105 لطائف التفسير والمعاني
نورس وعبدالله البلوشي أبوعيسى وأبو صالح حازم ومحمد بن سعد وأحمد بن علي ومسعود الحبسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
لطيفة:
للرجال على النساء درجة.
قال تعالى:
(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُو ء وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَ ا لِكَ إِنْ أَرَادُو ا إِصْلَاح ا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
[سورة البقرة 228]
أعطى الله تعالى الزوج حق إرجاع زوجته أثناء العدة إن لم تكن قد بانت، فقال سبحانه:
(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحاً)
بعد ذلك قرر سبحانه وتعالى قاعدة عظيمة من قواعد الحياة الزوجية، وتعتبر أساسا من أسس التعامل بين الزوجين، ومن الأركان العظيمة في قيام الأسر على العدل والرحمة.
فقال سبحانه وتعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
يقول ابن كثير رحمه الله “تفسير القرآن العظيم” (1/ 363):
” أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف.
وقال ابن كثير: وقوله وللرجال عليهن درجة أي في الفضيلة في الخلق والخلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم [النساء: (34)].
– ما قالوا في قوله تعالى {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} وقوله تعالى {وللرجال عليهن درجة}
قال ابن أبي شيبة:
19608 – حدثنا وكيع , قال: حدثنا بشير بن سلمان , عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة؛ لأن الله تعالى يقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}
وما أحب أن أستنطف حقي عليها؛ لأن الله تعالى يقول: {وللرجال عليهن درجة}
قال البيهقي في سننه الكبرى
14728 – أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى بن الفضل قالا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا أحمد بن عبد الجبار، ثنا وكيع، عن بشير بن مهاجر، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ” إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تزين لي؛ لأن الله عز وجل يقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}
[البقرة: 228]
وما أحب أن تستطف جميع حق لي عليها؛ لأن الله عز وجل يقول: {وللرجال عليهن درجة} [البقرة: 228]
قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان:
قوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة)
لم يبين هنا ما هذه الدرجة التي للرجال على النساء، ولكنه أشار لها في موضع آخر وهو قوله تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم [4\ 34] فأشار إلى أن الرجل أفضل من المرأة ; وذلك لأن الذكورة شرف وكمال، والأنوثة نقص خلقي طبيعي، والخلق كأنه مجمع على ذلك ; لأن الأنثى يجعل لها جميع الناس أنواع الزينة والحلي، وذلك إنما هو لجبر النقص الخلقي الطبيعي الذي هو الأنوثة، بخلاف الذكر فجمال ذكورته يكفيه عن الحلي ونحوه.
وقد أشار تعالى إلى نقص المرأة وضعفها الخلقيين الطبيعيين بقوله: أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين [43\ 18]
وفي تفسير ابن عطيه:
وقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، قال ابن عباس: «ذلك في التزين والتصنع والمؤاتاة»، وقال الضحاك وابن زيد: ذلك في حسن العشرة وحفظ بعضهم لبعض وتقوى الله فيه، والآية تعم جميع حقوق الزوجية، وقوله وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ قال مجاهد وقتادة: ذلك تنبيه على فضل حظه على حظها في الجهاد والميراث وما أشبهه، وقال زيد بن أسلم وابنه: ذلك في الطاعة، عليها أن تطيعه وليس عليه أن يطيعها، وقال عامر الشعبي: «ذلك الصداق الذي يعطي الرجل، وأنه يلاعن إن قذف وتحد إن قذفت»، فقال ابن عباس: «تلك الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة والتوسع للنساء في المال والخلق»، أي إن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه، وهذا قول حسن بارع، وقال ابن إسحاق:
«الدرجة الإنفاق وأنه قوام عليها»، وقال ابن زيد: «الدرجة ملك العصمة وأن الطلاق بيده»، وقال حميد:
«الدرجة اللحية».
وقال القاضي أبو محمد: وهذا إن صح عنه ضعيف لا يقتضيه لفظ الآية ولا معناها، *وإذا تأملت هذه الوجوه التي ذكر المفسرون فيجيء من مجموعها درجة تقتضي التفضيل* …..
تنبيه 1: بعض من يدعو لمساواة الرجال والنساء جعل قول: ابن عباس: «ذلك في التزين والتصنع والمؤاتاة»
لقوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) وإنما هو لقوله تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
تنبيه 2:
قال صاحبنا: حازم
نقل السيوطي الأثر في الدر المنثور بلفظ
” ما أحب أن أستوفي جميع حقي عليها”
كأن أستنظف = أستوفي
يقول صاحب “التحرير والتنوير” (1/ 643):
” وفي هذا الاهتمام مقصدان:
أحدهما: دفع توهم المساواة بين الرجال والنساء في كل الحقوق، توهما من قوله آنفا (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).
وثانيهما: تحديد إيثار الرجال على النساء بمقدار مخصوص؛ لإبطال إيثارهم المطلق الذي كان متَّبَعا في الجاهلية.
وهذه الدرجة هي ما فضل به الأزواج على زوجاتهم:
من الإذن بتعدد الزوجة للرجل دون أن يؤذن بمثل ذلك للأنثى، وذلك اقتضاه التزيد في القوة الجسمية، ووفرة عدد الإناث في مواليد البشر.
ومن جَعْلِ الطلاق بيد الرجل دون المرأة والمراجعة في العدة كذلك، وذلك اقتضاه التزيد في القوة العقلية وصدق التأمل.
