1019 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الشكري. وابراهيم البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
الصحيح المسند
1019 عن عمران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع بالدجال فلينأ عنه؛ فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث به من الشبهات.
———-‘———‘———‘
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه أبو داود في سننه برقم 4319 وأحمد في مسنده برقم 19373 ورقم 19465 بلفظ قريب من رواية أبي داود وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 531 والبزار في البحر الزخار برقم 3590 وابن أبي شيبة في مصنفه برقم 38455 والطبراني في المعجم الكبير 551 وابن حزم في المحلى 1/ 70 وحنبل بن إسحاق في الفتن 10 وابن بطة في الإبانة الكبرى274. هذا ما وقفت عليه من تخريج.
—-
الشرح:
الدجال من علامات الساعة العظيمة، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم، خطره وصفته، وأموره جميعا أتم بيان وأبلغه، بل من شدة خطره أنه «ما من نبي إلا وأنذر أمته المسيح الدجال». البخاري: التوحيد (7408) , ومسلم: الفتن وأشراط الساعة (2933)
والدجال حق لا مرية فيه، وهو خارج قطعا نؤمن بذلك ونصدقه، كما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر أهل العلم مسائل كثيرة في أمر الدجال، فمن ناحية ثبوت خبره، تواترت الأخبار بخروج الدجال، بل أفرد بعض أهل العلم مصنفات مستقلة في فتنة الدجال وعظيم أمره.
وقد أثار بعضهم مسألة، قال: لِمَ لَمْ يذكر الدجال في القرآن مع شدة خطره؟ وقد أجاب أهل العلم عن هذه المسألة بإجابات منها:
أن المسلم المؤمن يؤمن بما جاء في الكتاب والسنة، فالكتاب والسنة المصدران للتشريع {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} هذا أمر.
الأمر الثاني: أن الدجال قد ذكر في القرآن الكريم تضمنا لا نصا، ففي قوله تعالى في سورة الأنعام {يَوْمَ يَاتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} جاء في حديث عند الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر بعض الآيات ثم قال: «والدجال شر غائب ينتظر» الترمذي: الزهد (2306).
قلت سيف: ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة 1666
وأثر عند قوله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} قال بعضهم: إن المراد بالناس الدجال لعظيم شأنه وأمره.
قلت سيف: لكن راجع الضعيفة 6089
وبكل حال ذكر في القرآن الكريم أو لم يذكر؛ جاءت به السنة، وما جاء في القرآن جاء في السنة أو لم تأت به السنة، فهما المصدران، ومنهما نستقي ونتقرب إلى الله بذلك.
والمسيح مسيحان: مسيح هدى هو عيسى عليه الصلاة والسلام، ومسيح ضلالة وهو الدجال. ومن أسباب التسمية بالمسيح؛ لأنه يمسح الأرض مشيا ودعوة، والدجال أو الدجاجلة كثر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «يخرج في أمتي ثلاثون دجالون كذابون كلهم يزعم أنه رسول الله، منهم أربع نسوة» والدجالون من الجن والإنس، إلا أن الدجال الأكبر هو ما ينصرف الذهن إليه عند ذكر أشراط الساعة.
قلت سيف: قلنا في تخريج سنن أبي داود 4335 أن الحديث في الصحيحين بدون ذكر النسوة. وذكر النسوة ورد من حديث حذيفة:
وفيه (سبعة وعشرون دجالا فيهم اربع نسوة) فالثلاثين من باب جبر الكسر
لكن حديث حذيفة … إنما أخذه معاذ بن هشام من كتاب أبيه، وقد أنكر الإمام أحمد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت كل ليلة من ليالي منى) قال: كتبوه من كتاب معاذ لم يسمعوه (الفتح) وقال أبو أحمد بن عدي: وفي حديثه عن أبيه في غير الصحيحين دغل كثير، وأفراد وغرائب.
وأخطأ محققوا المسند لما ذكروا له متابع في البزار 2888، وهو في الصحيح المسند 305،لأنه لم يرد فيه ذكر لعدد الدجالين، ولفظه عن حذيفه مرفوعا (إن بين يدي الساعة كذابين).
المهم الأمر قريب فيمكن الجمع بين الألفاظ والا ما في الصحيحين أصح.
