1010 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله المشجري وهاشم السوري ورامي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
1010 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد قال حدثنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة قال بينا نحن مع عمرو بن العاص في حج أو عمرة فقال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشعب إذ قال ((انظروا هل ترون شيئا؟)) فقلنا: نرى غربانا فيها غراب أعصم أحمر المنقار والرجلين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان)).
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح.
——————-
أولاً: ما يتعلق بسند الحديث:
* قال محققو المسند”: إسناده صحيح … وله شاهد من حديث أبي أذينة الصدفي عند البيهقي 7/ 82، ولفظه بتمامه: “خير نسائكم الودود الولود، المواتية المواسية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم”. وفي إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف. وأبو أذينة مختلف في صحبته.
ووحديث عبادة بن الصامت، وفيه: “مثل المرأة المؤمنة كمثل الغراب الأبلق في غربان سود، لا ثانية لها ولا شبه لها”. أورده الهيثمي 4/ 274، وقال: رواه الطبراني، وإسحاق بن يحيى لم يدرك عبادة، وبقية رجاله ثقات.
وصححه الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة حديث رقم (1850)
” لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان “.
رواه أحمد (4/ 197 و 205) وأبو يعلى (349/ 1) والزيادة له عن حماد بن
سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة قال: بينا نحن مع عمرو بن العاص
في حج أو عمرة (فإذا نحن بامرأة عليها حبائر لها وخواتيم، وقد بسطت يدها على الهودج)، فقال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا
الشعب إذ قال: انظروا! هل ترون شيئا؟ فقلنا نرى غربانا فيها غراب أعصم أحمر
المنقار والرجلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم … فذكره.
* و أورد رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة حديث رقم (2802)
(مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم، قيل: وما الغراب الأعصم؟ قال: الذي إحدى رجليه بياض).
ضعيف، أخرجه الطبراني في ” المعجم الكبير ” (8/ 237 – 238/ 7817) من طريق مطرح عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن يزيد وهو الألهاني؛ وقد مضى مرارا. انتهى
قال الهيثمي في “المجمع” 4/ 273: وفيه مطرح بن يزيد، وهو مجمع على ضعفه.
ثانياً: ما يتعلق بمتن الحديث:
* قال السندي: “غراب أعصم”: هو الأبيض الجناحين، وقيل: الأبيض الرجلين، ويأباه الحديث.•
وفي كلام العرب أعز من الغراب الأعصم.
“مثل هذا” أراد قلة من يدخلها منهن، لأن هذا الوصف في الغربان عزيز قليل. قاله ابن الأثير
• ورد (صحيح مسلم) عن ابن سيرين قال: اختصم الرجال والنساء: أيهم أكثر في الجنة؟ وفي رواية: إما تفاخروا، وإما تذاكروا: الرجال في الجنة أكثر أم النساء؟ فسألوا أبا هريرة، فاحتج أبو هريرة على أن النساء في الجنة أكثر بقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: ((إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء، لكل امرئٍ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب)). … والحديث واضح الدلالة على أن النساء في الجنة أكثر من الرجال، وقد احتج بعضهم على أن الرجال أكثر بحديث: ((رأيتكن أكثر أهل النار)) … .
والجواب أنه لا يلزم من كونهن أكثر أهل النار أن يكن أقل ساكني الجنة كما يقول ابن حجر العسقلاني، فيكون الجمع بين الحديثين أن النساء أكثر أهل النار وأكثر أهل الجنة، وبذلك يكن أكثر من الرجال وجوداً في الخلق.
ويمكن أن يقال: إن حديث أبي هريرة يدل على أن نوع النساء في الجنة أكثر سواء كن من نساء الدنيا أو من الحور العين.
• والسؤال هو: أيهما أكثر في الجنة: رجال أهل الدنيا أم نساؤها؟
وقد وفق القرطبي بين النصين بأن النساء يكن أكثر أهل النار قبل الشفاعة وخروج عصاة الموحدين من النار، فإذا خرجوا منها بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين كن أكثر أهل الجنة.
- قال ابن القيم في (حادي الأرواح) ص 180: فإن كن من نساء الدنيا فالنساء في الدنيا أكثر من الرجال، وإن كن من الحور العين لم يلزم أن يكن في الدنيا أكثر، والظاهر أنهن من الحور العين لما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة مرفوعاً: ((للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب)).
