1044 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وصالح الصيعري، وعبدالحميد البلوشي، وجمال، وكديم.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————”————”———–
الصحيح المسند
1044 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو جعفر السويدي قال حدثنا أبو الربيع ثنا سليمان بن عتبة الدمشقي قال سمعت يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عائذ الله عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا مكذب بقدر)).
قال الوادعي: هذا حديث حسن.
—————-
مسألة 1: عقوق الوالدين من كبائر الذنوب والآثام، والعاق معرض بعقوقه لسخط الله وغضبه.
وقد روى الطبراني في ” الأوسط ” (8497) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَلْعُونٌ مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ)، وصححه الألباني في ” صحيح الترغيب ” (2420).
وروى النسائي (2562) عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى) وصححه الألباني في ” صحيح سنن النسائي “.
وروى أحمد (24299) عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَهِدْتُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، وَصَلَّيْتُ الْخَمْسَ، وَأَدَّيْتُ زَكَاةَ مَالِي، وَصُمْتُ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا – وَنَصَبَ إِصْبَعَيْهِ – مَا لَمْ يَعُقَّ وَالِدَيْهِ) وصححه الألباني في ” صحيح الترغيب ” (2515). وفي هذا زجر وترهيب شديد من عقوق الوالدين.
وقد ورد في حديث رواه ابن أبي عاصم في ” السنة ” (323) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا: عَاقٌّ، وَمَنَّانٌ، وَمُكَذِّبٌ بِالْقَدَرِ)، حسنه الشيخ الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” (1785).
قيل في معنى: (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا) عدة أقوال، منها: أنه لا يقبل منهم فريضة ولا نافلة.
وروى الطبراني في ” المعجم الكبير ” (1420) ما يدل على أن عقوق الوالدين يحبط الأعمال، ولفظه: (ثَلَاثَةٌ لَا يَنْفَعُ مَعَهُنَّ عَمَلٌ: الشِّرْكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ): إلا أنه حديث ضعيف جدا، كما قال الألباني في ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (1384).
فإن صح ذلك، فإنه يدل على أن معصية عقوق الوالدين يعاقب صاحبها بأنه لا يقبل له عمل.
وليس معنى ذلك ـ إن قلنا به ـ أن عمله باطل لا يجزئه، فالعمل صحيح مجزئ، لا يطالب به بعد ما عمله، ولكن لا ثواب له فيه.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: الذي يكون عاقاً لوالديه هل تقبل منه صلاته وصومه وصدقته؟
فأجاب: ” عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، ومن المحرمات العظيمة، فالواجب الحذر منه، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله؟ قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين. وكان متكئاً فجلس، وقال: ألا وقول الزور. ألا وشهادة الزور) متفق على صحته.
فالواجب على الولد أن يشكر والديه، وأن يحسن إليهما وأن يبرهما، وأن يطيعهما في المعروف، ويحرم عليه عقوقهما، لا بالكلام ولا بالفعل.
لكن ليس عقوقهما مبطلًا للصلاة ولا للصوم ولا للأعمال الصالحات، ولكن صاحبه على خطر من هذه الكبيرة العظيمة، وإنما تبطل الأعمال بالشرك، أما بالعقوق أو قطيعة الرحم أو المعاصي الأخرى، فإنها لا تبطل الأعمال، وإنما يبطلها الشرك الأكبر، وكذلك رفع الصوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخشى منه بطلان العمل ” انتهى ملخصا من موقع الشيخ.
مسألة 2: أهل المعاصي إذا ماتوا على التوحيد. والجمع بين النصوص.
