1030 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة طارق أبي تيسير، وصالح الصيعري، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وجمال، وكديم.
——–‘——-
قال العلامة الوادعي في الصحيح المسند
1030 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا علي بن بحر، قال: حدثنا محمد بن حمير الحمصي، قال: حدثني إبراهيم بن أبي عبلة، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، قال: حدثنا جبير بن نفير، عن عوف بن مالك أنه، قال: بينَما نحنُ جلوسٌ عندَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ ذاتَ يومٍ، فنظرَ في السَّماءِ، ثمَّ قالَ: ((هذا أوانُ العِلمِ أن يُرفَعَ)). 1
فقالَ لَه رجلٌ منَ الأنصارِ يُقالُ لَه زيادُ بنُ لَبيدٍ: أيُرفَعُ العِلمُ يا رسولَ اللَّهِ، وفينا كتابُ اللَّهِ، وقد علَّمناهُ أبناءَنا ونساءَنا؟
فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ: ((إن كنتُ لأظنُّكَ مِن أفقَهِ أهلِ المدينةِ))، ثمَّ ذكرَ ضلالةَ أهلِ الكتابَينِ، وعندَهُما ما عندَهُما مِن كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ.
فلَقيَ جُبَيرُ بنُ نُفَيرٍ، شدَّادَ بنَ أوسٍ بالمصلَّى، فحدَّثَهُ هذا الحديثَ، عَن عَوفِ بنِ مالِكٍ، قالَ: صدقَ عَوفٌ.
ثمَّ قالَ: وهَل تدري ما رَفعُ العلمِ؟
قالَ: قُلتُ: لا أدري؟
قالَ: ذَهابُ أوعيَتِهِ.
قالَ: وهَل تدري أيُّ العلمِ أوَّلُ يُرفَعُ؟
قالَ: قلتُ: لا أدري. قالَ: الخُشوعُ، حتَّى لا تَكادُ ترَى خاشعًا.
قال الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح.
—
في الحديث سبعة أمور:
1 – تخريج الحديث.
سبق أن أورده الشيخ الوادعي في مسند شداد (473) به.
قال الوادعي رحمه الله في [الجامع الصحيح المسند (3/ 426 – 427)] بعد أن أورد الحديث: ” هذا حديث صحيح، وقد رواه النسائي في (الكبرى) عن الربيع بن سليمان، عن ابن وهب، عن الليث بن سعد، عن إبراهيم بن أبي علية، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عنه به، كما في تحفة الأشراف.
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (ج1 ص123)، فقال: حدثنا الربيع الجيزي، والحسن بن نضر البغدادي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرني يحيى بن أيوب، حدثنا أبو سليمان إبراهيم بن أبي علية به”. انتهى المراد.
وقال محققو المسند تحت الحديث: ” حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، محمد بن حمير صدوق لا بأس به، وهو من رجال البخاري، وقد توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح غير علي بن بحر، فقد روى له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي، وهو ثقه.
وأخرجه البخاري في “خلق أفعال العباد” (339)، والطحاوي في “شرح المشكل” (302)، والطبراني في “الشاميين” (56)، وأبو نعيم في “الحلية” 5/ 138 و247، وابن عبد البر في “جامع بيان العلم وفضله” 1/ 152 من طرق عن محمد بن حمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في “خلق أفعال العباد” (337) و (338)، والنسائي في “الكبرى” (5909)، والبزار في “مسنده” (2741)، والطحاوي في “شرح مشكل الآثار” (301)، وابن حبان (4572)، والطبراني في “الكبير” 18/ (75)، وفي “الشاميين” (55)، والحاكم 1/ 98 – 99، والخطيب البغدادي في “اقتضاء العلم العمل” (89)، والبيهقي في “المدخل” (853) من طريق الليث بن سعد،
والطحاوي في “شرح المشكل” (303) من طريق يحيى بن أيوب، كلاهما عن إبراهيم بن أبي عبلة، به.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح.
وخالف عبد الله بن صالح كاتب الليث، فرواه عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي الدرداء … وذكر في آخره: إن جبيراً لقي عبادة بن الصامت فأخبره بما سمع من أبي الدرداء. أخرجه الترمذي (2653)، والطحاوي (304)، والحاكم 1/ 99، والبيهقي في “المدخل” (854).
