1050 1048 رياح المسك العطرة بفوائد الأصحاب المباركة على صحيح البخاري؛؛
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة.
مجموعة حسين البلوشي
””””””””””””””””
صحيح البخاري
بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَوِّفُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالْكُسُوفِ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1048 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ
وَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ وَتَابَعَهُ مُوسَى عَنْ مُبَارَكٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ وَتَابَعَهُ أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ.
______
نستفيد من الحديث عدة فوائد:
1_ استحباب تذكير الناس عند الخسوف وأن الأمر ليس بهين
لذلك يقول الحافظ البيهقي في السنن الكبرى:
يُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ مِنْ حَضِّ النَّاسِ
عَلَى الْخَيْرِ وَأَمْرِهِمْ بِالتَّوبَةِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِنَوَافِلِ الْخَيْرِ فِى خُطْبَةِ الْخُسُوفِ
وبوب الإمام النسائي رحمه الله:
الأمر بالاستغفار في الكسوف
2_ وفي الحديث بيان سبب الكسوف وأنه لتخويف العباد
لذلك بوب الإمام ابن خزيمة رحمه الله:
باب ذكر الخبر الدال على أن كسوفهما تخويف من الله لعباده قال الله عز و جل {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا}.
3_ وفي الحديث بيان خطأ من يفرح بالكسوف من عامة الناس ويجلس ويشاهد الكسوف كأنه منظر جميل وما شابه ذلك.
حتى ذهب بعض العلماء إلى وجوب ذكر الله عز وجل واستغفاره
بوب الحافظ أبو عوانة رحمه الله في مسنده:
ذكر وجوب ذكر الله واستغفاره عند الكسوف
4_ وفيه الرد على أهل الهيئة القائلين بأن الكسوف أمر عادي
يقول العيني في شرح البخاري:
قوله ولكن الله يخوف بهما وفي رواية الكشميهني ولكن الله يخوف قوله يخوف فيه رد على أهل الهيئة حيث يزعمون أن الكسوف أمر عادي لا يتأخر ولا يتقدم فلو كان كذلك لم يكن فيه تخويف فيصير بمنزلة الجزر والمد في البحر.
قلت سيف: كذا قرر: لكن ابن حجر قال: قال ابن دقيق العيد: أن لله أفعالا على حسب العادة وأفعالا خارجة عن ذلك، وقدرته حاكمة على كل سبب فله أن يقتطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض، وإذا ثبت ذلك فالعلماء لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شئ غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد، وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقها. وحاصله أن الذي يذكره أهل الحساب حقا في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوفا لعباد الله. انتهى
قال ابن باز: ما قاله ابن دقيق العيد هنا تحقيق جيد. قد ذكر من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ما يوافق ذلك وأن الله سبحانه قد جرى العادة بخوف الشمس والقمر لأسباب معلومة يعقلها أهل الحساب، والواقع شاهد بذلك، ولكن لا يلزم أن يصيب أهل الحساب في كل ما يقولون بل قد يخطئون … والتخويف بذلك حاصل.
5_ هنا نكتة مهمة تعرف ببقية الروايات التي فيها فزع النبي صلى الله عليه وسلم.
أنه كان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم إذا حصل تغيُّرٌ في العوالم الكونية، من ريح شديدة، أو رَعْد قاصف، أو كسوف أو خسوف، حصل عنده خوف من عذاب الله تعالى أن يحل بهذه الأمة ما حل بالأمم السابقة ممن أهلك بالصواعق أو الريح أو الطوفان.
ولذا لما حصل خسوف الشمس، قام فزعاً، لأن معرفته الكاملة بربه، أوجبت له أن يصير منه عظم الخوف وشدة المراقبة لله. (قاله البسام في شرح العمدة بمعناه دون الفقرة الأولى)
6_ في الحديث إزالة ما علق بأذهان أهل الجاهلية من أن الكسوف والخسوف، أو انقضاض الكواكب، إنما هو لموت العظماء أو لحياتهم. (قاله البسام في شرح العمدة)
7_ وفي الحديث حرص النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله وفيه إخلاصه ونصحه صلى الله عليه وسلم إذ بين لهم أن هذه الآيات من الله لا من غير الله.
8_ وفي الحديث أن الداعية إذا عرف أن الناس وقعوا في بعض الشركيات أو البدع أو قد يقعون في ذلك لحادثة أن يبين الأمر وينصح الناس.
