1041 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي ، وصالح الصيعري، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وجمال، وكديم.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة حسين البلوشي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———”———”——–
الصحيح المسند
1041- قال الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي حدثنا خالد بن صبيح المري قاضي البلقاء حدثنا إسماعيل بن عبيد الله أنه سمع أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فرغ الله إلى كل عبد من خمس من أجله ورزقه وأثره وشقي أم سعيد .
قال الوادعي رحمه الله تعالى : هذا حديث صحيح .
وتحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 4202 في صحيح الجامع.
الصفحة أو الرقم : / 4202
1042 قال الإمام أحمد 6/441 حدثنا هيثم قال عبدالله بن أحمد وسمعته أنا من هيثم قال : أخبرنا أبو الربيع عن يونس عن أبي إدريس عن أبي الدرداء قالوا : يا رسول الله ، أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه ، أم أمر نستأنفه ؟ قال :” بل أمر قد فرغ منه ” قالوا فكيف بالعمل يا رسول الله ؟ قال : كل امرئ مهيأ لما خلق له
————-
تنبيه :
نبه صاحبنا أبوعيسى البلوشي : أنه سقط ( ومضجعه ) لأن المذكور خمس والمذكورات أربعة . وبلفظ ( ومضجعه ) تصبح خمس . فهي ساقطة من مسند أحمد. وهي في السنة لابن أبي عاصم وفي موارد الضمآن .
مسألة: الإيمان بكتابة المقادير
وقد تطرق لهذه المسألة مع ذكر الأحاديث والآثار الحافظ الحكمي رحمه الله في (المعارج)، فقال: ( فصل ) والإيمان بكتابة المقادير يدخل فيه خمسة تقادير :
الأول : التقدير الأزلي قبل خلق السماوات والأرض عندما خلق الله تعالى القلم ، كما قال ربنا – تبارك وتعالى : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) ( التوبة 51 ) الآية
وقال سبحانه وتعالى : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) ، ( الحديد 22 ) .
وقال البخاري – رحمه الله تعالى : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثنا جامع بن شداد عن صفوان بن محرز أنه حدثه عن عمران بن حصين – رضي الله عنهما – قال : دخلت على النبي – صلى الله عليه وسلم – وعقلت ناقتي بالباب ، فأتاه ناس من بني تميم فقال : اقبلوا البشرى يا بني تميم . قالوا : قد بشرتنا فأعطنا مرتين ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال : اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم ، قالوا : قد قبلنا يا رسول الله . قالوا : جئناك نسألك عن أول هذا الأمر . قال : كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ، وخلق السموات والأرض ، فنادى مناد : ذهبت ناقتك يا ابن الحصين ، فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب ، فوالله لوددت أني كنت تركتها ” .
[ ص: 929 ] وقال مسلم – رحمه الله تعالى : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن سرح ، حدثنا ابن وهب أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال وعرشه على الماء .
وقال أبو داود – رحمه الله تعالى : حدثنا جعفر بن مسافر الهذلي ، حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا الوليد بن رباح ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أبي حفصة قال : قال عبادة بن الصامت لابنه : يا بني ، إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : إن أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب . قال : رب ، وماذا أكتب ؟ قال : مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة . يا بني ، إني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : من مات على غير هذا فليس مني [ ص: 930 ]
فصل : التقدير ( الثاني ) من تقادير الكتابة : كتابة الميثاق
قال تعالى : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون ) ، ( الأعراف 172 وقال تبارك وتعالى : ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) ، ( الأعراف 102 )
وقال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا إبراهيم بن محمد أبو إسحاق الفزاري ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن الديلمي ، عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : إن الله – عز وجل – خلق خلقه في ظلمة ، ثم ألقى عليهم من نوره يومئذ ، فمن أصابه من نوره يومئذ اهتدى ، ومن أخطأه ضل ، فلذلك أقول جف القلم على علم الله – عز وجل . حسنه الترمذي .