وهذا من أوهام عبد الله بن صالح فقد كان سياء الحفظ.
وسلف الحديث عن زياد بن لبيد نفسه برقم (17473) من طريق سالم بن أبي الجعد عنه، وهو منقطع”. انتهى المقصود.
وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في «المشكاة» (1/ 81).
2 – مسائل الحديث.
فقد بوب الوادعي رحمه الله في الجامع الصحيح المسند (3/ 426)]: “إخباره صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن رفع العلم”. وذكر الحديث.
وفي (1/ 51) بوب عليه: “ذهاب العلم”. وأورد فيه رواية ابن ماجة، ثم ذكر بعده رواية أحمد في المسند.
وقد أورد القرطبي في كتابه [(التذكرة) ص (1258) ط مكتبة دار المنهاج] هذا الحديث، وغيره من الأحاديث، وبوب عليها، فقال: “باب في ذهاب العلم ورفعه، وما جاء أن الخشوع والفرائض أول علم يرفع من الناس”.
3 – المراد برفع العلم.
[((هذا أوانُ العِلمِ أن يُرفَعَ)).
فقالَ لَه رجلٌ منَ الأنصارِ يُقالُ لَه زيادُ بنُ لَبيدٍ: أيُرفَعُ العِلمُ يا رسولَ اللَّهِ، وفينا كتابُ اللَّهِ، وقد علَّمناهُ أبناءَنا ونساءَنا؟
فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ: ((إن كنتُ لأظنُّكَ مِن أفقَهِ أهلِ المدينةِ))].
من علامات فساد نظام العالَم بسبب موت العالِم قرب الساعة، وظهور الجهل، وانتشار الفتن، قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَاتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد 41].
قال عطاء بن أبي رباح: «ذهاب فقهائها، وخيار أهلها»، وكذا روي عن وكيع.
قال ابن عبد البر معلِّقاً على هذا الأثر: «وقول عطاء في تأويل الآية حسن جدًّا يلقاه أهل العلم بالقبول». «جامع بيان العلم» (1/ 155).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويثبت الجهل، ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا» متفق عليه.
وعن عبد الله بن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بين يدي الساعة أياماً يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرْج، والهرْج القتل» متفق عليه.
فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ سبب ثبوت الجهل وشرب الخمر، وظهور الزنا، وكثرة الهرْج التي هي من علامات الساعة، رفع العلم.
وخصَّ هذه الأمور بالذِّكر؛ لأنَّ الإخلال بها سبب لاختلال نظام العالَم، وفساد مصالح الناس، فالجهل يُخلُّ بالدين، والخمر يخلُّ بالعقل، والزنا يُخلُّ بالنسب، والهرْج يخلُّ بالنفس والمال، ولهذا جاءت الشرائع السماوية بالمحافظة على هذه الضروريات الخمس.
-[وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم معنى رفع العلم في حديث آخر]، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلُّوا وأضلُّوا» متفق عليه.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «قراؤكم علماؤكم يذهبون، ويتّخذ الناس رؤوساً جهَّالاً»، وذكر الحديث. رواه ابن عبد البر في «الجامع» (1/ 152).
وقال أيضا: «عليكم بالعلم قبل أن يُرفع، ورفعُهُ هلاك العلماء» رواه الدارمي (1/ 54).
وقال علي رضي الله عنه: «يموت العلم بموت حملته» رواه الخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 49 ـ 50)، وحسنه.
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: «ما لي أرى علماءَكم يذهبون، وجُهَّلَكم لا يتعلَّمون، تعلَّموا قبل أن يُرفع العلم، فإنَّ رفعَ العلم ذهاب العلماء» رواه ابن عبد البر في «الجامع» (1/ 156).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «هل تدرون ما ذهابُ العلم؟ قلنا: لا، قال: ذهاب العلماء» رواه الدارمي (1/ 7).
وعنه أنَّه كان يقول: «لا يزال عالم يموت، وأثرٌ بالحقّ يُدرس، حتى يكثر أهل الجهل وقد ذهب أهل العلم فيعملون بالجهل، ويدينون بغير الحقِّ، ويضلُّون عن سواء السبيل» ذكره ابن عبد البر في «الجامع» (1/ 155).
