1015 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي تيسير طارق
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—————
1015 قال الإمام الترمذي:
579 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيْسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ»: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ
………………….
حكم الالبانى: صحيح، التعليق الرغيب (2/ 276)، المشكاة (1229)
أحاديث في الباب:
1 – عن أبي هريرة قال: (سئل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة قال: الصلاة في جوف الليل قال: فأي الصيام أفضل بعد رمضان قال: شهر اللَّه المحرم). رواه الجماعة إلا البخاري. ولابن ماجه منه فضل الصوم فقط.))
2 – وعن عبد اللَّه بن عمرو: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: (إن أحب الصيام إلى اللَّه صيام داود وأحب الصلاة إلى اللَّه عز وجل صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا). رواه الجماعة إلا الترمذي فإنه إنما روى فضل الصوم فقط.
3 – وعن عائشة: (أنها سئلت كيف كانت قراءة النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم بالليل فقالت: كل ذلك قد كان يفعل ربما أسر وربما جهر). رواه الخمسة وصححه الترمذي.))
4 – وعن عائشة قالت: (كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين). رواه أحمد ومسلم.
5 – وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: (إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين). رواه أحمد ومسلم وأبو داود.))
الروايات التي ذكرها ابن رجب:
قال ابن رجب قي جامع العلوم والحكم:
وخرج الترمذي من حديث عمرو بن عبسة، سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول
: ((أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الاخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن))، وصححه، وخرجه الامام أحمد،
ولفظه قال: قلت: يا رسول الله، أي الساعات أفضل؟ قال: ((جوف الليل الاخر)) وفي رواية له أيضا: قال: ((جوف الليل الاخر أجوبه دعوة))، وفي رواية له: قلت: يا رسول الله، هـل من ساعة أقرب إلى الله من أخرى؟ قال: ((جوف الليل الاخر). وخرجه ابن ماجه، وعنده: ((جوف الليل الاوسط)) وفي رواية ل?مام أحمد عن عمرو بن عبسة، قال: قلت: يا رسول الله، هـل من ساعة أفضل من ساعة؟ قال: ((إن الله ليتدلى في جوف الليل، فيغفر الا ما كان من الشرك والبغي)).
وقد قيل: إن جوف الليل إذا أطلق، فالمراد به وسطه، وإن قيل: جوف الليل الاخر،
ومن تحقيق الكتاب:
قوله (أجوبه دعوة) أحمد في ” مسنده ” 4/ 387، وإسناد هـذه الرواية ضعيف، وقد اضطرب راويها ففي بعضها
: ((أوجبه)).
وقوله (جوف الليل الاوسط) التي أخرجها ابن ماجه في ” سننه ” (1251)، ضعيفه لضعف يزيد بن طلق وعبد الرحمان بن البيلماني.
قلت سيف: وحكم عليها الألباني بالنكارة كما في ضعيف ابن ماجه.
واورده الألباني من مراسيل الحسن. وحكم عليه بالنكارة كما في الضعيفة 7036
قوله (إن الله ليتدلى في جوف الليل، فيغفر الا ما كان من الشرك والبغي)
فيه انقطاع بين سليم بن عامر وعمرو بن عبسه
قلت سيف: وراجع تحقيق المسند ط. الرسالة 19433 حيث توسعوا في تخريج الحديث و ذكروا أن قوله
(فيغفر الا ما كان من الشرك والبغي) لم ترد عند أحد إلا هنا في مسند أحمد.