وقال أحمد – رحمه الله عز وجل : حدثنا هشيم ، وسمعته أنا منه قال : حدثنا أبو الربيع ، عن يونس ، عن أبي إدريس ، عن أبي الدرداء – رضي الله عنه ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : خلق الله آدم حين خلقه ، فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر ، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم ، فقال للذي في يمينه : إلى الجنة ولا أبالي ، وقال للذي في كفه اليسرى : إلى النار ولا أبالي .
وقال – رحمه الله تعالى : حدثنا الحسن بن سوار ، حدثنا ليث يعني ابن سعد عن معاوية عن راشد بن سعد عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي – [ ص: 932 ] رضي الله عنه : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل خلق آدم ثم أخذ الخلق من ظهره ثم قال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي قال فقال قائل يا رسول الله فعلى ماذا نعمل قال على مواقع القدر . وفي الباب عن معاذ ونضرة ، عن رجل من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وحديث عبد الرحمن هذا رجاله رجال الصحيحين إلى الصحابي .
[ ص: 934 ] وقال البخاري – رحمه الله تعالى : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن أبي عمران قال : سمعت أنس بن مالك – رضي الله عنه ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة : لو أن لك ما في الأرض من شيء ، أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم . فيقول : أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي ، فأبيت إلا أن تشرك بي . ورواه مسلم وغيره .
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وقد قدمنا منها جملة وافية في أول هذا الشرح عند الكلام على الميثاق ، ولله الحمد والمنة
) فصل ) : التقدير ( الثالث ) العمري عند تخليق النطفة في الرحم ، فيكتب إذ ذاك ذكوريتها وأنوثتها والأجل والعمل والشقاوة والسعادة والرزق وجميع ما هو لاق ، فلا يزاد فيه ولا ينقص منه .
قال الله – تبارك وتعالى : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) ، ( الحج 5 ) الآيات
وقال تعالى : ( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) ( فاطر 11 ) ، وقال تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون ) ، ( غافر 67 ) ، وقال – تبارك وتعالى : ( إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم ) [ ص: 935 ] ( النجم 32 ) وغيرها من الآيات .
وروى البخاري ومسلم بإسناديهما إلى سليمان الأعمش قال : سمعت زيد بن وهب ، عن عبد الله – يعني : ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات تكتب : رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد . فوالذي لا إله غيره ، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها . وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها وهذا لفظ مسلم .
ولهما من حديث حماد بن زيد ، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك – رضي الله عنه ، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : وكل الله تعالى بالرحم ملكا ، فيقول : أي رب نطفة ، أي رب علقة ، أي رب مضغة ، فإذا أراد الله أن يقضي خلقها ، قال : أي رب ذكر أم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه .
وقال مسلم – رحمه الله تعالى : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي الزبير المكي أن عامر بن واثلة حدثه أنه سمع عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – يقول : الشقي من شقي في بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره ، فأتى رجل من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقال [ ص: 936 ] له حذيفة بن أسيد الغفاري ، فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال : وكيف يشقى رجل بغير عمل ؟ فقال له الرجل : أتعجب من ذلك ؟ فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله تعالى إليها ملكا ، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ، ثم قال : يا رب ، ذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب أجله ؟ فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب ما رزقه ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده ، فلا يزيد على أمر ولا ينقص . وفي رواية له من طريق أخرى ” فيقول : يا رب أذكر أو أنثى ؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى ، ثم يقول : يا رب ، أسوي أو غير سوي ؟ فيجعله الله تعالى سويا أو غير سوي ، ثم يقول : يا رب ، ما رزقه ما أجله ما خلقه ؟ ثم يجعله الله تعالى شقيا أو سعيدا .
(فصل ) : والرابع التقدير الحولي في ليلة القدر ، يقدر فيها كل ما يكون في السنة إلى مثله ، قال الله – تبارك وتعالى : ( بسم الله الرحمن الرحيم حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ) ، ( الدخان 1 – 5 ) الآيات .
قال مجاهد : ليلة القدر ليلة الحكم ، وقال سعيد بن جبير : يؤذن للحجاج في ليلة القدر فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، فلا يغادر منهم أحد ولا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ، وقال الحسن البصري : والله الذي لا إله إلا هو ، إنها لفي رمضان ، وإنها لليلة القدر ، يفرق فيها كل أمر حكيم ، فيها يقضي الله تعالى كل أجل وعمل ورزق إلى مثلها .
