1046 التعليق على الصحيح المسند (
مجموعة طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي ،، وعبدالحميد البلوشي، وكديم.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم )
———–”———-”——-
الصحيح المسند
1046عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال 🙁 لكل شيء حقيقة ، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ) .
———
مشاركة محمد البلوشي :
1 – التخريج :
قال الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” 5 / 607 :
أخرجه أحمد ( 6 / 441 – 442 ) و البزار ( 8 – زوائده ) و القضاعي ( 75 / 1 ) و
ابن عساكر ( 4 / 332 / 1 ) من طريق أبي الربيع سليمان بن عتبة السلمي عن يونس
ابن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره . و قال البزار : ” إسناده حسن ” . و هو كما قال أو أعلى ، فإن رجاله
ثقات كلهم ، لا كلام فيهم ، غير سليمان بن عتبة و قد وثقه جماعة و ما قيل فيه
فلا حجة له . ثم إن للحديث شواهد كثيرة ، تقدم ذكر الكثير الطيب منها تحت
الحديث ( 2439 ) . انتهى المراد.
2 – شرح الحديث :
في (التنوير شرح الجامع الصغير)م4/86: “”إن لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه”. (حم طب) عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – (إن لكل شيء حقيقة) أي كنه (وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه) من خير أو شر. (لم يكن ليخطئه) لأن ما قدره الله لا بد أن يصل إليه (وما أخطأه لم يكن ليصيبه) الحديث مشتق من الآية {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [الحديد: 22]. ويفيد أنه لا يكمل”.
إيمان العبد حتى يؤمن بالأقدار فإن إيمانه بها يهون عليه مصائب الدنيا ويرضى بما قُدِّر له. (
قلت سيف : قوله ( حقيقة الإيمان ) في معناه آية الامتحان
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة آل عمران 31]
======
مشاركة طارق أبي تيسير :
ونقل باحث قوله :
التسليم بالقضاء.
بين الله -عز وجل- أن كل شيء يسير بقضاء الله وقدره، فقال الله تبارك وتعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}(49) سورة القمر، وقال الرسول في حديث جبريل -عليه السلام-: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشرّه) فبيّن -صلى الله عليه وسلم- أن من جملة الإيمان أن تؤمن بالقدر خيره وشره، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يصنع كل صانع وصنعته).
المستدرك على الصحيحين للحاكم – (ج 1 / ص 88 – 85 وشعب الإيما للبيهقي – (ج 1 / ص 209 – 187) وصححه الألباني في السلسل الصحيحة (ج 4 / ص 181 – 1637)
ويقول الشيخ السعدي -رحمه الله-: “إن الله كما أنه الذي خلقهم -أي الناس- فإنه خلق ما به يفعلون من قدرتهم وإرادتهم؛ ثم هم فعلوا الأفعال المتنوعة من طاعة ومعصية، بقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقهما الله)
وقد حثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الإمساك عن الخوض في القدر بقوله: (إذا ذكر القدر فأمسكوا).رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني في صحيح الجامع انظر حديث رقم: 545
قلت سيف : وحسنه العراقي من حديث ابن مسعود مع أن مسهر بن عبدالملك تفرد عن الأعمش وذكر له الالباني شاهد من مرسل طاوس
قال ابن رجب : روي من وجوه في اسانيدها ضعف وكذلك قال ذلك البيهقي في
ولم أجده في الجامع الصحيح في القدر للشيخ مقبل فقد يكون لم يصح عنده
وقال الإمام الطحاوي -رحمه الله-: “وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل”.
قال تعالى (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[سورة اﻷعراف 188]
ويقول الإمام البغوي في شرح السنة: “الإيمان بالقدر فرض لازم، وهو أن يعتقد أن الله تعالى خالق أعمال العباد، خيرها وشرها، كتبها عليهم في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم، قال تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}(96) سورة الصافات،… فالإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، كلها بقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته، غير أنه يرضى الإيمان والطاعة، ووعد عليها الثواب، ولا يرضى الكفر والمعصية، وأوعد عليها العقاب، والقدر سر من أسرار الله لم يطلع عليه ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً لا يجوز الخوض فيه، والبحث عنه بطريق العقل، بل يعتقد أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق فجعلهم فريقين: أهل يمين خلقهم للنعيم فضلاً، وأهل شمال خلقهم للجحيم عدلاً”.
حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم محجوب عنه القدر
كان رسول الله يدعو على أقوام فأنزل رب العزة ( (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)[سورة آل عمران 128]
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس:(…واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن الخلائق لو اجتمعوا على أن يعطوك شيئاً لم يرد الله أن يعطيك لم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا أن يصرفوا عنك شيئاً أراد الله أن يصيبك به لم يقدروا على ذلك… واعلم أن القلم قد جرى بما هو كائن) ولما توفي عم النبي-صلى الله عليه وسلم- وزوجته خديجة، هذان النصيران له في تبليغ هذه الدعوة، قابل أمر ربه بالرضا والتسليم.
قال ابن القيم: في كلامه على ابن مسعود : ما أصاب أحدا هم ولا حزن قط فقال 🙁 اللهم إني عبدك وابن عبدك …..)
“ثم أتبع ذلك باعترافه بأنه في قبضته وملكه وتحت تصرفه، بكون ناصيته في يده يصرفه كيف يشاء، كما يقاد من أمسك بناصيته شديد القوي لا يستطيع إلا الانقياد له. ثم أتبع ذلك بإقراره له بنفاذ حكمه فيه، وجريانه عليه شاء أم أبى…”
شفاء العليل جزء 1 – صفحة 27
قلت سيف :
تنبيه : حديث ابن مسعود بينا في تخريجنا لنضرة النعيم أنه لا يصح .
آثار الإيمان بالقضاء والقدر:
وللإيمان بالقضاء والقدر آثار كبيرة على الفرد والمجتمع نجملها فيما يلي:
1- القدر من أقوى الحوافز للمؤمن لكي يعمل ويقدم على عظائ الأمور بثبات وعزم ويقين.
2- ومن آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدْر نفسه، فلا يتكبر ولا يبطر ولا يتعالى أبداً؛ لأنه عاجز عن معرفة المقدور
3- ومن آثار الإيمان بالقدر أنه يطرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول مكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(23) سورة الحديد.
4- الإيمان بالقدر يقض على الحسد، فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله؛
5- والإيمان بالقدر يبعث في القلوب الشجاعة على مواجهة الشدائد
6- والإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سبباً في استقامة المسلم، وخاصة في معاملت للآخرين، تجده يعفو ويصفح؛ لأنه يعلم أن ذلك مقدر، وهذا إنما يحسن إذا كان في حق نفسه، إما في حق الله فلا يجوز العفو ولا التعل بالقدر؛ لأن القدر إنما يحتج به في المصائب لا في المعايب.
7- والإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة، فهو دائم الاستعانة بالله، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب، وهو أيضاً دائم الافتقار إلى ربه تعالى يستمد منه العون على الثبات، ويطلب منه المزيد، وهو أيضاً كريم يحب الإحسان إلى الآخرين، فتجده يعطف عليهم.
8- والإيمان بالقدر يربط العبد بخالقه سبحانه، ذلك أن الحياة مليئة بالمفاجآت، فلا يدري المرء ما يحصل له من خير، أو ما يدهمه من شر، فيأتي الإيمان بالقدر ليبقي قلب المؤمن معلقاً بخالقه، راجياً أن يدفع عنه كل سوء، وأن يعافيه من كل بلاء، وأن يوفقه لخيري الدنيا والآخرة، فتتعلق نفسه بربه رغبةً ورهبةً. فالتماسك وعدم الانهيار للمصيبة أو الحدث الجلل، ثمرة من ثمار الإيمان بالقضاء والقدر، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(11) سورة التغابن، قال علقمة رحمه الله: “هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم” . وقال ابن عباس: “يهدي قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه”. فلطم الوجوه، وشق الجيوب، وضرب الفخذ، كل هذا منهي عنه، ومناف لعقيدة الإيما بالقضاء والقدر. ولله در الشاعر القائل:
إذا ابتليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله
إذا قضى الله فاستسلم لقدرته ما لامرئ حيلة فيما قضى الله
اليأس يقطع أحيانا بصـاحبه لا تيأسـن فنعـم القـادر الله
(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)
[سورة العنكبوت 3]
9- الحصول على اليقين بأن العاقبة للمتقين: وهذا ما يجزم به قلب المؤمن بالله وقدره أن العاقبة للمتقين، وأن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسراً، وأن دوام الحال من المحال، وأن المصائب لا تعد إلا أن تكون سحابة صيف، لابد أن تنقشع، وأن ليل الظالم لابد أن يولي، وأن الحق لابد أن يظهر، لذا جاء النهي عن اليأس والقنوط: {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }(87) سورة يوسف
10 .وفي تعليقات ابن عثيمين على الأربعين – الحديث التاسع عشر –
وأن ما كتب الله أن يخطئك رفعه عنك فلن يصيبك أبداً فالأمر كله بيد الله وهذا يؤدي إلى أن يعتمد الإنسان على ربه اعتماداً كاملاً ثم قال ” واعلم أن النصر مع الصبر ” فهذه الجملة فيها الحث على الصبر , لأنه إذا كان النصر مع الصبر فإن الإنسان يصبر من أجل أن ينال الصبر .