——–
شرح الحديث:
وفي تحفة الاحوذي شرح حديث أبي أمامه فقال:
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ) الْبَاهِلِيَّ اسْمُهُ صُدَيُّ بْنُ عَجْلَانَ
قَوْلُهُ (فِي جَوْفِ اللَّيْلِ) خَبَرُ أَقْرَبُ أَيْ أَقْرَبِيَّتُهُ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ كَائِنَةٌ فِي اللَّيْلِ
قَالَ الطِّيبِيُّ: إِمَّا حَالٌ مِنَ الرَّبِّ أَيْ قَائِلًا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ الْحَدِيثَ سَدَّتْ مَسَدَّ الْخَبَرِ وَمِنَ الْعَبْدِ أَيْ قَائِمًا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ دَاعِيًا مُسْتَغْفِرًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِأَقْرَبَ فَإِنْ قُلْتَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ من العبد وفي حديث أبو هريرة عند مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَخْ أَنَّ رَحْمَتَهُ سَابِقَةٌ فَقُرْبُ رَحْمَةِ اللَّهِ مِنَ الْمُحْسِنِينَ سَابِقٌ عَلَى إِحْسَانِهِمْ فَإِذَا سَجَدُوا قَرُبُوا مِنْ رَبِّهِمْ بِإِحْسَانِهِمْ كَمَا قَالَ (فَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) ْ وَفِيهِ أَنَّ لُطْفَ اللَّهِ وَتَوْفِيقَهُ سَابِقٌ عَلَى عَمَلِ الْعَبْدِ وَسَبَبٌ لَهُ وَلَوْلَاهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنَ الْعَبْدِ خَيْرٌ قَطُّ انْتَهَى
وَقَالَ مَيْرَكُ: فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَقَوْلِه (ِ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ ربه وهو ساجد) قلت المراد ها هنا بَيَانُ وَقْتِ كَوْنِ الرَّبِّ أَقْرَبَ مِنَ الْعَبْدِ وَهُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ.
وَالْمُرَادُ هُنَاكَ بَيَانُ أَقْرَبِيَّةِ أَحْوَالِ الْعَبْدِ مِنَ الرَّبِّ وَهُوَ حَالُ السُّجُودِ فَتَأَمَّلْ (الْآخِرُ) صِفَةٌ لِجَوْفِ اللَّيْلِ عَلَى أَنَّهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَيُجْعَلُ لِكُلِّ نِصْفٍ جَوْفًا الْقُرْبُ يحصل في جوف النصف الثاني فابتداءه يَكُونُ مِنَ الثُّلُثِ الْأَخِيرِ وَهُوَ وَقْتُ الْقِيَامِ للتهجد قاله الطيبي وقال القاراء وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَوَّلِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) أَيْ قَدَرْتَ وَوُفِّقْتَ (مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ) فِي ضِمْنِ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فِي تِلْكَ السَّاعَةِ) إِشَارَةً إِلَى لُطْفِهَا (فَكُنْ) أَيِ اجْتَهِدْ أَنْ تَكُونَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَهَذَا أَبْلَغُ مِمَّا لَوْ قِيلَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ ذَاكِرًا فَكُنْ لِأَنَّ الْأُولَى فِيهَا صِفَةُ عُمُومٍ شَامِلٍ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِيهِمْ قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ.
وفي شرح الأربعين النووية الإبن دقيق العيد
قوله صلى الله عليه وسلم: “لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه” يعني: على من وفقه الله له ثم أرشده لعبادته مخلصا له الدين: يعبد الله ? يشرك به شيئا. ثم قال:
“وتقيم الص?ة”: إقامتها: الاتيان بها على أكمل أحوالها.
ثم ذكر شرائع الاس?م من الزكاة والصوم والحج.