وعن أبي وائل قال: قال حذيفة: «أتدري كيف ينقص العلم؟ قال: قلت: كما ينقص الثوب، كما ينقص الدرهم، قال: لا، وإنَّ ذلك لمِنْهُ قبض العلم قبض العلماء» رواه الدارمي (1/ 7).
وعن ابن شهاب الزهري قال: «بلغنا عن رجال من أهل العلم، قالوا: الاعتصام بالسنن نجاة، والعلم يُقبض قبضاً سريعاً، فنعش العلم ثبات الدِّين والدنيا، وذهاب ذلك كله في ذهاب العلم» [رواه الدارمي (1/ 7)]. هذه الآثار من [أثر موت العالِم في فساد العالَم، للشيخ د/ عبد المجيد جمعة].
قلت سيف: ذكر يوسف الحمادي في كتابه فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة وذكر أشراط الساعة الصغرى
المسألة السابعة: رفع العلم: ثم ذكر أحاديث قبض العلم بموت العلماء
ورفع العلم باهماله وعدم العمل به وذكر حديثنا. ثم قال:
قال ابن رجب فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العلم الذي عند أهل الكتابين من قبلنا موجود بأيديهم ولا ينتفعون بشئ منه لما فقدوا المقصود منه وهو وصوله إلى قلوبهم حتى يجدوا حلاوة الايمان ومنفعته بحصول الخشية والانابة لقلوبهم وإنما هو على السنتهم تقام به الحجة عليهم، ولهذا المعنى وصف الله سبحانه في كتابه العلماء بالخشية كما قال تعالى ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)
[سورة فاطر 28] انتهى من الخشوع في الصلاة ص 27
ويشهد لهذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم.: يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج.
قالوا: يا رسول الله أيما هو؟
قال: القتل القتل. انتهى من كتاب فتاوى في العقيدة ليوسف الحمادي 1/ 525 ثم ذكر كذلك
المسألة الثامنة: التماس العلم عند الاصاغر. …..
4 – المراد بضلالة أهل الكتابين.
[ثمَّ ذكرَ ضلالةَ أهلِ الكتابَينِ، وعندَهُما ما عندَهُما مِن كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله، عند قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} [المائدة: (66)].
{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ} قال ابن عباس وغيره: يعني القرآن. {لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم}، أي: لو أنهم عملوا بما في الكتب التي بأيديهم عن الأنبياء، على ما هي عليه، من غير تحريف ولا تغيير ولا تبديل، لقادهم ذلك إلى اتباع الحق والعمل بمقتضى ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم; فإن كتبهم ناطقة بتصديقه والأمر باتباعه حتما لا محالة.
إلى أن قال رحمه الله: … وقال ابن جرير: قال بعضهم: معناه: لكانوا في الخير، كما يقول القائل: “هو في الخير من قرنه إلى قدمه”. ثم رد هذا القول لمخالفة أقوال السلف.
وقد ذكر ابن أبي حاتم عند قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ} حديث علقمة، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((يوشك أن يرفع العلم)). فقال زياد بن لبيد: يا رسول الله، وكيف يرفع العلم وقد قرأنا القرآن وعلمناه أبناءنا؟! قال: ((ثكلتك أمك يا ابن لبيد! إن كنت لأراك من أفقه أهل المدينة أو ليست التوراة والإنجيل بأيدي اليهود والنصارى فما أغنى عنهم حين تركوا أمر الله)). ثم قرأ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ}.
هكذا أورده ابن أبي حاتم حديثا معلقا من أول إسناده، مرسلا في آخره. وقد رواه الإمام أحمد بن حنبل متصلا موصولا فقال:
حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد عن زياد بن لبيد قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقال: ((وذاك عند ذهاب العلم)). قال: قلنا: يا رسول الله، وكيف يذهب العلم، ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا، ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: ((ثكلتك أمك يا ابن أم لبيد، إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل، ولا ينتفعون مما فيهما بشيء؟!)).
وكذا رواه ابن ماجه، عن أبى بكر بن أبي شيبة، عن وكيع بإسناده نحوه، وهذا إسناد صحيح”. انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن كثير.