تواتر أمر الدجال:
تنبيه: للشوكاني رسالة بعنوان (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح).
وللشيخ حمود التويجري رحمه الله تعالى
كتاب
(إقامة البرهان في الرد على من أنكر خروج المهدي والدجال ونزول المسيح في آخر الزمان)
———–‘———‘——–
فوائد الحديث:
أولا: قوله: (من سمع بالدجال فلينأ عنه) فيه دلالة على الابتعاد عن أهل البدع ومجالستهم؛ لكونهم دجاجلة، وخوفاً من شبهاتهم، فالإنسان الذي ليس عنده بصيرة قد يتأثر بما عندهم من الفصاحة والبلاغة إلا من عصم الله، ولهذا فالابتعاد عنهم أمر مطلوب.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل الأتحاد والحلول ومن شابههم من أهل الأهواء والبدع: وكثيرا ما كنت أظن أن ظهور مثل هؤلاء أكبر أسباب ظهور التتار واندراس شريعة الإسلام وأن هؤلاء مقدمة الدجال الأعور الكذاب الذي يزعم أنه الله. مجموع الفتاوى (2) / (475) وما ذاك إلا لأنهم من أتباع الدجال في شبههم وتلونهم وتحريفهم للنصوص.
ثانيا: قوله (فلينأ) فيه: تجنب الأسباب المفضية إلى المحاذير الشرعية، من فتن الشبهات ومن فتن الشهوات.
قلت سيف: ومنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة المائدة 90]
ثالثا: قوله: «وهو يحسِب -أو يحسَب- أنه مؤمن» فيه التحذير من العجب بالنفس، وخطورة من زكى نفسه وهو يعلم من نفسه أنه أقل من ذلك، أو من زكى نفسه وغامر مع كل أحد، فالدجال يأتيه العبد وهو واثق من نفسه في زعمه، ولكن يبتلى بفتنته، وقد يكون تابعا له مدافعا عنه؛ لأن عند الدجال من الآيات ما أقدره الله عليها ابتلاء وامتحانا وتمحيصا.
قس على هذا دعاة الضلال من دجاجلة البشر، عندهم من لحن القول، ومن زخرفه القول ما قد يفتن الآخرين.
قلت سيف: ومنه قوله صلى الله عليه وسلم. في الخوارج (يقولون من خير قول البرية)
رابعا: قوله: «فيتبعه مما يبعث به من الشبهات» فيه: أن «القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء» «يمسي الرجل مؤمنا ويصبح كافرا، ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا» فالحذر الحذر من التلاعب بأمر الدين، ويجب الحفاظ عليه من الدخول في متاهات الشبهات.
خامسا: قوله: «فيتبعه مما يبعث به من الشبهات» فيه خطر مرض الشبهات، وسرعة تأثر المرء به، فقوله: “فيتبعه” الفاء هنا يباشر الترتيب والتعقيب فالحذر من التساهل بهذه الفتن والدخول مع أهلها.
سادسا: تتضح من هذا الحديث الحكمة من خروج الدجال فيتبين الموفق قوي الإيمان ثابت اليقين ممن هو مخذول ضعيف الإيمان في شك وارتياب.
والله الموفق.
قلت سيف:
سابعا: ليس لأحد قوة أمام الله عزوجل لكن لحكمه يعطى بعضهم خوارق.
فشياطين الإنس ضعفاء أمام الحق؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حق الدجال (هو أهون على الله من ذلك). وكذلك شياطين الجن يخنسون بالاستعاذة.
قال الخطابي -رحمه الله-: “هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى، من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا، والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره ويقتله عيسى -صلى الله عليه وسلم- ويثبت الله الذين آمنوا.
ثامنا: لا يوجد شئ إلا بين إما بالكتاب أو السنة إما ابتداءا وإما بالسؤال. فابتداءا كحديث الباب وغيره وأما بالسؤال
فمن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبر الدجال يمكث في الأرض أربعين يوماً اليوم الأول كسنة والثاني كشهر والثالث كالأسبوع وبقية الأيام كأيامنا سأله الصحابة هذا اليوم كسنة هل تكفينا فيه صلاة يوم واحد؟ قال: لا، لكن اقدروا له قدره ففي هذا أبين دليل على أنه لا يوجد والحمد لله في الكتاب والسنة شيء مشتبه لا حل له لكن الذي يوجد قصور الأفهام تعجز عن معرفة الحل أو تقصير في الطلب والتأمل والتفتيش فيشتبه عليه الأمر.