وقال ابن عباس : يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحجاج ، يقال : يحج فلان ويحج فلان ، وقال مقاتل : يقدر الله تعالى في ليلة القدر أمر السنة في بلاده وعباده إلى السنة القابلة
وقال أبو عبد الرحمن السلمي : يقدر أمر السنة كلها في ليلة القدر ، وذكر عن سعيد بن جبير في هذه الآية : إنك لترى الرجل غشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى ، وروي عن ابن عمر ومجاهد وأبي مالك والضحاك في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق وما يكون فيها إلى آخرها ، والآثار في ذلك عن الصحابة وأئمة التفسير من تابعيهم بإحسان كثيرة شهيرة .
( فصل ) : والخامس التقدير اليومي ، وهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق
قال الله – تبارك وتعالى : ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 )
وروى ابن أبي حاتم ، عن سويد بن جبلة الفزاري قال : إن ربكم كل يوم هو في شأن ، فيعتق رقابا ، ويعطي رغابا ، ويقحم عقابا . وقال الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير : ( كل يوم هو في شأن ) [ ص: 939 ] ( الرحمن 29 ) قال : من شأنه أن يجيب داعيا ، أو يعطي سائلا ، أو يفك عانيا ، أو يشفي سقيما . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : كل يوم هو يجيب داعيا ويكشف كربا ، ويجيب مضطرا ويغفر ذنبا . وقال قتادة : لا يستغني عنه أهل السماوات والأرض ، يحيي حيا ويميت ميتا ، ويربي صغيرا ويفك أسيرا ، وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم ومنتهى شكواهم ، وقال الحسين بن فضل : هو سوق المقادير إلى المواقيت .
وقال أبو سليمان الداراني في هذه الآية : كل يوم له إلى العبيد بر جديد .
وذكر البغوي – رحمه الله تعالى – قول المفسرين : من شأنه أن يحيي ويميت ، ويخلق ويرزق ، ويعز قوما ويذل قوما ، ويشفي مريضا ويفك عانيا ، ويفرج مكروبا ويجيب داعيا ، ويعطي سائلا ، ويغفر ذنبا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء . وجملة القول في ذلك أن التقدير اليومي هو تأويل المقدور على العبد وإنفاذه فيه ، في الوقت الذي سبق أنه يناله فيه ، لا يتقدمه ولا يتأخره ، كما أن في الآخرة يأتي تأويل الجزاء الموعود إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، و لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون ، ولهذا قال سفيان بن عيينة فيما ذكره عنه البغوي – رحمه الله تعالى : الدهر كله عند الله يومان : أحدهما مدة أيام الدنيا ، والآخر يوم القيامة ، فالشأن الذي هو فيه اليوم الذي هو مدة الدنيا الاختبار بالأمر والنهي ، والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع – يعني : وغير ذلك ، وشأن يوم القيامة الجزاء والحساب والثواب والعقاب اه.
ثم هذا التقدير اليومي تفصيل من التقدير الحولي ، والحولي تفصيل من التقدير العمري عند تخليق النطفة ، والعمري تفصيل من التقدير العمري الأول يوم الميثاق ، وهو تفضيل من التقدير الأزلي الذي خطه القلم في الإمام المبين ، والإمام المبين هو من علم الله – عز وجل ، وكذلك منتهى المقادير في آخريتها إلى [ ص: 940 ] علم الله – عز وجل ، فانتهت الأوائل إلى أوليته ، وانتهت الأواخر إلى آخريته ( وأن إلى ربك المنتهى ) ، ( النجم 42 ) . انهى كلام الشيخ حافظ الحكمي بتصرف
أولاً: لفظا ” السعادة ” و ” الشقاء ” الواردان في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ليسا هما ما نحسه في الدنيا من ” سعادة ” ، وما يصيبنا فيها من ” شقاء ” ، بل هما ” الإسلام ” و ” الكفر ” ، وهما الطريقان إلى ” الجنة ” و ” النار ” ، والمقصود بالحديث : ما يختم للإنسان بأحد الأمرين في الدنيا ، فمن ختم له بخير فهو سعيد ، وهو من أهل السعادة ، وجزاؤه الجنة ، ومن خُتم له بشرٍّ فهو شقي ، وهو من أهل الشقاء ، ومصيره النار – والعياذ بالله – .