5 – المراد بالخشوع.
ففي (فيض القدير شرح الجامع الصغير) (3/ 114 – 115)] قال المناوي:
” (2821) ((أول ما يرفع من الناس الخشوع)) أي: خشوع الإيمان الذي هو روح العبادة، وهو الخوف أو السكون أو معنى يقوم في النفس يظهر عنه سكون الأطراف، يلائم مقصوده العبادة، قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه، فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه.
وخرج بخشوع الإيمان خشوع النفاق، والفرق بينهما:
أن الأول: خشوع القلب لله بالإجلال والوقار والمهابة والحياء.
والثاني: يبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع. (طب عن شداد بن أوس). قال الزين العراقي في شرح الترمذي: وتبعه الهيثم: فيه عمران القطان، ضعفه ابن معين والنسائي، ووثقه أحمد.
(2822) ((أول شئ يرفع من هذه الأمة)) المحمدية ((الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا)) خشوع إيمان، بل خشوع تماوت ونفاق، فيصير الواحد منهم ساكن الجوارح؛ تصنعا ورياء، ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات وإرادات، فهو يتخشع في الظاهر وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة.
وقال الراغب: قال رجل للحسن البصري: أمؤمن أنت؟ قال: إن كنت تريد قول الله تعالى: {آمنا بالله وما أنزل إلينا} فنعم به نتناكح ونتوارث، وإن أردت قوله: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} فلا أدري. (طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: سنده حسن. انتهى.
وظاهر اقتصار المصنف على عزوه للطبراني أنه لا يوجد مخرجا لأحد أعلى ولا أولى بالعزو وهو قصور فقد خرجه الإمام أحمد في المسند من حديث عوف بن مالك، ولفظه أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة والخشوع حتى لا يكاد يرى خاشعا، وليكونن أقوام يتخشعون وهم ذئاب ضواري. انتهى بحروفه”. انتهى المراد.
6 – فائدة: بذهاب الخشوع تكون العبادة بغير روح، وهذا أمر يورث الخوف على القلب، وتفقده دائماً. [فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب].
7 – فائدة: إشكال حول الحديث وجوابه.
قال أبو جعفر في (مشكل الآثار): فأنكر منكر هذه الأحاديث، وقال: كيف يكون العلم يرفع في زمن النبي عليه السلام، وأيامه هي الأيام السعيدة التي لا أمثال لها، والوحي فإنما كان ينزل عليه فيها، فمحال أن يكون العلم الذي ينزل فيها ويبقى في أيدي الناس ليبلغه بعضهم بعضا إلى يوم القيامة كما أمروا به فيه يكون ذلك مرفوعا في تلك الأيام؛ لأن ذلك لو كان كذلك انقطع التبليغ وبقي الناس في أيام رسول الله بلا علم، وكانوا بعده في خروجهم عنه أغلط وهذا يستحيل؛ لأن العلم إنما علم ليأخذه خلف عن سلف إلى يوم القيامة؟!
فكان جوابنا له في ذلك: أن هذا الحديث من أحسن الأحاديث وأصحها، وأن الذي فيه من نظر النبي عليه السلام إلى السماء، ومن قوله عند ذلك: ((هذا أوان يرفع فيه العلم)) إنما هو إشارة منه إلى وقت يرفع فيه العلم، قد يجوز أن يكون هو وقت يكون بعده؛ لأن هذا إنما هو كلمة يشار بها إلى الأشياء من ذلك قول الله تعالى: {هذا يومكم الذي كنتم توعدون}، ليس هم فيه يوم أنزل ذلك على رسول الله عليه السلام، ومنه قوله تعالى: {هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ}، ليس على شيء مرئي يوم قيل لهم ذلك في أمثال لهذا كثيرة في القرآن.
فمثل ذلك ما في حديث عوف قد يحتمل أن يكون رسول الله عليه السلام لما نظر إلى السماء أري فيها الزمان الذي يرفع فيه العلم، فقال ما قال من أجل ذلك.