——
تنبيه 1 : وحديث ابن عباس شرحه الحافظ ابن رجب في كتابه: (جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم)، وهو الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية.
تنبيه 2 : سبق الكلام بتوسع على مراتب القدر في تعليقنا على الصحيح المسند :
1041- قال الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي حدثنا خالد بن صبيح المري قاضي البلقاء حدثنا إسماعيل بن عبيد الله أنه سمع أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فرغ الله إلى كل عبد من خمس من أجله ورزقه وأثره وشقي أم سعيد .
قال الوادعي رحمه الله تعالى : هذا حديث صحيح .
1042 قال الإمام أحمد 6/441 حدثنا هيثم قال عبدالله بن أحمد وسمعته أنا من هيثم قال : أخبرنا أبو الربيع عن يونس عن أبي إدريس عن أبي الدرداء قالوا : يا رسول الله ، أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه ، أم أمر نستأنفه ؟ قال :” بل أمر قد فرغ منه ” قالوا فكيف بالعمل يا رسول الله ؟ قال : كل امرئ مهيأ لما خلق له .
إشكال:
دعا موسى عليه الصلاة والسلام على فرعون وقومه :
(وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)
[سورة يونس 88]
فكون النبي صلى الله عليه وسلم عوتب على الدعاء على بعض أهل الشرك ولم يعاتب موسى عليه الصلاة والسلام فنقل صاحبنا أبو الربيع العدني هذا الجواب :
قد يشتبه على بعض الناس دليلان ، في ظاهرهما الدلالة على جواز الدعاء على الظالم بالإثم والمعصية .
أحدهما : من القرآن الكريم ، وذلك في حكاية الله عز وجل عن موسى عليه السلام دعاءه على فرعون وقومه وفيه : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ) يونس/88
فالجواب عن هذا بأن يقال إن دعاء موسى جاء بعد علمه بوحي من الله تعالى أن قوم فرعون لا يؤمنون ، ولو جاءتهم كل آية ومعجزة ، وليس فيه الدعاء مطلقا على كل كافر أو ظالم بطمس القلب واليأس من الإيمان والتوبة .
يقول ابن كثير في “تفسير القرآن العظيم” (4/290) :
” ( وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) قال ابن عباس : أي اطبع عليها ، ( فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ ) وهذه الدعوة كانت من موسى عليه السلام غضبًا لله ولدينه على فرعون وملئه الذين تبين له أنه لا خير فيهم ، ولا يجيء منهم شيء ، كما دعا نوح عليه السلام فقال : ( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا ) ” انتهى .
ويقول القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن” (8/375) :
” وقد استشكل بعض الناس هذه الآية فقال : كيف دعا عليهم ، وحُكْم الرسل استدعاء إيمان قومهم ؟
فالجواب : أنه لا يجوز أن يدعو نبي على قومه إلا بإذن من الله ، وإعلام أنه ليس فيهم من يؤمن ولا يخرج من أصلابهم من يؤمن ، دليله قوله لنوح عليه السلام : ( إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ) وعند ذلك قال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) ” انتهى .
ويقول الشيخ أحمد النفراوي في “الفواكه الدواني” (1/470) :
” اختلف في جواز الدعاء على المسلم العاصي بسوء الخاتمة .
قال ابن ناجي : أفتى بعض شيوخنا بالجواز ، محتجا بدعاء موسى على فرعون بقوله تعالى حكايةً عنه : ( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) يونس/88
والصواب عندي أنه لا يجوز ، وليس في الآية ما يدل على الجواز ؛ لأنه فرق بين الكافر المأيوس من إيمانه كفرعون ، وبين المؤمن العاصي المقطوع له بالجنة إما ابتداءً أو بعد عذابٍ ” انتهى .