• وفي الحديث الآخر: ((إن أقل ساكني الجنة النساء)) أخرجه مسلم 2738
فالجواب كما في (حادي الأرواح): (إن هذا يدل على أنهن إنما كن في الجنة أكثر بالحور العين اللاتي خلقن في الجنة, وأقل ساكنيها باعتبار نساء الدنيا, فنساء الدنيا أقل أهل الجنة، وأكثر أهل النار)
قال ابن باز:
عند أقل شيء من الزوج، فلهذا كن أكثر أهل النار، بسبب المعاصي والشرور وكفران العشير، وعدم الإيمان بالله ورسوله. وهن أكثر أهل الجنة لما معهن من الحور العين، فالمؤمنات في الجنة مع أزواجهم المؤمنين، ولأزواجهم مزيد من الحور العين، لكل واحد زوجتان من الحور العين، وقد يزاد بعضهم زوجات كثيرات على حسب أعمالهم الصالحة، لكن أقلهم من له زوجتان من الحور العين غير نصيبه من زوجات الدنيا.
وقال شيخ ابن تيمية في مجموع الفتاوى (6/ 432) قال ((لِأَنَّ النِّسَاءَ أَكْثَرُ مِنْ الرِّجَالِ إذْ قَدْ صَحَّ أَنَّهُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ وَقَدْ صَحَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَوْجَتَانِ مِنْ الْإِنْسِيَّاتِ سِوَى الْحُورِ الْعِينِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ النِّسَاءِ أَكْثَرُ مِنْ الرِّجَالِ وَكَذَلِكَ فِي النَّارِ فَيَكُونُ الْخَلْقُ مِنْهُمْ أَكْثَرَ))
قلت إذا صح ما ذكره شيخ الإسلام فلا يتعارض مع كونهن أكثر أهل النار لأنهن أكثر من الرجال مطلقاً
وزد على ذلك أن حديث ((يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار))
المخاطب به ابتداءً نساء المؤمنين اللواتي مآلهن إلى الجنة لذا علل كثرتهن في النار بأمور دون الكفر الأكبر ولا توجب الخلود في النار
وهي الإكثار من اللعن
وكفران العشير
واذهاب لب الرجل الحازم
ولهذا كان الترغيب بالصدقة لتكفير الخطايا عنهن
وتوجيه القرطبي الذي نقلناه جيد.
قال ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ..
: واستدل أبو هريرة بهذا الحديث على أن النساء في الجنة أكثر من الرجال كما أخرجه مسلم من طريق ابن سيرين عنه , وهو واضح لكن يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الكسوف المتقدم ”
رأيتكن أكثر أهل النار ” ويجاب بأنه لا يلزم من أكثريتهن في النار نفي أكثريتهن في الجنة , لكن يشكل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر اطلعت في الجنة فرأيت أقل ساكنها النساء ,
ويحتمل أن يكون الراوي رواه بالمعنى الذي فهمه من أن كونهن أكثر ساكني النار يلزم منه أن يكن أقل ساكني الجنة , وليس ذلك بلازم لما قدمته , ويحتمل أن يكون ذلك في أول الأمر قبل خروج العصاة من
النار بالشفاعة , والله أعلم ” ا. هـ
وقوله رحمه الله: وليس ذلك بلازم لما قدمته ”
أي من أنه لا يلزم من أكثريتهن في النار نفي لأكثريتهن في الجنة
وذكر ابن حجر رحمه الله أن المقصود بقوله: (ولكل واحد منهم زوجتان)
أي من نساء الدنيا
وقوله رحمه الله: “في الحديث الآخر اطلعت في الجنة فرأيت أقل ساكنها النساء”
الحديث في مسلم
وقد رأيت لأحد الباحثين –
بحث حول “أحوال النساء في الجنة ”
قال: “وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: (إن أقل ساكني الجنة النساء) –
وعزاه للبخاري ومسلم.
قال المناوي في فيض القدير ((وفي حديث مسلم الآتي أقل ساكني الجنة النساء. قال ابن القيم: فهذا يدل على أنه إنما يكنّ في الجنة أكثر بالحور وأما نساء أهل الدنيا فأقل أهل الجنة قال السمهودي: وفيه نظر لإمكان الجمع بأن المراد أن منكن في الجنة ليسير بالنسبة لمن يدخل النار منكن لأنهن أكثر أهل النار ويحمل عليه خبر عائشة أقل ساكني الجنة النساء يعني بالنسبة لمن يسكن منهن النار))
وقال في موطن آخر (((إن أقل ساكني الجنة النساء) أي في أول الأمر قبل خروج عصاتهن من النار فلا دلالة فيه على أن نساء الدنيا أقل من الرجال في الجنة وقال بعض المحققين: القلة يجوز كونها باعتبار ذواتهن إذا أريد ساكني الجنة المتقدمين في دخولها وكونها باعتبار سكناهن بأن يحبس في النار كثيراً فيكون سكناهن في الجنة قليلاً بالنسبة لمن دخل))
بقي التوسع في تخريج الحديث الذي استدل به ابن القيم
8542 – حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا يونس، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ” للرجل من أهل الجنة زوجتان من حور العين، على كل واحدة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء الثياب ”
قال محققو المسند (14/ 220) إسناده صحيح على شرط مسلم. يونس: هو ابن عبيد بن دينار.
