يعني: اللذين يتسابان، وكل منهما يسب الآخر، هذا يسب هذا، وهذا يسب هذا.
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة: (المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم) ومعنى ذلك: أن من حصل منه البدء بالسب، فإن كان الذي أجابه لم يزد ولم يتجاوز، فإن الإثم على الأول منهما، والثاني ليس عليه إثم؛ لأنه عاقب بمثل ما عوقب به، وقد أُذن له بذلك، كما قال الله عز وجل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل:126] ثم قال: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل:126]، أي: أن الصبر أفضل من المعاقبة،
لكن إذا زاد الثاني الذي حصل له السب، فإنه يكون له نصيب من الإثم من أجل زيادته في السب؛ لأن كونه يجازي بمثل ما حصل له ليس عليه إثم، وإنما عليه إثم إذا زاد.
إذاً: إثم السب على البادئ منهما؛ لأنه هو السبب، والثاني ليس عليه إثم إذا كان لم يزد، ولكنه إذا زاد فإنه يكون له نصيب من الإثم بالزيادة، وهذا الذي في الحديث قريب من الحديث الذي سبق أن مر وفيه: (والسبتان بالسبة) أي: كون الإنسان يحصل له سبة ثم يأتي بسبتين.
الأمر الثالث: أبرز فوائد وأحكام الحديث:
أولا: إذا وقع سباب بين شخصين فإن الإثم جميعه يكون على البادئ بالسباب، فيكون عليه إثم السباب وإثم من سبه، وليس على من سبه إثم إذا لم يعتدي؛ لكونه مظلوما، فقد أذن الله تعالى في الانتصار له ممن ظلمه، كما قال سبحانه: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، ولقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل:126] ثم قال: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل:126]، أي: أن الصبر أفضل من المعاقبة
ولو أنه شتمه فشتمه الآخر بمثل ما شتمه فالإثم كله على الأول، وأما الثاني فليس عليه إثم.
*قال النووي رحمه الله في شرح مسلم:*
وفي هذا جواز الانتصار، ولا خلاف في جوازه، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة.
قال الله تعالى: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) وقال تعالى: (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) ومع هذا فالصبر والعفو أفضل.
قال الله تعالى: (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) وللحديث المذكور بعد هذا.
(ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا) واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق ولا يجوز للمسبوب أن ينتصر إلا بمثل ما سبه ما لم يكن كذبا أو قذفا أو سبا لأسلافه.
فمن صور المباح أن ينتصر بيا ظالم يا أحمق، أو جافي، أو نحو ذلك، لأنه لا يكاد أحد ينفك من هذه الأوصاف.
قالوا: وإذا انتصر المسبوب استوفى ظلامته، وبرئ الأول من حقه، وبقي عليه إثم الابتداء، أو الإثم المستحق لله تعالى.
وقيل: يرتفع عنه جميع الإثم بالانتصار منه، ويكون معنى على البادئ أي عليه اللوم والذم لا الإثم.
فرع: مسألة: هل يدخل في هذا اللعن؟ لو قال: لعنك الله، قال: بل لعنك الله أنت مثلا، نعم الإثم كله على الأول والثاني ما عليه شيء، الثاني ليس عليه إثم اللعن – هو أبرز صور السب – كما هو بين في الألفاظ، وكل كلام قبيح أيضا يدخل في السب، لكن أبرز صوره اللعن.
ثانيا: أن من سُب فاعتدى في الجواب بأن زاد على السباب الذي قيل في حقه، كأن يسبه رجل فيسبه ويسب والديه، فعلى من سب إثم الزيادة على السب الذي قيل بحقه، يعني في المثال السابق: لما سبه قام أجابه بأن سبه وسب والديه، فسبه هو ليس عليه إثم، لكن عليه الإثم بسب والديه على القول الراجح.
ثالثا: أن السب ليس من أخلاق المؤمنين؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ابن مسعود ((ليس المؤمن باللعان ولا بالطعان ولا الفاحش ولا البذيء)) [الترمذي: 1977، وقال الألباني: صحيح] أخرجه أحمد بسند صحيح.
والأفضل في حق من سب الصبر والعفو؛ لقول الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأصلحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40].