تاسعا: ما سيأتي ذكره من أن من أسباب العصمة من الدجال سكنى مكة والمدينة:
أما قوله تعالى (ومن دخله كان ءامنا) فهو مطلق لكن هنا خبر بمعنى الأمر، ثم ليس فيه أنها لا تدخل الأوبئة إلى مكة، إنما ورد أن مكة والمدينة محفوظتين من الطاعون. ففي الصحيحين (على انقاب المدينة ملائكة فلا يدخلها المسيح ولا الطاعون)، أما مكة فذكر عمر بن شبة عن شريح عن فليح عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة على كل نقب ملك لا يدخلهما الدجال ولا الطاعون). قال ابن حجر: رجاله رجال الصحيح.
أما ما وقع في مكة سنة تسع وأربعين وسبعمائة فلعله وباء وليس طاعون (وراجع فتح الباري)
أما سكنى بيت المقدس والطور فكذلك ورد أنهما يحفظان من الدجال:
عن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: (أَتَيْنَا رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُحَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ النَّاسِ فَشَدَّدْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا فَقَالَ أَنْذَرْتُكُمْ الْمَسِيحَ وَهُوَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ الْيُسْرَى يَسِيرُ مَعَهُ جِبَالُ الْخُبْزِ وَأَنْهَارُ الْمَاءِ عَلَامَتُهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا يَبْلُغُ سُلْطَانُهُ كُلَّ مَنْهَلٍ لَا يَاتِي أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ الْكَعْبَةَ وَمَسْجِدَ الرَّسُولِ وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى وَالطُّورَ وَمَهْمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ وَأَحْسِبُهُ قَدْ قَالَ يُسَلَّطُ عَلَى رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ وَلَا يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهِ .. ) (مسند أحمد/ حديث 22011
السلسلة الصحيحة 2934
قلت سيف: وهو في الصحيح المسند 1481. وفيه ذكر القدس والطور.
وأخرجه أحمد 23684، وجعلناه على شرط الذيل على الصحيح المسند (قسم الزيادات على الصحيح المسند)
عاشرا: ليس كلام صاحب دعوى يصدق. وورد أن الدجال يتدرج في الدعوى حتى يدعي أنه الرب. ولا أتذكر صحة هذا التدرج الآن أما كونه يدعي أنه الرب فهذا ثابت.
الحادي عشر: في سنن ابي داود
باب في المعقل من الملاحم وفيه مرفوعاً (يوشك المسلمون أن يحاصروا إلى المدينة حتى يكون أبعد مسالحهم سلاح) ورجحنا أن الراجح فيه أنه موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه.
لكن لم يبين أبوهريرة من يحصرهم فقد يكون الدجال حيث ثبت أنه محرم عليه دخول المدينة. فلا يصلح كشاهد، ولو كان يقصد أبوهريرة الروم فقد يكون من الإسرائيليات.
لكن ثبت أن الإسلام يرزأ لمكة والمدينة وأن الدجال ينزل السنح وأن المدينة تنتفض فيخرج إليه كل منافق ومنافقه فهذه تؤيد الحصر وأنه من الدجال.
الثاني عشر: أحاديث أخرى في المسيح الدجال:
عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَأَنَا لَفِتْنَةُ بَعْضِكُمْ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَلَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِمَّا قَبْلَهَا إِلَّا نَجَا مِنْهَا وَمَا صُنِعَتْ فِتْنَةٌ مُنْذُ كَانَتْ الدُّنْيَا صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ إِلَّا لِفِتْنَةِ الدَّجَّالِ
وفي رواية: (وَاللَّه لاَ يَضُرُّ مُسْلِمًا، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ)
الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين 306
– (إنما يخرج لغضبة يغضبها)
في صحيح مسلم برقم: 2932
– و [لا يخرج حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة]
صحيح مسلم من قول ابن مسعود وله حكم الرفع: 2899
الصحيح المسند
– 1474 حَدَّثَنَا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قال رأيت رَجُلا وقد طاف الناس به وهو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رجل مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فسمعته وهو يقول ” إِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ ـ الْكَذَّابَ الْمُضِلَّ، وَإِنَّ رَاسَهُ مِنْ بعدهِ حُبُكٌ حُبُكٌ حبك، ثلاث مرات وَإِنَّهُ سَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَمَنْ قَالَ: لَسْتَ رَبَّنَا، وَلَكِنَّ رَبُّنَا الله، عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْهِ أَنَبْنَا، نَعُوذُ بِاللهِ من شرك، لم يكن له عليه سلطان
وتحت شرح هذا الحديث من الصحيح المسند ذكرنا أحاديث المسيح الدجال مرتبة على الأبواب. لكن لم يتيسر دراستها. تصحيحا وتضعيفا.