وقد جاء هذا اللفظان في الكتاب والسنَّة بذات المعنى الذي قلناه :
أ. ( يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ . فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ . خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) هود/ 105 – 108 .
ب. عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : كُنَّا فِى جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَإِلاَّ وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً ) قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ ؟ فَقَالَ : ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ) ، ثُمَّ قَرَأَ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى . وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) . رواه البخاري ( 4666 ) ومسلم ( 2647 ) .
( المِخصرة ) : ما اختصر الإنسان بيده ، فأمسكه من عصا ، أو عَنَزة .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – : وقد تكاثرت النُّصوص بذكرِ الكتابِ السابقِ ، بالسَّعادة والشقاوة ، ففي ” الصحيحين ” عن عليِّ بن أبي طالب – وذكر الحديث – .
ففي هذا الحديث : أنَّ السعادة ، والشقاوة : قد سبقَ الكتابُ بهما ، وأنَّ ذلك مُقدَّرٌ بحسب الأعمال ، وأنَّ كلاًّ ميسر لما خُلق له من الأعمال التي هي سببٌ للسعادة ، أو الشقاوة .
وفي ” الصحيحين ” عن عمرانَ بن حُصينٍ ، قال : قال رجل :يا رسول الله ، أيُعرَفُ أهلُ الجَنَّةِ مِنْ أهلِ النَّارِ ؟ قالَ : ( نَعَمْ ) ، قالَ : فَلِمَ يعملُ العاملونَ ؟ قال : ( كلٌّ يعملُ لما خُلِقَ له ، أو لما ييسر له )
وقد روي هذا المعنى عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من وجوهٍ كثيرةٍ ، وحديث ابن مسعود فيه أنَّ السعادة والشقاوة بحسب خواتيم الأعمال . [” جامع العلوم والحِكَم ” ( ص 55 ) . وينظر : ” فتح الباري ” ( 11 / 483 ) ].
ثانياً: الغنى أو الفقر ، والصحة أو المرض … ، وسائر ما يصيب الناس من السراء والضراء في عيشهم ، وهو ما يعنيه بقوله : السعادة والشقاوة من المنظور الحسي : هذا كله قد سبق به الكتاب ، من قبل أن تخلق السموات والأرض ، وقد كتب أيضا فيما كتب للجنين من رزقه : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القرآن/49 .
وإنما يُعرف المؤمن أنه محقق للإيمان في هذا الباب ، وأنه مسلِّم لقدَر الله تعالى ، مؤمن به : إذا شكر ربه في السرَّاء ، وصبر عند الضرَّاء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : جعل اللهُ سبحانَه وتعالى لعباده المؤمنين بكل منزلة خيراً منه ، فهم دائماً في نعمةٍ من ربهم ، أصابَهم ما يُحِبَّون ، أو ما يكرهون ، وجعل أقضيته ، وأقداره التي يقضيها لهم ، ويُقدرها عليهم : متاجرَ يَربحون بها عليه ، وطُرُقًا يصلون منها إليه ، كما ثبت في الصحيح عَن إمامهم ومتبوعهم – الذي إذا دُعي يوم القيامة كلُّ أناسٍ بإمامهم دُعُوا به صلواتُ الله وسلامه عليه – أنه قال: عجبًا لأمر المؤمن ، إن أمره كله عجب ، ما يقضي الله له من قضاء إلاّ كان خيراً له، إن أصابته سرَّاءُ شكَرَ فكان خيراً له ، وإن أصابَتْه ضرَّاءُ صَبَر فكان خيراً له) –رواه مسلم-
فهذا الحديث يَعمُّ جميعَ أَقضيتِه لعبده المؤمن ، وأنها خير له إذا صبر على مكروهها ، وشكرَ لمحبوبها ، بل هذا داخلٌ في مسمَّى الإيمان ، فإنه كما قال السلف : ” الإيمان نصفان ، نصفٌ صبر ، ونصفٌ شكر ” ، كقوله تعالى : ( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) ، وإذا اعتَبر العبدُ الدينَ كلَّه : رآه يَرجِعُ بجملته إلى الصبر ، والشكر . [” جامع المسائل ” ( 1 / 165]
فعلى المسلم أن يؤمن بقدر الله تعالى خيره وشرِّه ، ولا يسعه غير ذلك ؛ لأن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان ، والذي لا يصح من غيره .