وهو قطعة من حديث سلف برقم (7152) من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين.
وسيأتي برقم (9443) عن حسن بن موسى، عن حماد بن سلمة، بلفظ: “نساء أهل الجنة يرى مخ سوقهن من وراء اللحم”
قلت سيف: وجدت في البخاري 3254 عن عبدالرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على آثارهم كأحسن كوكب دري في السماء على قلب رجل واحد، لا تباغض بينهم ولا تحاسد لكل امرئ زوجتان من الحور العين يرى مخ سوقهن من وراء العظم واللحم.
—-
فائدة: لا يجوز للمرأة أن تخرج مفاتنها.
جاء في فتاوى الجنة الدائمة (17/ 100):
لا يجوز للمرأة أن تخرج بثوب مزخرف يلفت الأنظار، لأن هذا مما يغري بها الرجال، ويفتنهم عن دينهم، وقد يعرضها لانتهاك حرمتها اهـ.
وجاء فيها أيضاً (17/ 108):
لباس المرأة المسلمة ليس خاصاً باللون الأسود، ويجوز لها أن تلبس أي لون من الثياب إذا كان ساتراً لعورتها، وليس فيه تشبه بالرجال، وليس ضيقاً يحدد أعضاءها، ولا شفافا يشف عما وراءه، ولا مثيراً للفتنة اهـ.
وجاء فيها أيضاً (17/ 109):
لبس السواد للنساء ليس بمتعين، فلهن لبس ألوان أخرى مما تختص به النساء، لا تلفت النظر، ولا تثير فتنة اهـ.
وقد اختارت كثير من النساء لبس السواد لا لكونه واجباً، وإنما لكونه أبعد عن الزينة، وقد ورد ما يدل على أن نساء الصحابة كن يلبسن السواد، روى أبو داود (4101) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الأَكْسِيَةِ. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وقالت اللجنة الدائمة (17/ 110): وهو يوحي بأن ذلك اللباس أسود اللون. أ. هـ
الإسلام يحافظ على المرأة فهي جوهرة:
فأوصاها بقلة الخروج
يقول صلى الله عليه وسلم: (خير صلاة النساء في قعر بيوتهن)
وقال صلى الله عليه وسلم (المرأة عورة وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان و إنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها)
يقول ابن العربي في شرح سنن الترمذي معنى (استشرفها الشيطان أي زيّنها في نظر الرجالوقيل أي نظر إليها ليغويها ويغوي بها. والأصل في الاستشراف رفع البصر للنظر إلى الشيء وبسط الكف فوق الحاجب والمعنى أن المرأة يستقبح بروزها وظهورها فإذا خرجت أمعن النظر إليها ليغويها بغيرها ويغوي غيرها بها ليوقعهما أو أحدهما في الفتنة. أو يريد بالشيطان شيطان الإنس من أهل الفسق سماه به على التشبيه
وحذر الأمة من فتنة النساء
يقول النبي صلى الله عليه وسلم
(ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)
(استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به)
ونهى عن الاختلاط والخلوة فقال صلى الله عليه وسلم (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)
وكان الرجال يمكثون في المسجد حتى تنصرف النساء من الصلاة.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرب المعاني ويقرر الوعظ بالأمثال. فكان يستغل مثل هذه المواقف ومنه حديث لله أرحم بعباده من هذه بولدها.
تنبيه: ( … وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات … )
وهذا الحديث: حديث اختلف أهل العلم في شأنه، فذهب غير واحد من أهل العلم إلى عدم صحته، منهم ابن القطان الفاسي في كتاب ” النظر في أحكام النظر” (177)، ومال السيوطي إلى إرساله، وسبقه إلى ذلك البيهقي.
وصححه الألباني في “صحيح الجامع الصغير ” برقم: (3330) , وفي ” السلسلة الصحيحة ” برقم: (1849).
ثانيا:
جاء في ” التيسير بشرح الجامع الصغير ” (1/ 532): ” (خير نِسَائِكُم الْوَلُود) أَي الْكَثِيرَة الْولادَة (الْوَدُود) أَي المتحببة إِلَى زَوجهَا (المواسية المواتية) أَي الْمُوَافقَة للزَّوْج (إذا اتقين الله) أَي خفنه فأطعنه (وَشر نِسَائِكُم المتبرجات) أَي المظهرات زينتهن للأجانب (المتخيِّلات) أَي المعجبات المتكبرات (وَهنَّ المنافقات) أَي يشبهنهن (لَا يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ إِلَّا مثل الْغُرَاب الأعصم) الأبيض الجناحين أو الرجلين أَرَادَ قلَّة من يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ لَأن هَذَا النَّعْت فِي الْغرْبَان عَزِيز” انتهى.
====