ومما يدل على ما ذكرنا من هذا احتجاجه عليه السلام بضلالة أهل الكتابين اليهود والنصارى، وعند اليهود منهم التوراة وعند النصارى منهم الإنجيل، ولم يمنعاهم من الضلالة، وإنما كان ذلك بعد ذهاب أنبيائهم صلوات الله عليهم لا في أيامهم، فكذلك ما تواعد رسول الله عليه السلام به أمته في حديث عوف هذا يحتمل أن يكون بعد أيامه وبعد ذهاب من تبعه وخلفه بالرشد والهداية من أصحابه رضوان الله عليهم ومن سائر أمته سواهم”. انتهى المقصود.
=====
قال القرطبي في التذكرة:
قلت: و قد ذكرناه في مسند زياد بن لبيد بإسناد صحيح على ما ذكره ابن ماجه و هو يبين لك ما ذكرناه من أن المقصود برفع العلم العمل به كما قال عبد الله بن مسعود: ليس حفظ القرآن بحفظ الحروف و لكن إقامة حدوده ثم بعد رفع العمل بالعلم يرفع القلم و الكتاب و لايبقى في الأرض من القرآن آية تتلى على ما يأتي في الباب بعد هذا
و قد خرج الدراقطني و ابن ماجه [من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: تعلموا الفرائص و علموها للناس فإنها تصف العلم و هو ينسى و هو أول شيء ينزع من أمتي] لفظ الدراقطني و لا تعارض و الحمد لله فإن الخشوع من علم القلوب و الفرائض علم الظاهر فافترقا و الحمد لله
الموسوعه الشامله. … 1/ 376
===
تدبر القرآن والاذكار مما يعين على الخشوع:
قال ابن جرير رحمه الله: \” إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله (أي: تفسيره) كيف يلتذ بقراءته
والخشوع الحقيقي خشوع القلب واستحضار عظمت الاله عزوجل:
كان حذيفة رضي الله عنه يقول: إياكم وخشوع النفاق فقيل له: وما خشوع النفاق قال: أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع
ذكر شمس الدين ابن القيم رحمه الله أنواع البكاء في كتابه:\’زاد المعاد\’ قال:\’ والثامن: بكاء النفاق، وهو أن تدمع العين والقلب قاس، فيظهر صاحبه الخشوع، وهو من أقسى الناس قلباً، وقد رأى بعضهم رجلاً خاشع المنكبين والبدن فقال: يا فلان الخشوع هاهنا!! وأشار إلى قلبه، لا هاهنا وأشار إلى منكبيه\’. انظر المدارج 1/ 521 – 524.
وسأل بعض العلماء:
يقول السائل: هل يصح الأثر القائل أول علم يرفع هو علم الفرائض وبين أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع؟
الإجابة
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
من الحديث الوارد أن أول علم يرفع علم التركة وعلم المواريث هذا لا يثبت، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «تعلموا الفرائض وعلموها، فإني امرؤ مقبوض، وهو أول علم يرفع» رواه ابن ماجه، وسنده ضعيف لا يثبت.
أما حديث رفع الخشوع أن العلم هو أول ما يرفع من الأرض، فهذا الحديث ليس مروي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- إنما ما ذكرت من كلام عبادة بن الصامت يرويه عنه جبير بن نفير أنه قال:” يا جبير إن أول علم يرفع هو الخشوع حتى تدخل مسجد جماعة فلا ترى فيهم خاشعًا”، وأثره ثابت عنه – رضي الله عنه-.