9_ وفي الحديث بيان كمال قدرة الله عز وجل وعظمته وحكمته وأن الشمس والقمر مع عظمهما تحت قهر الله وقدرته ومشيئته سبحانه وتعالى.
10_وفي الحديث أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت:37]
والآيات يراد بها الدلالات والبراهين التي يعرف ما وراءها، فأنت تستدل بهذه الشمس وطلوعها وغروبها وسيرها سيراً معتدلاً لا تختلف فيه بوقت من الأوقات على أن لها مدبراً، وأن لها مصرفاً، ولها آمراً، ولها خالقاً، لا تتأخر ولا تتقدم عن موعدها، فلا شك أن هذا تقدير العزيز العليم قال الله تعالى: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس:40].
وبما أنك تعلم أن للعالم خالقا مدبرا آمرا فلابد أن تعبده وتوحده لكماله سبحانه وتعالى.
11_ ومن الآيات القرآنية التي تطابق ما جاء في الحديث قوله الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء:59]
جاء في تفسير الطبري: عن قتادة، قوله (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا) وإن الله يخوّف الناس بما شاء من آية لعلهم يعتبرون، أو يذكَّرون، أو يرجعون، ذُكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود، فقال: يأيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه.
وجاء في تفسير ابن كثير رحمه الله:
وهكذا رُوي أن المدينة زُلزلت على عهد عمر بن الخطاب مرات، فقال عمر: أحدثتم، والله لئن عادت لأفعلن ولأفعلن.
12_ وفي الحديث أن على الناس أن يظهروا أثر الخوف، وأن يظهروا المخافة الشديدة من الله كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وأن يأتوا بما يستطيعونه من العبادات لأن الله عز وجل جعل هذه للتخويف فكيف لا يخاف العبد ولا يبالي؟!!
13_ وينبغي ان يعلم طالب العلم أن الآيات التي يخوف الله بها عباده ليست محصورة في الشمس والقمر بل هي كثيرة منها:
الصواعق والبرق والزلازل والرياح الشديدة والغرق.
14_ وبمثل هذه الأحاديث يُعرف أن الشريعة مشتملة على ما يذكر الإنسان بعبادة الله عز وجل، وأن الله تعالى هو المعبود في كل وقت وفي كل حال، وأنه كلما حدثت آية فزع العباد إلى ربهم وخافوه، وعرفوا أنه هو الملجأ وحده، لا ملجأ ولا منجى من ألمه ومن عذابه ومن آياته ومن أسباب سخطه إلا بالفزع إليه.
15 قلت سيف:
ومنه تذكر صواعق القرآن قال السعدي في تفسيره:
قال تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} يعني: أو مثلهم كصيب، أي: كصاحب صيب من السماء، وهو المطر الذي يصوب، أي: ينزل بكثرة، {فِيهِ ظُلُمَاتٌ} ظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمات المطر، {وَرَعْدٌ} وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، {وَبَرْقٌ} وهو الضوء [اللامع] المشاهد مع السحاب.
{كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} البرق في تلك الظلمات {مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أي: وقفوا.
فهكذا حال المنافقين، إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده، جعلوا أصابعهم في آذانهم، وأعرضوا عن أمره ونهيه ووعده ووعيده، فيروعهم وعيده وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم، ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد، ويجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت، فهذا تمكن له السلامة. وأما المنافقون فأنى لهم السلامة، وهو تعالى محيط بهم، قدرة وعلما فلا يفوتونه ولا يعجزونه، بل يحفظ عليهم أعمالهم، ويجازيهم عليها أتم الجزاء.
ولما كانوا مبتلين بالصمم، والبكم، والعمى المعنوي، ومسدودة عليهم طرق الإيمان، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} أي: الحسية، ففيه تحذير لهم وتخويف بالعقوبة الدنيوية، ليحذروا، فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم، {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فلا يعجزه شيء، ومن قدرته أنه إذا شاء شيئا فعله من غير ممانع ولا معارض.
16_ والتفاعل مع آيات الله سبب من أسباب تجدد الإيمان
فتفاعل القلب مع هذه الآيات والفزع منها يجدد الإيمان في القلب، ويذكر بعذاب الله وبعظمته سبحانه وتعالى.
17_ وفيه أن الكسوف سبب لحصول الضرر بالناس
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وهذا بيان منه صلى الله عليه وسلم أنهما سبب لنزول عذاب بالناس فإن الله إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه وعصوا رسله وإنما يخاف الناس مما يضرهم فلولا إمكان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفا اهـ (مجموع الفتاوى والرسائل)
18_ وفي الحديث الرد على منكري تأثير حركات الفلك في الحوادث [مطلقا.]