وعلى المسلم أن يرضى بقضاء الله ، ويسلِّم لما يكتبه الله له ، أو عليه ؛ فإن في ذلك حكَم بالغة ، ولا يتعجل في النظر لظاهر الأمر أنه نعمة ، أو نقمة ، بل العبرة بما يترتب على ذلك من شكر للنعم ، ومن رضى بالمصائب ، فهمنا يكون مؤمناً محققا لما طلبه الله منه ، ويكون مستفيداً من ذلك دوافع تدفعه للعمل وعدم القنوط واليأس ، كما تدفعه لشكر الله تعالى لنيل المزيد منها .
ثالثاً: ثمة علامات يمكن للمسلم أن يستدل بها على كون أصحابها من أهل الجنة ، أو أهل النار ؛ وذلك بحسب اتصافه بها ، وتخلقه بأخلاقها ، ظاهراً وباطناً ، وعليه بوَّب الإمام النووي رحمه الله بقوله في ” شرح مسلم ” : ” بَاب الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ ” ، وقد جعل تبويبه هذا على حديث عياض بن حمار المجاشعي ، والذي رواه مسلم ( 2265 ) ، وفيه : ( وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ .
قَالَ : وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوْ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ )
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : ( ذو سلطان مقسط موفق ) وهذا هو الشاهد ، يعني : صاحب سلطان ، والسلطان يعم السلطة العليا ، وما دونها .
( مقسط ) أي : عادل بين مَن ولاَّه الله عليهم .
( موَّفق ) أي : مهتد لما فيه التوفيق والصلاح ، قد هدى إلى ما فيه الخير .
فهذا من أصحاب الجنة .
( ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ) رجل رحيم ، يرحم عبادَ الله ، يرحم الفقراء ، يرحم العجزة ، يرحم الصغار ، يرحم كل من يستحق الرحمة .
( رقيق القلب ) ليس قلبه قاسياً .
( لكل ذي قربى ومسلم ) وأما للكفار : فإنه غليظ عليهم .
هذا أيضاً من أهل الجنة : أن يكون الإنسان رقيق القلب ، يعني : فيه لين ، وفيه شفقة على كل ذي قربى ومسلم .
والثالث : ( رجل عفيف متعفف ذو عيال ) يعني : أنه فقير ، ولكنه متعفف لا يسأل الناس شيئاً يحسبه الجاهل غنيّاً من التعفف .
( ذو عيال ) أي : أنه مع فقره عنده عائلة ، فتجده صابراً ، محتسباً ، يكد على نفسه ، فربما يأخذ الحبل ويحتطب ويأكل منه ، أو يأخذ المخلب يحتش فيأكل منه ، المهم : أنه عفيف ، متعفف ، ذو عيال ، ولكنه صابر على البلاء ، صابر على عياله ، فهذا من أهل الجنة ، نسأل الله أن يجعلنا من أحد هؤلاء الأصناف . [” شرح رياض الصالحين ” ( 3 / 648 ، 649 )] .
وقال النووي – رحمه الله – : [شرح النووي على مسلم – (17 / 199)]
( الضعيف الذي لا زَبر له الذين هم فيكم تبعاً لا يبتغون أهلاً ، ولا مالاً ) .
فقوله ( زبر ) بفتح الزاي وإسكان الموحدة ، أي : لا عقل له يزبره ، ويمنعه مما لا ينبغى ، وقيل : هو الذي لا مال له ، وقيل : الذي ليس عنده ما يعتمده .
وقوله ( لا يتبعون ) بالعين المهملة ، مخفف ، ومشدد ، من الاتباع ، وفي بعض النسخ ” يبتغون ” بالموحدة والغين المعجمة ، أي : لا يطلبون .
