102 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
102_ قال الإمام النسائي ج9ص320أخبرنا أبو عاصم خشيش بن أصرم قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا ثابت عن أنس
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وعبد الله بن رواحة يمشي بين يديه وهو يقول خلوا بني الكفار عن سبيله
اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
فقال له عمر يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حرم الله عز وجل تقول الشعر قال النبي صلى الله عليه وسلم خل عنه فلهو أسرع فيهم من نضح النبل.
وأخرجه النسائي أيضآص211:أخبرنا محمد بن عبد الملك, قال: أخبرنا عبد الرزاق به.
وأخرجه الترمذي ج8ص138فقال: حدثنا إسحق بن منصور أخبرنا عبد الرزاق به ثم قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه, ثم ذكرفيه علة صادرةعن وهم حصل له قد أجاب عنهاالحافظ في الفتح.
الحديث أخرجه أبو يعلى ج6ص160فقال: حدثنا أبو بكر بن زنجويه حدثنا عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن بن سليمان به.
*وأخرجه البزار كمافي كشف الأستارج2ص455: حدثنا سلمة بن شبيب والحسين بن مهدي وزهير بن محمد، ومحمد بن سهل بن عسكر قالوا: أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس، قال: دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء وعبد الله بن رواحة آخذ بغرزه يرتجز يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله … قد أنزل الرحمن في تنزيله
بأن خير القتل في سبيله
قال البزار: لا نعلم رواه عن الزهري، عن أنس إلا معمر، ولا نعلم رواه عن معمر إلا عبد الرزاق.
وأخرجه أبو يعلى ج6ص267و273.
وأخرجه أبوزراعة الدمشقي في تاريخه ج1ص455فقال: حدثني أحمدبن شبويه, قال حدثني عبدالرزاق به
وقدتقدم في التاريخ أن أبازرعةالدمشقي سأل احمدبن حنبل عن هذاالحديث فقال لوقلت إنه باطل, ورده رداشديدآ.
وأخرج الحديث البيهقي ج10ص228من الطريقين السابقين إلى أنس وابن حبان كما في المواردص495كذلك.
———————————–
وسئل الدارقطني: عَن حَديث الزُّهْرِي، عن أنس دخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم في عمرة القضاء، وابن رواحة بن يديه آخذ بغَرزْه، وهو يقول: خلوا بني الكفار عن سبيله … قد أنزل الرحمن في تنزيله فإن خير القتل في سبيله فقال: تفرّد به عبدالرزاق، عن معمر، عن الزُّهْرِي، عن أنس ويقال: إنه وهم فيه، وإنه سمع هذا الحديث من جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابت، عن أنس. وإنه انقلب عليه إسناده، وهو محفوظ من حديث جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس.”العلل” (12/ 194) (2608)
وقال المقدسي: إسناده ثقات لكنه معلول. “المختارة” (1590).
وقد ذكره ابن عدي في “الكامل” في ترجمة جعفر بن سليمان.
” التذييل على أحاديث معلة ” لحسن بن نور (1/ 37)
هو الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي أبو محمد، ويقال أبو رواحة، ويقال أبو عمرو، المدني، شهد بدرا وبيعة العقبة، وهو أحد النقباء، وأحد الأمراء في غزوة مؤتة واستشهد بها.
قال الذهبي رحمه الله:
” كان شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، وأخا أبي الدرداء لأمه “.
“سير أعلام النبلاء” (2/ 90).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
” أَحَد شُعَرَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَحَدِ النُّقَبَاءِ بِالْعَقَبَةِ، وَأَحَدِ الْبَدْرِيِّينَ ” انتهى من “فتح الباري” (7/ 516).
وقال المرزبانيّ في “معجم الشعراء”: ” كان عظيم القدر في الجاهلية والإسلام “.
“الإصابة” (4/ 75).
وراجع كذلك الطبقات لابن سعد والبداية والنهاية لابن كثير.
(أَنَّ النَّبِيَّ – صلى اللَّه عليه وسلم – دَخَلَ مَكَّةَ، فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ) اختُلف في سبب تسميتها بهذا الاسم، فقيل: المراد ما وقع من المقاضاة بين المسلمين، والمشركين، من الكتاب الذي كُتب بينهم بالحديبية، فالمراد بالقضاء الفصل الذي وقع عليه الصلح، ولذلك يقال لها: عمرة القضيّة. قال أهل اللغة: قاضى فلانًا: عاهده، وقاضاه: عاوضه. فيحتمل تسميتها بذلك للأمرين. قاله عياض. ويرجّح الثاني تسميتها قصاصًا، قال اللَّه تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} الآية [البقرة: 194]. قال السهيليّ: تسميتها عمرة القصاص أولى؛ لأن هذه الآية نزلت فيها.