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وهذا الأصل قد تقابلوا فيه هم والمبتدعة من أهل الكلام فأولئك يقولون ليس لشيء من حركات الفلك تأثير في هذا العالم ولا شيء منها سبب في حدوث شيء بل يطردون هذا في جميع الموجودات فلا يجعلون الله خلق شيئا لسبب ولا لحكمة ولا يجعلون للإنسان قدرة تؤثر في مقدورها ولا لشيء من الأجسام طبيعة ولا غريزة بل يقولون فعل عنده لا به وخالفوا بذلك الكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة وصرائح العقول …. إلى أن قا
والعلماء متفقون على إثبات حكمة الله في خلقه وامره واثبات الاسباب والقوى كما قد ذكرنا اقوالهم في موضعها وليس من السلف من انكر كون حركات الكواكب قد تكون من تمام اسباب الحوادث كما ان الله جعل هبوب الرياح ونور الشمس والقمر من اسباب الحوادث
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله لا تنكسفان لموت احد ولا لحياته ولكنهما ايتان من ايات الله يخوف الله بهما عباده فاذا رايتموهما فافزعوا الى الصلاة
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكسوف بالصلاة والذكر والدعاء والصدقة والعتاقة والإستغفار وكذلك عند سائر الآيات التي يخوف الله بها عباده ….. إلى أن قا
وبين أن ذلك من آيات الله التي يخوف بها عباده
والتخويف إنما يكون بما يكون سببا للشر قال تعالى (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) فلو كان الكسوف وجوده كعدمه بالنسبة الى الحوادث لم يكن سببا لشر وهو خلاف نص الرسول صلى الله عليه وسلم
وأيضا في السير أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر الى القمر وقال لعائشة يا عائشة تعوذي بالله من شر هذا فإن هذا هو الغاسق إذا وقب والاستعاذة إنما تكون مما يحدث عنه شر
وأمر صلى الله عليه وسلم عند انعقاد أسباب الشر بما يدفع موجبها بمشيئتة الله تعالى وقدرته من الصلوة والدعاء والذكر والإستغفار والتوبة والإحسان بالصدقة والعتاقة فإن هذه الأعمال الصالحة تعارض الشر الذي انعقد سببه كما في الحديث أن الدعاء والبلاء ليلتقيان بين السماء والارض فيعتلجان
وهذا كما لو جاء عدو فإنه يدفع بالدعاء وفعل الخير وبالجهاد له واذا هجم البرد يدفع باتخاذ الدفء فكذلك الأعمال الصالحة والدعاء
وهذا ما اتفق عليه الملل واساطين الفلاسفة
(الرد على المنطقيين)
قلت سيف:
تنبيه: ذكر ابن حجر سبب حصول الكسوف بعد ذكر ما هو مشهور في هذه الأزمنة من أن القمر يحجب الشمس، ونقل استشكال بعضهم أن القمر جرمه صغير فكيف يحجب الشمس؟ وقال: سبب آخر: وهو حديث إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله، وأن الله إذا تجلى لشئ من خلقه خشع له) انتهى
لكنه ضعيف حكم عليه الألباني بالإضطراب في صفة الصلاة ص76، وله شواهد ضعيفة في سنن الدارقطني.
”””””””’
[بَاب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي الكسوف]
1049 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا فَقَالَتْ لَهَا أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي قُبُورِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ
1050 ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا فَخَسَفَتْ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْحُجَرِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ وَانْصَرَفَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
· … بعض الإشكالات في عذاب القبر
1_ ورد في بعض الأحاديث نفي النبي صلى الله عليه وسلم عذاب القبر عن أهل الإسلام فكيف الجمع؟
قال المحدث الطحاوي رحمه الله في شرح مشكل الآثار: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَدْءًا دَفْعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، وَأَمْرُهُ النَّاسَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَكَانَ دَفْعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ بَدْءًا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ أَنَّ النَّاسُ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، ثُمَّ أُوحِيَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ: أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ اهـ
2_ إشكال آخر كيف يدفع النبي صلى الله عليه وسلم خبر اليهودي في عذاب القبر مع ما ورد أن لا نكذب أهل الكتاب ولا نصدقهم فقد نكذب ما هو صدق أو نصدق ما هو كذب؟
قال العلامة الطحاوي رحمه الله في شرح مشكل الآثار:
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالِالْتِفَاتِ إِلَى مَا حَدَّثَهُ بِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ، ثُمَّ أُمِرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْوُقُوفِ عِنْدَهُ، وَتَرْكِ التَّصْدِيقِ بِهِ، وَالتَّكْذِيبِ لَهُ، فَكَانَ مَا حَدَّثُوهُ بِهِ لَهُ دَفْعُهُ، كَمَا لِلرَّجُلِ دَفْعُ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ حَقًّا اهـ.