ثم قال: “وص?ة الرجل في جوف الليل” ثم ت?: {تجافى جنوبهم عن المضاجع} إلى قوله: {يعملون}. معناه: أن من قام في جوف الليل وترك نومه ولذته وآثر على ذلك ما يرجوه من ربه فجزاؤه ما في الاية من قوله: {ف? تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}
………………
قال بعض أهل العلم: هذه الأحاديث دالة على فضل قيام الليل وأنه ينبغي للمؤمن أن يكون له نصيب من قيام الليل قد قال الله تعالى في عباد الرحمن (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً) وقال عن المتقين (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون) وقال لنبيه (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً) فقيام الليل من أفضل القربات لكن لا يقومه كله بل ينام ويقوم كما قال صلى الله عليه وسلم ((ولكن أصلي وأنام) فيستعين بنومته على قومته وعلى أعماله النهارية ولكن يستحب أن يكون له نصيب من الليل يتهجد فيه وأفضله جوف الليل كما جاء في حديث عمرو بن عبسة وعبد الله بن عمرو وغيرهم فجوف الليل الآخر أفضل وهو السدس الرابع والخامس وهو الذي كان يقومه داود عليه السلام فينام نصف الليل ويقوم سدسه فيقوم السدس الرابع والخامس وهذا يكون في جوف الليل الآخر فيكون السدس الرابع جوف الليل والسدس الخامس من الثلث الآخير الذي فيه التنزل الإلهي وهذا أفضل ما يكون من القيام ولهذا قال في حديث عبد الله بن عمرو كما في الصحيحين (أفضل الصلاة صلاة داود عليه السلام كان ينام نصف الليل ويقوم سدسه) فيحصل له بذلك القيام في جوف الليل والقيام في الثلث الأخير، والأحاديث كلها دالة أيضاً على فضل القيام في الثلث الأخير حيث قال صلى الله عليه وسلم (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) وفي اللفظ الآخر ((هل من داع فيستجاب له هل من سائل فيعطى سؤله هل من تائب فيتاب عليه) وقد تواترت الأخبار بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا الدرداء وأبا هريرة بالإيتار أول الليل ولعل السبب في ذلك والله أعلم أنهما يشق عليهما القيام آخر الليل لعنايتهما وتدارسهما الحديث وقد فصل هذا في حديث جابر المتقدم فقال صلى الله عليه وسلم (من
خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل) قال عائشة رضي الله عنها (من كل الليل أوتر صلى الله عليه وسلم: من أوله وأسطه وآخره ثم انتهى وتره في السحر) فاستقر وتره في السحر وهو الثلث الأخير.
والسجود أقرب ما يكون إلى الله جل وعلا، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)، وفي آخر الليل، فإن الليل الصلاة فيه أفضل من صلاة النهار، وأقرب إلى الخشوع، وهدوء قلب، كما يقول جل وعلا: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا سورة المزمل ….
‘ …… ‘ …………..
ومن موسوعة الألباني في العقيدة:
897] باب إثبات صفة القرب لله عزوجل
وإثبات قيام الأفعال الاختيارية بذاته تعالى
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ص قال: «قال الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني, والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة, ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً, ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً, وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول».
(صحيح لغيره).
قال الإمام الألباني:
فيه دلالة ظاهرة على أن لله قربا يقوم به انظر مجموع الفتاوى 5/ 240 ومنه دنوه عشية عرفة وكل ذلك خاص بالمؤمنين فراجع كلامه فإنه هام جدا. التعليق على الترغيب والترهيب 3/ 1144
‘ …… ‘ …………..
وقال ابن عثيمين رحمه الله عن معنى القرب
الصحيح ان القرب لا ينقسم و انه خاص بمن يعبد الله تعالى او يدعوه فقط فليس الله تعالى قريبا من الكافر لان القرب وصف اخص من المعية ويدل على عناية تامة وهذا لم يرد القرب موصوفا به الله عز وجل الا في حالة الدعاء قال تعالى: (واذا سألك عبادي عني فأني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان) وفي حال العبادة ايضا كقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) رواه مسلم من حديث ابي هريرة فان قال قائل: اليس الله يقول (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد اذ يتلقى المتلقيان) والانسان هنا يشمل الكافر والمؤمن والداعي وغير الداعي والعابد وغير العابد
فالاجابة قال الشيخ
قلنا ان شيخ الاسلام بن تيميه رحمه الله يقول نحن اقرب اليه بملائكتنا لأنه قيد القرب بقوله تعالى (يتلقى المتلقيان) ولكن يرد على هذا أن يقال كيف يضيف الله عزو جل القرب اليه والمراد قرب ملائكته؟ قلنا لا غرابة كما أضاف الله تعالى إليه القراءة وهي قراءة الملائكة فقال تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فإذا قرأنه فاتبع قرآنه}.
من الذي قرأ جبريل والله تعالى يضيف الشئ لنفسه ومراده ملائكته عزوجل لان ملائكتة يفعلون بأمره فأضيف فعلهم إليه لأن الآمر لهم الله تبارك وتعالى والحاصل كما قال شيخ الاسلام بن تيميه رحمه الله تعالى خاص ولا يكون عاما
من شرح عقيدة اهل السنة والجماعة في باب الايمان بصفتي العلو والمعية
وقال شيخ الإسلام: أحمد بن تيمية رحمه الله
فصل:
[تقرب العبد إلى الله]- في مثل قوله: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} وقوله: {اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} الاسراء: 57] وقوله: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الواقعة: 88]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه: (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا) الحديث.