قال الحافظ الحكمي رحمه الله في (معارج القبول) وهو ينقل كلام الحافظ ابن خزيمة رحمه الله من كتاب التوحيد:” باب: ذكر أخبار رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة من جهة النقل:
جهل معناها فرقتان: فرقة المعتزلة والخوارج، احتجوا بها، وادعوا أن مرتكب الكبيرة إذا مات قبل التوبة منها مخلد في النار، محرم عليه الجنان، والفرقة الأخرى المرجئة، كفرت بهذه الأخبار وأنكرتها، ودفعتها جهلا منها بمعانيها، وأنا ذاكرها بأسانيدها وألفاظ متونها، ومبين معانيها بتوفيق الله .. ” – ثم أورد الحافظ في نقله جملة من الأحاديث التي فيه الوعيد، وذكر حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، ثم قال رحمه الله: ” معنى هذه الأخبار إنما هو على أحد معنيين:
(أحدهما): لا يدخل الجنة أي بعض الجنان، إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلم أنها جنان من جنة، واسم الجنة واقع على كل جنة منها، فمعنى هذه الأخبار التي ذكرها من فعل كذا لبعض المعاصي، حرم الله عليه الجنة أو لم يدخل الجنة، معناه لا يدخل بعض الجنان التي هي أعلى وأشرف وأنبل وأكثر نعيما وسرورا وبهجة وأوسع؛ لأنه أراد لا يدخل شيئا من تلك الجنان التي هي في الجنة.
وعبد الله بن عمرو قد بين خبره الذي روى، عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا مدمن خمر. إنه إنما أراد حظيرة القدس من الجنة، على ما تأولت على أحد المعنيين، ثم ساق بإسناده، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: لا يدخل حظيرة القدس سكير، ولا عاق، ولا منان.
قال: والمعنى الثاني ما قد أعلمت أصحابي ما لا أحصي من مرة، أن كل وعيد في الكتاب والسنة لأهل التوحيد، فإنما هو على شريطة، أي ألا أن يشاء الله تعالى أن يغفر ويصفح ويتكرم ويتفضل، فلا يعذب على ارتكاب تلك الخطيئة، إذ الله عز وجل قد خبر في محكم كتابه أنه قد يشاء أن يغفر دون الشرك من الذنوب في قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، (النساء 116) …. ” – ثم نقل الحافظ بيان أن الجنة منازل ومراتب، إلى أن قال:-
ثم قال –أي ابن خزيمة -: وقد يجوز أن يقول صلى الله عليه وسلم: من فعل كذا وكذا لم يدخل الجنة، يريد لم يدخل الجنة التي يدخلها فيه من لم يرتكب هذه الحوبة؛ لأنه يحبس عن دخول الجنة، إما للمحاسبة على الذنب، أو لإدخاله النار؛ ليعذب بقدر ذلك الذنب، إن كان ذلك الذنب مما يستوجب به المرتكب النار، إن لم يعف الله ويصفح ويتكرم، فيغفر ذلك الذنب، فمعنى هذه الأخبار على هذه المعاني؛ لأنها إذا لم تحمل على هذه المعاني كانت على وجه التهاتر والتكاذب، وعلى العلماء أن يتأولوا أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا به الذي هو أهناه وأهداه وأتقاه، ثم ساقه بإسناده عن علي رضي الله عنه فذكره.
انتهى كلامه رحمه الله تعالى – أي ابن خزيمة – باختصار بعض مكررة، فلا تستطله، فإنه كلام متين من إمام متضلع من معاني الكتاب والسنة، ذي خبرة وعلم لمواردها ومصادرها.
وقوله – أي ابن خزيمة – رحمه الله تعالى: وعلى العلماء أن يتأولوا أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يعن رحمه الله التأويل الذي اصطلحه المتكلمون لصرف النصوص عن معانيها إلى الاحتمالات البعيدة التي هضموا بها معاني النصوص بما اقتضته عقولهم السخيفة، وليس ذلك من طريقته، ولا من شأنه- رحمه الله، وإنما عنى ما أشار إليه في غير موضع من كتبه من حمل المجمل على المفسر، والمختصر على المتقصي، والمطلق على المقيد، والعموم على الخصوص، وما أشبه ذلك من التأليف بين النصوص ومدلولاتها؛ لئلا تكون متناقضة يرد بعضها معنى بعض؛ لأن ذلك مما ينزه عنه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذه طريقة جميع أئمة المسلمين من علماء التفسير والحديث والفقه في أصول الدين وفروعه، رحمهم الله تعالى ورضي عنهم.
(مسألة): فإن قيل: وما الجمع بين ما تقدم من حديث عبادة بن الصامت فيمن ارتكب حدا، لم يقم عليه، قال: فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه، وبين ما صرحت به النصوص التي في الميزان والحساب والجنة، من أن من رجحت خطاياه وسيئاته بحسناته، تمسه النار ولا بد.