قوله صلى الله عليه و سلم ( والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانة ) معنى ( لا يخفى ) : لا يظهر ، قال أهل اللغة : يقال خفيت الشيء إذا أظهرته ، وأخفيته إذا سترته وكتمته ، هذا هو المشهور ، وقيل : هما لغتان فيهما جميعاً .
قوله ( وذكر البخل والكذب ) هي في أكثر النسخ ( أو الكذب ) بـ ( أو ) ، وفي بعضها ( والكذب ) ، بالواو ، والأول : هو المشهور في نسخ بلادنا ، وقال القاضي : روايتنا عن جميع شيوخنا بالواو إلا ابن أبي جعفر عن الطبري فبـ ( أو ) وقال بعض الشيوخ : ولعله الصواب ، وبه تكون المذكورات خمسة .
وأما ( الشنظير ) فبكسر الشين والظاء المعجمتين وإسكان النون بينهما ، وفسَّره في الحديث بأنه الفحَّاش ، وهو السيء الخلق . [” شرح مسلم ” ( 17 / 199 ، 200 ) ].
فليتأمل العبد الموفق ، كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل علامة أهل الجنة في الآخرة أن يعملوا بأعمالهم في الدنيا ، وجعل علامة أهل النار في الآخرة أن يعملوا بأعمالهم في الدنيا .
قال الإمام أحمد رحمه الله : ” سمعت سفيان بن عيينة يقول : من يزرع خيرا يحصد غِبطة ، ومن يزرع شرا يحصد ندامة ؛ تفعلون السيئات وترجون أن تُجْزَوُا الحسنات ؟!
أجل ؛ كما يجني من الشوك العنب !! ” [“العلل ومعرفة الرجال” (2/373) ].
======
للمقادير أقلاما
وقد ذكر العلماء أقساماً للأقلام، وهي ([:
القلم الأول: العام الشامل لجميع المخلوقات، وهو القلم الذي خلقه الله وكتب به في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق، وهذا أول الأقلام وأفضلها وأجلها، كما دل على ذلك قوله:
أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، قال: يارب، وما أكتب؟ قال:اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة)
القلم الثاني: قلم الوحي: وهو الذي يكتب به وحي الله إلى أنبيائه ورسله، وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام
فهذه الأقلام هي التي تكتب ما يوجبه الله تبارك وتعالى من الأمور التي يدبر بها أمر العالم العلوي والسُّفلي.
القلم الثالث: حين خلق آدم عليه السلام، وهو قلم عام أيضاً، لكن لبني آدم.
القلم الرابع: حين يُرسل الملك إلى الجنين في بطن أمه، فينفخ فيه الروح، ويأمر بأربع كلمات:
يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، كما سبق
القلم الخامس: الموضوع على العبد، الذي بأيدي الكرام الكاتبين، الذين يكتبون ما يفعله بنو آدم،كما قال تعالى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (265)
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يعقل، وعن الصبي حتى يحتلم)
وقد اختلف العلماء هل القلم أول المخلوقات أو العرش؟
– فقيل بأن العرش قبل القلم لقوله : كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم.
وقيل أن القلم أول المخلوقات.
مسألة الرزق
وفي هذا الموضوع يظهر تميز المؤمن بأنه واثق بوصول رزقه ساعي في الأرض هونا في تحصيل ما كتب لها ، من أقوم طريق وأسلم سبيل.
وأما غير المؤمن فيظهر في صورة مرتبكة ، قد نحت الهم والغم فؤاده
ولنبين : انفراد الله بالرزق وحده سبحانه ، وبيان أثر ضعف الإيمان بذلك في حياة الناس ، وما وقعوا فيه من أخطاء ، وبيان أسباب الرزق ، والله المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
تمهيد
تتضح أهمية موضوع الرزق من خلال ارتباطه بالإيمان بالله سبحانه وتعالى ،بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وقضائه وقدره :
فمن الإيمان بربوبيته :إفراده بالخلق والملك والتدبير والرزق.