3_ وقد استشكل ذلك بأن قوله تعالى يثبت الله الذين آمنوا وقوله تعالى النار يعرضون عليها غدوا وعشيا مكية والنبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم عن عذاب القبر إلا في المدينة.
قال الحافظ ابن حجر رمه الله في الفتح:
والجواب أن عذاب القبر إنما يؤخذ من الأولى بطريق المفهوم في حق من لم يتصف بالإيمان وكذلك بالمنطوق في الأخرى في حق آل فرعون وأن إلتحق بهم من كان له حكمهم من الكفار فالذي أنكره النبي صلى الله عليه و سلم إنما هو وقوع عذاب القبر على الموحدين ثم أعلم صلى الله عليه و سلم أن ذلك قد يقع على من يشاء الله منهم فجزم به وحذر منه وبالغ في الاستعاذة منه تعليما لأمته وارشادا فانتفى التعارض بحمد الله تعالى اهـ.
· … فوائد الحديث:
1_ في هذا الحديث دليل على أن عذاب القبر تعرفه اليهود وذلك والله أعلم في التوراة لأن مثل هذا لا يدرك بالرأي (قاله الإمام ابن عبد البر في التمهيد)
2_ قوله (ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر) قال الزين بن المنير مناسبة ذلك أن ظلمة النهار بالكسوف تشابه ظلمة القبر وإن كان نهارا والشيء بالشيء يذكر فيخاف من هذا كما يخاف من هذا فجعل الاتعاظ بهذا في التمسك بما ينجي من غائلة الأخرى (شرح الزرقاني)
3_ وفيه: أن عذاب القبر حق، وأهل السنة مجمعون على الإيمان به والتصديق، ولا ينكره إلا مبتدع. (قاله ابن بطال في شرح البخاري)
والأحاديث متواترة في عذاب القبر فقد روي عن
أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وعن أبي أيوب وأسماء وعائشة رضي الله عنهم وقد سرد الحافظ الحكمي 60 حديثا في معارج القبول
4_ قوله: (فرجع ضحى، فمر بين ظهرانى الحُجَر ثم قام يصلى)
قال ابن بطال في شرح البخاري:
فإن العلماء اختلفوا فى وقتها
فقال مالك فى المدونة: إنها إنما تصلى ضحوة النهار، ولا تصلى بعد الزوال
وروى على بن زياد، عنه: لا تصلى بعد العصر، ولكن يجتمع الناس فيدعون ويتصدقون ويرغبون
وروى عنه ابن وهب أنها تصلى فى وقت صلاة، وإن كان بعد الزوال، وقال ابن حبيب: وهكذا أخبرنى ابن الماجشون، ومطرف، وأصبغ، وابن عبد الحكم، وأنكروا رواية ابن القاسم، وبهذا قال الكوفيون: لا تصلى فى الأوقات المنهى عن الصلاة فيها لورود النهى بذلك وتصلى فى سائر الأوقات، وهو قول ابن أبى مليكة، وعطاء، وجماعة. وقال الشافعى: تصلى فى كل وقت نصف النهار وبعد العصر، وبعد الصبح، وهو قول أبى ثور، وقالوا: نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن الصلاة بعد الصبح والعصر إنما هو عن النافلة المبتدأة لا عن المكتوبات والمسنونات. وعند أهل المقالة الأولى النهى عن الصلاة المسنونة كنهيه عن النافلة المبتدأة
5_ وصلاة الكسوف في المسجد هو الذى عليه العلماء، وذكر ابن حبيب أن للإمام إن شاء أن يصليها فى المسجد تحت سقفه أو فى صحنه، وإن شاء خارجًا فى البراز، وقاله أصبغ.
6_ فيه دليل على أن عائشة لم تكن تعلم بعذاب القبر لأنها كانت تعلم أن العذاب والثواب إنما يكونان بعد البعث (راجع شرح العيني على البخاري)
7_ وَقَوْلُهُ: (ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ) يَقْصِدُ بِهِ تَعْظِيمَ كَلَامِهِ وَمُبَالَغَتَهُ فِيمَا قَصَدَ إِلَى الْكَلَامِ بِهِ.