وقوله: (ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) الحديث. وكذلك [القربان] كقوله: {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا} [المائدة: 27]. وقوله: {حَتَّى يَاتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَاكُلُهُ النَّارُ} [آل عمران: 183]. ونحو ذلك – لا ريب أنه بعلوم وأعمال يفعلها العبد وفي ذلك حركة منه وانتقال من حال إلى حال. ثم لا يخلو مع ذلك: إما أن روحه وذاته تتحرك أو لا تتحرك: وإذا تحركت: فإما أن تكون حركتها إلى ذات الله أو إلى شيء آخر وإذا كانت إلى ذات الله بقي النظر في قرب الله إليه ودنوه وإتيانه ومجيئه؛ إما جزاء على قرب العبد وإما ابتداء كنزوله إلى سماء الدنيا.
فالأول: قول ـ المتفلسفة ـ الذين يقولون: إن الروح لا داخل البدن ولا خارجه وإنها لا توصف بالحركة ولا بالسكون وقد تبعهم على ذلك قوم ممن ينتسب إلى الملة. فهؤلاء عندهم قرب العبد ودنوه إزالة النقائص والعيوب عن نفسه وتكميلها بالصفات الحسنة الكريمة حتى تبقى مقاربة للرب مشابهة له من جهة المعنى ويقولون: الفلسفة التشبه بالإله على قدر الطاقة؛ فأما حركة الروح فممتنعة عندهم. وكذلك يقولون: في قرب الملائكة. والذي أثبتوه من تزكية النفس عن العيوب وتكميلها بالمحاسن حق في نفسه؛ لكن نفيهم ما زاد على ذلك خطأ؛ لكنهم يعترفون بحركة جسمه إلى المواضع التي تظهر فيها آثار الرب كالمساجد والسموات والعارفين. وعند هؤلاء معراج النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو انكشاف حقائق الكون له كما فسره بذلك ابن سينا ومن اتبعه كعين القضاة وابن الخطيب في [المطالب العالية]،
الثاني: قول المتكلمة الذين يقولون: إن الله ليس فوق العرش. وإن نسبة العرش والكرسي إليه سواء وإنه لا داخل العالم ولا خارجه؛ لكن يثبتون حركة العبد والملائكة فيقولون: قرب العبد إلى الله حركة ذاته إلى الأماكن المشرفة عند الله وهي السموات وحملة العرش والجنة وبذلك يفسرون معراج النبي صلى الله عليه وسلم ويتفق هؤلاء والذين قبلهم في حركة بدن العبد إلى الأماكن المشرفة كثبوت ـ العبادات ـ وإنما النزاع في حركة نفسه
الثالث: قول: ـ أهل السنة والجماعة ـ الذين يثبتون أن الله على العرش وأن حملة العرش أقرب إليه ممن دونهم وأن ملائكة السماء العليا أقرب إلى الله من ملائكة السماء الثانية وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرج به إلى السماء صار يزداد قربا إلى ربه بعروجه وصعوده وكان عروجه إلى الله لا إلى مجرد خلق من خلقه وأن روح المصلي تقرب إلى الله في السجود وإن كان بدنه متواضعا. وهذا هو الذي دلت عليه نصوص الكتاب. ثم ـ قرب الرب من عبده ـ هل هو من لوازم هذا القرب كما أن المتقرب إلى الشيء الساكن كالبيت المحجوج والجدار والجبل كلما قربت منه قرب منك؟ أو هو قرب آخر يفعله الرب كما أنك إذا قربت إلى الشيء المتحرك إليك تحرك أيضا إليك فمنك فعل ومنه فعل آخر. هذا فيه قولان ـ لأهل السنة ـ مبنيان على ما تقدم من قاعدة الصفات الفعلية كمسألة النزول وغيرها وقد تقدم الكلام في ذلك. وعلى هذا فما روي من قرب الرب إلى خواص عباده وتجليه لقلوبهم كما في [الزهد لأحمد] أن موسى قال: يا رب أين أجدك؟ قال: (عند المنكسرة قلوبهم من أجلي أقترب إليها كل يوم شبرا ولولا ذلك لاحترقت). هذا القرب عند المتفلسفة والجهمية هو مجرد ظهوره وتجليه لقلب العبد فهو قرب المثال. ثم المتفلسفة لا تثبت حركة الروح والجهمية تسلم جواز حركة الروح إلى مكان عال وأما أهل السنة فعندهم مع التجلي والظهور تقرب ذات العبد إلى ذات ربه وفي جواز دنو ذات الله القولان وقد بسطت هذا في غير هذا الموضع. وعلى مذهب ـ النفاة ـ من المتكلمة لا يكون إتيان الرب ومجيئه ونزوله إلا تجليه وظهوره لعبده. إذا ارتفعت الحجب المتصلة بالعبد المانعة من المشاهدة الباطنة أو الظاهرة بمنزلة الذي كان أعمى أو أعمش فزال عماه فرأى الشمس والقمر …. وأما إتيانه ونزوله ومجيئه بحركة منه وانتقال: فهذا فيه القولان لأهل السنة من أصحابنا وغيرهم والله أعلم. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد
ما المراد بجوف الليل؟
قال المغربي في شرح البلوغ:
والمراد من جوفه الاخر هـو الثلث الاخر كما وردت به الاحاديث
وفي فتاوى اللجنة الدائمة – 2
السؤال الثاني من الفتوى رقم (20791)
س2: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن»
أجابوا: المراد بالساعة الفترة المحددة في الحديث وهي جوف الليل الآخر.
……………………………………………
قيام داود عليه الصلاة والسلام أفضل القيام:
روى البخاري (1131) ومسلم (11599) عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).
ومعنى الحديث: أن أفضل صلاة الليل صلاة نبي الله داود عليه السلام؛ حيث كان – أولا – ينام نصف الليل، فمَن أراد أن يطبق ذلك اليوم فليحسب من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، فينام نصف ذلك الوقت.
قال الشيخ عبد المحسن العباد:
” ينام نصف الليل يعني: بعد صلاة العشاء، فيحسب من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فنصفه يكون نوماً، ثم بعد ذلك يكون ثلثه ” انتهى.
“شرح سنن أبي داود” (13/ 2877) – ترقيم الشاملة.
قال الحافظ رحمه الله:
” قَالَ الْمُهَلَّب: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَرْفَق لِأَنَّ النَّوْم بَعْد الْقِيَام يُرِيح الْبَدَن وَيُذْهِب ضَرَر السَّهَر وَدُبُول الْجِسْم بِخِلَافِ السَّهَر إِلَى الصَّبَاح، وَفِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَة أَيْضًا اِسْتِقْبَال صَلَاة الصُّبْح وَأَذْكَار النَّهَار بِنَشَاطٍ وَإِقْبَال , وَأَنَّهُ أَقْرَب إِلَى عَدَم الرِّيَاء لِأَنَّ مَنْ نَامَ السُّدُس الْأَخِير أَصْبَحَ ظَاهِر اللَّوْن سَلِيم الْقُوَى فَهُوَ أَقْرَب إِلَى أَنْ يُخْفِي عَمَله الْمَاضِي عَلَى مَنْ يَرَاهُ , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ اِبْن دَقِيق الْعِيد ” انتهى.
مع ما يعينه ذلك من القيام بحقوق أهله وغيره.
وقال ابن القيم رحمه الله:
” وَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ أَحَبّ إِلَى اللَّه لِأَجْلِ هَذَا الْوَصْف , وَهُوَ مَا يَتَخَلَّل الصِّيَام وَالْقِيَام مِنْ الرَّاحَة الَّتِي تجمّ بِهَا نَفْسه , وَيَسْتَعِين بِهَا عَلَى الْقِيَام بِالْحُقُوقِ ” انتهى من “تهذيب سنن أبي داود” (1/ 475).
