104 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
– عن عبد اللّه بن معاوية الغاضريّ رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ثلاث من فعلهنّ فقد طعم طعم الإيمان، من عبد اللّه وحده وأنّه لا إله إلّا اللّه، وأعطى زكاة ماله طيّبة بها نفسه رافدة عليه كلّ عام، ولا يعطي الهرمة، ولا الدّرنة، ولا المريضة، ولا الشّرط اللّئيمة ولكن من وسط أموالكم، فإنّ اللّه لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشرّه»
قال سيف وصاحبه:
طريق عبد الله بن سالم على شرط الذيل
(راجع تخريجنا لنضرة النعيم مع الأصحاب احاديث واردة في الزكاة).
الحديث رواه أبو داود، والبيهقي في السنن، وشعب الإيمان، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود “الأم” برقم (1410) والصحيحة برقم (1046).
-قال المنذري
الحديث أخرجه أبو داود منقطعا وذكره أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة مسندا وذكره أيضا أبو القاسم الطبراني وغيره مسندا
عون المعبود شرح سنن أبي داود: (2/ 15)
– فيه انقطاع بين يحيي بن جابر وبين جبير بن نفير. وقد جاء موصولا من طرق عن عبد الله بن سالم – وهو الأشعري -، بذكر عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وهو ثقة.
اخرجه الطبراني في الصغير والبيهقي في الكبرى 4/ 95 موصولاً، عن عبد الرحمن بن جابر الطائي، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه عن عبدالله بن معاويه به. وكذا اخرجه البخاري في التاريخ الكبير 5/ 31 رقم 54 وسنده ظاهره الصحه، فيحيى بن جابر وعبد الرحمن بن جبير، كلاهما ثقة.
——–
اخراج الزكاة يكون من أوساط المال
قال العيني في شرح سَنَن ابي داود
[ج (6) / (273) – (274)]:
قوله: “طعم طعم الإيمان ” طعم فعل معجمي
بكسر العين بمعنى ذاق، ومنه قوله تعالى: (ومن يطعمه فإنه مني) والطعم بالفتح ما يؤديه الذوق.
قوله: ” من عبد الله وحده” أي: أولى الخصال
الثلاثة: من عبد الله وحده.
قوله: ” وأنه لا إله إلا الله ” عطف على قوله
“وحده “، فيكون في محل النصب، لأن “وحده” حال بمعنى ينفرد وحده كما قررناه مرة.
هذا هو إخلاص العبادة لله عز وجل، وهذا هو الأساس؛ لأن إفراد الله بالعبادة أساس كل عمل، وكل عمل من الأعمال لا يقبل إلا إذا كان خالصا لوجه الله عز وجل وحده لا شريك له.
ولا إله إلا الله هي كلمة الإخلاص والتوحيد،
ومعناها: لا معبود بحق إلا الله، فهي مشتملة على نفي وإثبات، نفي عام في أولها، وإثبات خاص في آخرها، النفي العام الذي في أولها هو نفي العبادة عن كل ما سوى الله، والإثبات الخاص الذي في آخرها هو إثبات العبادة لله وحده لا شريك له.
(قوله: [(وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه
أي: حال كونه طيبة بالزكاة نفسه، وإنما أتت طيبة لاستنادها إلى النفس، يقال: طابت نفسه بالشيء، إذا سمحت به من غير كراهة ولا غضب.
هذه الخصلة الثانية، وهي محل الشاهد من
إيراد الحديث في الترجمة، أي: أنه يخرج الزكاة عن طيب نفس، فلا يخرجها عن كراهية وعدم رضا وعدم ارتياح؛ لأن هذا حكم الله، وهذا حق أوجبه الله عز وجل في أموال الأغنياء للفقراء شكرا لله عز وجل على هذه النعمة، والزكاة من أسباب نماء المال وأسباب كثرته كما جاء في الحديث: (ما نقص مال من صدقة، بل تزده).
قوله: “رافدة عليه” أي: معينة، وأصل الرفد
الإعانة، يقال: رفدته أرفده إذا أعنته، وانتصابها على أنها حال من “نفسه “، والضمير الذي في “عليه ” يرجع إلى الإعطاء، الذي يدل عليه قوله: “وأعطى”، والمعنى معينة على إعطائها، أي: أداء الزكاة.
وقيل الرفد هو الزيادة،
فالمعنى أنها زيادة ونماء في ماله.
قوله: ” ولم يعط الهرمة” هي الخصلة الثالثة، و
“الهرمة” الكبيرة في السن.
قوله: “ولا الدرنة ” بفتح الدال المهملة، وكسر
الراء، وبعدها نون مفتوحة، وتاء تأنيث: أي: ولا يعطي الدرنة، وهي الجرباء، وأصل الدرن الوسخ.
قوله: “ولا الشرط” بفتح الشين المعجمة
والراء، وبطاء مهملة. قال الخطابي ((2)): الشرط: رذالة المال، قال الشاعر: …………….. وفي شرط المعزى لهن مهور
وقال ابن الأثير: وقيل: صغار المال وشرار.
قوله: ” اللئيمة ” نصب على أنها صفة “للشرط”
ومعناها الدنيئة.
قوله: ” من وسط أموالكم” بفتح السين
قوله: ” لم يسألكم خيره” أي: خير ما لكم، و”
لم يأمركم بشره” أي: برذالته.
قال الشوكاني في النيل (ج (4) / (160))
قوله: (ولكن من وسط أموالكم. . . إلخ) فيه
دليل على أنه ينبغي أن يخرج الزكاة من أوساط المال لا من شراره ولا من خياره.
وقد تقدم في كلام الزهري أن المال يقسم أثلاثا: ثلثا خيارا، وثلثا شرارا، وثلثا وسطا، والزكاة تؤخذ من الوسط، فهذا الحديث يدل على أن كلام الزهري صحيح، وأنه دل عليه الدليل.
قال العباد في شرح سَنَن ابي دَاوُدَ
قوله: ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان) هذا إجمال من أجل الاهتمام والعناية والتشويق لما سيذكر بعد ذلك، مثل قوله: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان) ثم يأتي التفسير، وهنا قال: (ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان) ثم يأتي التفسير، وهذا فيه حث على الاهتمام بما سيأتي، وأيضا ذكر العدد يجعل الإنسان يضبط العدد، ولو نسى شيئا فإنه سيعلم أنه حصل نقص؛ لأنه لابد أن يطابق العدد المعدود، فإذا ذكر العدد أولا فإنه يجعل الإنسان يطالب نفسه بالمعدود حتى يطابق العدد، فهذا من فوائد تقديم العدد.