ذكرت أن هذه العبادات من الخشوع وقد يسميها السلف علم يجعلونها علم؛ لأن حقيقة العلم هو العمل وعلى هذا لا يتعارض؛ من جهة أن الخبر هذا لم يثبت، ومن جهة أن ما نقل من كلام عبادة، ولو ثبت فلا تعارض؛ لو ثبت فيما يظهر والله أعلم
حديث أنه أول علم يرفع علم الفرائض والمواريث، وأن عبادة قال إن أول علم يرفع هو الخشوع لا تعارض؛ لأن نحمل أول علم يرفع من باب العلم الذي هو من باب تعلم العلم والأحكام، ويكون الخشوع من باب تعلم علم القلب والجوارح، فهذا علم بمعنى الأحكام الشرعية، وهذا علم يتعلق بعلم القلب والسجود والعبادة التي هي عبادة العمل. لو فرض أنه ثبت هذا الخبر
نقل أن العلماء شبهو بالنجوم فالنجوم يهتدى بها وكذلك العلماء. والنجوم زينة للسماء وكذلك العلماء زينة لأهل الأرض. والنجوم رجوم للشياطين وكذلك العلماء رجوم على أهل الباطل
—-
وفي إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة للشيخ حمود التويجري رحمه الله
باب ما جاء في قبض العلم وظهور الجهل
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن من اشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ”
رواه الإمام أحمد والشيخان
وفي رواية: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل ويظهر الزنا وتكثر النساء ويقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد ” هذا لفظ البخاري ولفظ أحمد نحوه
وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا ما عدا خصلتين وهما:
1/ ذهاب الرجال
2/ كثرة النساء
فأما العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم وأئمة العلم والهدى من بعدهم فقد هجره الأكثر ون وقل الراغبون فيه والمعتنون به وقد انصرفت همم الأكثرين إلى الصحف والمجلات
وفي رواية لأحمد والشيخين عنه رضي الله عنه قال:” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعاً ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون ”
هذا لفظ البخاري
وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا فقل الفقهاء العارفون بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن بطال: إن الله لا ينزع العلم من العباد أي أن الله لا يهب العلم لخلقه ثم ينتزعه بعد أن تفضل عليهم ولا يسترجع ما وهب لهم من العلم المؤدي إلى معرفته وبث شريعته وإنما يكون انتزاعه بتضييعهم العلم فلا يوجد من يخلف من مضى فأنذر صلى الله عليه وسلم بقبض الخير كله
وقال باحث اخر
وإن من دلائل النبوة ما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يكون بين يدي الساعة، بقوله: ((من أشراط الساعة أن يقِلَّ العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقِلَّ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)).
وزاد في رواية في الصحيحين: ((ويُشربَ الخمر، ويَظهرَ الزنا)) …….. وذكر روايات الحديث وقال:
فهذه ثمان علامات تكون بين يدي الساعة.
أولها: ظهور الجهل وقلة العلم الشرعي بين الناس، وذلك لقبض العلماء وظهور الرؤوس الجهال الذين يفتون بغير علم، فيَضلون ويُضلون،
قال ابن بطال: “وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط، وقد رأينا عياناً، فقد نَقص العلم وظهر الجهل”.
وتعقبه ابن حجر فقال: “الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله [أي العلم]، والمراد من الحديث استحكامُ ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر .. فلا يبقى إلا الجهل الصِرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم؛ لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك”. [7]
ولئن كان ذلك في زمن ابن بطال ثم ابن حجر فإنه في زماننا أظهر وأبْيَن، ولا يخفى هذا على عاقل يرى ما رُزئنا به اليوم من موت العلماء، وتصدر الأدعياء.
قال الإمام النووي رحمه الله:
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)
هَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَبْضِ الْعِلْمِ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ الْمُطْلَقَةِ لَيْسَ هُوَ مَحْوُهُ مِنْ صُدُورِ حُفَّاظِهِ،
وَلَكِنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوتُ حَمَلَتُهُ،
وَيَتَّخِذُ النَّاسُ جُهَّالًا يَحْكُمُونَ بِجَهَالَاتِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ. أ. هـ. ص [170 – 171]
ولعل النووي رحمه الله لم يطلع على رواية صحيح البخاري لأبي ذر مع أنها من الروايات الأربع المعتمدة لصحيح البخاري
حيث أن اللفظة وردت بالوجه الثاني (رُؤَسَاءَ) كما نقله صاحب الموضوع وفقه الله عن ابن حجر رحم الله الجميع
فوائد الحديث:
ـ على أن الخشوع ثمرة من ثمار العلم سواء كان في حالة الصلاة أو جميع الحالات الأخرى الظاهرة والباطنة.
وفيه حث بين على إظهار الخشوع المخبر عن حالة القلب.
والحديث يفسر العلم بالقرآن وتدخل السنة تباعا.
ويمكن أن يخفى بعض العلم عن بعض العلماء دون البعض الآخر.
وفيه التحذير من الوقوع في الفتن.
وفيه الخشوع والخوف من الله تعالى أحد عوامل الوقاية من الفتن نسأل الله تعالى السلامة والتوفيق في الإبانة.