وقال ابن عثيمين رحمه الله:
” وأفضل تجزئة لليل صلاة داود: كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك أحيانا بل الأغلب عليه ذلك، وعلى هذا فنقول: أفضل صلاة الليل ما كان بعد النصف إلى أن يبقى سدس الليل ” انتهى.
“فتاوى نور على الدرب” (161/ 11) ترقيم الشاملة.
ثانيا:
روى البخاري (1145) ومسلم (7588) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ).
وروى مسلم (11633) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ قَالَ: (أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
” فإن قال قائل: لماذا لا تجعلون الأفضلَ ثُلُث الليلِ الآخرِ؛ لأنَّ ذلك وقت النُّزول الإلهي؟.
فالجواب: أنَّ الذي يقوم ثُلُث الليل بعد نصفه سوف يدرك النُّزول الإلهي؛ لأنه سيدرك النصف الأول مِن الثلث الأخير، فيحصُل المقصودُ، والنبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام هو الذي قال: (أفضلُ الصَّلاة صلاة داود).
” انتهى من “الشرح الممتع” (4/ 75 – 76).
وقد روى البخاري (1133)، ومسلم (7422) عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلاَّ نَائِمًا) تَعْنِى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن الجوزي رحمه الله:
” وقد قيل إن سبب الصفرة في الوجه سهر آخر الليل، فإذا نام الإنسان قبل الفجر لم تظهر عليه صفرة في الوجه ولا أثر في السهر ” انتهى من “كشف المشكل من حديث الصحيحين” (ص 1224).
تنبيه: ينبغي التنبه إلى أن الإنسان يحرص على صلاة الليل بالصورة التي تناسب حاله، وبالقدر الذي يغلب على ظنه أنه يداوم عليه.
والله تعالى أعلم.
هل كل كلمة تدل على صفة نثبتها ولو كان السياق لا يحتملها؟
راجع تفصيل مهم لشيخ الإسلام ابن تيمية اول ثلاثين صفحة من المجلد السادس من مجموع الفتاوى حيث ذكر أننا لا بد أن نفهم نصوص الصفات بحسب السياق مثل ما استدل به بعض أهل البدع حين امهلهم ابن تيمية ثلاث سنوات ليأتوا بنص عن عالم من أهل السنة حرف الصفات. فقال ذاك الرجل: وجدت نصا.
فقال ابن تيمية: لعلك تقصد: الشافعي ومجاهد في قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة البقرة 115]
فقالا: قبلة الله.
قال: نعم
ثم بين ابن تيمية أنها من معاني الوجه الجهة. ……
وقال: ولكن من الناس من يسلم أن المراد بذلك جهة الله أي قبلة الله ولكن يقول: هذه الآية تدل على الصفة وعلى أن العبد يستقبل ربه كما جاء في الحديث (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه) ويقول إن الآية دلت على المعنيين.
والغرض أنه إذا قيل: فثم قبلة الله. لم يكن هذا من التأويل المتنازع فيه.
وقبل ذلك بين أن الإتيان ثابت لله وقال: وإن كان في موضع قد دل عندهم على أنه هو يأتي ففي موضع آخر دل على أنه يأتي بعذابه كما في قوله تعالى: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)
[سورة النحل 26]
فتدبر هذا فإنه كثيرا ما يغلط الناس في هذا الموضع اذا تنازع النفاة والمثبتة في صفة ودلالة نص عليها. يريد المريد إن يجعل ذلك اللفظ – حيث ورد – دالا على الصفة وظاهرا فيها
ثم يقول النافي: وهناك لم تدل على الصفة فلا تدل هنا.
وهذا يقع فيه طوائف من المثبتة والنفاة وهذا أكبر غلط، فإن الدلالة في كل موضع بحسب السياق. وما يحف به من القرائن اللفظية والحالية.
وكان قبل ذلك يقرر صفة القرب ويثبتها وقال: ولا يلزم من جواز القرب عليه أن يكون كل موضع ذكر فيه قربه يراد به قربه بنفسه. بل يبقى هذا من الأمور الجائزة وينظر في النص الوارد. فإن دل على هذا حمل عليه وإن دل على هذا حمل عليه وهذا كما تقدم في لفظ الإتيان والمجيء.