———–‘
من فتن الدجال: ورد بيان فتن الدجال في حديث ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم الحديث: 2934
الحديث: “ أنذركم الدجال , أنذركم الدجال , أنذركم الدجال , فإنه لم يكن نبي إلا و قد أنذره أمته , و إنه فيكم أيتها الأمة و إنه جعد آدم , ممسوح العين اليسرى , و إن معه جنة و نارا , فناره جنة و جنته نار , و إن معه نهر ماء و جبل خبز , و إنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها , لا يسلط على غيرها , و إنه يمطر السماء و لا تنبت الأرض , و إنه يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل , و إنه لا يقرب أربعة مساجد: مسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد المقدس و الطور , و ما شبه عليكم من الأشياء , فإن الله ليس بأعور (مرتين) “.
قال الألباني في “ السلسلة الصحيحة “ 6/ 1046:أخرجه ابن أبي شيبة في “ المصنف “ (15/ 147 – 148) من طريق زائدة عن منصور , و أحمد (5/ 435) و في “ السنة “ (رقم 1016) من طريق سفيان عن الأعمش و منصور , كلاهما عن مجاهد قال: حدثنا جنادة بن أبي أمية الدوسي قال: دخلت أنا و صاحب لي على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , و لا تحدثنا عن غيره و إن كان عندك مصدقا. قال: نعم , قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: فذكره.! انظر الاستدراك رقم (3).
قلت سيف: رجح في الاستدراك لفظ (لا ينبت الشجر) كذا وقع في أكثر المصادر. ولا تعارض ما رواه مسلم (فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت. … ) وحديث أبي أمامة
فالرواية الأولى أخص منها فيكون المراد: ما تنبته الأرض من العشب لا الشجر. وهذا المعنى يكاد يكون صريحا في تمام حديث النواس (فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا. وأمده خواصر. …. ) انتهى كلام الألباني مختصرا
قلت سيف: وفي سنن أبي داود:
عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مَسْعُودٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: «لَأَنَا بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ [ص:116] أَعْلَمُ مِنْهُ، إِنَّ مَعَهُ بَحْرًا مِنْ مَاءٍ، وَنَهْرًا مِنْ نَارٍ، فَالَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ نَارٌ مَاءٌ، وَالَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ مَاءٌ نَارٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَأَرَادَ الْمَاءَ فَلْيَشْرَبْ مِنَ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ نَارٌ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُهُ مَاءً»، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ: هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
* أخرجه مسلم 2935 بمثله وفيه (نهر) بدل (بحر) وهناك الفاظ أخرى زادها مسلم، واخرجه البخاري 7130 بدون (لأنا بما مع الدجال أعلم منه) ومرة أخرجه برقم 3450
(1587)] باب ذكر أسباب العصمة من فتنة الدجال
[قال الإمام الألباني في مقدمة كتابه: ” قصة المسيح الدجال]:
فإذا علم المؤمن بذلك وآمن به [أي بعقيدة خروج الدجال]؛ اتخذ الأسباب التي تعصمه من فتنته؛ وهي:
أولا: الاستعاذة بالله تعالى من شر فتنته، والإكثار منها؛ لا سيما في التشهد الأخير في الصلاة، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -:
«إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر؛ فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم! إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنته المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال».
وثبت في “الصحيحين” وغيرهما عن جمع من الصحابة – منهم عائشة رضي الله عنها -: أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – كان يستعيذ من فتنته.