قال الحافظ: كذا رواه ابن جرير، وعبد بن حُميد بإسناد صحيح عن مجاهد، وبه جزم سليمان التيمي في “مغازيه”. وقال ابن إسحاق: بلغنا عن ابن عباس، فذكره. ووصله الحاكم في “الإكليل” عن ابن عباس، لكن في إسناده الواقديّ.
وقال السهيليّ: سميت عمرة القضاء؛ لأنه قاضى فيها قريشًا، لا لأنها قضاء عن العمرة التي صُدّ عنها؛ لأنها لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها، بل كانت عمرة تامّة، ولهذا عدّوا عُمَرَ النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – أربعًا.
وقال آخرون: بل كانت قضاء عن العمرة الأولى، وعُدّت عمرة الحديبية في العُمَر؛ لثبوت أجرها, لا لأنها كملت.
وهذا الاختلاف مبنيّ على الاختلاف في وجوب القضاء على من اعتمر، فصُدّ عن البيت، فقال الجمهور: يجب عليه الهدي، ولا قضاء عليه، وهو الصحيح، وعن أبي حنيفة عكسه. وعن أحمد رواية أنه لا يلزمه هديٌ، ولا قضاء، وأخرى يلزمه الهدي والقضاء. وقد تقدّم البحث في هذا مُسْتَوْفًى قبل ستة أبواب في باب “فيمن أُحصر بعدو”، فراجعه تستفد.
والحاصل أنه تحصّل من أسمائها أربعة: القضاء، والقضيّة، والقصاص، والصلح. قاله في “الفتح”.
(وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ) بن ثعلبة بن امرئ القيس الخزرجيّ الأنصاريّ الشاعر، أحد السابقين، واستشهد بمؤتة – رضي اللَّه تعالى عنه -، وكان ثالث الأمراء بها، في جمادى الأولى، سنة ثمان من الهجرة (يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ) – صلى اللَّه عليه وسلم – (وَهُوَ يَقُولُ) جملة حالية، كسابقتها، إما متداخلة، أو مترادفة، والبيتان من بحر الرجز، الذي أجزاؤه مستفعلن ست مرّات.
(خَلُّوا) فعل أمر من التخلية، أي تنحّوا، وابتعدوا (بَنِي الْكُفَّارِ) منادى بحذف حرف النداء، أي يا بني الكفّار، أو منصوب على الاختصاص، أي أخصّ بني الكفّار (عَنْ سَبيلِهِ) متعلق بـ “خلّوا”، والضمير المجرور للنبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – (الْيَوْمَ) منصوب على الظرفية، متعَلّق بقوله (نضْرِبْكُمْ) بسكون الباء، للوزن، قال ابن الأثير في “النهاية”: سكون الباء من “نضربكم” من جائزات الشعر، وموضعها الرفع. قال السنديّ: نبّه على ذلك لئلا يُتوهّم أن جزمه لكونه جواب الأمر، فإن جعله جوابًا فاسدٌ معنىً. ولعل المراد نضربكم إن نقضتم العهد، وصددتموه عن الدخول، وإلا فلا يصحّ ضربهم لمكان العهد انتهى (عَلَى تَنْزِيلِهِ) أي لأجل تنزيل النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – بمكة، أي نضربكم حتى نُنزله بمكة. وقيل: المراد تنزيل القرآن، أي نضربكم لأجل نزوله بضربكم إن لم تستجيبوا له. وفي الرواية الآتية -121/ 2894 – : “على تأويله” بدل “تنزيله”، أي نضربكم حتى تذعنوا إلى تأويله، أو نضربكم على تأويل ما فهمنا منه، حتى تدخلوا فيما دخلنا فيه (ضَرْبًا) مفعول مطلق لنضربكم (يُزِيلُ الْهَامَ) بتخفيف الميم. قال في “النهاية”: الهام جمع هامة، وهي أعلى الرأس (عَنْ مَقِيلِهِ) بفتح الميم: أي موضعه، مستعار من موضع القائلة، أي النوم نصف النهار (وَيُذْهِلُ) بضم أوله، من الإذهال، أي يجعله ذاهلاً يقال: ذَهلَ عن الشيء يَذْهَلُ من باب تعب ذُهُولاً: غَفَلَ، وقد يتعدى بنفسه، فيقال: ذَهَلَته من باب دخل، والأكثرُ أن يتعدى بالألف، فيقال: أذهلني فلان عن الشيء، وقال الزمخشري: ذَهَلَ عن الأمر: تناساه عَمْدًا، وشُغِلَ عنه.