ومن الإيمان بألوهيته : إفراده بالعباده وحده لكمال إنعامه وإحسانه وانفراده وحده برزق عباده، ولضعف غيره سبحانه وعجزهم وفقرهم وأنهم لا يملكون ضرا ولا نفعا ولا رزقا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا, فالإيمان بأنه هو المنفرد بالخلق والملك والتدبير وأنه ليس له شريك في ذلك يلزم من ذلك إفراده بالعبادة كما قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 21 – 22
وفي الحديث أن يحيى بن زكريا جمع بني إسرائيل “فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن أولهن : أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فإن مثل ذلك كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غير سيده فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا” الحديث –أخرجه الإمام أحمد وصححوا محققو المسند
وما ينبغي للعبد أن يجعل لله نداً وهو يعلم أن الله هو خالقه ورازقه , قال صلى الله عليه وسلم:” ليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله تعالى إنهم ليدعون له ولدا و يجعلون له أندادا و هو مع ذلك يعافيهم و يرزقهم” رواه البخاري ومسلم
، ومن الإيمان بأسمائه وصفاته : الإيمان باسمه الرزاق وأنه هو يرزق جميع خلقه (والرزاق والرازق اسمان من أسماء الله الحسنى ، وهما مشتقان من مادة الرزق ،والرزق هو كل ما ينتفع به)
وينقسم الرزق إلى قسمين : عام وخاص ، فالعام: كل ماينتفع به البدن سواءً كان حلالاً أو حراماً وسواءً كان المرزوق مؤمنا أو كافراً
ولهذا قال السفاريني :
والرزق ما ينفع من حلال أو ضده فحل عن المحال
لأنه رازق كل الخــلق وليس مخلوق بغير رزق
لأنك لو قلت :إن الرزق هو العطاء الحلال لكان كل الذّين يأكلون الحرام لم يرزقوا ، مع أن الله أعطاهم ما تصلح به أبدانهم ، لكن الرزق نوعان :طيب وخبيث ولهذا قال الله تعالى:﴿ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ﴾ الأعراف:32 . ولم يقل : والرزق ، أما الخبائث فهي حرام.
أما الرزق الخاص: فهو مايقوم به الدين من العلم النافع والعمل الصالح والرزق الحلال المعين على طاعة الله)
وفي كتاب السنة
وردت بعض الألفاظ والطرق الأخرى
وهي:
– ُّ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ فَمَرَرْنَا بِابْنِ عُمَرَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَقَالَ لَهُ مَا الإِيمَانُ فَقَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَلِقَائِهِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ أَرَاهُ قَالَ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ. -السنة لابن أبي عاصم ,وصححه الألباني-
وعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أَلَيْسَ قَدْ قَضَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَمَضَى مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مَا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ صلى الله عليه وسلم وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ قَالَ قُلْتُ بَلْ هُوَ شَيْءٌ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ قَالَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا قَالَ قُلْتُ إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ إِلاَّ هُوَ خَلْقُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِلْكٌ لِلَّهِ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ قَالَ ثَبَّتَكَ اللَّهُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَحْزِرَ عَقْلَكَ.
و«جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فِيهِ وَيَكْدَحُونَ أَلَيْسَ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ مَضَى أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ عَلَيْهِ السَّلامُ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ قَالَ بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ قَالَ فَفِيمَ نَعْمَلُ أَوْ فِيمَا نَعْمَلُ قَالَ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لإِحْدَى الْمَنْزِلَتَيْنِ أَلْهَمَهُ لَهَا وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}».
——
مشاركة عبدالله البلوشي ابي عيسى :
*وهذا بيان لمراتب القدر، من فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله:*
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الإيمان بالقدر يجمع أربعة أمور:
*الأمر الأول* : الإيمان بأن الله سبحانه علم الأشياء كلها قبل وجودها بعلمه الأزلي وعلم مقاديرها وأزمانها وآجال العباد وأرزاقهم وغير ذلك كما قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[4]،
وقال تعالى: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[5]،
وقال تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[6]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
*الثاني: من مراتب الإيمان بالقدر* : كتابته سبحانه لجميع الأشياء من خير وشر وطاعة ومعصية وآجال وأرزاق وغير ذلك كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[7] في آيات كثيرة سبق بعضها آنفا.
وفي الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار))، قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما كان من أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة))، ثم قرأ رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}[8] الآيتين
وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة ومنها حديث عبد الله بن مسعود المخرج في الصحيحين في ذكر خلق الجنين وأنه يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.