بل إنه أمر بالاستعاذة من فتنته أمرا عاما؛ كما في حديث زيد بن ثابت قال: بينما النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – في حائط لبني النجار على بغلة له – ونحن معه – إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال: “من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ “.
فقال رجل: أنا.
قال: ” فمتى مات هؤلاء؟ “.
قال: ماتوا في الإشراك (وفي رواية: في الجاهلية).
فقال:”إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا؛ لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه”، ثم أقبل بوجهه فقال: “تعوذوا بالله من عذاب النار”. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: “تعوذوا بالله من عذاب القبر”. قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: “تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن “. قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال:
“تعوذوا بالله من فتنة المسيح الدجال”. قالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال.
ثانيا: أن يحفظ عشر آيات من سورة (الكهف)، فقد قال – صلى الله عليه وآله وسلم -:
«من حفظ عشر آيات من أول سورة (الكهف)؛عصم من [فتنة] الدجال».
رواه مسلم وغيره عن أبي الدرداء.
ثالثا: أن يبتعد عنه، ولا يتعرض له؛ إلا إن كان يعلم من نفسه أنه لن يضره؛ لثقته بربه، ومعرفته بعلاماته التي وصفه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:
«من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله؛ إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه؛ مما يبعث به من الشبهات».
أخرجه أحمد وغيره عن عمران بن حصين.
رابعا: أن يسكن مكة والمدينة، فإنهما حرمان آمنان منه؛ لقوله – صلى الله عليه وآله وسلم -:
“يجيء الدجال فيطأ الأرض إلا مكة والمدينة، فيأتي المدينة؛ فيجد بكل نقب من نقابها صفوفا من الملائكة “.
أخرجه الشيخان وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
ومثلهما المسجد الأقصى والطور؛ كما يأتي في الفقرة ((24) – السياق).
واعلم أن هذه البلاد المقدسة إنما جعلها الله عصمة من الدجال لمن سكنها وهو مؤمن ملتزم بما يجب عليه من الحقوق والواجبات تجاه ربها، وإلا فمجرد استيطانها – وهو بعيد في حياته عن التأدب بآداب المؤمن فيها – فمما لا يجعله في عصمة منه، فسيأتي في الفقرة ((25) – أبو أمامة، (30) – السياق) أن الدجال – عليه لعائن الله – حين يأتي المدينة النبوية وتمنعه الملائكة من دخولها؛ ترجف بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه.
فهؤلاء المنافقون والمنافقات – وقد يكون
نفاقهم عمليا – لم يعصمهم من الدجال سكنهم المدينة النبوية؛ بل خرجوا إليه، وصاروا من أتباعه كاليهود! وعلى العكس من ذلك؛ فمن كان فيها من المؤمنين الصادقين في إيمانهم؛ فهم مع كونهم في عصمة من فتنته؛ فقد يخرج إليه بعضهم متحديا وينادي في وجهه: هذا هو الدجال الذي كان رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – يحدثنا حديثه … كما سيأتي في الفقرة ((31) – السياق).
فالعبرة إذن بالإيمان والعمل الصالح، فذلك هو
السبب الأكبر في النجاة، وأما السكن في دار الهجرة وغيرها؛ فهو سبب ثانوي، فمن لم يأخذ بالسبب الأكبر؛ لم يفده تمسكه بالسبب الأصغر، وقد أشار إلى هذا النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بقوله للذي سأله عن الهجرة:
“ويحك! إن شأن الهجرة لشديد! فهل لك من
إبل؟ “. قال: “فهل تؤتي صدقتها؟ “. قال: نعم. قال: “فاعمل من وراء البحار، فإن الله لن يترك من عملك شيئا”.
وما أحسن ما روى الإمام مالك في
“الموطأ” ((2) / (235)) عن يحيى بن سعيد: “أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي: أن هلم إلى الأرض المقدسة. (يعني: الشام). فكتب إليه سلمان:
إن الأرض لا تقدس أحدا، وإنما يقدس الإنسان
عمله”.
وصدق الله العظيم إذ يقول: {وقل اعملوا
فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} (التوبة: (105)).
انظر قصة المسيح الدجال” (ص (31) – (35))