وكذلك جعل المرجع في اختلاف الزوجين إلى رأي الزوج في شئون المنزل؛ لأن كل اجتماع يتوقع حصول تعارض المصالح فيه يتعين أن يجعل له قاعدة في الانفصال والصدر عن رأي واحد معين من ذلك الجمع، ولما كانت الزوجية اجتماع ذاتين لزم جعل إحداهما مرجعا عند الخلاف، ورجح جانب الرجل لأن به تأسست العائلة؛ ولأنه مظنة الصواب غالبا، ولذلك إذا لم يمكن التراجع واشتد بين الزوجين النزاع لزم تدخل القضاء في شأنهما، وترتب على ذلك بعث الحكمين كما في آية (وإن خفتم شقاق بينهما) ” انتهى.
و المرجع في تحديد هذه الحقوق والواجبات هو (المعروف) كما ذكرت الآية:
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: ” وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة.
ومرجع الحقوق بين الزوجين ويرجع إلى المعروف وهو: العادة الجارية في ذلك البلد وذلك الزمان من مثلها لمثله، ويختلف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص والعوائد.
وفي هذا دليل على أن النفقة والكسوة والمعاشرة والمسكن وكذلك الوطء – الكل يرجع إلى المعروف فهذا موجب العقد المطلق، وأما مع الشرط فعلى شرطهما، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا ” انتهى
———-
يقول تعالى: (الرجال قوَّامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم … ) [النساء:34]
قال الشيخ السعدي –رحمه الله-:” يخبر تعالى أن الرِّجَال (قوَّامون على النساء) أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن، ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: (بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) أي: بسبب فضل الرجال على النساء و إفضالهم عليهن، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع، وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء”.تفسير السعدي (ص177
قال ابن كثير في التفسير: يقول تعالى: ﴿الرجال قوامون على النساء﴾ أي: الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ﴿بما فضل الله بعضهم على بعض﴾ أي: لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة؛ ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الأعظم؛ لقوله ﷺ: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك.
——
ليس الذكر كالأنثى:
قال السعدي: في قوله تعالى {وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم} فيه دلالة على تفضيل الذكر على الأنثى.
——
وفضل الرجال في الميراث
{يوصيكُمُ اللَّهُ في أَولادِكُم لِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ فَإِن كُنَّ نِساءً فَوقَ اثنَتَينِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِن كانَت واحِدَةً فَلَهَا النِّصفُ وَلِأَبَوَيهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِن كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَم يَكُن لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كانَ لَهُ إِخوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعدِ وَصِيَّةٍ يوصي بِها أَو دَينٍ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم لا تَدرونَ أَيُّهُم أَقرَبُ لَكُم نَفعًا فَريضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَليمًا حَكيمًا}
[النساء: (11)]
وقال تعالى: {يَستَفتونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفتيكُم فِي الكَلالَةِ إِنِ امرُؤٌ هَلَكَ لَيسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُختٌ فَلَها نِصفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِن لَم يَكُن لَها وَلَدٌ فَإِن كانَتَا اثنَتَينِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ وَإِن كانوا إِخوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم أَن تَضِلّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ}
[النساء: (176)]
——
والخطابات الموجهه في القرآن التي تشمل الجنسين؛ قدم فيها ذكر الرجال
قال تعالى (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَة وَأَجْرًا عَظِيما)
[سورة الأحزاب 35]
قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَة فِي جَنَّاتِ عَدْن وَرِضْوَان مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَالِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
[سورة التوبة 72]
وقال تعالى: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَالِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
[سورة الحديد 12]
وقال تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم * إن الله عليم خبير) [الحجرات: 13]
قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)) النساء
——
وشهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين:
وقال تعالى: (فاستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) [البقرة: 282].
——
لا يتمنى أحد ما ليس بممكن له:
و قال تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} النساء-32
قال ابن كثير: والآية نهت عن تمني عين نعمة هذا، فقال: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) أي: في الأمور الدنيوية، وكذا الدينية أيضا لحديث أم سلمة وابن عباس. وهكذا قال عطاء بن أبي رباح: نزلت في النهي عن تمني ما لفلان، وفي تمني النساء أن يكن رجالا فيغزون. رواه ابن جرير.
ثم قال: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) أي: كل له جزاء على عمله بحسبه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وهو قول ابن جرير.
وقيل: المراد بذلك في الميراث، أي: كل يرث بحسبه. رواه الترمذي عن ابن عباس:
ثم أرشدهم إلى ما يصلحهم فقال: (واسألوا الله من فضله)] أي [لا تتمنوا ما فضل به بعضكم على بعض، فإن هذا أمر محتوم، والتمني لا يجدي شيئا، ولكن سلوني من فضلي أعطكم; فإني كريم وهاب.
قال السعدي:
وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)
ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة. فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها. ولأنه يقتضي السخط على قدر الله والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب. وإنما المحمود أمران: أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه. ولهذا قال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا} أي: من أعمالهم المنتجة للمطلوب. {وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} فكل منهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه. {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} أي: من جميع مصالحكم في الدين والدنيا. فهذا كمال العبد وعنوان سعادته لا من يترك العمل، أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمع بين الأمرين فإن هذا مخذول خاسر. وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} فيعطي من يعلمه أهلا لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق
فائدة:
هناك كتب ألفت في الفروق بين الرجال والنساء.