قلنا: لا إشكال في ذلك ولا منافاة، ولله الحمد. وقد حصل الجمع الفاصل للنزاع بحديث عائشة رضي الله عنها- الذي ذكرنا في شرح البيت الأدنى، بأن من يشأ عز وجل أن يعفو عنه، يحاسبه الحساب اليسير الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالعرض، وقال في معنى العرض في الأحاديث السابقة في صفته: يدنوا أحدكم من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه، فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم.
وأما الذين يدخلون النار بذنوبهم، فهم ممن يناقش الحساب، وقد قال رسول اللله صلى الله عليه وسلم: من نوقش الحساب عذب. نسأل الله عز وجل أن ييسر حسابنا ويتجاوز عنا، ويغفر لنا بمنه وكرمه، آمين.
عامل الكبيرة يكفر باستحلاله إياها.
ولا نكفر بالمعاصي مؤمنا *** إلا مع استحلاله لما جنى.
(ولا نكفر بالمعاصي) التي قدمنا ذكرها، وأنها لا توجب كفرا، والمراد بها الكبائر التي ليست بشرك، ولا تستلزمه ولا تنافي اعتقاد القلب ولا عمله، (مؤمنا) مقرا بتحريمها معتقدا له، مؤمنا بالحدود المترتبة عليها، ولكن نقول يفسق بفعلها، ويقام عليه الحد بارتكابها، وينقص إيمانه بقدر ما تجارأ عليه منها.
والدليل على فسقه ونقصان إيمانه قول الله عز وجل: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم)، (النور 4 – 5)، وما في معناها من آيات الحدود والكبائر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن، والتوبة معروضة بعد. الحديث في الصحيحين وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والدليل على أن النفي في هذا الحديث وغيره ليس لمطلق الإيمان، بل لكماله هو ما قدمنا من النصوص التي صرحت بتسميته مؤمنا، وأثبتت له أخوة الإيمان، وأبقت له أحكام المؤمنين.
(إلا مع استحلاله لما جنى) هذه هي المسألة الخامسة، وهو أن عامل الكبيرة يكفر باستحلاله إياها، بل يكفر بمجرد اعتقاده بتحليل ما حرم الله ورسوله، لو لم يعمل به؛ لأنه حينئذ يكون مكذبا بالكتاب، ومكذبا بالرسول صلى الله عليه وسلم وذلك كفر بالكتاب والسنة والإجماع.
فمن جحد أمرا مجتمعا عليه، معلوما من الدين بالضرورة، فلا شك في كفره “. انتهى كلام الحافظ الحكمي رحمه الله تعالى.
مسألة 3: قال ابن أبي عاصم في (السنة): ” باب ما ذكر عن النبي عليه السلام في المكذبين بقدر الله وما لهم في الآخرة وما أمر به فيهم “. ثم ذكر حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
وأورد الحديث ابن بطة رحمة الله تعالى في (الإبانة الكبرى)، تحت: ” بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ “.
=======
القدر:”معناه أن الله سبحانه وتعالى علم الأشياء كلها قبل وجودها وكتبها عنده وشاء ما وجد منها وخلق ما أراد خلقه” [فتاوى اللجنة الدائمة].
والإيمان بالقدرهو الركن السادس من أركان الإيمان
فإن جبريل عليه السلام حين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال له: “أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ” رواه مسلم.
وقد قال تعالى:
{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر].
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ:” جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى الْقَدَرِ فَنَزَلَتْ (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) ” أخرجه مسلم.
وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: “لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر” رواه أحمد وحسنه الألباني.
وعن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ثلاثة لا يقبل الله لهم صرفا ولا عدلا عاق ومنان ومكذب بالقدر ” رواه ابن أبي عاصم وحسنه الألباني.
وعن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث الاستسقاء بالأنواء وحيف السلطان والتكذيب بالقدر” أخرجه ابن أبي عصام وصححه الألباني.
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم “. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم” رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: “أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة ” أخرجه الحاكم وحسنه الألباني.