*الأمر الثالث: من مراتب الإيمان بالقدر* : أنه سبحانه وتعالى لا يوجد في ملكه ما لا يريد ولا يقع شيء في السماء والأرض إلا بمشيئته، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[9]،
وقال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ}[10]
وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[11]،
وقال تعالى: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[12]،
وقال عز وجل: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء}[13]،
والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا معلومة من كتاب الله
والإرادة في هذه الآية بمعنى المشيئة وهي إرادة كونية قدرية بخلاف الإرادة في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[14]
فالإرادة في هذه الآيات الثلاث إرادة شرعية أو دينية بمعنى المحبة،
والفرق بين الإرادتين الأولى: لا يتخلف مرادها أبدا بل ما أراده الله كونا فلا بد من وقوعه كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[15]،
أما الإرادة الشرعية فقد يوجد مرادها من بعض الناس وقد يتخلف.
وإيضاح ذلك أن الله سبحانه أخبر أنه يريد البيان للناس والهداية والتوبة ومع ذلك أكثر الخلق لم يهتد ولم يوفق للتوبة ولم يتبصر في الحق؛ لأنه سبحانه وتعالى قد أوضح الحجة والدليل وبين السبيل وشرع أسباب التوبة وبينها ولكنه لم يشأ لبعض الناس أن يهتدي أو يتوب أو يتبصر فذلك لم يقع منه ما أراده الله شرعا لما قد سبق في علم الله وإرادته الكونية من أن هذا الشخص المعين لا يكون من المهتدين ولا ممن يوفق للتوبة.
وهذا بحث عظيم ينبغي تفهمه وتعقله والتبصر في أدلته ليسلم المؤمن من إشكالات كثيرة وشبهات مضلة حار فيها الكثير من الناس لعدم تحقيقهم للفرق بين الإرادتين، ومما يزيد المقام بيانا أن الإرادتين تجتمعان في حق المؤمن فهو إنما آمن بمشيئة الله وإرادته الكونية وهو في نفس الوقت قد وافق بإيمانه وعمله الإرادة الشرعية وفعل ما أراده الله منه شرعا وأحبه منه، وتنفرد الإرادة الكونية في حق الكافر والعاصي فهو إنما كفر وعصى بمشيئة الله وإرادته الكونية، وقد تخلفت عنه الإرادة الشرعية لكونه لم يأت بمرادها وهو الإسلام والطاعة فتنبه وتأمل والله الموفق.
*الأمر الرابع من مراتب الإيمان بالقدر* : أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الموجد لجميع الأشياء من ذوات وصفات وأفعال فالجميع خلق الله سبحانه، وكل ذلك واقع بمشيئته وقدرته، فالعباد وأرزاقهم وطاعاتهم ومعاصيهم كلها خلق الله وأفعالهم تنسب إليهم فيستحقون الثواب على طيبها والعقاب على خبيثها، والعبد فاعل حقيقة وله مشيئة وله قدرة قد أعطاه الله إياها، والله سبحانه هو خالقه وخالق أفعاله، وقدرته ومشيئته كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[16]،
وقال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وما تشاؤن إلا أن يشاء الله}[17]
فلا يخرج شيء من أفعال العباد ولا غيرهم عن قدرة الله ولا عن مشيئته فعلم الله شامل ومشيئته نافذة وقدرته كاملة لا يعجزه سبحانه شيء ولا يفوته أحد كما قال عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[18]،
والعرش وما دونه من سماوات وأرضين وملائكة وبحار وأنهار وحيوان وغير ذلك من الموجودات كلها وجدت بمشيئة الله وقدرته لا خالق غيره ولا رب سواه ولا شريك له في ذلك كله، كما أنه لا شريك له في عبادته ولا في أسمائه وصفاته كما قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}[19]،
وقال تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[20]،
وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[21]،
وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[22]، فالله سبحانه هو الخالق وما سواه مخلوق وصفاته كذاته ليست مخلوقة وكلامه من صفاته،
والقرآن الكريم من كلامه المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو كلام الله عز وجل منزل غير مخلوق بإجماع أهل السنة، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سلك سبيلهم إلى يوم القيامة.