أفاده في “المصباح” (الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ) أي الصَّدِيق عن صديقه (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ) بن الخطّاب – رضي اللَّه تعالى عنه – (يَا ابْنَ رَوَاحَة، بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى اللَّه عليه وسلم -، وَفِي حَرَمِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، تَقُولُ الشَّعْرَ؟) كأن عمر – رضي اللَّه تعالى – عنه رأى أن الشعر منكر، فلا ينبغي أن يقال بين يدي رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم – في حرمه تعالى، ولم يلتفت إلى تقرير النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم -؛ لاحتمال أن يكون قلبه مشتغلاً بما منعه عن الالتفات إلى الشعر (قَالَ النَّبِيُّ – صلى اللَّه عليه وسلم -: خَلِّ عَنْهُ) أي تخلّ عن ابن رواحة، واتركه يقول فيهمُ الشعر (فَلَهُوَ) أي شعره. وفي “الكبرى”: “فهي”، أي كلماته (أَسْرَعُ فِيهِمْ) أي في التأثير في قلوبهم (مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ) – بنون، وضاد معجمة، وحاء مهملة- يقال: نضح فلانًا بالنبل، من باب نفع: إذا رماه به. و”النبل”: السهام العربيّة، وهي مؤنثة، ولا واحد لها من لفظها، بل الواحد سهم، فهي مفردة اللفظ، مجموعة المعنى. قاله الفيّوميّ.
يعني أن الشعر أسرع تأثيرًا، وأقوى إقناعًا للمشركين من رميهم بالسهام، فهو أولى ما يواجهون به في مثل هذه الساعة، وفي هذا الحرم المحترم.
في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو جواز إنشاد الشعر في الحرم، وجواز المشي بين يدي الإمام بإذنه. (ومنها): مجاهدة الكفار، والمنافقين بالكلام، كما يجاهدون بالسهام. (ومنها): أن الجهاد بالكلام يكون أشد من وقع السهام، كما قاله – صلى اللَّه عليه وسلم -، ولذا قال الشاعر:
جِرَاحَاتُ السِّنَانِ لَهَا الْتِئَامُ … وَلَا يَلْتَامُ مَا جَرَحَ اللَّسَانُ
(ومنها): إنكار المنكر بحضرة من هو أولى منه علمًا، وفضلاً؛ لاحتمال أن يكون الأعلم غفل عنه.
(ومنها): بيان خطإ من أخطأ في أمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، مع بيان سبب خطئه.
(المسألة الرابعة): أخرج الترمذيّ -رحمه اللَّه تعالى- حديث أنس – رضي اللَّه عنه – هذا عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرزاق بسند المصنف، ثم هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه. وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضًا عن معمر، عن الزهريّ، عن أنس نحو هذا. ورُوي في غير هذا الحديث: “أن النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – دخل مكة في عمرة القضاء، وكعبُ بن مالك بين يديه”. وهذا أصحّ عند بعض أهل الحديث؛ لأن عبد اللَّه بن رواحة قُتل يوم مؤتة، وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك انتهى.
واعترض الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- في “الفتح” بعد نقل كلام الترمذيّ المذكور: بما حاصله: وهو ذهول شديدٌ، وغلطٌ مردود، وما أدري كيف وقع الترمذيّ في ذلك، مع وفور معرفته، ومع أن في قصّة عمرة القضاء اختصام جعفر، وأخيه عليّ، وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قُتل هو، وزيد، وابن رواحة في موطن واحد؟، وكيف يخفى عليه -أعني الترمذيّ- مثل هذا؟. ثم وجدت عن بعضهم أن الذي عند الترمذيّ من حديث أنس أن ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك اتجه اعتراضه، لكن الموجود بخطّ الكروخيّ، راوي الترمذيّ ما تقدّم. واللَّه أعلم.
وقد صححه ابن حبان من الوجهين، وعجيب من الحاكم كيف لم يستدركه، مع أن الوجه الأول على شرطهما، ومن الوجه الثاني على شرط مسلم؛ لأجل جعفر بن سليمان. انتهى. كلام الحافظ بتصرّف يسير. (شرح النسائي للاثيوبي)