أركان الإيمان بالقدر
المؤمن بالقدر هو من يعتقد اعتقادا جازما أن كل ما يحدث في هذا الوجود قد علمه الله وكتبه في اللوح المحفوظ قبل أن يوجده سبحانه ثم خلقه وشاءه وفق علمه وكتابته.
فالإيمان بالقدر له أركان أو مراتب أربعة لا يتم إلا بها هي كالتالي:
قلت سيف: راجع لها تعليقنا على حديث رقم 1041 الصحيح المسند.
تنبيه: في سورة القمر آية 47
ذكر ابن كثير هنا حديثا مرفوعا (والذي نفسي بيده لينتهين بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من أن يكون قدَّر خيرا كما أخرجوه من أن يكون قدَّر شرا) وفيه ضعف
وكذلك أخرج أحاديث أن القدرية مجوس هذه الأمة
وكلها ضعيفة
قال العقيلي: الرواية في هذا الباب فيها لين
وراجع علل الخلال دار الراية ص 241، 244
======
شارب الخمر
قال ابن القيم؛
فإن شرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب .. وهي أم الخبائث .. ومفتاح كل شر .. تغتال العقل .. وتستنزف المال .. وتصدع الرأس .. وهي كريهة المذاق .. ورجس من عمل الشيطان؛ توقع العداوة والبغضاء بين الناس .. وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة .. وتدعو إلى الزنا .. وربما دعت إلى الوقوع على البنت والأخت وذوات المحارم .. وتذهب الغيرة وتورث الخزي والندامة والفضيحة .. وتلحق شاربها بأنقص نوع الإنسان وهم المجانين .. وتهتك الأستار .. وتظهر الأسرار .. وتدل على العورات .. وتهوِّن ارتكاب القبائح والمآثم .. وتخرج من القلب تعظيم المحارم ..
كم أهاجت من حرب؟ .. وأفقرت من غني؟ .. وذلت من عزيز؟ .. ووضعت من شريف؟ .. وسلبت من نعمة؟ .. وجلبت من نقمة؟ ..
وكم فرقت بين رجل وزوجته؟ .. فذهبت بقلبه وراحت بلبّه.
وكم أورثت من حسرة أو جرّت من عبرة؟ ..
وكم أغلقت في وجه شاربها باباً من الخير وفتحت له باباً من الشر؟ ..
وكم أوقعت في بلية وعجّلت من منية؟ ..
وكم جرّت على شاربها من محنة؟ ..
فهي جماع الإثم ومفتاح الشر وسلاّبة النعم وجالبة النقم ..
ولو ل يكن من رذائلها إلا أنها لا تجتمع هي وخمر الجنة في جوف عبد لكفى بها من مصيبة.
وآفات الخمر أضعاف أضعاف ما ذكرنا ” أ. هـ كلام ابن القيم رحمه الله من حادي الأرواح.
وقد حذرنا الله منها في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى:
– قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90
– لعن الله شارب الخمر … ففي سنن أبي داود (3189) عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ قال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ” وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود (2/ 700).
– الحرمان من دخول الجنة لمن أدمن على شرب الخمر فعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا يدخل الجنة مُدمن خمر ” رواه ابن ماجه 3376 وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 2721
-.فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لا يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ .. رواه النسائي 5666 وصححه الألباني في صحيح النسائي 5236
– أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ قَالَ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ “. رواه ابن ماجه 3377 وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 2722.
قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: ” قوله ” لا تقبل له صلاة ” أي: لا يثاب على صلاته أربعين يوماً عقوبة لشربه الخمر، كما قالوا في المتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب إنه يصلي الجمعة ولا جمعة له، يعنون أنه لا يعطى ثواب الجمعة عقوبة لذنبه.” تعظيم قدر الصلاة ” (2/ 587، 588). انظر السؤال 20037
وقال النووي:
“وَأَمَّا عَدَم قَبُول صَلاته فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَة فِي سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ , وَلا يَحْتَاج مَعَهَا إِلَى إِعَادَة” اهـ.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي “وَقِيلَ: إِنَّمَا خَصَّ الصَّلاةَ بِالذِّكْرِ لأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ , فَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ فَلأَن لا يُقْبَلُ غيرها من العبادات أَوْلَى” اهـ من تحفة الأحوذي بتصرف. وكذا قال العراقي والمناوي.