تنبيه: لكن قال بعض أهل العلم:
إنه ينبغي في هذه الحال أن يبين له أنه قادر على الرد ولكن تركه لله تعالى؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ((إن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم)) [البخاري: 1805 – مسلم: 2762]؛ ولأن مجرد سكوته قد يظن الساب بأنه تركه ضعفا؛ واستدلوا لذلك بقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إذا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى:39] قاله الله تعالى على سبيل المدح لهم، أي: أن فيهم قوة الإنتصار ممن اعتدى عليهم وظلمهم وليسوا بعاجزين، ولكنهم إذا قدروا عفوا؛ ولهذا قال ابراهيم النخعي: -رحمه الله- ” كانوا – يعني السلف الصالح – كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفوا “، وهذا معنى الآية {وَالَّذِينَ إذا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى:39].
يعني مثلا: إنسان اعتدى عليك بسباب وكلام فاحش فينبغي أن تطالب بحقك، لكن إذا قدرت تعفو لله تعالى؛ لأن هذا فيه رسالة أولا فيه: نوع من إنكار المنكر.
وفيه أيضا: ردع له من أن يتعدى على غيرك.
وفيه أيضا: إظهار للعزة وعدم الذلة.
وفيه: تحقيق للعفو الذي دعت إليه الشريعة.
رابعا: أن المتسبب في الإثم يكون عليه مثل إثم المباشر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((المستبان ما قالا)) فعلى البادئ فالراد على السباب مباشر، ولكن سبب رده البادئ أولا فجعل إثمه عليه، وعلى هذا فكل من تسبب في معصية غيره كان عليه من الإثم مثل آثام من وقع في المعصية. [انظر شرح العباد لباب المستبان من سنن أبي داود، وشرح الخثلان لحديث:)) المستبَّان ما قالا، فعلى البادئ، ما لم يعتد المظلوم))].
الأمر الرابع: بعض الأحكام المتعلقة بالسب واللعن:
1 – تحريم سب الصحابة – رضي الله عنهم -؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه)) [رواه البخاري].
قال النووي – رحمه الله – في (شرح صحيح مسلم): واعلم أن سب الصحابة – رضي الله عنهم – حرام من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره، لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون .. .
أما عقوبة ذلك فقوله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله من سب أصحابي)). [رواه الطبراني].
2 – تحريم سب المسلم ولعنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)).
[رواه البخاري].
وقوله عليه الصلاة والسلام: ((لعن المؤمن كقتله)) [رواه البخاري].
واللعن هو: الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
وقد تعود اللعنة إلى صاحبها كما جاء في الحديث: ((من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه)). [رواه الترمذي]. الصحيحة 528
قلت سيف بن دورة: ورد من حديث أبي الدرداء أنها ترتفع إلى السماء وترجع إلى الملعون فإن لم تجده أهلا رجعت على صاحبها وذكرنا في تخريج سنن أبي داود 4905 رجح رواية الإرسال عن أبي عمير
لكن قلنا ان المرسل شاهد لحديث ابن عباس:
4910 – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبَانُ ح وَحَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِىُّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ – قَالَ زَيْدٌ – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً لَعَنَ الرِّيحَ – وَقَالَ مُسْلِمٌ إِنَّ رَجُلاً نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَعَنَهَا – فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ تَلْعَنْهَا فَإِنَّهَا مَامُورَةٌ وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ».
———
استغربه الترمذي قال المنذري قال الترمذي: غريب لا نعلم أحداً أسنده غير بشر بن عمر، وصححه الألباني الصحيحة 528. ويشهد له أول حديث في الباب
وورد ذلك في التكفير كذلك، حديث (من قال لرجل يا كافر، فإن كان كما قال وإلا حارت عليه). انتهى من تخريجنا لسنن أبي داود
قلت سيف بن دورة:
قال الألباني في الضعيفة: وهذا الحديث: في السنة أحاديث كثيرة طيبة … في تأديب المؤمن وتهذيبه حتى في لسانه، فلا يسب شيئا – فضلا عن لعنه – مثل سب الدهر والديك والريح ونحو ذلك مما يدخل في دائرة التكليف والاختيار، وإن من أجمعها قوله صلى الله عليه وسلم. فذكر حديث من لعن شيئا ليس له أهل رجعت عليه اللعنة.
راجع الضعيفة 6410
ثم من لعن مؤذي المسلمين في طرقاتهم لا ترجع عليه اللعنة لحديث (من آذى المسلمين في طرقاتهم وجبت عليه لعنتهم)
ومنه حديث اتقوا اللعانين. قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلَّى في طريق الناس أو في ظلمهم متفق عليه
وإن كان الأفضل أن لا يلعن لحديث: ليس المسلم باللعان ولا الطعان ولا الفاحش البذيء.
أما لفظ ( … وجبت عليه لعنتهم) ليس معناه وجوب لعنه، لكن معناه إن لعنوه استحق ذلك.
ويجوز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين كما جاء في الحديث: ((لعن الله آكل الربا)) و ((لعن الله من لعن والديه)) و ((لعن الله من ذبح لغير الله)). [رواه مسلم].
3. تحريم سب الدهر لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر)). [رواه مسلم].
ومعنى: ((فإن الله هو الدهر)) أي: فاعل النوازل والحوادث.
4 – النهي عن سب الريح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الريح، فإنها من روح الله تعالى، تأتي بالرحمة والعذاب، ولكن سلوا الله من خيرها، وتعوذوا بالله من شرها)). [رواه مسلم].
5 – النهي عن سب الأموات؛ لقوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم} وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تؤذوا مسلماً بشتم كافر)) [رواه الحاكم].
6 – إن سب الشيطان ليس فيه فائدة؛ لأنه ملعون، ولكن الواجب التعوذ بالله من شره دائماً؛ كما جاء في الحديث: ((لا تسبوا الشيطان، وتعوذوا بالله من شره)). [صحيح الجامع الصغير].
7 – النهي عن سب الحمى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأم السائب أو أم المسيب: ((لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد)). [رواه مسلم].
8 – النهي عن سب الدابة؛ كما جاء في الحديث: ((بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: خذوا ما عليها، ودعوها فإنها ملعونة)). قال عمران (الراوي): فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. [رواه مسلم].
ويدخل في ذلك لعن المركبات الحديثة. [انظر: (ذكر وتذكير)، للدكتور: أ. د صالح السدلان].
——”’——
____________
*وفي كتاب الأدب، من صحيح البخاري رحمه الله، باب ما ينهى من السباب واللعن*
وتحته أحاديث:
# عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ تَابَعَهُ.
# عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لاَ يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالفُسُوقِ، وَلاَ يَرْمِيهِ بِالكُفْرِ، إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ.
# عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلاَ لَعَّانًا، وَلاَ سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ.
# أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ.
# رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَقَالَ: أَتُرَى بِي بَاسٌ، أَمَجْنُونٌ أَنَا، اذْهَبْ.
# عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَ النَّاسَ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، وَإِنَّهَا رُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالخَامِسَةِ.
# عَنِ المَعْرُورِ هُوَ ابْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا، وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدًا،
فَقُلْتُ: لَوْ أَخَذْتَ هَذَا فَلَبِسْتَهُ كَانَتْ حُلَّةً، وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ، فَقَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْهَا،
فَذَكَرَنِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: أَسَابَبْتَ فُلاَنًا قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ قُلْتُ عَلَى حِينِ سَاعَتِي: هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ؟
قَالَ: نَعَمْ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَاكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ يُكَلِّفُهُ مِنَ العَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ.
________
وحديث أبي ذر رضي الله عنه الأخير، أورده البخاري رحمه الله كذلك في كتاب الإيمان، باب: المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك
*قال العيني رحمه الله في عمدة القاري:*
وقال الكرماني: وفي ثبوت غرض البخاري منه الرد عليهم دغدغة، إذ لا نزاع لهم في أن الصغيرة لا يكفر صاحبها، والتعيير بنحو: يا ابن السوداء، صغيرة.
قلت: يشير الكرماني بكلامه هذا إلى عدم مطابقة الحديث للترجمة، وليس كذلك، فإنه مطابق لأن التعيير بالأم أمر عظيم عندهم، لأنهم كانوا يتفاخرون بالأنساب وهذا ارتكاب معصية عظيمة، ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ يدل على أشد الإنكار.
________